01 المصــنع
02. الطفـــل
03. بداية ثورة ميكلورد الاولى
03. بداية ثورة ميكلورد الاولى

فيرجينيــا – الولايــات المتحــدة الأمـريكية ..
العاشرة وسبع دقائـق صباحاً بتوقيت مصر ..
الرابعة وسبع دقـائـق فجراً بتوقيت فيرجينيا ..
– « مـــاذا ؟! .. »
ضرب مدير المخابرات الأمريكية سطح مكتبه الزجاجى بقبضته ، حتى كاد ينكسر ، وهو يهب من مقعده ويصيح بالعبارة السابقة بغضب هادر ، فى وجه مساعده الأول الذى أبلغه بما حدث فى ( الإسكندريـة ) قبل ساعتين ، ولكنه بالتأكيد قد ندم أشد الندم على إخباره ، فإزدرد لعابه بصعوبة ، وقال :
– « هـذه الحقيقة ، لا نعلم كيف حدث ذلك .. »
ظل المدير يحدق فى مساعده الأول بضع ثوان ، ولكنه سرعان ما ألقى نفسه على مقعده ، وانتزع نظارته عن انفه ليفرك المنطقة ما بين عينيه ، وهو يقول :
– « أعد ما قلته مجدداً .. اريد التأكد من كونك لم تفقد عقلك .. »
إزدرد المساعد لعابه مجدداً ، قبل أن يعيد ما قاله قبل دقائق :
– « لقد فعلت كما قلت تماماً ، أرسلت ثلاثة من أفضل رجالنا إلى ( الإسكندرية ) سراً ، دون أن تعلم ( ميكلورد ) شيئاً عنهم ، وبفضل علاقتنا القوية مع ( إسرائيـل ) ، إستطعنا إدخال تلك الصواريخ الرفيعة ذات المدى العالى بسهولة ، واستقر رجالنا فى المكان المحدد والموعد المحدد ، ورصدوا سيارة ( إسماعيل ) ، وأطلقوا الصواريخ الثلاثة ، ولكننا فقدنا الإتصال بهم بعدها مباشرةً ، فإتصلت بمندوبنا الأوّل المقيم فى ( الإسكندرية ) ، وإتجه إلى المكان المتفق إليه لينتظر به رجالنا ، وبالفعل وجدهم فى أماكنهم .. جثث هامدة محترقة .. »
سرت قشعريرة باردة فى جسد المدير ، مع ذكر مساعده لكلمة ( جثثهم هامدة محترقة ) ، ولاحظ المساعد ذلك ، ولكنه لم يبالى وهو يكمل :
– « وعندما اتجه ليرى ما حدث للموجودين بالسيارة ، لم يجدهم إطلاقاً ، ولا حتى قطرة دم واحدة على الأرض .. ولكنه التزم بالخطة الموضوعة بكل الأحوال ، وسينطلق إلى ( ميكلورد ) عندما يصل رجال الحراسة خاصتنا إليه .. »
نظر فى ساعة يده ، قبل أن يردف قائلاً :
– « لابد أنه قد وصل منذ ما يقارب السبع دقائق .. »
صمت المساعد لبضع ثوانى ، بينما عقد المدير أصابعه أمام وجهه ، وغرق فى تفكير عميق ..
ولكنه لم يلبث أن اشار لمساعده ، وقال :
– « حالما يصلك تقرير بما حدث هناك ابلغـ .. »
وقبل أن يكمل المدير عبارته ، إرتفع رنين عالِ من الساعة التى يرتديها مساعده ، فرفع يده بسرعة ليلقى نظرة عليها ..
واتسعت عيناه إلى آخرهما ، حتى كادا تقفزان من مقلتيهما ، فصاح المدير :
– « ماذا حدث أيضاً ؟! .. يبدو أن المصائب لا تأتى فرادى .. »
رفع المساعد عينيه إلى المدير ، وعندما التقت عينيهما شعر الأخير بذلك الهلع الذى يتدفق من عينى مساعده ، الذى قال :
– « إنه رنين الطوارىء القصوى .. »
إزدرد لعابه بصعوبة ، قبل أن يكمل عبارته :
– « يبدو أن أعضاء ( ميكلورد ) قد بدأوا ثورتهم ضدنا .. »
واتسعت عينا المدير بدوره ..
فثورة ( ميكلورد ) تعنى أن الأيام القادمة لن تحمل للولايات المتحدة وإسرائيل سوى المشاكل ..
فقط المشاكل ..
                             ★ ★ ★
الإسكندريــة – جمهوريـــة مـــصـــر العــربيـــة ..
العاشـرة صباحـاً بتوقيـت الإسكندريــة ..
الرابعــة فجــراً بتوقيت فــيــرجــينيــا ..
تعلقت أنظــار سكان الطبقــة السفـلى المصرييـن ، المليئة بكـم هائـل من الفقـر والجـوع والألم والمعـاناة والعدوانيـة ، بذلك الرجل قصير القامة ، أشقر الشعر ، يرتدى بدلة باهظة الثمن ، وحذاء جديد لامع ، وساعة يد الكترونية حديثة ، ويسير خلفه خمسة رجال مفتولى العضلات ، هائلى الحجم بشكل مبالغ فيه ، وكأنهم حيوانات غوريلا وليسوا من البشر ، وكل واحد منهم يمسك بمدفع آلى ضخم حديث ..
ومنذ أول نظرة أدرك سكان الطبقة السفلية ، أن هذا الرجل مستحيل أن يكون إسرائيلياً بسبب ملامحه الغربيـة الواضحة ، هذا يعنى حتماً أنه امريكى ..
ولكن لا فرق بين الإثنين ..
امريكياً كانَ او إسرائيلياً او حتى من ميكلورد ، فهم يعتبرون الثلاثة أعداءهم ..
كان يرمق اولئك السكان المختبئون فى الظلام ، معتقدين أنهم متخفيين ، بنظرة تعالى وإشمئزاز ، وكأنهم مجموعة من الجرذان خرجت للتو من المجارى ..
انكمش الجميع بلا استثناء فى ذلك المكان المظلم ، خوفاً من مظهرهم المرعب ، ومدافعهم الآلية المخيفة ..
ماعدا واحد ، قرر التحرك بفكرة انتحارية مجنونة ..
خرج متسللاً على أطراف أصابعه ، حاملاً هراوة خشبية ثقيلة ..
تحرك بهدوء شديد نحو المندوب الأمريكى وحراسه الخمسة ، حتى بات قريباً للغاية منهم ، ورفع هراوته استعداداً ليهوى بيها على مؤخرة رأس الأمريكى ، و ...
ولكن أحد الحراس ألتفت بسرعة إليه ، رغم أنه لم يصدر أى صوت ، وامتدت يده لتقبض على عنق المصرى بعنف ، وهو يقول بصوت لا يبدو بشريًّا على الإطلاق :
– « هل تعتقد حقًّا انه يمكنك إغتيال السيدّ ( جوردان ) ؟! .. »
أطلق المصرى خشرجة ألم ورعب ، وأفلت الهراوة عن يده وهو يحاول أن ينتزع قبضة الحارس عن عنقه ، ولكن بلا فائدة ..
كانت يده تقبض على عنقه ككلابة من الفولاذ ، وتطل من عينيه نظرة ثابتة مرعبة ..
التفت المندوب الأمريكى ( جوردان ) نحوهما ، وقال بلا مبالاه :
– « فلتسرع يا رقم واحد .. لا نملك اليوم بطوله .. »
رفع الحارس مدفعه الآلى ، وقال بلهجة لا تحمل أى مشاعر :
– « كما تأمر يا سيّد ( جوردان ) .. »
اتسعت عينا المصرى فى هلع ، وحاول أن يصيح مستغيثاً ..
ولكن الحارس لم يمهله ثانية إضافية ليفعل ، فأطلق رصاصات مدفعه الآلى بغزارة ، واخترقت جميعها جسد المصرى الذى إنتفض بعنف ، وتفجرت الدماء من ثقوب عديدة من جسده ، حتى بات أشبه بالمصفاه ، فقال ( جوردان ) وهو يرمق جثته بنظرة إزدراء :
– « يا لها من حشرة مزعجة !!.. الجميع هنا يثير إشمئزازى .. »
ثم استدار ليكمل طريقه مع الحراس الأربعة الآخرين ، وهو يكمل :
– « فلنكمل طريقنا ، ولننتهى بسرعة من هذه المهمة .. أريد مغادرة هذه المنطقة القذرة بأسرع ما يمكن .. »
أفلت الحارس جثة المصرى فى برود ، واتجه ليلحق بجوردان وحراسه الاربعة ..
وشعر المندوب الأمريكى بخوف اولئك الذين يختبئون فى الظلام ، فإبتسم لِمَ أثاره فى أعماقهم ..
وعندما ابتعد بمسافه كبيره ، خرج أكثر من عشرين شخصاً ، وتعاونوا على حمل ذلك المصرى الذى راح ضحية لاولئك الذئاب البشرية ، وهم يصيحون ويرددون :
– « لا إله إلا الله .. »
إذا نظرنا للجانب الإيجابى من تلك التفرقة الطبقية التى حدثت منذ بداية الاحتلال الإسرائيلى ، سنجد انه – على الرغم من عدوانيتهم – الشعبين المصرى والفلسطينى يدعمون بعضهم ، ويكنّون الحب – كل الحب – لبعضهم البعض ..
ولكن لا يوجد بياض بلا سواد ، أو سواد بلا بياض ..
فهناك فئة من تلك الطبقة ، يعيشون لاجل أنفسهم فقط ..
بعض منهم يستطيع تمزيق طفل رضيع من أجل الحصول على قضمة خبز متعفن ..
ولكن تلك الفئة هى الأقل بين الطبقة السفلية ..
وبينما كان سكان تلك الطبقة ينقلون جثة صديقهم المصرى ، وصل ( جوردان ) وحراسه الخمسة إلى ( ميكلورد ) ، وأستقبلهم رجل متوسط القامة ، أصلع الرأس ، يرتدى معطفاً طبيًّا أبيض اللون ، قال له المندوب الأمريكى ، وهو يبرز بطاقته الخاصة :
– « ( جوردان ) .. ( كارتر جوردان ) ، مندوب المخابرات الأمريكية ( CIA ) فى ( الإسكندرية ) والمحافظات المجاورة .. »
التقط الطبيب المصرى بطاقته ، دون أن ينظر إليها ، وقال :
– « ( عبد الرحمن عـلاء ) .. طبيــب مصـرى وخبير فى علم النانو ، وحاصل على دكتوراه من جامعة ( أوكسـفورد ) فى سن مبكـر .. تشرفت بلقاءك يا سيّد ( جوردان ) .. »
صافحه ( جوردان ) ، وهو يقول :
– « أنــت غنى عن التعريف يا دكتور ( عبد الرحمن ) .. مازالت أبحاثك واختراعاتك تُدرس فى كل مكان فى امريكا .. »
ابتسم ( عبد الرحمن ) واومأ برأسه دون أن يجيب ، قبل أن يرمق حراسه الخمسة بنظرة تساؤل ، فهمها ( جوردان ) فوراً ، فقال :
– « هؤلاء هم حراسى الخمسة الشخصيون .. »
قال الطبيب المصرى معاتباً :
– « كان يجدر بهم الإنتظار خارجاً .. لا يسمح لأحد بدخول مقر ( ميكلورد ) الرئيسى أبداً ، إلا مدير المخابرات الأمريكية .. لقد وافقنا على دخولك انت فقط بسبب توجيهاته .. »
ضم ( جوردان ) راحتى يده ، وقال معتذراً :
– « اقبل اعتذارى يا دكتور ، ولكنهم أصروا على مرافقتى للداخل تحسباً فقط ، فقد يهاجمنا اولئك الأوغاد الذين استهدفوا السيّد ( إسماعيل ) .. »
رمقه الدكتور ( عبد الرحمن ) بنظرة مشككة ، قبل أن يستدير ويقول :
– « لا بـأس ، سأسمح بتواجدهم هذه المرة فقط .. »
ثم أشار إلى طاولة بيضاء عريضة على جانب الممر ، وأكمل كلامه قائلاً :
– « ضعوا أسلحتكم هنا من فضلكم .. سمحت بدخولكم هذه المرة ، ولكن ممنوع دخول الأسلحة إلى الغرف الطبية والمعمل .. »
بقيت نظرة الحراس الخمسة ثابتة باردة لا تحمل أى مشاعر أو معانى ، فقال ( جوردان ) :
– « لا بأس يا رجــال ، ضعوا اسلحتكم على الطاولة .. »
استجاب الحراس الخمسة للأمر فوراً ، وانتزعوا مدافعهم الآلية ومسدساتهم ووضعوها على الطاولة فوراً ، فإبتسم الدكتور ( عبد الرحمن ) ابتسامة خافتة لم يلمحها ( جوردان ) ، ولكنه سرعان ما اخفاها ، وقال :
– « عظيـم ، إتبعونى من فضلكم .. »
سار الطبيب المصرى ، وخلفه المندوب الأمريكى وحراسه الخمسة فى ذلك الممر الطويل الضيق ، و ( جوردان ) ينظر لكل ما حوله ..
وفى الحقيقة لم يستطع إخفاء دهشته على الإطلاق ..
كيف إستطاع القليل من المصريين بناء هذا المكان الحديث المتقدم ، تحت أرض دولة مُحتلة وفقيرة ، مثل ( مـصر ) ؟!
كل شـىء هناك كان رائعاً بحــق ..
الإضــاءة ..
التكنولوجيــا ..
أنظمــة الحمـاية ..
كل شـىء بلا استثناء كــان يُدار بواسطة سيّد ذلك الزمان ، والمتحكم فى كل شـىء ..
النـــانـــو تـكنــولوجـــى ..
وعلى الرغم من انبهار ( جوردان ) التام بالمكان ، فلم يحمل صوته أى منه ، وهو يقول :
– « يبدو أنكـم لن تتوقفوا أبداً عن إبهارنا أيها المصريون .. منذ حرب أكتوبر ضد الإسرائيليين فى 1973م ، وقتالكم ضد فيروس المستذئــب فى 2040م .. »
قال الدكتور ( عبد الرحمن ) ، بلهجة حملت الكثير من الغضب والكراهية :
– « ولقد نسب الإسرائيليون ذلك الإنجاز الذى حققه أحد ابطالنا لأنفسهم .. ولقد صدقتموهم .. »
قال ( جوردان ) بلا مبالاه :
– « بحقك يا دكتور ( عـلاء ) .. الجميع فى المخابرات والحكومة الأمريكية يعرف أنكم من تغلبتم على هذا الفـيروس ، ولكننا اخترنا أن نسير مع الإسرائيليين ، لأننا نحبهم ونثق بهم أكثر منكم ، ونحن لا نؤمن أبداً بكم أيها العرب .. »
مط ( عبد الرحمن ) شفتيه ، وقال فى حنق :
– « يا لها من عنصريــة !! .. »
وغمغم بداخل نفسه :
– « أيها الحقير ، أنت تستحق كل ما سيحدث لك .. »
واخيراً ، بلغ السبعة باب ابيض كبير ، عُلق فوقه لافتة مكتوب عليها ( الغــرفة الطــبية رقـم واحـد ) ، وأمامها بوابة فحص إلكترونية حديثة ، كتلك التى توجد فى المطارات ، ولكن أكثر تطوراً ..
عبرها الدكتور ( عبد الرحمن ) ، فأضاء المصباح باللون الأخضر ، ولكن انعقد حاجبى ( جوردان ) ، وقال فى استنكار :
– « ما هذه البوابة يا دكتور ( علاء ) ؟! .. »
ابتسم الطبيب المصرى ابتسامة مزيفة ، وقال :
– « لا تقلق يا سيّد ( جوردان ) ، إنها من أجل فحص فيروس ( كوفـيد - 22 ) ، أنت تعلم الإجراءات الإحترازية فى كل مكان .. »
ثم اخفى ابتسامته فجـأة ، وقال بلهجة بدت جدية :
– « إلا إذا كنت تخفى شيئاً ما ، مثل مرضك بهذا الفيروس ، أو بالفيروس المستذئب مثلا ؟! .. »
انتظر لبضع ثوان ؛ ليرى رد فعل الامريكى ، قبل أن ينفجر ضاحكاً ، ويقول :
– « أنا امازحك فقط يا صديقى .. هيا أعبر لا تقلق أريد التأكد من أنك سليم وغير مريض ، حتى لا تنقل المرض للسيد ( إسماعيل ) .. »
ابتسم ( جوردان ) ، وقال :
– « حسنا ، ولكن حراسى سيبقون هنا ، ولن يدخلوا معى .. »
ابتسم الطبيب المصرى بدوره ، وقال :
– « عظيم ، كلما قل عدد الاشخاص ، كلما كان افضل .. فالسيّد ( إسماعيل ) مرهق كما تعلم ، ولن يمكنه استقبال أكثر من شخصين .. »
عبر المندوب الأمريكى البوابة ، فأضاءت باللون الأخضر ، مما جعل الطبيب يربت على كتف الأمريكى ، ويقول مازحاً :
– « تهانينا يا سيّد ( جوردان ) .. انت سليم خالِ من الأمراض ، هيا لندخل .. »
ثم التفت للحراس ، ولوح لهم قائلاً :
– « إلى اللقاء أيها الصغار .. »
عدل ( جوردان ) من هندامه ، بينما فتح ( عبد الرحمن ) باب الغرفة الطبية واحد ..
التقط الامريكى نفساً عميقاً ، قبل أن يدخل إلى الغرفة ، وهو يقول فى تلقائية :
– « صديقى ( إسماعيل ) !! .. كيف حالـ .. »
بتر عبارته ، واتسعت عيناه إلى آخرهما وقد قفزت دهشته إلى أقصاها ..
– « ماذا بك ؟! .. هل رأيت شبحاً أو ما شابه ؟! .. »
إستدار ذلك الرجل الواقف أمام شاشة رقمية كبيرة ، عاقداً يديه خلف ظهره ، وهو يكمل عبارته السابقة :
– « أيها الحقراء .. »
سرعان ما استوعب ( جوردان ) الموقف ، واستدار بأقصى سرعته نحو باب الغرفة الطبية ، وهو يهتف فى هلع :
– « أيها الحارس رقم ... »
ولكن قبل أن يكمل هتافه ، صاح ( إسماعيل ) فى صرامة :
– « ( حازم ) .. »
لم يكد ( إسماعيل ) ينطق الاسم ، حتى انقض على ( جوردان ) رجل ممشوق القوام ، من خلف ستارة طويلة بيضاء اللون ، قبض على عنقه من الخلف ، وجذبه بيده بقوة كبيرة ، حتى افلته ، ليصطدم ظهره بالحائط بعنف ويرتد عنه ..
ولم يكد يرتد عن الحائط ، حتى انقض عليه ( حازم ) مجدداً ، ودفعه ليلصقه بالحائط ، واستّل سيفاً حاداً وضعه على عنق المندوب الأمريكى ، الذى اتسعت عيناه فى هلع وهو يحدق فى عينى ( حازم ) الصارمتين ، التى تحملان الكثير والكثير من الغضب والكراهية ..
وفى تلك الأثناء ، كان الدكتور ( عبد الرحمن ) قد أغلق الباب ، و ( إسماعيل ) قد اتجه ليقف خلف ( حازم ) ، الذى قال وهو يثبت السيف تحت عنق ( جوردان ) مباشرةً :
– « أيها الحثالة .. تحبون ( إسرائيل ) ؟! ، لا وجود لشـىء بهذا الإسم ، إنها تُدعى ( فلسطيـن ) ، الوطن الذى سلبتوه منا نحن العرب ، ومنحتوه لليهود .. بأى حق فعلتم ذلك أيها القذر ؟! »
قال ( جوردان ) فى توتر رهيب ، وكأنه لم يسمع كلام ( حازم ) :
– « ما تفعله خاطىء تماماً ، ألا .. ألا ترى من أنا ؟! .. »
قبض ( حازم ) بقبضته على عنقه ، ورفعه على الحائط بضعة سنتيمترات بقوة مرعبة ، وهو يقول بلهجة أكثر رعباً :
– « بلى ، انا ارى من انت .. انت هو عدوى .. »
قال ( إسماعيل ) :
– « اهدأ يا ( حازم ) .. يجب أن تحافظ على هدوء أعصابك ، لقد بدأنا للتو ، ولا يمكن أن نفقد أعصابنا بهذه السرعة .. »
ردد ( جوردان ) فى استنكار ، وهو يطلق حشرجة ألم :
– « بدأتم ؟! .. ماذا بدأتم ؟! .. »
التمعت عينا ( إسماعيل ) وهو يجيبه :
– « ثورة ميكلورد .. »
                          ★ ★ ★
يعلو العقاب كانه من الأرض خَجِل
ويدنو اذا اراد من الطعام بقايا

اذا ضُرب العقاب زاد علوه
لا يدنو ولو في الظلام خفايا
اظننتم انكم لنا حكم
تركنا لكم الارض وما عليها
فدعو بلادنا والسرايا

انتم احط من الكلاب مكانةً
اذا قصرتم ذهب الكلب قصيا

انتم انتم اعداء دون سواكم
ولسوف نرد الكيل قويا
– عبد الرحمـن دياب ..
                          ★ ★ ★
      انتهى الفصل الثالث بحمد الله
الفصل القادم [ القرار المميت ] ان شاء الله
© Yahya Elkenani,
книга «NIGHTBRINGER - جالب الظلام».
Коментарі