مدخل
بداية
نقطة الحبر || الأولى
نقطة الحبر || الأولى
" أنت ورقة ، فلا تدعهم يلوثوك بحبرهم "


"عِنان ... رئيس التحرير يطلبك "
من انهماكها انتشلتها ناداءات زميلتها الجلية .
همت بخطوات وثابة نحو المكتب المنشود ... مكتب رئيس تحرير الصحيفة .
كانت هندوسة الأمر... و تعرف ماهية طلبه لها ، ومازال عقلها شاغر الافكار المتعاركة لما يريد!

لامست بأناملها الرقيقة مقبض الباب البني الضخم و زفرت لتدلف صامتة ....

بادر الحديث بما جال بفكرها من توقعات "هل قررتِ الموضوع الاول لكِ ، عِنان؟ "

استدركت مجيبة في تردد " ليس بعد سيدي "
فينة استغرقتها تعيد ترتيب افكارها "هل لي باليوم فقط ؟" اردفت و ابتسامة مترددة .

صمت لوهلة حتى أضاف "حسنا ... اليوم فقط "
برضاً اومئت و اساريرها قد انبلجت لتوها !

انثنت في مشيتها عائدة لمكتبها الصغير ، حيث ينتظرها ما وقب في رأسها ، و علقت به اوتار افكارها ...
انكفأت على ذلك الكتاب الذي لاقته في لحظة تيه بمنزلها الجديد ... لكنها لم تعي كيف سيغدو الانغماس به امر وطئ !!

★★★★★

فزع ...و شدوه ، و بعض من عتمة و اندثار الشمس ...إنها فقط مقدمة الظلام !!

من جمام شاسع اجتثتني صرخة هاوية ... الاحلام في غضون لحظة اعتقتني و وثبت هاربة ، خالجني شعور ما كنت اجهله ... كان وقت الغُدو و لكن عبق الفجر لم يكن جليا ، و مناظر انبلاج الصباح مبهمة...

لامست صدغي بأوصال مرتعشة ، و الدمع استرسل سارحا عليه ... فأذناي اطربتا بما كفى من صوت البارود و رائحته الكريهة التي وقبت في المكان ....

نهضت و الخوف يسري بجسدي كالدماء و الركض اصبح مستحيلا إذاءي...

أبصرت جدي يلملم الكتب فوق الرفوف و لكن الاعتراض بطره ، ضربة هشمت باب منزلنا العتيق ...أابكي اليوم على بلادي ، ام اذرف دماً على ذكرياتي المفتفتة امامي ، لم يدلفوا بأسلحة و رشاشات ... بل جنود بنار تتلظى بينها سنين وعي و اعمار كُتاب ، شبعت عيناي بما يكفي ... كتبي قد صارت رمادًا اسود قاتم ...او بلادي هي ما غدت!

مستطردا اقترب جدي " ليست كتبك فقط يا أبنتي ، البلاد كلها من كتاب قد خلت " أضاف مربتا على كتفي ...

عيناي لم تتوقف عن التحديق لوهلة ... أجفلت لما تردد مسامعي ، لم اجد جواب يواكب ماهية الموقف سوى كلمة بلا معنى.
" كلها " تهدج صوتي بها بين شهقاتي ...

"أيجب أن نصمت ؟!" سألت في حين غرة .

كفكف جدي عبراتي بحنوٍ و أردف ،

" عبق، حبيبتي ... نحن كالورق ، إن سمحنا لأحدهم أن يغدقنا حبراً ، صرنا نكرة دون فائدة "

-يتبع-

© Wish ,
книга «الكتاب الاخير».
Коментарі