05
خَامس جزئِيَّة 🍀 إستمتعوُا~
تَعليقَات ؟~
فوتس؟~
[رجَاءًا 🙏]
∵
❜ أسَف ❛
∵
❞ فِي حيَاتِي القَادمَة.. دَعنِي اكُن نَسمَة هَواء دافِئَة تُجفِّف دَمعَك.. تِلك أمنِيتِي عزِيزِي..❝
⅌
الشَّارِع الأكثَر هُدوءًا عَلى الإِطلَاق، و الذِي يَخلُو من ايِّ حَركَة او صَوت. الوَقت قَد تَعدَّى مُنتَصف اللَيلِ بالفِعل ، و مَا كَان بِالأرجَاء سوَى أصوَات حَفيفٍ خَفيفَة.. صَادرَة عَن تمايُل الأشجَار و احتكَاكِ غُصونِها ببَعضٍ .
سيّارَة تَتقدَّم بِسرعَة شِبه مَعدُومَة بمُجرَّد مرُورِها بأوَّل تقَاطُع للشَّارِع الطوِيل، بحَركَة بَطيئَة يدُه امتَدَّت لتَضغَط على الزرِّ بجَانبِه فتُفتَح نَافذَة السيَّارَة بهدُوء، و بتلكَ اللَحظَة تتَسرَّب لفحَات مِن الهوَاء البارِد الشَتوِّي فتَضرِب بمَعالِم وَجهِه الجَامدَة.
تقوُّس لَطيفٌ اخذَ حيزًا مِن شِفاهِه الثَّخينَة بَينمَا يدُه تتسَللُ للخَارج يَبسِطها مُلامِسة نَسمَات الهوَاء ، و بعيُون هَائمَة تتفَحَّص أرجَاء الشَارِع الذِي تَرتَّبت منازلُه بطَريقَة لطِيفَة تدبُّ الإِستِرخَاء فِي نَفسِه . علَيه الإِعترَاف .. لقَد إشتَاق لهَذا المكَان.
بِسرعَة بطِيئَة أكثَر هُو تقدَّم عِندمَا دخَل مَجالَ رؤيَته المكَان المَنشُود. مَنزِل بطَابقَين.. بَسيطٌ لكِن ذُو جَمالٍ أخَّآذ ، زينَت جدرَانه بلَونٍ أبيَض ناصِع، و ببَابٍ خَشبيٍّ عتِيق بطِرازٍ تَقليدِّي لطِيف ، و كذَا حَديقَته الأمَاميَّة للتِي أحيطَت بسُورٍ مُبيضٍّ أيضًا.
تَزينَت الحدِيقَة الصَغيرَة من الدَّاخل بأبهَى انوَاع الأزهَار و الوُرود بألوَان مُختَلفَة جَميلَة ، و ماكَان عليهِ سوَى التَفكِير في انَّ فتَى الزهُور مازَال مُواضبًا عَلى الاعتنَاء بحَديقَته مَع والدتَه .
و في الأخير، تُلقِي أضوَاء القَمر الليلِيّة جنبًا الى جَنبٍ مَع مَصابِيح المنزِل الخَارجيَّة بِريقَها... فَتزِيد لِصورَة المَنزِل سوَى بهاءًا ما فوقَه بهَاء ..
ضَوءٌ خافتٌ يلمَع امَام البَاب الأمَاميّ للمَنزِل ، فيتَوضَّح لَه انَّ البَابَ مفتُوح .. و لربَّما الفتَى يقفُ هنَاك. سَريعًا اوقفَ سَيارَته عَلى بُعدٍ مُعتبَرٍ من المَنزِل تَجنبًا لكَشفِه ، فيَخفِض رأسَه و يُراقِب بعيُونٍ ضيِّقَة.
بِصعُوبَة يُحاوِل رؤيَة الهيئَة التِي يرغَب بهَا و التِي اختَفت بضئَل حَجمِها خلفَ ضَخامَة هَيئَة اخرَى استَطاعَت بسُهولَة حجبَها . و بِسهولَة تامَة هُو حزرَ هُويَّة الهَيئَة التِي تقفُ امَام بابِ مَنزِل بيُون بَعدَ مُنتصِف اللَيل . تشَانيُول يُمكنُه رُؤيَة وقفَة هَانيُول الغَريبَة أمَام بِيكهيُون و يدُه التِي تربِّت عَلى كَتفِه .
ضيَّق عَينَيه يُمعِن النَظَر أكثَر ، و بَعد ثَوانٍ استَطاع رُؤيَة الهيئَة الشَّامخَة تتَحرَّك من أمَام بِيكهيُون فتَضيفَه لِمجَال رؤيَته، مُنعمًا عينَيه بمظهَر مَحبوبَه اللطِيف الذِي يقفَ متَكأً على حَافة البَاب بوَضعيَّة لَطيفَة، بِشعرٍ مَنفوشٍ يُخفِي جَبينَه و مَلابِس مَنزليَّة مُريحَة يدخِل يدَاه داخِل جيُوبِ بنطَاله الريَاضيّ القَصِير.
هُو ايضًا يمكِنه بوضُوحٍ رؤيَة ابتِسَامَة فتَاه الوَاسعَة ، و لَا يُمكِنه التغافُل عَن شُعورِه بألمٍ قاتِل يسَار صَدرِه ، كَونُ تِلكَ الإِبتِسامَة التِي لَم تَكن يومًا لغَيرِه .. باتَت تُمنَح لشخصٍ آخر . الآن بيكهيُون يبدُو اكثَر راحَة ... بدُونِه ... مَع شَخصٍ غيرِه.
زفرَ ليخفِض رَأسَه اكثَر يطبطِب بِجبينِه على المقوَد بِحركَة بطيئَة تسارَعت مَع مدَّة ، حتَّى تلوَّن جَبينُه بِلونٍ احمَر واضِح . مَحبوبَه يهرُب من يدَيه لأشخَاص آخرِين ، و هُو يقفُ هناكَ بلَا حَولٍ ولا قوَّة يَراقبُ ذلِك مكتَتِف الأيدِي.
ضرَب بقبضَته على المقوَد بحدَّة تامّة بينمَا يقضِم شِفاهِه السُفلَى بقُسوَة . لا يمكِنه رُؤيَة شَيء أمَامه ، يُمكنُه ان يحسِّ بغشاوَة تغلِّف مقلتَيه .. تَمنعُ وضُوح رؤيَته فَيصيِح بعدَ ذلِك بِحرقَة يَشعُر بغصَّة تتَحجَّر داخِل حلقِه فيصبِح صوتُه مُتقطِّعا كمَا انفَاسه ، فمجرَّد التَّفكِير فِي ذلِك يعطِّل سَائِر وَظائِفه الحَيويَّة عَن النشَاط.
ثوانٍ حتّى صَدحَ صوتُ محرِّك سيَّارتِه الريَاضيَّة، لتَنفَث بدخَانِها مُنذرَة بإِنطِلاقِها . تشَانيُول بخُشونَة حرَّك المِقود قائدًا سيَارَتها بأقصَى سرعَة تَمتلكُها مُبتعدًا قَدر المُستطَاع عَن المكَان و بأَسرَع وَقت، فقَد بدَأ صَبرُه يَنفَذ بِحقّ.
🌿
صَوتُ مُحرِّك السيَّارة ضرَب مِن العدَم، و يُمكِن لبِيكهيُون ان يَجزِم بأنَّ رُوحَه قَد غَادرَت جسدَه بالفِعل. هو تَخطَّى الهَيئَة التِي تَمنعُه عَن الرُؤيَة ليجُول بعَينَيه في الأرجَاء ، متَفقدًا المكَان حولَ المَنزِل لرُبمَا المُتسَبب في الصَّوت مايزَال قرِيبًا .. او ربَّما يُخطِّط للعَودَة.
بِيكهيُون ربَّت على يسَار صدرِه بخفَّة محَاولًا تَرتِيب نَفسِه بعدَ تلكَ الشَّهقة التِي اطلَقها لمُجردِ تفكِيرِها بكَون ذلِك الشخصِ هو مطَاردُه ذاتُه من المرَّات السَّابقة، و لرُبمَا هو عَليه شكرُ هانيُول لمَجيئَه، فلَولَاه لرُبمَا ايضًا المُطارِد قَد تمَادَى و اقتَحم مَنزِله ايضًا.
عقلُ بِيكهيُون امتَلأ بالسَّوادِ فِي ثَوانٍ ، مجرَّد التَّفكِير فِي الأمرِ يرهِبه و للَحظَة هو كرِه كَونَه محبُوبًا و مَحط اهتِمام الكَثيرِين. و في الثوَاني التَاليَة هو جفَل عدَّة مرَّات عِندَما شعَر بيَد تهزُّ كتِفَه بخفَّة، تُخرِجه عَن شرُودِه و تعيدُه للوَاقع.
قبلَ ان يرفَع نظرَه لصَاحبِها الذِي عقَد حَاجبَاه بتَعبِير قلقٍ طَاغٍ على ملَامِحه . "بيكهيُون.. ما خَطبُك !؟" ،هو تحدَّث بَعد ثوَانٍ من تبَادُل النظَرات المُبهَمن مع الأقصَر الذِي بادَله التَّحدِيق بتِيه، ليهُز رَأسَه بخفَّة يُخبرُه بكَونِه بخَير بعدَ ان ابعَد يدَه عن كتفِه.
"ستَترُكنِي واقِفا امَام البَاب؟" هانيُول تحدَّث بصَوتٍ خَافِت يظهِر عَلى محيَاه ابتِسامَة مُبتَذلَة ، بِيكهيُون بتَردُّد ابتَعد عَن المدخَل يفتَح البَاب، يسمَح للآخَر بالوُلوج للدَاخِل.
دلَف هانيُول للدَاخِل و جلَس على الأرِيكَة بغَير ترَددِ ، بوَضعيَّة استِعراضيَّة ، يحدِّق ببيكهيُون بعيُونِه المُبتسِمة متسبِّبًا بخَجل الأصغَر الذِي انهَى اتصَال الأعيُن بإتجَاهه الى المَطبَخ. "أتَشرَب شيئًا..؟" هو صاحَ يسألَ الآخرَ ، و بلَحظَات هوَ تفَآجَأ بوُجودِ الأكبَر خَلفَه ، يتَكِأ على حافَّة البَاب مُتكتِّفًا .. مُحدِّقا بِه .
"ايُّ شَيء..!" هو أجَاب بَعدَ ان أرخَى ذِراعَيه للأسفَل و تقدَّم من بيكهيُون، بجُرأَة يختَصر المسَافَة بَينَهما . يستَمر بالتَقدُّم في كلَّ مرَة يبتَعد فِيها الأقصَر للخَلف حتَّى توقَّف عندَما لَم يعُد بإمكَانِه فعل ذلِك، فظَهره قَد اصبَح مُلتَصقًا بالحَائط بالفِعل و الشَّخص الذِي امَامه يُثبِّته بإحكامٍ علَيه.
"تحتَاج مسَاعدَة ؟" هو سَأل بعدَ ان دفعَ وجَهه للأسفَل ، يضَعه مقَابلًا لوَجه الأصغَر . تنفَّس بِيكهيُون بهُدوءٍ بسبَب اضطِراب قَلبِه ليُشيحَ بنَظرِه و يدفَع الآخَر عَنه ، هو سرِيعًا التَفت ليُحرِّك الأكوَاب بعَفويَّة ممَثلًا انشِغالَه ، "سأضَع العَصير بالكُؤوسِ فحَسب..! لَا حَاجة لذلك".
ابتَعد هَانيُول بعدَ ان ابتَسمَ لبِيكهيُون ، يجرُّ قَدمَاه خَارجَ المَطبَخ عَائدًا نحوَ غُرفَة الضيُوف ، و بدَقائِق بيكهيُون تَبعُه ليَجلِس بجَانبِه، يَدفَع كوبَ العَصيرِ امَام الأكبَر دُون أن يُلقِي نظَره عَليه، و دُون أن يَنتَبه لتَحدِيقَاتِه التِي تَتبِع ادَقَّ تَحرُّكاتِه.
ارتَشفَ عَصيرَه بهُدوءٍ ليُمرِّر ابهَامَه على جَوانِب شفَتيهِ يُخلِّصهَا مِن بقَايَا السَّائل ثمَّ ليَضعَ كُوبَه جَانبًا. "لَم تأتِي للمَدرسَة.. أحدَث امرٌ ما؟" بِيكهيُون سَأل بنَوعٍ مِن الإرتبَاك يَنظُر للأكبَر الذِي ابتَسم ببلَاهَة عندَما التَفت الَيه. "أقَلقتَ علَي..؟" هو تحدَّث ليَقلبَ بيكهيُون عَينَيه يَنقُلها الى كوبِه.
"مُدبِّرة المَنزِل اصِيبَت بحَادِث عمَل في مَنزِلنا اثنَاء غيَاب وَالدَاي ، و اضطَررتُ لأخذِها للمَشفَى و البَقاءِ لجَانبِها..!" انهَى حدِيثَه ليُعيدَ نظرَه لكُوبِه بعدَما كانَ معلقًا على بيكهيُون طولَ الوَقت.
"غَريبٌ كَونُك شابًا جَيدًا..!" بِيكهيُون تحَدثَ و بِنبرَة صَوتِه لَمحَة سَاخرَة مع ابتِسامَة متَكلفَة عِندَما اصَابِعه إمتَدت لتَتلمَّس شِفاهُه، يُحرِّكها بعَفويَّة علَيها. "أ-أنا كَذلِك، أ-أنتَ الوَحِيد الذِي لَـ-لا ترَى ذلِك..!" صَوتُ هَانيُول خرجَ مُتقطِّعا بسَبب تَركِيزِه الذِي سُلبَ مِن طرفِ عَينَاه التِي تتمَردُ فِي الأرجَاء.
"اذًا، وَجدتَ غِيابِي أمرًا فَضيعًا.. و لَم تَستَطع البـ-...!" صوتُ هانيُول الحمَاسِي قَد تلَاشَى تدرِيجيًا.. عِندمَا الفتَى الَى جَانبِه رطَّب شفَاهَه بإرتِشافِ عصِيرِه ليُمرِّر لسَانَه علَيهَا بعدَ ذلِك يلعَق بقَايَاه ليُنهِي ذلِك بإبهَامِه يَمسَح علَى سَطحِ شفَاهِه اللَّامعَة ، حتَى حوَافِها.
غيرَ عَالِم بأنَّ حَركَته العفَويَّة تِلك كانَت كَفيلَة بإفقَاد الأكبَر لتَركِيزِه بسُهولَة و ارسَالِه لأبعَد حدُود الشُرود، مُستَسلمًا لضُعفَه امَام القِطعَة الفَاتنَة التِي تَسرِق مِن نظَره حتَّى رُوحِه مِنه .
الشَّاب بجَانبِه قَد أصدَر كحَّة جذَبت انتِباه الأصغَر ليَرفَع نظَره نحوَ الآخَر بإستِغرَاب، "انتَ بخَير؟" هو سَألَه عِندَما رَآه يَفرِك عَينَيه بَينمَا يتَنهدُ مرَّات عدَّة.
"تجِد صعُوبَة في التَنفُّس؟" هُو سَألَه مُجددًا تزَامنًا مع تَربِيتِه على كتِفه، "أنتَ تَجعَل الأمرَ مُستَحيلًا..!" تحدَّث هَانيُول مِن العدَم بكلَام لَم يفقَه بِيكهيُون مِنه شَيئًا.. كَان مُبهمًا كتَعابِيرِه.
يَد بِيكهيُون التِي تَوقَّفت عَن التَّربيتِ على كتِف هَانيُول قَد سُحبَت ببُطء ليَميل برَأسِه بتَعجُّب اكبَر و يَسأل ، "أجعَل مَاذا صَـ-..!" حَركَة هانيُول السَرِيعَة كَانَت كَفيلَة بإخرَاس الأصغَر عَن حدِيثِه بَل مَحوِ كافَّة افكَارِه بتِلك اللَّحظَة.
لَم يشعُر سوَى بيدِه تُسحَب و بالثَّانيَة التَاليَة قد اصبَح مُستَلقيًا على الأريكَة بَينمَا يعتَليه هانيُول ، و للتَو قَد لَاحَظ انَّه قَد تَجرَّد مِن سُترَته.. و ابقَى على قَميصِه الخَفيف و المَشدُود علَى صَدرِه فَحسب .
ابتَلع بصُعوبَة اثنَاء تبَادلِه للنَظراتِ الصَامتَة مع الأطوَل، يدُه ماتزَال حَبيسَة يدِ هَانيُول و ساقَاه قد فُصلَتا بوَاسِطة ساقِ الأكبَر . دُون ان يَنقَطع اتصَال الأعيُن بينَ الاثنَين، عينَا بيكهيُون توَسعَت و هَالة مِن الصَّدمَة هزَّت جَسدَه كرَدّ فِعل لإبهَام الأطوَل الذِي مسَح للتَوِّ عَلى شفَّته السُفليَّة بحَركَة اكثَر مِن بطِيئَة .
"لَا تَفعَل هذَا ..!" هو همَس امَام وجهِ الآخَر يسمَح لِأنفَاسِه بمُداعبَة وجهِ الأصغَر اسفَله . أصَابعُ يدِه الحُرة قد طَبطَبت بخفَّة على شفَاه الأصغَر السُفليَّة ، مُمتعًا انظَارَه بإهتِزازِ مُقلتَي الآخر و ارتِباكَه البادِي علَى ملَامِحه ، "ولَا هذَا..!".
هو اخيرًا رفعَ ابهَامَه ليَمسَح علَى رَأس لسَان الأصغَر بعدَ ان اولَجه بفمِه، يحصُل لنَفسِه عَلى بَعضٍ مِن لعَاب الأصغَر ليَمسَح عَلى شفَاه صَاحبِها بحَركَة بَطيئَة "و هذَا ايضًا .. لَا تَفعَله !!" ، امَام أعيُن الفتَى التِي يزدَاد تَوسُّعها امَام كلِّ حركَة جرِيئَة تَتم ضدَّه.
هَانيُول لَم يَتزَحزَح مِن وَضعيَّته، انظَاره اتَّجهت ليدِ الصَغِير يَرفَعها بَين اصَابعِه ، يمنَحهَا نَصِيبَها مِن نظرَاتِ اعجَابِه قبلَ ان يَرفَعها ليَطبَع قُبلَة سَطحِيَّة علَى كلِّ إصبَع بدءًا مِن أصغَرهَا وصُولًا الَى الإبهَام، فيَلعَق سَطحَه النَّاعِم ليَتوقَّف عِند شَامَة الأصغَر السَّمراء التِي رَصعَت بيَاض ابهَامَه ، يُنهِي سلسِلَة أفعَالِه الجَريئَة بقُبلَة طوِيلَة المَدى عندَ تِلك الشَامَة .
ابتَعد هانيُول ليَجلِس بجَانِب بيكهيُون الذِي ما يزَال فَاقدًا لوَعيِه جُزئيًا، مَصدُومًا مِن هولِ مَا حدَث قبلَ قلِيل، وَجنَتاه قَد تَلونتَا بالزَّهري بسَبب حرَارَة جسَدِه التِي ارتَفعَت فَجأة ، هو لَم يَكن يتَنفَّس و لَم يُحرِّك جَفنَه يستمِر بالتَّحدِيق بالسَّقف ، ببسَاطَة لَم يَمنَح الآخَر اي مُؤشِر على انَّه مايَزالُ علَى قَيدِ الحيَاة .
"سأغَادِر..!" بوَجه خالٍ مِن التَّعابير تحدَّث هانيُول قبلَ ان يُطلِق تنهِيدَة طويلَة. "شُكرًا عَلى العَصير!" هو اردَف ليَستَقيم .. يسُوق قدَماه نَحوَ المَخرَج، تَاركًا الفَتى خَلفَه.. غَارقًا فِي شُرودِه .
و للتَو ادرَك انَّه يستَلقِي على سُترَة الأكبر.. بعدَ ان تَركهَا عندَ مُغادَرته.
🍃
في مكَانٍ ما ، فِي احدَى زوايَا مكتبَة المدرَسة العَتيقَة ، حيثُ يقبَع ذُو الجرمِ الصغِير .. يَغرِس رأسَه و جلَّ تركِيزِه بكِتابٍ لفتَ انتبَاهه، يلاعِب أنامِله الصَغيرة بينَ صفحَاته .. فيقرَأ ما كُتب بإِستِرسَال .. ينسَخ دَاخِل رأسِه ما تحِف عَلى بَياضِ الصَفحَات من كلامٍ أنِيق و منِير للإهتِمام ، ثمَّ يَنتقِل للصَفحَة التاليَة يُعدُّ نفسَه لإِستقبَال مَزيدٍ مِن ذلكَ الكَلام الجَميل.
"كيفَ غفلتُ عَن وجُود كتَاب جَميلٍ كهذَا.." قهقَهة لَطيفَة تسربَت من ثَغرِه عندَ قرَاءتِه لمقطَع جميلٍ بنَكهَة فكاهيّة .. فيضِيف لذَلكِ سببًا آخر لإِعجَاب الفَتى بالكتَاب الكَبيرِ أمَامه.
يتَوقَّف عن القراءَة تارَة فيُنعِم نظرَه بمَنظرِ تراصِّ حبِّات الثَّلجِ على حافَّة النَافذَة المَفتوحَة بِجانبِه ، و نَسمَات الصبَاح العَليلِ التِي تتَسلَّل لتُداعِب عَضلَات وَجهِه . عَلى الرَّغم من بُرودَة الجوِّ فاليَوم اوَّل تسَاقُط ثلجٍ فِي السنَّة ، الَّا ان الهوَاء البارِد كانَ كَفيلًا بتَنقيَة روحِه .. ليشعُر بَعدَها بإستِرخَاء لَطيفٍ ثمَّ يعُود الَى القِراءَة.
"يقَال انَّ الإعترَاف بالحُبِّ في اوَّل تسَاقُط للثَلج.. يجعَل العلَاقَة نَاجحَة.." .. لَم يَكن ذلِك مَكتُوبًا امامَ بِيكهيُون بصَفحَات الكتَاب ، بَل بعُيونِه التِي تُحدِّق بتِيه في ذرَّات الثَلج ، عِندَما تبَادرَت لذِهنِه تِلك الذِكرَيات الجمِيلَة .
يَذكُر انَّه حصَل عَلى أجمَل اعتِرافٍ بالحُب عَلى الإطلَاق .. مِن قِبل الفتَى الطوِيل اسفَل ذرَّات الثَلج الذِي سقَط لأوَّل حرَّة بِخفَّة علَى كِليهِما، هوَ لَم يَشعُر حقًا ببُرودَة الجَو المُحيطَة بهِما، كلَّ ما شعَر بِه هُو دِفء انفَاس الطَّويل بَارك التِي تُداعِب فكَّه عِندَما سَرق مِنه قُبلَته الأُولى . الصبيُّ ابتَسم ببَلاهَة مُطلقًا تشْه~ ساخرًا مِن تفكِيرِه العَقِيم ، "هرَاء~".
مُتغافلًا عَن بَعضِ التَحدِيقَات التِي تُحيطُ بِه .. بعضٌ منهَا كانَ تَحمِل بِطيَّاتِها شَفقَة فاترَة و نوعًا مَا غيرَ مزيَّفة .. عيونٌ تنظُر لبِيكهيُون بأسَى، ترَاه كإنسَان فاقِد لطَعم الحيَاة و شخصًا قَد كرِه جلَّ مَن حَولَه.
"بيكهيُون يبدُو سَعيدًا اليَوم.." الأثيرُ حملَ بينَ ثَنايَاه تلكَ الكَلمَات الى سَمعِ الأصغَر الذِي توقَّف عَن القراءَة.. يَتصنَّم مكانَه فِي انتظَار ما سيُقال قَادمًا ليَلعَن نَفسَه دَاخليًا لِم عَليه دَائمًا ان يَسمَع مَا يَجبُ ان يُقالَ خلفَ ظهرِه .. لِم علَيه ان يَكون دَائمًا قريبًا ليَسمَع كلَّ شَيء ، "لكِن ليسَ كالسَّابق . بِيكهيُون بِالتأكِيد فقَد ابتِسامتَه الجَذابَة . أنا أشفِق علَيه، حتَى ابتسَامتُه المُجبرَة أصبَحت وَاضحَة" .
زَاويَة فمِ بيكهيُون إرتَفعَت قليلًا بإبتسَامة سَاخرَة ، لشُعورِه بالشَفقَة عَلى حَالِه اذ باتَ وَضعُه اكثَر من واضِح لمَن حولِه، فمَن يلومُ ان كانَ كلُّ مَا يُقال واقعيًا؟~
"ألَم تكُن الأمورُ بِخيرٍ مَع تشَانيُول ، لقَد أفسَد كلَّ شَيء .." الصَوتُ الأنثَويُّ عادَ مُجددًا بوَقعٍ أعمَق علَى مَسامِع بِيكهيُون ، و دُون ان تلقِي بالًا هيَ اكمَلت حدِيثهَا "أشفِق علَى بِيكهيُون بحَق، جمِيع علَاقاتِه تبدُو مثَاليَّة بِدايةً لكنَّها تنتَهي بهَجرِه ، أوَّلا حَبيبَتُه التِي انفَصلَت عنهُ مِن العدَم لتَرحَل بعدَ ذلِك و الآن هذَا!!" .
"لَا أعتَقِد أنَّ عائلَة تشَانيُول سَتقبَل بِعلاقَتهمَا عَلى كلِّ حال" ؛ "صَحِيح .. عَلاقَة كَهذِه لَن تُساعِد مَجموعَة بَارك عَلى الإِطلَاق" الفتَاتان تَحدَّثتا بِصوتٍ اقرَب الَى الهَمس تُحاولَان مَنع ايٍّ مِن حدِيثِهما مِن الوُصول لبِيكهيُون ، غيرَ مدرِكتَين لأنَّ المَعنِيَ قَد سمِع كلَّ شَيء.
"ينتَشر الكَثير مِن الكلَام .. لكِن جَميعُها متَشابهَة . تشَانيُول قَد غادَر البِلَاد لملَاقَاة عَائلَة زوجَته المُستقبَليَّة" الفتَاة هَمسَت مُخفيَة تَحرُّكات فمهَا بَيدِها.. بالرَّغم من انَّ ذَلك لَم يمنَع بِيكهيُون من سَماعِ كل شَيء.
"بالتأكِيد لَن يتِم إرغَام تشَانيُول ، لذَا مِن المُحتمَل انَّه رحَل طَواعيَّة بدُون إخبَاره أو ايِّ تَبرِير لأنَّه يَرغَب بِترتِيب شتَات نَفسِه و التَّحضِير لحياةٍ زوجيَّة مع زوجَة اجنبيَّة غنيَّة.." الأخرَى ختمَت حدِيثَها هازَّة كتفَيها لتُؤيِّدها الأخرَى سَريعًا "ربَّما هو ارَاد المرَح قليلًا قبلَ الحُصولِ على عَلاقَة جادَّة ، فذاكَ حالُ جمِيع الأطفَال الأغنِياء" .
"بغضِّ النَظرَ عَن كيفَ بديَا مُحببَين معًا، لَم اتوقَّع ان ارَى لعلاقَتهمَا ايَّ تقدُّم!!"
بِيكهيُون بِحركَة دائرِيَّة حرَّك سبَابتَه المُهتزَّة فوقَ الوَرقَة التِي قرَأ بِهَا أجمَل الكلَام علِى الإطلَاق . هُو لَم يُعتبِر مَا فعلَه للتوِّ تنَصتًا منذُ الكلَام بدَى كمَا لَو انّه مُوجَّه لَه ، بَل كانَ كذلِك.
لذلِك و عِندِ ادرَاكِه لأنَّ المُحادثَة قَد أغلِقت ، بِهدُوء اغلَق الكتَاب مُحافظًا عَلى ذاتِ الوَرقَة التِي تَوقَّف عِندَها مُطويًا جزءًا صَغيرًا منهَا ؛ يَحملُه بينَ أحضَانِه و يُحاوِل الوُقوفَ مُتجَاهلًا إضطرَاب دَواخلِه السيّء فِي تِلك اللحظَة .
يَشعُر ببُرودَة أطرَافِه و بِضعفِ كامِل جَسدِه الذِي أصبَح أثقَل فَجأَة ، فَيقِف بتَرنُّح بعدَ كِفاحٍ طَويلٍ مُستَندًا علَى حافَّة الطَاولَة ليَلتَفِت ببُطء.
برأسٍ مُطأطِإٍ هُو تقدَّم، يُمعِن النَظر في الأرجَاء باحثًا عَن مكَان الفتَاتين خِفيَة ، و هو سَريعًا وَجدَه .. لَا عجَب أنّه سمِع كلَّ ما قِيل بوُضوح .. فقَد كانَتا عَلى بُعدِ طَاولَة واحِدة مِنه .
عينَاه وَقعتَا علَى مَن يقفُ خَلفَ الفتَاتَين ، يَرمُقه بِنظرَة فارغَة.. حتَّى بِيكهيُون ذاتُه لم يَتمكَّن من قِراءَتها.
لَم يَكن سوَى عَشيقُه السَّابق يُراقبُه على مَقربَة ، و بإِستِطاعَة بيكهيُون ان يحزِر انَّ مَا سمِعه للتوِّ قد سَمعَه الطَّرف الآخر، يُمكِنه ان يرَى ايضًا انَّ تشَانيُول يَعرِف عَن انَّه قَد سَمع كلَّ شَيء ايضًا.. قَد كَان مِن السَّهل قرَاءة تعَابِير وَجهِ الأصغَر بالنِسبَة لتشَانيُول ، و هُو بتِلكَ الوَضعيَّة قَد كَان خَائِر القوَى لإِخفَاء سُوءِ حالَته حتَّى ، و إخفَاء حَقيقَة تَأثِير ذَلك الكلَام علَيه .
برُودَة الجوِّ و الهوَاء البَارِد المُتسرَّب مِن النَافذَة ، مَا سمِعه للتوِّ و كثيرٌ من المَشاعِر المختلِطَة التِي تُخالِجه و التِي أصَابَت دَواخلِه بالصَّقيع ايضًا ... عَوامِل كافيَة لإِكتسَاب وَجهِه بعضَ الشُحُوب الوَاضحَة مَع إحمرَار طفِيف لأرنبَة انفِه ، زادَت من جَعل مَظهرًا اكثَر مِن مُحرِج.
شَهقَة تَسرَّبت مِن ثَغرِ احدَى الفتَاتين عندَما وَقعَت عَينَاه علَى تَحدِيقَات بِيكهيُون و التِي بَدت كأنَّها مُوجهَة نَحوَها، مُتغَافِلتَين عمَّن يَقفُ خَلفهُما يأخُذ كلَّ تَحدِيقَات الأصغَر لنَفسِه ...
بِخطوَات كَبيرَة متسَارعَة هُو ابتَعد مُتخَاطيًا الأطوَل الذِي لَم يُبدِي ايَّ ردَّة فِعل سوَى التَحدِيق مُطولًا و بعُمق بالأصغَر ، يُراقبُ تَحرُّكاتِه حتَّى اختِفائِه من خَلفِ البَاب الكبِير للمَكتبَة .
تشانيُول زَفرَ بِسخَط و إقتَرب مِن خِلفِ الفتَاتَين ليَتكِأ بيَديه علَى ظَهرِ مَقاعِدهمَا ثُم يقرِّب رَأسَه ليَتوسَّطهُما و يَهمِس "مِن حظِّكُما انَّكما فتَاتين .." .
و بِحقّ .. همَا كانَا مَحظُوظتَان ، و الَّا لأُرسِلتَا الَى الجحِيم الثَانِي عشَر..
🌿
الحمَام كَانَ فارغًا و بِيكهيُون فكَّر فِي انَّه المَكانُ الأمثَل للإِختِباء الَى حينِ بدإ الصَفّ ، و الذِي لَم يَرغَب بإبتِدائِه اصلًا . راوَدتهُ رَغبَة جُنونِيَّة في العودَة للمَنزِل منذُ انَّه لَم يَكن بأفضَل حالَاتِه اليَوم.
لَكن تذكُّره لمُعاتَبة والدَتِه لَه لغيَابِه آخرَ مرَّة جعلَته يعدِل عَن قرارِه .. أو التَّفكِير فيهِ حتَّى. فمِن اينَ لَه بعُذرٍ لغيَابِه هاتِه المرَّة ان لَم يَكن عذرُ مرضِه للمرَّة السَّابقَة كَفيلًا بإقنَاع السيِّدة بيُون صَعبَة الإرضَاء ..؟
تنهَّد ليَفتَح الصُّنبُور يرشُّ بالمِيَاه علَى وَجهِه ، و التِّي كانَت الطرِيقَة الأمثَل لإِخفَاء عينَيه التِي باتتَا زجَاجِيتَين دُونَ ان يُدرِك.
يَشعُر بالوَهنِ يَأكُل اَطرافَه فإِستنَد الَى المِغسلَة، ثمَّ نظَر الَى وَجهِه الذِي اكتَسَب من اللَّونِ الأحمَر الكثِير . دونَ التغافُل عَن قَلبِه الذِي يَضرِب بقَسوَة خلفَ قَفصِه الصَّدرِي ، لَا يَعلَم ان كَان سَببُ ذلِك غَضبُه أَم شُعورُه بالخزِّي للنظَر فِي عينَي ذلِك الشَّخصِ بالتَّحدِيد .
الكثِير مِن الأفكَار التِي تَنهَش كلَّ زَاويَة مِن عقلِه و تُرهِق نَفسَه المُتعبَة من كلَّ شَيءٍ أكثَر فأكثَر . تَصفَعه بحَقيقَة ضُعفِه أمَام الأطوَل ، و ان جَميعَ محَاولَاتِه للثَباتِ .. تَبِيء بالفَشل فَقط من نَظرَة سرِيعَة مِنه.
صرِير مُزعِج صدَر عَن انفتَاح البَاب و بِسرعَة بِيكهيُون اخفَض وَجهَه يدنُو مِن المِغسلَة ليَرشُّه بالمَاء علَّ ذلِك يشغَل ايًّا مِن دخَل عَن الإنتبَاهِ لَه. غافلًا عَن تلكَ الأعيُن حادَّة الجوَانب التِي تَتبِع تحرُّكاتِه الصغيرَة دونِ ابدَاء اي تحرُّك.. فقَط تنظُر بتَمعُّن.
"بِيكـ- .. بِيكهيُون.. " صوتُه خرَج متقطِّعًا و بثقَّة مَهزوزَة ، غيرَ آبِه ان كَان تَأثِير الأصغَر علَيه وَاضحًا ام لَا. كلُّ ما ارَادَه في تلكَ اللَحظَة هُو امتلَاك ما كَان لَه مِن جَديد ، حتَّى يتَسنَّى لَه احتِضانُه و اخفَاء ضئَل حَجمِه بينَ ذراعَيه ... حتَّى يتَسنَّى لرُوحِه اليَائِسة ان تَتشبَّع بعَبيقِه الطيِّب و الذِي اشتَاق لهُ اكثَر مِن ايَّ شيء فِي هذَا العَالَم..
كانَ وَاضحًا ان القِطعَة المَفقودَة مِن روحِه كانَت.. بيُون بِيكهيُون..
بِيكهيُون فِي الجَانِب الآخر لَم يَمتَلك الجُرأَة لرَفعِ رأسَه و تَفحُّص هُويَة الشَّخصِ أمامَه.. أو بالأَحرَى هُو لَم يَحتَج لذلِك مُنذ انَّ الصَّوتَ لَن يُصبِح غَريبًا مهمَا وعَد نَفسَه و قرَّر أن ينسَى ، الصَّوتُ لَن يُغادِر عَقلَه.. و قلبَه.
اغلقَ الصنبُور بيدٍ مُرتجفَة، و بعُيونٍ مُهتزَّة هُو انزَل بصرَه نَحوَ خصرِه لدَى شُعورِه بأذرِع مَشدودَة قَاسيَة تضِيق الإِحكَام حولَ نحلِ خِصرَه، تُأخذُه بِعنَاق خلفِيّ مُحكَم. عندَما رَائحَة عطرٍ رُجولِيّ مألُوف تَسللَت لتَتلَاعِب بأنفِه .. تضِيفُ فوقَ اضطرَابِه ضعفًا و ارتِجافًا أكبَر ...
"ابتَعِد..!!" بصَدمَة بيكهيُون تَحدَّث و يَداهُ المبتَلَّة تُبعِد اصَابِع الأطوَل واحدًا تلوَ الآخر عَنه لكِن ضئَل حَجمِه كانَ كَفيلًا بأن يُدفَن بسُهولَة داخِل أحضَان الأطوَل أعمَق فأَعمَق و الذِي يَرفُض الإِبتِعاد مُلصقًا صَدرَه بظَهر بِيكهيُون .
"ارجُوك.. لَا تُخبِرنِي انَّك تصدِّق ما يَقولُونَه!!" تشَانيُول تَحدَّث و بِحديثَه لمسَة مِن الضُّعف مُضيقًا عِناقَه حولَ خِصرِ الأصغَر . استَقامَ بِيكهيُون عَن انحنَائِه ليُقابِل المِرآة أمَامَه، يَرفَع نَظرُه بِبطءٍ نَحوَ الأطوَل خَلفَه و الذِي يَغرِس وَجهَه بشَعرِه .
يُمكِن لبِيكهيُون الشُّعور بأنفَاسِه السَّاخنَة تَتسلَل بينَ خُصلَات شَعرِه ، فيُغمِض عَينَيه مُستَشعرًا الدِّفء الذِي يمنَحُه ايَّاه الأطوَل و الذِي لَا يَزيدُ قلبَه سوَى اذيَّة اكثَر .
"ابتَعِد.. عنِّي" تَحدَّث بيكهيُون و هَذهِ المرَّة هُو كافَح لإِبعَاد الأطوَل عَنه، و بكلِّ قوَّته يَفكُّ تَشابُك اصَابِعه حولَ خِصرِه ، و تشانيُول بِهدُوء ابتَعد عائدًا للخَلف ، بينمَا بيكهيُون و بَغيرِ تردُّد التَفت مُغادرًا .
"لَا تصدِّق مَا يُقال.." تشَانيُول همَس قبلَ أن يَخطُو بِيكهيُون خُطوَته الأخِيرَة خَارِج الحمَام، فيَتوقَّف عَن التَقدُّم مشِيحًا بوَجههِ و مُقابلًا ظَهرَه لتشَانيُول ثمَّ يردَّ بنَبرَة سَاخرَة، "و ماذَا إن فَعلت؟؟".
بِيكهيُون و بجُرأَة غيرِ مُتوقَّعة التَفت ليَقتَرب بِخطًا بَطيئَة عائدًا الى تشَانيُول دونَ ان يَفصِل اتِّصال الأعيُن مَع الطوِيل ، و الذِي كانَ اتصَال الأعيُن الأطوَل عَلى الإطلَاق مُنذ عودَتِه.
"حَقيقَة انَّك غادَرت دونَ ايِّ سابِقِ انذَار او حتَّى تَبرِيرٍ لَا يُمكِن ان تتَغيَّر" بيكهيُون مرَّر كفَّه علَى سُترَة تشَانيُول مَاسحًا عَليهَا بنعُومَة ثُم رفعَ جَسدَه عَلى أطرِاف أصَابعِه و أذرُعه خلفَ ظهرِه فيُسنِد ثقلَه على صَدرِ الأطوَل ، هامِسًا بأذُنِه بأنفَاسِه الحارَة الناتجَة عن دَواخِلها التِي تغلِي بغَيض ، "انتَ سَببُ كلِّ هَذا !!".
لَم يلبَث أن ابتَعد بِيكهيُون بِخطَاه تَاركًا مِن خلفَه بِحيرَة من أمرِه ، ممتنِعًا عَن ايقَافِه .. أرَاد ذلِك لَكن لَا ، مُجرَّد التَّفكِير فِي الأمرِ غيرُ صائِب . لَا يُمكنُه إرغَامه فهُو المذنِب سَببُ كلِّ هذا كمَا قالَ بيكهيُون بالضَّبط.
🌿
"لِم نَحنُ هُنا ؟؟" بِيكهيُون سألَ بِشكٍّ عندَما قرَأ بوُضوحٍ ما كُتب عَلى اللافتَة الكَبيرَة أمَام المَدخَل الفَاخِر الذِي يعجُّ بأنَاس بأرقَى حلَلهِم.
"هانيُول ، هذَا فُندقًا ..؟" بِيكهيُون سألَ مُجددًا رَافضًا التَقدُّم متصَنِّما مكانَه ، و هانيُول ربَّت عَلى كتِفه مُطمئِنًا ايَّاه "صَحيح.. لكنَّنا هنَا لنأكُل ؛ إعتَدت المجِيء الَى هنَا مَع عائلَتي لأنَّ الطَّعام جيِّد .. لذَا أحضرتُك" هُو امسَك يدَ بيكهيُون ليَسحَبه خلفَه ، "لَا تقلَق لَم أحضِرك لأيِّ سَبب آخَر" .
حدَّق بِيكهيُون بنَظرَات فَارغَة نحوَ هانيُول الذِي بدَى اكثَر نضجًا بِذلِك المَظهَر ، يجلِس بطَريقَة جَذابَة اثنَاء تفحُّصِه لقَائمَة الطعَام، "لَن نطلُب الشرَاب.. مَشرُوب غازِيّ فحَسب" هُو انهَى طلبَه للطعَام ليُغلِق الكُتيِّب ثمَّ يعيدُه الَى النادِل.
بِيكهيُون فقَط يُمعِن النَظر بالجَالِس أمَامه ، يَكاد لَا يُصدِّق أنَّه مع هانيُول ذاتُه الذِي اعتَاد التَصرُّف بسَخافَة أمَامَه. نظرَ الَى الملابِس التِي ارتَدَاها ، و التِي كَانت عِبارَة عن سروَال جِينز اسوَد بشُقوقٍ تظهِر قلِيلًا مِن رُكبتَيه مَع قَميصٍ أبيضَ وَاسِع و سُترَة صُوفيَّة ثَقيلَة و شَعرِه المُصفَّف لأَسفَل بِطريقَة لطِيفَة .
كانَ مَظهرًا بغايَة البَساطَة مُقارنَة بِما يرتَدِيه هَانيُول الذِي يَبدُو أمَامه كرَجلِ أعمَال ناضِج و ليسَ طالِب بالثَّانوِية . و للَحظَة ارَاد بِيكهيُون صَفعَ نفسِه لتَحدِيقِه الطَوِيل بتِلك الملَامِح الجَميلَة ، التِي تَزيَّنت عَلى وَجهِ الأطوَل أمَامه ، و تمعُّنِه بشفَاهِه الثخِينَة التِّي تذكِّره بشَخصٍ ما .. فلَم تكُن مَلابِسه الأنيقَة هَي الشَّيء الجمِيل الوَحِيد هنَا .
"لقَد اختَرت الطَّعام الذِي اُحِب لأنِّي اريدُك ان تَقومَ بتجرِبَته ، ارجُو الَّا تمانِع" هَانيُول ابتَسم بَينمَا يقرِّب كوبَ المَاء الَيه فيَرتَشف القَليل ليُرطِّب شِفاهَه مُتلقيًّا اجابَة بيكهيُون الذِي نفَى بِرأسَه ، ليَخفِض بَصرَه بخَجل.
ربعُ ساعَة قَد مرَّت ، بعدَ مُحاولَات عدَّة من هانيُول لجَذبِ طَرفِ الحَدِيث مَع بيكهيُون ، الآخرَ في كلِّ مرَّة سَيجِيب بإِختِصار مُنهيًا المحادَثة قَبل ان تبدَأ حتَّى. علَى الرَّغم من عَزمِه على إعتِبار هَذا الموعِد فرصَة لتَصفيَة عقلِه و الإستِمتَاع مُنذ انَّه لَم يستَطع التهَربَ بسبَب وعدِه الَّا رغبَة ملحَّة بالعَودَة الَى المَنزِل تُراوِدُه .
"أتمنَّى أن يُعجِبك الطَّعام" قالَ هانيُول بفَخرٍ و هوَ يَدفَع الأطبَاق علَى مَقربَة من بِيكهيُون بينمَا كلُّ ما فعلَه الآخر هُو التَّحدِيق بثَغرٍ مفتُوح .. "هذَا كثِير.." همَس بِيكهيُون ، ينتَقل بنَظرِه من طَبقٍ لآخَر حتَّى وَصلَ الَى الطَّبق الذِي أمامَه، حيثُ قِطعَة كبِيرَة مِن اللَّحم تتَوسَّط الصَّحن لتُحِيط بهِ صَلصَة مِن أجوَد الأنوَاع و تَنتشِر علَيه بَعض الأعشَاب ضَئيلَة الحَجم و ذرَّات السِمسِم بطَريقَة جَميلَة .
رائحَة الطعَام انتَشرَت فِي الأرجَاء لتُداعِب أنفِ بِيكهيُون الحسَّاسَ و الذِي ظلَّ لفَترَة متمَعنًا جمَال الوَليمَة التِي تمنَح له.
"ألَن تأكُل؟ لَا تعجِبك؟؟" هانيُول استَفسَر عندَ مُلاحَظته لبَيكهيُون الذِي لَم يلمِس طعامَه بَعد. "دعنِي اسَاعِدك.." هو تحدَّث تزامُنا مَع استِقامتِه امَام انظَار بيكهيُون ليقفَ خلفَه، بِبطءٍ يقتَرب من صَحنِه ليقطِّع اللَحم.
تسَّمر بِيكهيُون مَكانَه عندَما التَصقَت مؤخِّرة رَأسِه بِصدرِ هانيُول ليَحبِس انفَاسَه ، و نَظرُه ارتَكز عَلى يدَي هانيُول التِي تقطِّع اللَّحمَ ببَراعَة ، ليُحرِّر أنفاسَه المُختنقَة بعدَ ذلِك عِندَما احسَّ بإِبتعَاد الآخر عَنه.
"لا تدَعه يبرُد.." هانيُول بإِبتسَامة اشَار الى الطَّعام يَحثُّ بيكهيُون علَى تَناوُله بغَيرِ خَجل ، و بَيكهيُون بادَله الإبتسَام ليمدَّ يدَه نَحوَ قطَع اللَّحم فيلتَقِط قِطعَة ثمَّ يوجِّههَا الى فمِه بتَلذُّذ ، "انَّها لذيذَة.. للغايَة".
"صحِيح.. سُترَتك، نسِيتها" كلِمات متَقطِّعة خرَجت مِن فَم الأصغَر بعدَ ان انهَى ابتلَاعَ لقمَته ، المُرتبِك مِن الحدِيث عَن ليلَة امس، هو فقَط ارَاد اخبَار الأكبَر لرُبما لَم يُلاحِظ، "سأحضِرها.. غدًا" .
"لَا حاجَة لذَلك.. سَأمرُّ لأَخذهَا بنَفسِي!" هَانيُول تَحدَّث عِندمَا شبَك يدَاه اسفَل ذقنِه، يُثبِّت رأسَه عَليهَا ليَبتَسم ببَلاهَة و بيكهيُون هزَّ كَتفَيه بغَير اهتِمام، لَم يرغَب بإثقَال عَقلِه بالأفكَار اكثَر ممَا هو كَذلِك.
🌿
انزَل اكمَامه بعدَ انتهَائِه مِن غَسلِ يدَيه و تَجفيفِها ليَتفاجَأ بالوَاقفِ امَام بابِ الحمَام ، "لقَد تأخَّرت لذَا أتَيت .. لربَّما احتَجت شَيئًا" هانيُول تَحدَّث و هُو يَسيرُ بخطًا بطِيئَة نَحوَ بِيكهيُون.
"اَنا لَا.. -" بِيكهيُون تحدَّث بصَوتٍ متقطِّع تَزامنًا مَع عودَته للخَلفِ بخُطوَات مُعتبرَة و ذلِك بسَببِ الجَسدِ الذِي يَتقدَّم مِنه. عندَما اصطَدم ظَهرُه بالجدَار خلفَه هُو رفَع نظرَه ليُحدِّق بهالَة من الصَّدمَة بالأطوَل امَامه و الذِي أحاطَ خِصرَه بكلتَا ذِراعَيه مبَاغَتة .
بيكهيُون سَريعًا أشاحَ بوَجهِه الَى الجانِب مَع تَعابِير فارغَة عندَما احسَّ بأنفاسِه السَّاخنَة تَضرِب ذِقنَه، "لا تحَاوِل.." هُو قالَ بنَبرَة كَساهَا البرُود ليَضغَط بِكلتَا يدَيه عَلى عرضِ صَدرِ الأطوَل، "لَا تفعَل.. هانيُول" هُو اكمَل ليُبعِده عَنه .
زاويَة شِفاهِ هانيُول إرتفَعت بهَمهمَة سَاخرَة مُردفًا بإستغرَاب "ألستَ تُبالِغ بإخلَاصِك لَه؟ حتَّى بعدَ كلِّ هاتِه المدَّة مازِلت لَا تَرغَب بِخوضِ عَلاقَة بسبَبِه.. بَينمَا هُو لَا يَهتمَّ لَك".
قلبَ بيكهيُون عينَيه علَى حَديثِ الآخر مُحاولًا تَجاهُله بالرَّحيل عِندمَا استَوقفَته يدُ هَانيُول التِي تحكِم القَبضَ علَى مِعصَمه. "تظنُّه عادَ لأجلِك؟ لا تَجعَل تَفكيرَك بتِلكَ البَساطَة هيُون. ان كُنتَ بتِلكَ الأهَميَّة بالنِّسبَة لَه لمَا تركَك مِن البِدايَة و رحَل دُونَ قَولِ شَيء! أولَيس هَذا سَببًا كافيًا لكُرهِه ؟".
ترَك هَانيُول يَد بيكهيُون طواعيَة عِندَما احسَّ بمُحاوَلاتِه لإنتزَاعها مِن قَبضتِه ليَخرُج عائدًا الَى مَكانِه بهدُوء فَيجلِس كمَا لو انَّ شيئًا لَم يَحدُث ، هوَ فقَط رَغبَ بتَجاهُل ذلِك الهرَاء و انهَاء الأمسيَة ثمَّ الرَّحيلُ بهُدوء . هانيُول جلَس مكانَه ليَبتَسم بِبلاهَة و هُو يُراقبُ مَلامِح بيكهيُون التِي بابَت بَاردَة و جادَّة.
"فلنحظَى بليلَة جَميلَة اليَوم، أعدُك سأنسِـ-.." تحدَّث هَانيول بجِديَّة قبلَ ان يُقتَطع حَديثُه. "اعدنِي الَى المنزِل.." بِيكهيُون طلبَ بهُدوءٍ يَأخذُ هَاتِفه ليَضعَه بِجيبِ سترتِه الصُوفيَّة ، هوَ لَم يتَوقَّع ان يَطولَ الحدِيث اكثَر مِما طَال فِي الحمَام لَكن هَانيُول لَم يتَوقَّف و ذلِك افقَد بِيكهيُون أعصَابَه التِي حاوَل الحِفاظَ علَيها .
"هيُونااه، أمعِن النَّظر.. ألستُ أشبِهه؟ ألستُ طَويلًا و وَسيمًا؟ ان كانَ بسَببِ اذنَاه فخَاصتِي لَا بَأس بهَا ، أنَا اوسَم حتَّى .. يُمكنُك منَاداتِي بيُول ان كَان ذلِك يُريحُك ، سأكُون جدِيرًا باللَّقب افضَل مِنه" هانيُول تَحدَّث بحَماسٍ يُحاوِل جَذبَ انتِبَاه الآخر الذِي أغمَض عينَاه في انتِظَار انتِهاءِ هُراء الأطوَل.
"أعلَم انَّ وَضعَ عَائلَتك المادِّي ليسَ بمُشكلَة، منذُ انّهما المَطعم الفَخم الخاصَّ الذِي تُديرُونه مُربِح. لَكن إن كَان بِسببِ مَالِه فعَائلتِي كَذلِك غنيَّة و يمكِنُني مَنحُك ايًّا ممّـ-.." هَانيُول جفَل بصَدمَة ليَبتَلع رِيقَه بصُعوبَة عندَما الكُرسيِّ الذِي يُقابلُه سقَط فَجأَة و بِيكهيُون اختَفى مِن امَامِه قَبلَ ان يُدرِك.
ركضَ سرِيعًا خَارِج المَطعَم باحثًا عَن بِيكهيُون الذِي كانَ بصَدد ايقَاف سيَّارَة أجرَة . "سأقلِّك.." سَحبَ هانيُول الأصغَر مِن يدِه ليغلِق بابَ السَيارَة التِي تَوقَّفت أمامَهما بِطلبٍ مِن بِيكهيُون و يَنحنِي سرِيعًا للسَائِق .
بِيكهيُون نَفضَ يدَه بقوَّة بيمسَح علَى مِعصَمه الذِي اكتسَب حُمرَة طَفيفَة لشدِّ الأطوَل عَليهِ بِقسوَة، "حسنًا سَأصمُت ، سَأوصِلُك و لنُنهِي المَوعِد بطَريقَة وِديَّة".
حدَّق بِيكهيُون بإنزِعاجٍ وَاضِح ، "وِديَّة..؟" هو تَحدَّث بينَما يَرفَع احَد حَاجبَيه كمَا لـَو أنَّه يُحاكِمه.
"حسنًا لَن اجعَلهَا وِديَّة .. بِطريقَة صحِيحَة علَى الأقَل..؟"..
⅌
هيلُوز. 😊
مدري وَش أقُول.. 🌚 الصراحة غيرت في البارت كثير و ضفت له اشياء و مدري كيف كتبته لأني كنت تعبانة. 💔 لهيك مش مقتنعة بالبارت.. 😞
و ادري ودكم تضربوني عشان مومنتات هانبيك لانها طويلة.. مدري كيف صارت طويلة و هي تقريبا ماكانت موجودة. 🌚 اوبس
علَى كلٍّ... تعليقَاتكُم ؟~ أرآءكم ؟~💕💐
و شُكرا كالعَادَة للنَاس الي قاعدَة تحطّ تعلِيقات حلوَة مِثلهَا... 💛 أحووبكم بوسات 💋
و اتمنَّى يكون في تفَاعل اكبَر.. 😭 يحفزني على الكتابة..
و اهتَمُوا بأنفُسكُم،.. و كونُوا بخَير .. 🙌
Коментарі