Part 1
Part 2
Part 3
Part 2

قَلبَت الأوراقَ المُبعثرةَ فوقَ طاولةِ مكتبهَا, بتَركيزٍ شدِيد, تنظُر مِن حلفِ نظّارتهَا.
إنّها الخامِسةُ و النّصف مساءً, تَعملُ علَى قضيّة جديدةٍ تلقّتها مؤخّرًا.

"النّقطةُ ذاتُها"
قَالت لِتعقِد حاجبيهَا و تلتفِت برأسِها إلَى كرِيس المُنغمس فِي عملهِ و الذّي نظَر لهَا بتساؤلٍ.

"قضيّة الإغتصابِ الثّالِثة فِي أشهُر قلِيلة, إضافةً إلَى هذَا, يُوجد وشمٌ غريبٌ فَوق صدرِ كُلّ الضّحايا"

وَقف كرِيس تاركًا مَا بيدِه ليلتقِط الأوراقَ مِن أماندَا.
"هُم مجموعةٌ إذًا"

"رُبّما يربطُهم شيءٌ مُشترَك لكِن لَا أظنّ أنّهم مجموعَة"
جلَست علَى كُرسيّها و نزعَت نظّارتها بهدوءٍ.

"إذًا سأذهبُ للتّحقيقِ معَ الضّحيةِ مُجدّدا"
جَمع مَا يحتاجُه مِن أوراقٍ و ملفّاتٍ فِي حقيبتهِ ثمّ أخذَ سُترتهُ.
"يكفيكِ عملًا لليومِ, فقَد أنجزتِ الكثيرَ بالفِعل"
قَال بعدَ رُؤيتهِ للإرهاقِ الظّاهر علَى ملامحهَا.
لقَد عمِلَت بشكلٍ مُتواصلٍ مُنذ التّاسِعة صباحًا و لَم تخطُو خطوةً خارِج مكتبِهَا.

"لَا أظُنّ أنّني سأستطيعُ أَن أرتاحَ معَ كُلّ هذَا العمَل, سوفَ أُحاول إنجازهُ بمنزلِي"

هزّ كرِيس رأسهُ بِيأسٍ و غادرَ مُستسلمًا لعنَادِها.

أخرجَت هاتِفها تتّصلُ بِزوجهَا آملةً أنّه قَد إنتهَى مِن عملِه.

"يُمكِنكَ إيصالِي إلَى المنزِل؟"
قَالت مُباشرةً لتتلقّى صمتًا مِن ويليَام.

"هَل تعطّلَت سيّارتُكِ؟"

"لَا, فقَط مُرهقة مِن العملِ و لَا أرغبُ فِي القِيادة"

صَمتَ ويليَام مُجدّدا.

عَبست أماندَا تنتظِرُ إجابتهُ.

"قَادم"

أغلَقت هاتِفها لِتُرتّب الأوراقَ أمامهَا و تجمَع كُلّ مَا تحتاجُه لإكمالِ عملهَا بالمنزِل.
و قَد كَان ويليَام ينتظِرها لِتنزلَ لهُ فورَ إنتهائِها مِن توظِيب أغراضِها.

"لديكِ الكثيرُ مِن العَمل اللّيلَة؟"
سألَ بعدَ رُؤيته لِما تحمِلهُ أماندَا مِن ملفّاتٍ بَين ذِراعيهَا.

"أظُنّ ذلِك"
إبتسَم لهَا ويليَام ربّت علَى رأسِها بلُطفٍ يمتدِحُها علَى إجتهادِها فِي العملِ.

مُجرّد أفعالٍ بسيطَة كَـهذِه كافيةٌ لِتُدفِئَ قلبهَا و تُحرِّك مشاعِرها الخَامدةَ بِداخلِها, تِلك المشاعرُ التّي تُفقدهَا صوابَها.

"سيهُون عليكَ أَن تنهَض!"
صرَخ تشَانيول يسحبُ الغطاءَ مِنه ليتجاهلَه سيهُون و يُكمل نومهُ.
"إنّها الظّهيرَة و أنتَ لَم تستيقِظ بَعد, إنهَض و إنزِل لِمساعدتِي فِي المَقهى"
سَحب وسادتَه و رمَاها علَى الأرضِ و بدَأَ بِفتحِ النّوافِذ.
فِي تِلك اللّحظَة, لمَح أماندَا تقِفُ أمامَ المقهَى تنظُر إلَى داخِله بملامحٍ مُتسائِلَة.
"إنّها هُنا! أنتظرُكَ فِي الأسفلِ"
أنهَى كلامهُ و ركَض مُسرعًا إلَى الطّابقِ السّفليِّ.

إبتسمَ لهَا مِن خلفِ البابِ الزّجاجِي ليفتحهُ مُرحِّبًا  بأنفاسٍ مُتسارعةٍ.
"المعذِرة, كُنتُ فِي الأعلَى لِبعض الوقتِ"
عَاد خلفَ طاولةِ الحسابِ و سارَت أماندَا خلفهُ غيرَ مُباليةٍ.

"طلبُكِ المُعتَاد؟"
قَال بإبتسامةٍ واسعةٍ ليتلقّى نظرةً متفاجِئةً مِنها.

"أجَل"
إنّها المرّةُ الأولَى التّي يُحفظ بِها طلبهَا فِي أحدِ المقاهِي التّي ترتادُها.

"حسنًا"
دخَل يُعدّ طلبهَا بسرعةٍ فوجدَ شقيقهُ واقفًا علَى السّلمِ بشعرٍ مُبعثَر.

"توقّف عَن هذَا ستُخيف الزّبائِن!"
همسَ لِتلتفِتَ أماندَا نحوهُ بنظراتٍ مُرتابةٍ.
سيهُون لَم يكُن ظاهِرًا لهَا لذلِكَ ظنَّت أنّ تشَانيول يُحادِث نفسهُ لكِن سُرعانَ مَا أشاحَت ببصرِها عنهُ.

"إصعَد!"
حرّكَ شفتيهِ قائلًا و هوَ يحمِلُ طبقَ التّقديمِ لأماندَا.

"تفضّلِي"

"شُكرًا لكَ"
مُجدّدا, إنّها تشكُره بطريقةٍ تُرهِق عقلهُ.
إبتسمَ لهَا و ترَاجع للخلفِ دُون إزاحةِ نظرهِ عنهَا.
إلتفتَ ليعُود و يُواصِل عملهُ فتفاجَئ بـسيهُون الواقِف خلفهُ تمامًا.

"متَى أتَيت؟"

"عِندما كُنتَ تُحدّقُ بهَا مثلَ الأبلهِ"

"لماذَا تتحدّثُ بالكوريّة! مَاذا لَو شعرَت بالإنزِعاج مِن حديثكَ بلُغة لَا تفهمُها!"

"أنتَ تُحدّقُ لنَا مُنذ دخولِها و لَم تُلاحِظ أنّ ملامِحها آسيويّة؟"

"لَا نعلمُ إن كانَت كوريّة!"
تَعالَت همساتُهم فِي جدالِهم السّاخِر بينمَا تجلِسُ أماندَا بهدُوء مُتجاهلةً عُلوّ همسَاتهم فِي المكانِ.
تحتسِي شايهَا و تتأمّلُ الشّارِع مِن خلفِ الزّجاجِ.
كَانت تقطعُ تأمّلاتهَا مِن حينٍ إلَى أخرَ بتفقّدِ هاتفهَا, تبدُو أنّها تنتظِرُ رسالةً.
كَان تشَانيول مُنغمسًا فِي مُراقبةِ تفاصِيلهَا حتّى أنّهُ لَم يَلتفِت إلَى الزّبونِ الذّي دخَل للتّوِ.


"أماندَا, صباحُ الخيرِ"
أخذَ الرّجُل مقعدًا بجانبِها ليقطعَ تأمُّل تشَانيول مُفسدًا تِلك اللّحظَات الجمِيلَة.

"مهلًا.."
إعتدَل فِي جلستِه بَعد أَن كانَ يستنِد عَلى الطّاولةِ بيدَيهِ, إلتفَت إلَى سيهُون يُبادِله نظراتٍ مذعُورَة.
"أماندَا! إنّها كوريّة!"
تَتم بذُعرٍ يقبِضُ مِعصمَ شقيقِه بيدِه, هِي حتمًا فهِمَت كُلّ مَا تفوّهَ بهِ مِن هُراءٍ فِي وقتٍ سَابِق.

"عليكَ الذّهابُ لأخذِ طلبِ ذلكَ الرّجلِ"

إستَجمعَ تشَانيول أنفاسهُ وسارَ نَحو الطّاولةِ بـإبتسَامةٍ شاحِبةٍ يُحاوِل تجاهُلَ نظرَة أماندَا نحوهُ و إبتِسامتهَا التّي لازمَتها منذُ قُدومِ هذَا الرّجلِ.

"مَاذا تطلُب سيّدِي؟"

"شايُ اللّيمُون و فطائِر مُربّى الكَرزِ,  كثيرًا مَا تَمتدحُ أماندَا مَا يُقدّمه هَذا المقهَى لِذلكَ أُريدُ تجرِبة طلبِها المُفضّلِ"

لمحَ تشَانيول النّظرةَ المُؤنّبةَ التّي تلقّاهَا كرِيس مِنها قَبل أَن تُدِير وجهَها بعيدًا.

"بالطّبعِ, يسُرّنا أنّ مَا نُقدّمه قَد نالَ إعجابكِ"

إبتسمَ بِوسعٍ يُشاهِد كيفَ تُلقِي عليهِ أماندَا نَظراتٍ مُتقطّعِة مُحاوِلةً إظهَار إبتِسامةٍ صَغيرةٍ لهُ.

تَماسكَ و قَاومَ رغبتهُ بالصُّراخِ لِيتظاهَر بالهُدوءِ و الثّباتِ فِي طَريقِه إلَى الدّاخلِ يجُرّ سيهُون خَلفه.
"سيهُون..قَلبِي يَنبضُ بِطريقةٍ سيّئةٍ جدًا"
إستنَد بِجسدِه عَلى المِقعَد لِينظُر لهُ شقِيقهُ بصدمةٍ.

"أظُنّني مُعجبًا بهَا"

"إنّ ذوقكَ رَديئٌ جدًا عَزِيزي"

ضربَ تشَانيول كتِفهُ و دفعَهُ لِينهضَ و يُعدّ طلبَ كرِيس.

"لَديكِ مُحاكمةٌ بعدَ سَاعتَين, مُتعلّقةٌ بسِلسلةِ القَضايا المُتشابِهةِ"

رفعَ تشَانيول حاجِبَيه عِند إستِماعهِ لحديثِ كرِيس. وضعَ الطّبقَ فوقَ الطّاولةِ و تلقّىَ شُكرًا مِنهُ.

"لَم أجِد الرّابطَ بينَهُم بَعد"
تنهّدَت و أمسكَت الشّوكةَ لِتتناولَ قِطعةً مِن فطيرتِهَا.

"لَا تَبدينَ فِي مزاجٍ جيّدٍ اليومَ, هَل حدثَ أمرٌ سيّءٌ معكِ؟"
إستندَ كرِيس بِمرفقَيهِ عَلى الطّاولة يُوجِّه إهتِمامهُ إلَى أماندَا بَعد أَن زَفرت أنفاسَها و هِي تنظُر خارجًا.

"ويليَام لَم يكُن مَوجودًا طيلةَ اللّيل و تحجّجَ مُجدّدا بِكثرةِ عمَلهِ"
لَم تكُن أماندَا مُحبّةً للشّكوَى لكِن عِندما يتَعلّقُ الأمرُ بزَوجِها فهِي تفقِد سيطرتهَا و تَركيزَها.

"يُزعجكِ أمرُ عملِه؟"

"ليسَ هَذا, أُحبّ أَن أجِده فِي المنزِل عِندَ عَودتِي مِن العَملِ, أفتقدُ تشجيعهُ لِي و مدحهُ لجُهدِي, أشعُر بالوِحدةِ بدونِه"

تَنفّسَت بعُمقٍ بَعد أَن أفرغَت مَا تكدّسَ داخلَها مِن مشاعرٍ.
نظَر لهَا كرِيس بأعيُن متّسِعة, إبتسمَ لهَا و ربّتَ علَى كتِفها لمُواساتِها.
"فَقط أخبرِيه بكُلّ مَا تشعُرينَ بهِ, ويليَام يُحبّكِ كثيرًا و لَا شكَّ أنّه سيُنهِي كُلّ شيءٍ مِن أجلكِ"

عبسَت أماندَا و نظرَت لهُ بتردّدٍ.
لَيست مُتأكّدةً مِن صِحّة هَذا الأمرِ, ويليَام رجُل أعمَالٍ و إنشِغالُه فِي مُعظمِ الأيّامِ أمرٌ طبيعيٌّ.
فَهِي كذلِك تقضِي أيّامًا مُتواصلةً بالعملِ فِي مكتبِها  و أحيانًا تنقُل بقيّة عملِها إلَى المنزِل, ويليَام لَم يَشكُو مِن هذَا علَى الإطلاقِ, لَا تُريد أَن تَكونَ أنانيّةً, إنّها ترغبُ فِي مُراعاةِ أمرِ عملِه و إبقَاءِ التّفاهمِ قائِمًا بينَهما.

"أماندَا, أعلَمُ مَدى حبّكِ و مُراعاتكِ لزوجكِ, لكِن أعلمُ أيضًا أنّكِ فِي حاجةٍ لهُ و لإهتمامهِ بكِ, أنتِ تجِدينَ العاطِفَة أشدَّ مَا تحتاجِينَ إليهِ للصّمودِ"
كَان كرِيس يُحاول أَن يُطمئِنها حتّى تتخلّص مِن هواجِسها.

"لَا أستَطيعُ سَماع مَا يَقولونَه مِن هَذه المسافَة!"
هَمس تشَانيول و قابَل شقيقَه الذّي يُحاول معرِفةَ مَا يدُور بينهُما مِن حديثٍ لِيستسلِم بعدَ مُحاولاتٍ باءَت بالفشلِ.
"لَا يُمكِنُني سماعَ صوتِها عَلى خلافِ صديقهَا, صوتُه عالٍ لكِن لَا أستطيعُ فهمُ مَا يَقوله لهَا"
قَال سيهُون بهمسٍ خافِتٍ و لَاحظ تأمُّل تشَانيول لهَا معَ إبتِسامةٍ واسعةٍ ظهرَت علَى ملامِحهِ.
"أنتَ واقعٌ لهَا بالفِعل"
تَمتم يُحرّك رأسَه بِملامحِ الأسَى عَلى وَجهِه
تَجاهله تشَانيول و إلتفَت يُواصل مراقبتهُ لأماندَا.
إبتِسامتُها تُرهق قلبَه كُلّ مَا ظَهرت و سارَعت بالإختِفاء, يستطِيع معرفَة كَم أنّها هادئةٌ جدًّا, قَليلةُ الكلامِ, تَكتفِي بالنّظرِ حولهَا و المُراقبةِ.

"مذاقُ فَطائر المُربّى لذِيذٌ حقّا, أظنّ أنّني سوفَ أُصبِح زبونًا مُعتادًا"
إقتربَ كرِيس إلَى طَاولة الحسابِ يَدفع ثمنَ طلبِه قَبل المُغادرةِ بَينما تنتظرهُ أماندَا خارجًا, كَان تُحدّق فِي متجرِ الأزهَار المُجاور للمقهَى و لَم تنتبِه لِخُروج تشَانيول و وقوفِه بجانِبها.

"تُحبّين الأزهَار؟"
إلتفَتت لهُ لِترَى إبتِسامتهُ الواسِعةَ.
"فكّرتُ بوضعِ البَعض فِي المقهَى, أنَا أُحبّها لكِن لستُ مُتأكّدًا مِن رأي الزّبائنِ"
أخفضَ بصرَه لأعيُنها الهادِئَة.

"حسنًا..ليسَ الجَميع مُحبًّا لهَا كَما أنّ البعضَ يتحسّس مِنها"

"مَاذا عنكِ؟"

بقِيَت تَنظُر إلَيه طويلاً, أدركَت فِي هَذه المُحادثة كَم أنّ هَذا الرجُل فضوليٌّ جدًا.
"هَل أنتَ فضُوليّ فِي العادةِ؟ تُحبّ الحَديث مَع الغُرباء؟"
شهِدَت إخفَاء تِلك الإبتِسامة المُشرِقة و تغيُّر ملامِحه لأُخرى مُحرجةً.
"أُحِبّها"
قالَت وإستدارَت عِند خُروج كرِيس تسِير بِجواره مُبتعدَين عَن المقهَى.
إرتفَعَت إبتِسامتُه شيئًا فشيئًا و هُو يُراقبها حتّى إختفَت عَن أنظَاره.

جَلست علَى الأرِيكة التّي تتوسّطُ شقّتها الصّغيرَة, لَم تكُن تُريد النّومَ, فضَّلت الجُلوس و القِراءة رَيثما يَعود زوجُها.
فَقد تلقَّت إتّصالًا يُخبرهَا بَه أنّه سَيعود بَاكرًا, لكنَّها الثّانيَة عشرَ الآنَ.

'الحُبّ هُو مَا يَجعُلكَ تَبتسِم عِندمَا تَكونُ مُتعبًا'

قَرأت سَطرًا مِن الكِتاب لتُغلق عينَيها باحِثةً فِي أجزَاء ذاكِرتها عَن اللّحظاتِ المُتعلّقة بالحُبّ فِي حياتِها.
إستِقبالُ ويليَام لهَا بَعد العَمل بِعناقٍ, تَقديم نادِل المقهَى الشَاي لهَا مَع إبتِسامة مُشرقةٍ, مزاحُ كرِيس السّخيفُ معهَا, ذِكرياتُ طفُولتها معَ والِدتها..الكَثير مِن الأشيَاء تدفعُها إلى الإبتِسام بَعد يومِ عَمل مُرهِقٍ, إنّ الحُبّ  لَا يتَمحورُ حَول عَلاقةٍ غراميّةٍٍ فقَط.

سَماعها صَوت قِفل بابِ الشّقة أيقَظها مِن شُرودها فـإبتسَمت و نهضَت لإستِقبالهِ.
"أهلًا"
تَوقّف ويليَام للَحظة يُوجِّه بَصره إلَى زوجتِه التّي تقِف قُرب الحَائط تستنِدُ عليهِ.

"كَيف كانَ يومكِ؟"
أخذَها بَين ذِراعيهِ لِتُومِئَ أماندَا لهُ و تشُدّ العِناق أكثرَ.

"أُنظر هُنا"
أشارَت إلَى السّطرِ الذّي أَخذ بِها فِي عُمقِ أفكارِها سابِقًا ليقرَأه ويليَام
"الحُبّ هُو مَا يَجعُلكَ الاسم عِندما تَكون متعبًا"
إرتفعَت إبتسامتُه و إلتفَت يَنظر إلَى أعيُنهَا المُوجّهة إلَيه ببَريقِها اللّطيفِ.
"أُحبّكِ"
تَشعُر أماندَا بالكَثيرِ مِن الإمتِنان لِوجود ويليَام فِي حَياتها رغمَ أنّ جزءًا منهَا يُؤنّبها عَلى حُبّها لَه و زواجِها مِنه فـهذَا أدَّى إلَى نتائِج سيّئَة جدًا, إلّا أنّ حُبّها أكبَر مِن كُلّ شَيءٍ.

"إنّهَا تعملُ فِي مجالِ القانونِ"
تحدّثَ تشَانيول بينَما يُراقِبهُ شقيقهُ و هُو يُعدّ العشاءَ.

"رُبّما تكُون مُحاميةً"

"هَل تَنوي التّقرّب مِنها حقًّا؟ لَا تبدُو كشخصٍ مُرحِّب بالغُرباءِ"

"لَا ضرَر بالمُحاولةِ"
رفَع أكتافَه يُجيب بإبتسامة متحمسةٍ.

"بِشأنِ إسمِها, هذَا ليسَ دليلًا لِكونِها كوريّة, رُبّما تَرعرعت فِي إنجلترَا و لَا تستَطيع فَهم الكورِيّة"

"أنتَ غبيٌّ جدًا تشَانيول! إن كانَت تملكُ إسمًا كوريًّا فذلِك يعنِي أنّ عائِلتها كوريّة و إن كانَت عائِلتُها كوريّة فلابُدّ أنّها تفهَم اللّغة الكوريّة"

لَم يقتنِع تشَانيول بطَريقة تفكيرِه لكنّه إكتفَى بالصّمتِ و الإحتِفاظ بـإجابتِه لِنفسه.
"أيًّا يكُن..تمتلِك إسمًا جميلًا"
تَمتم يُحادث نفسَه بـإبتسامةٍ خجِلةٍ لِيغرقَ فِي أفكارِه حولَ تِلكَ الفتَاة التّي جذبَت إهتِمامهُ رغمَ عدمِ رغبتِه فِي التّعامُل معَ الغُرباءِ.



"صباحُ الخيرِ"
إبتسمَ تشَانيول مُرحّبًا بمَن دخلَ إلَى المقهَى و جذَب إنتِباهه.
"طلبكِ المُعتاد؟"
أومأَت لِتأخذ مقعدًا فِي الطّاولة الأخيرَة و التّي كَانت فارِغةً كمَا لَو أنّها خُصّصت لهَا.
جلسَت تنثُر أورَاقها و بدَأت عمَلها مُنتظِرةً قدومَ طلبِها و حتّى لَا يَضيع وقتُها أكثَر.

"تَفضّلِي"

وضع فِنجان الشّاي و طَبق الفطائِر معَ مزَهريّة توسّطَت طاوِلتهَا تحمِلُ بِداخِلها ثَلاث زهراتِ قُرنفل بيضَاء.
"أحرِص علَى تَوفيرِ مَا يُرضي الزّبائنَ, أنتِ مُحبّةٌ للأزهارِ لذلِك أضفتُها إلَى طلبكِ"
تحرّك تشَانيول مُبتعدًا بعدَ أَن عَادت أماندَا للتّركيز عَلى عملِها. وقَف قُرب طَاولة الحسابِ يَنظر نحوَها ليقترِب منهُ سيهُون و يُشارِكه المُراقبةَ.

"قَدّمت الأزهَار حقًّا..أنتَ تتّخذُ أقدَم الأسَاليب للتقرّبِ مِنها"

"إنّها الأفضَل, لَا أُريد دعوتَها إلى الخُروج و التّسكعِ معًا, تَبدو غَير مُهتمّة بِهذه الأمُور"
تحَدّث كَما لَو أنّه يعرفهَا مُنذ وقتٍ طويلٍ, يَفهم حُبّها للهُدوء و مقتهَا للتّسكعِ فِي الشّوارعِ دُون وجهةٍ.

" لَن تُناسِبكَ, أقترِح عليكَ التّراجعَ"

رَفع تشَانيول كتِفيهِ فِي طرِيقه إلَى الدّاخلِ.

"إمّا أَن أُلائمِها أو أَن تُلائِمني"

© Ons ,
книга «Lemon tea || شايُ اللّيمُون».
Коментарі