التعايش مَع الغرق
هم يجبرونه على التعايش مع فقدها ، يأخذونه لأماكن ارتاد الذهاب إليها معها
ثم يضحكون بينما يتحاورون في مسألة ما ، ويتركونه في تلك الزاوية المظلمة وحيدًا
يبصر طيفها يحوم حوله ، هذا المطعم قد زاره سابقًا معها ، هي كانت تتضور جوعًا وقد اقترحت له مغادرة العمل ومشاركتها وجبة الغداء
عادةً ما يتجاهل هذه الوجبة ويفضل الاسترخاء مع فنجان من القهوة أو أخذ غفوةٍ خفيفة ، هي كانت الشخص الوحيد الذي عبثَ في روتينه الرتيب هذا
وجعلت أوقاته الفارغة مملوءة بابتسامتها المشرقة كشمسٍ قد انتعشت بعدَ أن أُزيحت عنها الغيوم
حقيقةً ، لم يكن اجتماعيًا ولم ينخرط كثيرًا مع زملاءه وهم يعرفون طبعه الانطوائي
لكن هم لا يستطيعون تركه وحده كما يحلو له لأنه ليس كالسابق ، كان وحده لأنه يريد أن يظل وحده أما الآن
هو وحده لأنه أصبحَ مجبرًا على أن يكونَ وحيدًا يواجه رياحَ القطب الجنوبي شديدة البرودة
" يونغي..لمَ لا تتناول طعامك ؟"
بالرغم من انشغالهم بأحاديثهم هم لم يكونوا مشغولين بالفعل عنه ، هم يريدونه أن يشاركهم الأحاديث حتى يطفو من بحرِه الأكمد هذا
ابتسمَ ببهوت ، من الجيد أنه ابتسم
كانت علامة تحسن وبشرى خير بالنسبة لهم
لكنها لم تكن كذلك بالنسبة إليه
فهو قد تطبع بطبائعها هي ، هي من كانت تبتسم كلما حادثها أحدهم حتى ولو بشيء بسيط
لم تكن تبخل بجمال شفتيها على أحد
لكنها كانت تحصر جزءً كبيرًا منه من أجله فقط ..
" شكرًا لاهتمامك ..سأفعل !"
- ليس من الجيد أن تجعل الناس يشعرون بالسوء لأجلك ، فبعضهم لا يتعاطفون معك بل يشفقون عليك كما لو أنه لا حيلة لك والعبء سيتراكم عليهم كي يساعدوك ! لذا ..ابتسم ! -
كانت معلمة حقيقة ، أصغر منه
لكن أكثر خبرةً في تلك التعاملات التي كان ينفر منها ، صحيح أنه يملك حكمة في التصرف مع أنواع الأشخاص لكن هي قد غيرت فكرته بشأن نفسه ثم العالم حوله ثم كل شيء ..
احتوته تمامًا ، ثم بعدها غادرته كي يرتجف من شدّة احتياجه لها
لذا هو في كل عيشٍ يعيشه من دونها يشعر بالألم ينغزه ، لأنه يعلم أن العيش أصبح إستحالةً عليه
العيش قد عاشه مرةً واحدة وفي ظل وجودها
العيش لم يعد له وجود ..
لأنه يغرق !
هو بالفعل قد اقترب من القاع هذه المرّة ! ~
Коментарі