:الفصل الأول:
:الفصل الثاني:
:الفصل الثالث:
:الفصل الثاني:
الحبال السوداء المصنوعة من خام 'الستان' تدلت من حولي، جسدي يقف بينهم قبل أن اُمسك بإحداهم و ارفع جسدي.

وصلت لإرتفاع عالٍ و مُناسب، لأقوم بلف حبل حول قدمي اليسرى و امدها أمامي ثم افعل المثل مع اليمني و امدها خلفي. ببطأ تركت الحبل و رفعت يداي، نظرت أمامي بثبات مُحاولة ان اُحافظ على توازني.

امسكت الحبل و افلت قدماي، ثم رفعتهما لإعلي و انا ألين بجسدي إلى الأسفل مُثبته يداي مكانهما ليصبح جسدي معكوساً -قدماي في الأعلى و رأسي في الأسفل-.

"دايڨاين." صوت آوبري، إحدى المدربات."هاتفٌ لكِ."

أنزلت قدماي و لففت الحبل حولي اكثر من مرة و بسرعه. تنهدت ثم تركته، جسدي التف في الهواء عدة مرات قبل أن امسكه مجدداً بيدي اليسرى. وجهي يقابل آوبري التي مدت لي الهاتف، أخذته منها و تركت الحبل. كان توماس ، صديقي.

"الن تتوقف عن إقتحام حياتي؟" كان أول ما قلت.

"إن وجِدَت ربما اُفكر بالأمر." سخر و قلبت عيناي.

"ماذا هناك؟" توقفت أمام المرآة الضخمة و نظرت لإنعكاسي، ذيل حصاني الأبيض مُبعثر يصل لأخر ظهري، بنطال اسود و حمالة صدر رياضية سوداء ايضاً. "اُريدكِ ان تُسدي لي معروفاً." عقدت حاجباي.

"اتفاءل خيراً؟"

"ليس تماماً." قال. "أين انتِ أولاً؟"

"اتدرب ، لما؟" سألت.

"ارتدى ملابسكِ، سأكون امامكِ بعد خمس دقائق." لم يترك لي مجالاً للرفض عندما اغلق الخط في وجهي.

رائع.

"سأذهب، آوبري." قلت و اتجهت لغرفة التغير."حسناً." صاحت.

ارتديت سريعاً لأنني اعلم انه دقيق في مواعيده اكثر من الازم. توماس يكون صديقي منذ اكثر من ثمان سنوات، تعرفت عليه في الثانوية و لم أتوقع ان يبقى كل تلك المدة.

لكنه فعل.

رفعت شعري في ذيل حصان و حملت حقيبتي على كتفي و خرجت من الغرفة ثم المكان بأكمله، و كما توقعت كان ينتظرني في سيارته البيضاء.

أغلقت باب السيارة خلفي قائلة:"قاطعتني عن التدريب و انت تعلم أنه مهم ، أغلقت الهاتف في وجهي -كالعادة- و بكل تأكيد لم تجلب ال..."

"ليمون." رفع الكوب البلاستيكي في وجهي.

نظرت للكوب ثم له و بملل سحبته من يده، ارتشف منه بينما بدأ هو في القيادة. "و لا مشكله ان تتركي التدريب لي، انا اهم."

"الغرور يُعميك يا صديقي." نظرت في هاتفي اتفقده.

"ذلك وقحاً."

"و ليس جديداً." القى نظرة سريعة على و اكتفيت انا بإبتسامة واثقة.

"اياً كان." اخذ مُنعطفاً و توقف في إشارة مرور.

"ما المعروف؟" التفت له.

"اول شئ ستذهبين معي لإختيار الوان بعض الاقمشة، أُريد تصميم شئ جديد."

"لا مشكلة." هززت كتفاي و التفت له."و ثانياً؟"

"اتذكرين تلك المرأة التي صممتُ لها فُستاناً؟" نظر لي بعينيه الخضراء و مرر يديه في شعره البُني الطويل نسبياً يربطه في شكل ذيل حصان. "انت تصمم لجميع النساء فساتين؟" زفر و حرك عصا النقر عندما أصبحت الإشارة خضراء ليبدأ في القيادة مرة أخرى.

"الأخيرة دايڨاين، التي اخذت رقم هاتفي و عرضت على العمل." القى نظرة سريعة على و انا فقط اخذت لحظات اُحلل ما قال. "اوه نعم تذكرت، ماذا بشأنها؟"

"حدثتني البارحة." لمحت زاوية شفتيه ترتفع.

"و..؟"

"أرادت مقابلتي." قال. "غداً."

"ذلك جيد، صحيح؟"

"ليس تماماً."

"و السبب؟" رفعت حاجباً.

"اظنها تُحاول التودد إلى." تنهد. "و ماذا في ذلك؟" عقدت حاجباي.

"لست جاهزاً لأتخطي مارڨين بعد." القى نظرة سريعه على يتفقد ملامحي و نظر أمامه.

لا ألومه. مارڨين كانت صديقتنا و حبيبته لكنها انهت علاقتها بكلانا، و لم تملك سبباً منطقياً سوا انها ستنتقل للعيش في ألمانيا و ذلك كسر توماس، دمره بشدة. بعد كل تلك السنوات كل ما يجده هو رساله نصيه منها تخبره بالأمر و بأنها ستغير رقم هاتفها، حتى حذفته من جميع مواقع التواصل الاجتماعي.

كانت ضربه قاسيه.

لا شك في أن توماس سيذهب يوماً ما أيضاً، لكنني لا اظن انني جاهزة بعد، رغم أنني اعتدت الوحده.

لست قريبة من امي لأنها -و دون مبالغة- تزوجت اكثر من عدد شعر رأسي، و انا فعلاً لا أملك ذكريات لطيفة مع ذلك.

أعني، لا أجده أمراً طبيعياً، و سهلاً ان يوجد رجلاً غريباً في منزلي في نهاية كل اسبوع. لكن على كب حال، ذلك لم يكن السبب الرئيسي لإنتقالي للعيش في نيويورك و ترك بوسطن.

أما عن ابي فهو في إيطاليا بعدما انفصل عنها، لا أعلم عنه الكثير حقاً؛ فهما منفصلان منذ أن كنت طفلة.

بإختصار، توماس كان ما تبقى حالياً.

"قد تكون هذة خطوة البداية." هززت كتفاي و صمت هو.

"ربما.." تمتم، بعدها الصمت حل علي السيارة بينما تحرك وسط شوارع نيويورك المكتظه، راقبت الأشخاص يتحركون هنا و هناك أسفل غروب الشمس حتى جذب إنتباهي مرة أخرى:"هلا اتيتي معي؟"

لا اريد مقابلة شخصيات جديدة. صراحتاً أصبحت أنفُر من البشر مؤخراً، مما يعني أنني اكتفيت بمن حولي حتى موعد ذهابهم.

و غير ذلك هو يجب أن يترك قلبه لواحدة اخرى، بات حبيساً لفكرة ان مارڨين ستعود له يوماً ما و ذلك لن يحدث. أبداً.

"ربما اُقابلها لاحقاً، اما غداً لا يجب أن يوجد سواكما."

————————

كُنت مُتأخِره كعادتي..

ظللت الليل بطوله ارسُم حتى أنني لم اُلاحظ أنني انتهيت قُبيل الفجر و لم احظي بنومٍ جيد لذلك.
عادة غبيه، اعلم.

هرولت وسط الشوارع المزدحمة و اخرجت هاتفي اتفقده سريعاً.

رسالة نصية)

من: بيا.
"اسرعي!"

تنهدت و نقرت على هاتفي، اُجيب.

إلي: بيا.
"دقيقه و سأكون امامكِ."

دسست الهاتف في جيب بنطالي الخلفي و انعطفت لشارعٍ جانبي قبل أن ادفع باب الأتيليه الأبيض و ادلف.

كان يوجد بعض الناس، مررت بهم سريعاً و توجهت ناحية مكتب الإستقبال مُلقيه حقيبتي اسفله و وقفت جانب بياتريس زميلتي.

"حقاً دايڨاين انتِ تملكين أُمنية الموت." هسهست بحده و نكزت ذراعي بكوعها.

"أأفعل؟"

"إيريك كان يبحث عنكِ." نظرت لي.

إيريك يكون مالك الأتيليه، ليس بشاب بل في أواخر الأربعون و فرق السن ذلك يجعله مُتسلطاً اكثر من الازم. "ماذا اخبرتيه؟"

"انكِ في الحمام و لحسن حظكِ انه لم يذهب ليتفقده بنفسه." ابتسمت بإستهزاء. ليس عسيراً عليه فعل ذلك حقاً.

تحركت بياتريس لإحدى الزبائن بينما توقفت انا أُراقب الباقيه و هم يتأملون تارة رسوماتي و تارة رسومات الأخرين. هناك الكثير يقومون بالتعاقد مع إيريك كي يعرض رسوماتهم هنا، يحصل هو على نصف النسبة من كل رسمة تُباع، بما فيهم خاصاتي.

ليس عدلاً نعم، لكنني لا أهتم حقاً.

صوت كعباً يطرق أرضية الأتيليه الرخامية جعلني ارفع نظري له.

شعرها كان بني و قصير يصل لكتفيها، فستاناً احمر -كلون احمر الشفاة- يُغطي جسدها المثالي و يصل لأعلى ركبتيها بإنشات ، كانت تتجه لي مُباشرتاً و رفعت نظارة الشمس عن عينيها ببطأ مستفز.

اكره الإنوثة المُفرطة، و من تحليلي لشخصيتها في خمس ثوانٍ؛ هي من عشاق جذب الإنتباه، لأنها بالفعل جذبت إنتباه كل من في الأتيليه.

"ابحث عن دايڨاين برايور." صوتها كان ناعماً اكثر من الازم و مستفز -ككل ما بها- حدقت في عينيها الخضراء للحظات قبل أن اُدرك انها تبحث عني، انا. دايڨاين برايور.

"انا هي، كيف يمكنني مساعدتك؟"

"علمت من إحدى صديقاتي انكِ تُجيدين الرسم، و رأيت بعض رسوماتكِ و أعجبتني إحداهن." ابتسمت لي.

إحداهن؟
فالتشكر ربها انني لم الفظ شيئاً سوا:"شكرا لكِ."

"عيد مولد حبيبي يوم السبت المقبل و كنت اتساءل إن كنتِ تستطيعين رسم صورتنا على لوحه ضخمة لنُعلقها في غرفتنا، خلال يومين؟"

أعدت مراجعة جدولي بسرعة، من اليوم الأربعاء و حتى الجمعة ثم اجبت:"لا مشلكة."

أخرجِت صورة من حقيبتها و وضعتها أمامي ثم...تباً؟

تباً. تباً. تباً. تباً.

جسدي بأكمله تصلب و أُجزم ان عيناي كادتا تخرجا من مكانهما و انا أحدق بالصورة. كان هو! الرجل الذي قابلته و رسمته في المقهى الإسبوع الماضي.

حاولت أن ارسُم ملامح طبيعية على وجهي، لكني فشلت. فشلت لدرجة انها اردفت:"ما المشكلة؟"

"لا شئ، اظنني رأيته مسبقاً." نبرة صوتي خرجت ثابته، إلى حدٍ ما.

"بالطبع رأيتيه! عزيزتي ذلك..." قُطع كلامها عندما رن هاتفها و صدر صوت إيريك من خلفي لأجفل بخفة. "اردن هارتز! ياله من يومٍ رائع."

ابتَسَمت بخفة و ازاحت شعرها عن وجهها، أشعر أنني غبيه و انا لا اعلم من 'اردن هارتز'..

و لكن كإستنتاج سريع و بديهي. اردن هارتز تلك تكون حبيبته التي حدثني عنها، لم اتخيلها هكذا ابداً صراحتاً. لم اتخيل ان أراها اصلا.

تبادل كلاهما أطراف حديث لم اُركز به، كل تركيزي كان على الصورة أمامي، على ملامحه الرائعة و التي تُبهرني كلما رأيتها، عينيه، شفتيه المرسومة و...ما اللعنة التي اُفكر بها!

"بالطبع دايڨاين من أفضل الرسامين لدي." رفعت نظري عندما ذُكر اسمي و ابتسمت بخفة.

إبتسامتي في محلها الصحيح؟ اتمنى.

"سنري بشأن ذلك." لم تلتفت لي حتى، كانت تتحداني.

تتحداني في منطقتي.
الرسم.

"متي سأتسلمها؟" التفتت لي و كأنها لم تقوم بإهانتي منذ ثانية.

"الجمعة، السابعة مساءاً." رسمتُ إبتسامة مصتنعه على محياي بدلاً من أن أنُتف حاجبيها لتومئ و تودع إيريك ثم تلتفت ذاهبه.

شعرت بإيريك ينحني ناحية أذني ثم تمتم:"إن جعلتِ اردن هارتز إحدى زبائني سأجعل مُرتبكِ الضعف." التفت له و كان بالفعل تحرك لمكتبه.

هاتفي أصدر رنيناً يُعلن وصول إشعاراً، اخرجته من جيبي لأنظر به.

(١ رسالة نصية)

من: توم.
"سأُقابلها، تمنى لي الحظ :)"

إلى: توم.
"لا تعُد لي بطفلان، هاه؟"

من: توم.
"اغربِ عن وجهي، دايڨاين."

إبتسمت بخفه و دسست الهاتف في جيبي مجدداً. نظرت مرة أخرى للصورة و تنهدت، المشكلة ليست في جعلها إحدى الزبائن، المشكلة أني..أني عانيت كفاية كي أخرجه من تفكيري..

و ها هو يُعيدني لنقطة الصفر.

© جانا ,
книга «Action| اكشن».
:الفصل الثالث:
Коментарі