فماذا عن هذا يا هذا
المرء يعيش سكرات موته حين يقدم استقالته من حياته.. وإن للموتِ لسكرات ثقيلة على صاحبها..
لكن الأمر بالنسبة لي مختلف للغاية.
فماذا عن هذا الذي يعيش حياته وسكرات الموت تتردد عليه في حياته تزوره على فتراتٍ، متدنية الفواصل بينها وكأنه صديق حميم؟
تدركه الآلام ورغبة الروح في التحرر من قيد الجسد، بعنف تتحرك بين الأصفاد تريد الراحة الأبدية من جحيم الجسد الكامنة به..
فماذا عن السكرات؟
اختناق يكاد بِكَ يفتك، يَحُول بين رئتيك وحلقومِك منفذ الهواء، تفتح جميع فتحات وجهك بعنف محاولا إيصال الأكسجين إلى خلايا جسدك، بينما تستمر الروح في صراعها مع الجسد، هي تريد التحرر، ووقته لم يؤذن له كي يحين..
فجسدك مجبر على مقاومة مقاومتها وكبحها مجددا، وللأسف فلا أحد غيرك عليه احتمال العرق والدموع والاختناق والتحطمات الذي يسببها هذا الصراع..
وماذا عن الاستسلام؟
أن تأمر جسدكَ بالتسليم للروح زمام الأمور، أن تجعله يساعدها على التحرر بنفسه، أن تتغالب على حطامك وندباتك وتنهض مُستلا أداة الجريمة التي في نظر الجميع ترتكبها بحق نفسك، ولكن.. أنّى لهم أن يدركوا ذلك مع تلك الابتسامة التي تُصدرها لهم حين تلقاهم؟
ليذهب كل شيء الى الجحيم، ولتتحرر الروح وليفنى الجسد..
إن لم يحن وقته، فلنغتصبه نحن من ميقاته، الروح أقوى من الجسد..
فمَا الجسد سوى وعاء لها، تملؤه هي..
تمامًا كَسِلاح فتاك وضع في صندوق محصن..
أو لنقل، ويكأنها وحش هائج حُبِس في قفص ضيق يبذل جُلَّ طاقتِه ليتحرر، وحين تستسلم القضبان لقوته تنهار منصاعة له ليخرج مطلقا صرخة انتصاره لحريته، وقضبان حبسه راكعة أمامه بعد أن قاومت حتى النهاية..
استسلمت له وسمحت بالذهاب..
فلنفعلها جميعنا إذا.. وإن كان في الاستسلام راحة وسلام، فلتذهب المقاومة بالقوة إلى حيث تذهب فما أتانا منها غير حطام وألم..
فماذا عن المقربين والمقربات؟
الأمر أشبه بأُناسٍ انت حِملٌ عليهم، وحِملكُ عليهم لهو حَملٌ عليك.. وإن أنكروا الحقيقة تلك وواسوك بالحروف والكلمات...
تبقى أحزانُكَ وأفكاركَ يا عزيزي تخصك وحدك، قم بالغاء مبدأ مشاركة الأفراح واقتسام الأحزان من رأسك، تجد ألا قريب تملك..
لا أحد سيراكَ سعيدا بنجاحك فيسعد، فماذا يفيده نجاحك أنت؟ لم يقدم أو يؤخر..
في أوقات ضعفك وقلة حيلتك، أخبرني يا فتى إن أنت شاركتهم ما تشعر، هل تكفي الكلمات لإيصال جروجك الدفينة إليهم؟ أنَّى لهم أن يخففوا عنك ألمك، ويحملوا عنك قليلا مما يثقلك، وهم لَم يجربوا قبلا ما تشعر؟.
الخطأ يقع على عاتقك كليا في الفشل في إيصال شعورك المعنوي بموجات مسموعة في الآذان، ولَكن من حقك أن تلقي بعضا من اللوم على كلمات اللغة، التي مهما وصفت بها ومهما كتبت من السطور، ستظل دائما تشعر أن لا شيء تغير ، ولا شيء عبر عما يكمن في وجدانك..
فللأسف ليس في القواميس كلمات تكفي لتُشعرهم بما تشعر، الكلمات تصف ولكنها تبقى كلماتٍ تُسمع..
فتكون لسامعها إما مبهمة غامضة، أو مملة مُزجرة..
فترهق بها الآذان والأذهان لمن تكن لهم التقدير لاحتمالهم لمن هو مثلك.. دون جدوى!
لا أحد سيساعدك، فلما تزعجهم؟.
وإن أزعجهم كتمانك عنهم، فتظاهر دائما بأنك خير..
ولا تقلق هم أبدا لن يستشفوا ضعفك إن أحكمت التظاهر..
عزيزي.. إنكَ لميت، وإنهم لميتون..
Коментарі