Part 1
يا من أنا في هواهُ مُعذَّب
قلبي وكلّي في غرامِكَ ذائِب.
__________
فرنسا - الرابع عشر من نوفمبر، ١٩٦٢.
تختلس الشمس مكانها بين الغيوم فتنير عتمة الليلة الماضيه، مع بعض نسمات الهواء الباردة؛ استيقظتُ بصعوبة فَ قد عدتُ إلى المنزل متأخرًا ليلة أمس؛ كان عليّ العمل على مجموعة من الأوراق التي تخص شحنة الكتب القادمة، وحقيقةً لم أستطع النوم طوال الليل، أفكر في الخطوة التي سأقوم بها اليوم.
نهضت حتى أُوقِظ إبنتي من النوم، اليوم هو السبت حيث تذهب إلى تمرين البالية المفضل لها و لي بالمناسبه،
"آن، استيقظي صغيرتي"
وكالعادة، هي لم تستمع لي من أولِ مرة و لكني أعلم ما سوف يجعلها تقفز بِلحظه ..
"اليوم هو السبت، يوم درس الباليه، سوف أحضرُ لكِ الفطور حتى..-"
لم أُكمل كلامي إلا وهي واقفة أمامي بشعرها الأشقر المبعثر ووجنتيها الحمراوتين من النوم تفرك عينيها ثم نظرت لي بنظرات لامعه،
"حقًا اليوم هو السبت! هيا هيا لنذهب الآن"
"حسنًا حسنًا على رسلك، لكن أولًا عليكِ غسل وجهك وأسنانك لكي تتجهزي"
أردفت وأنا أحاول أن أوقفها عن سحبي، هي متحمسه كثيرًا ولكنها لا تعلم أنّي متحمس أكثر منها لهذا اليوم، فأنا أخطط له منذ شهرين وأتمنى أن ينجح.
"حسنًا ها نحن ذا إنتهينا، هيا بنا"
قلت وأنا أضع لها الطوق على خصلاتها المرتبه، خرجنا من المنزل بإتجاه السيارة ووضعت آن فيها ثم قدت إلىٰ أكاديمية تعليم البالية، و في طريقي توقفت بجانب المقهى وأخذت كوب قهوةٍ مثلجة ووضعت عليها رسالتي لليوم الأول، ناويًّا مصارحه معلمه آن أنّي معجبُ بها منذ فترة ..
منذ أن توفت والده آن عند ولادتها وأنا لم يدخل قلبي غير هذه المعلمة الحسناء؛ عينيها البندقيتان ووجنتيها التي انتشر عليها حبات من السكر وإبتسامتها المشرقه، رؤيتها تجعل قلبي ينبض بعنف ولا أستطيع سوا أن أبتسم ابتسامة بلهاء وأصافحها وانسحب، يتبارك يومي وقتها وأُكمل يومي براحة وصفاء، آه لو تعلمون كم أنتظر يوم السبت من كل أسبوع حتى يتسنى لي رؤيتها..أكاد أُجن.
---
وصل إيدن وآن إلى أكاديميه تعليم البالية ودخلوا صالة الرقص، كانت إيليا معلمة الرقص مشغولة بالحديث مع أحد الأطفال لكن صياح آن ب"آنسه إيليا" قطع حديثها وجعلها تلتفت لتراها تركض نحوها بقدميها القصيرتين اللطيفتين لقصر قامتها
فتحت إيليا ذراعيها على وسعها لإستقبال الصغيرة التي أتت مسرعة،
"اوه حبيبتي أنتِ هنا بالفعل، صباح الخير"
قالت وهي تحتضنها بضيق،
"صباح الخير، آنستي"
أردفت آن بعدما أبتعدت عن معلمتها، قهقهة الأب في الخلف جعل إيليا ترفع نظرها له
"صباح الخير آنسه إيليا، أتمنى أن هذه الشقية لم تقم بإزعاجك"
قال إيدن وهو يبتسم تجاهها
" بالعكس فأنا أحبها جدًا هي لطيفة"
"حسنًا أرى هذا، إليكِ هذه القهوة لقد أحضرتها من أجلك أتمنى أن تنال إعجابِك"،
"هذا لطف منك شكرًا جزيلًا"
قالت إيليا بإبتسامة خجوله، نظر لها نظرة طويلة ثم إلتفت لإبنته متحدثًا،
" أنا ذاهب للعمل صغيرتي، لا تفتعلي المشاكل ولا تزعجي معلمتُكِ، عند انتهائك سوف أعود لإيصالك للمنزل"،
"حسنًا أبي، وداعًا"
أعطته قبلة على وجنته وركضت لزميلاتها.
ودّع أيدن إيليا وذهب، نظرت هي إلى كوب القهوة وجدت ورقة مثبَّته به فقرأتها باستغراب
"الشمسُ تُشرقُ على الدُنيا وما لي غيرُ أبتسامتِكِ تُنيرُ قلبِي"
-إيدن سباستيان.
إبتسامة زحفت إلى وجهها ببطء، ورُغم التعجب البادي على وجهها من الكلمات المكتوبه، إلا أن هذا الفعل أثار إعجابها
هي لا تنكر أن إيدن جذّاب إلى حد ما فهي كانت تنظر له في بعض الأحيان، كان يروقها كيف انه يعامل ابنته بلطفٍ وكيف أنه يبتسم تجاهها دومًا إبتسامة عذبة جميلة، ناهيك عن وسامته وعينيه المائلة إلى الاخضرار وفكّه الحاد وملابسة الرسمية التي تليق عليه بمثالية.
نفضت كل هذه الأفكار بعيدًا وذهبت إلى الأطفال لتُعلمهم درس اليوم، لكن للحقيقة هي تفكر قليلًا -كثيرًا- في هذه الرسالة.
---
واقف والذهول في عينيك، فأنت لم تر كمًا من الكتب مثل هذا من قبل، مكتبةٌ كبيرة مترامية الأطراف وشاهقة الإرتفاع، حين يدخلها محبي القراءة -وغير المحبين كذلك- يشعرون كأنه النعيم، فعينيك تنهل من كل ما هو أمامك، لا تعلم من أين تبدأ وأي الكتب تختار فهنا تجد كل ما يتخيله عقلك وما لا يستطيع عقلك تخيله،
مكتبه سباستيان هي ما نتحدث عنه وهي حيث إيدن متواجد الآن.
قرعٌ على مكتبه أخرجه من شروده فتمتم بتفضل، دخل مساعده ڤين يخبره أن يوقع على بعض الاوراق قبل بداية الاجتماع مع كاتب روائي جديد حيث يساعد إيدن المواهب الشابة بنشر أعمالهم في مكتبتهِ لعلها تلقى رواجًا حسنًا.
---
مددتُ جسدي بعد نهاية الأجتماع وذهبت كي أتفقد أحوال المكتبة وأسبح بين حناياها، أحب كل فترةٍ أن أتمشى بين أرفف الكتب فهي تعطيني سعادة لا تُوصف،
منذ أن كنت صغيرًا وأنا أعشق القراءة وكل ما يتعلق بالكتب، ولذلك السبب أجتهدت لأفتتاح هذه المكتبه.
نظرت إلى ساعتي فإذا به موعد إنتهاء التمرين، فأسرعت ذاهبًا إلى الأكاديمية حتى لا أتاخر ويتم رمقي بأسوأ النظرات من آن العابسة التي انتظرت كالدهر -بالنسبة لها- وهو لا شيء سوا خمسة عشر دقيقة.
---
عندما ذهبوا للمنزل كان عليه أن يواجه آن المتحمسة لتُريه الذي تعلمته ف التمرين، جعلها تنتظر حتى يحضر طعام الغداء ثم جلست تريه خطوات الرقصة التي علمتها إياها الآنسه إيليا، وهو كان في عالم آخر يفكر في رد فعل إيليا على الرسالة فهو بالطبع لم يستطع مواجهتها بعد، هذا ولا يعلم كيف سيعطيها الرسالة القادمة وماذا سيكتب بها، فهو يحاول أن يكتب كلمات تمسُّ قلبها دون أن تكون مبتذلة ولا تعطيها إنطباع أنه شخص سيء يريد العبث فقط.
الكثير من الورق المتناثر في أنحاء الغرفة وشعر مبعثر هو مايقابلك حين تفتح باب غرفة إيدن، فالمسكين لا يعلم ماذا عليه أن يكتب في الرسالة القادمة وجميع المحاولات باءت بالفشل.
ترك ما بيده ووقف يستنشق بعض الهواء في الشرفة مع شعور مكبوت من الحزن حين تذكر زوجته الراحلة سيلينا، كان يحملُ لها قدرًا كبيرًا من الحب ويحزنه أنّه أحب إيليا، لكن هو لا يستطيع منع قلبه، قد حاول وصد قلبه عنها كثيرًا لكن في النهاية استسلم ولم يعدُ يقاوم فَ حبه لها إستولىٰ على قلبه وأصبح أسير عبيرها الفواح.
مر هذا الاسبوع بدون أحداث سوا أن إيليا شُغِل عقلها بالرسالة وهذا ما كان يُخطط له إيدن وبدى أن خطته نجحت، لكن عزمَت على سؤاله عن هذه الرسالة في المرة القادمة، وعلى صعيدٍ آخر توصَّلَ إيدن إلى ما سوف يكتبه في رسالةِ الأسبوع القادم لحسن الحظ قبل أن يفتَك التفكير به.
جاء يوم السبت والجو يشتد بروده لإقتراب ديسمبر، أوقف إيدن سيارته أمام الأكاديمية وقبل أن تنزِل آن أمسك بيدها قائلًا؛
"هل يمكنكِ أن تُسدي لي معروف صغيرتي؟!"،
"نعم أبي، بالتأكيد، ماذا أفعل؟"،
"أعطِ هذه للآنسة إيليا"
أردف إيدن مع مد يده التي تُمسِك بكوب القهوة، و آن أومئت،
"حسنًا أبي وداعًا، لا تتأخر بالقدوم"
"حسنًا صغيرتي"
قالها مع ابتسامة مع إعطائها قبلة على وجنتها قبل ان تترجل من السيارة، مبتسمًا عندما إستطاع التهرب لهذه المره وعدم مقابله إيليا، ليُسرِع تجاه عملِه.
دخلت آن وأعطت كوب القهوة لإيليا متحدثه بإبتسامه،
"هذا من أبي"
وقبل أن تقرأ إيليا الرسالة أسرعت للخارج حتى تلحق بإيدن، لكن لم تستطع لأنه كان قد ذهب بالفعل، فهزّت رأسها يمينًا ويسارًا بقلة حيلة ثم ذهبت للداخل كي تقرأ الرسالة.
---
"في كل مرةٍ أنظرُ إلي عينيكِ أعلم أنّي مهما لففتُ الدنيا بأسرِها لن ألقىٰ سِوى عينيكِ وطني وملجأي"
هذه هي المرة السابعة عشر التي أقرأ بها هذه الرسالة وكل مرة أشعر بمشاعر مختلطة ومتضاربة؛ وكأني أغوص بعمق البحر دون تنفس ثم أخرج لأُعيد الكرّة وأغوص ثانية، سُحقًا لما قلبي ينبض بهذا العنف؟ كأني كنت أصعد قمة برج وليس أقرأ رسالة..لا أعلم ماذا يحدث لي، لكنه شعور مؤلم ومحبب.
---
ما هذا بحق السماء! يستمر بإرسال الرسائل ويتحجج فقط بأنه متأخر عن عمله حين أنوي سؤاله عنها أو يبعثها مع آن،
قد مر أسبوعين آخرين ورسالتين أُخرتين وأشعر أني أسقط عميقًا، لقد كنت أكرر طوال حياتي أني لن أقع بحب رجل فأنا أشعر أنه لا أحد يستحق الحب سوىٰ نفسي ونفسي هي التي سوف تساعدني دائمًا ولن تخذلني في أي موقف
من بعد وفاة والديّ في حادثة السيارة وهم قادمين من مارسيليا إلى باريس لحضور حفلٍ لي، وتخلي الفتى الذي أُحب عني قائلًا أنه لا يريد أن يتحمل مصاريفي وأنّي أزيد العبء عليه رغم أنّي لم أطلب منه شيء لكن من الواضح أنها حجه حتى ينفصل عني، من وقتها قررت الاعتماد على نفسي وأعتنقت فكرة أن لا أحد يستحق حبي سواي
فما بالي الآن أنتحب كالمراهقة التي رأت شابًا وسيمًا، مابالي أسقط كأني أسقط من أعلى بناية وأتوقع إرتطامًا مؤلمًا لكن أتحول في النهاية إلى ريشة تسقط ببطءٍ ورقة مهما كان الإرتفاع عاليًا، أهذا هو الحب؟! إنه شعور محبب رغم غرابته فإن كان القاع بمثل هذا الشعور الجميل فإني أود أن أصل للقاع بسرعة.
---
"أبي، هل يمكننا أن نُحضر الآنسة إيليا إلى حفل عيدميلادي الأسبوع المقبل؟"
قالت آن بنبرة متحمسة
"بالتأكيد صغيرتي، سوف أُخبرها خلال هذا الأسبوع وهي تُحبكِ فَلا أعتقد أنها قد ترفض"
صاحت الصغيرة بسعادة وبدأت تقفز في الأرجاء وتركت إيدن الذي شحب وجهه، سوف يضطر أن يدعوا إيليا بنفسه ويحاول إقناعها أن تحضر لأنه من المؤكد سوف ترفض بسبب رسائله التي يبعثها لها.
........
كده اول بارت..لاڤ يو~
قلبي وكلّي في غرامِكَ ذائِب.
__________
فرنسا - الرابع عشر من نوفمبر، ١٩٦٢.
تختلس الشمس مكانها بين الغيوم فتنير عتمة الليلة الماضيه، مع بعض نسمات الهواء الباردة؛ استيقظتُ بصعوبة فَ قد عدتُ إلى المنزل متأخرًا ليلة أمس؛ كان عليّ العمل على مجموعة من الأوراق التي تخص شحنة الكتب القادمة، وحقيقةً لم أستطع النوم طوال الليل، أفكر في الخطوة التي سأقوم بها اليوم.
نهضت حتى أُوقِظ إبنتي من النوم، اليوم هو السبت حيث تذهب إلى تمرين البالية المفضل لها و لي بالمناسبه،
"آن، استيقظي صغيرتي"
وكالعادة، هي لم تستمع لي من أولِ مرة و لكني أعلم ما سوف يجعلها تقفز بِلحظه ..
"اليوم هو السبت، يوم درس الباليه، سوف أحضرُ لكِ الفطور حتى..-"
لم أُكمل كلامي إلا وهي واقفة أمامي بشعرها الأشقر المبعثر ووجنتيها الحمراوتين من النوم تفرك عينيها ثم نظرت لي بنظرات لامعه،
"حقًا اليوم هو السبت! هيا هيا لنذهب الآن"
"حسنًا حسنًا على رسلك، لكن أولًا عليكِ غسل وجهك وأسنانك لكي تتجهزي"
أردفت وأنا أحاول أن أوقفها عن سحبي، هي متحمسه كثيرًا ولكنها لا تعلم أنّي متحمس أكثر منها لهذا اليوم، فأنا أخطط له منذ شهرين وأتمنى أن ينجح.
"حسنًا ها نحن ذا إنتهينا، هيا بنا"
قلت وأنا أضع لها الطوق على خصلاتها المرتبه، خرجنا من المنزل بإتجاه السيارة ووضعت آن فيها ثم قدت إلىٰ أكاديمية تعليم البالية، و في طريقي توقفت بجانب المقهى وأخذت كوب قهوةٍ مثلجة ووضعت عليها رسالتي لليوم الأول، ناويًّا مصارحه معلمه آن أنّي معجبُ بها منذ فترة ..
منذ أن توفت والده آن عند ولادتها وأنا لم يدخل قلبي غير هذه المعلمة الحسناء؛ عينيها البندقيتان ووجنتيها التي انتشر عليها حبات من السكر وإبتسامتها المشرقه، رؤيتها تجعل قلبي ينبض بعنف ولا أستطيع سوا أن أبتسم ابتسامة بلهاء وأصافحها وانسحب، يتبارك يومي وقتها وأُكمل يومي براحة وصفاء، آه لو تعلمون كم أنتظر يوم السبت من كل أسبوع حتى يتسنى لي رؤيتها..أكاد أُجن.
---
وصل إيدن وآن إلى أكاديميه تعليم البالية ودخلوا صالة الرقص، كانت إيليا معلمة الرقص مشغولة بالحديث مع أحد الأطفال لكن صياح آن ب"آنسه إيليا" قطع حديثها وجعلها تلتفت لتراها تركض نحوها بقدميها القصيرتين اللطيفتين لقصر قامتها
فتحت إيليا ذراعيها على وسعها لإستقبال الصغيرة التي أتت مسرعة،
"اوه حبيبتي أنتِ هنا بالفعل، صباح الخير"
قالت وهي تحتضنها بضيق،
"صباح الخير، آنستي"
أردفت آن بعدما أبتعدت عن معلمتها، قهقهة الأب في الخلف جعل إيليا ترفع نظرها له
"صباح الخير آنسه إيليا، أتمنى أن هذه الشقية لم تقم بإزعاجك"
قال إيدن وهو يبتسم تجاهها
" بالعكس فأنا أحبها جدًا هي لطيفة"
"حسنًا أرى هذا، إليكِ هذه القهوة لقد أحضرتها من أجلك أتمنى أن تنال إعجابِك"،
"هذا لطف منك شكرًا جزيلًا"
قالت إيليا بإبتسامة خجوله، نظر لها نظرة طويلة ثم إلتفت لإبنته متحدثًا،
" أنا ذاهب للعمل صغيرتي، لا تفتعلي المشاكل ولا تزعجي معلمتُكِ، عند انتهائك سوف أعود لإيصالك للمنزل"،
"حسنًا أبي، وداعًا"
أعطته قبلة على وجنته وركضت لزميلاتها.
ودّع أيدن إيليا وذهب، نظرت هي إلى كوب القهوة وجدت ورقة مثبَّته به فقرأتها باستغراب
"الشمسُ تُشرقُ على الدُنيا وما لي غيرُ أبتسامتِكِ تُنيرُ قلبِي"
-إيدن سباستيان.
إبتسامة زحفت إلى وجهها ببطء، ورُغم التعجب البادي على وجهها من الكلمات المكتوبه، إلا أن هذا الفعل أثار إعجابها
هي لا تنكر أن إيدن جذّاب إلى حد ما فهي كانت تنظر له في بعض الأحيان، كان يروقها كيف انه يعامل ابنته بلطفٍ وكيف أنه يبتسم تجاهها دومًا إبتسامة عذبة جميلة، ناهيك عن وسامته وعينيه المائلة إلى الاخضرار وفكّه الحاد وملابسة الرسمية التي تليق عليه بمثالية.
نفضت كل هذه الأفكار بعيدًا وذهبت إلى الأطفال لتُعلمهم درس اليوم، لكن للحقيقة هي تفكر قليلًا -كثيرًا- في هذه الرسالة.
---
واقف والذهول في عينيك، فأنت لم تر كمًا من الكتب مثل هذا من قبل، مكتبةٌ كبيرة مترامية الأطراف وشاهقة الإرتفاع، حين يدخلها محبي القراءة -وغير المحبين كذلك- يشعرون كأنه النعيم، فعينيك تنهل من كل ما هو أمامك، لا تعلم من أين تبدأ وأي الكتب تختار فهنا تجد كل ما يتخيله عقلك وما لا يستطيع عقلك تخيله،
مكتبه سباستيان هي ما نتحدث عنه وهي حيث إيدن متواجد الآن.
قرعٌ على مكتبه أخرجه من شروده فتمتم بتفضل، دخل مساعده ڤين يخبره أن يوقع على بعض الاوراق قبل بداية الاجتماع مع كاتب روائي جديد حيث يساعد إيدن المواهب الشابة بنشر أعمالهم في مكتبتهِ لعلها تلقى رواجًا حسنًا.
---
مددتُ جسدي بعد نهاية الأجتماع وذهبت كي أتفقد أحوال المكتبة وأسبح بين حناياها، أحب كل فترةٍ أن أتمشى بين أرفف الكتب فهي تعطيني سعادة لا تُوصف،
منذ أن كنت صغيرًا وأنا أعشق القراءة وكل ما يتعلق بالكتب، ولذلك السبب أجتهدت لأفتتاح هذه المكتبه.
نظرت إلى ساعتي فإذا به موعد إنتهاء التمرين، فأسرعت ذاهبًا إلى الأكاديمية حتى لا أتاخر ويتم رمقي بأسوأ النظرات من آن العابسة التي انتظرت كالدهر -بالنسبة لها- وهو لا شيء سوا خمسة عشر دقيقة.
---
عندما ذهبوا للمنزل كان عليه أن يواجه آن المتحمسة لتُريه الذي تعلمته ف التمرين، جعلها تنتظر حتى يحضر طعام الغداء ثم جلست تريه خطوات الرقصة التي علمتها إياها الآنسه إيليا، وهو كان في عالم آخر يفكر في رد فعل إيليا على الرسالة فهو بالطبع لم يستطع مواجهتها بعد، هذا ولا يعلم كيف سيعطيها الرسالة القادمة وماذا سيكتب بها، فهو يحاول أن يكتب كلمات تمسُّ قلبها دون أن تكون مبتذلة ولا تعطيها إنطباع أنه شخص سيء يريد العبث فقط.
الكثير من الورق المتناثر في أنحاء الغرفة وشعر مبعثر هو مايقابلك حين تفتح باب غرفة إيدن، فالمسكين لا يعلم ماذا عليه أن يكتب في الرسالة القادمة وجميع المحاولات باءت بالفشل.
ترك ما بيده ووقف يستنشق بعض الهواء في الشرفة مع شعور مكبوت من الحزن حين تذكر زوجته الراحلة سيلينا، كان يحملُ لها قدرًا كبيرًا من الحب ويحزنه أنّه أحب إيليا، لكن هو لا يستطيع منع قلبه، قد حاول وصد قلبه عنها كثيرًا لكن في النهاية استسلم ولم يعدُ يقاوم فَ حبه لها إستولىٰ على قلبه وأصبح أسير عبيرها الفواح.
مر هذا الاسبوع بدون أحداث سوا أن إيليا شُغِل عقلها بالرسالة وهذا ما كان يُخطط له إيدن وبدى أن خطته نجحت، لكن عزمَت على سؤاله عن هذه الرسالة في المرة القادمة، وعلى صعيدٍ آخر توصَّلَ إيدن إلى ما سوف يكتبه في رسالةِ الأسبوع القادم لحسن الحظ قبل أن يفتَك التفكير به.
جاء يوم السبت والجو يشتد بروده لإقتراب ديسمبر، أوقف إيدن سيارته أمام الأكاديمية وقبل أن تنزِل آن أمسك بيدها قائلًا؛
"هل يمكنكِ أن تُسدي لي معروف صغيرتي؟!"،
"نعم أبي، بالتأكيد، ماذا أفعل؟"،
"أعطِ هذه للآنسة إيليا"
أردف إيدن مع مد يده التي تُمسِك بكوب القهوة، و آن أومئت،
"حسنًا أبي وداعًا، لا تتأخر بالقدوم"
"حسنًا صغيرتي"
قالها مع ابتسامة مع إعطائها قبلة على وجنتها قبل ان تترجل من السيارة، مبتسمًا عندما إستطاع التهرب لهذه المره وعدم مقابله إيليا، ليُسرِع تجاه عملِه.
دخلت آن وأعطت كوب القهوة لإيليا متحدثه بإبتسامه،
"هذا من أبي"
وقبل أن تقرأ إيليا الرسالة أسرعت للخارج حتى تلحق بإيدن، لكن لم تستطع لأنه كان قد ذهب بالفعل، فهزّت رأسها يمينًا ويسارًا بقلة حيلة ثم ذهبت للداخل كي تقرأ الرسالة.
---
"في كل مرةٍ أنظرُ إلي عينيكِ أعلم أنّي مهما لففتُ الدنيا بأسرِها لن ألقىٰ سِوى عينيكِ وطني وملجأي"
هذه هي المرة السابعة عشر التي أقرأ بها هذه الرسالة وكل مرة أشعر بمشاعر مختلطة ومتضاربة؛ وكأني أغوص بعمق البحر دون تنفس ثم أخرج لأُعيد الكرّة وأغوص ثانية، سُحقًا لما قلبي ينبض بهذا العنف؟ كأني كنت أصعد قمة برج وليس أقرأ رسالة..لا أعلم ماذا يحدث لي، لكنه شعور مؤلم ومحبب.
---
ما هذا بحق السماء! يستمر بإرسال الرسائل ويتحجج فقط بأنه متأخر عن عمله حين أنوي سؤاله عنها أو يبعثها مع آن،
قد مر أسبوعين آخرين ورسالتين أُخرتين وأشعر أني أسقط عميقًا، لقد كنت أكرر طوال حياتي أني لن أقع بحب رجل فأنا أشعر أنه لا أحد يستحق الحب سوىٰ نفسي ونفسي هي التي سوف تساعدني دائمًا ولن تخذلني في أي موقف
من بعد وفاة والديّ في حادثة السيارة وهم قادمين من مارسيليا إلى باريس لحضور حفلٍ لي، وتخلي الفتى الذي أُحب عني قائلًا أنه لا يريد أن يتحمل مصاريفي وأنّي أزيد العبء عليه رغم أنّي لم أطلب منه شيء لكن من الواضح أنها حجه حتى ينفصل عني، من وقتها قررت الاعتماد على نفسي وأعتنقت فكرة أن لا أحد يستحق حبي سواي
فما بالي الآن أنتحب كالمراهقة التي رأت شابًا وسيمًا، مابالي أسقط كأني أسقط من أعلى بناية وأتوقع إرتطامًا مؤلمًا لكن أتحول في النهاية إلى ريشة تسقط ببطءٍ ورقة مهما كان الإرتفاع عاليًا، أهذا هو الحب؟! إنه شعور محبب رغم غرابته فإن كان القاع بمثل هذا الشعور الجميل فإني أود أن أصل للقاع بسرعة.
---
"أبي، هل يمكننا أن نُحضر الآنسة إيليا إلى حفل عيدميلادي الأسبوع المقبل؟"
قالت آن بنبرة متحمسة
"بالتأكيد صغيرتي، سوف أُخبرها خلال هذا الأسبوع وهي تُحبكِ فَلا أعتقد أنها قد ترفض"
صاحت الصغيرة بسعادة وبدأت تقفز في الأرجاء وتركت إيدن الذي شحب وجهه، سوف يضطر أن يدعوا إيليا بنفسه ويحاول إقناعها أن تحضر لأنه من المؤكد سوف ترفض بسبب رسائله التي يبعثها لها.
........
كده اول بارت..لاڤ يو~
Коментарі
Упорядкувати
- За популярністю
- Спочатку нові
- По порядку
Показати всі коментарі
(4)
Part 1
الرواية دي دخلت قلبي حقيقي خلاص 🥺😭💞💞💞💞💞💞
Відповісти
2020-09-03 14:19:07
1
Part 1
كيب جوينج في إبداعك القمر ده يا مُبدعةة 🥺😭💞💞💞💞💞💞💞💞
Відповісти
2020-09-03 14:19:31
1
Part 1
و على فكرة مش بس الأنسة إيليا اللي حبت الأب 🙂💁🏻♀️💕
Відповісти
2020-09-03 14:20:27
1