حلم
مرحبا
وان شوت جديد سيكون على شكل جزء واحد طويل (مكون من 3600 كلمة )
لذلك اتمنى ان ينال اعجابكم
😁اسمتتعوا 😁
🙏 عذرا للاخطاء الاملائية ان وجدت 🙏
.
.
.
.
بين صداعه و النور المسلط عليه فتح زرقوتيه يناظر البياض حوله ، استقام ممسكا راسه علّ الألم يقل ثم ترنح بخطوات مثقلة يستكشفا المكان حوله و لم يكن بالشيء العسير إذا ان الغرفة تحمل من معاني الضيق ما يجعل انفاسك تضمحل لو لا وجود النافذة الصغيرة أعلى الجدار ، رفع بصره مراقبا خيوط الشمس تتسلل بين ثنايا القطبان الحديدية ، مستمعا لتغاريد العصافير لكن هذا لم يزده ألا اختناقا و رغبة في الخروج ، اتجه صوب الباب الرمادي يطرقه عسى ان يسمعه أحد المارة بيد انه ما من مجيب فانقلب ينادي بصوت ارق من قطرات الندى : يونا ، هل انت هنا يونا ، هارو ، إفتح الباب اشعر بالاختناق ، جيهيون إفتح ارجوك هل من احد هنا افتحوا أرجوكم . تخلل الياس صدره حين ايقن انه ما من مجيب فاراح يده من مواجة الجديد القاسي و انساب جالسا يسند ظهره بالباب يصب تركيزه على النافذة منسجما مع اناشيد الطيور الى ان غفى من جديد.
ساعة تتلو أخرى انقضى اليوم ليعم السكون الكون فاجتاح الظلام الأرض و لا يختلف الأمر بغرفة من ايقضته اصوات الاقفال و السلاس جاعلة منه ينتفظ فرحا لكن هذا الأمل لم يدم طويلا حين لمح كهلة جعلت من الأزرق رداءا جزم انها ممرضة من مظهرها ، لكن مالذي تفعله هنا ؟ .. أبعد الشكوك من مخيلته لينطق بصوت فاق سنفونيات بيتهوفن عذوبة : اشكر الالاه لحضورك ، ارجوك اخرجيني من هنا اشعر بالاختناق . غير انها قابلته بنظرة مشمئزة لتنطق بصوت اشد برودة من الصقيع بينما تعبث بطاولة الادوية أمامها مخرجة حقنة ما : استيقظت! ، جيد اعطني يدك وقت الدواء
_ أي دواء ؟ مالذي تتحدثين عنه ، أين أنا ؟ ارجوك اخرجيني . بنبرة راجية حنونة نطق
_ اسمع لا وقت لدي هات يدك بدون مماطلة ! واصلت خطابها بصوتها الشيطاني
_ أي دواء أنا لست مريضا ! أين زوجتي و طفلي ؟ أين أنا ؟ مالذي افعله هنا ؟ صرخ مستفهما من التي رمقته دون حراك كالصخر لتبصق بكلمات كالرصاص اصابت قلبه الرقيق : اسمع لا وقت لدي لاهدره مع المجانين لذلك اعطني يدك و خد دواءك ثم ارقد في الجحيم صحبة زوجتك ان شئت. اوردت ساحبة معصمه العاري بغيته حقنه لكنه استدرك فانكمش مرجعا يده لحضنه متسببا في ظهور خدش طفيفا انبع قطرات من الدم القاني ، وضع كفه مانع تدفق المزيد من سائلة الأحمر ليقف موضحا : الم تفهمي ، لقد قلت اني لست بمريض ؟ اخرجوني من هنا لا أريد ادويتكم أنا حتى لا أعلم كيف أنتهى بي الأمر هنا؟ أين أنا اصلا، أريد الخروج ، هل تسمعونني ليخرجني احدكم . هيستيريا من الفزع حلت به جعلته يصرخ ضاربا الباب ما سبب ضجيجا مدويا في المكان باكمله .
فجأة كان قد ٱمْسك من قبل رجُلين يرتديان نفس ملبس من تقدمت نحوه ضاخة في عروقه سائلا يجهل مكوناته لكنه تسبب في شلل اطرافه فجثى مستسلما ثم و ببرودة دم طفق الثلاثة مغادرين تاركينه طريح الأرض رفقة دموعه هامسا باسماء من اشتاق لهم قلبه
_ أبي انظر ما وجدت . نطق صاحب الست سنوات مظهرا نجمة بحر ذهبية بين يديه الضئيلة
_ ما أجملها . اجاب الأكبر مقرفصا يبدي انبهاره بما حققه ابنه
_ بمأنها جميلة ساقدمها كهدية لامي . ببراءة اورد متجها نحو الجميلة الجالسة على الكرسي الخشبي قرب الشاطئ اقترب من شعرها معلقا لها النجمة ما جعلها تبتسم محتضنة اياه : صغيري اللطيف . عبرت باختصار مقبلة كل انش من وجهه شادة على عناقه
_ ماذا عني !!! تذمر صاحب الأعين الزرقاء بينما اقترب منهما لينعموا بحضن جماعي كللته ضحِكاتهم الصاخبة
_ يونا … يونا...ي..يونا
_ سيد بارك … سيد بارك أستيقظ انه مجرد كابوس أستيقظ من فضلك . تكلمت بينما تهز جسده بلطف فافرج عن محيط محجريه بفزع و قد غزت قطرات العرق كامل جسده ، ما ان وقع بصره على ذلك الرداء ذو اللون المميز حتى انسحب لأحد اطراف السرير يحشر رأسه بين اطرافه كانما هو طفل ذو خمس سنوات و قد لمح شبحا ، و لو كنتَ مكانه لقدمت له من الاعذار الفا فبعد الذي عاشه طيلة الاسبوع الفارط من الم تعذيب و تعنيف اصبح الطاقم الطبي اكبر هواجسه و ٱولى مخاوفه
_ لا تقلق لن اظرك ، أنا فقط أريد مصادقتك ، بابتسامة حنونة و صوت اشد دافئا من خيوط الشمس اوردت بغيتها طمئنة من رفع راسه رامقا اياها بأعين برزت كريستالاتها معلنة عن ضعفه المكتوم ، بصوت استعمرته الرعشة و قاده الخوف تكلم : أنا لست مريضا ، ساخذ الدواء ، اجوك لا صعقات سافعل ما تطلبين فقد لا أريد أن أشعر بذلك الألم مجددا . مع كل كلمة ينبس بها كان يشد اكثر على حضنه . مشهد نهش قلب المقابلة الما . بهدوء جلست بجانبه مربتتا على ظهره : لا تخف لا أريد اذاءك ، أدعى هانيول، يمكنك مناداتي هاني ، ماذا عنك . سالت بلطف لكنه لم يعر سؤالها اهتماما بل استرسل يناظر لباسها المرعبة كما يظن ، انتبهت له لتضيف على سؤالها السابق سؤالا اخر: هل تزعجك ثيابي ؟ دون احرف رد مكتفيا بهز راسه لاعلى و اسفل باستمرار مسرعا في ذلك غايته التاكيد على شعوره فقابله هي الاخرى بابتسامة تشرح القلب تتلوها استقامة اغلقت على اثرها معطفها مخفية ما تلبس لتعود للجلوس من جديد و تتكلم بلطفها المعتاد : و الآن الن تخبرني باسمك أيها الوسيم .
_ ج..جيمين . نبس بنبرة بدء الاطمئنان بالسيطرة عليها شيئا فشيئا
_ جيمين ! اسمك جميل جدا . تماما كشكلك . علقت تراقب انغلاق عينيه بسبب اتساع بسمته الملائكية ليجيب : شكرا ، يونا ايضا دائما ما تمدح اسمي . نطق حروفه ليحزن ما ان رن صدى أسمها في راسه
_ يونا؟! و من هذه ؟
_ انها زوجتي ، لكن … انسحب عازفا عن الكلام مرجعا راسه بين اطرافه محاولا الهرب من واقعه
_ لكن ماذا؟ ، تساءلت بفضول، ليرفع الأكبر رأسه مجيبا بنبرة مرتعشة قتلتها غصة حلقه : الكل هنا يقول اني اهذي و ان لا وجود لها أو ل هارو لكني متزوج اقسم لك كما ان لي أخ يدعى جيهيون يعيش معنا كذلك حتى انه ترك لي اثرا على يدي بسبب مصارعتنا المتواصلة . نطق بحماس يقلب يديه باحثا عن بقايا الاصابة التي لم يجدها ليعبس جاعلا من اليأس صديقا له
_ لا تقلق لا شك انها اختفت بمرور الوقت . خاطبته حين ايقنت سبب حزنه لتواصل :ألا تشعر بالبرد بارتداءك لهكذا ثياب ؟ تساءلت تحيط منكبيه بغطاء قطني اسود بينما اكتفى هو الآخر بالنظر لها
_ اتصدقينني . بعد دقائق صمت حلت على المكان نطق يناظر تحركات رجليه المتدلية من على السرير
_ طبعاً ، لما قد لا أفعل ، كما اني ساحاول قدر الإمكان مساعدتك لاجادهم لذلك لا تعبس مجددا اتفقنا . كأم حنون ابرزت بسماتها كاسية بالدفئ اوصاله
_ هل انت جديدة ؟، لم ارك من قبل . سال بعذوبه صوته لتهمهم له مردفة : انه أول يوم لي بالعمل كطبيبة نفسية و قد بدأته معك ، اعتقد اني محظوظة لمقابلة ملاك مثلك اليس كذلك . وقع كلماتها كان كالمرهم لجروح قلبه اذ سرى الدم في شرايينه من جديد مكسبا وجنتاه حمرة تعبر عن مدى خجله من غزلها .
و هاهو لاول مرة يشعر بقيمة وجوده بعد اسبوع افقده معاني الحياة ، امضيا سويعات يتحدثان اذ لم يكن لها الكثير من العمل لذلك اطرقت مستمعتا لقصصه مع زوجته و اخاه و قد وجدت انسا في ذلك .
مضى اسبوع تلاه ثان أصبح جيمين مهرب هانيول من اتعاب العمل و هي ملجأه ايام حزنه حتى انه احيانا كان ينام على مداعبة اناملها الرقيقة لشعره الغرابي . غدت كاتمة اسراره و سبب ابتسامه علاقتهما كانت اكثر من طبيب و مريض ارتقت لصداقة ربما !
كانت قد انهت عملها مع بقية المرضى متجهتا الى غرفة ملاكها الصغير كي تمضي معه بقية امسيتها ليقاطعها نداء مدير المصحة طالبا دخولها لمكتبه .
امضت نصف ساعة هناك بين جدران الغرفة المرموقة لتخرج بعدها شاردة الذهن تخطو ببرود ، فتحت باب الغرفة الرمادي لتدلف مطاطئة الرأس .
_ جيمين أين انت ؟ . اوردت لخلو الغرفة ، ثوان ليفتح الباب الأبيض الصغير بالجهة المقابلة و يظهر صاحب القامة القصيرة مرتديا سروالا قطنيا يحمل بيمناه قميصه و بيسراه منشفة استغلها لتجفيف خصلاته الداكنة . بابتسامته المعتادة قابلها ليدلي برقة : مرحبا !
عم الصمت و لم يتلقى أجابة من الشاردة ترمقه دون أن يرمش لها جفن ما جعله ينتبه لموقفه ليرتدي قميصه مسرعا منحنيا ناطقا بنبرة لا تكاد تسمع : عذرا فقد نسيت شكرك ، أنا ممتن كثيرا شكرا نونا!
ابتسمت على براءة صوته و امتنانه المبالغ فيه لتفرج عن صوتها أخيرا : من تنعت بالنونا أنا حتما اصغرك بشهرين ثم لما كل هذا الشكر أنا لم أفعل شيئا ؟
استقام متجها نحو المسمار العالق بالحائط معلقا المنشفة الصغيرة قائلا : بلى لقد فتحتي لي غرفة الاستحمام خلسة و منعتي زيارة تلك الشيطانة لحقني كما اكرمتني بهذه الثياب اشعر بالدفئ حقا شكرا لك مجددا . مع كل حرف ينطق به كانت ابتسامته تتسع اكثر لتنقلب لضحكة ما ان افرجت المقابلة عن مكعب الالغاز مقدمة اياه فقد وعدته انها ستحضره له ليقتل الملل .
تربع على سريره الرث يحاول ايجاد الحل للعبته فيما انقطعت هانيول الى التفكير بعمق ، حل الصمت بينهما لاول مرة منذ التقيا ، هدوء الجو المحيط اصاب الأكبر بتوتر كافح لاخفائه فوضع ما كان يشغله جانبا موجها حديثة الى الجالسة : هانيول تبدين شاحبة على غير العادة هل كل شيء بخير ؟ تسأل بقلق واضح لتجيبه بابتسامة متكلفة قائلة : لا شيء مهم كل ما في الأمر أن الطبيب النفسي المساعد قدم استقالته و بالتالي تكدست الأعمال على كاهلي. كذبت مبررة موقفها
_ حقا ؟! هذا سيء اتمنى ان اقدر على مساعدتك في شيء . لكن لا تقلقي مؤكد سيحضرون غيره في اقرب وقت . استدرك مطمئنا اياها
_ اجل سيفعلون ! ايدته لتهدء لهنيهة عقبها سؤالها المفاجئ : جيمين هل تثق بي ؟ .
_ لما هذا السؤال فجأة ؟ طبعاً أفعل ! . اورد بصوت تمرد عليه القلق ليسال بدوره : هاني مالذي يحصل معك ؟
_ في الحقيقة .. لقد تمكنت من معرفة … الموضوع هو لا أعلم أنا .. سيطر التوتر على جسدها فما عاد دماغها قادرا على صياغة الجمل و لا احبالها الصوتة قادرة على اللدلاء بها . مظهرها المشتت اثار ريبة و قلق جيمين الذي قرفص مقابلا لها محاولا ارجاع جميل سبق و قدم من طرفها اذ قال مهدئا اياها : هانيول لا تقلقي فقط اخبريني بمشاكلك الم تقولي أننا اصدقاء ربما اتمكن من مساعدتك .
زفرت هواء صدرها جاعلتا من كستناتيها يقابلان محيط محجريه لتنطق : لقد عرفت قبل قليل انه لا عائلة لك جيمين .
_ عفوا؟! استفهم يكتم غصة حلقه
_ في الحقيقة .. ارخت جفنيها فما عادت قادرة على مواجهة الحزن الذي أحتاج بصره لتواصل موضحة : اسفة لهذا لكنك طوال السبع السنوات الفارطة كنت بمثابة فأر تجارب لفيروسات و تلاقيحها في المخابر الفيدرالية، قبل ثلاث سنوات من الآن جسدك لم يعد قادرا على التحمل اكثر و كردة فعل دخلت في غيبوبة قام خلالها عقلك الباطني بحياكة قصة تمنيت عيشها و جعلها في شكل ذكريات حقيقية بينما قام بمحو الاصلية و التي هي بالاساس مريرة . انهت شرحها مسببة نزول جواهر المقابل وقد اختل توازنه فجالس الأرض غير مصدق لما سبق و قيل له ، بعد عناء طويل استطاع كبح شهقاته ليهمس : هل هذا يعني أن كل ما عشته كان مجرد حلم جميل و أنا صدقته تماما كالابله . اورد ببرود وسط تساقط امطار مقلتيه السماوية . لمستواه كانت نازلة مربتتا على شعره في محاولة للقيام بعملها كطبيبة له : لست كذلك ، نحن مجرد منفذين لاوامر تلقيها ادمغتنا و ما حصل لك يمكن ان يحصل لأي منا ان عاش بنفس حالتك لذلك لا ترهق نفسك اكثر و ركز على علاجك يهذه الطريقة ستتمكن من المضي قدما ، كما انه ..
_ أريد البقاء وحدي من فضلك .. محافظا على نفس البرود و النظرة الفارغة طلب علها تلبي .
_ لكن …
_ لا تقلقي لن يحصل ما تفكرين به لم أبلغ من الياس المستوى الذي سيجعلني انهى حياتي بنفسي ، على الاقل ليس بعد ، اجاب على سؤال كان قد جال في خاطر هانيول راسما ابتسامتا متكلفة واجبها الطمأنة
_ تصبح على خير . ودعته باستسلام مغادرة حين ايقنت انه ما من مجال للمجادلة في حين ظل هو الآخر على حاله يجالس البلاط البارد وسط بياض الافرشة و الجدران ،
"" هل هذا حقيقي هل ما عشته كان مجرد حلم و إذا كان كذلك ما الذي يضمن اني اعايش الحقيقة حاليا ماذا لو لم اكن موجودا ماذا لو ان كلا الحلم و الحقيقة كانا حلما بحد ذاتهما لما اشعر بهذا الألم ساجن ، يونا احتاجك أين انت ، سحقا لك بارك جيمين أنت تنادي طيفا ليمد لك يد المساعدة ، بارك جيمين ، هل هو اسمي الحقيقي ، هل أنا الحقيقي هو نفسه أنا الحالم ؟ راسي راسي يكاد ينصهر""
هاته و ببساطة كانت الكلمات التي تتردد مرارا و تكرارا في عقل انسان شك في وجوده فغدى حائرا بين معاني الحقيقة و الوهم ، فكر كثيرا لكنه لم يجد حلا بتلك الليلة و الليلة التي تليها و لا التي تليها حتى انقطع عن العالم ، لم يعد يتغذي ألا عند حاجة جسده الملحة فخسر من الوزن ما جعل عضام قفصه الصدري تعد بالعين المجردة ، حتى انه عزف عن الكلام مع من ارهقتها محاولة اقناعه المتواصلة بالاكل و العودة الى جيمين ملاكها الصغير ، لقد تعبت المحاولة بحق .
يوم جديد لكن لا احداث تذكر الهدوء يسيطر على المكان لكنه لم يدم جراء تحرك الأقفال معلنة عن دخول احدهم و من سيكون غيرها هانيول . سارت بخطوات ثابتة حازمة نحو المنكمش على السرير لتردف بصوتها الرقيق : لنذهب ! مدت يدها معلنتا انتهاء مقالها ، ليقابها الأكبر بنظرات سائلة عن الوجهة جاعلا منها تبتسم مجيبة: الحديقة ، لقد خرج مدير المصحة و الممرضات في قيلولة لذلك فكرت في استنشاق بعض الهواء ، ما رايك ، الم تقل انك صممت رقصة ما أريد رؤيتك تؤديها . تلى كلامها سحبها له دون سماع رده ، سارا وسط الرواق المظلم كحال غرفته لينتهي بهما المطاف وسط حديقة بدت له الجنة رغم بساطتها ، رفع ذراعه الضئية يحمي محجرية من الاشعة القوية ، ليبدأ بارخائها رويدا رويدا مع مرور الوقت ، جال ببصره في المكان ، لحسن حضه ان السماء صافية و الجو دافئ مما اتاح الفرصة للعصافير لتخرج منشدة محتفلة تتناثر بانحاء السماء ، فرحته بهذا المنظر المتواضع جابت العالم فانطلق كطفل لا يتجاوز السادسة يركض هنا و هناك فتارة يرقص بخطوات متناسقا و اخر يلهو مع أسماك البركة أما عن هانيول فقد اكتفت بالجلوس على حافة الكرسي المهترئ ليجاورها ملاكها ما ان تخلل شعور التعب عضلاته المتشنجة
_ مالذي تفعلينه . هتف بنبرته الحيوية التي اعتادت عليها
_ أبحث عن عائلتك الم أقل اني ساجدها لك . اجابته معطية جل اهتمامها لهاتفها الصغير تنتظر تعلقيا أو ردة فعل منه لكنه اكتفى بالعبوس يولي الأرض نظره
_ ما الامر جيمين ؟ الست متحمسا لمعرفة اهلك لقد سمعت انك تنتمي الى عائلة معروفة اعتقدت انك ستفرح . بنبرة اجتاحها الاحباط شيئا فشيئا خاطبت صاحب البشرة الشاحبة ليجيبها بدوره جاعلا من صوته ينافس غيوم القطن رقة : الأمر ليس كذلك هانيول ، انه … أنا لم اعد أريد من أي شخص أي كانت هويته ان يشتاح حياتي من جديد ، لا أريد التعلق بأحد مرة أخرى في النهاية مالذي يضمن لي اني اعايش واقعا ماذا لو ان العائلة التي سأقضي ساعات في البحث عنها تكون هي كذلك مجرد حلم نسجه عقلي العقيم ماذا لو اني لم أستيقظ من غيبوبتي بعد، أنا خائف ، لا بل تائه ؟ ماذا أفعل ؟!
كلماته لم تكن مجرد احرف تعبر عن دواخله على الاقل بالنسبة لها، صوته الحزين , جواهره المجتمع عند اطراف جفونه ، وجهه الشاحب و حتى يديه الهزيلة التي لفت رجليه الحافية المنكمشة عند صدره ، بالنسبة لهانيول كانت لوحة رسمها امهر فناني المجرة لوحة تنزلت فيها البراء مختلط مع اسمى معاني الجمال و الطيبة خالقة هذا الكائن، خالقة جيمين خاصتها التي سعت جاهدة طوال الاشهر الفارطة ان تجعله زهرة يانعة وسط اشواك الجشع صغيرها الذي حمته نطق باحرف اخترقت قلبها مخلفة الما جامح جاهدت لاخماده بابتسامة مصتنعة، تحمحمت تكسي صوتها حنان و دفئا لتنطق بعد تأمل دام طويلاً : اتعلم أيها القصير أنت تذكرني بنفسي عندما كنت صغيرة . مازحته تحاول تغيير الجو .
تلاشت افكاره فجأة بسبب استحواذها على تركيزه فرمقها بنظرات متسائلة فضولية استطاعت من خلالها أخذ الأذن لتكمل حديثها : في صغري حلمت طويلا ان أكون طبيبة نفسية ، حلمت و حلمت الى ان غدوت مهووسة بهذه المهنة امثلها صباحا و أكتب عنها مساء و احلم بها ليلا ، في ليلة صيفية غاصت بي مخييلتي الى عالم تحقق به مرادي كنت اعالج هذا و احادث ذاك الجميع يهتف باسمي و لكن كما هو معهود فأن ساعات النوم معدودة و ان طالت استيقظت دون رغبتي عابسة لانه لم يكن ألا حلم كسابقه زغم اني تعايشت معه ،حينها تقدم أبي و اخبرني ان الحياة ما هي ألا حلم جميعنا نبدئها بكلم اتمنى و بيدنا نحن ان نجعل هذا الحلم حقيقة كما لنا الاختيار في تركه على شاكله لا بل و جعله كابوسا يكون مصدر الامنا ، أنا اخترت الطريق المشرق و ها أنا الان امامك لقد جعلت من طيف الدكتورة لي حقيقيا.
ابتسامتها المزيفة غدت شيئا فشيئا اكثر صدقا و اتساعا خاصة بعد ملاحظة انسجام المقابل مع قصتها ليباغتها بقفزة واقفا أمامها مبرزا لألأ فاهه : لقد فهمت .
_ مالذي فهمته ؟.
_ فهمت انك أفضل طبيبة على هذا الكوكب ، لا أعلم ما السبب لكن كلامك انار محيطي و رسم طريقي ، شكرا لك هاني ، اورد مقوسا ظهره ليجابه طول الماكثة ثم بين ثانية و أخرى اصبحت ملامحه تحمل من الجد و الحزم ما يقتلك إثارة : دكتورة لي الحقيقة و ليس الطيف، هل تقبلين أن أكون مريضك الودود . باستقامة و يد خلف ظهره مقلدا نبلاء العصور الوسطى خاطبها لتقهقه على تصرفاته المجنونة محاولة اخفاء ذرات الحمرة المنثورة على وجنتيها خجلا، وقفت بدورها لتسحبه نحو الداخل مجيبة : طبعا اقبل سيدي النبيل لكن الآن علينا الدخول قبل خروج الشياطين لدورتهم المسائية .
هكذا فقط مضي اليوم المشمس ، مرت فترة طويلة منذ ذلك اللقاء جيمين يتعالج بشكل جيدا اذ تقبل حقيقته و تعايش معها ، أما عن هانيول فخافقها غدى غير متحكما في نبضاته كلما وطأت قدمها تلك الغرفة مشاعرها المتداخلة ارهقتها لكنها دائما ما تكذب نفسها معاتبة متناسية .
حل الربيع بعد شتاء قارس وهاقد حان موعد عطلة طبيبتنا ، لم ترى والديها لفترة تتجاوز الثلاثة أو الاربعة أشهر نظرا لبعد مكان العمل عن بيتها لذلك فمن حقها ان تخصص يومين ان امكن لحياتها الشخصية بعيدا عن الحقن و مشاكل المرضى ، ربما كان هذا المعقول و المحتمل من قبل أي طبيب اليس كذلك ، لكن ليس مع هذه الفتاة على ما اعتقد ، رغم وجُدها وسط احبابها ألا ان عقلها كان شاردا يفكر في ما وراء ابواب مصحة العجائب تلك ، احست بأن شيئا ما يناديها تريد البقاء لكن الرحيل كذلك ، تشعر بالبهجة لكن بالاختناق في الحين ذاته ، لم تقدر على اخماد هذه الاحاسيس لتركب سيارتها بعد مضي يوم وحيد منطلقة نحو ذلك الجحيم تدعوا خالقها ان يكون بخير ،
اعتقد ان قصتنا طالت و من حقكم ان تفهموا ما يحدث . صحيح؟
انصطو إذا ، قبل ثلاث اسابيع من الآن تمكنت هانيول، عن طريق سماعها بالصدفة لمديرها ،من معرفة نوايا عائلة بارك أي عائلة جيمين و بالتحديد عمه الذي باع ابن اخيه اليتيم الى المخابر بعد اتهامه بالجنون حيث أن الأكبر قد قام بتلفيق جريمة فحواها محاولة القتل العمد لابن اخيه رغم انه لم يتجاوز الثمانية سنوات ، فما كان من السلطات ألا ان أقود ذلك اليوم المسكين نحو إحدى المصحات تحت اسم المختل و من هناك تم انتقائه كافضل فأر لتجارب إحدى المختبرات الفديرالية طبعا تحت موافقة عنه الذي أعْمِي بصره بمال أحبه الموروث
اعتقد انكم توصلتم الى سبب خوف هانيول ! تماما لقد سمعت السيد كانغ أو مديرها و عم ملاكها الصغير يتفقان على قتله ، هي طبعا لم تخبره خصوصاً و انه تفادى صدمته الاولي بشق الانفس لن تلدغ من نفس الجحر مرتين !
حذرته من تناول الطعام الذي سيقدموه له و استبداله باخر معلب سبق و اعطته له كما نصحته بتناول مضاد لادويتهم المسمومة التي ربما قد يحقنونه بها . هل سيفعل يا ترى؟
صوت الفرامل صدح في ارجاء الحديقة المهجورة ، نزلت بخطوات متسارعة غير مهتم بخلو الجو المريب ، اقتحمت الغرفة المفتوحة بقلب خافق و روح داعية بالخير : زيوس خاصتي ! هتفت بصوتها المرتعش مسمعة حيطان الغرفة ، تجاوزت عتبة الباب الرمادي العملاق عندما لم تتلقى مرادها تسير نحو باب الحمام منادية بصوت ينذر بالبكاء : جيمين هل انت هنا ؟ سادخل !
وسعت فتحت الباب لتدلف و تمنت لو انها لم تفعل ، منظره ارجف نسيج جسدها المصفر لتهرول راكعة امام الحوض الصغير الأبيض صارخة باسم ملاكها الصغير محاربة غصة حلقها و ارتعاش اناملها البارز: ج.. جيمين ، جيمين ماذا حصل لك ، صغيري انظر الي ماذا فعلو بك ! لما اصبحت بهاته الحالة. اوردت مظهرة ماء عينيها لاول مرة أمامه ، امام من اكتسح الشحوب الرهيب بشرته القانية و احاطت الهالات المعتمة غيمتا جفنيه، سماء عينيه الصافية غدت ذابلة مرعدة ، حرك جسده انشا لتصدر المياه التي اغرقت كيانه الضئيل نغمات رثاء على حاله المزري، برجفة همس : انت هنا ! ظ..ظننتك رح.لتي مثلهم ،شكرا لحضورك، اورد بصوته المتقطع جراء اصتكاك أسنانه بردا لكنه رغم ذلك اجبر شفتيه على الابتسام : اعتقدت انني تغيرت و ساجعل الحلم حقيقة لكني كنت جاهلا ان الخطأ لم يكن خطئي إذا اتضح لي ان الحياة هي التي تابى استقبالي فصدتني بكافة الطرق ، افرج عم ما يكتمه صدره بضيق سامحا لمحجريه باهدار مائهما المالح الذي اختلط مع مياه الحوض المثناثرة على محياه ليواصل بصوت اغتصبه الضعف و اليأس : ا..اعتقد انه حان الوقت للاستسلام ، حان الوقت لاترك الأحلام و الكوابيس لاصجابها اليس كذلك . قفل نصه باستفهام مهدرا ما تبقى من طاقته في تحريك راسه لتلتقي اعينهم الدامعة ، دون كلمات أو احرف مضت الثواني ، فقط الارواح هي من تتخاطب و اعتقد ان خطابها ازعج المقرفصة حيث مسحت دموعها بخشونة لتقف بثقة صارخة : لن يحدث لك شيء افهمت ، صحيح ان قدرنا محتوم لكننا من نختار مصيرنا لذلك اياك و ان يكون اختيارك الموت لأنك عندها لن تزهق روحك فقط جيمين ، لوهلة غادرت تلك الثقة صوتها ليرتعش منذرا مرارا ببكائها القادم لكنها سرعان ما تداركت الوضع لتحيط منكبيه بذراعيها مساعدة اياه على الخروج من الحوض و من المكان المهجور أجمع ،
اعتقد انهم اتموا جريمتهم ليفروا هاربين
، تلك الحيطان و الاسوار لم تكن يوما بمصحة انما هي اقرب بما يكون الى ملجئ ابليس على سطح الارض . خطوة بخطوة مسندة اياه في محاولة للخروج رغم احساسها بالتعب واصلت . لكنه لم يقدر قواه خارت و السم تغلغل في عروقه ليطارح الأرض بمحيط اسود شيئا فشيئا ثم غذى بغتتا أبيض ناصع يصيب الأعين بالعمى . ثوان ليبدأ ما حوله في الاتضاح مجرد حدود و نقوش لكن البياض لم يزل ، مهلا هل كان ذاك سقفا مطرزا بالجبس ، حدق مطولا ليخترق مجال رؤيته طيف لطالما حببه قلبه ، ابتسم لا اراديا متأملا ملامح الوجه الذي كان سينساه للابد .
متحديا لخمول جسمه و الم عضلاته جلس ساحبا الباكية بين ذراعيه ناعما بحضن اخمد من خلاله نيران شوقه المتقدة لينطق متناسيا جفاف حلقه : بين الوهم و المثل تارجت فكنت لي وطنا اويت له ، جنتي التي سقتني امانا و حبا ، حلما كنت ام حقيقة ابقي فقد استوطن طيفك قلبي فاصبحتي عالمي … لي هانيول …كوني مجرتي و سأكون النجوم …. احبك … "
ان الانسان إذا ما واجه مشكلة او مصيبة ما ، ادركه اليأس و العجز سريعافيغدو مفكرا في الرحيل ، لكن ماذا لو فكرنا بطريقةمختلفة، ماذا لو صدقنا ان لكل حدث في حياتنا صغيرا كان أم كبيرا، جيدا أم سيئا فان له دورا في بناء سعادة تنتظرنا في أحد اركان مسيرتنا في النهاية لا فرح بدون حرن
فقط امنوا بالله و تحلوا بالصبر
شكرا على المتابعة
الوان شوت الاحب لقلبي تم لا أعرف إن كان ناجحا أم لا فهذا يعتمد على ارائكم
ساسعد باي نقد يمكن ان يحسن من مستوى كتاباتي
شكرا مجددا
دعمكم يسعدني
الى اللقاء
☺️☺️
وان شوت جديد سيكون على شكل جزء واحد طويل (مكون من 3600 كلمة )
لذلك اتمنى ان ينال اعجابكم
😁اسمتتعوا 😁
🙏 عذرا للاخطاء الاملائية ان وجدت 🙏
.
.
.
.
بين صداعه و النور المسلط عليه فتح زرقوتيه يناظر البياض حوله ، استقام ممسكا راسه علّ الألم يقل ثم ترنح بخطوات مثقلة يستكشفا المكان حوله و لم يكن بالشيء العسير إذا ان الغرفة تحمل من معاني الضيق ما يجعل انفاسك تضمحل لو لا وجود النافذة الصغيرة أعلى الجدار ، رفع بصره مراقبا خيوط الشمس تتسلل بين ثنايا القطبان الحديدية ، مستمعا لتغاريد العصافير لكن هذا لم يزده ألا اختناقا و رغبة في الخروج ، اتجه صوب الباب الرمادي يطرقه عسى ان يسمعه أحد المارة بيد انه ما من مجيب فانقلب ينادي بصوت ارق من قطرات الندى : يونا ، هل انت هنا يونا ، هارو ، إفتح الباب اشعر بالاختناق ، جيهيون إفتح ارجوك هل من احد هنا افتحوا أرجوكم . تخلل الياس صدره حين ايقن انه ما من مجيب فاراح يده من مواجة الجديد القاسي و انساب جالسا يسند ظهره بالباب يصب تركيزه على النافذة منسجما مع اناشيد الطيور الى ان غفى من جديد.
ساعة تتلو أخرى انقضى اليوم ليعم السكون الكون فاجتاح الظلام الأرض و لا يختلف الأمر بغرفة من ايقضته اصوات الاقفال و السلاس جاعلة منه ينتفظ فرحا لكن هذا الأمل لم يدم طويلا حين لمح كهلة جعلت من الأزرق رداءا جزم انها ممرضة من مظهرها ، لكن مالذي تفعله هنا ؟ .. أبعد الشكوك من مخيلته لينطق بصوت فاق سنفونيات بيتهوفن عذوبة : اشكر الالاه لحضورك ، ارجوك اخرجيني من هنا اشعر بالاختناق . غير انها قابلته بنظرة مشمئزة لتنطق بصوت اشد برودة من الصقيع بينما تعبث بطاولة الادوية أمامها مخرجة حقنة ما : استيقظت! ، جيد اعطني يدك وقت الدواء
_ أي دواء ؟ مالذي تتحدثين عنه ، أين أنا ؟ ارجوك اخرجيني . بنبرة راجية حنونة نطق
_ اسمع لا وقت لدي هات يدك بدون مماطلة ! واصلت خطابها بصوتها الشيطاني
_ أي دواء أنا لست مريضا ! أين زوجتي و طفلي ؟ أين أنا ؟ مالذي افعله هنا ؟ صرخ مستفهما من التي رمقته دون حراك كالصخر لتبصق بكلمات كالرصاص اصابت قلبه الرقيق : اسمع لا وقت لدي لاهدره مع المجانين لذلك اعطني يدك و خد دواءك ثم ارقد في الجحيم صحبة زوجتك ان شئت. اوردت ساحبة معصمه العاري بغيته حقنه لكنه استدرك فانكمش مرجعا يده لحضنه متسببا في ظهور خدش طفيفا انبع قطرات من الدم القاني ، وضع كفه مانع تدفق المزيد من سائلة الأحمر ليقف موضحا : الم تفهمي ، لقد قلت اني لست بمريض ؟ اخرجوني من هنا لا أريد ادويتكم أنا حتى لا أعلم كيف أنتهى بي الأمر هنا؟ أين أنا اصلا، أريد الخروج ، هل تسمعونني ليخرجني احدكم . هيستيريا من الفزع حلت به جعلته يصرخ ضاربا الباب ما سبب ضجيجا مدويا في المكان باكمله .
فجأة كان قد ٱمْسك من قبل رجُلين يرتديان نفس ملبس من تقدمت نحوه ضاخة في عروقه سائلا يجهل مكوناته لكنه تسبب في شلل اطرافه فجثى مستسلما ثم و ببرودة دم طفق الثلاثة مغادرين تاركينه طريح الأرض رفقة دموعه هامسا باسماء من اشتاق لهم قلبه
_ أبي انظر ما وجدت . نطق صاحب الست سنوات مظهرا نجمة بحر ذهبية بين يديه الضئيلة
_ ما أجملها . اجاب الأكبر مقرفصا يبدي انبهاره بما حققه ابنه
_ بمأنها جميلة ساقدمها كهدية لامي . ببراءة اورد متجها نحو الجميلة الجالسة على الكرسي الخشبي قرب الشاطئ اقترب من شعرها معلقا لها النجمة ما جعلها تبتسم محتضنة اياه : صغيري اللطيف . عبرت باختصار مقبلة كل انش من وجهه شادة على عناقه
_ ماذا عني !!! تذمر صاحب الأعين الزرقاء بينما اقترب منهما لينعموا بحضن جماعي كللته ضحِكاتهم الصاخبة
_ يونا … يونا...ي..يونا
_ سيد بارك … سيد بارك أستيقظ انه مجرد كابوس أستيقظ من فضلك . تكلمت بينما تهز جسده بلطف فافرج عن محيط محجريه بفزع و قد غزت قطرات العرق كامل جسده ، ما ان وقع بصره على ذلك الرداء ذو اللون المميز حتى انسحب لأحد اطراف السرير يحشر رأسه بين اطرافه كانما هو طفل ذو خمس سنوات و قد لمح شبحا ، و لو كنتَ مكانه لقدمت له من الاعذار الفا فبعد الذي عاشه طيلة الاسبوع الفارط من الم تعذيب و تعنيف اصبح الطاقم الطبي اكبر هواجسه و ٱولى مخاوفه
_ لا تقلق لن اظرك ، أنا فقط أريد مصادقتك ، بابتسامة حنونة و صوت اشد دافئا من خيوط الشمس اوردت بغيتها طمئنة من رفع راسه رامقا اياها بأعين برزت كريستالاتها معلنة عن ضعفه المكتوم ، بصوت استعمرته الرعشة و قاده الخوف تكلم : أنا لست مريضا ، ساخذ الدواء ، اجوك لا صعقات سافعل ما تطلبين فقد لا أريد أن أشعر بذلك الألم مجددا . مع كل كلمة ينبس بها كان يشد اكثر على حضنه . مشهد نهش قلب المقابلة الما . بهدوء جلست بجانبه مربتتا على ظهره : لا تخف لا أريد اذاءك ، أدعى هانيول، يمكنك مناداتي هاني ، ماذا عنك . سالت بلطف لكنه لم يعر سؤالها اهتماما بل استرسل يناظر لباسها المرعبة كما يظن ، انتبهت له لتضيف على سؤالها السابق سؤالا اخر: هل تزعجك ثيابي ؟ دون احرف رد مكتفيا بهز راسه لاعلى و اسفل باستمرار مسرعا في ذلك غايته التاكيد على شعوره فقابله هي الاخرى بابتسامة تشرح القلب تتلوها استقامة اغلقت على اثرها معطفها مخفية ما تلبس لتعود للجلوس من جديد و تتكلم بلطفها المعتاد : و الآن الن تخبرني باسمك أيها الوسيم .
_ ج..جيمين . نبس بنبرة بدء الاطمئنان بالسيطرة عليها شيئا فشيئا
_ جيمين ! اسمك جميل جدا . تماما كشكلك . علقت تراقب انغلاق عينيه بسبب اتساع بسمته الملائكية ليجيب : شكرا ، يونا ايضا دائما ما تمدح اسمي . نطق حروفه ليحزن ما ان رن صدى أسمها في راسه
_ يونا؟! و من هذه ؟
_ انها زوجتي ، لكن … انسحب عازفا عن الكلام مرجعا راسه بين اطرافه محاولا الهرب من واقعه
_ لكن ماذا؟ ، تساءلت بفضول، ليرفع الأكبر رأسه مجيبا بنبرة مرتعشة قتلتها غصة حلقه : الكل هنا يقول اني اهذي و ان لا وجود لها أو ل هارو لكني متزوج اقسم لك كما ان لي أخ يدعى جيهيون يعيش معنا كذلك حتى انه ترك لي اثرا على يدي بسبب مصارعتنا المتواصلة . نطق بحماس يقلب يديه باحثا عن بقايا الاصابة التي لم يجدها ليعبس جاعلا من اليأس صديقا له
_ لا تقلق لا شك انها اختفت بمرور الوقت . خاطبته حين ايقنت سبب حزنه لتواصل :ألا تشعر بالبرد بارتداءك لهكذا ثياب ؟ تساءلت تحيط منكبيه بغطاء قطني اسود بينما اكتفى هو الآخر بالنظر لها
_ اتصدقينني . بعد دقائق صمت حلت على المكان نطق يناظر تحركات رجليه المتدلية من على السرير
_ طبعاً ، لما قد لا أفعل ، كما اني ساحاول قدر الإمكان مساعدتك لاجادهم لذلك لا تعبس مجددا اتفقنا . كأم حنون ابرزت بسماتها كاسية بالدفئ اوصاله
_ هل انت جديدة ؟، لم ارك من قبل . سال بعذوبه صوته لتهمهم له مردفة : انه أول يوم لي بالعمل كطبيبة نفسية و قد بدأته معك ، اعتقد اني محظوظة لمقابلة ملاك مثلك اليس كذلك . وقع كلماتها كان كالمرهم لجروح قلبه اذ سرى الدم في شرايينه من جديد مكسبا وجنتاه حمرة تعبر عن مدى خجله من غزلها .
و هاهو لاول مرة يشعر بقيمة وجوده بعد اسبوع افقده معاني الحياة ، امضيا سويعات يتحدثان اذ لم يكن لها الكثير من العمل لذلك اطرقت مستمعتا لقصصه مع زوجته و اخاه و قد وجدت انسا في ذلك .
مضى اسبوع تلاه ثان أصبح جيمين مهرب هانيول من اتعاب العمل و هي ملجأه ايام حزنه حتى انه احيانا كان ينام على مداعبة اناملها الرقيقة لشعره الغرابي . غدت كاتمة اسراره و سبب ابتسامه علاقتهما كانت اكثر من طبيب و مريض ارتقت لصداقة ربما !
كانت قد انهت عملها مع بقية المرضى متجهتا الى غرفة ملاكها الصغير كي تمضي معه بقية امسيتها ليقاطعها نداء مدير المصحة طالبا دخولها لمكتبه .
امضت نصف ساعة هناك بين جدران الغرفة المرموقة لتخرج بعدها شاردة الذهن تخطو ببرود ، فتحت باب الغرفة الرمادي لتدلف مطاطئة الرأس .
_ جيمين أين انت ؟ . اوردت لخلو الغرفة ، ثوان ليفتح الباب الأبيض الصغير بالجهة المقابلة و يظهر صاحب القامة القصيرة مرتديا سروالا قطنيا يحمل بيمناه قميصه و بيسراه منشفة استغلها لتجفيف خصلاته الداكنة . بابتسامته المعتادة قابلها ليدلي برقة : مرحبا !
عم الصمت و لم يتلقى أجابة من الشاردة ترمقه دون أن يرمش لها جفن ما جعله ينتبه لموقفه ليرتدي قميصه مسرعا منحنيا ناطقا بنبرة لا تكاد تسمع : عذرا فقد نسيت شكرك ، أنا ممتن كثيرا شكرا نونا!
ابتسمت على براءة صوته و امتنانه المبالغ فيه لتفرج عن صوتها أخيرا : من تنعت بالنونا أنا حتما اصغرك بشهرين ثم لما كل هذا الشكر أنا لم أفعل شيئا ؟
استقام متجها نحو المسمار العالق بالحائط معلقا المنشفة الصغيرة قائلا : بلى لقد فتحتي لي غرفة الاستحمام خلسة و منعتي زيارة تلك الشيطانة لحقني كما اكرمتني بهذه الثياب اشعر بالدفئ حقا شكرا لك مجددا . مع كل حرف ينطق به كانت ابتسامته تتسع اكثر لتنقلب لضحكة ما ان افرجت المقابلة عن مكعب الالغاز مقدمة اياه فقد وعدته انها ستحضره له ليقتل الملل .
تربع على سريره الرث يحاول ايجاد الحل للعبته فيما انقطعت هانيول الى التفكير بعمق ، حل الصمت بينهما لاول مرة منذ التقيا ، هدوء الجو المحيط اصاب الأكبر بتوتر كافح لاخفائه فوضع ما كان يشغله جانبا موجها حديثة الى الجالسة : هانيول تبدين شاحبة على غير العادة هل كل شيء بخير ؟ تسأل بقلق واضح لتجيبه بابتسامة متكلفة قائلة : لا شيء مهم كل ما في الأمر أن الطبيب النفسي المساعد قدم استقالته و بالتالي تكدست الأعمال على كاهلي. كذبت مبررة موقفها
_ حقا ؟! هذا سيء اتمنى ان اقدر على مساعدتك في شيء . لكن لا تقلقي مؤكد سيحضرون غيره في اقرب وقت . استدرك مطمئنا اياها
_ اجل سيفعلون ! ايدته لتهدء لهنيهة عقبها سؤالها المفاجئ : جيمين هل تثق بي ؟ .
_ لما هذا السؤال فجأة ؟ طبعاً أفعل ! . اورد بصوت تمرد عليه القلق ليسال بدوره : هاني مالذي يحصل معك ؟
_ في الحقيقة .. لقد تمكنت من معرفة … الموضوع هو لا أعلم أنا .. سيطر التوتر على جسدها فما عاد دماغها قادرا على صياغة الجمل و لا احبالها الصوتة قادرة على اللدلاء بها . مظهرها المشتت اثار ريبة و قلق جيمين الذي قرفص مقابلا لها محاولا ارجاع جميل سبق و قدم من طرفها اذ قال مهدئا اياها : هانيول لا تقلقي فقط اخبريني بمشاكلك الم تقولي أننا اصدقاء ربما اتمكن من مساعدتك .
زفرت هواء صدرها جاعلتا من كستناتيها يقابلان محيط محجريه لتنطق : لقد عرفت قبل قليل انه لا عائلة لك جيمين .
_ عفوا؟! استفهم يكتم غصة حلقه
_ في الحقيقة .. ارخت جفنيها فما عادت قادرة على مواجهة الحزن الذي أحتاج بصره لتواصل موضحة : اسفة لهذا لكنك طوال السبع السنوات الفارطة كنت بمثابة فأر تجارب لفيروسات و تلاقيحها في المخابر الفيدرالية، قبل ثلاث سنوات من الآن جسدك لم يعد قادرا على التحمل اكثر و كردة فعل دخلت في غيبوبة قام خلالها عقلك الباطني بحياكة قصة تمنيت عيشها و جعلها في شكل ذكريات حقيقية بينما قام بمحو الاصلية و التي هي بالاساس مريرة . انهت شرحها مسببة نزول جواهر المقابل وقد اختل توازنه فجالس الأرض غير مصدق لما سبق و قيل له ، بعد عناء طويل استطاع كبح شهقاته ليهمس : هل هذا يعني أن كل ما عشته كان مجرد حلم جميل و أنا صدقته تماما كالابله . اورد ببرود وسط تساقط امطار مقلتيه السماوية . لمستواه كانت نازلة مربتتا على شعره في محاولة للقيام بعملها كطبيبة له : لست كذلك ، نحن مجرد منفذين لاوامر تلقيها ادمغتنا و ما حصل لك يمكن ان يحصل لأي منا ان عاش بنفس حالتك لذلك لا ترهق نفسك اكثر و ركز على علاجك يهذه الطريقة ستتمكن من المضي قدما ، كما انه ..
_ أريد البقاء وحدي من فضلك .. محافظا على نفس البرود و النظرة الفارغة طلب علها تلبي .
_ لكن …
_ لا تقلقي لن يحصل ما تفكرين به لم أبلغ من الياس المستوى الذي سيجعلني انهى حياتي بنفسي ، على الاقل ليس بعد ، اجاب على سؤال كان قد جال في خاطر هانيول راسما ابتسامتا متكلفة واجبها الطمأنة
_ تصبح على خير . ودعته باستسلام مغادرة حين ايقنت انه ما من مجال للمجادلة في حين ظل هو الآخر على حاله يجالس البلاط البارد وسط بياض الافرشة و الجدران ،
"" هل هذا حقيقي هل ما عشته كان مجرد حلم و إذا كان كذلك ما الذي يضمن اني اعايش الحقيقة حاليا ماذا لو لم اكن موجودا ماذا لو ان كلا الحلم و الحقيقة كانا حلما بحد ذاتهما لما اشعر بهذا الألم ساجن ، يونا احتاجك أين انت ، سحقا لك بارك جيمين أنت تنادي طيفا ليمد لك يد المساعدة ، بارك جيمين ، هل هو اسمي الحقيقي ، هل أنا الحقيقي هو نفسه أنا الحالم ؟ راسي راسي يكاد ينصهر""
هاته و ببساطة كانت الكلمات التي تتردد مرارا و تكرارا في عقل انسان شك في وجوده فغدى حائرا بين معاني الحقيقة و الوهم ، فكر كثيرا لكنه لم يجد حلا بتلك الليلة و الليلة التي تليها و لا التي تليها حتى انقطع عن العالم ، لم يعد يتغذي ألا عند حاجة جسده الملحة فخسر من الوزن ما جعل عضام قفصه الصدري تعد بالعين المجردة ، حتى انه عزف عن الكلام مع من ارهقتها محاولة اقناعه المتواصلة بالاكل و العودة الى جيمين ملاكها الصغير ، لقد تعبت المحاولة بحق .
يوم جديد لكن لا احداث تذكر الهدوء يسيطر على المكان لكنه لم يدم جراء تحرك الأقفال معلنة عن دخول احدهم و من سيكون غيرها هانيول . سارت بخطوات ثابتة حازمة نحو المنكمش على السرير لتردف بصوتها الرقيق : لنذهب ! مدت يدها معلنتا انتهاء مقالها ، ليقابها الأكبر بنظرات سائلة عن الوجهة جاعلا منها تبتسم مجيبة: الحديقة ، لقد خرج مدير المصحة و الممرضات في قيلولة لذلك فكرت في استنشاق بعض الهواء ، ما رايك ، الم تقل انك صممت رقصة ما أريد رؤيتك تؤديها . تلى كلامها سحبها له دون سماع رده ، سارا وسط الرواق المظلم كحال غرفته لينتهي بهما المطاف وسط حديقة بدت له الجنة رغم بساطتها ، رفع ذراعه الضئية يحمي محجرية من الاشعة القوية ، ليبدأ بارخائها رويدا رويدا مع مرور الوقت ، جال ببصره في المكان ، لحسن حضه ان السماء صافية و الجو دافئ مما اتاح الفرصة للعصافير لتخرج منشدة محتفلة تتناثر بانحاء السماء ، فرحته بهذا المنظر المتواضع جابت العالم فانطلق كطفل لا يتجاوز السادسة يركض هنا و هناك فتارة يرقص بخطوات متناسقا و اخر يلهو مع أسماك البركة أما عن هانيول فقد اكتفت بالجلوس على حافة الكرسي المهترئ ليجاورها ملاكها ما ان تخلل شعور التعب عضلاته المتشنجة
_ مالذي تفعلينه . هتف بنبرته الحيوية التي اعتادت عليها
_ أبحث عن عائلتك الم أقل اني ساجدها لك . اجابته معطية جل اهتمامها لهاتفها الصغير تنتظر تعلقيا أو ردة فعل منه لكنه اكتفى بالعبوس يولي الأرض نظره
_ ما الامر جيمين ؟ الست متحمسا لمعرفة اهلك لقد سمعت انك تنتمي الى عائلة معروفة اعتقدت انك ستفرح . بنبرة اجتاحها الاحباط شيئا فشيئا خاطبت صاحب البشرة الشاحبة ليجيبها بدوره جاعلا من صوته ينافس غيوم القطن رقة : الأمر ليس كذلك هانيول ، انه … أنا لم اعد أريد من أي شخص أي كانت هويته ان يشتاح حياتي من جديد ، لا أريد التعلق بأحد مرة أخرى في النهاية مالذي يضمن لي اني اعايش واقعا ماذا لو ان العائلة التي سأقضي ساعات في البحث عنها تكون هي كذلك مجرد حلم نسجه عقلي العقيم ماذا لو اني لم أستيقظ من غيبوبتي بعد، أنا خائف ، لا بل تائه ؟ ماذا أفعل ؟!
كلماته لم تكن مجرد احرف تعبر عن دواخله على الاقل بالنسبة لها، صوته الحزين , جواهره المجتمع عند اطراف جفونه ، وجهه الشاحب و حتى يديه الهزيلة التي لفت رجليه الحافية المنكمشة عند صدره ، بالنسبة لهانيول كانت لوحة رسمها امهر فناني المجرة لوحة تنزلت فيها البراء مختلط مع اسمى معاني الجمال و الطيبة خالقة هذا الكائن، خالقة جيمين خاصتها التي سعت جاهدة طوال الاشهر الفارطة ان تجعله زهرة يانعة وسط اشواك الجشع صغيرها الذي حمته نطق باحرف اخترقت قلبها مخلفة الما جامح جاهدت لاخماده بابتسامة مصتنعة، تحمحمت تكسي صوتها حنان و دفئا لتنطق بعد تأمل دام طويلاً : اتعلم أيها القصير أنت تذكرني بنفسي عندما كنت صغيرة . مازحته تحاول تغيير الجو .
تلاشت افكاره فجأة بسبب استحواذها على تركيزه فرمقها بنظرات متسائلة فضولية استطاعت من خلالها أخذ الأذن لتكمل حديثها : في صغري حلمت طويلا ان أكون طبيبة نفسية ، حلمت و حلمت الى ان غدوت مهووسة بهذه المهنة امثلها صباحا و أكتب عنها مساء و احلم بها ليلا ، في ليلة صيفية غاصت بي مخييلتي الى عالم تحقق به مرادي كنت اعالج هذا و احادث ذاك الجميع يهتف باسمي و لكن كما هو معهود فأن ساعات النوم معدودة و ان طالت استيقظت دون رغبتي عابسة لانه لم يكن ألا حلم كسابقه زغم اني تعايشت معه ،حينها تقدم أبي و اخبرني ان الحياة ما هي ألا حلم جميعنا نبدئها بكلم اتمنى و بيدنا نحن ان نجعل هذا الحلم حقيقة كما لنا الاختيار في تركه على شاكله لا بل و جعله كابوسا يكون مصدر الامنا ، أنا اخترت الطريق المشرق و ها أنا الان امامك لقد جعلت من طيف الدكتورة لي حقيقيا.
ابتسامتها المزيفة غدت شيئا فشيئا اكثر صدقا و اتساعا خاصة بعد ملاحظة انسجام المقابل مع قصتها ليباغتها بقفزة واقفا أمامها مبرزا لألأ فاهه : لقد فهمت .
_ مالذي فهمته ؟.
_ فهمت انك أفضل طبيبة على هذا الكوكب ، لا أعلم ما السبب لكن كلامك انار محيطي و رسم طريقي ، شكرا لك هاني ، اورد مقوسا ظهره ليجابه طول الماكثة ثم بين ثانية و أخرى اصبحت ملامحه تحمل من الجد و الحزم ما يقتلك إثارة : دكتورة لي الحقيقة و ليس الطيف، هل تقبلين أن أكون مريضك الودود . باستقامة و يد خلف ظهره مقلدا نبلاء العصور الوسطى خاطبها لتقهقه على تصرفاته المجنونة محاولة اخفاء ذرات الحمرة المنثورة على وجنتيها خجلا، وقفت بدورها لتسحبه نحو الداخل مجيبة : طبعا اقبل سيدي النبيل لكن الآن علينا الدخول قبل خروج الشياطين لدورتهم المسائية .
هكذا فقط مضي اليوم المشمس ، مرت فترة طويلة منذ ذلك اللقاء جيمين يتعالج بشكل جيدا اذ تقبل حقيقته و تعايش معها ، أما عن هانيول فخافقها غدى غير متحكما في نبضاته كلما وطأت قدمها تلك الغرفة مشاعرها المتداخلة ارهقتها لكنها دائما ما تكذب نفسها معاتبة متناسية .
حل الربيع بعد شتاء قارس وهاقد حان موعد عطلة طبيبتنا ، لم ترى والديها لفترة تتجاوز الثلاثة أو الاربعة أشهر نظرا لبعد مكان العمل عن بيتها لذلك فمن حقها ان تخصص يومين ان امكن لحياتها الشخصية بعيدا عن الحقن و مشاكل المرضى ، ربما كان هذا المعقول و المحتمل من قبل أي طبيب اليس كذلك ، لكن ليس مع هذه الفتاة على ما اعتقد ، رغم وجُدها وسط احبابها ألا ان عقلها كان شاردا يفكر في ما وراء ابواب مصحة العجائب تلك ، احست بأن شيئا ما يناديها تريد البقاء لكن الرحيل كذلك ، تشعر بالبهجة لكن بالاختناق في الحين ذاته ، لم تقدر على اخماد هذه الاحاسيس لتركب سيارتها بعد مضي يوم وحيد منطلقة نحو ذلك الجحيم تدعوا خالقها ان يكون بخير ،
اعتقد ان قصتنا طالت و من حقكم ان تفهموا ما يحدث . صحيح؟
انصطو إذا ، قبل ثلاث اسابيع من الآن تمكنت هانيول، عن طريق سماعها بالصدفة لمديرها ،من معرفة نوايا عائلة بارك أي عائلة جيمين و بالتحديد عمه الذي باع ابن اخيه اليتيم الى المخابر بعد اتهامه بالجنون حيث أن الأكبر قد قام بتلفيق جريمة فحواها محاولة القتل العمد لابن اخيه رغم انه لم يتجاوز الثمانية سنوات ، فما كان من السلطات ألا ان أقود ذلك اليوم المسكين نحو إحدى المصحات تحت اسم المختل و من هناك تم انتقائه كافضل فأر لتجارب إحدى المختبرات الفديرالية طبعا تحت موافقة عنه الذي أعْمِي بصره بمال أحبه الموروث
اعتقد انكم توصلتم الى سبب خوف هانيول ! تماما لقد سمعت السيد كانغ أو مديرها و عم ملاكها الصغير يتفقان على قتله ، هي طبعا لم تخبره خصوصاً و انه تفادى صدمته الاولي بشق الانفس لن تلدغ من نفس الجحر مرتين !
حذرته من تناول الطعام الذي سيقدموه له و استبداله باخر معلب سبق و اعطته له كما نصحته بتناول مضاد لادويتهم المسمومة التي ربما قد يحقنونه بها . هل سيفعل يا ترى؟
صوت الفرامل صدح في ارجاء الحديقة المهجورة ، نزلت بخطوات متسارعة غير مهتم بخلو الجو المريب ، اقتحمت الغرفة المفتوحة بقلب خافق و روح داعية بالخير : زيوس خاصتي ! هتفت بصوتها المرتعش مسمعة حيطان الغرفة ، تجاوزت عتبة الباب الرمادي العملاق عندما لم تتلقى مرادها تسير نحو باب الحمام منادية بصوت ينذر بالبكاء : جيمين هل انت هنا ؟ سادخل !
وسعت فتحت الباب لتدلف و تمنت لو انها لم تفعل ، منظره ارجف نسيج جسدها المصفر لتهرول راكعة امام الحوض الصغير الأبيض صارخة باسم ملاكها الصغير محاربة غصة حلقها و ارتعاش اناملها البارز: ج.. جيمين ، جيمين ماذا حصل لك ، صغيري انظر الي ماذا فعلو بك ! لما اصبحت بهاته الحالة. اوردت مظهرة ماء عينيها لاول مرة أمامه ، امام من اكتسح الشحوب الرهيب بشرته القانية و احاطت الهالات المعتمة غيمتا جفنيه، سماء عينيه الصافية غدت ذابلة مرعدة ، حرك جسده انشا لتصدر المياه التي اغرقت كيانه الضئيل نغمات رثاء على حاله المزري، برجفة همس : انت هنا ! ظ..ظننتك رح.لتي مثلهم ،شكرا لحضورك، اورد بصوته المتقطع جراء اصتكاك أسنانه بردا لكنه رغم ذلك اجبر شفتيه على الابتسام : اعتقدت انني تغيرت و ساجعل الحلم حقيقة لكني كنت جاهلا ان الخطأ لم يكن خطئي إذا اتضح لي ان الحياة هي التي تابى استقبالي فصدتني بكافة الطرق ، افرج عم ما يكتمه صدره بضيق سامحا لمحجريه باهدار مائهما المالح الذي اختلط مع مياه الحوض المثناثرة على محياه ليواصل بصوت اغتصبه الضعف و اليأس : ا..اعتقد انه حان الوقت للاستسلام ، حان الوقت لاترك الأحلام و الكوابيس لاصجابها اليس كذلك . قفل نصه باستفهام مهدرا ما تبقى من طاقته في تحريك راسه لتلتقي اعينهم الدامعة ، دون كلمات أو احرف مضت الثواني ، فقط الارواح هي من تتخاطب و اعتقد ان خطابها ازعج المقرفصة حيث مسحت دموعها بخشونة لتقف بثقة صارخة : لن يحدث لك شيء افهمت ، صحيح ان قدرنا محتوم لكننا من نختار مصيرنا لذلك اياك و ان يكون اختيارك الموت لأنك عندها لن تزهق روحك فقط جيمين ، لوهلة غادرت تلك الثقة صوتها ليرتعش منذرا مرارا ببكائها القادم لكنها سرعان ما تداركت الوضع لتحيط منكبيه بذراعيها مساعدة اياه على الخروج من الحوض و من المكان المهجور أجمع ،
اعتقد انهم اتموا جريمتهم ليفروا هاربين
، تلك الحيطان و الاسوار لم تكن يوما بمصحة انما هي اقرب بما يكون الى ملجئ ابليس على سطح الارض . خطوة بخطوة مسندة اياه في محاولة للخروج رغم احساسها بالتعب واصلت . لكنه لم يقدر قواه خارت و السم تغلغل في عروقه ليطارح الأرض بمحيط اسود شيئا فشيئا ثم غذى بغتتا أبيض ناصع يصيب الأعين بالعمى . ثوان ليبدأ ما حوله في الاتضاح مجرد حدود و نقوش لكن البياض لم يزل ، مهلا هل كان ذاك سقفا مطرزا بالجبس ، حدق مطولا ليخترق مجال رؤيته طيف لطالما حببه قلبه ، ابتسم لا اراديا متأملا ملامح الوجه الذي كان سينساه للابد .
متحديا لخمول جسمه و الم عضلاته جلس ساحبا الباكية بين ذراعيه ناعما بحضن اخمد من خلاله نيران شوقه المتقدة لينطق متناسيا جفاف حلقه : بين الوهم و المثل تارجت فكنت لي وطنا اويت له ، جنتي التي سقتني امانا و حبا ، حلما كنت ام حقيقة ابقي فقد استوطن طيفك قلبي فاصبحتي عالمي … لي هانيول …كوني مجرتي و سأكون النجوم …. احبك … "
ان الانسان إذا ما واجه مشكلة او مصيبة ما ، ادركه اليأس و العجز سريعافيغدو مفكرا في الرحيل ، لكن ماذا لو فكرنا بطريقةمختلفة، ماذا لو صدقنا ان لكل حدث في حياتنا صغيرا كان أم كبيرا، جيدا أم سيئا فان له دورا في بناء سعادة تنتظرنا في أحد اركان مسيرتنا في النهاية لا فرح بدون حرن
فقط امنوا بالله و تحلوا بالصبر
شكرا على المتابعة
الوان شوت الاحب لقلبي تم لا أعرف إن كان ناجحا أم لا فهذا يعتمد على ارائكم
ساسعد باي نقد يمكن ان يحسن من مستوى كتاباتي
شكرا مجددا
دعمكم يسعدني
الى اللقاء
☺️☺️
Коментарі