مدخل
في يومٍ عاصِف لا يَعرف الهدوء، السماء رمادية اللون والهواء يُحرك أوراق الشجر المتناثرة، الطيور تعود إلى أعشاشها إلا طيور الغربان،وقفت تراقب المشهد والذي بدأ بصياح مُرتفع والصياح أنتمى لصاحبة الثوب الأسود الطويل والتى تم سحبها بعنف من ذراعيها من قِبل حارسين ضخام البنية.
جر الحارسان جسدها ولم يرفقوا بها ولم يهتموا لصراخها ولا لصياحها ولا حتى لنحيبها المكتوم.
حاولت الفرار من بين قبضتيهم العنيفة لكنها فشلت فاستسلمت لكنها لم تتوقف عن الصياح والاستنجاد فصرخت وصاحت "أتركوني" لكن الحارسين أنفجرا ضاحكين وواصلا جرها كقطعة من الخردة فهي محبوسة بين ذراعيهم وكل محاولاتها أدت إلى الفشل.
كان هناك حرسًا من خلفها يدفعوها إلى السير حين تضعف خطواتها وآخرين من أمامها يحرصون على حبسها ويمنعون فرارها.
الممشى التي سلكته هي والحراس كان طينيًا ومن الصعب السير عليه لأن أقدامها تعلق كل دقيقتين وهذا يُغضب الحراس من خلفها فذلك يؤدي إلى تلقيها لضربة على ظهرها بواسطة قبضة أحدهم مما شكل معاناة مستمرة لا تنتهى.
الطريق الطويل أنتهى بمبنى صخم عتيق ومهجور فهو في الأصل كان كنيسة هُجرت منذ أربعة عقود لكن هذا المبنى الأن يُعرف بقاعة المحكمة،ومدخله تكون من باب فضي ضخم طوله ثلاثة أمتار فتحه أحد الحراس وتقدم ليعلن عن وصول المُذنبة.
أثاث الكنيسة لم يتغير لكن نشاطها الداخلي لم يّعُد كما كان فهي الآن قاعة الحساب.
الكنيسة كانت مُتسعة ذات طراز قديم مقاعدها خشبية على جانبي الممشى والذي أرتبط بالباب الفضي وأنتهى بمنصة مرتفعة يجلس عليها الحكيم ومعاونيه ومن خلف المنصة بابًا آخر، الممشى كان طويل ومحدود فهو يتسع لأربعة أشخاص يسيرون جنبًا إلى جنب.
دفع الحارس صاحبة الثوب الأسود بعنف لترفع رأسها ببطءٍ شديد إلى الأعلى ليقابلها نظرات باردة من كل الحضور فرؤوسهم إلتفّت للنظر إليها لكن حين رصدوها بأعينهم أعادوا رؤوسهم إلى الأمام من جديد.
صدر صوت باكٍ من إحدى زوايا القاعة وفي تلك اللحظة حركت رأسها صوب مصدر الصوت وهمست"أمي".
الأمطار بدأت تتساقط فصوتها كان مسموعًا بسبب هدوء القاعة والقطرات واضحة بسبب زجاج الكنيسة الذي كان بكل مكان.
دفعها الحارس من جديد لتسقط عيناها على الرجل الضخم الذي أمسك بوالدتها ومنعها من الحراك لكن تلك السيدة النحيلة التي كانت بعقدها الرابع صاحت بهستيرية "آريون".
تحركت آريون تحت ضغط الحراس وبالرغم من ذلك استطاعت رصد جمود الحضور فهي لم تجد أي ملامح شفقة على وجوههم فهم كانوا كالدمى الجامدة، هم لم يتعاطفوا معها ولم يقفوا ضدها هم فقط ينظرون وبالكاد يرمشون، هي تعلم أن أي حركة غير محسوبة قد تؤدي إلى هلاكهم فعذرتهم لأنهم في النهاية يتبعون القوانين التي فُرضت عليهم.
لقد حل الصمت في المكان لكن ليس لوقت طويل فسرعان ما نهض الجميع احترامًا للحكيم آلفريد الذي امتلك لحية بيضاء طويلة، وجهه مليء بملامح العجز والشيخوخة فكلما ازدادت تجاعيد وجهه كلما اقنع الناس بحكمته وعقلانيته، لا يذهب الحكيم إلى اي مكان إلا في وجود معاونيه والذين تشاركوا معه نفس المظهر الخارجي اللحية البيضاء والتجاعيد البارزة والفيصل الوحيد بينهم كان أعمارهم فالحكيم كان أكبرهم سنًا.
عدد المعاونين كان خمسة، خمسة معاونين والحكيم كان سادسهم فهم توجهوا إلى المنصة المرتفعة والتي تصدرها الحكيم.
جلس الحكيم على مقعده ومعاونيه من خلفه يقفون لا ينطقون ولا يتحركون، يرتدون الأبيض ويمتلكون شعرًا طويلاً أملس يتجاوز أكتافهم.
حين استقر الحكيم آلفريد بجلسته رفع عينيه الرمادية إلى آريون التى ظهرت جامدة أو هذا ما كانت تتظاهر به حينها.
نده الحكيم وهو يُرتب ثوبه الأبيض الذي يصل إلى ركبتيه والذي أرتدى أسفله بنطال فضفاض بنفس لون الثوب، نطق الحكيم"آريون أولسين"
رفعت آريون عينيها العسلية إليه بعد أن تقدمت مع الحرس إلى الأمام فأغلب الوقت رأسها كانت مصوبة إلى الأسفل فهي لا يحق لها رفع رأسها وخصوصا بعد الجريمة التي أرتكبتها.
ردت آريون "نعم" صوتها كان مبحوحًا من الصراخ و الأستنجاد، أشتد حاجب آلفريد انعقادًا لتكمل آريون "سيدي".
أبتسم آلفريد وأرجع ظهره كي يجلس بارتياح.
نطق آلفريد " أظن أنكِ على علمٍ بجُرمك البشع الذي أرتكبتيه في حقنا وحق عشيرتنا" أنهى آلفريد عبارته بنظره غامضة خبيثة.
ردت آريون بتلقائية "أنا لم أرتكب أي جرمٍ سيدي" وبهذه اللحظة تلقت ضربة على ظهرها أسقطتها أرضًا وجعلتها تتآوه من الألم وتعاقب مع هذه الضربة ركلة أخرى بظهرها جعلتها تصرخ من الألم وأدت إلى خروج الدماء من فمها.
هذه الأحداث السريعة أدت إلى خروج شهقة من قِبل الحضور وكأنهم لم يتوقعوا تطور الأمور لهذه الدرجة لكنهم سرعان ما عادوا إلى جمودهم من جديد .
صاح آلفريد " لا مجال للكذب أنطقي الحقيقة" في هذه الأثناء همست آريون من بين أنفاسها المتقطعة " لقد فعلت ما كان يجب عليَّ فِعله" لكن هذا الرد لم يعجب آلفريد بالمرة.
سحب أحد الحرس آريون من ذراعيها كي يوقفها على ساقيها من جديد وهي تمسكت برداءه الأسود المحكم على جسده.
سأل آلفريد وهو يتظاهر بالهدوء " وما الذي كان يجب عليكِ فِعله؟" رفعت عينيها إليه وهي تنظم أنفاسها بصعوبة لكنها ردت "إيقاف هذه الكارثة"
انتشرت الضجة من جديد وهنا جن جنون آلفريد فضرب بمطرقته على المنصة المرتفعة من أمامه كي يسكت الحضور .
تدخل صوت آخر إلى هذه المحادثة والذي نطق " هي لا تقصد ما تقوله سامحها أرجوك" وهنا إلتفتت آريون نحو الصوت وصاحت " لا تتوسلي إليه أمي"
غضب آلفريد وصاح" أصمتي دورثيا وإن نطقتِ بكلمة أخرى سيكون مصيرك أقبح من إبنتك".
من بين تلك الفوضى سقطت أعين آريون على آرثو والذي تظاهر بالجمود تمامًا كالكل وهنا شعرت أن كل ما فعلته ذهب بلا رجعة ذهب للشخص الخطأ الذي لا يستحق وإن عاد بها الزمن لتراجعت ولساعدت شخصًا آخر يستحق هو كان أقرب الناس إليها لكنها أوهمت نفسها به.
تكلم آلفريد بنبرة رسمية "آريون أولسين" فأرجعت أنظارها إليه وحينها وقف الكل من جديد فلقد حان وقت النطق بالحكم.
واصل آلفريد حديثه " الكل يشهد على وجودك يوم المراسم وعلى إيقافك لها وتدميرك لشعائر عشيرتنا وعلى إغضاب حاصد الأرواح والفتك بقواعدنا التي وضعها سيدي إذرا"
الكل صمت إلا دورثيا بين الحضور على اليمين تصارع لكبح شهيقها وآرثو على اليسار بلا مشاعر فقط يشاهد وآريون بالمنتصف، عيناها أصبحت زجاجية قلبها يخفق دموعها أوشكت على الهبوط.
واصل آلفريد "بالتشاور مع المعاونين نحن نجدك مذنبة بالدرجة الأولى ونحكم عليكِ بالموت العاجل وعلى كل من يفكر بفتك شعائرنا فأنتِ عبرة للأجيال القادمة فعقابك هو الإعدام بميدان سايلم العام حيث تقام مراسمنا السنوية"
تضاربت الأصوات من ناحية صدمة الحضور وهمسهم ومن نايحة أخرى صراخ دورثيا الهستيري وأخيرًا آريون التي خانتها دموعها وهبطت بقلة حيلة، فهي حاولت إنقاذ روحًا لكنها أهدرت أرواح الكثيرين، لقد خُدعت وقادها ذلك إلى الهلاك.
إنحنى الكل حين ظهرت هيئة رجولية من خلف آلفريد و التي ظهر عليها الفخامة وسرعان ما نطق آلفريد " سيدي إذرا "
إذرا كان طويل القامة ضخم البنية شعره أسود فحمي، عيناه السوداوان تملكهما السلطة والغموض لكن آريون هي الثانية بقبيلتها التي استطاعت رؤية الدكتاتورية وتحكيم الرأي، إنحنت كما فعل الآخرين،كانت مجبرة لكن دموعها توقفت عن السقوط وتحولت نظراتها من حزن إلى غضب وتحدي حين استرجعت ذكريات مؤلمة تربطها مع إذرا تمامًا كالشريط الذي يكرر نفسه بشكل منظم لا ينقطع ولا يضيع.
شعرت آريون بذراعيها وبالحراس يقيدوها من جديد تحت إشراف إذرا الذي يراقب بصمت وحين لاحظ الكل أشار بيده اليمنى لهم بالوقوف فاستقام الكل من جديد تحت أوامر إذرا فهو سيدهم وهم عبيده المطيعون.
لم ينطق إذرا بأي حرف وتحرك مع بعض الحرس متجاوزًا آريون وعلى وجهه نظرات الشماتة والفخر فهو أنصرف مع حرسه من نفس الطريق الذي دخلت منه آريون وحينها بدأ الكل بمغادرة القاعة بانتظام.
صراخ دورثيا لم يوقفهم فدورثيا تم جرها خارج القاعة من قِبل حراس آخرين.
وأثناء رحيل صاحبة الثوب الأسود تقابلت عينيها مع خاصة آرثو البنية وحين أقتربت منه توقفت وسرعان ما نطقت " ألن تقول أي شيء؟ " سألت بهدوء.
أجاب آرثو " لقد أضعتِ فرصتي الذهبية فلا تتوقعي مني أي شفقةٍ تجاهك"ابتسمت آريون وبعد ذلك دفعها الحراس للحراك وحين أصبحت أقرب لآرثو بصقت عليه وصاحت بهستيرية " لتحترق بالجحيم"
غضب الحراس وأحاطوا عينيها بعصابة سوداء تمنعها من الرؤية وتحت صراخها ونحيبها وحركتها المضطربة لم تشعر بأي شيء لم تشعر بسلوكها لذلك الطريق الطويل على أقدامها ولا حتى نزولها للسلم الطويل ولا حتى رميها بتلك الزنزانة المظلمة فهي كانت مخدرة تماما .
صاحبة الثوب الأسود كانت تعلم أن النهاية محسومة.
حين فتحت عينهيها بعد أن أزالت العصابة شعرت بحرارة غريبة بيدها اليمنى فرفعت يدها لتنظر إلى كفها بعدم تصديق فهي تجد عبارة تتشكل ويصاحب كتابتها ألم شديد كألم الحرق من الدرجة الأولى فحاولت كبح ألمها والذي تبدل إلى الصدمة حين لاحظت الكلمة التي تشكلت والتي كانت ' انقذونا '
جر الحارسان جسدها ولم يرفقوا بها ولم يهتموا لصراخها ولا لصياحها ولا حتى لنحيبها المكتوم.
حاولت الفرار من بين قبضتيهم العنيفة لكنها فشلت فاستسلمت لكنها لم تتوقف عن الصياح والاستنجاد فصرخت وصاحت "أتركوني" لكن الحارسين أنفجرا ضاحكين وواصلا جرها كقطعة من الخردة فهي محبوسة بين ذراعيهم وكل محاولاتها أدت إلى الفشل.
كان هناك حرسًا من خلفها يدفعوها إلى السير حين تضعف خطواتها وآخرين من أمامها يحرصون على حبسها ويمنعون فرارها.
الممشى التي سلكته هي والحراس كان طينيًا ومن الصعب السير عليه لأن أقدامها تعلق كل دقيقتين وهذا يُغضب الحراس من خلفها فذلك يؤدي إلى تلقيها لضربة على ظهرها بواسطة قبضة أحدهم مما شكل معاناة مستمرة لا تنتهى.
الطريق الطويل أنتهى بمبنى صخم عتيق ومهجور فهو في الأصل كان كنيسة هُجرت منذ أربعة عقود لكن هذا المبنى الأن يُعرف بقاعة المحكمة،ومدخله تكون من باب فضي ضخم طوله ثلاثة أمتار فتحه أحد الحراس وتقدم ليعلن عن وصول المُذنبة.
أثاث الكنيسة لم يتغير لكن نشاطها الداخلي لم يّعُد كما كان فهي الآن قاعة الحساب.
الكنيسة كانت مُتسعة ذات طراز قديم مقاعدها خشبية على جانبي الممشى والذي أرتبط بالباب الفضي وأنتهى بمنصة مرتفعة يجلس عليها الحكيم ومعاونيه ومن خلف المنصة بابًا آخر، الممشى كان طويل ومحدود فهو يتسع لأربعة أشخاص يسيرون جنبًا إلى جنب.
دفع الحارس صاحبة الثوب الأسود بعنف لترفع رأسها ببطءٍ شديد إلى الأعلى ليقابلها نظرات باردة من كل الحضور فرؤوسهم إلتفّت للنظر إليها لكن حين رصدوها بأعينهم أعادوا رؤوسهم إلى الأمام من جديد.
صدر صوت باكٍ من إحدى زوايا القاعة وفي تلك اللحظة حركت رأسها صوب مصدر الصوت وهمست"أمي".
الأمطار بدأت تتساقط فصوتها كان مسموعًا بسبب هدوء القاعة والقطرات واضحة بسبب زجاج الكنيسة الذي كان بكل مكان.
دفعها الحارس من جديد لتسقط عيناها على الرجل الضخم الذي أمسك بوالدتها ومنعها من الحراك لكن تلك السيدة النحيلة التي كانت بعقدها الرابع صاحت بهستيرية "آريون".
تحركت آريون تحت ضغط الحراس وبالرغم من ذلك استطاعت رصد جمود الحضور فهي لم تجد أي ملامح شفقة على وجوههم فهم كانوا كالدمى الجامدة، هم لم يتعاطفوا معها ولم يقفوا ضدها هم فقط ينظرون وبالكاد يرمشون، هي تعلم أن أي حركة غير محسوبة قد تؤدي إلى هلاكهم فعذرتهم لأنهم في النهاية يتبعون القوانين التي فُرضت عليهم.
لقد حل الصمت في المكان لكن ليس لوقت طويل فسرعان ما نهض الجميع احترامًا للحكيم آلفريد الذي امتلك لحية بيضاء طويلة، وجهه مليء بملامح العجز والشيخوخة فكلما ازدادت تجاعيد وجهه كلما اقنع الناس بحكمته وعقلانيته، لا يذهب الحكيم إلى اي مكان إلا في وجود معاونيه والذين تشاركوا معه نفس المظهر الخارجي اللحية البيضاء والتجاعيد البارزة والفيصل الوحيد بينهم كان أعمارهم فالحكيم كان أكبرهم سنًا.
عدد المعاونين كان خمسة، خمسة معاونين والحكيم كان سادسهم فهم توجهوا إلى المنصة المرتفعة والتي تصدرها الحكيم.
جلس الحكيم على مقعده ومعاونيه من خلفه يقفون لا ينطقون ولا يتحركون، يرتدون الأبيض ويمتلكون شعرًا طويلاً أملس يتجاوز أكتافهم.
حين استقر الحكيم آلفريد بجلسته رفع عينيه الرمادية إلى آريون التى ظهرت جامدة أو هذا ما كانت تتظاهر به حينها.
نده الحكيم وهو يُرتب ثوبه الأبيض الذي يصل إلى ركبتيه والذي أرتدى أسفله بنطال فضفاض بنفس لون الثوب، نطق الحكيم"آريون أولسين"
رفعت آريون عينيها العسلية إليه بعد أن تقدمت مع الحرس إلى الأمام فأغلب الوقت رأسها كانت مصوبة إلى الأسفل فهي لا يحق لها رفع رأسها وخصوصا بعد الجريمة التي أرتكبتها.
ردت آريون "نعم" صوتها كان مبحوحًا من الصراخ و الأستنجاد، أشتد حاجب آلفريد انعقادًا لتكمل آريون "سيدي".
أبتسم آلفريد وأرجع ظهره كي يجلس بارتياح.
نطق آلفريد " أظن أنكِ على علمٍ بجُرمك البشع الذي أرتكبتيه في حقنا وحق عشيرتنا" أنهى آلفريد عبارته بنظره غامضة خبيثة.
ردت آريون بتلقائية "أنا لم أرتكب أي جرمٍ سيدي" وبهذه اللحظة تلقت ضربة على ظهرها أسقطتها أرضًا وجعلتها تتآوه من الألم وتعاقب مع هذه الضربة ركلة أخرى بظهرها جعلتها تصرخ من الألم وأدت إلى خروج الدماء من فمها.
هذه الأحداث السريعة أدت إلى خروج شهقة من قِبل الحضور وكأنهم لم يتوقعوا تطور الأمور لهذه الدرجة لكنهم سرعان ما عادوا إلى جمودهم من جديد .
صاح آلفريد " لا مجال للكذب أنطقي الحقيقة" في هذه الأثناء همست آريون من بين أنفاسها المتقطعة " لقد فعلت ما كان يجب عليَّ فِعله" لكن هذا الرد لم يعجب آلفريد بالمرة.
سحب أحد الحرس آريون من ذراعيها كي يوقفها على ساقيها من جديد وهي تمسكت برداءه الأسود المحكم على جسده.
سأل آلفريد وهو يتظاهر بالهدوء " وما الذي كان يجب عليكِ فِعله؟" رفعت عينيها إليه وهي تنظم أنفاسها بصعوبة لكنها ردت "إيقاف هذه الكارثة"
انتشرت الضجة من جديد وهنا جن جنون آلفريد فضرب بمطرقته على المنصة المرتفعة من أمامه كي يسكت الحضور .
تدخل صوت آخر إلى هذه المحادثة والذي نطق " هي لا تقصد ما تقوله سامحها أرجوك" وهنا إلتفتت آريون نحو الصوت وصاحت " لا تتوسلي إليه أمي"
غضب آلفريد وصاح" أصمتي دورثيا وإن نطقتِ بكلمة أخرى سيكون مصيرك أقبح من إبنتك".
من بين تلك الفوضى سقطت أعين آريون على آرثو والذي تظاهر بالجمود تمامًا كالكل وهنا شعرت أن كل ما فعلته ذهب بلا رجعة ذهب للشخص الخطأ الذي لا يستحق وإن عاد بها الزمن لتراجعت ولساعدت شخصًا آخر يستحق هو كان أقرب الناس إليها لكنها أوهمت نفسها به.
تكلم آلفريد بنبرة رسمية "آريون أولسين" فأرجعت أنظارها إليه وحينها وقف الكل من جديد فلقد حان وقت النطق بالحكم.
واصل آلفريد حديثه " الكل يشهد على وجودك يوم المراسم وعلى إيقافك لها وتدميرك لشعائر عشيرتنا وعلى إغضاب حاصد الأرواح والفتك بقواعدنا التي وضعها سيدي إذرا"
الكل صمت إلا دورثيا بين الحضور على اليمين تصارع لكبح شهيقها وآرثو على اليسار بلا مشاعر فقط يشاهد وآريون بالمنتصف، عيناها أصبحت زجاجية قلبها يخفق دموعها أوشكت على الهبوط.
واصل آلفريد "بالتشاور مع المعاونين نحن نجدك مذنبة بالدرجة الأولى ونحكم عليكِ بالموت العاجل وعلى كل من يفكر بفتك شعائرنا فأنتِ عبرة للأجيال القادمة فعقابك هو الإعدام بميدان سايلم العام حيث تقام مراسمنا السنوية"
تضاربت الأصوات من ناحية صدمة الحضور وهمسهم ومن نايحة أخرى صراخ دورثيا الهستيري وأخيرًا آريون التي خانتها دموعها وهبطت بقلة حيلة، فهي حاولت إنقاذ روحًا لكنها أهدرت أرواح الكثيرين، لقد خُدعت وقادها ذلك إلى الهلاك.
إنحنى الكل حين ظهرت هيئة رجولية من خلف آلفريد و التي ظهر عليها الفخامة وسرعان ما نطق آلفريد " سيدي إذرا "
إذرا كان طويل القامة ضخم البنية شعره أسود فحمي، عيناه السوداوان تملكهما السلطة والغموض لكن آريون هي الثانية بقبيلتها التي استطاعت رؤية الدكتاتورية وتحكيم الرأي، إنحنت كما فعل الآخرين،كانت مجبرة لكن دموعها توقفت عن السقوط وتحولت نظراتها من حزن إلى غضب وتحدي حين استرجعت ذكريات مؤلمة تربطها مع إذرا تمامًا كالشريط الذي يكرر نفسه بشكل منظم لا ينقطع ولا يضيع.
شعرت آريون بذراعيها وبالحراس يقيدوها من جديد تحت إشراف إذرا الذي يراقب بصمت وحين لاحظ الكل أشار بيده اليمنى لهم بالوقوف فاستقام الكل من جديد تحت أوامر إذرا فهو سيدهم وهم عبيده المطيعون.
لم ينطق إذرا بأي حرف وتحرك مع بعض الحرس متجاوزًا آريون وعلى وجهه نظرات الشماتة والفخر فهو أنصرف مع حرسه من نفس الطريق الذي دخلت منه آريون وحينها بدأ الكل بمغادرة القاعة بانتظام.
صراخ دورثيا لم يوقفهم فدورثيا تم جرها خارج القاعة من قِبل حراس آخرين.
وأثناء رحيل صاحبة الثوب الأسود تقابلت عينيها مع خاصة آرثو البنية وحين أقتربت منه توقفت وسرعان ما نطقت " ألن تقول أي شيء؟ " سألت بهدوء.
أجاب آرثو " لقد أضعتِ فرصتي الذهبية فلا تتوقعي مني أي شفقةٍ تجاهك"ابتسمت آريون وبعد ذلك دفعها الحراس للحراك وحين أصبحت أقرب لآرثو بصقت عليه وصاحت بهستيرية " لتحترق بالجحيم"
غضب الحراس وأحاطوا عينيها بعصابة سوداء تمنعها من الرؤية وتحت صراخها ونحيبها وحركتها المضطربة لم تشعر بأي شيء لم تشعر بسلوكها لذلك الطريق الطويل على أقدامها ولا حتى نزولها للسلم الطويل ولا حتى رميها بتلك الزنزانة المظلمة فهي كانت مخدرة تماما .
صاحبة الثوب الأسود كانت تعلم أن النهاية محسومة.
حين فتحت عينهيها بعد أن أزالت العصابة شعرت بحرارة غريبة بيدها اليمنى فرفعت يدها لتنظر إلى كفها بعدم تصديق فهي تجد عبارة تتشكل ويصاحب كتابتها ألم شديد كألم الحرق من الدرجة الأولى فحاولت كبح ألمها والذي تبدل إلى الصدمة حين لاحظت الكلمة التي تشكلت والتي كانت ' انقذونا '
Коментарі
Упорядкувати
- За популярністю
- Спочатку нові
- По порядку
Показати всі коментарі
(1)
مدخل
رائعه ومميزة گ العادة . في انتظار الفصول 💜)
Відповісти
2021-06-29 04:27:30
Подобається