فَتْرَةُ تَعَارُف
فَتَحَ جونغ إن عَينيْهِ ببُطئِ بِسبب ضوء الشَمسِ الآتِي مِن الشُرفَة الضَخمة الزُجاجية بغرفةِ المعيشِة.
لاحظ أنَّه نائم على الأريكةِ و فجأة تردَّد بذاكرته كل ما حَدَثَ له بالتفصيلِ البارحةِ.
إتَّسَعَتْ عَيْناه، و حاول الإعْتِدال بجلستِهِ بدَلًا مِنَ التَمَدُّدِ و لكِنَّ شُعورَه بألمٍ كالجحيمِ بالجُزءِ الأيسرِ مِن مَعِدَتِه لم يُساعدْهُ لفعلِ ذلك، فأغمَض عينيْه بقوةِ كَرَدَّةِ فعلٍ بينما يُمسِك بمكانِ الألمِ، و بالرغمِ مِن ألمِه، هو قرَّر الإعتدالَ و الجلوسَ مُحاوِلًا البحث عن مي راي بعينيه ولكِنَّ لا أثَر لها.
اللعنة بالتأكيد استَغَلَّت الفُرْصَة للهروب.
تنهد بغضب ثم نهض واقفًا و سار ببطئ تجاه المرحاض ليجد الباب مغلق. حاول فتحه ولكن محاولة فاشلة. بعد وهلة أدرك أنها ربما تكون بالداخل فعاد يجلس على الاريكة بغرفة معيشته الواسعة منتظر خروجها.
و أخيرًا سَمَعَ صوت باب المِرحاض الذي بالطابق العلويِّ يُفتَح. ظَلَّ يُراقِب تحرُّكاتِها بغضبٍ و حِدَّةٍ . كانت مازالت بملابس المشفى التي لوثتها دماؤه و بعض قطرات المياه تُغطِّي وجهها علامة على أنها قد غسلَتَهُ لِلتَوِّ.
فور لمحها له توقَفَّت لِوهلة مكانَها ثُمَّ أكملَتْ السير لِتجلَس بِعدَمِ إهتمام على المِقعدِ الذي يَبعُد عَن الأريكة.
قررت تجاهله ولكنه لم يُزِيل نَظْرَتَهُ المُخيفة تِلكَ مِن على وجهها، فنَظَرَت لَه، و قالت بلامبالاه: ماذا؟
جونغ إن: أريد تفسيرًا دقيقًا لِما حدث البارحة.
وماذا حدث البارحة؟: قالت ممثلة الغباء
اغمض عينيه للحظة بينما تنهد بنفاذ صبر على ما قالته: لا تستفزيني أكثر مِن هذا و أَخبريني لِما كُنتِ تحملين مَسدَّسًا معكِ؟ من كانت تلك الفتاة؟، ولما تم محاولة مهاجمتك؟
نَظَرَت لَهُ لِبُرْهة و كأَنَّ شيئًا ما يَشْغَل عقلها ثم قالت متذمرة: أنتَ تُثَرْثِر كثيرًا يإلَهِي!
قال بنبرة مخيفة و لأول مرة تسمعه يتحدث بتلك الطريقة: أنتِ تعلمين أنكِ لن تخرُجي مِن هُنا إلَّا حينما تُخبريني بِكُلِّ شيءٍ حيثُ أننِي قَد تَورطُّ معكِ الآن.
ما بِكَ أَيُّها الطبيب؟ أَتُهَدِّد مريضتكَ الآن؟
أنتِ لم تَغْدِي مريضتي. مُنذ الآن أنتِ شخص حَوْلَهُ الكثير مِنَ الأخْطار يُقِيم بِبَيْتِي.
هل أنا سأجلس هنا للأبد؟ كنت سأغادر اليوم على أيَّةِ حال
أخبرتِكِ أنكِ لن تُغادري مِن هُنا إلَّا حينما أعرِف ما يَحدُث. أنتِ يُمكنكِ ألَّا تعودي لتلك المشفى للأبد، بينما أنا أعمل بِها يوميًّا لِهَذَا مَن سيَتعَرَّض للخطر مُنذُ الآن هو أنا و بسببكِ.
ماذا تريدني أن أفسِّر؟ كل شيء واضح. حاولوا قتلي لأنني أخبرت عليهم الشرطة. كانوا يظنون أنني لن أستيقظ مجددًا بعد الذي حدث، ولكنَّ القدر لديه رأيٌ آخر.
عض على شفته السفلى مفكرًا ثم أكمل بجدية وهو ينظر لعينيها بثبات: هل حقًّا هذا السبب الوحيد؟ هل سببهم الوحيد لمحاولة قتلكِ تلك الحادثة، وليس شيء آخر؟ رُبَما أنتِ تعرفين عنهم الكثير؛ خاصةً أن حَبِيبُكِ لم يَفعل ذلك بِغَرَض رغْبَتَهُ بكِ. هو لم يلمسكِ!
ضحكت ساخرة محاولة إظهار ثباتها بالحديث: لِما أنت فضولي بتلك الطريقة؟ لِما تريد معرفة كل تفاصيلي و تحاول حمايتي بشتَّى الطرق؟
ظل يتأمل جونغ إن ملامح وجهها للحظات ثم قال متجاهلًا سؤالها "عمدًا": هل أنتِ خائفة أن تُخبري الشرطة بذلك السر لأنكِ رُبَمَا متورِّطة معهُم؟
نظرت له بالقليل من التوتر ثم قالت: لست كذلك. لقد أخبَرت الشُرطة عما فعلوه بالفعل.
تنهد ثم ساد الصمت للحظات. أخرَج هاتفه الذي كان بجيب بنطاله ولحسن الحظ هو لم يسقُط بعد كل تلك الأحداث المريعة. إتصل برقم ما، وفور رد الطرف الآخر قال: آه مرحبًا سونغي كيف حالِكِ؟
سأخبركِ حالما تأتين لمنزلي. إسمعيني أريد منك إحضار بعض الملابس النسائية معك. لا لا ليس شيئًا رسمي. ملابس للخروج و للمبيت كقمصان و بناطيل مُريحة، و أيضًا أحضري بعض الطعام.
حسنًا لتحضريهم و تمرِّي عليَّ بعد إنتهاء دوامك سأعطيكِ الأموال حينما تأتين.
حينما أغلق الخط نَظرَت له مي راي بشك وقالت: لِمَن تلك الملابس؟
لكِ بالطبع. هل تنوين أن تسيرين بمنزلي هنا و هناك بِتِلكَ الملابس الملوثة؟
لقد تلوثَتْ بِدمَكَ على أيةِ حالٍ
مازلت ملابس ملوثة و ستُلقى بالقِمامَة.: قالها بجدية
قالت بنفاذ صبر: لِما تهتم بي واللعنة بتلك الطريقة؟ لتتركني فشأني و حسب
قال بابتسامة مستفزة : هناك بعض الأشياء لا يجب على البلهاء معرفتها
قالت ساخرة: عفوٍا!
كيف؟ أين تعلمتي هذا؟
قطبت حاجبيها باستغراب: تعلمت ماذا؟
خياطة الجروح بتلك الطريقة المحترفة
لقد إعتدْتُ على فعل هذا كثيرًا سابقًا مع لاي
لاي؟ هل هو حبيبكِ السابق؟
صدمت حينما علمت ما تفوهت به الآن. بحديثها هي زودَّت من شكوكه عن أي نوع من الأشخاص هي و حبيبها السابق
تنهد وقال: هل هو رئيس عصابة؟ بِنسبَةِ خمس و تسعين بالمائة أشعُر أنَّه كذلك.
لم ترد عليه فأكمل: والآن أصْبَحَتْ ثمان و تسعين بالمائة.
التقطت جهاز التحكم الخاص بالتلفاز وقالت بملل وهي تفتحه: أيُمكِنَكَ التوقف عن الثرثرة قليلًا أنت تجعلني أُصاب بآلام الرأس.
*****
في الليل رن جرس المنزل. كانت مي راي جالسة بعدم إهتمام تشاهد التلفاز، وهو يلعب على هاتفه و مُمدَّد على الأريكة بملابس منزله المريحة. كانا طوال الوقت يعاملان بعضهما البعض على أنهما أطياف غير مرئية.
حينما لم تنهض مي راي من مكانها نظر جونغ إن لها باستغراب وقال: ماذا؟ أَتُريدين منِّي أن أنهض لفتح الباب و أنا بتلك الحالة.
حركت عينيها بملل و نهضت هي لتفتحَهُ لتجد أمامها فتاةٍ ذات شعر كستنائيّ طويل يصل إلى منتصف ظهرها. عينيها ذات لون العسل. تلك العينين نادرة للغاية بكوريا. كانت الفتاة أطول منها و جسدها منحوت ببراعة. للحظة هي سرحت بجاملها إلا أن أعادتها للواقع نبرة سونغ كيونغ المرتفعة
نظرت سونغ كيونغ بصدمة لها بسبب ملابس مشفاها و الدماء عليها قائلة: ماهذا؟ من أنتِ؟
إبتعَدَتْ مي راي عن الباب لتُعطي للفتاة مجالًا للدخول. نظر جونغ إن لها من الداخل ولم يعتدل بجلسته حتى احترامًا لتلك الفتاة قائلًا: مرحبا سونغي. ضعي الأغراض بأي مكان و أجلسي
كانت الأخرى تشعر بالغضب و الصدمة للغاية عكس بروده هو. وقفت أمامه بعدما ألقت بالحقائب على الأرض، وقالت: أريد تفسيرًا لما رأيته الآن و حالًا كيم جونغ إن.
******
إضطرَّ لإخبارها بكلِ شيءٍ بسبب صُراخِها المُستمِر، وفور إنتهاؤه من الحديث نَظرَتْ له بصدمة قائلة بصُرَاخ: هل جُنِنْت؟ كيف لكَ أن تتورط مع فتاةٍ مُرِيبَةٍ مثلها؟
أصمتي قليلًا أنا لم أُخبركِ بهذا حتى تستمرين بصراخكِ. سونغي تلك الأشياء لا يجب أن يعلم عنها أحد. أنتِ لا تُفِْشين الأسرار لهذا أخبرتكِ. حسناً!
نظرت له بتردد وعلامات الغضب لم تُزال من على وجهها: عليكَ إنهاء هذا بأقرب وقت و لا تَسْمَحْ لها بالتَلاعُبِ بِكَ هل تفهم!
و مع كل ذلك الحديث كانت مي راي تجلس بمقعد بالزاوية و تستمع لحديثهما عنها، و كَأَنَّها غير مَرْئيَّة، و حينما قالت سونغ كيونغ جملتها الأخيرة ضحكت مي راي ساخرة ثم قالت هامسة: التلاعُب بمختل شبيه القردة هو آخر شيء أُفَكِّر بِه.
نظرت سونغ كيونغ لها بينما شرارات الغضب لمي راي تكاد تكوِّن لهيبًا. نهضت غَاضِبَة مُتوَجِهَة لها كأنها ذاهبة لقتلها لا مَحَالة: من تنعتين بالمختل شبيه القردة أيتها اللعينة؟
قال جونغ إن بسرعة صارخا بجدية بسرعة بينما مازال جالس بمكانه حتى لا يُفسِد خياطة الجرح: طبيبة "لي" توقفي الآن. هي لا تزال مريضة تحت إشرافي.
نظرت له ساخرة ثم قالت: سأذهب الآن. لقد حضَّرت لك الطعام المنزلي لأنك لا تأكل سوى مرة كل قَرْن بسبب إنشغالك بالعمل ليل نهار، وليته يُفيدك بل انتَ فقط تَقَع بالمتاعب مع غَريبِي الأطْوَار. تناوَلْه كُلَّه ولا تُقاسِمها بالكثير أَتَفْهَم؟
ضحك بخفة، ثم قال بينما يمد لها بطاقته البنكية من محفظته: حسنًا. خذيها و أذهبي انا مريض و أريد الراحة
أحتفظ باموالك لنفسك أيها اللعين.: قالتها ثم غادرت قبل أن يتحدث مرة اخرى
فور خروجها قالت مي راي وهي مازالت جالسة بمكانها بينما جونغ إن بدأ بفتح العُلَّب البلاستيكية: هل هي حبيبتك؟
نظر لها للحظة ثم أعاد نظره للعُلَب، وقال مازحًا : ومادخلك؟ أتغارين؟
ضحكت ساخرة بصدمة: هل أنتَ مُختَل؟ أنتَ دائمًا تحشر أنفك بكل ما يخصني دون رغبةً مني. ألا يمكنني الإنتقام منك و فعل هذا ايضًا؟
قال متجاهلًا ما قالته بعدما فتح جميع العُلَب: هيا لتأكُلي.
لا أريد
حسنًا كما تريدين!: قالها ببرود بينما بدأ بتناول الطعام
شعرت بالصدمة الداخلية لأنه لم يتحايل عليها لتأكل!
تنهدت ثم أخذت حقائب الملابس التي وُضِعَتْ بجانب الباب لتُغيِّر ملابسها بالمرحاض.
تابعها بعينيه وهو يأكل إلى أن أغلقت باب المرحاض. لم يكمل دقيقتين من تناول طعامه ثم توقف عن الأكل حتى لا يُتعِب مَعدتَهُ المُصابة بالإصافة لرغبته بترك بعض الطعام لمي راي هي لم تأكل منذ البارحة مثله تمامًا.
تمدد على الأريكة بتعب مرة أخرى. هو ليس لديه الطاقة و القوة للذهاب إلى غرفته. أغلق عينيه بتعب ليغط بنومٍ عميق مجددًا. بالرغم أنَّه قد مر يوم على ما حدث إلَّا أنَّ جسده مازال يتملكَه الكثير من الألم و التعب.
بعد عشر دقائق نزلت مي راي بينما ترتدي بيجاما خريفية ذات لون زهري هادئ و قد هندَمَت شعرها البني الذي يصل لرقبتها قليلًا ليبدو أفضل من السابق.
كانت تبدو كفتاة عكس طِباعها الحادة.
نظرت له لتجده نائم فضحكت بسخرية و تدريجيًا تلاشت ملامح سخريتها حينما سرحت بملامحه الهادئة وهو نائم. للحظة هي فكرت ذلك المختل كيف يبدو لطيفًا و رجوليًا بنفس الوقت وهو نائم؟
أفاقها من شرودها جرس الباب. إنها العاشرة مساءًا من قد ياتي بذلك الوقت؟!
تحركت ببطئ حتى لا يسمع من بالخارج خطواتها لتنظر بالشاشة الإلكترونية التي بجانب الباب وفجأة هي شعرت بسيقانها لم تَعُد تستطيع حملها من الهَلع فور رؤيتها للزائر.
كيف عرف مكان منزله؟ لا هذا سؤال غبيّ هو يستطيع معرفة تفاصيل التفاصيل عن أي شخص وقتما يريد. كيف علم أنها هنا؟!! هل ربما قد رآهما وهما يهربان من المشفى!
كل الأفكار السوداوية بدأت بالإندفاع إلى عقلها في آنٍ واحد مما جعل من الصعب عليها التفكير بحل للخروج من ذلك المأزق.
لاحظ أنَّه نائم على الأريكةِ و فجأة تردَّد بذاكرته كل ما حَدَثَ له بالتفصيلِ البارحةِ.
إتَّسَعَتْ عَيْناه، و حاول الإعْتِدال بجلستِهِ بدَلًا مِنَ التَمَدُّدِ و لكِنَّ شُعورَه بألمٍ كالجحيمِ بالجُزءِ الأيسرِ مِن مَعِدَتِه لم يُساعدْهُ لفعلِ ذلك، فأغمَض عينيْه بقوةِ كَرَدَّةِ فعلٍ بينما يُمسِك بمكانِ الألمِ، و بالرغمِ مِن ألمِه، هو قرَّر الإعتدالَ و الجلوسَ مُحاوِلًا البحث عن مي راي بعينيه ولكِنَّ لا أثَر لها.
اللعنة بالتأكيد استَغَلَّت الفُرْصَة للهروب.
تنهد بغضب ثم نهض واقفًا و سار ببطئ تجاه المرحاض ليجد الباب مغلق. حاول فتحه ولكن محاولة فاشلة. بعد وهلة أدرك أنها ربما تكون بالداخل فعاد يجلس على الاريكة بغرفة معيشته الواسعة منتظر خروجها.
و أخيرًا سَمَعَ صوت باب المِرحاض الذي بالطابق العلويِّ يُفتَح. ظَلَّ يُراقِب تحرُّكاتِها بغضبٍ و حِدَّةٍ . كانت مازالت بملابس المشفى التي لوثتها دماؤه و بعض قطرات المياه تُغطِّي وجهها علامة على أنها قد غسلَتَهُ لِلتَوِّ.
فور لمحها له توقَفَّت لِوهلة مكانَها ثُمَّ أكملَتْ السير لِتجلَس بِعدَمِ إهتمام على المِقعدِ الذي يَبعُد عَن الأريكة.
قررت تجاهله ولكنه لم يُزِيل نَظْرَتَهُ المُخيفة تِلكَ مِن على وجهها، فنَظَرَت لَه، و قالت بلامبالاه: ماذا؟
جونغ إن: أريد تفسيرًا دقيقًا لِما حدث البارحة.
وماذا حدث البارحة؟: قالت ممثلة الغباء
اغمض عينيه للحظة بينما تنهد بنفاذ صبر على ما قالته: لا تستفزيني أكثر مِن هذا و أَخبريني لِما كُنتِ تحملين مَسدَّسًا معكِ؟ من كانت تلك الفتاة؟، ولما تم محاولة مهاجمتك؟
نَظَرَت لَهُ لِبُرْهة و كأَنَّ شيئًا ما يَشْغَل عقلها ثم قالت متذمرة: أنتَ تُثَرْثِر كثيرًا يإلَهِي!
قال بنبرة مخيفة و لأول مرة تسمعه يتحدث بتلك الطريقة: أنتِ تعلمين أنكِ لن تخرُجي مِن هُنا إلَّا حينما تُخبريني بِكُلِّ شيءٍ حيثُ أننِي قَد تَورطُّ معكِ الآن.
ما بِكَ أَيُّها الطبيب؟ أَتُهَدِّد مريضتكَ الآن؟
أنتِ لم تَغْدِي مريضتي. مُنذ الآن أنتِ شخص حَوْلَهُ الكثير مِنَ الأخْطار يُقِيم بِبَيْتِي.
هل أنا سأجلس هنا للأبد؟ كنت سأغادر اليوم على أيَّةِ حال
أخبرتِكِ أنكِ لن تُغادري مِن هُنا إلَّا حينما أعرِف ما يَحدُث. أنتِ يُمكنكِ ألَّا تعودي لتلك المشفى للأبد، بينما أنا أعمل بِها يوميًّا لِهَذَا مَن سيَتعَرَّض للخطر مُنذُ الآن هو أنا و بسببكِ.
ماذا تريدني أن أفسِّر؟ كل شيء واضح. حاولوا قتلي لأنني أخبرت عليهم الشرطة. كانوا يظنون أنني لن أستيقظ مجددًا بعد الذي حدث، ولكنَّ القدر لديه رأيٌ آخر.
عض على شفته السفلى مفكرًا ثم أكمل بجدية وهو ينظر لعينيها بثبات: هل حقًّا هذا السبب الوحيد؟ هل سببهم الوحيد لمحاولة قتلكِ تلك الحادثة، وليس شيء آخر؟ رُبَما أنتِ تعرفين عنهم الكثير؛ خاصةً أن حَبِيبُكِ لم يَفعل ذلك بِغَرَض رغْبَتَهُ بكِ. هو لم يلمسكِ!
ضحكت ساخرة محاولة إظهار ثباتها بالحديث: لِما أنت فضولي بتلك الطريقة؟ لِما تريد معرفة كل تفاصيلي و تحاول حمايتي بشتَّى الطرق؟
ظل يتأمل جونغ إن ملامح وجهها للحظات ثم قال متجاهلًا سؤالها "عمدًا": هل أنتِ خائفة أن تُخبري الشرطة بذلك السر لأنكِ رُبَمَا متورِّطة معهُم؟
نظرت له بالقليل من التوتر ثم قالت: لست كذلك. لقد أخبَرت الشُرطة عما فعلوه بالفعل.
تنهد ثم ساد الصمت للحظات. أخرَج هاتفه الذي كان بجيب بنطاله ولحسن الحظ هو لم يسقُط بعد كل تلك الأحداث المريعة. إتصل برقم ما، وفور رد الطرف الآخر قال: آه مرحبًا سونغي كيف حالِكِ؟
سأخبركِ حالما تأتين لمنزلي. إسمعيني أريد منك إحضار بعض الملابس النسائية معك. لا لا ليس شيئًا رسمي. ملابس للخروج و للمبيت كقمصان و بناطيل مُريحة، و أيضًا أحضري بعض الطعام.
حسنًا لتحضريهم و تمرِّي عليَّ بعد إنتهاء دوامك سأعطيكِ الأموال حينما تأتين.
حينما أغلق الخط نَظرَت له مي راي بشك وقالت: لِمَن تلك الملابس؟
لكِ بالطبع. هل تنوين أن تسيرين بمنزلي هنا و هناك بِتِلكَ الملابس الملوثة؟
لقد تلوثَتْ بِدمَكَ على أيةِ حالٍ
مازلت ملابس ملوثة و ستُلقى بالقِمامَة.: قالها بجدية
قالت بنفاذ صبر: لِما تهتم بي واللعنة بتلك الطريقة؟ لتتركني فشأني و حسب
قال بابتسامة مستفزة : هناك بعض الأشياء لا يجب على البلهاء معرفتها
قالت ساخرة: عفوٍا!
كيف؟ أين تعلمتي هذا؟
قطبت حاجبيها باستغراب: تعلمت ماذا؟
خياطة الجروح بتلك الطريقة المحترفة
لقد إعتدْتُ على فعل هذا كثيرًا سابقًا مع لاي
لاي؟ هل هو حبيبكِ السابق؟
صدمت حينما علمت ما تفوهت به الآن. بحديثها هي زودَّت من شكوكه عن أي نوع من الأشخاص هي و حبيبها السابق
تنهد وقال: هل هو رئيس عصابة؟ بِنسبَةِ خمس و تسعين بالمائة أشعُر أنَّه كذلك.
لم ترد عليه فأكمل: والآن أصْبَحَتْ ثمان و تسعين بالمائة.
التقطت جهاز التحكم الخاص بالتلفاز وقالت بملل وهي تفتحه: أيُمكِنَكَ التوقف عن الثرثرة قليلًا أنت تجعلني أُصاب بآلام الرأس.
*****
في الليل رن جرس المنزل. كانت مي راي جالسة بعدم إهتمام تشاهد التلفاز، وهو يلعب على هاتفه و مُمدَّد على الأريكة بملابس منزله المريحة. كانا طوال الوقت يعاملان بعضهما البعض على أنهما أطياف غير مرئية.
حينما لم تنهض مي راي من مكانها نظر جونغ إن لها باستغراب وقال: ماذا؟ أَتُريدين منِّي أن أنهض لفتح الباب و أنا بتلك الحالة.
حركت عينيها بملل و نهضت هي لتفتحَهُ لتجد أمامها فتاةٍ ذات شعر كستنائيّ طويل يصل إلى منتصف ظهرها. عينيها ذات لون العسل. تلك العينين نادرة للغاية بكوريا. كانت الفتاة أطول منها و جسدها منحوت ببراعة. للحظة هي سرحت بجاملها إلا أن أعادتها للواقع نبرة سونغ كيونغ المرتفعة
نظرت سونغ كيونغ بصدمة لها بسبب ملابس مشفاها و الدماء عليها قائلة: ماهذا؟ من أنتِ؟
إبتعَدَتْ مي راي عن الباب لتُعطي للفتاة مجالًا للدخول. نظر جونغ إن لها من الداخل ولم يعتدل بجلسته حتى احترامًا لتلك الفتاة قائلًا: مرحبا سونغي. ضعي الأغراض بأي مكان و أجلسي
كانت الأخرى تشعر بالغضب و الصدمة للغاية عكس بروده هو. وقفت أمامه بعدما ألقت بالحقائب على الأرض، وقالت: أريد تفسيرًا لما رأيته الآن و حالًا كيم جونغ إن.
******
إضطرَّ لإخبارها بكلِ شيءٍ بسبب صُراخِها المُستمِر، وفور إنتهاؤه من الحديث نَظرَتْ له بصدمة قائلة بصُرَاخ: هل جُنِنْت؟ كيف لكَ أن تتورط مع فتاةٍ مُرِيبَةٍ مثلها؟
أصمتي قليلًا أنا لم أُخبركِ بهذا حتى تستمرين بصراخكِ. سونغي تلك الأشياء لا يجب أن يعلم عنها أحد. أنتِ لا تُفِْشين الأسرار لهذا أخبرتكِ. حسناً!
نظرت له بتردد وعلامات الغضب لم تُزال من على وجهها: عليكَ إنهاء هذا بأقرب وقت و لا تَسْمَحْ لها بالتَلاعُبِ بِكَ هل تفهم!
و مع كل ذلك الحديث كانت مي راي تجلس بمقعد بالزاوية و تستمع لحديثهما عنها، و كَأَنَّها غير مَرْئيَّة، و حينما قالت سونغ كيونغ جملتها الأخيرة ضحكت مي راي ساخرة ثم قالت هامسة: التلاعُب بمختل شبيه القردة هو آخر شيء أُفَكِّر بِه.
نظرت سونغ كيونغ لها بينما شرارات الغضب لمي راي تكاد تكوِّن لهيبًا. نهضت غَاضِبَة مُتوَجِهَة لها كأنها ذاهبة لقتلها لا مَحَالة: من تنعتين بالمختل شبيه القردة أيتها اللعينة؟
قال جونغ إن بسرعة صارخا بجدية بسرعة بينما مازال جالس بمكانه حتى لا يُفسِد خياطة الجرح: طبيبة "لي" توقفي الآن. هي لا تزال مريضة تحت إشرافي.
نظرت له ساخرة ثم قالت: سأذهب الآن. لقد حضَّرت لك الطعام المنزلي لأنك لا تأكل سوى مرة كل قَرْن بسبب إنشغالك بالعمل ليل نهار، وليته يُفيدك بل انتَ فقط تَقَع بالمتاعب مع غَريبِي الأطْوَار. تناوَلْه كُلَّه ولا تُقاسِمها بالكثير أَتَفْهَم؟
ضحك بخفة، ثم قال بينما يمد لها بطاقته البنكية من محفظته: حسنًا. خذيها و أذهبي انا مريض و أريد الراحة
أحتفظ باموالك لنفسك أيها اللعين.: قالتها ثم غادرت قبل أن يتحدث مرة اخرى
فور خروجها قالت مي راي وهي مازالت جالسة بمكانها بينما جونغ إن بدأ بفتح العُلَّب البلاستيكية: هل هي حبيبتك؟
نظر لها للحظة ثم أعاد نظره للعُلَب، وقال مازحًا : ومادخلك؟ أتغارين؟
ضحكت ساخرة بصدمة: هل أنتَ مُختَل؟ أنتَ دائمًا تحشر أنفك بكل ما يخصني دون رغبةً مني. ألا يمكنني الإنتقام منك و فعل هذا ايضًا؟
قال متجاهلًا ما قالته بعدما فتح جميع العُلَب: هيا لتأكُلي.
لا أريد
حسنًا كما تريدين!: قالها ببرود بينما بدأ بتناول الطعام
شعرت بالصدمة الداخلية لأنه لم يتحايل عليها لتأكل!
تنهدت ثم أخذت حقائب الملابس التي وُضِعَتْ بجانب الباب لتُغيِّر ملابسها بالمرحاض.
تابعها بعينيه وهو يأكل إلى أن أغلقت باب المرحاض. لم يكمل دقيقتين من تناول طعامه ثم توقف عن الأكل حتى لا يُتعِب مَعدتَهُ المُصابة بالإصافة لرغبته بترك بعض الطعام لمي راي هي لم تأكل منذ البارحة مثله تمامًا.
تمدد على الأريكة بتعب مرة أخرى. هو ليس لديه الطاقة و القوة للذهاب إلى غرفته. أغلق عينيه بتعب ليغط بنومٍ عميق مجددًا. بالرغم أنَّه قد مر يوم على ما حدث إلَّا أنَّ جسده مازال يتملكَه الكثير من الألم و التعب.
بعد عشر دقائق نزلت مي راي بينما ترتدي بيجاما خريفية ذات لون زهري هادئ و قد هندَمَت شعرها البني الذي يصل لرقبتها قليلًا ليبدو أفضل من السابق.
كانت تبدو كفتاة عكس طِباعها الحادة.
نظرت له لتجده نائم فضحكت بسخرية و تدريجيًا تلاشت ملامح سخريتها حينما سرحت بملامحه الهادئة وهو نائم. للحظة هي فكرت ذلك المختل كيف يبدو لطيفًا و رجوليًا بنفس الوقت وهو نائم؟
أفاقها من شرودها جرس الباب. إنها العاشرة مساءًا من قد ياتي بذلك الوقت؟!
تحركت ببطئ حتى لا يسمع من بالخارج خطواتها لتنظر بالشاشة الإلكترونية التي بجانب الباب وفجأة هي شعرت بسيقانها لم تَعُد تستطيع حملها من الهَلع فور رؤيتها للزائر.
كيف عرف مكان منزله؟ لا هذا سؤال غبيّ هو يستطيع معرفة تفاصيل التفاصيل عن أي شخص وقتما يريد. كيف علم أنها هنا؟!! هل ربما قد رآهما وهما يهربان من المشفى!
كل الأفكار السوداوية بدأت بالإندفاع إلى عقلها في آنٍ واحد مما جعل من الصعب عليها التفكير بحل للخروج من ذلك المأزق.
Коментарі