Chapter 2 ... أعينٌ ساخطة
لنعد إلى أراضي روسيا و ما يجري بها من أحداث ...
صوت خطوات اقدام تدوي راكضةً بسرعةٍ في طرقات هذا القصر الواسع الفخم مقتربةً خطوة بعد الأخرى من هذا الباب ذي المقبض الذهبي وتلك النقوش التي تزرع داخلك يقينًا بمجرد رؤيتها أنها ليست إلا معنىً للرقي والثراء و التي بالتأكيد يمتلكها أميرٌ ما ف إذ بأول الراكضين يمد يده إلى مقبض الباب ويفتحه سريعًا حتى القى الثاني بالشخص الثالث إلى داخل الغرفة
صرخ كيسنچر في حنق :-
هيا هارولد القه هنا
دخل هارولد يضرب بقدميه الأرض غضبا ثم قام بدفع ماكسم إلى داخل غرفة كيسنچر وأخذ يصرخ :-
اين تظن نفسك ذاهبًا؟؟؟! هيا ادخل إلى هنا
ثم استردف مزمجرًا :-
ما الذى تفعله انت بحق الجحيم؟؟!!
جاء الرد من ماكسم في نبرة مملوءة بالتساؤل :-
ما الذى أفعله تعلمون أنني لا استطيع الكذب!!!
أخذ كيسنچر يتلفت في الطرقات يمنةً ويسرةً ليتأكد من عدم وجود اي حراس أو خدم ، فأغلق الباب واطلق العنان لغضبه :-
ان كنت لا تجيده إذًا لا تفتح فاك هذا مجددًا وإلا قطعت لسانك ..!
- لن اصمت ف لستُ خائفاً منك !!
رأى هارولد الوضع يتأزم والأصوات تتعالى ، يمكنك أن تستشعر بالموجات تتذبذب في الهواء في طريقها إلى ذلك الباب من فرط علو أصواتهم ..! ، فشرع يهدئهم :-
اصمتا الآن ايها الطفلان ... أارتاح ضمير كل منكما الآن؟!!
لن نستطيع معرفة ما يجري بسبب غبائكما هذا
تظاهر كيسنچر بعدم الإهتمام بينما تشتعل في داخله نار الفضول ، بعد لحظات مرت من الصمت والضيق لم يستطع فيها كبح تلك النيران اللافحة داخله فتوجه إلى الباب دون سابق إنذار ، فصاح به هاورلد وتجاذبا أطراف الحوار :-
- إلى أين تظن نفسك مندفعًا بهذه الطريقة؟!
لمعرفة ما يجري ، ما الذي يشغل بالنا الآن سوى هذا !!
- تقولها وكأنك ملك القصر والحاكم به !
ماذا ستفعل .. أستستجوب الطبيب بصفتك الأمير حتى بعد أن طلب التحدث على انفراد ام ستذهب لسؤال والدنا الذي نهرنا لتوه؟!
لا مشكلة استطيع تولي هذا الأمر ، فقط لا تتدخل في شئوني كالعادة
- ألا تتعلم من أخطائك؟؟ ، ألا تتعظ؟!!
ألا تتذكر آخر مرة قمت بتولي الأمور فيها إلى اي شيء اوصلتنا ..!
لم ينتظر ماكسم حتى يجيب أخوه حتى أتى الرد منه في نبرة تحمل شيئًا من السخرية :-
أتسأله عن هذا؟؟
سأجيب انا إذًا فمن يمكنه أن ينسى شيئًا كهذا
- عن اي شيء تتحدثان الآن؟؟ انا لا أذكر شيئًا من هذا القبيل
أتت العبارة من فم كيسنچر الذي ينكر تذكر ايٍ من خطاياه السابقة مدعيًا عدم حدوثها ، لكن لم تمر ثانيةٌ حتى أجابه ماكسم بذات النبرة الساخرة :-
إذًا ... لِمَ لا نقلِب سويًا في حقيبة الذكريات هارولد ... فقط لنذكِّر أخانا المبجل مدعاة الفخر
<< Flash back >>
هيي كيسوو أانت واثق مما نفعل؟؟
جملة قالها هارولد هامسًا وهو يدور بناظريه في الأرجاء بقلق ويقترب من ذلك الباب الضخم ، فجاءه الرد بنبرة ثقة وفخر من كيسنچر :-
لا تسأل خبيرًا مثلي سؤالًا كهذا اخي ، لست بمفردك الذكي هنا
تكلم ماكسم في حنق واضعا سبابته قرب فمه :-
هشششش اخفض من صوتك ألا تدرك مدى سوء وخطورة الموقف الذى يحدث الآن؟؟ أتريد أن تكشفنا؟؟
فأجابه كيسنجر بتعجب :-
ما الذى نفعله؟! نحن نريد أن ننقذ والدينا من خطر محدق ما السئ في هذا ..!!
فأجابهم هارولد بتوجس :-
اذا اصمتا قليلًا حتى استطيع انقاذهما وسماع ما يقال!!
أخذ ضمير ماكسم يوخز ابره المقلقة في داخله ويصور له ما يمكن أن يحدث إن كُشفوا ..! ، فتكلم في شيءٍ من الضيق :-
آخ انا حقًا اشعر بالسوء ، ان كشفنا فلا مجال للرحمة
زفر هارولد بنفاذ صبر وتذمر :-
أوف محال هذا محال ، لا استطيع سماع اي شيء !!
جاءه الرد من كيسنچر قبل مرور ثوانٍ على تذمره :-
ابتعد ايها الطفل المتذمر واترك العمل للمحترفين
ثم اختتم جملته بمد يده ناحية مقبض باب تلك القاعة ، لم يكبح كل من هارولد وماكسم فزعهما فصرخا بصوت مكتوم :-
ماذا تفعل ايها المجنوون؟!!
- ماذا تظنان اني فاعل؟؟
سأفتح الباب قليلًا بحذر وبطء حتى نستطيع سماع ما يقال .. لن يشك او يشعر أحدهم بأي شيء
ساد الصمت لثوانٍ معدودة قبل أن يأتي ذلك الصفير الخفيف من خلف كيسنچر ينادي :-
هييي اخي ..... بسسست
- اخرس اريد ان اركز!!
علق هارولد على رد أخيه :-
كان يريد فقط أن يقول انه .....
- قلت ان تخرسا !!
انتظروا لحظة ...
لِمَ أصبحت أصواتكم بعيد .....
ما ان بدأ كيسنچر بالالتفاف تجاه إخوته ليتأكد من شكوكه حتى قاطعه ذلك الصوت المفاجئ والذي لم يكن سوى علامةٍ أن الباب يُفتح لكن .... على عكس المتوقع يُفتح من الطرف الآخر .... من داخل قاعة الاجتماعات .. وسط صدمة كيسنچر من تركْ إخوته له وتخبطه بين خيانتهم له و خوفه من ذلك الصوت الذي أخذ يهمس في أذنه بنبرة وقعت وقع الصاعقة في أذنه :-
ماذا تظن نفسك فاعلًا أيها الأمير؟!!
ما إن التف ناحية الصوت إلا و قد وجد والده يقف أمامه تشع من ملامحه وتقاسيم جسده معالم الهيبة والفخامة .. و لا ننسى الغضب ، طغى فزع كيسنچر على باقي حواسه فبدأ بالتلعثم جرّاء صدمته :-
أبي!!
انا ... انا ماذا افعل؟؟ انا لست هنا اصلا أتعلم!! .... انا فقط ....
أجو اناا .....
بمجرد رؤية تلك النظرة تعتلي وجه والده سكت كيسنچر كمن فقد النطق او أكلت القطة لسانه فأخذ يبتلع ريقه في قلق وتوجس واضحين جليًا على وجهه محولًا نظراته إلى الارض ، فهمس الأب خارجًا من الغرفة يغلق الباب وراءه ببطء :-
اسمي هو أبي أما في حالة وجود ضيوف دبلوماسيين أدعى مولاي أما أجون فلا أريد سماعه سوى في الإجازات فقط أتفهم .. ؟!
آخ صِرتَ شابًا بحجم الحمار بهذا الطول والعرض ولم تفهم بعد القواعد والأصول ...
اختتم جملته يضرب جبينه بيده في ضيقٍ ثم أردف :-
ما الذي كنت تفعله؟؟
ألن تتوقف عن هذه العادة التي قد تودي بحياتك في أحد المرات !
- لقد كنت أنقذك يا أبي ، أنا وماكسم وهارولد !
تنقذني؟؟
هل سأغرق أم سيأكلني الحوت أهذا كلام يُعقل؟
ثم ... أين أخواك إذًا يبدو أنهما تركاك وتراجعا عن فكرة الإنقاذ عند تذكرهم العقاب
- ذاك الملك وابنه المغرور سيحتالان عليك صدقني ... هذا ما قاله هارولد بعدما جلس معه فقد استشعر شيئًا سيئًا في نبراته و أيضًا ...
لا يستطيع أحدهم إكمال حديثه في هذا القصر أكاد أجزم انه ملعون ضد الكلمات!!
جملة صرخ بها كيسنچر بعدما سمع صوت الباب يُفتح للمرة الثانية ليقطع حديثه مجددًا فإذ بها الينورا تخرج بظهرها ترتسم على وجهها ابتسامة متصنعة حتى أغلقت الباب فاختفت تلك الابتسامة ونظرت لتجابه أجون بسؤالها عن سبب خروجه وتركها بمفردها في وسط هذا الإجتماع العاجل حتى وجدت ابنها الأوسط فعقبّت :-
ما الذى تفعله هنا يا بني واين الحراس؟!
- امى لقد كنت ....
كان يسترق السمع ليشبع فضوله
اتت تلك الجملة من اجون ليعتلي كلٌ من الصدمة ووالغضب وجه الينورا فردت :-
ابني الامير كيسنچر يقوم بالتنصت؟؟
لن يمر الأمر مرور الكرام يا سمو الأمير فقط عندما أجد هذين الاخرقين !!
أثناء حديثهما اتى حارسان يركضان كمن يركض لينقذ حياته من مخالب وحش كاسر حتى وصلا أمام الملك والملكة وانحنيا ...
- آسف مولاي اعتذر مولاتي اقسم ان رئيس الخدم قد استدعاني
- أعتذر أعتذر مولاي ومولاتي اقسم انه خطئي الاول والاخير أعتذر
بدا الخوف طاغيًا على نبراتهم منكسين رؤوسهم يرجون العفو بكل كيانهم ينتظرون رد أسيادهم ، زفرت الينورا بحنق كمحاولةٍ للسيطرة على أعصابها فتكلمت بنبرته تمتلئ بالحزم :-
سأكتفي بتحذيركما هذه المرة ...
انت .. اذهب وجد لي الجنرال بعدها لا اريدك ان تتحرك إنشًا من هنا وباشر عملك ....
و انت .. اصطحب سيدك الصغير الي غرفته ..
ما إن أدارت ظهرها متوجهةً إلى القاعة مجددًا حتى توقفت واردفت :-
بالمناسبة عزيزي ... انت معاقب
- لكننا كنا هنا لتحذيركما!!
كنا؟؟ إذًا ابلغ أخويك تحياتي وانبئهما بمعاقبتهما أيضًا
<< End flash >>
صرخ كيسنچر ليوقف شريط الذكريات الذي يُعرض من لسان ماكسم الذي يتعالى صوته بين الفينة والأخرى بسخرية :-
حدث كل هذا بسبب خيانتكما لي !!
لو لم تختبئا خلف ذلك العمود الغبي دون حتى أن تبلغاني باقتراب أحدهم من الباب لَمَ عوقبنا !!
أجابه ماكسم بتلقائية :-
بل حدث هذا نتيجةً لافكارك الفضولية
- على أي حال لم أعد أثق بكما لكن اقسم اننى سأعلم ما يحدث هذه المرة دون أن اكشف
فرد هارولد بهدوء :-
حسنًا ، ارنا ما لديك .. لكن تذكر هذه المرة نحن خارج خططك
- إذًا لن اخبركما بما سأعرفه
أجاب ماكسم بغضب طفولي :-
هذا ليس عدلًا ، كوني لا أريد التنصت لا يعني عدم فضولي!!
- إذا فأنا القائد الآن ، ماذا عنك أيها المتحاذق؟؟
ردّ هارولد بضيق :-
آخ لن ينجو المرء ابدًا من طفولتكم .. لكننا معًا في السراء والضراء .. انا معكم
....................
في نفس هذه الأثناء أيضًا في سرايا روسيا
طبيب وحارس يتجولان خارجين من هذا القصر .. يسيران فارضًا الصمت سيطرته حتى وصلا إلى بوابات القصر مرورًا بحديقة القصر المملوءة بأندر أنواع الزهور والنباتات و فجأة وصل اتصال عاجل للطبيب فأجاب وأخذ يستمع للمتحدث من الجانب الآخر :-
نعم ....
نعم كما اخبرتك ....
بالتأكيد ...
أبعد الهاتف قليلًا عن يده واخرج ينظر بجميع الارجاء يتفحص المكان ثم أردف محدثًا ذلك الحارس المصاحب له بهمس :-
هيي اقترب لتسمع
يبدو أن السر لم يعد سرًا هاا
كان هذا الصوت صادرًا من الهاتف تحدث في شيءٍ من السخرية فأكمل بذات النبرة الساخرة مع زيادة الطابع الإجباري به :-
انت ايها ال ... طبيب هه ستتابع رعاية هذه الفتاة بناءً على طلب مولاي فهو لا يستأذن سواك هه
وانت يا شيران أريد كل جديد عنها ... ف بهذه الطريقة استطيع ان اقول بكل ثقة أن روسيا ستصبح لنا في وقت قريب للغاية
أجاب شيران بخبث وصوت يشبه فحيح الثعابين وعينين تلمعان ببريق الجشع :-
لطالما تطلعت لهذا اليوم ... انه يقترب بالفعل .....
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
خلال تهديد ذلك الرجل لتريشيا بسلاحه وسط هلع العجوزين .. شاب وسيم يحمل حقيبة مكتظة بالملابس كمن عاد من سفر دام طويلًا يقترب من ذلك الكوخ بهدوء مختبئًا خلف الاشجار مراقباً ما يحدث من بعيد ، فأخذ يناجي نفسه محاولًا عبثًا معرفة ما يجري :-
ما الذى يحدث هنا يا ترى؟؟
ما الذى قد يفعله والداي العجوزان حتى يستدعي مجئ كل هؤلاء الجنود إلى هنا في مثل هذا الوقت من الليل؟!!
أخذ يقترب وسط الأشجار من الكوخ أكثر فأكثر حتى يتبين ملامح الجنود وملابسهم ، فعاد بعدها لمحادثة نفسه :-
ما هذه الشارة .. اظن انها شارة جنود المملكة المتحدة!! لابد ان هنالك خطب ما ، يجب ان أتدخل بسرعة قبل أن يُصاب والداي ..
.........
هيا يا انتِ اخرجي دون مقاومة حتى لا نؤذى هذين العجوزين الخرِفين!!
جملة صاح بها الجندي موجهًا سلاحه تجاه رأس باتريشيا قبل أن يقاطعه ذلك الشاب موجهًا سلاحه الخاص إلى رأسه بعد أن خرج من بين الاشجار متجاوزًا عددًا كبيرًا من الجنود :-
هيي .. لم تظن يومًا أن هذين الخرِفين قد ينجبا من يكون سببًا لموتك أليس كذلك؟!!
صدم الجندي من الصوت خلفه لكنه لم يكلف نفسه عبء الاهتمام واكتفى بإرخاء عضلات يده عن سلاحه وتحريك رأسه بزاوية تسعين درجةً ناحية اليمين حتى يتسنى له رؤية من تجرأ على تحديه فأستكمل الشاب حديثه :-
- من انت لتقتحم منزل أشخاص أبرياء بهذه الطريقة الحقيرة الشبيهة لك!!؟
ألديك تصريح؟؟
حتى ان كان لديك ، هذا لا يبرر فعلتك ...
من انت لتتحاذق ايها الصعلوك؟؟
- اسمي كريستوف ، أحد جنود هذه البلاد التي يُمنع على أمثالكم دخولها ايها الأوغاد !!
انها أوامر تُنفذ .. لن يأتي صعلوك مثلك ويقف في طريق مهمتي
- بل سأقف في طريق مهمتك التافهة إن تجرأت هكذا على والداي .. اياً كان ما تبحث عنه ف اذهب بعيدًا و جده قبل أن أبلغ الحاكم
مسكين انت لا تعرف عاقبة من يقف في طريقي .. أيهاا الجنود!!
لم يتحرك الجندي إنشًا واحدًا حيث اكتفت نبراته بالافصاح عن مكنون ما يعتليه من الثبات وشيء من التهديد والسخرية ، لم تمر ثوانٍ قبل أن يتخذ الجنود مواقعهم ملتفين بكريستوف يحيطونه من كل جانب ، لا تبدو على تقاسيم وجوههم أي نوايا حسنة ...
أثناء هذا الحديث الحار أفاق كلٌ من العجوزين من هلعه و استغلا انشغال الجنود فساعدا باتريشيا على الهرب إلى الغابة علها تجد من يساعدها هناك
أخذت تريشيا تركض بأسرع ما لديها خوفًا من أن يلحق بها الجنود شاكرةً الله على نجاتها من نهايةٍ محتومةٍ ساعيةً بكل جهدها بلوغ روسيا لكن ..
تسير الرياح بما لا تشتهي السفن ف قد بدأت بسماع خطوات تلحق بها و لم يكن إلا صوت خطوات أحد الجنود يطاردها .....
...................................
وفى نفس هذه الأثناء في اليابان
في منزل فخم بعيد عن العاصمة منعزلٍ عن باقي المنازل والمساكن تحوطه أشجار الساكورا من كل جانب محركةً الرياح أغصانها ناشرة اوراق الكرز الوردية في كل مكان
صبي يجلس خلف زجاج شرفة غرفته المطلة على هذه اللوحة البديعة من الطبيعة الخلابة مع رياح الليل ذات النسيم المريح للأعصاب حاملُ المشقة والآلام
فتىً في السنة الأولى من عمره يمتص تلك الحلوى البرتقالية بفمه بين الحين والآخر في سكونٍ تام حتى فتح احدهم باب غرفته واذ بها أمه التي تعجبت من رؤيته فقد تركته في سريره قبل لحظات قليلة :-
صغيري تاكومي ... لِمَ لمْ تنم حتى الآن يا عزيزي؟؟
- لا .. اريد
خرجت الكلمات بطريقة مقطعة دليلًا على صغر سنه فاقتربت الام منه حتى بلغته واخذت تمرر أصابعها بين خصلات شعره الأشقر الناعم واردفت :-
ما رأيك بمناداة ماري إذًا حتى تنام جوارك
تنام مباشرة بمجرد أن تأتي إلى هنا ...
بمجرد سماع الصغير تاكومي لهذه الكلمات توجه مباشرة إلى سريره بعد أن وضع حلواه في غلاف محكم و خبأ وجهه بغطائه و ظل يتقلب كثيرًا حتى بدأ النعاس يتسلل إليه رويدًا رويدًا ف تنهدت الام بعدما أغلقت باب غرفته ووقفت تسند رأسها على ذلك الباب فزفرت في ضيق :-
آخ لو تعلم ما تخبئه لك ايامك القادمة يا صغيري ... أنا حقًا أشفق عليك
................................
الآن لنعد مجددًا الى روسيا .......
في تلك الغرفة التي كانت تلد بها ملكة روسيا السيدة الينورا و دخل بعدها الملك اجون وساد الصمت فترةً بينما تطالع الينورا في وجه صغيرها ف قطعه اجون وتحدث بنبرة تملؤها المزاح محاولًا تخفيف ألمها :-
عزيزتي إيللي .. كنتِ ومازلتِ قوية كما عهدتك مثل الوحوش هه ..
لم يتلقى ردًا إنما تلقى بعض النظر الى الفراغ عوضا عن ذلك ، فتبدلت نبرته إلى القلق :-
هل هناك خطب ما عزيزتي؟؟
اجابت الينورا بعد برهة من الشرود بابتسامة متصنعة وصوت مبحوح تفضح نبراته وموجاته عن آلام في الأحبال الصوتية :-
لا يا عزيزي ... لا شيء ، أخبرتك مرارًا أني قوية أتحمل العقبات وها قد مررنا منها سويًا .. إلا أني .. اريد إبلاغك بشيء .. قد يعكر صفو مزاجك
- فقط قولي ولا تترددي عزيزتي ، لا شيء قد يعكر صفوي سوى رؤيتك تعانين وها انتِ على أحسن ما يرام
إذًا .. اقترب وانظر ..
اقترب ببطء ونظر إلى ذلك الوجه البريء الملائكي فتمعن النظر فيه قليلًا و تحدث بعد برهةٍ بنبرة طفولية سعيدة :-
- انظروا إلى هذا ، طفل جميل لطيف كأمه
لطيفة .. طفلة جميلة لطيفة كأمها
أخذت آيات الصدمة تتضح على وجه اجون الذي لم يتمنى يومًا سماع مثل هذه الجملة ، اقتضب حاجبيه في غضب و أدار وجهه يحاول إخفاء ما يعتليه من سخط ومرارة تجاه الجنس الناعم ككل فشرع يتحرك ذهابًا وإيابًا في الغرفة يزفر بحنق بين الحين والآخر يمرر أنامله بين خصلات شعره ليتراجع إلى الوراء قبل أن يتساقط على عينيه مجددًا ، رأت الينورا حالته فتحدثت لتَظهر نبراتها الفاضحة عن استمرار ألم حلقها محاولةً تهدئته :-
صدمة لم نتوقعها أعترف بهذا ، لكنه أمرٌ واقعٌ الآن
اعرف سخطك تجاه النساء واشمئزازك منهن وأعرف حتى عدم رغبتك بهذا الطفل بعد معرفتك لجنسه لكنها تظل طفلتنا
عانيتَ الامريْن طوال سنوات طفولتك مع والدتك حتى انك اخذت اخَوَاتك بذنبها
أتذكر حين تقابلنا للمرة الأولى في أحد الإجتماعات الاقتصادية .. لم تنظر في وجهي لم تنبس ببنت شفةٍ حينما ألقيت التحية عليك حتى أنك تجاهلتني وعاملتني كالهواء لكنك أصبحت لينًا مع الوقت ، كأنك تبدلت عندما ساعدتك مرةً واحدةً فقط عندما لم يكن هناك من يساندك
لسنا جميعًا سيئاتٍ عزيزي ثم أنها مازالت طفلة!! .. انظر إلى ملامحها البريئة اللطيفة ، ألم يكن هذا تعليقك عليها للتو؟؟
- كونه واقعًا لا يجبرني على قبوله ايللي
لم تستطع تغيير رأيه بل إنه لم يرد حتى أن يعيد النظر في وجه تلك الصغيرة مجددًا ، ربما هدأ قليلًا لكن لا اظنها إحدى علامات الرضا ، علت وجه الينورا نظرة حزينة وزمت على شفتيها في ضيقٍ قبل أن تتفاجئ بتوقفه مكانه عنوةً والتفافه تجاه زوجته لتتقابل اعينهما فقال بصوتٍ هاديء :-
ربما يمكنني التفكير قليلًا في تقبل هذا الأمر .. فقط بناءً على رغبة ملكتي
تبدلت النظرة الحزينة بابتسامة واسعة قبل أن يقترب اجون ويحتضن زوجته ويقبل جبينها دلالةً على سعادته بسلامتها فأردف :-
لا يمكنني تقبل اي شيء ولكن إن كان جزءًا منكِ فكيف لي ان أعترض
كانت نظراتها كافيةً لتعبر عن مكنون سعادتها قبل أن يميل اجون برأسه قليلًا ويغمض عينيه لثوانٍ معدودة قبل أن يبتعد عن زوجته بحذر فإذ بالينورا تبادر حديثها إلا أن قاطعها اجون واضعًا سبابته احدى يديه على فمه ويشير بسبابته الأخرى على باب الغرفة ففتحه فجأةً لكنه لم يجد ما كان قد توقعه فأخذ يغلق الباب رويدًا حتى ترك جزءًا بسيطًا يتيح له اظهار ما خلفه وانتظر لثوانٍ ينظر إلى الفراغ ثم أغلق الباب
............
هه اخبرتكم لن اقع في نفس الفخ مرتين
جملة قالها كيسنچر بفخرٍ بينما يختبئ خلف إحدى أعمدة القصر بينما أجابه هارولد بتوجسٍ يبتلع ريقه في قلق :-
- احم كي .. سو ..
هذا لأنها مرتك الثالثة ألم تخبرهم بأمر الحديقة
▪ لا انه سر ...
أجاب كيسنچر دون وعيٍ لمن يتحدث فمرت لحظات من الصمت لاحظ بها عقله ما قد حدث فالتفت جواره بصدمة ليجد والده فأخذ يتلعثم مع لمسة من السخرية :-
ا .. ابي هه .. انا فقط ..
- فقط ماذا؟
اقسم اني لم أعد أثق بأيٍ منكم ، يالكم من عائلةٍ غريبة!!
لم يكتم اجون ضحكته فأشار لهم بالدخول بينما أدار ظهره لهم :-
تعالوا ادخلوا ...
فدخل كل من هارولد وماكسم منكسين رؤوسهما يحاولان كتم ضحكاتهما يتبعهما كيسنچر يكاد ينفجر وجهه من حمرة الغضب
توقف كل هذا عندما دخلوا ليجدوا ذلك الطفل الصغير فتقدموا لتتضح لهم رؤية تلك العينين الذهبيتين كالشمس والشعر الناري والبشرة ناصعة البياض كالثلج .. فتبعهم اجون داخلاً الى الغرفة يشير بأحد يديه لتلك الفتاة الحسناء قائلا ..
ابنائي الأعزاء رحبوا بفرد جديد بالعائلة ..
أختكم .... مياريڨان
صوت خطوات اقدام تدوي راكضةً بسرعةٍ في طرقات هذا القصر الواسع الفخم مقتربةً خطوة بعد الأخرى من هذا الباب ذي المقبض الذهبي وتلك النقوش التي تزرع داخلك يقينًا بمجرد رؤيتها أنها ليست إلا معنىً للرقي والثراء و التي بالتأكيد يمتلكها أميرٌ ما ف إذ بأول الراكضين يمد يده إلى مقبض الباب ويفتحه سريعًا حتى القى الثاني بالشخص الثالث إلى داخل الغرفة
صرخ كيسنچر في حنق :-
هيا هارولد القه هنا
دخل هارولد يضرب بقدميه الأرض غضبا ثم قام بدفع ماكسم إلى داخل غرفة كيسنچر وأخذ يصرخ :-
اين تظن نفسك ذاهبًا؟؟؟! هيا ادخل إلى هنا
ثم استردف مزمجرًا :-
ما الذى تفعله انت بحق الجحيم؟؟!!
جاء الرد من ماكسم في نبرة مملوءة بالتساؤل :-
ما الذى أفعله تعلمون أنني لا استطيع الكذب!!!
أخذ كيسنچر يتلفت في الطرقات يمنةً ويسرةً ليتأكد من عدم وجود اي حراس أو خدم ، فأغلق الباب واطلق العنان لغضبه :-
ان كنت لا تجيده إذًا لا تفتح فاك هذا مجددًا وإلا قطعت لسانك ..!
- لن اصمت ف لستُ خائفاً منك !!
رأى هارولد الوضع يتأزم والأصوات تتعالى ، يمكنك أن تستشعر بالموجات تتذبذب في الهواء في طريقها إلى ذلك الباب من فرط علو أصواتهم ..! ، فشرع يهدئهم :-
اصمتا الآن ايها الطفلان ... أارتاح ضمير كل منكما الآن؟!!
لن نستطيع معرفة ما يجري بسبب غبائكما هذا
تظاهر كيسنچر بعدم الإهتمام بينما تشتعل في داخله نار الفضول ، بعد لحظات مرت من الصمت والضيق لم يستطع فيها كبح تلك النيران اللافحة داخله فتوجه إلى الباب دون سابق إنذار ، فصاح به هاورلد وتجاذبا أطراف الحوار :-
- إلى أين تظن نفسك مندفعًا بهذه الطريقة؟!
لمعرفة ما يجري ، ما الذي يشغل بالنا الآن سوى هذا !!
- تقولها وكأنك ملك القصر والحاكم به !
ماذا ستفعل .. أستستجوب الطبيب بصفتك الأمير حتى بعد أن طلب التحدث على انفراد ام ستذهب لسؤال والدنا الذي نهرنا لتوه؟!
لا مشكلة استطيع تولي هذا الأمر ، فقط لا تتدخل في شئوني كالعادة
- ألا تتعلم من أخطائك؟؟ ، ألا تتعظ؟!!
ألا تتذكر آخر مرة قمت بتولي الأمور فيها إلى اي شيء اوصلتنا ..!
لم ينتظر ماكسم حتى يجيب أخوه حتى أتى الرد منه في نبرة تحمل شيئًا من السخرية :-
أتسأله عن هذا؟؟
سأجيب انا إذًا فمن يمكنه أن ينسى شيئًا كهذا
- عن اي شيء تتحدثان الآن؟؟ انا لا أذكر شيئًا من هذا القبيل
أتت العبارة من فم كيسنچر الذي ينكر تذكر ايٍ من خطاياه السابقة مدعيًا عدم حدوثها ، لكن لم تمر ثانيةٌ حتى أجابه ماكسم بذات النبرة الساخرة :-
إذًا ... لِمَ لا نقلِب سويًا في حقيبة الذكريات هارولد ... فقط لنذكِّر أخانا المبجل مدعاة الفخر
<< Flash back >>
هيي كيسوو أانت واثق مما نفعل؟؟
جملة قالها هارولد هامسًا وهو يدور بناظريه في الأرجاء بقلق ويقترب من ذلك الباب الضخم ، فجاءه الرد بنبرة ثقة وفخر من كيسنچر :-
لا تسأل خبيرًا مثلي سؤالًا كهذا اخي ، لست بمفردك الذكي هنا
تكلم ماكسم في حنق واضعا سبابته قرب فمه :-
هشششش اخفض من صوتك ألا تدرك مدى سوء وخطورة الموقف الذى يحدث الآن؟؟ أتريد أن تكشفنا؟؟
فأجابه كيسنجر بتعجب :-
ما الذى نفعله؟! نحن نريد أن ننقذ والدينا من خطر محدق ما السئ في هذا ..!!
فأجابهم هارولد بتوجس :-
اذا اصمتا قليلًا حتى استطيع انقاذهما وسماع ما يقال!!
أخذ ضمير ماكسم يوخز ابره المقلقة في داخله ويصور له ما يمكن أن يحدث إن كُشفوا ..! ، فتكلم في شيءٍ من الضيق :-
آخ انا حقًا اشعر بالسوء ، ان كشفنا فلا مجال للرحمة
زفر هارولد بنفاذ صبر وتذمر :-
أوف محال هذا محال ، لا استطيع سماع اي شيء !!
جاءه الرد من كيسنچر قبل مرور ثوانٍ على تذمره :-
ابتعد ايها الطفل المتذمر واترك العمل للمحترفين
ثم اختتم جملته بمد يده ناحية مقبض باب تلك القاعة ، لم يكبح كل من هارولد وماكسم فزعهما فصرخا بصوت مكتوم :-
ماذا تفعل ايها المجنوون؟!!
- ماذا تظنان اني فاعل؟؟
سأفتح الباب قليلًا بحذر وبطء حتى نستطيع سماع ما يقال .. لن يشك او يشعر أحدهم بأي شيء
ساد الصمت لثوانٍ معدودة قبل أن يأتي ذلك الصفير الخفيف من خلف كيسنچر ينادي :-
هييي اخي ..... بسسست
- اخرس اريد ان اركز!!
علق هارولد على رد أخيه :-
كان يريد فقط أن يقول انه .....
- قلت ان تخرسا !!
انتظروا لحظة ...
لِمَ أصبحت أصواتكم بعيد .....
ما ان بدأ كيسنچر بالالتفاف تجاه إخوته ليتأكد من شكوكه حتى قاطعه ذلك الصوت المفاجئ والذي لم يكن سوى علامةٍ أن الباب يُفتح لكن .... على عكس المتوقع يُفتح من الطرف الآخر .... من داخل قاعة الاجتماعات .. وسط صدمة كيسنچر من تركْ إخوته له وتخبطه بين خيانتهم له و خوفه من ذلك الصوت الذي أخذ يهمس في أذنه بنبرة وقعت وقع الصاعقة في أذنه :-
ماذا تظن نفسك فاعلًا أيها الأمير؟!!
ما إن التف ناحية الصوت إلا و قد وجد والده يقف أمامه تشع من ملامحه وتقاسيم جسده معالم الهيبة والفخامة .. و لا ننسى الغضب ، طغى فزع كيسنچر على باقي حواسه فبدأ بالتلعثم جرّاء صدمته :-
أبي!!
انا ... انا ماذا افعل؟؟ انا لست هنا اصلا أتعلم!! .... انا فقط ....
أجو اناا .....
بمجرد رؤية تلك النظرة تعتلي وجه والده سكت كيسنچر كمن فقد النطق او أكلت القطة لسانه فأخذ يبتلع ريقه في قلق وتوجس واضحين جليًا على وجهه محولًا نظراته إلى الارض ، فهمس الأب خارجًا من الغرفة يغلق الباب وراءه ببطء :-
اسمي هو أبي أما في حالة وجود ضيوف دبلوماسيين أدعى مولاي أما أجون فلا أريد سماعه سوى في الإجازات فقط أتفهم .. ؟!
آخ صِرتَ شابًا بحجم الحمار بهذا الطول والعرض ولم تفهم بعد القواعد والأصول ...
اختتم جملته يضرب جبينه بيده في ضيقٍ ثم أردف :-
ما الذي كنت تفعله؟؟
ألن تتوقف عن هذه العادة التي قد تودي بحياتك في أحد المرات !
- لقد كنت أنقذك يا أبي ، أنا وماكسم وهارولد !
تنقذني؟؟
هل سأغرق أم سيأكلني الحوت أهذا كلام يُعقل؟
ثم ... أين أخواك إذًا يبدو أنهما تركاك وتراجعا عن فكرة الإنقاذ عند تذكرهم العقاب
- ذاك الملك وابنه المغرور سيحتالان عليك صدقني ... هذا ما قاله هارولد بعدما جلس معه فقد استشعر شيئًا سيئًا في نبراته و أيضًا ...
لا يستطيع أحدهم إكمال حديثه في هذا القصر أكاد أجزم انه ملعون ضد الكلمات!!
جملة صرخ بها كيسنچر بعدما سمع صوت الباب يُفتح للمرة الثانية ليقطع حديثه مجددًا فإذ بها الينورا تخرج بظهرها ترتسم على وجهها ابتسامة متصنعة حتى أغلقت الباب فاختفت تلك الابتسامة ونظرت لتجابه أجون بسؤالها عن سبب خروجه وتركها بمفردها في وسط هذا الإجتماع العاجل حتى وجدت ابنها الأوسط فعقبّت :-
ما الذى تفعله هنا يا بني واين الحراس؟!
- امى لقد كنت ....
كان يسترق السمع ليشبع فضوله
اتت تلك الجملة من اجون ليعتلي كلٌ من الصدمة ووالغضب وجه الينورا فردت :-
ابني الامير كيسنچر يقوم بالتنصت؟؟
لن يمر الأمر مرور الكرام يا سمو الأمير فقط عندما أجد هذين الاخرقين !!
أثناء حديثهما اتى حارسان يركضان كمن يركض لينقذ حياته من مخالب وحش كاسر حتى وصلا أمام الملك والملكة وانحنيا ...
- آسف مولاي اعتذر مولاتي اقسم ان رئيس الخدم قد استدعاني
- أعتذر أعتذر مولاي ومولاتي اقسم انه خطئي الاول والاخير أعتذر
بدا الخوف طاغيًا على نبراتهم منكسين رؤوسهم يرجون العفو بكل كيانهم ينتظرون رد أسيادهم ، زفرت الينورا بحنق كمحاولةٍ للسيطرة على أعصابها فتكلمت بنبرته تمتلئ بالحزم :-
سأكتفي بتحذيركما هذه المرة ...
انت .. اذهب وجد لي الجنرال بعدها لا اريدك ان تتحرك إنشًا من هنا وباشر عملك ....
و انت .. اصطحب سيدك الصغير الي غرفته ..
ما إن أدارت ظهرها متوجهةً إلى القاعة مجددًا حتى توقفت واردفت :-
بالمناسبة عزيزي ... انت معاقب
- لكننا كنا هنا لتحذيركما!!
كنا؟؟ إذًا ابلغ أخويك تحياتي وانبئهما بمعاقبتهما أيضًا
<< End flash >>
صرخ كيسنچر ليوقف شريط الذكريات الذي يُعرض من لسان ماكسم الذي يتعالى صوته بين الفينة والأخرى بسخرية :-
حدث كل هذا بسبب خيانتكما لي !!
لو لم تختبئا خلف ذلك العمود الغبي دون حتى أن تبلغاني باقتراب أحدهم من الباب لَمَ عوقبنا !!
أجابه ماكسم بتلقائية :-
بل حدث هذا نتيجةً لافكارك الفضولية
- على أي حال لم أعد أثق بكما لكن اقسم اننى سأعلم ما يحدث هذه المرة دون أن اكشف
فرد هارولد بهدوء :-
حسنًا ، ارنا ما لديك .. لكن تذكر هذه المرة نحن خارج خططك
- إذًا لن اخبركما بما سأعرفه
أجاب ماكسم بغضب طفولي :-
هذا ليس عدلًا ، كوني لا أريد التنصت لا يعني عدم فضولي!!
- إذا فأنا القائد الآن ، ماذا عنك أيها المتحاذق؟؟
ردّ هارولد بضيق :-
آخ لن ينجو المرء ابدًا من طفولتكم .. لكننا معًا في السراء والضراء .. انا معكم
....................
في نفس هذه الأثناء أيضًا في سرايا روسيا
طبيب وحارس يتجولان خارجين من هذا القصر .. يسيران فارضًا الصمت سيطرته حتى وصلا إلى بوابات القصر مرورًا بحديقة القصر المملوءة بأندر أنواع الزهور والنباتات و فجأة وصل اتصال عاجل للطبيب فأجاب وأخذ يستمع للمتحدث من الجانب الآخر :-
نعم ....
نعم كما اخبرتك ....
بالتأكيد ...
أبعد الهاتف قليلًا عن يده واخرج ينظر بجميع الارجاء يتفحص المكان ثم أردف محدثًا ذلك الحارس المصاحب له بهمس :-
هيي اقترب لتسمع
يبدو أن السر لم يعد سرًا هاا
كان هذا الصوت صادرًا من الهاتف تحدث في شيءٍ من السخرية فأكمل بذات النبرة الساخرة مع زيادة الطابع الإجباري به :-
انت ايها ال ... طبيب هه ستتابع رعاية هذه الفتاة بناءً على طلب مولاي فهو لا يستأذن سواك هه
وانت يا شيران أريد كل جديد عنها ... ف بهذه الطريقة استطيع ان اقول بكل ثقة أن روسيا ستصبح لنا في وقت قريب للغاية
أجاب شيران بخبث وصوت يشبه فحيح الثعابين وعينين تلمعان ببريق الجشع :-
لطالما تطلعت لهذا اليوم ... انه يقترب بالفعل .....
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
خلال تهديد ذلك الرجل لتريشيا بسلاحه وسط هلع العجوزين .. شاب وسيم يحمل حقيبة مكتظة بالملابس كمن عاد من سفر دام طويلًا يقترب من ذلك الكوخ بهدوء مختبئًا خلف الاشجار مراقباً ما يحدث من بعيد ، فأخذ يناجي نفسه محاولًا عبثًا معرفة ما يجري :-
ما الذى يحدث هنا يا ترى؟؟
ما الذى قد يفعله والداي العجوزان حتى يستدعي مجئ كل هؤلاء الجنود إلى هنا في مثل هذا الوقت من الليل؟!!
أخذ يقترب وسط الأشجار من الكوخ أكثر فأكثر حتى يتبين ملامح الجنود وملابسهم ، فعاد بعدها لمحادثة نفسه :-
ما هذه الشارة .. اظن انها شارة جنود المملكة المتحدة!! لابد ان هنالك خطب ما ، يجب ان أتدخل بسرعة قبل أن يُصاب والداي ..
.........
هيا يا انتِ اخرجي دون مقاومة حتى لا نؤذى هذين العجوزين الخرِفين!!
جملة صاح بها الجندي موجهًا سلاحه تجاه رأس باتريشيا قبل أن يقاطعه ذلك الشاب موجهًا سلاحه الخاص إلى رأسه بعد أن خرج من بين الاشجار متجاوزًا عددًا كبيرًا من الجنود :-
هيي .. لم تظن يومًا أن هذين الخرِفين قد ينجبا من يكون سببًا لموتك أليس كذلك؟!!
صدم الجندي من الصوت خلفه لكنه لم يكلف نفسه عبء الاهتمام واكتفى بإرخاء عضلات يده عن سلاحه وتحريك رأسه بزاوية تسعين درجةً ناحية اليمين حتى يتسنى له رؤية من تجرأ على تحديه فأستكمل الشاب حديثه :-
- من انت لتقتحم منزل أشخاص أبرياء بهذه الطريقة الحقيرة الشبيهة لك!!؟
ألديك تصريح؟؟
حتى ان كان لديك ، هذا لا يبرر فعلتك ...
من انت لتتحاذق ايها الصعلوك؟؟
- اسمي كريستوف ، أحد جنود هذه البلاد التي يُمنع على أمثالكم دخولها ايها الأوغاد !!
انها أوامر تُنفذ .. لن يأتي صعلوك مثلك ويقف في طريق مهمتي
- بل سأقف في طريق مهمتك التافهة إن تجرأت هكذا على والداي .. اياً كان ما تبحث عنه ف اذهب بعيدًا و جده قبل أن أبلغ الحاكم
مسكين انت لا تعرف عاقبة من يقف في طريقي .. أيهاا الجنود!!
لم يتحرك الجندي إنشًا واحدًا حيث اكتفت نبراته بالافصاح عن مكنون ما يعتليه من الثبات وشيء من التهديد والسخرية ، لم تمر ثوانٍ قبل أن يتخذ الجنود مواقعهم ملتفين بكريستوف يحيطونه من كل جانب ، لا تبدو على تقاسيم وجوههم أي نوايا حسنة ...
أثناء هذا الحديث الحار أفاق كلٌ من العجوزين من هلعه و استغلا انشغال الجنود فساعدا باتريشيا على الهرب إلى الغابة علها تجد من يساعدها هناك
أخذت تريشيا تركض بأسرع ما لديها خوفًا من أن يلحق بها الجنود شاكرةً الله على نجاتها من نهايةٍ محتومةٍ ساعيةً بكل جهدها بلوغ روسيا لكن ..
تسير الرياح بما لا تشتهي السفن ف قد بدأت بسماع خطوات تلحق بها و لم يكن إلا صوت خطوات أحد الجنود يطاردها .....
...................................
وفى نفس هذه الأثناء في اليابان
في منزل فخم بعيد عن العاصمة منعزلٍ عن باقي المنازل والمساكن تحوطه أشجار الساكورا من كل جانب محركةً الرياح أغصانها ناشرة اوراق الكرز الوردية في كل مكان
صبي يجلس خلف زجاج شرفة غرفته المطلة على هذه اللوحة البديعة من الطبيعة الخلابة مع رياح الليل ذات النسيم المريح للأعصاب حاملُ المشقة والآلام
فتىً في السنة الأولى من عمره يمتص تلك الحلوى البرتقالية بفمه بين الحين والآخر في سكونٍ تام حتى فتح احدهم باب غرفته واذ بها أمه التي تعجبت من رؤيته فقد تركته في سريره قبل لحظات قليلة :-
صغيري تاكومي ... لِمَ لمْ تنم حتى الآن يا عزيزي؟؟
- لا .. اريد
خرجت الكلمات بطريقة مقطعة دليلًا على صغر سنه فاقتربت الام منه حتى بلغته واخذت تمرر أصابعها بين خصلات شعره الأشقر الناعم واردفت :-
ما رأيك بمناداة ماري إذًا حتى تنام جوارك
تنام مباشرة بمجرد أن تأتي إلى هنا ...
بمجرد سماع الصغير تاكومي لهذه الكلمات توجه مباشرة إلى سريره بعد أن وضع حلواه في غلاف محكم و خبأ وجهه بغطائه و ظل يتقلب كثيرًا حتى بدأ النعاس يتسلل إليه رويدًا رويدًا ف تنهدت الام بعدما أغلقت باب غرفته ووقفت تسند رأسها على ذلك الباب فزفرت في ضيق :-
آخ لو تعلم ما تخبئه لك ايامك القادمة يا صغيري ... أنا حقًا أشفق عليك
................................
الآن لنعد مجددًا الى روسيا .......
في تلك الغرفة التي كانت تلد بها ملكة روسيا السيدة الينورا و دخل بعدها الملك اجون وساد الصمت فترةً بينما تطالع الينورا في وجه صغيرها ف قطعه اجون وتحدث بنبرة تملؤها المزاح محاولًا تخفيف ألمها :-
عزيزتي إيللي .. كنتِ ومازلتِ قوية كما عهدتك مثل الوحوش هه ..
لم يتلقى ردًا إنما تلقى بعض النظر الى الفراغ عوضا عن ذلك ، فتبدلت نبرته إلى القلق :-
هل هناك خطب ما عزيزتي؟؟
اجابت الينورا بعد برهة من الشرود بابتسامة متصنعة وصوت مبحوح تفضح نبراته وموجاته عن آلام في الأحبال الصوتية :-
لا يا عزيزي ... لا شيء ، أخبرتك مرارًا أني قوية أتحمل العقبات وها قد مررنا منها سويًا .. إلا أني .. اريد إبلاغك بشيء .. قد يعكر صفو مزاجك
- فقط قولي ولا تترددي عزيزتي ، لا شيء قد يعكر صفوي سوى رؤيتك تعانين وها انتِ على أحسن ما يرام
إذًا .. اقترب وانظر ..
اقترب ببطء ونظر إلى ذلك الوجه البريء الملائكي فتمعن النظر فيه قليلًا و تحدث بعد برهةٍ بنبرة طفولية سعيدة :-
- انظروا إلى هذا ، طفل جميل لطيف كأمه
لطيفة .. طفلة جميلة لطيفة كأمها
أخذت آيات الصدمة تتضح على وجه اجون الذي لم يتمنى يومًا سماع مثل هذه الجملة ، اقتضب حاجبيه في غضب و أدار وجهه يحاول إخفاء ما يعتليه من سخط ومرارة تجاه الجنس الناعم ككل فشرع يتحرك ذهابًا وإيابًا في الغرفة يزفر بحنق بين الحين والآخر يمرر أنامله بين خصلات شعره ليتراجع إلى الوراء قبل أن يتساقط على عينيه مجددًا ، رأت الينورا حالته فتحدثت لتَظهر نبراتها الفاضحة عن استمرار ألم حلقها محاولةً تهدئته :-
صدمة لم نتوقعها أعترف بهذا ، لكنه أمرٌ واقعٌ الآن
اعرف سخطك تجاه النساء واشمئزازك منهن وأعرف حتى عدم رغبتك بهذا الطفل بعد معرفتك لجنسه لكنها تظل طفلتنا
عانيتَ الامريْن طوال سنوات طفولتك مع والدتك حتى انك اخذت اخَوَاتك بذنبها
أتذكر حين تقابلنا للمرة الأولى في أحد الإجتماعات الاقتصادية .. لم تنظر في وجهي لم تنبس ببنت شفةٍ حينما ألقيت التحية عليك حتى أنك تجاهلتني وعاملتني كالهواء لكنك أصبحت لينًا مع الوقت ، كأنك تبدلت عندما ساعدتك مرةً واحدةً فقط عندما لم يكن هناك من يساندك
لسنا جميعًا سيئاتٍ عزيزي ثم أنها مازالت طفلة!! .. انظر إلى ملامحها البريئة اللطيفة ، ألم يكن هذا تعليقك عليها للتو؟؟
- كونه واقعًا لا يجبرني على قبوله ايللي
لم تستطع تغيير رأيه بل إنه لم يرد حتى أن يعيد النظر في وجه تلك الصغيرة مجددًا ، ربما هدأ قليلًا لكن لا اظنها إحدى علامات الرضا ، علت وجه الينورا نظرة حزينة وزمت على شفتيها في ضيقٍ قبل أن تتفاجئ بتوقفه مكانه عنوةً والتفافه تجاه زوجته لتتقابل اعينهما فقال بصوتٍ هاديء :-
ربما يمكنني التفكير قليلًا في تقبل هذا الأمر .. فقط بناءً على رغبة ملكتي
تبدلت النظرة الحزينة بابتسامة واسعة قبل أن يقترب اجون ويحتضن زوجته ويقبل جبينها دلالةً على سعادته بسلامتها فأردف :-
لا يمكنني تقبل اي شيء ولكن إن كان جزءًا منكِ فكيف لي ان أعترض
كانت نظراتها كافيةً لتعبر عن مكنون سعادتها قبل أن يميل اجون برأسه قليلًا ويغمض عينيه لثوانٍ معدودة قبل أن يبتعد عن زوجته بحذر فإذ بالينورا تبادر حديثها إلا أن قاطعها اجون واضعًا سبابته احدى يديه على فمه ويشير بسبابته الأخرى على باب الغرفة ففتحه فجأةً لكنه لم يجد ما كان قد توقعه فأخذ يغلق الباب رويدًا حتى ترك جزءًا بسيطًا يتيح له اظهار ما خلفه وانتظر لثوانٍ ينظر إلى الفراغ ثم أغلق الباب
............
هه اخبرتكم لن اقع في نفس الفخ مرتين
جملة قالها كيسنچر بفخرٍ بينما يختبئ خلف إحدى أعمدة القصر بينما أجابه هارولد بتوجسٍ يبتلع ريقه في قلق :-
- احم كي .. سو ..
هذا لأنها مرتك الثالثة ألم تخبرهم بأمر الحديقة
▪ لا انه سر ...
أجاب كيسنچر دون وعيٍ لمن يتحدث فمرت لحظات من الصمت لاحظ بها عقله ما قد حدث فالتفت جواره بصدمة ليجد والده فأخذ يتلعثم مع لمسة من السخرية :-
ا .. ابي هه .. انا فقط ..
- فقط ماذا؟
اقسم اني لم أعد أثق بأيٍ منكم ، يالكم من عائلةٍ غريبة!!
لم يكتم اجون ضحكته فأشار لهم بالدخول بينما أدار ظهره لهم :-
تعالوا ادخلوا ...
فدخل كل من هارولد وماكسم منكسين رؤوسهما يحاولان كتم ضحكاتهما يتبعهما كيسنچر يكاد ينفجر وجهه من حمرة الغضب
توقف كل هذا عندما دخلوا ليجدوا ذلك الطفل الصغير فتقدموا لتتضح لهم رؤية تلك العينين الذهبيتين كالشمس والشعر الناري والبشرة ناصعة البياض كالثلج .. فتبعهم اجون داخلاً الى الغرفة يشير بأحد يديه لتلك الفتاة الحسناء قائلا ..
ابنائي الأعزاء رحبوا بفرد جديد بالعائلة ..
أختكم .... مياريڨان
Коментарі