3: الاقتراب من المحال
وسعت كتاب الله لفظا و غاية
و ما ضقت عن آي به و عظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة
و تنسيق أسماء لمخترعات
أنا البحر في أحشائه الدر كامن
فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي
فيا ويحكم أبلى و تبلى محاسني
و منكم و إن عز الدواء أساتي
فلا تكلوني للزمان فإنني
أخاف عليكم أن تحين وفاتي
أرى لرجال الغرب عزة و منعة
و كم عز أقوام بعز لغات
حافظ إبراهيم
قصيدة اللغة العربية
.
.
انظروا كيف صارت صورتنا الآن كعربٍ و مسلمين.. نحن بين متشددين إرهابيين، أو قطيع من الحمقى يساق طبقًا لرغبة الطامعين بأرضنا، فرطنا بهويتنا فانحدرنا من سادةٍ و علماء لمجرد مخلوقاتٍ وضيعة، يرون فينا أدنى منهم و من ينجح منا هو شاذٌ عن القاعدة يجدر التخلص منه بأقرب وقت، ما الإرهاب إلا تعصبٌ للأفكار و ضعف إيمانٍ و إساءة فهمٍ للإسلام و لغة القرآن بالإضافة لبعض الأفكار الحمقاء الجنونية، تركنا الغرب يقتبس حضارتنا و علمنا و يطوره بينما بقينا نحن نعيش على أمجاد الماضي من علماءٍ في عصر الإسلام و بناء الأهرامات فغفلنا عن الغرب و قد سما و صار سيد العالم تاركًا إيانا بالقاع، إنها إنجازاتٌ عظيمةٌ لا ريب في ذلك.. و لكنها أيضًا إنجازاتٌ عفا عنها الزمن و مرت عليها قرون، نشتكي من تخلف بلادنا و عدم مسايرتها لدول الغرب المتقدمة دون أن نتساءل أين الحل؟ الحل أن نعيش زمننا لا أن نعيش في ظل مجد من ماتوا منذ عقود، ثم نقع بالفخ و ننفر من بلادنا و لغتنا و نزايد في التشبه بالغرب.. بأناسٌ لا هم من ديننا و لا تتوافق عاداتهم مع تعاليمه، لا ضير من اكتساب ودهم و إن اختلفت أراؤنا و لكن يجب أيضًا أن نتعلم اختيار ما نقتبسه منهم كما هم أخذوا منا الأفكار الحسنة فقط، و الأسوأ أن بعضهم يحسب نفسه من اخترع هذه القواعد للنجاح و أنه السبب بكل هذا النظام و التقدم و لا يدري أن كل ذلك ذكر بالقرآن، إتباع تعاليم القرآن هو وسيلتنا للرقي و التقدم و السيادة فقط لو أننا نعمل به، لو أننا على الأقل نقرأه و نفهمه لا نردده فقط، بالطبع أنا لا أتحدث عن الكل فكل مجتمعٍ يضم الجيد و السيء، و لكن كما يقال
" السيئة تعم "
في عصرنا الحالي كثر أقران أهالي تلك القرية في حكايتنا.. بالرغم من لعنة ضاد فقد كانت مدركةً لقيمة لغتها التي لا تقدر بثمن و اختارت الموت في سبيلها، أما في هذا الزمن الغريب.. حيث لا لعنات و لا مشعوذين يتخلى الناس عن لغتهم بملء إرادتهم و قد أبهرهم حتى أعماهم البريق الزائف الذي ينثره الغرب المتقدم من حولهم، ها هم أحفاد ضاد بلغتهم المختلطة و بنبرتهم المتعالية التي حتى الغرب ينفر من أصحابها يرتدون ثيابًا لا تستحق أن تسمى بثياب؛ الملابس وجدت للستر و هذه التي تغزو المحلات يومًا بعد يومٍ تفضح و إن سترت! و اليوم نعتبر أصحاب اللغة المشوهة و اللكنة الإنجليزية في قمة علمهم، و خريجي مدارس اللغات التي تهتم باللغات الأجنبية على حساب اللغة العربية خيرة جيلٍ بأكمله، و الأثرياء الذين يتحكمون بما تنشره وسائل الإعلام من تفاهاتٍ و تزييف للحقائق قديسين لا يجب المساس بهم و لا ذكر سيرتهم على ألسنتنا نحن المواطنين، لا يمكنكم إنكار أن صعوبة نجاح برنامج علمي أضعاف نجاح مسابقة للأكل أو الجمال و حتى و إن قاوم برنامج علمي كل التيارات المعاكسة له فلن يدوم طويلًا قبل أن يتم إنهاؤه، لقد صرنا أمة جاهلة اضمحلت ألفاظها، كنت أستغرب كثيرًا انتشار الجهل في مجتمعنا بالرغم من كثرة اهتمامنا بالقراءة و انتشار المكتبات و الكتب الإلكترونية.. إلى أن صدمتني الحقيقة أن أغلب القراء لا يبحثون عن المعرفة و حتى و إن وجدت المعلومة أمامهم فهم سيتخطونها، سيركزون على حبكة قصةٍ ساذجةٍ كتبت بلغةٍ ركيكةٍ تملؤها الأخطاء الإملائية، أو سيتفاخرون بكم الكتب التي قرأوها و التي- غالبًا- لا يذكرون منها شيئًا، ثم تأتي الفئة الثالثة التي تقرأ و تتابع ما هو باللغة العامية فقط معللةً أنها أكثر سهولةً و أكثر إيفاءً للمعنى و ذات وقعٍ أجمل! كم أتمنى لو تمحى كل القصص العامية من الوجود! فحتى إذا أحببتها فهي لا تثري و لا تفيد.. مجرد قصةٍ سيحشرها القارئ برأسه دون أن يتعلم و لو لفظًا جديدًا بل ستملأ قاموس القارئ بكلماتٍ معربةٍ مختلطةٍ و سباتٍ و ألفاظ نابيةٍ بدلًا عن ذلك، اليوم صار بإمكان أيٍّ كان أن يكتب و لا يهم ما يقدمه بكتابته.. و أحد الأمثلة على ذلك أنا، يا من تقرأون كتاباتي النابعة من عقل هاويةٍ في سن المراهقة!
انظروا أين وصلنا الآن، لن أذهب بمثالٍ بعيدٍ فها هو المثال بين يديك.. عالمنا البرتقالي العزيز الذي تتصفحونه حاليًا و الذي كتبت عليه هذه الكلمات قد قرر أن لغة الضاد الحبيبة ليست على قدرٍ كافٍ للمشاركة بمسابقةٍ عالميةٍ عظيمةٍ كمسابقة " واتيز " أنا لا ألوم أحدًا فعندما أرى روايةً فائزةً بتلك المسابقة أتحمس لقراءتها فأجدها ضعيفة الأسلوب ركيكة الألفاظ تجعلني أتساءل مئات المرات كيف فازت هذه الرواية بتلك البساطة؟ لكنني أيضًا لا أنسى تلك الإهانة بحق لغتي الحبيبة و لا أغفرها، و لكن الضربة ليست موجهةً من عالمنا البرتقالي فحسب بل منكم أيضًا.. نعم، أنتم؛ ففي تفسير خروج اللغة العربية من المسابقة قيل بأن كتاباتنا هي التي ليست على المستوى المطلوب، إنها لغتنا.. و مع ذلك لا نتقنها، و العديد لا يحاول ذلك حتى! بل أجد البعض يكتب الكلمات العربية بحروفٍ إنجليزية مفسرين ذلك أن اللغة الإنجليزية أجمل و أكثر مواكبةً للتقدم، أستطيع أن أؤكد لكم بكل ثقةٍ أن اللغة العربية أكثر جمالًا و رونقًا، كيف حتى تسول لكم أنفسكم أن تتفوهوا بذلك بكل أريحية و لغتكم الإنجليزية العزيزة تجبركم على استبدال بعض الأحرف لأرقامٍ لعدم توافرها بها؟ إلى متى سنتهاون في حقنا؟ إلى متى سنفرط في أنفسنا و كأننا لا نملك أي احترامٍ لذاتنا؟ أخبروني كم قصةً عثرتم عليها تحفل سيرتها بالمدح الذي أطرب كاتبها حتى رأى في نفسه أبلغ العرب و أعظم الكتاب و في النهاية كانت عبارةً عن أحرف منثورةٍ يُستحَى أن يطلق عليها لفظ " كلمة " أو يغدو مصطلح " خطأ إملائي " كثيرًا عليها؟
.
.
أرى كل يوم بالجرائد مزلقا
من القبر يدنيني بغير أناة
و أسمع للكتاب في مضر ضجة
فأعلم أن الصائحين نعاتي
أيهجرني قومي عفا الله عنهم
إلى لغة لم تتصل برواة
سرت لوثة الإفرنج فيها كما سرى
لعاب الأفاعي في مسيل فرات
فجاءت كثوب ضم سبعين رقعة
مشكلة الألوان مختلفات
إلى معشر الكتاب و الجمع حافل
بسطت رجائي بعد بسط شكاتي
فإما حياة تبعث الميت في البلى
و تنبت في تلك الرموس رفاتي
و إما ممات لا قيامة بعده
ممات لعمري لم يقس بممات
حافظ إبراهيم
قصيدة اللغة العربية
.
.
الغرب الذين تتخلون عن هويتهكم للتشبه بهم يهرعون لتلك اللغة التي نبذتموها و هجرتموها يحاولون التمتع برونقها قدر الإمكان، هذا أعجميٌّ يتحدث العربية بطلاقة، هذا أعجميٌّ يكتب القرآن و يدرسه منبهرًا بجمال الخط و رونق الكلمات و سحر الألفاظ، هذا أعجميٌّ يحفظ القرآن و يتدبر معناه و يردده بالعربية بلفظٍ صحيحٍ مع أنه لا يتقن العربية، هؤلاء ممثلي الغرب الذين أعمى بريقهم بصيرتكم يضعون وشومًا باللغة العربية، يدافعون عن الإسلام و الحجاب و لغة الضاد يا من هجرتم أنفسكم في أمس حاجتها إليكم!
على كلٍ فلغة الضاد ليست بحاجةٍ إلى " مدعي العروبة " ليصونوها، لغة الضاد ستنجو عبر الزمن مهما كانت نظرتكم إليه؛ فللغة الضاد ربٌ يحميها، ربٌ ميزها عن باقي الألسنة و اصطفاها لتكون لغة القرآن، فيالعظمة هذا الشرف.. أن يعدنا الله سبحانه تعالى بحفظه للغتنا الحبيبة، فلتعلموا أنه لا قوى بالعالم تستطيع طمس اللغة العربية و هذا ما أغفله الحاقدون، و في النهاية قبل أن أترككم أرجو أن تكون كلماتي التي كتمتها لنفسي طويلًا قد حركت غيرتكم على لغتكم و لو قليلًا، أعي جيدًا أنها ليست بكلماتٍ جميلةٍ جذابةٍ فهي مجرد أطلال ثوراتٍ قامت في نفسي و أخمدتها سابقًا و لكنها لا تلبث أن تتجدد في داخلي، افتخروا بأنفسكم، بلغتكم، و إياكم أن تتغيروا لأي شخص، إياكم أن تسمحوا لسفيهٍ أن يخدعكم بكلماتٍ معسولةٍ عن العجم و يقنعكم باتهاماته الباطلة للغلة الضاد يا أحبتي، فلتعرفوا قدركم العظيم كعرب، هذا الشرف الذي يحلم العديدون بأن ينالوه مثلكم.
.
.
قال- سبحانه و تعالى- في قرآنه الكريم:
" إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَافِظُون"
صدق الله العظيم
سورة الحجر الآية رقم تسعة
1
2
3
4
5
6
7
8
و ما ضقت عن آي به و عظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة
و تنسيق أسماء لمخترعات
أنا البحر في أحشائه الدر كامن
فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي
فيا ويحكم أبلى و تبلى محاسني
و منكم و إن عز الدواء أساتي
فلا تكلوني للزمان فإنني
أخاف عليكم أن تحين وفاتي
أرى لرجال الغرب عزة و منعة
و كم عز أقوام بعز لغات
حافظ إبراهيم
قصيدة اللغة العربية
.
.
انظروا كيف صارت صورتنا الآن كعربٍ و مسلمين.. نحن بين متشددين إرهابيين، أو قطيع من الحمقى يساق طبقًا لرغبة الطامعين بأرضنا، فرطنا بهويتنا فانحدرنا من سادةٍ و علماء لمجرد مخلوقاتٍ وضيعة، يرون فينا أدنى منهم و من ينجح منا هو شاذٌ عن القاعدة يجدر التخلص منه بأقرب وقت، ما الإرهاب إلا تعصبٌ للأفكار و ضعف إيمانٍ و إساءة فهمٍ للإسلام و لغة القرآن بالإضافة لبعض الأفكار الحمقاء الجنونية، تركنا الغرب يقتبس حضارتنا و علمنا و يطوره بينما بقينا نحن نعيش على أمجاد الماضي من علماءٍ في عصر الإسلام و بناء الأهرامات فغفلنا عن الغرب و قد سما و صار سيد العالم تاركًا إيانا بالقاع، إنها إنجازاتٌ عظيمةٌ لا ريب في ذلك.. و لكنها أيضًا إنجازاتٌ عفا عنها الزمن و مرت عليها قرون، نشتكي من تخلف بلادنا و عدم مسايرتها لدول الغرب المتقدمة دون أن نتساءل أين الحل؟ الحل أن نعيش زمننا لا أن نعيش في ظل مجد من ماتوا منذ عقود، ثم نقع بالفخ و ننفر من بلادنا و لغتنا و نزايد في التشبه بالغرب.. بأناسٌ لا هم من ديننا و لا تتوافق عاداتهم مع تعاليمه، لا ضير من اكتساب ودهم و إن اختلفت أراؤنا و لكن يجب أيضًا أن نتعلم اختيار ما نقتبسه منهم كما هم أخذوا منا الأفكار الحسنة فقط، و الأسوأ أن بعضهم يحسب نفسه من اخترع هذه القواعد للنجاح و أنه السبب بكل هذا النظام و التقدم و لا يدري أن كل ذلك ذكر بالقرآن، إتباع تعاليم القرآن هو وسيلتنا للرقي و التقدم و السيادة فقط لو أننا نعمل به، لو أننا على الأقل نقرأه و نفهمه لا نردده فقط، بالطبع أنا لا أتحدث عن الكل فكل مجتمعٍ يضم الجيد و السيء، و لكن كما يقال
" السيئة تعم "
في عصرنا الحالي كثر أقران أهالي تلك القرية في حكايتنا.. بالرغم من لعنة ضاد فقد كانت مدركةً لقيمة لغتها التي لا تقدر بثمن و اختارت الموت في سبيلها، أما في هذا الزمن الغريب.. حيث لا لعنات و لا مشعوذين يتخلى الناس عن لغتهم بملء إرادتهم و قد أبهرهم حتى أعماهم البريق الزائف الذي ينثره الغرب المتقدم من حولهم، ها هم أحفاد ضاد بلغتهم المختلطة و بنبرتهم المتعالية التي حتى الغرب ينفر من أصحابها يرتدون ثيابًا لا تستحق أن تسمى بثياب؛ الملابس وجدت للستر و هذه التي تغزو المحلات يومًا بعد يومٍ تفضح و إن سترت! و اليوم نعتبر أصحاب اللغة المشوهة و اللكنة الإنجليزية في قمة علمهم، و خريجي مدارس اللغات التي تهتم باللغات الأجنبية على حساب اللغة العربية خيرة جيلٍ بأكمله، و الأثرياء الذين يتحكمون بما تنشره وسائل الإعلام من تفاهاتٍ و تزييف للحقائق قديسين لا يجب المساس بهم و لا ذكر سيرتهم على ألسنتنا نحن المواطنين، لا يمكنكم إنكار أن صعوبة نجاح برنامج علمي أضعاف نجاح مسابقة للأكل أو الجمال و حتى و إن قاوم برنامج علمي كل التيارات المعاكسة له فلن يدوم طويلًا قبل أن يتم إنهاؤه، لقد صرنا أمة جاهلة اضمحلت ألفاظها، كنت أستغرب كثيرًا انتشار الجهل في مجتمعنا بالرغم من كثرة اهتمامنا بالقراءة و انتشار المكتبات و الكتب الإلكترونية.. إلى أن صدمتني الحقيقة أن أغلب القراء لا يبحثون عن المعرفة و حتى و إن وجدت المعلومة أمامهم فهم سيتخطونها، سيركزون على حبكة قصةٍ ساذجةٍ كتبت بلغةٍ ركيكةٍ تملؤها الأخطاء الإملائية، أو سيتفاخرون بكم الكتب التي قرأوها و التي- غالبًا- لا يذكرون منها شيئًا، ثم تأتي الفئة الثالثة التي تقرأ و تتابع ما هو باللغة العامية فقط معللةً أنها أكثر سهولةً و أكثر إيفاءً للمعنى و ذات وقعٍ أجمل! كم أتمنى لو تمحى كل القصص العامية من الوجود! فحتى إذا أحببتها فهي لا تثري و لا تفيد.. مجرد قصةٍ سيحشرها القارئ برأسه دون أن يتعلم و لو لفظًا جديدًا بل ستملأ قاموس القارئ بكلماتٍ معربةٍ مختلطةٍ و سباتٍ و ألفاظ نابيةٍ بدلًا عن ذلك، اليوم صار بإمكان أيٍّ كان أن يكتب و لا يهم ما يقدمه بكتابته.. و أحد الأمثلة على ذلك أنا، يا من تقرأون كتاباتي النابعة من عقل هاويةٍ في سن المراهقة!
انظروا أين وصلنا الآن، لن أذهب بمثالٍ بعيدٍ فها هو المثال بين يديك.. عالمنا البرتقالي العزيز الذي تتصفحونه حاليًا و الذي كتبت عليه هذه الكلمات قد قرر أن لغة الضاد الحبيبة ليست على قدرٍ كافٍ للمشاركة بمسابقةٍ عالميةٍ عظيمةٍ كمسابقة " واتيز " أنا لا ألوم أحدًا فعندما أرى روايةً فائزةً بتلك المسابقة أتحمس لقراءتها فأجدها ضعيفة الأسلوب ركيكة الألفاظ تجعلني أتساءل مئات المرات كيف فازت هذه الرواية بتلك البساطة؟ لكنني أيضًا لا أنسى تلك الإهانة بحق لغتي الحبيبة و لا أغفرها، و لكن الضربة ليست موجهةً من عالمنا البرتقالي فحسب بل منكم أيضًا.. نعم، أنتم؛ ففي تفسير خروج اللغة العربية من المسابقة قيل بأن كتاباتنا هي التي ليست على المستوى المطلوب، إنها لغتنا.. و مع ذلك لا نتقنها، و العديد لا يحاول ذلك حتى! بل أجد البعض يكتب الكلمات العربية بحروفٍ إنجليزية مفسرين ذلك أن اللغة الإنجليزية أجمل و أكثر مواكبةً للتقدم، أستطيع أن أؤكد لكم بكل ثقةٍ أن اللغة العربية أكثر جمالًا و رونقًا، كيف حتى تسول لكم أنفسكم أن تتفوهوا بذلك بكل أريحية و لغتكم الإنجليزية العزيزة تجبركم على استبدال بعض الأحرف لأرقامٍ لعدم توافرها بها؟ إلى متى سنتهاون في حقنا؟ إلى متى سنفرط في أنفسنا و كأننا لا نملك أي احترامٍ لذاتنا؟ أخبروني كم قصةً عثرتم عليها تحفل سيرتها بالمدح الذي أطرب كاتبها حتى رأى في نفسه أبلغ العرب و أعظم الكتاب و في النهاية كانت عبارةً عن أحرف منثورةٍ يُستحَى أن يطلق عليها لفظ " كلمة " أو يغدو مصطلح " خطأ إملائي " كثيرًا عليها؟
.
.
أرى كل يوم بالجرائد مزلقا
من القبر يدنيني بغير أناة
و أسمع للكتاب في مضر ضجة
فأعلم أن الصائحين نعاتي
أيهجرني قومي عفا الله عنهم
إلى لغة لم تتصل برواة
سرت لوثة الإفرنج فيها كما سرى
لعاب الأفاعي في مسيل فرات
فجاءت كثوب ضم سبعين رقعة
مشكلة الألوان مختلفات
إلى معشر الكتاب و الجمع حافل
بسطت رجائي بعد بسط شكاتي
فإما حياة تبعث الميت في البلى
و تنبت في تلك الرموس رفاتي
و إما ممات لا قيامة بعده
ممات لعمري لم يقس بممات
حافظ إبراهيم
قصيدة اللغة العربية
.
.
الغرب الذين تتخلون عن هويتهكم للتشبه بهم يهرعون لتلك اللغة التي نبذتموها و هجرتموها يحاولون التمتع برونقها قدر الإمكان، هذا أعجميٌّ يتحدث العربية بطلاقة، هذا أعجميٌّ يكتب القرآن و يدرسه منبهرًا بجمال الخط و رونق الكلمات و سحر الألفاظ، هذا أعجميٌّ يحفظ القرآن و يتدبر معناه و يردده بالعربية بلفظٍ صحيحٍ مع أنه لا يتقن العربية، هؤلاء ممثلي الغرب الذين أعمى بريقهم بصيرتكم يضعون وشومًا باللغة العربية، يدافعون عن الإسلام و الحجاب و لغة الضاد يا من هجرتم أنفسكم في أمس حاجتها إليكم!
على كلٍ فلغة الضاد ليست بحاجةٍ إلى " مدعي العروبة " ليصونوها، لغة الضاد ستنجو عبر الزمن مهما كانت نظرتكم إليه؛ فللغة الضاد ربٌ يحميها، ربٌ ميزها عن باقي الألسنة و اصطفاها لتكون لغة القرآن، فيالعظمة هذا الشرف.. أن يعدنا الله سبحانه تعالى بحفظه للغتنا الحبيبة، فلتعلموا أنه لا قوى بالعالم تستطيع طمس اللغة العربية و هذا ما أغفله الحاقدون، و في النهاية قبل أن أترككم أرجو أن تكون كلماتي التي كتمتها لنفسي طويلًا قد حركت غيرتكم على لغتكم و لو قليلًا، أعي جيدًا أنها ليست بكلماتٍ جميلةٍ جذابةٍ فهي مجرد أطلال ثوراتٍ قامت في نفسي و أخمدتها سابقًا و لكنها لا تلبث أن تتجدد في داخلي، افتخروا بأنفسكم، بلغتكم، و إياكم أن تتغيروا لأي شخص، إياكم أن تسمحوا لسفيهٍ أن يخدعكم بكلماتٍ معسولةٍ عن العجم و يقنعكم باتهاماته الباطلة للغلة الضاد يا أحبتي، فلتعرفوا قدركم العظيم كعرب، هذا الشرف الذي يحلم العديدون بأن ينالوه مثلكم.
.
.
قال- سبحانه و تعالى- في قرآنه الكريم:
" إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَافِظُون"
صدق الله العظيم
سورة الحجر الآية رقم تسعة
1
2
3
4
5
6
7
8
Коментарі