Oneshot
||To Alaska airport||
Oneshot||vkook
ملاحظة : الون شوت خالي من الشذوذ + الونشوت غير مدقق
لا تنسوا الفوت والكومينت ❤
_______________
طبقات الثلج الهشة والسميكة تتكدس فوق بعضها البعض ... الارض منبسطة يغطيها البياض على مد البصر ...وتنبثق الاشجار من تحتها لتعلوا في السماء و قد غُطي لون اوراقها الاخضر بفعل كريستالات الثلج البيضاء التي تراكمت عليها ..
الجو كان صافيا من دون تساقط للثلوج أما الشمس فكانت تظهر في منتصف السماء تشع بنورها في المكان ....كان الهدوء هو قانون تلك الجبال ...لا يجرؤ أحد على كسره ابدا
تترامى البيوت على مسافات بعيدة بالكيلومترات , في هذا المكان يعيش في كل منزل اربع او خمس افراد والبعض قرروا الشذوذ عن الاخرين ليعيشوا لوحدهم في بيوتهم يقومون بأعمالهم الروتينية بهدوء ..و يتحملون مشاق حياتهم تلك بصدر رحب فرغم صعوبتها إلا انهم احبوها ...فقد وجِد حبهم لموطنهم مذ كانوا في بطون امهاتهم ......
الاسكا وكما تعرف ببرودتها و دفء قلوب قاطنيها كانت كبيرة جدا ...ذات مساحات شاسعة من الثلج الذي يستمر طوال العام ...تحوي في احد اجزائها على مطار صغير يستخدم لنقل البضائع و المواد بين سكانها و احيانا لنقل السكان عند اقربائهم لزيارتهم .....
كان يوم ال١٩ /نوفمبر من سنة ٢٠١٥ عندما خرج الشاب جيون جونغكوك من منزله الذي يتوسط بقعة مسطحة مكشوفة خالية من الاشجار...والذي كان يعيش فيه لوحده
...هو خرج من منزله قبل وقت غروب الشمس بساعتين ليتجه لمطار المنطقة ليستقبل صديقه الذي سيزوره بعد فراق ثلاث سنوات بسبب المشاغل والمسافات بينهم ...كان عليه الوصول للمطار خلال ساعة ثم العودة مع صديقه قبل غروب الشمس
..فلا احد فالنهاية يرغب بالبقاء في العراء لوحده في سيارته ليلا في الاسكا ..
استيقظ جونغكوك في الصباح الباكر قبل طلوع الشمس كالعادة .... خرج من كوخه ليقوم بتقطيع الخشب و إنجاز بعض الاعمال الروتينية ...أعد لنفسه كوبا من القهوة المرّة بعد ان أنهى أعماله التي كانت لتكون صعبة عليه لولا جسده الذي كان يساعده بالقيام بها بسهولة ... جلس امام النافذة ذات الاطار الخشبي يراقب الثلج المتكدس بالخارج ...
خرج بعدها من منزله البسيط ليصعد سيارته و ينطلق في طريقه الطويل وهو يدندن ببعض الالحان ... جونغكوك كان شابا هادئا و يحب العزلة إلا انه يمتلك عددا جيدا من الاصدقاء .. و سمعته في المكان جيدة فهو لا يرفض مساعدة من يطلب عونه أبداً لذا الجميع يحبه .... في النهاية جميع سكان تلك المنطقة كالعائلة رغم تباعد المسافات بينهم .....
كان يقود على الطريق الذي اختفى تحت بساط الثلج يركز انظاره امامه وبين الفينة والاخرى يتوقف للتأكد من طريقه بالخريطة التي بحوزته ...رغم انه يعيش لوحده منذ خمس سنوات فقط إلا انه خبير في المنطقة بشكل جيد...لكن على المرء ألا يغتر بقدراته فالطبيعة غدارة ....
امضى نصف ساعة وأكثر في القيادة في ذلك الجو الهادئ قبل ان يصدر صوت مرتفع من مقدمة السيارة تلاه توقفها و صعود الدخان من مكان المحرك .....بقي جونغكوك في مكانه ينظر للدخان للحظات قبل ان يترجل من مقعده مسرعا ليفتح الغطاء الذي يغطي المحرك ....
ما إن فتحه حتى اندفعت غيمة من الدخان الاسود في وجهه ليبتعد وهو مغلق العينين يسعل و يحرك يده في محاولة لإبعاد الدخان عنه ....
عندما رأى أن الوضع سيء و قد يزداد سوءا إن نزل ستار الليل وهو في مكانه ....كشف عن ساعديه بعدما خلع سترته الطويلة التي كان يرتديها لتسهُل عليه الحركة ...ثم بدأ في محاولته لإصلاح العطل الذي لم يعرف ما سببه وقتها..
مضى الوقت و لم يتغير شيء سوى ان وجهه ازداد اسودادا بفعل الدخان والزيوت التي كانت تلطخه كلما لامسته يداه...
لم يكترث لذلك او لقطرات العرق التي تشكلت على جبينه رغم برودة الطقس ...هو فقط يحاول ويبذل جهده لإصلاح ما بين يديه فكما علم بعد مراجعته للخريطة هو بالفعل قد قطع نصف المسافة الا ان هذا لا يعني انه بإمكانه اكمال النصف الاخر سيرا على الاقدام....
تنهد وحاجباه قد انعقدا ليرمي المفك الذي في يده ليصطدم بالسيارة ويهوي على الارض ....تحرك في مكانه بحركة دائرية وهو يضع كلتا يديه على خاصرته يفكر في حل آخر ....لا يعلم ما سبب هذا العطب الذي حل بسيارته فهي مليئة بالوقود كما علم عند تفقده لها. . .ازداد سرعةً في حركته تلك يدور في دوائر تارة وأخرى يتوقف ليدلك ما بين عينيه ليزيد من انتشار ما يلوث يديه عليه ....
توقف بعد ان شعر بالدوار ليصعد للسيارة و يحاول تشغليها رغم علمه بفشل محاولته ....ضرب المقود بعد عدة محاولات و أنزل رأسه ليحط عليه بينما اغمض عينيه في تعب .....مضت دقائق وهو يحاول اتخاذ قراره ...نظر للساعة فوجد انه لم يتبقى للغروب سوى عشرون دقيقة ....تنهد للمرة المئة ثم عزم على قراره بعد التفكير بالأمر ...قرر البقاء لهذه الليلة في سيارته ...هو يعلم انه يخاطر فبرودة الجو قد تكون السبب في موته في هذا المكان وقد لا يعثر على جثته الا بعد ايام ....
ترجل من السيارة مسرعا ليجهز لليلته هذه بعدما قام بتنظيف يديه و وجهه ..كان المكان الذي هو فيه يحوي بعض الشجيرات الجافه ذات الاغصان القليلة ....بدء بجمعها ليشكل كومة متوسطة الحجم ويشعلها بعود ثقاب من علبة كانت معه ....
جلس بالقرب من النار يشاهد شعلاتها وهي تتراقص في مشهد جميل ...ملامح وجهه هدأت وانسل الغضب منها ...عيناه سرحتا فيما امامها ...بضع ثوان كانت كفيلة ليتسلل كم هائل من الذكريات لتعرض امامه ...
امتلأت عيناه بالدموع فقام بمسحها بكف يده اليمنى و ابتسامة منكسرة ظهرت على شفاهه ..بضع شهقات متمردة خرجت من بين شفتيه المرتجفة ..وازدادت اثناء محاولاته لمسح دموعه التي أبت التوقف لتلطخ وجهه ...ازداد احتضانه لقدميه اللتين يضمهما لصدره ...حاول طرد تلك الذكريات من عقله ..
فجأة كل شيء تلاشى واختفى ليرفع رأسه و دموعه لم تكف عن النزول بعد ...كانت النار قد انطفئت لينتشل منه ذلك الدفء الذي كان يحيطه ....تنهد ثم قام من مكانه ليصعد للسيارة و يحكم اغلاقها و اغلاق نوافذها ...اخرج كيس نوم كان يعتاد وضعه معه في السيارة حتى لو لم يحتج لاستخدامه ..الا انه بحاجة ماسة له الان ....
دخل فيه ليستلقي على الكرسي الخلفي في السيارة يضم قدميه فالمساحة صغيرة لجسده الكبير ..اغمض عينيه بتعب ثم حاول تعديل طريقة موضعة رأسه على يده التي ثناها اسفله
الشمس بدأت بالغروب بالفعل ... وقتها هو لم يكن يملك الرغبة بالبقاء مستيقظا ..هو حاول اللجوء للأحلام علها تخفف عنه من آلام ذكرياته ....تلك الذكريات التي جعلته يعيش لوحده ...
تسلل النوم له كزائر مرغوب ليدخله عالم أحلامه الهادئ غالبا ..وأخر شيء رآه من ذكرياته كان ابتسامة طفلة صغيرة ظهر فيها صف اسنانها العلوي , كانت ذات شعر طويل اشقر انسدل على كتفيها ...ربما صورتها تلك هي التي جعلته يبتسم و هو نائم ..لكن ابتسامة منكسرة لم يفارقها ارتجاج جسده بشهقات حاول كتمها كي لا تزيد المه...
مضت ليلته هادئة ..كان يستمر خلالها باحتضان اطرافه لعل حركته تلك تدفئه قليلا ...
جونغكوك كان يعيش قبل خمس سنوات في منزل عائلته التي تدير أحد المطارات الصغيرة على أطراف الاسكا ...كان يقوم بمساعدتهم عن طريق قيادة الطائرة احيانا و احيانا اخرى بالعمل في ادارة الرحلات مع والدته ....
في احدى المرات وفي الوقت الذي يكون فيه المطار مزدحما بالناس الذين يودون زيارة اقاربهم ...كان وقت الاحتفالات العائلية من السنة .
امتلأت جميع الطائرات الثلاثة المخصصة لنقل الركاب وبدأت الاقلاع وقبل خروج الاخيرة دخلت امرأة شابة لغرفة الحجز وهي تلتقط انفاسها بصعوبة بينما كان زوجها وابنتهما قد وقفا خلفها ...
كانت متأخرة والاعداد قد اكتملت بالفعل لذا قررت والدته بأنه على تلك المرأة تأجيل رحلتها ...لكنها رفضت بحجة ان والدتها مريضة جدا وتحتاج عونها بشدة.....بعد تفكير دام لدقائق كان فيها المطار قد خلى من طيارات الركاب بالفعل ...
قررت والدته ارسال تلك المرأة بطيارة نقل المؤن والبضائع التي كان يقودها جونغكوك...وافق الاخر و ذهبت تلك المرأة معه وجلست في المقعد الذي بجانبه اما الاخر و قبل صعوده الطائرة تلقى حضنا من تلك الطفلة الصغيرة ذات الشعر الاشقر الطويل لتودعه طالبة منه الاعتناء بوالدتها ...هي ودعته بابتسامة ...لكنها لم تستقبله بمثلها عندما عاد..
في ذلك اليوم تعرضت طيارة جونغكوك الى رياح شديدة واجواء سيئة لم يكن لها حسبان انتهت باصطدام الطيارة بعد فقدان جونغكوك السيطرة عليها بأحد الاشجار العالية التي تمتلئ بها المنطقة ....كان الحظ حليفه ليعيش لكنه لم يكن كذلك مع الاخرى ...فقد توفيت قبل وصول الاسعاف لهم نظرا لبعد المسافة التي كانوا فيها ...هي ماتت واخر شيء نطقت به
( اعتنوا بابنتي )
.
.
فتح عينيه يشعر بمسمار حاد يضرب رأسه ..استقام من مكانه ليجلس و هو يضع كلتا يديه على رأسه ...بقي كذلك لدقائق ثم قام من مكانه لينظر من النافذة بجانبه ....كان الثلج يغطي كل شيء كالعادة ولكن بارتفاع أعلى ...جراء سقوط الثلوج البارحة اصبح من المستحيل تحريك سيارته التي دفن نصفها تحت الثلج ...
نهض ليفتح الباب بصعوبة بعد دفعه له بضع مرات ...خرج ليخطوا خطواته بتأرجح بسبب هشاشة الثلج اسفله ...نظر من حوله و يبدوا انها كانت عاصفة سيئة فقد تغيرت تضاريس المحيط الذي هو فيه ...حتى بات يجهل اتجاهه ...نظر لساعة يده فوجدها تشير لل 7:30 صباحا ...
تنهد بألم على حاله ليرتدي سترته و يخرج احذية الثلج من صندوق السيارة و يضع كيس النوم في حقيبة ليحملها على ظهره بالاضافة لأعواد الثقاب و قنينة ماء كان قد احضرها معه البارحة ...
اخذ الخريطة التي تركها الليلة الماضية على مقعد السائق ليفتحها فوق السيارة من الامام ...نظر لها وحاول ان يجد طريقه ... كان عليه السير في طريق مستقيم نسبيا حتى يواجه تلة مرتفعة يختبئ المطار خلفها....ابتسم رغم صعوبة ما عليه فعله .....
رفع حقيبته ليرتديها على كلتا كتفيه و يبدأ مسيرته في هذا الدرب الابيض الناصع ...
.
.
مرت ساعة ثم اثنتان وهو على ذات حاله يسير دون توقف ..رغم ان ساقاه كانتا تتوسلان له ان يتوقف ولو قليلا ...هو لم يهتم بل استمر بالسير لانه يعلم انه ان لم يصل قبل غروب الشمس هذه المرة سيكون وليمة دسمة للذئاب التي تقطن في المكان ..
ابتلع ريقه بصعوبة عندما فكر في كيف ستكون نهايته إن لم يسرع ..
كان يتعثر بخطواته بين الفينة و الاخرى و يشعر بأطراف يديه و قدميه تتجمد لبرودة الجو ..وكما حال وجهه الذي وجَدت بلورات الثلج المتشكلة مكانا على حاجبيه وانفه ورموشه ....
.
مضت الساعات وهو يقطع الكيلومترات دون توقف حتى رق قلبه على حاله قليلا فقرر ان يرتاح لبضع دقائق ثم يكمل ..
توقف عند تل صغير عليه بضع صخرات كبار ليستند على احداها بظهره...تنهد وتعابير وجهه تقلصت بألم ...
انحنى قليلا ليصل بيديه لقدميه ليخلع حذائه فشعوره بان قدماه ليستا بخير كان يأكله ... بالكاد استطاع فك رباط الحذائين لينزعهما و آهات وأنين محبوس كان يخرج من شفاهه ...
امسك بالجوربين ليزيلهما لكنهما كانا ملتصقين بجلده جهة اصابع قدميه ...نزلت بضع دمعات من عينيه تعبر عن ألمه ...ازالهما في النهاية بصعوبة ...كانت اطرافه بارده كالثلج والونها انقلب للأزرق ..هذا لا يبشر بالخير ...حاول جونغكوك بأسى فركهما و محاولة تدفئتهما لكن ذلك لم يساعد كثيرا ....تنهد مرة اخرى ثم ارجع رأسه للخلف يتنفس بضعف والم ...
لم يستطع البقاء اكثر في مكانه فاستقام بعدما ارتدى حذائه مرة اخرى رغم المه ثم اكمل طريقه رغم تعثره في خطاه ....
كانت الساعة قد تعدت ال 2:00مساءا وهو يكافح للاستمرار بالسير حتى هدفه .... توقف ليعيد فتح الخريطة التي بين يديه وينظر لتلك الخطوط التي تشابكت فيها ....هو كان يركز انظاره على احداها ... ابتسم رغم تعبه عندما علم انه لا يفصله عن هدفه سوى بضع مئات من الامتار ....
هو سارها متجاهلا كل شيء وكأن دفعة طاقة قد تدفقت في عروقه ...سار بأمل يشعر بأن ألمه اوشك على ان ينتهي ...
لكن ليس كل ما تشتهيه النفس تدركه فما إن امتثل امام ذلك التل الكبير وبدأ يصعده بلهفة ...وعندما وصل لأعلاه ....
فتح عيناه على وسعهما ...وانسلت تلك القوة التي دفعته للمضي لهذا الهدف المتلاشي من جسده ....انخر ساقطا على الارض اسفله لا يقوى على المزيد من الحركة ..الدموع نزلت من عينيه لتلسعه عند ملامستها لوجهه البارد ...
جال بأنظاره المكان يكذب ما رأت عيناه ...كان وادي فارغ من الحياة من استقبله ....لم يكن للمطار وجود فيه ...
فكر بأن الامر مستحيل فكيف لمطار كامل ان يختفي ؟ ...
لم يكن بمقدوره فعل شيء سوى انه امسك الخريطة مرة اخرى يعيد النظر في الطريق الذي سلكه ....فكر انه ربما اتخذ حركة خاطئة اثناء سيره غيرت طريقه...
انزل رأسه للأسفل بألم وأحباط ...ليس لديه العديد من الخيارات في حالته تلك ..إما البقاء مكانه والموت او انتظار المساعدة هذا ان لم تتأخر او أن يكمل سيره ..لكنه بالفعل فقد كل طاقته لذلك ولم يعد قادرا على اكمال الطريق ..فهو بالكاد يحرك عضلاته المتجمدة ....
.
بقي بمكانه لنصف ساعة ربما ..تلفحه الرياح الباردة ...لكنه لم يكترث لها ...
بعد جلسة الاحباط تلك حمل شتات نفسه من مكانه و وقف ينظر حوله يبحث عن مكان يستطيع المكوث فيه حتى موته او وصول المساعة له ...
كان على بعد بضع عشرات امتار جبلان متوسطا الحجم يفصل بينهما سيق صغير ....
عزم على البقاء فيه لذا بدأ السير مرة اخرى ...
وصل لهما بعد عناء طويل , كانا مرتفعين جدا من منظوره في اسفلهما ...
دخل لذلك السيق و ضوء الصباح بدأ يتلاشى كلما تعمق فيه اكثر ...
لم يكن المكان اقل برودة من غيره فالهواء يتجمع فيه ويمر مصدرا اصوات مزعجة و مخيفة قليلا ...لكنه لم يهتم .
كان قد قطع ربع المسافة و هدفه كان نصفها قبل ان يتوقف وحاجباه قد انعقدا يشك فيما يسمع ...
شعر بالقشعريرة تسري في جسده كاملا ..لكنه حاول تكذيب ذلك ...صوت لشخص يبكي وشهقات مكتومة قد رافقته..
نظر حوله يحاول معرفة مصدر الصوت لكن للأسف الصوت كان ينتشر في كل مكان ..
انزل حقيبته من يده ثم خلع القبعة الصوفية التي كان يرتديها حتى يستطيع السمع بشكل افضل ...
لكن ذلك لم يفد ايضا ...قرر تجاهل الامر فربما يكون حقا بسبب الرياح لذا اكمل مسيره ...لكنه لم يكد يخطو البضعة امتار حتى توقف وعيناه قد اتسعتى ...
نظر لحقيبة سوداء كبيرة برفقة حبال مرمية بجانبها ...كان الثلج قد غطاهما تقريبا لكن لون الحبال الاصفر كان واضحا ليستطيع رؤيتهما ....
كانت حبال تسلق ....
اقترب من الحقيبة ليفتحها ...كانت فارغة إلا من كيس نوم وزجاجات ماء فارغة ايضا وبعض معدات التسلق اخرى
..تنهد لانه لن يستفيد من اي شيء منها غير الكيس لذا ترك الحقيبة و التف ليكمل سيره بعد ان اخرج الكيس و وضعه في حقيبته التي على ظهره ...لكنه توقف مرة اخرى لكن هذه المرة كان يقسم انه لم يهيأ له سماع ذلك الصوت فهو كان واضحا جدا ويصدر من خلفه على بعد قليل بنطق كلمة
( انتظر ) متقطعة الاحرف ....ابتلع ريقه بصعوبة وانفاسه تسارعت قبل ان يلتف لينظر خلفه ...
فتح فاهه مفرقا بين شفاهه عندما قابلت عيناه رجلا يتكور على نفسه على بعد ثلاثة امتار منه مرتكزا على جدار الجبل ...كان الثلج يغطي كتفيه و رأسه و تختفي ملامح وجهه المدسوس بين قدميه التي يضمهما لصدره ....
تقدم جونغكوك من الاخر بارتباك حتى لم يعد يفصلهما سوى بضعة خطوات قليلة فحسب ...
رفع الذي في الاسفل رأسه ليفتح عينيه المغلقة ناظرا للاخر ...بمجرد ان رأى الذي يقف حتى ابتسم وكانت عيناه قد بدأت تمتلئ بالدموع المالحة مرة اخرى ....
تحدث جونغكوك بعد ان انتبه انه اطال النظر في ملامح الاخر التي كان يبدوا عليها التعب الا انه لم يخفي جمالها ...فقد كان الذي يتكور على نفسه يمتلك ملامح وجه اقسم جونغكوك انها الاجمل من بين جميع الملامح التي رآها خلال حياته ..... قال في ارتباك وبعض السعادة.. ربما لانه وجد من يؤنسه في وحشه هذا المكان ( من انت ؟ ولما انت هنا ؟ ) ...
لم يجبه الاخر بالكلمات ...ربما هو لايقدر ...لكن ابتسامته اتسعت و دموعه قد ملأت وجهه كما احمرت عيناه ..هو كان يبكي! ...
جونغكوك كان مصدوما لا يجد سببا لكل هذه الدموع ...لكن كلمات الاخر التي خرجت من فمه اخيرا ربما عذرت تلك الدموع ....( ظننت انني ساموت لوحدي ) انهاها بازدياد هطول دموعه ....
جونغكوك المسكين وقتها كان بوجه خالي من التعابير ...ظن انه وأخيرا سيستطيع الخروج بمعاونه الاخر الذي يشاركه الحال ...لكن الاخر احبطه بكلامه ...أهو سعيد لأنه لن يموت لوحده !؟؟ ..
فكر جونغكوك في المغادرة وترك الاخر الذي على ما يبدوا لا يفكر في النجاة وانقاذ نفسه حتى ...
لكنه عدل عن تلك الفكرة فهو ليس بلئيم لهذه الدرجة ليتركه يموت وحيدا ...على الاقل سيجبره على مساعدته في محاولة النجاة ..
تنهد بقلة حيله ثم جلس بتعب بقرب الاخر .... بعد مضي دقائق من الصمت ...ربما لانهما لا يملكان القوة للحديث حقا ...
لكن جونغكوك قرر الحديث مع الاخر لعله يحسن انطباعه عنه ...( انا جيون جونغكوك ..وأنت ؟ )
التفت الاخر له ليتحدث بصوته المنخفض ..ربما بسبب تعبه ..( كيم تايهيونغ ) ...نظر جونغكوك له بتعجب ثم اردف بصوت اشبه بالهمس (همم اسم جميل ) هو قالها بينما كان ينظر للجالس بجانبه بشرود ...كان انفه محمرا ..ربما بسبب البرد او كان بكاءه قبل قليل السبب هو لم يعرف حقا ...و عيناه كانتا محمرتين واطراف رموشهما قد التصقت ببعضها البعض بواسطة دموعه عند طرفيها ...
بقي يحدق فيه قليلا من الوقت حتى بدأ الاخر يرمش بتتابع بشكل غبي امام الجالس بقربه .... جونغكوك وقتها انتبه انه اطال النظر ليزيح عينيه عن الاخر ويخفف توتر الجو بسؤاله ( كم عمرك ؟ ) اجاب الاخر وهو يعود لتكوره حول نفسه
( ٢٨سنة وانت ؟ )
رد الاخر ( ٢٦ ..اذا انت الاكبر هنا ! )
ابتسم كوك رغم برودة المكان ثم اكمل حواره الذي ربما شعر انه يدفئهم بطريقة ما...
( لما انت هنا؟ ) ...
نظر تاي للأصغر بنظرة ساخرة ثم تحدث
( لأتسلق الجبال ربما !)
رد عليه كوك ب ( ها ! ) متعجبة ظنا ان الاخر يسخر لكن الاكبر اكمل
( ربما هذا كان سبب قدومي الى هنا في صباح البارحة ) ...شدت كلماته فضول جونغكوك ليحثه على المتابعة رغم تعبهما ( هل اتيت للتسلق لوحدك ؟ و كيف انتهى بك الامر هكذا ؟ )
..تنهد تايهيونغ ليتحدث بصوت منخفض اكثر اقرب للتذم (( انت كثير الاسئلة ) لكنه لم يتوقف رغم انزعاجه الطفيف فأكمل ( قدمت صباح البارحة مع مجموعة من اصدقائي كنا فريقا من ستة اشخاص قدموا للتسلق ...لكن اثناء تسلقنا لإحدى الجبال حدث انهيار في احدى اجزاء الجبل
....استطعنا تفاديه جميعا حسب ظني لكنه ادى إلى حدوث صعوبة في الرؤيا بسبب جزيئات الثلج التي ملأت الهواء جاعلة من الجو شبيها بالضباب ....قررت التزام مكاني بجانب احدى الصخور ...)
قطع كلامه بتنهيدة طويلا ثم اكمل
( لكن بعد ان تحسن الجو واتضحت الرؤيا لم استطع ايجاد احد منهم بالقرب مني ...ولم استطع البحث عنهم لحدوث التواء في كاحلي ...ربما غادروا بعد بحثهم عني وعدم ايجادهم لي ....) انهى كلامه الذي كان ينخفض صوته اكثر كلما شارف على انهائه ثم أشاح بناظريه للجانب الاخر
..ربما عاد للبكاء فصوت شهقاته المكتومة عاد و كتفاه ارتجفتى معه ...
شعر جونغكوك بالحزن على الاخر فأن تشعر بأنك وحيد لا تمتلك القوة على انقاذ نفسك له شعور سيء ...هو فقط لم يفكر كثيرا ليسحب الاكبر بيديه لحضنه ...الاخر لم يقاول رغم انه كان مصدوما من فعله الاصغر الغريبة ....
كانت يد كوك تشد على ظهر تاي والاخرى تربت على رأسه ....داما على ذات الوضع يشعران بالراحة والامان اضافة للدفء الذي كان يرسله ذلك الحضن لجسديهما المتجمدين ....
فصل تايهيونغ العناق حتى لا يبدوا الامر غريبا اكثر مما هو عليه ..لم ينظر في عيني الاصغر حتى ...
تحدث كوك بعد مرور بعض الوقت ( ماذاسنفعل الان ؟ )
قطب تاي حاجبيه يعيد تكرار تلك الجملة في رأسه حتى استطاع فهمها بشكل جيد وليس كما اعتقد ...فكوك يسأل عن حالهم هذه وليس عن الحضن قبل قليل ...تحدث و الاحباط بدأ ينسل من كلماته ...اهذا مفعول ذلك الحضن البسيط ؟!
( لاشيء فقط سنحارب لنعيش اطول وقت ممكن حتى تأتي المساعدة ...فمن المستحيل ان نستطيع الاستمرار في السير ونحن لانعرف اين نحن حتى )
جونغكوك كان يوافق تاي في كلامه و ايضا هم لا يملكون الطاقة لو فكروا في المجازفة والسير في المجهول ...
.
عدل كوك في طريقة جلوسه لتصبح اكثر راحة ثم خلع حذائه ليدلك قدميه بتعب ....نظر تاي بطرف عينه ليرى مدى تضرر اقدام الاصغر...كانت اطرافها قد اكتسبت اللون الارجواني بالفعل ... جونغكوك كان ليستمر فيما يفعل لولا يدا تاي التي اوقفته بأمساك خاصته ...
ارتكزت انظاره على الاكبر في استفسار لفعلته ...والاكبر تحدث مفسرا ( هذا لن ينفع عليك تدفئتها ..)
فكر جونغكوك قليلا في طريقة ما لذلك فكلاهما يعلمان ان مكانهما لا يحتوي على اشجار او اغصان ميتة ..ربما
.
تحدث كوك موجها كلامه للاكبر ( ماذا سأفعل ..لا يوجد طريقة لأشعال النار هنا )
تنهد تاي لينزل رأسه لبضع ثوان ..بدى عليه التفكير في حل ..ثم وقف من مكانه بصعوبة قليلا بسبب التواء كاحله ...
رفع كوك انظاره ليسأل تايهيونغ ( الى اين ؟)
اجاب تايهيونغ ( سأبحث عن مصدر للنار قد اجد بعض الاغصان لو بحثت في المكان قليلا ) ...
لم يعترض جونغكوك على تصرف تاي فهو لا يدري بماذا يفكر اولا ....الم قدميه الفظيع ام البرد القارص من حوله...
أم يفكر بالاخر الذي بدأ يبتعد و طريقة مشيه تدل على مدى تضرر كاحله ...هو شعر ببعض الذنب لتركه للأكبر يذهب وحده ..
ضم قدميه لصدره كما كان يفعل الاخر عندما وجده قبل وقت ...لا يقوى على الحركة إنشا واحدا ...الرياح كانت قد هدأت و الظلمة بدأت تبتلع المكان بسبب تحرك الشمس لتبتعد خيوط ضوءها عن اركان هذا السيق ليبقى في الظلمة...فغروب الشمس قد بدأ
طال الوقت وتاي لم يعد بعد وبدأ القلق ينهش كيان الاصغر ...هو لم يملك الكثير ليفعله فقام بإخراج اكياس النوم و وضعها في مكانهم الذي كان اشبه بتجويف صخري في الجبل ...
مضى المزيد من الوقت والشمستغيب والاكبر لم يأت ...ذلك جعل جونغكوك يستقيم من مكانه رغم المه الشديد في ساقيه ...بدأ السير في الاتجاه الذي ذهب منه تايهيونغ ..لكنه لم يكد يقطع سوى القليل من الامتار حتى ظهر امامه تايهيونغ يسير وفي يديه رزمة كبيرة من الاغصان الجافة ...بمجرد رؤيته لكوك ابتسم الاكبر بابتسمة بشكل قلب جعلت الاخر يبتسم عند رؤيتها...
.
اشعلا النار بسرعة فالجو ازداد برودة ...جلسا حولها يطلبان دفئها ....كان الجو هادئا ...
يبدوا انها ليلة صافية فالرياح كانت ساكنة ولم يهطل الثلج وقتها ....
رغم تعبهما الا انهما لم يحبا ذلك الهدوء الذي بدا انه مبالغ فيه ..
فبادر تايهيونغ هذه المرة للحديث ليوجه كلامه للأصغر ( كيف وصلت لما انت عليه ؟)
نظر جونغكوك له لثوان ثم اشاح بناظريه للأرض امامه ليجيب ( خرجت صباح البارحة متجها للمطار لأصطحب صديقي منه ولكن انتهى الامر بي عالقا في سيارتي طوال الليل بسبب حدوث عطل كبير فيها ..ثم اضعت الطريق اليوم اثناء محاولتي الوصول لهدفي سيرا على الاقدام وانتهى بي المطاف لأجدك ...)
همهم تايهيونغ متفهما ...فكلاهما يعيشان ذات الحال ..
بعد هذه الكلمات القليلة عم الصمت بينهما ولم يتحدثا ....بدى على كليهما الشرود في افكاره الخاصة ....
لكن لكل واحد افكاره وذكرياته ليقوموا باسترجاعها في ذاكرتهم و عيش لحظاتها مرة اخرى ...
و يبدوا انهما تعمقا جدا في تلك الذكريات ...مما ادى الى بدء ارتجاف احد الطرفين و علو صوت بكاءه في هذا السيق ...جونغكوك استيقظ من شروده لينظر للاكبر باستغراب ...فتايهيونغ كان يبكي بشدة وبصوت عالي جعل جونغكوك يفكر انه على هذه الحال هو يقوم بتجيهزهما كمائدة لمفترسات هذه المنطقة ...
انتفض الاصغر من مكانه ليسحب تايهيونغ من كتفيه باتجاهه و يلف ذراعيه حول جسده يحتصنه بقوة ..عل هذا يهدئه قليلا ....
تاي كان كالطفل وقتها وليس كالشخص الاكبر في هذا المكان ...هو قام بمبادلة الاخر الحضن ....
جونغكوك استمر رغم ان جانبا منه كان يقول له ان هذا مبالغ به ...الا انه تجاهل ذلك الجانب واستمر في احتضان تاي و تحريك يده على رأسه بلطف ...
الاكبر بدأ يهدأ قليلا وارتجافه قل ..لكنه لم يبتعد عن حضن الاصغر ....
هدء الجو بينهما فاستغل كوك هدوء الاصغر وبعد مضي بعض الوقت سأل الذي في احضانه ( أأنت بخير ؟ ) ..
لكنه لم يحصل على رد كلامي بل اشتدت يدا الاخر التفافا حول خاصرته و ازداد دفنه لرأسه في رقبة الاصغر ...الاصغر بدأ يتضايق بالفعل و يرى ان الامر ازداد عن حده ...فهذه الافعال لا يجب ان تكون لرجل في ال ٢٨ من عمره .. و للحق جونغكوك لم يكن من نوع الاشخاص الذين يحبذون الاعتناء بالاطفال وتحمل تصرفاتهم ...لكنه ايضا لم يمتلك القدرة على ابعاد الاكبر ..فكلما حاول تذكر شكله وهو يبكي بحرقة والدموع تملأ وجهه ...هو بالفعل لم يستطع فعلها ....
.
مضى الوقت على ذات الحال و جونغكوك جرب بين كل فترة و اخرى ابعاد الاكبر عنه عله يجده قد نام و لكن في كل مرة كان يتمسك تاي في الاصغر رافضا الابتعاد ...في اخر محاولة له وبعد مضي اكثر من ساعتين على حالهم رفض تايهيونغ الابتعاد و تمسك بالاصغر بشكل عنيف الم كوك و نطق بصوت مرتجف مكسور استطاع كوك سماعه نظرا لقربهما الشديد
( ارجوك لا تبتعد عني ...انا خائف ..)
عندما سمع كوك تلك الكلمات التي صدمته والمته بشدة وهو لا يعلم لما شعر بالالم بسببها ...هو فقط احس انه عليه الاستمرار باحتضان الاكبر وتهدئته ...لأنه لا يعلم ما هي تلك الذكرى التي جعلته يبكي هكذا ويضعف بشدة ... جونغكوك ايضا فكر في أن الاكبر بقي لوحده ليوم كامل في هذا السيق وهو بالفعل لا يعلم ايضا مالذي عاشه الاخر في هذه المدة و ما الذي عاناه من الوحدة و البرد و الشعور المؤلم بان موته قد اقترب وانه لا يمتلك اي فرصة للعيش ...
في اثناء تفكيره بوضع الاكبر هو و بشكل تلقائي تحرك جسده ليحتضنه بين يديه بشكل افضل و عاد للمسح على رأسه ...بفعلته تلك هو شعر بانفاس الاخر تعود للانتظام ويداه قد ارتختا عن خاصرته بعد ان كانتا تشدان عليها حتى آلمته ....جسد تايهيونغ استمر بالارتخاء بشكل تدريجي حتى سقط بين ذراعي كوك نائما كالطفل بحق...
عدل كوك طريقة نوم تاي و ادخله في كيس النوم ...هو لم يبتعد بعدها بل سرح في ملامح وجه الاخر التي تلطخت بالدموع .... قام بمسحها بلطف عن وجهه بيده ...ثم لم يجد نفسه الا وهو يطبع قبلة لطيفة على خده ويتمنى له احلاما سعيدة ...كوك فقط فكر انه فعلها بحكم انه شعر بان تاي في تلك اللحظات طفل صغير ...وهذا شيء طبيعي كان ليفعله لأي طفل كان ليراه وهو يبكي بتلك الطريقة ....
هو ابتعد عن الاكبر ليدخل في كيس النوم الخاص به و شرد بافكاره حتى ضمه النوم ليدخله الى عالم اخر من الاحلام الدافئة ...واخر شيء كان يحوم في رأسه هو سؤال عن ماهية تلك الذكرى التي جعلت تايهيونغ يضعف بهذا الشكل ....
.
مضت ليلتهما تلك هادئة دون تساقط للثلوج او هبوب قوي للرياح ....كانت جيدة لكليهما فقد ارتاحا جيدا وصفيا ذهنيهما لبداية يوم جديد واتخاذ قرارات جديدة ...
تايهيونغ كان قد استيقظ مبكرا ولم يقم بإزعاج الاخر فتركه نائما ...كان يجلس بينما يتكئ على الجبل من خلفه و النار كانت تتراقص كالعادة امامه دون ملل....
هو كان يشاهد تلك الشعلات الحمراء المتوهجة لفترة من الوقت شعر فيها بالملل ... لكن ربما ملله اوشك على الانتهاء فالأصغر بدأ يتقلب في مكانه قبل ان يفتح عينيه قليلا لينظر حوله ثم بعد ان اصبح مستيقظا بالكامل فتحهما على وسعهما الطبيعي ....نظر للأكبر الذي يجلس بقربه و يبادله النظرات ايضا ..لكنه ابعدها ولم يطل التحديق في خاصته ...ربما لأنه خجل من احداث الامس ...
اعتدل جونغكوك ليجلس بجانب تايهيونغ الذي ركز انظاره على النار مجددا ....
كوك تجنب الحديث لبعض الوقت ليسحب حقيبته ويخرج قنينة المياه التي فيها ليشرب نصفها ..هو فعل ذلك ثم مدها للأكبر الذي نقل انظاره بين القنينة و كوك ثم رسم تعبير متقزز على وجهه ...
تساءل كوك ( ماذا ؟ ما بك ؟) والاخر اجاب بعد ابعاده لأنظاره ( ماذا ماذا ؟؟ أأنت مجنون ؟ ) .. جونغكوك المسكين لم يفهم تفكير تايهيونغ الذي يأبى ان يرى الامور بمنظور بريء كما يراها الاصغر ....حتى انه منذ استيقاظه كان يجد صعوبة في ابعاد لحظات البارحة من عقله ....رغم انه السبب فيها ...
ترك كوك القنينة بجانب تاي بعد ان اقفلها ثم عدل جلسته ينظر للفراغ بشرود ...هو فعل ذلك قبل ان تصدر منه تنهيدة تعبر عن ملله من هذا الحال ....
سأل تايهيونغ الاصغر ليحافظ على بعض الحياة في الجو بينهم بدل الصمت المعتاد ( كيف حال قدمك ؟) ...
نقل كوك انظاره لقدمه ثم للاكبر وتحدث ( لقد تحسنت ...اعتقد انه علينا التخطيط للخروج من هنا ..) هو سكت قليلا ثم سأل متداركا ما نسي ( لكن اتستطيع فعل ذلك ؟ ...اقصد قدمك ليست بخير ..صحيح ؟)...
ظهرت ابتسامة صغيرة على شفاه تاي لكنها لم تكن صادقة ..اشبه بابتسمة طفل يدعي انه بخير كي لا يأخذ الدواء مر الطعم ....لكنه لم يستطع الكذب على كوك فالاكبر وللحق رأى من قبل ابتسامة تاي الصادقة و الان يستطيع التمييز بسهولة مدى كون التي امامه مزيفة ...
تحدث تاي ليزيد من تصنعه للقوة ( انها بخير استطيع السير بها للمسافة الكافية حتى نجد المساعدة ...في النهاية انه مجرد التواء )
تنهد كوك في داخله على عناد الاكبر الذي لن ينتهي ...قرر تغيير الموضوع حاليا والتفكير في الامر لاحقا... هو سأل الاكبر بسبب فضوله ( بشأن البارحة ...) سكت قليلا ثم اكمل ( لم كنت تبكي؟)
تايهيونغ لم يعطي اي تعبير هو فقط استمر بالنظر للنار بشرود ...لكنه بعد صمت تحدث والدموع بدأت تلمع في عينيه ( عندما اخبرتك انني قدمت للتسلق مع اصدقائي ...وقتها كان هدفنا تسلق اعلى جبل في المنطقة ...ولكن بسبب الانهيار لم نستطع اكمال ما بدأناه ...) ثم توقف عن الحديث ليرفع يده اليسرى ويمسح دموعه التي توشك على النزول...
فكر كوك انه لابأس لو لم يكمل الاكبر لكنه قبل ان يمنعه اكمل تايهيونغ ( والدي كان متسلق جبال ماهر ... واخر جبل حاول تسلقه كان ذاته الذي حاولت تسلقه ....لكنه لم يفعل ذلك لأنه.. لأنه مات ....بعض اصدقاءه قالوا انه بدأ يتباطأ في التسلق تدريجيا وعندما كانوا يسألونه عن السبب كان يجيب انه بخير تماما...لكنه مات ..لو أنهم فقط اهتموا اكثر ..لو انهم ساعدوه.. ربما لما كان ذلك ليحدث...)
لم يستطع تايهيونغ اكمال حديثه فقد اجهش بالبكاء ليسمح لدموعه بالنزول وتلطيخ وجهه ذا البشرة الصافية ....
سحبه كوك من يده ليقربه اكثر وبدأ يمرر يده بلطف على شعره الناعم ...مسح دموعه الكثيرة عن وجهه لكنها استمرت بالهطول و كأنها لا تنتهي ....يبدوا ان كلام تاي فتح جروحا كثيرا ألمته ...لذلك قرر كوك الا يتحدث بالامر مرة اخرى ..
اكتفيا بالبقاء على ذات الحال حتى هدأ تاي بشكل كامل و توقفت دموعه و اخيرا عن النزول ....
كوك كان شارد الفكر ينظر للفراغ حتى ايقظته يد تاي التي ارتكزت على كتفه تهزه ليعود لواقعه ...
تحدث تاي الذي كان قد استقام من مكانه و هو يحمل حقيبته على ظهره و قد اعاد و ضع اغراضه القليلة فيها ...( لن نستمر بالجلوس هكذا حتى نتجمد ) ..قام بإخماد النار و ابتعد عن الاخر بضع خطوات يتجنب النظر له....
الاصغر بمجرد فهمه لما يفعله تاي حمل نفسه و وقف من مكانه ليجمع اغراضه و يعود لحمل حقيبته و اتجه ليتبع الاكبر على عجل...
فكر كوك انهما بالفعل يملكان فرصة رغم كونها ضئيلة في ايجاد المساعدة و يبدوا ان الاكبر يمتلك الرغبة حقا بالنجاة لذا سيبذل ما بوسعه حتى ينجو هو الاخر...
.
مضى الوقت و هما يسيران دون توقف ..ربما لا يعرفان تجاههما جيدا لكنهما يحاولان ...الصمت كان سيد المكان كالعادة يخترقه صوت انفاسهم المتقطعة و صوت الرياح القوية التي تهب عكسهما ...
سأل تاي الاصغر بينما نظره معلق على الطريق امامه ( الست تملك خريطة ؟ )
اجاب كوك ( نعم املك) رغم انه يعلم انها قد لا تفيدهما كثيرا ...
توقفا قليلا ليخرج كوك الخريطة ويعطيها لتاي الذي امضى عدة دقائق ينظر لها قبل ان يطويها و يعيدها لكوك و يغير اتجاه سيره قليلا ...
كوك لم يسأل فقد شعر ان تاي يملك الرغبة و الهمة للاستمرار لذا سيتبعه هذه المرة ....
.
تسائل كوك في داخله بعد ان عادت ألام قدميه من جديد ...تسائل عن حال تاي الذي كان يسير و يتعثر قليلا ...هل سيكون بخير ؟
ابتلع ريقه و سأل الاكبر بتوتر ( تايهيونغ هل انت بخير ؟ )
لكن الاخر تجاهله و احبط كوك الذي رأى انه قد يؤذي نفسه على هذه الحال من تجاهله لذاته .. لكن تاي لم يكن جل تركيزه على خوف كوك عليه بل كان قد توقف عن السير ليرفع انظاره للاعلى كما رأسه... عندما لاحظ كوك فعلة الاخر رفع رأسه ايضا ... كانت طيارة تحلق في الاتجاه المعاكس لهم أي انهم يسيرون في اتجاه احد المطارات ...
.
ابتسم كلاهما رغم عدم انتباه من يقود الطائرة لتواجدهما الا انهما وقتها امتلكا الامل بالخروج من تلك الارض الواسعة المتجمدة .. ربما هي كانت في وقت سابق بحيرة ضخمة ..
.
امتد سيرهما المزيد من الوقت .. اجسادهم كانت تكاد تهوي على الارض في اي لحظة و كما جف ريقهما لشدة عطشهم ...
لم يكن يفصلهم عن المطار الا بضع كيلومترات قليلة .. لكن رغم اقترابهم من هدفهم الا ان اكبرهما تعثر في خطاه ليسقط على ذلك الجليد غير قادر على المتابعة فقد نفذت طاقته بحق ..
هرع جونغكوك له مسرعا ليتفقده .. قام بإخراج قنينة المياه التي معه و التي لم تعد تحوي الكثير .. اجبر الاكبر على شرب القليل ثم جلس القرفصاء ليحمله على ظهره و يجعل يداه تحيطان عنقه و امسكه بيديه من فخديه كي لا يسقط ... وهكذا اكمل السير لكن بوتيرة ابطئ و بحمل ثقيل على ظهره ....
مر الوقت و قد اقاتربت الشمس من المغيب كون كوك كان يأخذ فتارت راحة بين كل بضعة مئات من الامتار ..
بدأ المطار يصبح في مجال رؤية الاصغر .. نكز الاكبر بكتفه ليجعله يرفع رأسه قليلا و لكن سرعان ما اعاد انزاله لشدة ارهاقه ...
تحدث كوك مخاطبا اياه ( تايهيونغ انظر لقد وصلا واخيرا )
لم يحصل على رد من الاخر رغم انه ابتسم بضعف
لكن تلك الابتسامة لم تظهر امام كوك ...
..
سقط الاصغر ايضا ليسقط تاي بجانبه .. كانا قد وصلا حقا لأحد حاويات الطائرات الضخمة ذات الباب الكبير المفتوح الذي يقف على مقربة منه مجموعة من الرجال الذين يعملون في المطار ..
فور رؤيتهم لهما هرعوا ليساعدوهم ... جيون جونغكوك و كيم تايهيونغ كانا سبب لرحلات بحث امتدت على مدار فترة اختفائهما تلك ..
غابا عن الوعي ليتم نقلهما للمشفى البسيط الذي بجوار المطار ...
في غرفتهم كان صديق كوك الذي كان ينتظره و عائلته يجلسون برفقة اصدقاء تاي الذين نجوا كلهم الا اثنين لم يعثر حتى الان على جثمانهم ....
.
فتح الاثنان عينيهما ليستقبلا بالاحضان ...
ابتسم كوك لمن احتضنه ليتحدث ( هوسوك هيونغ ! )
ابتسم الاخر بارتياح كون صديقه لم يفقد كأغلب من ضاعوا و تاهوا في هذه الثلوج...
تبادلوا اطراف الحديث حتى منتصف الليل ليغادروا و يتركوا الاثنين لوحدهما ..
تاي الذي كان يشعر بالحزن على من فُقدا رغم انهما لم يكونا مقربين منه لكنه بمجرد التفكير فيما عاشاه و ما إن كانا على قيد الحياة ام لا ...هذا محزن بحق
رأى كوك الحزن في عيون الاخر ليتحدث مغيرا ذلك الجو الكئيب ...
( لقد فعلناها و نجونا ..هذا رائع )
رد تاي و الدموع كعادتها تجمعت في عينيه ( اجل لقد فعلناها ...لكن الكثير لم يحالفهم الحظ مثلنا )
كان يقصد والده و صديقاه ...
استقام كوك من على سريره المجاور لسرير الاخر ...جلس على طرف سرير تاي و مد يده ليبعد خصلات شعر الاكبر الطويلة عن جبينه ...
تحدث له بصوت هادئ ( هم في مكان افضل الان ..انا واثق ان والدك فخور بك على ما فعلت )
رفع تاي انظاره لتقابل خاصة كوك الذي يبتسم له بلطف ...
( حقا ؟) قالها كطفل صغير ...ليرد عليه كوك بينما اقترب اكثر منه ليستلقي بجانبه و يضمه لصدره و يربت على ظهره ( نعم انا متأكد)
.
نام كلاهما براحة لم يشعرا بها ابدا من قبل ..
٢١/ نوفمبر ٢٠١٥
رغم كمية التعب و المعانات و الخوف الذي عاشاه هم استطاعوا في النهاية ايجاد طريقهم و النجاة ...
تايهيونغ و جونغكوك بعدها اصبحى صديقين ..
و بعد مرور سنة استطاع تاي تسلق ذلك الجبل مرة اخرى والوصول لقمته ....
وقتها بكى بشدة ....لكن دموعه كانت دموع سعادة
.
.
انتهى ٥٦٧٠ كلمة
تمت كتابة اكثر من نصفه قبل اشهر و أكملته في ١٠\٧
رأيكم ؟
الفكرة ؟
نقد ؟
لوف يو 🍀
____________
Oneshot||vkook
ملاحظة : الون شوت خالي من الشذوذ + الونشوت غير مدقق
لا تنسوا الفوت والكومينت ❤
_______________
طبقات الثلج الهشة والسميكة تتكدس فوق بعضها البعض ... الارض منبسطة يغطيها البياض على مد البصر ...وتنبثق الاشجار من تحتها لتعلوا في السماء و قد غُطي لون اوراقها الاخضر بفعل كريستالات الثلج البيضاء التي تراكمت عليها ..
الجو كان صافيا من دون تساقط للثلوج أما الشمس فكانت تظهر في منتصف السماء تشع بنورها في المكان ....كان الهدوء هو قانون تلك الجبال ...لا يجرؤ أحد على كسره ابدا
تترامى البيوت على مسافات بعيدة بالكيلومترات , في هذا المكان يعيش في كل منزل اربع او خمس افراد والبعض قرروا الشذوذ عن الاخرين ليعيشوا لوحدهم في بيوتهم يقومون بأعمالهم الروتينية بهدوء ..و يتحملون مشاق حياتهم تلك بصدر رحب فرغم صعوبتها إلا انهم احبوها ...فقد وجِد حبهم لموطنهم مذ كانوا في بطون امهاتهم ......
الاسكا وكما تعرف ببرودتها و دفء قلوب قاطنيها كانت كبيرة جدا ...ذات مساحات شاسعة من الثلج الذي يستمر طوال العام ...تحوي في احد اجزائها على مطار صغير يستخدم لنقل البضائع و المواد بين سكانها و احيانا لنقل السكان عند اقربائهم لزيارتهم .....
كان يوم ال١٩ /نوفمبر من سنة ٢٠١٥ عندما خرج الشاب جيون جونغكوك من منزله الذي يتوسط بقعة مسطحة مكشوفة خالية من الاشجار...والذي كان يعيش فيه لوحده
...هو خرج من منزله قبل وقت غروب الشمس بساعتين ليتجه لمطار المنطقة ليستقبل صديقه الذي سيزوره بعد فراق ثلاث سنوات بسبب المشاغل والمسافات بينهم ...كان عليه الوصول للمطار خلال ساعة ثم العودة مع صديقه قبل غروب الشمس
..فلا احد فالنهاية يرغب بالبقاء في العراء لوحده في سيارته ليلا في الاسكا ..
استيقظ جونغكوك في الصباح الباكر قبل طلوع الشمس كالعادة .... خرج من كوخه ليقوم بتقطيع الخشب و إنجاز بعض الاعمال الروتينية ...أعد لنفسه كوبا من القهوة المرّة بعد ان أنهى أعماله التي كانت لتكون صعبة عليه لولا جسده الذي كان يساعده بالقيام بها بسهولة ... جلس امام النافذة ذات الاطار الخشبي يراقب الثلج المتكدس بالخارج ...
خرج بعدها من منزله البسيط ليصعد سيارته و ينطلق في طريقه الطويل وهو يدندن ببعض الالحان ... جونغكوك كان شابا هادئا و يحب العزلة إلا انه يمتلك عددا جيدا من الاصدقاء .. و سمعته في المكان جيدة فهو لا يرفض مساعدة من يطلب عونه أبداً لذا الجميع يحبه .... في النهاية جميع سكان تلك المنطقة كالعائلة رغم تباعد المسافات بينهم .....
كان يقود على الطريق الذي اختفى تحت بساط الثلج يركز انظاره امامه وبين الفينة والاخرى يتوقف للتأكد من طريقه بالخريطة التي بحوزته ...رغم انه يعيش لوحده منذ خمس سنوات فقط إلا انه خبير في المنطقة بشكل جيد...لكن على المرء ألا يغتر بقدراته فالطبيعة غدارة ....
امضى نصف ساعة وأكثر في القيادة في ذلك الجو الهادئ قبل ان يصدر صوت مرتفع من مقدمة السيارة تلاه توقفها و صعود الدخان من مكان المحرك .....بقي جونغكوك في مكانه ينظر للدخان للحظات قبل ان يترجل من مقعده مسرعا ليفتح الغطاء الذي يغطي المحرك ....
ما إن فتحه حتى اندفعت غيمة من الدخان الاسود في وجهه ليبتعد وهو مغلق العينين يسعل و يحرك يده في محاولة لإبعاد الدخان عنه ....
عندما رأى أن الوضع سيء و قد يزداد سوءا إن نزل ستار الليل وهو في مكانه ....كشف عن ساعديه بعدما خلع سترته الطويلة التي كان يرتديها لتسهُل عليه الحركة ...ثم بدأ في محاولته لإصلاح العطل الذي لم يعرف ما سببه وقتها..
مضى الوقت و لم يتغير شيء سوى ان وجهه ازداد اسودادا بفعل الدخان والزيوت التي كانت تلطخه كلما لامسته يداه...
لم يكترث لذلك او لقطرات العرق التي تشكلت على جبينه رغم برودة الطقس ...هو فقط يحاول ويبذل جهده لإصلاح ما بين يديه فكما علم بعد مراجعته للخريطة هو بالفعل قد قطع نصف المسافة الا ان هذا لا يعني انه بإمكانه اكمال النصف الاخر سيرا على الاقدام....
تنهد وحاجباه قد انعقدا ليرمي المفك الذي في يده ليصطدم بالسيارة ويهوي على الارض ....تحرك في مكانه بحركة دائرية وهو يضع كلتا يديه على خاصرته يفكر في حل آخر ....لا يعلم ما سبب هذا العطب الذي حل بسيارته فهي مليئة بالوقود كما علم عند تفقده لها. . .ازداد سرعةً في حركته تلك يدور في دوائر تارة وأخرى يتوقف ليدلك ما بين عينيه ليزيد من انتشار ما يلوث يديه عليه ....
توقف بعد ان شعر بالدوار ليصعد للسيارة و يحاول تشغليها رغم علمه بفشل محاولته ....ضرب المقود بعد عدة محاولات و أنزل رأسه ليحط عليه بينما اغمض عينيه في تعب .....مضت دقائق وهو يحاول اتخاذ قراره ...نظر للساعة فوجد انه لم يتبقى للغروب سوى عشرون دقيقة ....تنهد للمرة المئة ثم عزم على قراره بعد التفكير بالأمر ...قرر البقاء لهذه الليلة في سيارته ...هو يعلم انه يخاطر فبرودة الجو قد تكون السبب في موته في هذا المكان وقد لا يعثر على جثته الا بعد ايام ....
ترجل من السيارة مسرعا ليجهز لليلته هذه بعدما قام بتنظيف يديه و وجهه ..كان المكان الذي هو فيه يحوي بعض الشجيرات الجافه ذات الاغصان القليلة ....بدء بجمعها ليشكل كومة متوسطة الحجم ويشعلها بعود ثقاب من علبة كانت معه ....
جلس بالقرب من النار يشاهد شعلاتها وهي تتراقص في مشهد جميل ...ملامح وجهه هدأت وانسل الغضب منها ...عيناه سرحتا فيما امامها ...بضع ثوان كانت كفيلة ليتسلل كم هائل من الذكريات لتعرض امامه ...
امتلأت عيناه بالدموع فقام بمسحها بكف يده اليمنى و ابتسامة منكسرة ظهرت على شفاهه ..بضع شهقات متمردة خرجت من بين شفتيه المرتجفة ..وازدادت اثناء محاولاته لمسح دموعه التي أبت التوقف لتلطخ وجهه ...ازداد احتضانه لقدميه اللتين يضمهما لصدره ...حاول طرد تلك الذكريات من عقله ..
فجأة كل شيء تلاشى واختفى ليرفع رأسه و دموعه لم تكف عن النزول بعد ...كانت النار قد انطفئت لينتشل منه ذلك الدفء الذي كان يحيطه ....تنهد ثم قام من مكانه ليصعد للسيارة و يحكم اغلاقها و اغلاق نوافذها ...اخرج كيس نوم كان يعتاد وضعه معه في السيارة حتى لو لم يحتج لاستخدامه ..الا انه بحاجة ماسة له الان ....
دخل فيه ليستلقي على الكرسي الخلفي في السيارة يضم قدميه فالمساحة صغيرة لجسده الكبير ..اغمض عينيه بتعب ثم حاول تعديل طريقة موضعة رأسه على يده التي ثناها اسفله
الشمس بدأت بالغروب بالفعل ... وقتها هو لم يكن يملك الرغبة بالبقاء مستيقظا ..هو حاول اللجوء للأحلام علها تخفف عنه من آلام ذكرياته ....تلك الذكريات التي جعلته يعيش لوحده ...
تسلل النوم له كزائر مرغوب ليدخله عالم أحلامه الهادئ غالبا ..وأخر شيء رآه من ذكرياته كان ابتسامة طفلة صغيرة ظهر فيها صف اسنانها العلوي , كانت ذات شعر طويل اشقر انسدل على كتفيها ...ربما صورتها تلك هي التي جعلته يبتسم و هو نائم ..لكن ابتسامة منكسرة لم يفارقها ارتجاج جسده بشهقات حاول كتمها كي لا تزيد المه...
مضت ليلته هادئة ..كان يستمر خلالها باحتضان اطرافه لعل حركته تلك تدفئه قليلا ...
جونغكوك كان يعيش قبل خمس سنوات في منزل عائلته التي تدير أحد المطارات الصغيرة على أطراف الاسكا ...كان يقوم بمساعدتهم عن طريق قيادة الطائرة احيانا و احيانا اخرى بالعمل في ادارة الرحلات مع والدته ....
في احدى المرات وفي الوقت الذي يكون فيه المطار مزدحما بالناس الذين يودون زيارة اقاربهم ...كان وقت الاحتفالات العائلية من السنة .
امتلأت جميع الطائرات الثلاثة المخصصة لنقل الركاب وبدأت الاقلاع وقبل خروج الاخيرة دخلت امرأة شابة لغرفة الحجز وهي تلتقط انفاسها بصعوبة بينما كان زوجها وابنتهما قد وقفا خلفها ...
كانت متأخرة والاعداد قد اكتملت بالفعل لذا قررت والدته بأنه على تلك المرأة تأجيل رحلتها ...لكنها رفضت بحجة ان والدتها مريضة جدا وتحتاج عونها بشدة.....بعد تفكير دام لدقائق كان فيها المطار قد خلى من طيارات الركاب بالفعل ...
قررت والدته ارسال تلك المرأة بطيارة نقل المؤن والبضائع التي كان يقودها جونغكوك...وافق الاخر و ذهبت تلك المرأة معه وجلست في المقعد الذي بجانبه اما الاخر و قبل صعوده الطائرة تلقى حضنا من تلك الطفلة الصغيرة ذات الشعر الاشقر الطويل لتودعه طالبة منه الاعتناء بوالدتها ...هي ودعته بابتسامة ...لكنها لم تستقبله بمثلها عندما عاد..
في ذلك اليوم تعرضت طيارة جونغكوك الى رياح شديدة واجواء سيئة لم يكن لها حسبان انتهت باصطدام الطيارة بعد فقدان جونغكوك السيطرة عليها بأحد الاشجار العالية التي تمتلئ بها المنطقة ....كان الحظ حليفه ليعيش لكنه لم يكن كذلك مع الاخرى ...فقد توفيت قبل وصول الاسعاف لهم نظرا لبعد المسافة التي كانوا فيها ...هي ماتت واخر شيء نطقت به
( اعتنوا بابنتي )
.
.
فتح عينيه يشعر بمسمار حاد يضرب رأسه ..استقام من مكانه ليجلس و هو يضع كلتا يديه على رأسه ...بقي كذلك لدقائق ثم قام من مكانه لينظر من النافذة بجانبه ....كان الثلج يغطي كل شيء كالعادة ولكن بارتفاع أعلى ...جراء سقوط الثلوج البارحة اصبح من المستحيل تحريك سيارته التي دفن نصفها تحت الثلج ...
نهض ليفتح الباب بصعوبة بعد دفعه له بضع مرات ...خرج ليخطوا خطواته بتأرجح بسبب هشاشة الثلج اسفله ...نظر من حوله و يبدوا انها كانت عاصفة سيئة فقد تغيرت تضاريس المحيط الذي هو فيه ...حتى بات يجهل اتجاهه ...نظر لساعة يده فوجدها تشير لل 7:30 صباحا ...
تنهد بألم على حاله ليرتدي سترته و يخرج احذية الثلج من صندوق السيارة و يضع كيس النوم في حقيبة ليحملها على ظهره بالاضافة لأعواد الثقاب و قنينة ماء كان قد احضرها معه البارحة ...
اخذ الخريطة التي تركها الليلة الماضية على مقعد السائق ليفتحها فوق السيارة من الامام ...نظر لها وحاول ان يجد طريقه ... كان عليه السير في طريق مستقيم نسبيا حتى يواجه تلة مرتفعة يختبئ المطار خلفها....ابتسم رغم صعوبة ما عليه فعله .....
رفع حقيبته ليرتديها على كلتا كتفيه و يبدأ مسيرته في هذا الدرب الابيض الناصع ...
.
.
مرت ساعة ثم اثنتان وهو على ذات حاله يسير دون توقف ..رغم ان ساقاه كانتا تتوسلان له ان يتوقف ولو قليلا ...هو لم يهتم بل استمر بالسير لانه يعلم انه ان لم يصل قبل غروب الشمس هذه المرة سيكون وليمة دسمة للذئاب التي تقطن في المكان ..
ابتلع ريقه بصعوبة عندما فكر في كيف ستكون نهايته إن لم يسرع ..
كان يتعثر بخطواته بين الفينة و الاخرى و يشعر بأطراف يديه و قدميه تتجمد لبرودة الجو ..وكما حال وجهه الذي وجَدت بلورات الثلج المتشكلة مكانا على حاجبيه وانفه ورموشه ....
.
مضت الساعات وهو يقطع الكيلومترات دون توقف حتى رق قلبه على حاله قليلا فقرر ان يرتاح لبضع دقائق ثم يكمل ..
توقف عند تل صغير عليه بضع صخرات كبار ليستند على احداها بظهره...تنهد وتعابير وجهه تقلصت بألم ...
انحنى قليلا ليصل بيديه لقدميه ليخلع حذائه فشعوره بان قدماه ليستا بخير كان يأكله ... بالكاد استطاع فك رباط الحذائين لينزعهما و آهات وأنين محبوس كان يخرج من شفاهه ...
امسك بالجوربين ليزيلهما لكنهما كانا ملتصقين بجلده جهة اصابع قدميه ...نزلت بضع دمعات من عينيه تعبر عن ألمه ...ازالهما في النهاية بصعوبة ...كانت اطرافه بارده كالثلج والونها انقلب للأزرق ..هذا لا يبشر بالخير ...حاول جونغكوك بأسى فركهما و محاولة تدفئتهما لكن ذلك لم يساعد كثيرا ....تنهد مرة اخرى ثم ارجع رأسه للخلف يتنفس بضعف والم ...
لم يستطع البقاء اكثر في مكانه فاستقام بعدما ارتدى حذائه مرة اخرى رغم المه ثم اكمل طريقه رغم تعثره في خطاه ....
كانت الساعة قد تعدت ال 2:00مساءا وهو يكافح للاستمرار بالسير حتى هدفه .... توقف ليعيد فتح الخريطة التي بين يديه وينظر لتلك الخطوط التي تشابكت فيها ....هو كان يركز انظاره على احداها ... ابتسم رغم تعبه عندما علم انه لا يفصله عن هدفه سوى بضع مئات من الامتار ....
هو سارها متجاهلا كل شيء وكأن دفعة طاقة قد تدفقت في عروقه ...سار بأمل يشعر بأن ألمه اوشك على ان ينتهي ...
لكن ليس كل ما تشتهيه النفس تدركه فما إن امتثل امام ذلك التل الكبير وبدأ يصعده بلهفة ...وعندما وصل لأعلاه ....
فتح عيناه على وسعهما ...وانسلت تلك القوة التي دفعته للمضي لهذا الهدف المتلاشي من جسده ....انخر ساقطا على الارض اسفله لا يقوى على المزيد من الحركة ..الدموع نزلت من عينيه لتلسعه عند ملامستها لوجهه البارد ...
جال بأنظاره المكان يكذب ما رأت عيناه ...كان وادي فارغ من الحياة من استقبله ....لم يكن للمطار وجود فيه ...
فكر بأن الامر مستحيل فكيف لمطار كامل ان يختفي ؟ ...
لم يكن بمقدوره فعل شيء سوى انه امسك الخريطة مرة اخرى يعيد النظر في الطريق الذي سلكه ....فكر انه ربما اتخذ حركة خاطئة اثناء سيره غيرت طريقه...
انزل رأسه للأسفل بألم وأحباط ...ليس لديه العديد من الخيارات في حالته تلك ..إما البقاء مكانه والموت او انتظار المساعدة هذا ان لم تتأخر او أن يكمل سيره ..لكنه بالفعل فقد كل طاقته لذلك ولم يعد قادرا على اكمال الطريق ..فهو بالكاد يحرك عضلاته المتجمدة ....
.
بقي بمكانه لنصف ساعة ربما ..تلفحه الرياح الباردة ...لكنه لم يكترث لها ...
بعد جلسة الاحباط تلك حمل شتات نفسه من مكانه و وقف ينظر حوله يبحث عن مكان يستطيع المكوث فيه حتى موته او وصول المساعة له ...
كان على بعد بضع عشرات امتار جبلان متوسطا الحجم يفصل بينهما سيق صغير ....
عزم على البقاء فيه لذا بدأ السير مرة اخرى ...
وصل لهما بعد عناء طويل , كانا مرتفعين جدا من منظوره في اسفلهما ...
دخل لذلك السيق و ضوء الصباح بدأ يتلاشى كلما تعمق فيه اكثر ...
لم يكن المكان اقل برودة من غيره فالهواء يتجمع فيه ويمر مصدرا اصوات مزعجة و مخيفة قليلا ...لكنه لم يهتم .
كان قد قطع ربع المسافة و هدفه كان نصفها قبل ان يتوقف وحاجباه قد انعقدا يشك فيما يسمع ...
شعر بالقشعريرة تسري في جسده كاملا ..لكنه حاول تكذيب ذلك ...صوت لشخص يبكي وشهقات مكتومة قد رافقته..
نظر حوله يحاول معرفة مصدر الصوت لكن للأسف الصوت كان ينتشر في كل مكان ..
انزل حقيبته من يده ثم خلع القبعة الصوفية التي كان يرتديها حتى يستطيع السمع بشكل افضل ...
لكن ذلك لم يفد ايضا ...قرر تجاهل الامر فربما يكون حقا بسبب الرياح لذا اكمل مسيره ...لكنه لم يكد يخطو البضعة امتار حتى توقف وعيناه قد اتسعتى ...
نظر لحقيبة سوداء كبيرة برفقة حبال مرمية بجانبها ...كان الثلج قد غطاهما تقريبا لكن لون الحبال الاصفر كان واضحا ليستطيع رؤيتهما ....
كانت حبال تسلق ....
اقترب من الحقيبة ليفتحها ...كانت فارغة إلا من كيس نوم وزجاجات ماء فارغة ايضا وبعض معدات التسلق اخرى
..تنهد لانه لن يستفيد من اي شيء منها غير الكيس لذا ترك الحقيبة و التف ليكمل سيره بعد ان اخرج الكيس و وضعه في حقيبته التي على ظهره ...لكنه توقف مرة اخرى لكن هذه المرة كان يقسم انه لم يهيأ له سماع ذلك الصوت فهو كان واضحا جدا ويصدر من خلفه على بعد قليل بنطق كلمة
( انتظر ) متقطعة الاحرف ....ابتلع ريقه بصعوبة وانفاسه تسارعت قبل ان يلتف لينظر خلفه ...
فتح فاهه مفرقا بين شفاهه عندما قابلت عيناه رجلا يتكور على نفسه على بعد ثلاثة امتار منه مرتكزا على جدار الجبل ...كان الثلج يغطي كتفيه و رأسه و تختفي ملامح وجهه المدسوس بين قدميه التي يضمهما لصدره ....
تقدم جونغكوك من الاخر بارتباك حتى لم يعد يفصلهما سوى بضعة خطوات قليلة فحسب ...
رفع الذي في الاسفل رأسه ليفتح عينيه المغلقة ناظرا للاخر ...بمجرد ان رأى الذي يقف حتى ابتسم وكانت عيناه قد بدأت تمتلئ بالدموع المالحة مرة اخرى ....
تحدث جونغكوك بعد ان انتبه انه اطال النظر في ملامح الاخر التي كان يبدوا عليها التعب الا انه لم يخفي جمالها ...فقد كان الذي يتكور على نفسه يمتلك ملامح وجه اقسم جونغكوك انها الاجمل من بين جميع الملامح التي رآها خلال حياته ..... قال في ارتباك وبعض السعادة.. ربما لانه وجد من يؤنسه في وحشه هذا المكان ( من انت ؟ ولما انت هنا ؟ ) ...
لم يجبه الاخر بالكلمات ...ربما هو لايقدر ...لكن ابتسامته اتسعت و دموعه قد ملأت وجهه كما احمرت عيناه ..هو كان يبكي! ...
جونغكوك كان مصدوما لا يجد سببا لكل هذه الدموع ...لكن كلمات الاخر التي خرجت من فمه اخيرا ربما عذرت تلك الدموع ....( ظننت انني ساموت لوحدي ) انهاها بازدياد هطول دموعه ....
جونغكوك المسكين وقتها كان بوجه خالي من التعابير ...ظن انه وأخيرا سيستطيع الخروج بمعاونه الاخر الذي يشاركه الحال ...لكن الاخر احبطه بكلامه ...أهو سعيد لأنه لن يموت لوحده !؟؟ ..
فكر جونغكوك في المغادرة وترك الاخر الذي على ما يبدوا لا يفكر في النجاة وانقاذ نفسه حتى ...
لكنه عدل عن تلك الفكرة فهو ليس بلئيم لهذه الدرجة ليتركه يموت وحيدا ...على الاقل سيجبره على مساعدته في محاولة النجاة ..
تنهد بقلة حيله ثم جلس بتعب بقرب الاخر .... بعد مضي دقائق من الصمت ...ربما لانهما لا يملكان القوة للحديث حقا ...
لكن جونغكوك قرر الحديث مع الاخر لعله يحسن انطباعه عنه ...( انا جيون جونغكوك ..وأنت ؟ )
التفت الاخر له ليتحدث بصوته المنخفض ..ربما بسبب تعبه ..( كيم تايهيونغ ) ...نظر جونغكوك له بتعجب ثم اردف بصوت اشبه بالهمس (همم اسم جميل ) هو قالها بينما كان ينظر للجالس بجانبه بشرود ...كان انفه محمرا ..ربما بسبب البرد او كان بكاءه قبل قليل السبب هو لم يعرف حقا ...و عيناه كانتا محمرتين واطراف رموشهما قد التصقت ببعضها البعض بواسطة دموعه عند طرفيها ...
بقي يحدق فيه قليلا من الوقت حتى بدأ الاخر يرمش بتتابع بشكل غبي امام الجالس بقربه .... جونغكوك وقتها انتبه انه اطال النظر ليزيح عينيه عن الاخر ويخفف توتر الجو بسؤاله ( كم عمرك ؟ ) اجاب الاخر وهو يعود لتكوره حول نفسه
( ٢٨سنة وانت ؟ )
رد الاخر ( ٢٦ ..اذا انت الاكبر هنا ! )
ابتسم كوك رغم برودة المكان ثم اكمل حواره الذي ربما شعر انه يدفئهم بطريقة ما...
( لما انت هنا؟ ) ...
نظر تاي للأصغر بنظرة ساخرة ثم تحدث
( لأتسلق الجبال ربما !)
رد عليه كوك ب ( ها ! ) متعجبة ظنا ان الاخر يسخر لكن الاكبر اكمل
( ربما هذا كان سبب قدومي الى هنا في صباح البارحة ) ...شدت كلماته فضول جونغكوك ليحثه على المتابعة رغم تعبهما ( هل اتيت للتسلق لوحدك ؟ و كيف انتهى بك الامر هكذا ؟ )
..تنهد تايهيونغ ليتحدث بصوت منخفض اكثر اقرب للتذم (( انت كثير الاسئلة ) لكنه لم يتوقف رغم انزعاجه الطفيف فأكمل ( قدمت صباح البارحة مع مجموعة من اصدقائي كنا فريقا من ستة اشخاص قدموا للتسلق ...لكن اثناء تسلقنا لإحدى الجبال حدث انهيار في احدى اجزاء الجبل
....استطعنا تفاديه جميعا حسب ظني لكنه ادى إلى حدوث صعوبة في الرؤيا بسبب جزيئات الثلج التي ملأت الهواء جاعلة من الجو شبيها بالضباب ....قررت التزام مكاني بجانب احدى الصخور ...)
قطع كلامه بتنهيدة طويلا ثم اكمل
( لكن بعد ان تحسن الجو واتضحت الرؤيا لم استطع ايجاد احد منهم بالقرب مني ...ولم استطع البحث عنهم لحدوث التواء في كاحلي ...ربما غادروا بعد بحثهم عني وعدم ايجادهم لي ....) انهى كلامه الذي كان ينخفض صوته اكثر كلما شارف على انهائه ثم أشاح بناظريه للجانب الاخر
..ربما عاد للبكاء فصوت شهقاته المكتومة عاد و كتفاه ارتجفتى معه ...
شعر جونغكوك بالحزن على الاخر فأن تشعر بأنك وحيد لا تمتلك القوة على انقاذ نفسك له شعور سيء ...هو فقط لم يفكر كثيرا ليسحب الاكبر بيديه لحضنه ...الاخر لم يقاول رغم انه كان مصدوما من فعله الاصغر الغريبة ....
كانت يد كوك تشد على ظهر تاي والاخرى تربت على رأسه ....داما على ذات الوضع يشعران بالراحة والامان اضافة للدفء الذي كان يرسله ذلك الحضن لجسديهما المتجمدين ....
فصل تايهيونغ العناق حتى لا يبدوا الامر غريبا اكثر مما هو عليه ..لم ينظر في عيني الاصغر حتى ...
تحدث كوك بعد مرور بعض الوقت ( ماذاسنفعل الان ؟ )
قطب تاي حاجبيه يعيد تكرار تلك الجملة في رأسه حتى استطاع فهمها بشكل جيد وليس كما اعتقد ...فكوك يسأل عن حالهم هذه وليس عن الحضن قبل قليل ...تحدث و الاحباط بدأ ينسل من كلماته ...اهذا مفعول ذلك الحضن البسيط ؟!
( لاشيء فقط سنحارب لنعيش اطول وقت ممكن حتى تأتي المساعدة ...فمن المستحيل ان نستطيع الاستمرار في السير ونحن لانعرف اين نحن حتى )
جونغكوك كان يوافق تاي في كلامه و ايضا هم لا يملكون الطاقة لو فكروا في المجازفة والسير في المجهول ...
.
عدل كوك في طريقة جلوسه لتصبح اكثر راحة ثم خلع حذائه ليدلك قدميه بتعب ....نظر تاي بطرف عينه ليرى مدى تضرر اقدام الاصغر...كانت اطرافها قد اكتسبت اللون الارجواني بالفعل ... جونغكوك كان ليستمر فيما يفعل لولا يدا تاي التي اوقفته بأمساك خاصته ...
ارتكزت انظاره على الاكبر في استفسار لفعلته ...والاكبر تحدث مفسرا ( هذا لن ينفع عليك تدفئتها ..)
فكر جونغكوك قليلا في طريقة ما لذلك فكلاهما يعلمان ان مكانهما لا يحتوي على اشجار او اغصان ميتة ..ربما
.
تحدث كوك موجها كلامه للاكبر ( ماذا سأفعل ..لا يوجد طريقة لأشعال النار هنا )
تنهد تاي لينزل رأسه لبضع ثوان ..بدى عليه التفكير في حل ..ثم وقف من مكانه بصعوبة قليلا بسبب التواء كاحله ...
رفع كوك انظاره ليسأل تايهيونغ ( الى اين ؟)
اجاب تايهيونغ ( سأبحث عن مصدر للنار قد اجد بعض الاغصان لو بحثت في المكان قليلا ) ...
لم يعترض جونغكوك على تصرف تاي فهو لا يدري بماذا يفكر اولا ....الم قدميه الفظيع ام البرد القارص من حوله...
أم يفكر بالاخر الذي بدأ يبتعد و طريقة مشيه تدل على مدى تضرر كاحله ...هو شعر ببعض الذنب لتركه للأكبر يذهب وحده ..
ضم قدميه لصدره كما كان يفعل الاخر عندما وجده قبل وقت ...لا يقوى على الحركة إنشا واحدا ...الرياح كانت قد هدأت و الظلمة بدأت تبتلع المكان بسبب تحرك الشمس لتبتعد خيوط ضوءها عن اركان هذا السيق ليبقى في الظلمة...فغروب الشمس قد بدأ
طال الوقت وتاي لم يعد بعد وبدأ القلق ينهش كيان الاصغر ...هو لم يملك الكثير ليفعله فقام بإخراج اكياس النوم و وضعها في مكانهم الذي كان اشبه بتجويف صخري في الجبل ...
مضى المزيد من الوقت والشمستغيب والاكبر لم يأت ...ذلك جعل جونغكوك يستقيم من مكانه رغم المه الشديد في ساقيه ...بدأ السير في الاتجاه الذي ذهب منه تايهيونغ ..لكنه لم يكد يقطع سوى القليل من الامتار حتى ظهر امامه تايهيونغ يسير وفي يديه رزمة كبيرة من الاغصان الجافة ...بمجرد رؤيته لكوك ابتسم الاكبر بابتسمة بشكل قلب جعلت الاخر يبتسم عند رؤيتها...
.
اشعلا النار بسرعة فالجو ازداد برودة ...جلسا حولها يطلبان دفئها ....كان الجو هادئا ...
يبدوا انها ليلة صافية فالرياح كانت ساكنة ولم يهطل الثلج وقتها ....
رغم تعبهما الا انهما لم يحبا ذلك الهدوء الذي بدا انه مبالغ فيه ..
فبادر تايهيونغ هذه المرة للحديث ليوجه كلامه للأصغر ( كيف وصلت لما انت عليه ؟)
نظر جونغكوك له لثوان ثم اشاح بناظريه للأرض امامه ليجيب ( خرجت صباح البارحة متجها للمطار لأصطحب صديقي منه ولكن انتهى الامر بي عالقا في سيارتي طوال الليل بسبب حدوث عطل كبير فيها ..ثم اضعت الطريق اليوم اثناء محاولتي الوصول لهدفي سيرا على الاقدام وانتهى بي المطاف لأجدك ...)
همهم تايهيونغ متفهما ...فكلاهما يعيشان ذات الحال ..
بعد هذه الكلمات القليلة عم الصمت بينهما ولم يتحدثا ....بدى على كليهما الشرود في افكاره الخاصة ....
لكن لكل واحد افكاره وذكرياته ليقوموا باسترجاعها في ذاكرتهم و عيش لحظاتها مرة اخرى ...
و يبدوا انهما تعمقا جدا في تلك الذكريات ...مما ادى الى بدء ارتجاف احد الطرفين و علو صوت بكاءه في هذا السيق ...جونغكوك استيقظ من شروده لينظر للاكبر باستغراب ...فتايهيونغ كان يبكي بشدة وبصوت عالي جعل جونغكوك يفكر انه على هذه الحال هو يقوم بتجيهزهما كمائدة لمفترسات هذه المنطقة ...
انتفض الاصغر من مكانه ليسحب تايهيونغ من كتفيه باتجاهه و يلف ذراعيه حول جسده يحتصنه بقوة ..عل هذا يهدئه قليلا ....
تاي كان كالطفل وقتها وليس كالشخص الاكبر في هذا المكان ...هو قام بمبادلة الاخر الحضن ....
جونغكوك استمر رغم ان جانبا منه كان يقول له ان هذا مبالغ به ...الا انه تجاهل ذلك الجانب واستمر في احتضان تاي و تحريك يده على رأسه بلطف ...
الاكبر بدأ يهدأ قليلا وارتجافه قل ..لكنه لم يبتعد عن حضن الاصغر ....
هدء الجو بينهما فاستغل كوك هدوء الاصغر وبعد مضي بعض الوقت سأل الذي في احضانه ( أأنت بخير ؟ ) ..
لكنه لم يحصل على رد كلامي بل اشتدت يدا الاخر التفافا حول خاصرته و ازداد دفنه لرأسه في رقبة الاصغر ...الاصغر بدأ يتضايق بالفعل و يرى ان الامر ازداد عن حده ...فهذه الافعال لا يجب ان تكون لرجل في ال ٢٨ من عمره .. و للحق جونغكوك لم يكن من نوع الاشخاص الذين يحبذون الاعتناء بالاطفال وتحمل تصرفاتهم ...لكنه ايضا لم يمتلك القدرة على ابعاد الاكبر ..فكلما حاول تذكر شكله وهو يبكي بحرقة والدموع تملأ وجهه ...هو بالفعل لم يستطع فعلها ....
.
مضى الوقت على ذات الحال و جونغكوك جرب بين كل فترة و اخرى ابعاد الاكبر عنه عله يجده قد نام و لكن في كل مرة كان يتمسك تاي في الاصغر رافضا الابتعاد ...في اخر محاولة له وبعد مضي اكثر من ساعتين على حالهم رفض تايهيونغ الابتعاد و تمسك بالاصغر بشكل عنيف الم كوك و نطق بصوت مرتجف مكسور استطاع كوك سماعه نظرا لقربهما الشديد
( ارجوك لا تبتعد عني ...انا خائف ..)
عندما سمع كوك تلك الكلمات التي صدمته والمته بشدة وهو لا يعلم لما شعر بالالم بسببها ...هو فقط احس انه عليه الاستمرار باحتضان الاكبر وتهدئته ...لأنه لا يعلم ما هي تلك الذكرى التي جعلته يبكي هكذا ويضعف بشدة ... جونغكوك ايضا فكر في أن الاكبر بقي لوحده ليوم كامل في هذا السيق وهو بالفعل لا يعلم ايضا مالذي عاشه الاخر في هذه المدة و ما الذي عاناه من الوحدة و البرد و الشعور المؤلم بان موته قد اقترب وانه لا يمتلك اي فرصة للعيش ...
في اثناء تفكيره بوضع الاكبر هو و بشكل تلقائي تحرك جسده ليحتضنه بين يديه بشكل افضل و عاد للمسح على رأسه ...بفعلته تلك هو شعر بانفاس الاخر تعود للانتظام ويداه قد ارتختا عن خاصرته بعد ان كانتا تشدان عليها حتى آلمته ....جسد تايهيونغ استمر بالارتخاء بشكل تدريجي حتى سقط بين ذراعي كوك نائما كالطفل بحق...
عدل كوك طريقة نوم تاي و ادخله في كيس النوم ...هو لم يبتعد بعدها بل سرح في ملامح وجه الاخر التي تلطخت بالدموع .... قام بمسحها بلطف عن وجهه بيده ...ثم لم يجد نفسه الا وهو يطبع قبلة لطيفة على خده ويتمنى له احلاما سعيدة ...كوك فقط فكر انه فعلها بحكم انه شعر بان تاي في تلك اللحظات طفل صغير ...وهذا شيء طبيعي كان ليفعله لأي طفل كان ليراه وهو يبكي بتلك الطريقة ....
هو ابتعد عن الاكبر ليدخل في كيس النوم الخاص به و شرد بافكاره حتى ضمه النوم ليدخله الى عالم اخر من الاحلام الدافئة ...واخر شيء كان يحوم في رأسه هو سؤال عن ماهية تلك الذكرى التي جعلت تايهيونغ يضعف بهذا الشكل ....
.
مضت ليلتهما تلك هادئة دون تساقط للثلوج او هبوب قوي للرياح ....كانت جيدة لكليهما فقد ارتاحا جيدا وصفيا ذهنيهما لبداية يوم جديد واتخاذ قرارات جديدة ...
تايهيونغ كان قد استيقظ مبكرا ولم يقم بإزعاج الاخر فتركه نائما ...كان يجلس بينما يتكئ على الجبل من خلفه و النار كانت تتراقص كالعادة امامه دون ملل....
هو كان يشاهد تلك الشعلات الحمراء المتوهجة لفترة من الوقت شعر فيها بالملل ... لكن ربما ملله اوشك على الانتهاء فالأصغر بدأ يتقلب في مكانه قبل ان يفتح عينيه قليلا لينظر حوله ثم بعد ان اصبح مستيقظا بالكامل فتحهما على وسعهما الطبيعي ....نظر للأكبر الذي يجلس بقربه و يبادله النظرات ايضا ..لكنه ابعدها ولم يطل التحديق في خاصته ...ربما لأنه خجل من احداث الامس ...
اعتدل جونغكوك ليجلس بجانب تايهيونغ الذي ركز انظاره على النار مجددا ....
كوك تجنب الحديث لبعض الوقت ليسحب حقيبته ويخرج قنينة المياه التي فيها ليشرب نصفها ..هو فعل ذلك ثم مدها للأكبر الذي نقل انظاره بين القنينة و كوك ثم رسم تعبير متقزز على وجهه ...
تساءل كوك ( ماذا ؟ ما بك ؟) والاخر اجاب بعد ابعاده لأنظاره ( ماذا ماذا ؟؟ أأنت مجنون ؟ ) .. جونغكوك المسكين لم يفهم تفكير تايهيونغ الذي يأبى ان يرى الامور بمنظور بريء كما يراها الاصغر ....حتى انه منذ استيقاظه كان يجد صعوبة في ابعاد لحظات البارحة من عقله ....رغم انه السبب فيها ...
ترك كوك القنينة بجانب تاي بعد ان اقفلها ثم عدل جلسته ينظر للفراغ بشرود ...هو فعل ذلك قبل ان تصدر منه تنهيدة تعبر عن ملله من هذا الحال ....
سأل تايهيونغ الاصغر ليحافظ على بعض الحياة في الجو بينهم بدل الصمت المعتاد ( كيف حال قدمك ؟) ...
نقل كوك انظاره لقدمه ثم للاكبر وتحدث ( لقد تحسنت ...اعتقد انه علينا التخطيط للخروج من هنا ..) هو سكت قليلا ثم سأل متداركا ما نسي ( لكن اتستطيع فعل ذلك ؟ ...اقصد قدمك ليست بخير ..صحيح ؟)...
ظهرت ابتسامة صغيرة على شفاه تاي لكنها لم تكن صادقة ..اشبه بابتسمة طفل يدعي انه بخير كي لا يأخذ الدواء مر الطعم ....لكنه لم يستطع الكذب على كوك فالاكبر وللحق رأى من قبل ابتسامة تاي الصادقة و الان يستطيع التمييز بسهولة مدى كون التي امامه مزيفة ...
تحدث تاي ليزيد من تصنعه للقوة ( انها بخير استطيع السير بها للمسافة الكافية حتى نجد المساعدة ...في النهاية انه مجرد التواء )
تنهد كوك في داخله على عناد الاكبر الذي لن ينتهي ...قرر تغيير الموضوع حاليا والتفكير في الامر لاحقا... هو سأل الاكبر بسبب فضوله ( بشأن البارحة ...) سكت قليلا ثم اكمل ( لم كنت تبكي؟)
تايهيونغ لم يعطي اي تعبير هو فقط استمر بالنظر للنار بشرود ...لكنه بعد صمت تحدث والدموع بدأت تلمع في عينيه ( عندما اخبرتك انني قدمت للتسلق مع اصدقائي ...وقتها كان هدفنا تسلق اعلى جبل في المنطقة ...ولكن بسبب الانهيار لم نستطع اكمال ما بدأناه ...) ثم توقف عن الحديث ليرفع يده اليسرى ويمسح دموعه التي توشك على النزول...
فكر كوك انه لابأس لو لم يكمل الاكبر لكنه قبل ان يمنعه اكمل تايهيونغ ( والدي كان متسلق جبال ماهر ... واخر جبل حاول تسلقه كان ذاته الذي حاولت تسلقه ....لكنه لم يفعل ذلك لأنه.. لأنه مات ....بعض اصدقاءه قالوا انه بدأ يتباطأ في التسلق تدريجيا وعندما كانوا يسألونه عن السبب كان يجيب انه بخير تماما...لكنه مات ..لو أنهم فقط اهتموا اكثر ..لو انهم ساعدوه.. ربما لما كان ذلك ليحدث...)
لم يستطع تايهيونغ اكمال حديثه فقد اجهش بالبكاء ليسمح لدموعه بالنزول وتلطيخ وجهه ذا البشرة الصافية ....
سحبه كوك من يده ليقربه اكثر وبدأ يمرر يده بلطف على شعره الناعم ...مسح دموعه الكثيرة عن وجهه لكنها استمرت بالهطول و كأنها لا تنتهي ....يبدوا ان كلام تاي فتح جروحا كثيرا ألمته ...لذلك قرر كوك الا يتحدث بالامر مرة اخرى ..
اكتفيا بالبقاء على ذات الحال حتى هدأ تاي بشكل كامل و توقفت دموعه و اخيرا عن النزول ....
كوك كان شارد الفكر ينظر للفراغ حتى ايقظته يد تاي التي ارتكزت على كتفه تهزه ليعود لواقعه ...
تحدث تاي الذي كان قد استقام من مكانه و هو يحمل حقيبته على ظهره و قد اعاد و ضع اغراضه القليلة فيها ...( لن نستمر بالجلوس هكذا حتى نتجمد ) ..قام بإخماد النار و ابتعد عن الاخر بضع خطوات يتجنب النظر له....
الاصغر بمجرد فهمه لما يفعله تاي حمل نفسه و وقف من مكانه ليجمع اغراضه و يعود لحمل حقيبته و اتجه ليتبع الاكبر على عجل...
فكر كوك انهما بالفعل يملكان فرصة رغم كونها ضئيلة في ايجاد المساعدة و يبدوا ان الاكبر يمتلك الرغبة حقا بالنجاة لذا سيبذل ما بوسعه حتى ينجو هو الاخر...
.
مضى الوقت و هما يسيران دون توقف ..ربما لا يعرفان تجاههما جيدا لكنهما يحاولان ...الصمت كان سيد المكان كالعادة يخترقه صوت انفاسهم المتقطعة و صوت الرياح القوية التي تهب عكسهما ...
سأل تاي الاصغر بينما نظره معلق على الطريق امامه ( الست تملك خريطة ؟ )
اجاب كوك ( نعم املك) رغم انه يعلم انها قد لا تفيدهما كثيرا ...
توقفا قليلا ليخرج كوك الخريطة ويعطيها لتاي الذي امضى عدة دقائق ينظر لها قبل ان يطويها و يعيدها لكوك و يغير اتجاه سيره قليلا ...
كوك لم يسأل فقد شعر ان تاي يملك الرغبة و الهمة للاستمرار لذا سيتبعه هذه المرة ....
.
تسائل كوك في داخله بعد ان عادت ألام قدميه من جديد ...تسائل عن حال تاي الذي كان يسير و يتعثر قليلا ...هل سيكون بخير ؟
ابتلع ريقه و سأل الاكبر بتوتر ( تايهيونغ هل انت بخير ؟ )
لكن الاخر تجاهله و احبط كوك الذي رأى انه قد يؤذي نفسه على هذه الحال من تجاهله لذاته .. لكن تاي لم يكن جل تركيزه على خوف كوك عليه بل كان قد توقف عن السير ليرفع انظاره للاعلى كما رأسه... عندما لاحظ كوك فعلة الاخر رفع رأسه ايضا ... كانت طيارة تحلق في الاتجاه المعاكس لهم أي انهم يسيرون في اتجاه احد المطارات ...
.
ابتسم كلاهما رغم عدم انتباه من يقود الطائرة لتواجدهما الا انهما وقتها امتلكا الامل بالخروج من تلك الارض الواسعة المتجمدة .. ربما هي كانت في وقت سابق بحيرة ضخمة ..
.
امتد سيرهما المزيد من الوقت .. اجسادهم كانت تكاد تهوي على الارض في اي لحظة و كما جف ريقهما لشدة عطشهم ...
لم يكن يفصلهم عن المطار الا بضع كيلومترات قليلة .. لكن رغم اقترابهم من هدفهم الا ان اكبرهما تعثر في خطاه ليسقط على ذلك الجليد غير قادر على المتابعة فقد نفذت طاقته بحق ..
هرع جونغكوك له مسرعا ليتفقده .. قام بإخراج قنينة المياه التي معه و التي لم تعد تحوي الكثير .. اجبر الاكبر على شرب القليل ثم جلس القرفصاء ليحمله على ظهره و يجعل يداه تحيطان عنقه و امسكه بيديه من فخديه كي لا يسقط ... وهكذا اكمل السير لكن بوتيرة ابطئ و بحمل ثقيل على ظهره ....
مر الوقت و قد اقاتربت الشمس من المغيب كون كوك كان يأخذ فتارت راحة بين كل بضعة مئات من الامتار ..
بدأ المطار يصبح في مجال رؤية الاصغر .. نكز الاكبر بكتفه ليجعله يرفع رأسه قليلا و لكن سرعان ما اعاد انزاله لشدة ارهاقه ...
تحدث كوك مخاطبا اياه ( تايهيونغ انظر لقد وصلا واخيرا )
لم يحصل على رد من الاخر رغم انه ابتسم بضعف
لكن تلك الابتسامة لم تظهر امام كوك ...
..
سقط الاصغر ايضا ليسقط تاي بجانبه .. كانا قد وصلا حقا لأحد حاويات الطائرات الضخمة ذات الباب الكبير المفتوح الذي يقف على مقربة منه مجموعة من الرجال الذين يعملون في المطار ..
فور رؤيتهم لهما هرعوا ليساعدوهم ... جيون جونغكوك و كيم تايهيونغ كانا سبب لرحلات بحث امتدت على مدار فترة اختفائهما تلك ..
غابا عن الوعي ليتم نقلهما للمشفى البسيط الذي بجوار المطار ...
في غرفتهم كان صديق كوك الذي كان ينتظره و عائلته يجلسون برفقة اصدقاء تاي الذين نجوا كلهم الا اثنين لم يعثر حتى الان على جثمانهم ....
.
فتح الاثنان عينيهما ليستقبلا بالاحضان ...
ابتسم كوك لمن احتضنه ليتحدث ( هوسوك هيونغ ! )
ابتسم الاخر بارتياح كون صديقه لم يفقد كأغلب من ضاعوا و تاهوا في هذه الثلوج...
تبادلوا اطراف الحديث حتى منتصف الليل ليغادروا و يتركوا الاثنين لوحدهما ..
تاي الذي كان يشعر بالحزن على من فُقدا رغم انهما لم يكونا مقربين منه لكنه بمجرد التفكير فيما عاشاه و ما إن كانا على قيد الحياة ام لا ...هذا محزن بحق
رأى كوك الحزن في عيون الاخر ليتحدث مغيرا ذلك الجو الكئيب ...
( لقد فعلناها و نجونا ..هذا رائع )
رد تاي و الدموع كعادتها تجمعت في عينيه ( اجل لقد فعلناها ...لكن الكثير لم يحالفهم الحظ مثلنا )
كان يقصد والده و صديقاه ...
استقام كوك من على سريره المجاور لسرير الاخر ...جلس على طرف سرير تاي و مد يده ليبعد خصلات شعر الاكبر الطويلة عن جبينه ...
تحدث له بصوت هادئ ( هم في مكان افضل الان ..انا واثق ان والدك فخور بك على ما فعلت )
رفع تاي انظاره لتقابل خاصة كوك الذي يبتسم له بلطف ...
( حقا ؟) قالها كطفل صغير ...ليرد عليه كوك بينما اقترب اكثر منه ليستلقي بجانبه و يضمه لصدره و يربت على ظهره ( نعم انا متأكد)
.
نام كلاهما براحة لم يشعرا بها ابدا من قبل ..
٢١/ نوفمبر ٢٠١٥
رغم كمية التعب و المعانات و الخوف الذي عاشاه هم استطاعوا في النهاية ايجاد طريقهم و النجاة ...
تايهيونغ و جونغكوك بعدها اصبحى صديقين ..
و بعد مرور سنة استطاع تاي تسلق ذلك الجبل مرة اخرى والوصول لقمته ....
وقتها بكى بشدة ....لكن دموعه كانت دموع سعادة
.
.
انتهى ٥٦٧٠ كلمة
تمت كتابة اكثر من نصفه قبل اشهر و أكملته في ١٠\٧
رأيكم ؟
الفكرة ؟
نقد ؟
لوف يو 🍀
____________
Коментарі
Упорядкувати
- За популярністю
- Спочатку нові
- По порядку
Показати всі коментарі
(1)
Oneshot
الفكرة تخوت ما في نقد حلو حبيتها كثييييير
Відповісти
2018-08-28 23:45:51
1