الفصل الأول
الفصل الأول

-لقد ماتتْ ، نأسفُ علىٰ ذلكَ.


أردفَ الطبيبُ بهٰذه الكلماتِ ؛ مُعلنًا عن سقُوطها في
الكرى الأبدي. جاء دور يدهِ ، لترفَع غطاء الموتِ عليها
و إذا به يتراجع بذعر و يبادله الحاضرين ذعره.

فقد فتحتْ المتوفيةُ عينيها للتو علىٰ سريرِ المشفىٰ
أنزلَ الطبيبُ كمامته عن وجههِ من الصدمة ، ثُم
تقدمتْ أحد الواقفِين –و التي تَكون أختها– قالتْ
بصوتٍ لا تَعرف مِنه ماذا تقصد من أعسَانِ المشاعر:

-انتِ علىٰ قيد الحياة؟

وقفَ جميعُ الحاضرين بذهولٍ ، و كذٰلك تلك الّتي تنتظر إجابة.



كانتْ تنظرُ إلىٰ السقفِ فوقَها ، و عينيها تُركزان عليه
بكلِ نَصب ، فأفاقَ الأطباء من غفوتهم و توجهوا إليها. ثُم طلبتْ أحد المُمرضات الخروج من الغرفةِ.

_____________________


•على قيد الحياة؟:-



خرجَ الإثْنان بملامحٍ تتخلخلُها الصدمةُ الوبيلة ، كانتْ
الأخت و التُدعىٰ ( رُويدَا علي ) و الأم ( فَرح مصطفَى ) جلستْ الصّغيرة على أحد الكرَاسِي و قالتْ بفرحٍ:

-أُختي حية...أختي الصّغيرة حية.‌

قامتْ مِن مكَانِها و الماءِ الزلّال يسيلُ من عينيها بنَهمٍ.
اتجهتْ إلىٰ وَالدتِها و حانَ وقت مكامعتِها لها بفرحٍ ،
ابتعدتْ عنها ثُم حركتْ عينيها علىٰ وجههَا‌ العَابس
ثم قالتْ:

-أمي...أقول لكِ أن ( ريم ) حية

ظلتْ تنظرُ إليها بعجبٍ ، هل هيَ ليستْ سَعيدة بحياةِ
ابنتها؟ اِبتعدتْ عنها تمامًا و نادتها بلقبها –أمي– بعدمْ
تَصديق.

رفعتْ ( فرح ) رأْسَها مع ابتسامةٍ لطيفة تزينُ مِحياها و قالتْ لها:

-أنا سعِيدةٌ جدًا ، لقد كنتُ في صدمةٍ من هذا الأمرُ
فقد كانتْ حادثة ضَخمة بالفعل.

أقدمتْ عليها تُعانقها ، و همستْ في أذنِها‌ تُطمئنها أنَّ
كل شيءٍ علىٰ ما يرام ، لَكن هٰذه الكلمات لمْ تُلقِي
في نفسِها الأمان.

فَهي تَعلمُ ماضي والدتها الأسوَد ، و مُمارستِها للسحرِ
الغائل و توعيذَاتها الّتي ترسلُ الحاضرُ إلى الماضي.
خرجَ الطبيبُ ثُم قالَ لهم:

-إنَّ ابنتَكم تتنفسُ من جديدٍ ، لكن الزجاجُ تركَ‌ الكثيرَ من الأعسَانِ علىٰ جسدها.

و أضافَ كذلكَ ، و هو يرفع كمامته عن وجهه قائلًا:

-و من تلكَ الآثار ؛ أنَّ عينيها قد تأثرتَا ، و هي
بحاجة إلىٰ بعض العمليات.

أخرجتْ ( رُويدا ) نفسًا عميقًا ، إحتبسته في صدرِها
من لَحظة دخول الطبيب ، كانتْ علىٰ وشكِ التكلم
لكن والدتها سبقتْ:

-حسنًا...كم سيكلف هذا؟

نظرتْ إلى ( فرح ) بعجبٍ. هل كل ما يهُمها المال؟
شرحَ لها الطبيب أنَّ المال ليس ضروريًا ، و أنَّ العملية مستعجلة للغاية.

فتحركتْ بسرعة قبلَ أن تَردف أُمَّها ، و قَالتْ:

-فعلًا ، لا بأسَ في المالِ ؛ سنتصرف نحن. لكن
استَعْجل من فضلك.

بدتْ مَلامح الصدمة علىٰ وجه الأم ، و أومأ الطبيب بالإيجاب و ذَهبَ ؛ ليُعلمَ فريقة. و إذا بهِ يستديرّ
و يقول لهم:

-عليكنَّ العودة إلىٰ البيت الآن ، فقد تأخر الوقت
و المشفىٰ لن تسمح ببقاءِ أحد مدةٍ أطول.

♪♬________________________♬♪


ماذا نفعل؟:-

عادوا إلىٰ بيتِهم مع هُجوم أقواس الشمسِ ، جلستْ
( فرح ) و جلستْ بقربها ابنتُها و أردفت بحسرة:

-أمي...أنتِ لا تبدين متأثِرة بما حدث لـ ( ريم ).

حركتْ يديها ؛ لتستند علىٰ ركبتيها ، حررتْ الأم شعر
إبنتها الأسود القشيب بصبغةِ الليل من حجابه ، حركتْ يدها عليه تتحسس نعومته الفائقة. قالت لها:

-عزيزتي ، أنتِ و أختكِ أغلىٰ ما أمتلك في الدنيا
و قد علمتُ أنها بخير ، و أعلمُ أنك حساسة
فلم أُرد أن أكون حزينة أمامك.


ثم تحركت لعناقها ، كوّنَ انعكَاس نظارتها هالة لمعان
أعلىٰ رأسها –حيث عينيها– و تزيدها دموعها لمعانًا
مع لؤلؤتين بزرقة البحر.


_____________________

انتهى الفصل ʕ ꈍᴥꈍʔ

#أي أخطاء لاحظتها؟

© Under The moon,
книга «ظلي الملاحق».
Коментарі