( 2 )
بعد كُل فجر كانت تَتسلل إلى الحديقة، تَفتحُ الباب بهدوء، تلتقطُ الورقة الموجودة كالعادة، تقرأ نفس العبارات المكتوبة ثُم تُحضر بعض الطعام..
و مع ظهور أول خيطٍ من خيوط النهار ، تجلِس ( روز ) بجواري لِأُحاول نثر الظلال فوقها بغية الحماية من أشعة الشمس الحارقة.
تتحدث معي لساعاتٍ قبل أن يَحين موعد الإفطار مع عائلتها.
كم تساءَلَت عن سِر ذلك المجهول ( آيزك ) صاحب الوردة البيضاء..
ثم تَحوّلت نظراتُ الفضول خاصتها تجاه تلكَ الورقة إلى نظرات حُب.
رُبما أحبّت اهتمامه..
و لكنها لَم تجرؤ ولو لمرة واحدة أن تَقِف و تنتظر قدومه اليومي..
لم تَكُن ( روز ) بتلك الشجاعة...
و ظلت محتفظة بتلك المشاعر بقلبها..
المشاعر التي بدأت تَكبر نحوه رويدًا رويدًا ..
( روز ) الهادئة لا علم لها بأمور الحب الحمقاء تل ...
فقط أخبرتني أنها تَشعُر بالسعادة لـوجود تلك الورقة يوميًا أمام منزلها..
و لـَكن الحُب محفوف بالعقبات و هذا ما حدث حين انقطع فجأة عن وضعه لتلك الوردة المملوءة بعبق عبارة مُحب..
لَقد تَوقف عن نثر السعادة في قلبها.
و تَركها تُعاني ألم الفراق وحدها،
الفراق الذي لم يُكتـَب لـَه أن يتحول إلى لِـقاءّ من الأساس.
سألتني ( روز ) بحزن عن توقفه عن القدوم: "هل يضايقه شيء، أم مَلّ من كَوني لا أجيبه؟ هل بدأ يكرهُني؟"
إذا كان هذا هو السبب فيَحِق لي الاعتراف بأنه غبي. لابد أنه يعرفها جيدًا، ( روز ) أخجل من أن تَرُد عليه، و هذه حقيقة يعلمها كل من عاصر ( روز ) في فترة من حياتها..
و لَكن الأمرُ أكبر من هذا على ما أعتقد..
رُبما اقتحَم أحدٌ آخر قَلبه.
لِـيسرق حُب الفتاة البريئة منه، أو لِيصرف انتباهه عن كُل شيء لـَه علاقة بها أو بغيرها..
________________
همست ( روز ) بـأمل و هي تُفكر في أحلامها: " أبي، أيمكننا الخروج الليلة؟ أريد استكشاف العالم..
أُريد أن أرى البلدة عن قُرب..
أبي، لقد كبرت الآن، عُمري تجاوز العشرين ..
و َم أخرج لـ وسط المدينة سيرًا على الأقدام و لو لمرة واحدة في حياتي.
أبي ، أرجوك وافق.. احتاج للتغيير في حياتي بعيدًا عن الدروس المنزلي"
فكّر ( الأبُ ) مليًا قبل أن يُجيب: "إن كان هذا ما سيجعلكِ سعيدة.. فإنني موافق"
كان يتمنى داخليًا لو أنه رفض ولكن كان مُهمًا بالنسبة لها أن تحصل على هدية عيد مولد كهذه..
عِناق لطيف منها يدُل على امتنان شديد، استمر لبرهة من الزمن قبل أن تَفصله ( روز ) لِـتنطلق ركضًا إلى غرفتها لتتجهز.
________________
العالم ليس مكانًا رائعًا كما تظُن ، لَن تجد الحياة وردية كـاسمها ..
لابد أن تَصفعها الحياة مرارًا لتتعلم .. و هذا ما كُنت أخشاه ..
الوضع تغير ، لابد أن تخرج من قوقعتها لتكتشف الكَون ، و هذا ما حدث يومها ..
في عالم تَحكُمه الالكترونيات كان قد تغير كل شيء .
________________
" أبي ما هذه الأشياء ؟ " ردَّدتْها ( روز ) في عَجَب .
أجاب الأب بـسرعة : " إنها هواتف متطورة يا عزيزتي "
دار في خلدها فكرة قبل أن تتحدث مُفصحة عنها : " أريد تجربة واحد منها "
لم يتمهل الأب في الإجابة : " لا إنها سيئة "
_ " أم غالية عليك أثمان شراءها؟ "
ردد مجددًا : " سيئة يا ( روز ) ، هذه الهواتف سيئة .. لـقد استولَت كُليًا على عقل الناس كما ترين .. "
نظرةٌ أكثر تمعُنًا انطلقت من ( روز ) تجاه السائرين حولها في كل مكان ..
كانت تلك النظرة دقيقة هذه المرة ..
أعناقٌ منحنية ، هواتف ذكية في يد كل الأشخاص ، بدءًا من الأطفال ذوي الأعمار الصغيرة ، إلى كبار السن جميعهم يَحملون تلك الهواتف ..
الأسلاك في كُل مكان ، كَمثل ذاك المخصص لإمداد الهواتف بالطاقة أو بالأصح " شحنه " ، تِلك الأسلاك التفت حول أيدي الناس لِـتُقيدهم كالأصفاد ..
سماعاتٌ بمختلف الألوان و الأنواع ، الكبيرة ملتحمة مع رؤوسهم و الصغيرة لا تبتعد عنها آذانهم .
و الأهم من كل هذا هو أنه لا يكاد يخلو شارعٌ من مَحلٍ أو أكثر لبيع الالكترونيات .
و خلال هذا المشهد المُريب لمحت ( روز ) قلة الإنتباه البادية على وجوههم التي برزت عظامُها نتيجة قلة التغذية..
" مُنذ متى و هُم على تلك الحال "
تساءلت ( روز ) في نفسها .
الحوادث كثرت .. الاصطدام ببعض الأشخاص في طريقك أصبح شيئًا أساسيًا ، لا أحد منتبه لما يَحدُث حَوله ولا حتى لعبور الناس أو السيارات ..
الناس أصبحوا ماكينات متحركة لا حياة فيها ، و كيف تكون الحياة الواقعية و قَد صنع كل منهم حياته الافتراضية على هاتفه .
و ها قد حدث مجددا اصطدامٌ أخر أسفَر عن مصرع هاتف أحدهم و تحوله إلى أشلاء في ثواني بعد أن سقط على الأرض و حالفه الحظ بجعل سيارة عالية السرعة تعبر فوقه بسلاسة ..
صرخةٌ عالية ارتفعَت من حنجرته القوية و هو يصوّب بصره ناحية ( روز ) ..
لم يتلفت له أحد ، فـكُل شخصٍ كان غارقًا في عالمه الخاص ..
قابلَت تلك العيون المحفوفة بالسواد _لِكثرة السهر و بالطبع كثرة استخدام الهاتف_ عينا ( روز ) الذهبية ..
قبل يتَحدث الفتى بغضبٍ جَم: " لقد دمرتي هاتفي "
التفتت ( روز ) بسرعة تبحث عن والدها .. و للأسف ، لقد ابتلعه الزحام ..
حقيقة واحدة أدركتها ( روز ) قبل أن تلتفت مجددًا لذاك الواقف أمامها ينتظر ردًا ، و هي أنها لابد أن تتصرف ..
أسرعت بالاعتذار فورًا قبل أن تُدرك أنه هو من اصطدم بها ..
وهُنا فلِنضع ( روز ) الهادئة على جانبٍ الآن ، و لنستدعي ( روز ) المقاتلة ..
و مع ظهور أول خيطٍ من خيوط النهار ، تجلِس ( روز ) بجواري لِأُحاول نثر الظلال فوقها بغية الحماية من أشعة الشمس الحارقة.
تتحدث معي لساعاتٍ قبل أن يَحين موعد الإفطار مع عائلتها.
كم تساءَلَت عن سِر ذلك المجهول ( آيزك ) صاحب الوردة البيضاء..
ثم تَحوّلت نظراتُ الفضول خاصتها تجاه تلكَ الورقة إلى نظرات حُب.
رُبما أحبّت اهتمامه..
و لكنها لَم تجرؤ ولو لمرة واحدة أن تَقِف و تنتظر قدومه اليومي..
لم تَكُن ( روز ) بتلك الشجاعة...
و ظلت محتفظة بتلك المشاعر بقلبها..
المشاعر التي بدأت تَكبر نحوه رويدًا رويدًا ..
( روز ) الهادئة لا علم لها بأمور الحب الحمقاء تل ...
فقط أخبرتني أنها تَشعُر بالسعادة لـوجود تلك الورقة يوميًا أمام منزلها..
و لـَكن الحُب محفوف بالعقبات و هذا ما حدث حين انقطع فجأة عن وضعه لتلك الوردة المملوءة بعبق عبارة مُحب..
لَقد تَوقف عن نثر السعادة في قلبها.
و تَركها تُعاني ألم الفراق وحدها،
الفراق الذي لم يُكتـَب لـَه أن يتحول إلى لِـقاءّ من الأساس.
سألتني ( روز ) بحزن عن توقفه عن القدوم: "هل يضايقه شيء، أم مَلّ من كَوني لا أجيبه؟ هل بدأ يكرهُني؟"
إذا كان هذا هو السبب فيَحِق لي الاعتراف بأنه غبي. لابد أنه يعرفها جيدًا، ( روز ) أخجل من أن تَرُد عليه، و هذه حقيقة يعلمها كل من عاصر ( روز ) في فترة من حياتها..
و لَكن الأمرُ أكبر من هذا على ما أعتقد..
رُبما اقتحَم أحدٌ آخر قَلبه.
لِـيسرق حُب الفتاة البريئة منه، أو لِيصرف انتباهه عن كُل شيء لـَه علاقة بها أو بغيرها..
________________
همست ( روز ) بـأمل و هي تُفكر في أحلامها: " أبي، أيمكننا الخروج الليلة؟ أريد استكشاف العالم..
أُريد أن أرى البلدة عن قُرب..
أبي، لقد كبرت الآن، عُمري تجاوز العشرين ..
و َم أخرج لـ وسط المدينة سيرًا على الأقدام و لو لمرة واحدة في حياتي.
أبي ، أرجوك وافق.. احتاج للتغيير في حياتي بعيدًا عن الدروس المنزلي"
فكّر ( الأبُ ) مليًا قبل أن يُجيب: "إن كان هذا ما سيجعلكِ سعيدة.. فإنني موافق"
كان يتمنى داخليًا لو أنه رفض ولكن كان مُهمًا بالنسبة لها أن تحصل على هدية عيد مولد كهذه..
عِناق لطيف منها يدُل على امتنان شديد، استمر لبرهة من الزمن قبل أن تَفصله ( روز ) لِـتنطلق ركضًا إلى غرفتها لتتجهز.
________________
العالم ليس مكانًا رائعًا كما تظُن ، لَن تجد الحياة وردية كـاسمها ..
لابد أن تَصفعها الحياة مرارًا لتتعلم .. و هذا ما كُنت أخشاه ..
الوضع تغير ، لابد أن تخرج من قوقعتها لتكتشف الكَون ، و هذا ما حدث يومها ..
في عالم تَحكُمه الالكترونيات كان قد تغير كل شيء .
________________
" أبي ما هذه الأشياء ؟ " ردَّدتْها ( روز ) في عَجَب .
أجاب الأب بـسرعة : " إنها هواتف متطورة يا عزيزتي "
دار في خلدها فكرة قبل أن تتحدث مُفصحة عنها : " أريد تجربة واحد منها "
لم يتمهل الأب في الإجابة : " لا إنها سيئة "
_ " أم غالية عليك أثمان شراءها؟ "
ردد مجددًا : " سيئة يا ( روز ) ، هذه الهواتف سيئة .. لـقد استولَت كُليًا على عقل الناس كما ترين .. "
نظرةٌ أكثر تمعُنًا انطلقت من ( روز ) تجاه السائرين حولها في كل مكان ..
كانت تلك النظرة دقيقة هذه المرة ..
أعناقٌ منحنية ، هواتف ذكية في يد كل الأشخاص ، بدءًا من الأطفال ذوي الأعمار الصغيرة ، إلى كبار السن جميعهم يَحملون تلك الهواتف ..
الأسلاك في كُل مكان ، كَمثل ذاك المخصص لإمداد الهواتف بالطاقة أو بالأصح " شحنه " ، تِلك الأسلاك التفت حول أيدي الناس لِـتُقيدهم كالأصفاد ..
سماعاتٌ بمختلف الألوان و الأنواع ، الكبيرة ملتحمة مع رؤوسهم و الصغيرة لا تبتعد عنها آذانهم .
و الأهم من كل هذا هو أنه لا يكاد يخلو شارعٌ من مَحلٍ أو أكثر لبيع الالكترونيات .
و خلال هذا المشهد المُريب لمحت ( روز ) قلة الإنتباه البادية على وجوههم التي برزت عظامُها نتيجة قلة التغذية..
" مُنذ متى و هُم على تلك الحال "
تساءلت ( روز ) في نفسها .
الحوادث كثرت .. الاصطدام ببعض الأشخاص في طريقك أصبح شيئًا أساسيًا ، لا أحد منتبه لما يَحدُث حَوله ولا حتى لعبور الناس أو السيارات ..
الناس أصبحوا ماكينات متحركة لا حياة فيها ، و كيف تكون الحياة الواقعية و قَد صنع كل منهم حياته الافتراضية على هاتفه .
و ها قد حدث مجددا اصطدامٌ أخر أسفَر عن مصرع هاتف أحدهم و تحوله إلى أشلاء في ثواني بعد أن سقط على الأرض و حالفه الحظ بجعل سيارة عالية السرعة تعبر فوقه بسلاسة ..
صرخةٌ عالية ارتفعَت من حنجرته القوية و هو يصوّب بصره ناحية ( روز ) ..
لم يتلفت له أحد ، فـكُل شخصٍ كان غارقًا في عالمه الخاص ..
قابلَت تلك العيون المحفوفة بالسواد _لِكثرة السهر و بالطبع كثرة استخدام الهاتف_ عينا ( روز ) الذهبية ..
قبل يتَحدث الفتى بغضبٍ جَم: " لقد دمرتي هاتفي "
التفتت ( روز ) بسرعة تبحث عن والدها .. و للأسف ، لقد ابتلعه الزحام ..
حقيقة واحدة أدركتها ( روز ) قبل أن تلتفت مجددًا لذاك الواقف أمامها ينتظر ردًا ، و هي أنها لابد أن تتصرف ..
أسرعت بالاعتذار فورًا قبل أن تُدرك أنه هو من اصطدم بها ..
وهُنا فلِنضع ( روز ) الهادئة على جانبٍ الآن ، و لنستدعي ( روز ) المقاتلة ..
Коментарі
Упорядкувати
- За популярністю
- Спочатку нові
- По порядку
Показати всі коментарі
(1)
( 2 )
BADASS ROSE 😎
Відповісти
2020-07-25 07:39:54
Подобається