One shot..
One shot..
هَلَّ فَخامته لِبلاط القصر، جَارًّا خلفه عبائته الملكية المُرصّعة بالحُلى بألوانه، يرفع رأسه في شُموخ.
خطواتٌ رَتيبة واثقة، أصبح صاحِبها مضرب المَثل في الرزانة والحِكمة، ضامّا يديه حتى اختفت بين أكمام عبائته الطويلة لتزيد هيبته هيِبَة..
أقبل الملك الموقر 'دو كي سو' حاكم مملكة جوسون حيثُ عرشه في صالة الحُكم بهالته التى أوشكت أن تشع بالفعل، لينحني الشيوخ الذي ارتصوا على حافّتي البلاط، تَبجيلا للسلطان الشاب الذي وَرِث العهد لِتوه.. ليستقر أخيرا على عرشه بعد مَسيرة ثلاث دقائق  من بداية القاعة حيث الباب وحتى نهايتها حيث يكون كرسي الحكم..
تربّع على عرشه مُنتصب الظهر رافعا رأسه ليبدأ الوزراء والأكابر بالتقدم واحدا تلو الآخر ليقدموا التهاني للملِك الجديد بمناسبة جلوسه على العرش  مُنسَبِكةً مع التعازي لموت والده الملك الأسبق.

"مولاي، صاحب الفخامة إنه لشرف عظيم أن أكون في خدمتك، وساعدك الأيمن وأتعهد أن أصِنَ أسرارك وأن أكون عند حسن ظنك، أمينًا فاديًا لجلالتك بحياتي.. أقسم على هذا السيف أن أكون الأجدر لمنصبي."

قالها المُرافق الملكي وأقرب الحراس الشخصيين للحاكم، المُحارب والمُستشار المُقرب 'كاي'، بينما يقف بين يدي الملك شاهرا سيفه الذي أقسم به ليعيده أخيرا لمكانه في الغَمد الذي يحتل موضعه في حزام خصره..
انحنى تسعون درجة قبل أن يومئ الملك كي سو برأسه علامة الرضا.. لينتصب كاي واقفا متخشبا في حركاته مؤديا التحية العسكرية، ومن ثم يعود أدراجه ليصبح آخر الرجال المُتقدمين للملك.
ولم يعني هذا كونه اخر المُتقدمين بالفعل، فقد بدأت الجواري بالولوج واحدة تلو الأخرى محيية السلطان الجديد، بينما هو يتابع مراسم الاستقبال بملل مستندا بذقنه على قبضة يده المُحلاة بخواتِم الياقوت النفيسة، فلم يكن أبدا يهتم بهذا الجو من الحفلات والمراسم التقليدية، لذا تراه يجلس ويكاد يكون قتيل الملل..

حتى جاءت هي، بردائها الفضفاض الذي يتمايل مع كل خطوة منها، مختلفة تماما برونقها عن الجاريات فلم تكن إحداهن، وكأنها إحدى المشاهد الدرامية هو اعتدل في جلسته فور رؤيته لها ليظل نظره مثبتا  عليها وهي تسير بخفة وخطوات تعلمها جيدا، ليدرك فورا ماهيتها ومن تكون، وقد عكس تاجها شعاع الشمس ليزداد لمعانا وبهجة.
فلم يبعد نظره عنها حتى ظن أنه قد تاهَ فيها وغلبه الهيام ولم يعد يدرك شيئا حوله سواها..
ليفيق من شروده على صوت المنادي من على يساره.

"صاحبة الجلالة، سمو الأميرة دو كيو مي."
قالها ليدرك الملك جيدا من هي، إنها حَرمُ هذا القصر الواسع والأنثى الوحيدة التي قد أنجبتها العائلة الحاكمة، كون جميع نسلهم من الذكور عداها.
كانت هي ابنة عمه التي لم يكن مسموحًا له بمجالستها، حين كان والده يتربع على العرش.
والآن طبقا لقوانين المملكة، على من يرث العرش التزاوج لإنجاب أولياء العهد وتستمر دورة الحياة.
ويبدو أنه قد عثر على مبتغاه أخيرا.
من كان ذا ليصدق أن للحب من النظرة الأولى وقع على  قلب الملوكِ أيضا، هي سحرته برونقها وهي انجذبت لهالته ليدق قلبيهما الطبول معا، في أول تلاقٍ لشعاعي نظرهما..

أصبحت الآن ماثلة أمامه لتنحني بوقار ومن ثم ترفع رأسها وتقف بلباقة ورقي، فقد قضت سنويتها الأولى جميعها بصحبة المعلمة الملكية لتعليمها كيف تتصرف الأميرة حتى استحقت ذاك اللقب أخيرا بجدارة.

"مبارَكٌ عليك العرش  صاحب الجلالة.."
هي قالت ليظل هو على حاله شاردا قبل أن يلملم شتات نفسه ويومئ لها لتمتد يده إليها في حركة مسرحية متقنة لتحتوي يديها التي مدتها بدورها لتصعد درجاتٍ قليلة حتى وصلت إلى حيث يقف لتبتسم ويبادلها هو ومن ثم تحتل موقعها بجانبه أمام عرش الأميرة الذي يكون على يسار عرشه..
لم يكن وحده من شعر بهذا فدقات قلبيهما المتسارعة اختلطت سوية لتشكل غِنوةً كاد الحاضرون يستمعون لها.
لتتشارك طبول قلبيهما الدق مع الطبول الملكية معلنة انتهاء ترسيم الملك دو كي سو على كرسي الحكم..

****
"أحسنتم جميعا.. أبليتم حسنا لنأخذ استراحة ومن ثم ننتقل للمشهد التالي.. أمامكم ستون دقيقة قبل أن نبدأ."

قالتها الفتى ذو النظارات جونميون والمُلقب بالمخرج سوهو وقد بدا أنه تجاوز بداية عقده الثاني بقليل ليبدأ المكان بالضجيج، وكأنه لم يكن هادئا وساكنا منذ لحظات.
حركات عشوائية هنا وهناك ، الجميع يتحرك محاولا الخَلاص من العبء الذي يرتديه، فمعظم الماثلين هنا يرتدون الدروع الحديدية لأداء دورهم على خشبة مسرح الجامعة.

"كعادتك كيونجسو، أبدعت في دورك."
قالها ذو البشرة البرونزية بينما كان قد خلع من الملابس التي كان يرتديها ما يستر النصف العلوي من جسده لتظهر عضلات معدته المقسمة بانتظام.
بينما الآخر قد خلع العباءة التي كانت تلفه يليها القطعة العلوية من الملابس التاريخية التي كانت أسفلها، ولكن عكس رفيقه كان قميص قطني أسود اللون ارتداه أسفل ملابسه، يحول بين الناظر وبين جسده، وكأنه تعمد هذا احتشاما.

"آه، أنت كذلك جونغ إن عملت بجد.. أتمنى أن يكون عملا مسرحيا ناجحا."
بتلقائية هو أجابه بينما يخلل أنامله بين خصلات شعره الطويل ليهندمه ويعيده للخلف بعد أن أفسدته تلك القبعة الملكية التي خلعها للتو.

"وكيف لا يكون كذلك، وأبطال المسرحية هم دو كيونجسو وبارك مايي."
التفت كلاهما بجسده دون تفكير لينظرا إلى من ذُكر اسمها للتو.
فمن الطبيعي إن تحدثت عن شخص ما يقف حولك أن تلتفت دون ان تفكر الي حيث يقف، ولكن تحمل تلك النظرة التي ستتلقاها حينها.
لكن على عكس المتوقع هي ما إن انتبهت لنظراتهم المفاجئة لها هي بادلتهم النظرات كاشفة عن اسنانها بابتسامة فيبادلناها ويعودان بعدها لحديثهما.

"مايي.. أحسنتِ  كثيرا كنت مثالية."
قالها صاحب الوجه البشوس دائما 'بيون بيكهيون' وهو يناولها زجاجة العصير.
التقطته هي بابتسامة بعد أن خلعت ردائها المزعج بالنسبة لها.
لم تكن أبدا تحب ارتداء الفساتين أو أي شيئا من هذا القبيل، ولم تعتد عليها كذلك ، لذا كانت تقف على المسرح تصلي من قلبها ألا تتعثر في هذا الرداء الواسع وتسقط أمام الجمع، ولهذا تراها ما ان انتهت حتى شعرت أنها تتنفس أخيرا.
تخلصت من ردائها لتلقيه جانبا وتتنهد بخفة بينما تسترق  النظر بين الحين والآخر تجاه دو كيونجسو.

"مايي ياااه ألا زلت معجبة بذاك الفتى الأشبه بالبومة؟".
بصوت مرتفع نسبيا هتف بها بيون بيكهيون قبل أن تضع مايي يدها على فمه لإخراس هذه الفضيحة المُتنقلة لتلتفت لحيث يقف الآخر وتتأكد من أنه لم يسمع هذا لتُفلت بيكهيون بعد أن كاد يفقد الوعي من قلة الأكسجين فيتنفس بعدها بعنف.

"كدتِ تقتلينني أيتها الغبية."
نظرت له باستعجاب قليلا بينما ترفع أحد حاجبيها لتجيبه بنبرة مستهزئة.

"أنا هي الغبية؟ اذا ماذا تكون أنت؟ إن زاد تردد طبقة صوتك هرتز واحد لكان جميع من بالجامعة يعلم الأمر."
لم يكن منه إلا أن ارتفعت ضحكاته لينظر لتلك التي بدت على وشك الإحمرار من الخجل والغضب كليهما ليبعثر شعرها بلطف.

"أنت مُسلية حقا، على كل دعيه يعلم حتى ننتهي نحن من كل هذا ونتخلص منك ونرتاح، ومن يدري ربما يكون هو الآخر يسترق إليك النظرات ويبتسم كالأبله.. كما تفعلين تماما."
ذيل حديثه بضحكات أزعجتها، لتلتفت وترحل تاركة إياه متجاهلة نِداه.

****

وما كان منها إلا أن خرجت تسير في باحة جامعتها بلا هدف تبحث عن إحدى صديقاتها علّها تنسى تصرفات بيكهيون المزعجة، هي تفضل بيكهيون كثيرا لكن أحيانا هي تنفر من تصرفاته العشوائية والتي قد توقعها في المشاكل.
وبينما هي تخطو خطاها في شرود استوقفتها تلك العريضة العملاقة المعلقة على إحدى جدران مبنى الجامعة وقد بدا لها أنه إعلان.

"رحلة للتخييم!."
هتفت بها ما إن وقع نظرها على عنوان المُعلّقة، ولكنها لم تكن لتتوقع أبدا أن تأتيها الإجابة.

"سيكون هذا رائعا، أليس كذلك؟ رحلة للتخييم في الغابة.. ستكون تجربة مختلفة حقا."
لا يمكن لأذنيها أن تخطئ صاحب الصوت، بلى إنه هو.. الملك كي سو.. أو بالأحرى دو كيونجسو.
نبرة حديثه في حياته اليومية لا تختلف البتة عن نبرة حديثه في رداء الملك، كلاهما تخرج مزينة بصوته العميق الهادئ. خفق  قلبها لوهلة قبل أن تدرك أنها تأخرت بإجابته.

"آه أ..جل سيكون ذلك رائعا."
رغم محاولتها للحفاظ على ثباتها، أبَت الكلمات إلا أن تظهر البعثرة التي تكون بداخلها..
ويمكنها أن تشكر حظها هذه المرة حيث لم ينتبه هو ليتابع حديثه.
"ليتنا كنا نستطيع الذهاب."
مقطبة حاجبيها هي نظرت له بحيرة، حين استخدم نون المتكلم بعبارته جامعا كليهما في حديثه.
"ولمَ لا نفعل؟"
هو رفع ذراعه عاليا ليشير إلى بعض الأرقام بجانب العنوان.
"ستُقامُ الرحلة في عطلة نهاية الإسبوع، لن نكون قد اتهينا من تدريباتنا بعد."
لم تنتبه هي إلا إلى حروفه الأخيرة حيث برزت عضلات عضُده ما إن رفع يده ليشير إلى حيث أراد، بالإضافة إلى قسمات وجهه التى تنم عن وقار هيئته لتتيه هي في تأمله للحظة، واللعنة إلى متى ستظل تناظره من بعيد.. هل عليها أن تجذبه و تقبله الآن؟.
هكذا فكرت قبل أن تنتبه إلى أنه قد انتهى من قول ما يريد بعد أن استطاعت التقاط آخر كلماته.
مستخدمة بديهتها هي استطاعت تحليل ما كان يقول رغم أنها لم تستمع له.

"اممم يمكننا اقتراح الأمر، على جونميون ربما نستطيع جميعنا الذهاب لنتابع تدريباتنا في الهواء الطلق هناك، اه سيكون هذا مسليا حقا."
أمسك ذقنه بتفكير يراجع ما قالته في عقله، ليلتفت إليها أخيرا وينظر لها، صانعا تواصلا بصريا بينهما.

"تظنينه سيوافق؟ ليس من السهل إقناع جونميون بأمر كهذا حقا، فهو لا يحب القرارات العشوائية."
ابتسمت هي باتساع لتنظر له بلمعانٍ في عينيها مزجَ بين حماسٍ وخبث عجز عن تفسيره هو لتشرح له.

"لا تقلق أعرف من يستطيع إقناعه."
نظرت إلى ساعتها توَّما قالت دون أن تختفي ابتسامتها.

"لا زال أمامنا نصف ساعة تقريبا قبل أن نعود لتدريباتنا، أراك قريبا، سأذهب لأرى بشأن هذا"
قالتها مايي لتركض بعدها مبتعدة كيونجسو في حيرة من حديثها الأخير الذي بدا مبهما بالنسبة له، ليظل يحدق بغموض في الحيز الذي كانت تحتله منذ قليل.

****
يمكننا القول أنها فرت منه ومن نظراته أخيرا لتتجه إلى حيث تعرف أنها ستجد ضالتها نظرت إلى ساعتها مجددا لتحادث نفسها بصوت مسموع.

"محاضرتها القادمة ستبدأ في غضون خمسة عشر دقيقة لذا ستكون بالقرب من درجات سلم المدرج رقم 3."
لم تنتظر لحظة أخرى لتتجه فورا إلى حيث ذكرت لتجدها تقف على إحدى الدرجات المؤدية إلى قاعة محاضرتها التالية بنظارتها الطبية منهمكة التركيز ومنكبة على كتاب بين يديها لتفزع على صوت الأخرى.

"سوهواااااا."
سقط الكتاب أرضا إثر انتفاضتها، لتضع يدها موضع قلبها وتغمض عينيها محاولة استعادة هدوئها لتنظر لمايي بتأنيب.

"مايي، أما كان يمكنك تنبيهي لوجودك بطريقة غير تلك."
ضحكت المعنية بالحديث بصوت مرتفع قليلا لتنحني وتلتقط الكتاب الذي سقط لتنفض عنه التراب وتقدمه إليها بذات الضحكات.

"أعتذر عزيزتي، غلبني الحماس قليلا."
تنهدت الأخرى بخفة بينما تلتقطه منها لتدرك أن مايي جاءت لغرض ما لتنظر لها.

"مايي، محاضرتي ستبدأ بعد قليل أخبريني سريعا ما خطبك، وماذا تريدين؟"

"جونميون."

"م..ماذا؟."
باستغراب هي تسائلت عن سبب ذكر اسمه هكذا لتتحدث الأخرى بتفصيل بعد إجمال.

"هل لكِ أن تسألي جونميون أن يسمح لنا بالذهاب إلى التخييم لنتابع التدريب على مسرحيتنا هناك؟."

"اه ولم عليّ أنا أن أفعل هذا؟."

"امممم تعلمين! جونميون لن يرفض طلبا لك، تعرفين ما أقصد أليس كذلك؟"
وأنهت مايي جملتها بغمزة عابثة لتشيح الأخرى بوجهها بانزعاج.

"إلى ماذا تلمحين؟ أنا وجونميون لسنا سوى أكثر  من أصدقاء مقربين، ثم ما دخلي أنا بمسرحيتكم تلك حتى أطلب منه شيئا كهذا."

"بالطبع بالطبع أصدقاء بفوائد إضافية،أصدقك. أيا يكن اممم يمكنك طلب هذا منه بدافع قلقك عليه أنك تريدينه أن يرتاح قليلا من ضغط الترتيب للمسرحية والتنفيس عن أرواح المشاركين بها كذلك.. هيا هيا من أجلي رجاءا سوهوا."

بانتحاب هي قالتها صانعة بعض اللطافة بينما تحاول إقناع الأخرى بالمثول لطلبها، ورغم أن سوهوا ليست من النوع الذي يستغل مكانته لدى الآخرين لطلب الأشياء إلا أنها فكرت أن مايي معها حق، فجونميون لم يروح عن نفسه منذ فترة طويلة كونه دائما مشغول بالإشراف على تلك المسرحية لذا.. ربما تكون فكرة جيدة..

"حسنا لا بأس ربما أفاتحه بالأمر أثناء عودتنا."
هي تنهدت أخيرا موافقةً مايي على رأيها لتصرخ تلك الأخيرة بسعادة لتقفز عاليا لتحط على سوهوا معانقة إياها بقوة.

"أنتِ الأفضل على الإطلاق سوهوا.."

رغم أن تلك التصرفات ليست بغريبة عندما تصدر من شخص كمايي إلا أن سوهوا لم تستطع إخفاء حيرتها من سعادتها المبالغ فيها بالنسبة لمجرد رحلة لتتسائل بينما لا تزال مُحتجزة بين ذراعي مايي.

"آه ولم كل هذا الإنفعال، ليست أول رحلة تذهبين بها بالإضافة إلى أنها قد تُستهلك في التدريب فحسب."
قالتها لتبتعد مايي عنها بابتسامة تكاد تشق وجنتها.

"إنه كيونجسو، أخبرني أنه كان يود الذهاب لولا التدريب لذا ستكون تجربة رائعة إن ذهبنا وسنقضي وقتا ممتعا."

نظرت لها سوهوا بقلة حيلة لتومئ لها.
"حسنا، حظا موفقا.. سأحاول إقناعه بذلك."

مجددا مايي قفزت بحماس لتنظر إلى ساعتها وتتحدث بهدوء متنافي مع صراخها منذ برهة.
"سوهوا، محاضرتك على وشك البدء."

نظرت الأخرى لساعتها لتتسع عينهيا بصدمة لتختفي من أمامها بلحظة دون أن تضيف كلمة فقد تأخرت بما فيه الكفايا ويبدو أنها ستجلس في نهاية المدرجات بفضل تلك التي أخرتها.

******

بعد دقائق كانت مايي في غرفة المسرح تقف في إحدى الزوايا ممسكة بين يديها أوراق دورها تراجعها بتركيز قبل أن تفيق من تركيزها على هتاف كيونجسو باسمها للمرة الثانية.
"ها.. آسفة، كنت منهمكة في قراءة الدور لم أنتبه."

"لا عليكِ، أتيت لإخبارك أن سوهو يطلبنا على المسرح هيا."
هو قالها بابتسامة لتومئ له وتتبعه إلى حيث المنصة، ولحسن حظها هذه المرة لم تكن بحاجة لارتداء الفستان، ويرجع ذلك أن ثياب المشهد التالي لم تكن قد تم تجهيزها بعد لذا سيتم التدريب بالثياب التي يرتديها كل منهم.

وقفت حيث مكانها لتأخذ نفسا عميقا قبل أن تسمع ذلك الصوت الذي صدر من تصفيق يدي سوهو معلنا بدأ العرض التجريبي.

*****

"سيدي الوالي، اضطرابات قليلة تحدث بين شعب جلالتك حيث ينشر الحثالة والمعارضين بعضا من أن مولاي غير كفء لحكم البلاد نظرا لصغر سنه، وأن قريب فخامتك الأمير دو لي يوون هو الأولى بهذا المنصب يا مولاي."

تنهد الحاكم بعمق بعد أن ألقى وزيره كاي هذه الكلمات على مسامعه ليعلم أن لي يوون هو من خلف هذا، لطالما كان هو الامير المدلل الذي لا هم له سوى الخمر والجواري هو وأتباعه وتصرفاته المتهورة دائما تكون مصدر قلق وفوضى للملكة.

"لا تقلق أيها المساعد الملكي، لا أحد سيصغي إلى هذه الترهات فجميع شعبي يعلم جيدا من يكون كي سو ومن يكون لي يوون."

تدخلت الأميرة كيو مي في الحديث بأدب ووقار.
"لكن على مولاي توخي الحذر فربما لن يتوقف الأمير وأعوانه عند نشر الشائعات وقد تمتد مخططاته لأذيتك رغبة في الاستيلاء على العرش."

نظر إليها قليلا ليستطيع قراءة القلق في عينيها ليتنهد مجددا ويفرك جبينه بتفكير.
"لسنا متأكدين بعد من أن لي يوون هو من وراء هذه الإشاعات لذا لا شيء يمكننا فعله سوى الانتظار، ومتابعة الأخبار أولا بأول."
ثم التفت إلى مساعده ليتابع.

"عليك أن ترسل من يتابع تحركات هؤلاء المتمردين وتقصي الأخبار، وإن استطعت أن تمسك أحدا منهم اعتقله وأحضره إلى هنا لنستجوبه ونمسك طرف الخيط، واحذر من إثارة أية جلبة."

"عُلِم يا مولاي."
قالها كاي برسمية لينحني له فيومئ الملك ويسمح له بالانصراف بعدها.
التفت الى حيث  تجلس الاميرة شاردة.

"يبدوا القلق محتلا قسمات وجه سمو الأميرة، لا تقلقي سيكون كل شيء على ما يرام. "
هو قال ليأتي دورها هي في إخراج تنهيدة عميقة وتنظر له.

"لا اريدك أن تتأذى، أنا أعلم لي يوون جيدا هو إن أراد شيئا سيفعل المستحيل ليصل إليه."

عبس هو بحيرة من أمرها ليتسائل.
"وما أدراكِ بهذا؟."

صمتت قليلا قبل أن تنظر إليه بعينين دامعتين.
"هذا لأنه أخي وأعلم أنه قام بالكثير من البشاعات ليصل إلى ما يريد لذا ارجوك توخى الحذر."

لم يفهم بالتحديد ما ترمي إليه ولكنه أدرك جيدا ان الامر ليس بمزحة ليعود لتفكيره مجددا.

******

كانت الساعة قد تخطت الرابعة عصرا بقليل ليعلن سوهو نهاية التدريبات لهذا اليوم لينصرف بعدها سريعا متجها إلى حيث بوابة الجامعة ليراها تنتظره.
ليهرول إليها لينظر لها معتذرا.
"آسف سوهوا هل انتظرت طويلا؟"

بشعر مبعثر وأنفاس متقطعة إثر ركضه قالها لتبتسم سوهوا على منظره اللطيف لتنفي برأسها سريعا.

"لا عليك وصلت منذ قليل فحسب لابد أنك كنت مشغولا كثيرا."

"اه بلى الإشراف على إخراج تلك المسرحية يأخذ وقتي كله."
قالها بينما بدأ يسير بجانبها في طريقهم للعودة بالفعل.

"اممم أرى ذلك، اه ميوني هناك شيء ما."

هو يعلم انها لا تناديه هكذا الا عندما تكون راضية عنه تماما او أن هناك خطبا ما لذا هو نظر لها حاثا إياها على متابعة الحديث لتفعل هي.

"أرغب بالذهاب إلى رحلة التخييم ما رأيك؟."

"اه ستكون فكرة رائعة للتخفيف من ضغط الدراسة، اذهبي واعتني بنفسك جيدا."

عبست قليلا لتنظر له.
"انت لا تفهمني أريدك أن تأتي معي لا أريد الذهاب بمفردي، كما أنه إن كان أحد ما يرغب في الترويح عن نفسه قليلا هو أنت، فأنت تعمل كثيرا مؤخرا في المسرحية وتدرس أيضا لذا عليك ان تاخذ قسطا من الراحة."

"لكن.. سوهوا، تعلمين أن المسرحية ستعرض في حفل نهاية الموسم الاسبوع القادم لذا علينا ان نبذل جهدا أكبر."

هي تظاهرت بالتفكير قليلا قبل ان تجيبه وكأنها اتتها الفكرة للتو.
"لم لا يذهب طاقم التمثيل أجمع إلى الرحلة، يمكنكم متابعة تدريباتكم هناك وفي نفس الوقت اخذ جولة مسلية."

نظر أمامه بينما يسير بتفكير ليبتسم بعدها وينظر لها مجددا.
"فكرة جيدة، وستكون فرصة طيبة لنقضي وقتا أطول معا بعيدا عن الضغط هنا."

أومأت سوهوا بابتسامة.
"سنفعل بالطبع فنحن أفضل اصدقاء على الإطلاق."

أجابها هو بقهقة قصيرة وبابتسامة جانبية بدت جذابة.
"بالطبع نحن أصدقاء."

وما إن أنهى التفوه بجملته تلك حتى أحاط كتفها بذراعه ليتابع السير معها بسعادة.

.
.
.
.
.
.

"هل الجميع حاضرون؟."
قالها جونغ داي المشرف المسؤول عن هذه الرحلة ليتأكد من أن الجميع صعد للحافلة ليصعد هو الآخر بعد اكتمال العدد وتنطلق للحافلة  أخيرا.
جلس كلا من سوهوا وجونميون متجاورين ومتشابكي الايدي.
بينما تخطيط الهي أودى في النهاية إلى أن يجلس الملك وأميرته متجاورين في الحافلة.
ألقى التحية لتبادله فيجلس غير منتبع للطبول التي بدأت بالدق داخلها.
هذا ما يحدث دائما عندما تكون بقربه لذا هي قررت أن تشغل نفسها عنه حتى لا ترتكب أشياء تسبب لنفسها الإحراج فتراها وقد وضعت سماعاتها لتستمع لأغنيتها المفضلة وتنقل نظرها عبر النافذة تشاهد الطريق بشرود..
بدت تلك لحظة مثالية بالفعل قبل أن تبدأ بعض الذبذبات بمقاطعة الاغنية ومن ثم تتوقف تماما..
تندب حظها للمرة الالف بعد أن تعطلت سماعات الاذن خاصتها، رائع الان ستقضي الطريق كله تستمع لأبواق السيارات المزعجة.
هكذا فكرت قبل أن تنزع السمعات من اذنها بعنف وتأفف لتلقيها في حقيبتها بإهمال.
وما إن اعتدلت في جلستها حتى امتدت إليها يده بسماعات أخرى.

هي ظلت تحدق بها بصدمة لوهلة لتنظر له بعدها محاولة تكوين جملة مفيدة.

"ما هذا؟"

"تعطلت سماعاتك للتو صحيح؟ يمكنك استخدام خاصتي."

"اوه ولكنك كنت تستخدمها منذ قليل."

"لا بأس لم أعد أريدها الان."

"لا.. الطريق ممل أتفهم جيدا حاجتك إليها لذا لا داعي ان تعطيها لي."

"لنتشاركها اذا."
قالها لتصمت هي وتنظر له دون أن تجيب ليقوم هو بتوصيل السماعات بهاتفه ويعطيها إحداهما.

"دعيني أسمعك بعض الأغاني المفضلة لدي، أنا حقا أحب أن أتشارك ذوقي الموسيقي مع الآخرين."

"حسنا اذا."
بابتسامة متحمسة هي هتفت قبل أن تضع السماعات في أذنها ليبتسم هو الاخر على عفويتها ويبدأ بتشغيل قائمة الأغاني.

هي أغمضت عينيها باستمتاع، بينما انغمست في الألحان المنبعثة لاذنيها لتغمض عينيها باسترخاء.
وهو ظل يراقبها بينما بدأ يشعر بشيء  غير معتاد برفقتها، شيء ما يتحرك بداخله.
شيء لم يسبق له الشعور به ولم يدري ما تفسيره.

انغمس في مراقبتها حتى شعر أنها غطت في النوم، وقد أكد ظنونه رأسها الذي كاد يسقط ليتحرك هو بتلقائية ليعدل من جلستها قبل أن تفعل.
ولكن رأسها كان قد سقط بالفعل في اتجاه آخر ليستقر على كتفه، فيقرر تركها، فقد بدا وجهها له كطفلة بملامح ملائكية لذا هو استمتع بالنظر اليه ولم يشعر بنفسه إلا وقد أعلنت رحلة طريقهم عن انتهائها.

هو بدأ يهزها برفق ليوقظها ولكن همهمات صدرت منها بينما يفعل دفعته للتوقف للحظات.

"يااا امي دعيني أنم قليلا، عملت بجد ليلة البارحة ."
لم يتوقع هذا منها ليجد نفسه يضحك بتلقائية قبل أن يهزها مجددا..

"يا مايي، وصلنا موقع التخييم انهضي هيا."
قالها لتبدأ بالافاقة شيئا فشيئا حتى أدركت ما يحدث لتبتعد عنه سريعا وتتحدث بتلعثم.

"اه اسفة حقا لم أشعر بنفسي هل أزعجتك؟ لابد أن رأسي كانت ثقيلة، اسفة مجددا."
ضحك مجددا ليحمر وجهها بخجل ظنا منها أنه يسخر ولكنه نفى هذا بابتسامته اللطيفة التي شكلت قلبا على شفتيه.

"لم تزعجيني بدوتِ كطفلة صغيرة كان ذلك رائعا حقا."
هو أخرسها مجددا بعبارته لينهضا بعدها سويا ويذهب كلا منهما ليستلما أمتعتهما .
.
.
.
.
.
.

المكان: باحة حديقة القصر
الزمان: قُبيل منتصف الليل.

خرج الملك كي سو من غرفته تزامنا مع بداية منتصف الليل بعد يوم صاخب ليستنشق بعض الهواء العليل بعيدا عن الضغط هناك لينظر الي السماء حيث يقبع القرص المنير في يوم تمامه.
حوله النجوم مُنتثِرة مشكلة بساطا ذو لئالئ لامعة  ليبتسم لنفسه وينزل بنظره الى مستوى الافق فيراها.
وكان أول ما دار في عقله أنه وجد مَثيلا للقمر المشعّ ضيه لينير سماءا مظلمة سوداء.
هو شعر أنها أنارت قلبه ليقترب على حين غفلة منها  بابتسامته المميزة.

"سمو الأميرة.."
قالها مقاطعا خلوتها لتلتفت له وتنهض احتراما.

"جلالتك ما الذي اخرجك من غرفتك في مثل هذه الساعة؟."

"هذا ما كنت سأسألك اياه في الواقع."
اشاحت بنظرها بعيدا عنه بمزيج من الخجل والتوتر.

"اه احب ان اختلي بنفسي في هذا الوقت من الليل فالجو يكون لطيفا هنا والحديقة طبيعتها ساحرة."

ابتسم علي تعبيرها مجددا ليهم بالذهاب.
"اه اسف يبدو أني قاطعت خلوتك وازعجتك سأذهب."

هي تمسكت بطرف ردائه لتحول بينه وبين الذهاب فيلتفت لها متسائلا ليحين دورها في الابتسام لتبتسم هي له.
"كلا يمكنك البقاء، سيسرني الجلوس معك جلالتك كما أني قد كنت بدأت اشعر بالملل لذا يمكنك ان تبقى برفقتي هنا."

هو اومأ لها ليسيرا جنبا إلى جنب حتى وصلا إلى ضفة البحيرة التي تقبع في القصر ليجلس كلاهما أمامهما ويعم الصمت لبعض الوقت قبل أن يقطعه هو.
"الجلوس في مكان كهذا في هذا الوقت رائع حقا لا سيما إن كان برفقة لطيفة مثلك."

داعبت كلماته مشاعرها لتنظر له بتأمل وكأن لا أحد في هذا العالم سواه.
التفت لها ليتيه بدوره فيها، تواصل بصري دام لوقت ليس بقليل لم يرغب احدهم في قطعه وكأن الزمان والمكان قررا الالتحام في فجوة كثقب أسود سحب كليهما ليصبحا في عالم اخر.

أو وكأن مجالا مغناطيسيا نشأ بينهما لينجذب كلاهما للاخر في غير وعي حتى صارت شفاه كل منهما تستشعر أنفاس الاخر.
هو عاد لوعيه ويدرك ما يوشك على ان يفعل ليتدارك الامر سريعا ويهمس لها بالقرب من شفتيها.

"أنا سعيد لأنك أميرتي."

وختم جملته بقبلة علي وجنتيها لتُعلَن حالة الطوارئ داخل أزواج الأضلاع العشرة لتلك الصغيرة، وكأن صوته كان أشبه بمعزوفة سمحت لقلبها بالتراقص على أنغامها ليتناغما كسيمفونية.. سيمفونية تحت ضَي القمر.

********

تصفيق حار من الجميع عَلَا حينها معلنا نهاية المشهد علي ضفة النهر في تلك الغابة التي أقاموا بها، كانت فكرة صائبة حقا التدرب على المسرحية في الهواء الطلق بجانب النهر ليضفي على تمثيلهم جانبا حقيقيا.
لذا كانت مايي قد اندمجت في دورها تقمصته حتى كادت لا تميز بين تمثيل وحقيقة..
لذا هي ظلت شاردة لبعض الوقت بعد أن نهض كيونجسو من مكانه.
مد له يدها لتنظر له قليلا بحزن، فكم كانت تود أن يكون مَلِكها حقيقةً، كما هو ملِكُ قلبها بالفعل.
هي نهضت معه بهدوء لتسير مبتعدة.
"مايي إلى أين تذهبين."
توقفت تجيبه دون أن تلتفت.

"أحتاج بعض الوقت وحدي قليلا."
وتابعت سيرها داخل الغابة الكثيفة دون وجهة.

هي تألمت قليلا كونها مجبرة أن تُري الجميع مشاعرها على أنها تمثيل.. بعض المشاعر ظنها الجميع إتقانا، ولم تكن غير أنها نابعة من داخلها بصدق.
نظراتها وتأملاتها له، اضطرابها وردود أفعالها تجاه كلماته.. هي لم تتقمص دورها، بل دورها هو الذي تقمصها ليخرج أدائها كما تشعر هي.

ظلت تخطوا على الأعشاب تنظر أمامها تارة وتارة أخرى هي تتابع بعينيها خطوات ساقيها.
لترفع رأسها في مرة فاكتشفت أنها تجهل مكانها، تفكريها أخذ بها إلى بُعد آخر حتى سهت عن طريقها لتصبح تائهة بين الأشجار المتشابكة والطرق المتشابهة.

تركض يمنة ويسرة  محاولة العثور على طريقها ولكن كل طريق كان يصبح موحشا أكثر مما سبقه.
هل سارت في هذه الطرق من قبل..
لا تدري لذا ظلت تركض محاولة الخروج من هذا المكان لينتهي بها الحال جالسة تبكي تحت أحد الأشجار.

هل سينسوها هنا وتظل عالقة للأبد، ماذا عن عائلتها واصدقائها أسيظنونها لقت حتفها؟
وقت طويل قد يكون ساعات قد مر وهي تبكي حتى أفزعها صوت حركة خفيفة بين الأشجار لتنهض فزعة تنظر إلى حيث الصوت بينما تكاد تفقد وعيها من الخوف.
والصوت يقترب أكثر فأكثر حتى صار على بعد إنشات من الظهور لتتوقف عن التنفس للحظات قبل أن يظهر هو..
كان كيونجسو.

"مايي.. أخيرا عثرت عليكِ، الجميع قلق عليك."
لم تتمالك نفسها ما إن رأته حتى خانتها قدماها لتهوي على ركبتيها وتنفجر في البكاء.
هو فزع لمظهرها ذاك ليهرع اليها وينزل لمستواها ليضع يده على كتفها ليهتف بقلق.

"مايي أنتِ بخير؟ هل تأذيتي؟."
هو قالها بينما يتفقدها ليتأكد انها لم تتأذى لتجيبه الأخرى بين شهقاتها.

"لقد.. لقد ظننت اني سأبقى في هذا المكان الموحش... للأبد."
بالكاد استطاع تمييز كلماتها بين بكائها ليحاول تهدئتها بكلمات لم تفلح في هذا.
فما كان منه إلا أن جذبها لصدره ليضمها إليه مهدئا من روعها..

لو كان قد فعل مثل هذا أثناء وقت كانت فيه هادئة لبكت بين ذراعيه ولكن مفعول ذاك كان قويا لا سيما حين بدأ يربت على رأسها برفق محاولا تهدئتها..
هو لا يعلم لم فعل هذا ولكن ذلك الشيء بداخله كان يريد إخفائها في صدره للأبد، بكاؤها آلمه بينما يجهل السبب ليشد على عناقها أكثر قليلا، حتى هدأت..
هدأ بكاؤها أخيرا لينظر لها فيراها قد غطت في النوم بالفعل.

مسح الدموع عن وجنتيها ليحادث نفسه بصوت يسمعه.
"لابد أنه كان وقتا عصيبا، مايي."
وظل يتأملها لدقائق أخرى شاردا بها ليخفق قلبه أخيرا يخبره أن وقع في حبها..

ذلك الشيء الذي بداخله يناديها يريدها أن تبقى بقربه، لا يدرك أين ومتى وكيف ولماذا حدث هذا.
كل ما يعرفه أنها قد تمكنت منه بالفعل وصارت أميرته المتربعة على عرش قلبه.
بارك مايي..

حملها بخفة بين ذراعيه ليعود من حيث  أتى ليرى رفاقه الذين قد انطلقوا بحثا عنها قد عادوا بالفعل وكانوا في انتظاره ليهرولوا إليه ما ان ظهر امامهم يحملها، فيطمئنهم هو أنها نائمة فقط ليحملها لخيمته.

وضعها على الفراش الذي افترش أرضية الخيمة ليغطيها جيدا ويظل بجانبها.
لم يزر النعاس عينيه تلك الليلة ليظل يتأملها وهي نائمة متسائلا عن كيف لها أن تكون بهذه البراءة والعفوية التي تمكنت منه ومن قلبه.
.
.
.
.
.
.
.
.

مرت أيام التخييم الثلاثة الاخرى دون أحداث مهمة تذكر، ليعودوا أدراجهم بعد رحلة حافلة لا سيما لكيونجسو الذي أخذ يراقب مايي باهتمام حتى تأكد من نيلها منه فقط لم يبقَ سوى أن يُعلمها بمشاعره ولكن كيف..

"جونغ إن، بيكهيون هل لي أن أسألكما شيئا؟."
قالها كيونجسو بينما يجلس برفقة الآخران في مقهى الجامعة لينظرا له باستغراب ليتسائل بيكهيون.

"اه ما هو؟."

"كيف يمكنني الإفصاح عن مشاعري لمايي؟."
سقط فكي كلاهما بينما ينظران له، حسنا لديهما الحق في ذلك فهذا آخر ما كانا يتوقعان سماعه.

"أنت لا تمزح الآن صحيح؟."
بصدمة أفصح جونغ إن قبل أن ينظر له كيونجسو بجدية ليجيبه بهدوء.

"منذ متى وأنا أمزح في أشياء كهذا."
هو قالها ليخرسهما مجددا لبعض الوقت ليتنهد كيونجسو قبل أن يتابع.

"أعلم أن هذا مفاجؤ نوعا ما حتى أنا تفاجأت في البداية ولكن حقا هذه ليست مزحة لقد وقع كيونجسو."
قالها كيونجسو  متحدثا عن نفسه، صرخة حماسية صدرت من بيكهيون بحماس لينظر له الآخران باستغراب قبل أن يقترب ليضع يده على كتف كيونجسو ويضغط عليه بخفة مفسرا.

"عليك فعل هذا، عليك أن تعترف لها اليوم قبل الغد صدقني ستسعد هي بهذا كثيرا فهي واقعة لك بالفعل."

صدمة اعتلت ملامح كيونجسو من حديث صديقه لينظر له.
"كيف عرفت هذا؟."

حرك بيكهيون رأسه يمينا ويسارا ليجيب.
"ليس مهما الآن كيف عرفت المهم أن تذهب لها فورا، ستجدها في ترسم في الحديقة في مثل هذا الوقت.. هيا هيا ماذا تنتظر."
وجذبه من يديه لينهض ويدفعه خارج المقهى تجاه حديقة الجامعة حتى وصلا أمامها.

"كن رجلا شهما كيونجسو صدقني لن تندم على هذا أبدا ثق بي."
قالها بيكهيون بابتسامة قبل أن يجذب جونغ إن الذي تبعهم لا يكاد يدرك ما يحدث الآن ويذهب به بعيدا تاركان كيونجسو خلفهم يقف بتردد أمام مدخل الحديقة..

اقترب منه قليلا ليخطوا داخلها بخفة باحثا عنها ، ليراها تجلس مولية إياه ظهرها ممسكة ألوانها تكاد تنهي لوحتها..
ظل يتأملها للحظات قبل أن يتحمحم ليعلمها بوجوده..
التفتت لتراه لتبتسم له بحب وتترك ألوانها جانبا.

"مرحبا كيونجسو، ليس من عادتك أن تأتي إلى هنا صحيح؟"

"أنت رسمتي هذه؟"
مُشيرًا إلى اللوحة أمامها لتومئ هي بابتسامة.

"بلى هل أعجبتك."
ابتسم هو بدوره ليقترب من اللوحة وينظر لها.

"لم أكن أعلم أنك متعددة المواهب، إنها رائعة  حتما ومفعمة بالحيوية، لقد أحببتها.. كراسمتها تماما."
لم تستوعب ما قاله للحظة لتنظر له دون ملامح ليقترب هو منها حتى صار واقفا أمامها.

"بارك مايي، لا أعلم ماذا أقول حقا.. يبدو أن كل شيء أصبح حقيقة، سمو الأميرة لقد وقعت بحبك."
نظرت له قليلا بينما لا تدرك ماذا يحدث لتفيق من شرودها حين أصبحت يدها مُحتواةً بين كفيه، لترفع رأسها قليلا لتنظر في عينيه مباشرة.
"ك..كيونجسو."
لم تستطع إخراج الكلمات من جوفها فاكتفت باسمه الذي رن في أذنيه ليسمح لقلبه بالخفقان بحب.

"مايي، أنا أحبك حقا.. وأرغب أن نكون معا أتسمحين لي؟."
هو قالها لتشعر بالفراشات تغزوا معدتها محلقة تجاه قلبها تداعبه ليخفق بدوره.
وكذلك لم تستطع سوى أن تومئ برأسها مجيبة إياه هو شعر بها وبموقفها ليبتسم بسعادة مسببا الأذى لقلبها بابتسامته ليقترب منها دون أن يفلت يديها.

"أعدك أن أكون مخلصا لك وألا أسمح لأذى أن يصيبك طالما رئتاي يأخذان شهيقهما.. ستظلين دائما ملكتي التي أحبها، أحبك."
وأنهى جملته مقلصا المسافة بينهما حتى تلاشى الفراغ الحائل بين شفتيهما لتكون قبلة كلاهما الأولى ليسمح كلا منهما لمشاعره بأن تفيض تجاه الآخر.
وهي كذلك أغمضت عينها لتبادله بحب وقد شعرت أن الحياة ابتسمت لها أخيرا، وحصلت على ما يكفيها من السعادة لبقية حياتها.
.
.
.
.
.
.
.

.
"آه أنا متوترة للغاية أخشى ألا أبلي جيدا."
قالتها مايي بينما ترتدي ردائها التاريخي وهي تختلس النظر من خلف الستار تجاه الجَمع الذي أتى ليحضر المسرحية، ليبستم لها كيونجسو ويحاوط كتفيها بذراعه بينما ينظر لها مطمئنا إياها.

"لا تقلقي، أنا واثق أنك ستبلين حسنا عزيزتي، أطلقي العنان لمشاعرك."

"هل تعقد هذا حقا؟."
قالتها بلطف فلم يستطع كيونجسو تمالك نفسه ليسرق قبلة سريعة من شفتيها لتحمر هي على إثرها فيجيب.

"لا أعتقد أنا واثق."
قالها ليُنادَى أن قد حان موعد العرض لتنظر مايي إلى كيونجسو تستمد من ثقته لتحصل على مرادها من ابتسامته فحسب لتبادله ويصعدا على المسرح ليبدأ الاداء الذي بدا صادقا للجميع.

****
"سمو الأميرة دو كيو مي، هل تقبلين بي زوجا لك نتشارك معا السراء والضراء، ونقضي حياتنا سوية أبد الدهر؟"

"نعم أقبل.. جلالة الملك دو كي سو."

"إذا يشرفني أن تكوني ملكتي."

وانتهت المسرحية بقبلة دافئة أبكت العديد من الحضور الذي عاش مع الملكين قصتهما، أو لنقل تشارك مع كيونجسو ومايي مشاعرهما.

وفي الصف الأمامي كانت سوهوا تنظر بفخر إلى جونميون بجوارها بابتسامة سعيدة وكأنها هي من حققت إنجازا.

"أحسنت عملا جونميون، ظهرت ثمار جهدك ونالت المسرحية التي أخرجتها إعجاب الجميع."

هو نظر لها بامتنان ليشعر بما في داخلها ليقترب قليلا من وجهها.
"شكرا لأنك بقيتِ بجانبي طوال هذا، ممتن لتشجيعك الدائم لي.. صديقتي سوهوا."

وأنهى جملته بتقبيله لها نافيا عنها كلمتيه الأخيرة مؤكدا لها أنها تعني له الكثير.
.
.
.
.
.
.
.
.

كيونجسو يجر مايي خلفه بابتسامة وهي تنقاد معه مرغمة دون أن تدري هي أين يصحبها، ولكن لا خيار أمامها سوى اتباعه.

"كيونجسو، ما الذي أتى بنا إلى قاعة المؤتمرات في الجامعة في مثل هذه الساعة،أتمزح معي؟."
قالتها بتذمر ما إن وقف كلاهما امام تلك البوابة الكبيرة ليبتسم هو بغموض ويجيبها.

"لا تكوني طفلة متذمرة فقط انتظري."
هو نطق بها ليقف خلفها ويغطي عينيها بيديه لتشعر بالباب أمامها يُفتح لتدخل بينما لا زال يغطي عينيها ليزيلهما بعد برهة لترى الظلام حولها.
وقبل أن تنطق ببنت شفهه أضيئت شموع وهُتِفت أغنية أعياد الميلاد بينما ترى أصدقائها جميعهم أمامها يغنون محتفلين بها ليسقط فكها بصدمة.

أخرج كيونجسو هاتفه ليلتقط لها صورة في هذه اللحظة بينما يضحك ويشاركهم الإنشاد، وهي لا تزال على حالها تحاول استيعاب ما يحدث..
حتى انتهت الأغنية وصرخ الجميع لتقترب سوهوا والكعكة في يديها.

"عيد ميلاد سعيد مايي، تمني أمنية وأطفئي الشموع هيا."
هي تلقائيا انصاعت لما سمعته لتفعل ليصرخ الجميع مجددا وتفتح الانوار لترى الزينة والبالونات في كل مكان لتبتسم بسعادة غامرة.

"هذا.. هذا مفاجئ حقا، شكرا لكم يا رفاق."

"لقد كانت فكرة كيونجسو."
قالها بيكهيون لتلتفت تلقائيا حيث هو  وتبتسم بسعادة.

"لا أعرف ماذا علي أن اقول حقا.."
اقترب منها ليكَوِّب وجهها بين كفيه ويهمس لها.

"لا تقولي شيئا، فقط كوني سعيدة دائما كوني مايي."

اندفعت هي تعانقه وتضمه لها بشدة بينما هو بادلها بسعادة ليستمع قلب كل منهما إلى دقات الآخر ويتراقصا معا في تناغم.

"أحبك كيونجسو."

"وأنا أيضا، أميرتي."

******

THE END 💜

💖💖💖💖

© Sera Swing,
книга «مَلِكُ قلبٍ || king of Heart».
Коментарі