Introduction
Night (Joria 1)
Night (Joria 2)
Night (1)
Night (1)
" الألم الذي دمرك... هو نفسه من يغرس كل شيء في قلبك... هو نفسه الذي يوقظ كوابيسك.... ويحرق ماتبقى من قلبك..."

في تلك الليلة... أمام قصر جوردن...

وقف كريس أمام نافذة السياره الجانبية يسند جسده عليها.... يدخن سجارته بهدوء بينما تراقب عينيه البوابة الرئيسية للقصر أمامه... ينتظر خروج ليوناردو بفارغ الصبر....
لساعات طويلة لم يخرج أحد... كان الوقت متأخراً بالفعل... لكن حين لمحت عينيه جسد ليوناردو وهو يخرج من بوابة القصر...
ركض بسرعه ليفتح له باب السيارة... لكنه توقف في مكانه وهو يرى تلك النظرات والملامح التي عصفت بوجه سيده....

كان غريباً جداً... تباً ملامحه عروقه عيناه.... لا شيء كان يبشر بخير أبداً....
فقط حين كان على وشك فتح الباب له... أشار إليه ليو بحركة سريعة دون أن ينطق بكلمة.... أن يترك السيارة ويذهب...
حينها أسرع كريس في أخراج المفاتيح... ووضعها في يد ليوناردو ...
ليصعد ليو إلى السيارة بسرعة... وفي ثانيه أنطلق بسرعة جنونية... تاركاً كريس خلفه....



منذ أن أنطلق بتلك السيارة... وعقله ليس هنا... هو حتى لم يكن يعرف إلى أين يذهب.... انفاسه كانت تختنق... ومع كل ثانية يمرر أصابعه على خصلات شعره يجذبه بقوة في يده...
طول الطريق لم ينطق بكلمة واحده... فقط أنفاسه الغاضبه وحركة يده العنيفة على خصلات شعره... عبرت عن كل شيء.... عن كل ذلك الألم الذي نبض بداخله.... كل العذاب الذي تغلغل في روحه.... الجروح التي تركت كل آثارها عليه... تلك الحادثة حولته إلى وحش... وغد قذر.... وكأنه خرج من الجحيم.... أثر الوشم على ظهره... دليل حيّ على كل ماحدث في تلك الليلة.... الكلمة مكتوبة بدقة متناهية على عظمة كتفه.. (судьба).....

كل شيء كان يقتله... كان يريد سحقهم... تمزيقهم بأسنانه... الكثير والكثير من الأوغاد الذين تورطوا في ما حدث تلك الليلة.... لازالو هنا... يتنفسون... ويعيشون.. بينما والداه في قبرهما ...
الفكرة وحدها أحرقت كل خلية في جسده...
اللعنة... يريد أن يطفئ هذه النيران التي أشتعلت في عروقه.... نيران أحرقت كل شيء حوله...

ظل يقود هكذا لوقت لم يعرف متى ينتهي... حتى توقف أخيراً أمام تل كبير في نهايته حافة جرف عميق.....

السماء كانت تمطر بغزارة شديدة... و الظلام غطى على كل شيء....
فتح ليوناردو باب السيارة ونزل بخطوات باردة لا تعكس شيئاً من الجحيم الذي يعيشه...
ظل يمشي أسفل الأمطار التي بللت كل أنش في جسده... بذلته الفاخرة أبتلت بالكامل...
هو فقط لم يكترث... في الواقع لم يكن يرى شيئاً أمامه... سوى تلك النيران التي أخذت منه كل شيء..
أخذت أغلى ما يملك...
كان يتذكر كلمات براين له بالتفصيل... يذكر أسماء من تورطو في تلك المذبحة.... كل من له صلة بحفل جوريا.... يكاد يقسم أنه سيحرقهم بنفس النيران التي أشعلوها ....

حين وصل إلى حافة المنحدر... وقف هناك يتأمل أضواء مدينة موسكو الكبيره.... يرى كل القذارة التي عاشها معهم طوال حياته....
كل من يعرفهم من رجال الشرطة والسياسيين... رجال الأعمال والعصابات... عوائل المافيا.... تباً كل شخصٍ يعرفه... كلهم كانو من نفس منبع القذارة.... لكن على من يكذب... هو كان أسوء منهم... بل الأسوء على الأطلاق....

كل هذا كان كثيرا عليه جداً.... الأمر الذي جعله حقاً يصرخ من أعماق روحه هي تلك الكلمه التي سمعتها روحه قبل رحيلهما بثانية...

".. ليوناردو صغيري آنا آسف/ة ... نحن نحبك... بُني كن بخير... "

هذه كانت تماماً الشعلة التي أحرقت كل شيء به....

بقى هناك طويلاً... لا يدري حقاً كيف يوقف كل هذا... كيف يصمت قلبه وروحه عن هذا العذاب....
لكن شيء واحد فقط كان يعرفه جيداً... أنهم سيدفعون الثمن غالياً... ولو قتله الأمر....

ألتفت عائداً إلى سيارته... عيناه أزدادت غضباً.... أزدادت ألماً... نعم لا شيء... وأعني لاشيء يصف الجحيم التي تنبض في داخله....

أنطلق بسرعة جنونية... والأمر فقط هو الآن أو أبداً... نعم سيقتلهم واللعنة ....

*********

نفس الليلة الساعة الثانية بعد منتصف الليل ..... قصر ملافورد...

في أحدى الغرف المميزة داخل القصر...
سرير أبيض كبير... ينام عليه وغد مختل من الدرجة الأولى... نعم سيث.... في الواقع كان غارقاً في النوم بعد وقت طويل من العمل... يكاد يقسم أن ليوناردو يعشق تعذيبه بكثرة الأعمال التي يتركها له...
كان ينام على بطنه بينما جسده عاري تماماً لا يغطي جزئه السفلى إلى ذلك الغطاء الخفيف... والذي بالكاد يستره.... حرك عينيه بأنزعاج شديد... وهو يسمع صوت هاتفه يرن بقوة....
ومع ذلك لم يجب.... فقط رفع الوسادة على رأسه... بيحاول العودة... للنوم على أمل أن يصمت الهاتف ويمل معه المتصل ... لكن تباً.. لم يصمت أبداً... أتصل لمرات ومرات.... وكأن الأمر مهم جداً.....
أجل حياة أو موت.... لذا رفع الوسادة وهو يلعن المتصل... ليجيب على هاتفه بغضب....

" نعم... اللعنة... إن لم يكن الأمر مهماً كريس .... أقسم سأقتلك...."

لثواني لم ينطق كريس بكلمة واحده... لا يعرف حتى كيف يخبره الأمر... لكن حين سمع سيث يلعن يغضب وهو على وشك أغلاق الهاتف.... أجابه بسرعة وصوته مرتجف...

" سيد سيث.... أنه الزعيم.... لقد قبضوا عليه هو في سجن سانت بطرسبرغ..... لا أعرف حقاً ماذا أفعل...
فقط هو يحتاجنا الآن....."

لعن سيث بكل اللغات التي يعرفها... هذا الوغد الذي سمم حياته.... ليوناردو يدمر كل شيء... وسيث ينظف خلفه ... نعم هكذا كان الوضع منذ سنوات...
والأمر حقاً بدأ يتجاوز حدوده.... يكاد يقسم أنه سيقتله يوماً ما....

لذا أسرع في النهوض... وهو يتصل بكل من يعرفهم ليعرف وضع ليوناردو تماماً.... مع أنه كان يجد الأمر غريباً... أعني الوغد يملك سجون الدولة بأكملها... الشرطة لاتجرؤ على الوقوف في وجهه... إذاً... تباً كيف حدث هذا... حسناً الأجابات في الطريق...
هكذا فقط خرج سيث... حتى وصل إلى
سجن سانت بطرسبرغ.... بعد وقت طويل من التحقيق والمناقشة تباً مجرد ذكره لأسم الوغد جعلهم يبللون سراويلهم من الرعب... اللعنة ماذا فعل ليرتجفو هكذا.... فقط سمحوا له بمقابلة ليو أخيراً....

فتح الحارس له الباب ليدخل إلى غرفة فارغة من كل شيء.... فقط طاولة خشبية... وكرسيين للجلوس...
أجل رائع....
جلس في صبر شديد... وهو ينتظر دخول الوغد الذي أفسد حياته.... بعد دقائق... فتح الحارس الباب المقابل من الجهه الأخرى... ليدخل ليوناردو منه.... بينما يدخن سجارته... والحارس المسكين يرتجف منه.... وكأنه يرى وحشاً مرعباً أمامه...
تقدم ليو بلا أكتراث وهو يجلس أمام سيث بكل برود... وكأنه لم يفعل شيئاً أبداً... نعم بريئ تماماً اللعنة....

لثواني طويلة لم ينطق أي واحد منهما بكلمة واحدة.... فقط تنهد سيث بغضب... وهو ينظر لليو بحدة شديدة... لينهي هذا الصمت بسرعة...

" أتعلم لا أعرف حقاً ماذا أقول لك.... أنت لعنة على حياتي يا رجل أقسم.... تباً ماذا فعلت هذه المرة....
هل فقدت عقلك... لتقتل خمسين رجلاً في ساعة واحدة.... وليس أي رجال... رجال أمن و وزراء... وسياسيين....
كل الأوغاد الملاعين... اللعنة أنا لا أكترث بحياتهم اللعينة... لكن بفعلتك هذه... جعلت خروجك من هنا صعباً علي ... ليوناردو أسمع أياً كان سبب فعلتك تلك.... فعليك أن تهدأ.... وتنتظر حتى أجد طريقة لأخراجك... من هنا.... فقط نحتاج أسبوع أو عشرة أيام لأخراجك... حسناً أتفقنا.... لا تقتل أحداً حتى ذلك الوقت.... "

نظرته كانت ساخرة... وكأنه منتشي بطريقة غريبة.... في الواقع هو لم ينتشي أي نوع من المخدرات... لكن قتله لهؤلاء الأوغاد... جعله يرتاح قليلاً... نعم الأمر لم ينتهي بعد... لكن تباَ... تفجيرهم بأستخدام هايتر.... كان مثيراً جداً.... بطريقه مذهلة بالفعل....
في الواقع لم يكن يكترث بكلمة واحدة مما قالها... سيث....

فقط كل ما لفت نظره أنه لن يخرج الليلة... لبضعة أيام... نعم هذا فقط.....
أحتدت عيناه قليلاً... الأمر لا يعجبه أبداً... لذا تكلم بصوت جامد... لا يظهر أي شيء يشعر به...

" ماذا تعني بأسبوع أو عشرة أيام.... اللعنة أنا أملك هذا المكان اللعين.... كل السجون وكل شيء.... حتى أن قتلتهم جميعاً... لا يمكنهم حبسي هنا.... لذا سأخرج الآن...."

ضرب سيث الطاولة أمامه بقوة وهو يضغط على أسنانه بحده شديدة...

"اللعنه نعم صحيح كل ما قلته صحيح... لكن ليس هذه المرة أيها الوغد.... لقد قام أحدهم بتصويرك ...
و الفوضى تعم الأرجاء في الخارج.... وكل هذا بسبب تصرفاتك الملعونة... أقسم يارجل ستقتلني يوماً ما بتصرفاتك هذه.... لذا لا خيار لديك... حتى أغلق أفواه الجميع.... و أحرق كل الملفات.. وأعيد كل شيء كما كان... عليك فقط أن تتوقف عن التصرف بجنون لمرة واحده... وتباً ليو أنا لا أمزح... فقط بضعة أيام وينتهي كل شيء.... وأثناء أنتظارك.... فكر جيداً في كل مرة لعينة فقدت بها عقلك منذ أن فتحت تلك القضية الملعونة... والآن سأذهب... أرآك لا حقاً أيها الوغد ... "

فقط بهاذا نهض خارجاً من الغرفة... بينما نظرات ليو حافظت على برودها.... لن يعرف لماذا شعر بشيء غريب... وجديد عليه تماماً... ليس بسبب سيث... لكن.. صوت غريب كان يسمعه منذ أن دخل هذا سجن... وكأنه يناديه....تباً ما اللعنة التي تحدث هنا..
خرج ليوناردو من الغرفة... وكل ما يفكر به هو قضية جوريا الملعونة... وذلك الصوت الغريب... والأغرب أنه وحده من يسمعه... حسناً هذا حقاً كان مخيفاً...

*********

بعد مرور سبعة أيام.... الساعة التاسعة مساء ً.... منزل عائلة كونيلا...

في غرفة المعيشة المتوسطة الطابع....
جلست شابة جميلة على الأريكة الكبيره للغرفة تمسك في يدها جهاز التحكم... وهي تشاهد التلفاز أمامها بهدوء....
كان فيلماً لطيفاً جداً.... تباً.. مجموعة أطفال يتامى يتعرضون للعنف من المجتمع... والكثير من الأحداث السيئة....
اللعنة كانت تبكي من تلك المشاهد بدموع حارقة...
نعم هي شخصياً لا تفهم نفسها..... تباً كانت محامية قوية الشخصية.... ذكية تخرجت في سن مبكر جداً بسبب ذكائها وقوة شخصيتها... لكن تباً تلك كانت كذبة... كذبة تتظاهر بها أمام الناس.... هي ليست قوية أبداً... اللعنة لم تكن يوماً.... وأكبر دليل على هذا هو مظهرها في هذه اللحظة وهي تبكي على فيلم.... يصنف كقصة عائلية..... نعم مثير للشفقة....

ظلت تمسح دموعها لوقت طويل وهي تراقب كل تلك الأحداث القاتلة بالنسبه لها.... لكن في ثانية خرجت من كل تلك المشاعر... وهي تسمع هاتفها يرن برقم مجهول.....
في البدايه لم تهتم.... لكن حين أصر المتصل على الأستمرار في الأتصال... رفعت هاتفها بسرعة... تجيب بأقتطاب شديد...

" نعم... من معي...."

سمعت صوتاً رجولياً يتنهد بقوة وهو يجيبها بهدوء...

" مرحباً.... هل أنتي شقيقة السيد مارتن كونيلا.... السيدة يانا كونيلا... ؟؟؟"

رائع شقيقها الوغد مجدداً.... ستقتله يوماً ما.... أسرعت وهي تجيب ذلك الرجل بهدوء شديد... :

"نعم... أنا هي يانا كونيلا... تفضل سيدي... هل فعل مارتن شيئاً.... مجدداً..."

تنهد الرجل وهو يرفع الأوراق أمامه.. من على مكتبه... وهو يجيبها بنفس النبرة السابقة...

" سيدة كونيلا.... شقيقك تم القبض عليه في شجار مع أبناء بعض الوزراء.... أوراقه القديمة سيئة جداً... يبدو أن له تاريخ حافل بالمشاكل... على كل حال هو موجد لدينا في سجن سانت بطرسبرغ.... الرئيسي... نرجو حضورك في أسرع وقت لأستكمال أوراقه... ومتابعة التحقيق.... مع العلم أنه قد لا يخرج إلا بعد مدة طويلة... بسبب أن الشجار لم يكن عادياً... هذا إن عاش الرجل الذي ضربه.... لقد دخل في غيبوبة وحالته سيئة جداً... لذا أن مات الرجل... قد يحكم على شقيقك بالسجن للأبد... لذا فقط للآن سننتظر تشريفك لنا بحضورك.... نحن في أنتظارك سيدة كونيلا.... "

بهذا فقط أغلق الهاتف دون حتى أن ينتظر سماع أي رد منها....
تنفست يانا بعمق وهي تمسك جهاز تحكم التلفاز وتضربه في الجدار بقوة.... تلعن اليوم والساعة والثانية التي أصبحت مسؤولة فيها عن شقيقها المختل .... هو كان أكبر منها أجل... لكن تباً كان عديم الفائدة بالكامل... وأجل... اللعنة كانت تحبه كثيراً.... هو الوحيد الذي ظل بجانبها بعد أن تخلصت والدتهما منهما في ملجأ عندما كانا صغيرين....الوحيد الذي كان يرعاها لسنين... كان هو... بنى لها كل حياتها... والآن هو يفسد كل شيء... تباً له...

لعنته بقوة وهي تنهض لتغير ثيابها... إلى ملابس عادية... وبسيطه جداً... سترة خفيفة بيضاء مع سروال جينز أسود... وحذاء أبيض.... تباً ستقتله الليلة....

********
بعد ساعة...

وصلت يانا إلى سجن سانت بطرسبرغ... فتح لها الشرطي الباب.... وأدخلها إلى غرفة التحقيق لتناقش أحداث القضية....

وفي تلك الأثناء..... تحديداً في الزنازين الخاصة بالشخصيات الهامة.... الزنزانة السابعة على الجهه اليمنى....
كان الحارس يسير بعربة الأطعمة الخاصة بالمساجين... وحين وصل إلى تلك الزنزانة... وضع الصينية في الفتحة المخصصة لها... وطرق الباب بقوة... ينتظر أن يأتي السجين لأخذ طعامه...
لكن لا شيء... لم يخرج أحد.... في البدايه ظن أنه نائم.... أو يرفض الطعام كالأيام الماضية تماماً... لكن هذه المرة الأمر كان غريباً... لم يسمع حتى أنفاسه الغاضبة التي كان يسمعها كل مرة...
لذا قرر تركه والعودة له بعد أن ينتهي من بقية الزنازين....

حين أنتهت يانا من التحقيق توجهت إلى الغرفة التي ستقابل شقيقها فيها...
بمجرد أن فتحوا لها الباب وجدته جالساً على كرسيه الخشبي بكل برود... يدخن سجارة فاسدة... ومنظره كان وكأنه خرج من حرب طاحنة.... ومع ذالك كان وسيماً جداً.... لطالما كان مارتن... مختل وسيم جداً...
جسده المتناسق... بعضلات جسده القاتلة... إلى وشومه البارزة .. عينيه الذهبية... شعره الكستنائي... نعم كان كارثه متحركة.... كل النساء تركض خلفه... لكن بالطبع لا يقارن بليوناردو..... لا أحد يصل إلى جمال وقوة ليو أبداً....

نفخت يانا بغضب وهي تسحب الكرسي أمامها.... تراقب حركات شقيقها... اللامبالاة.... نعم هم على وشك سجنه إلى الأبد... والوغد لا يكترث...

عندما رفع عيناه عليها أخيراً... أبتسم أبتسامة واسعة... وهو يفتح ذراعيه نحو شقيقته الصغيره... ونبرة مرحة جداً...

" يانا.... صغيرتي الجميلة.... ماذا هل أشتقتي لأخيك الوسيم... أنتظري أعلم أن المكان القبيح لا يليق بك.... لكن أنظري... أنا هنا... وسأخذك إلى مكان أفضل... فقط بعد أن أخرج من هنا.... إذاً.. كيف كانت قضيتك الأخيرة في المحكمة...."

اللعنة هل فقد عقله... هو تقريباً في قضية قتل لعينة... والآن يمزح ويخبرها أنه سيخرج... نعم تباً... ستقتله حتماً بلا شك...

هزت يانا رأسها بسخرية وهي تعاود التحديق في هذا الوغد أمامها... لترسم ملامح غاضبة على وجهها وهي تلعنه بقوة...

" أتعلم... أنت حالة ميؤوس منك... لا طبيب في الكون قادر على معالجتك صدقني... أعني هل فقدت عقلك اللعين... شجار في كازينو من أجل عاهرة... ضربت الرجل حتى كاد يموت .... اللعنة شوهت وجهه بالكامل... والآن هو في غيبوبة لعينة... لا نعرف هل سيعيش أم يموت... تباً عليك أن تصلي كل يوم لحياته... لأنك حياتك اللعينة متوقفة على ذلك....
تباً مارتن لما تفعل بي هذا... "

تنهد مارتن بلا أكتراث... وهو يشاهد معالم وجهها المتألمة... يعلم تماماً أنها خائفة من أن تفقده... خائفة من خسارته إلى الأبد.... لكن هو لم يكن نادماً على ما حدث... وأن عاد به الزمن مليون مرة... فسيضرب أبن العاهرة ذاك حتى الموت.... اللعنة هو يستحق ذلك...

أغلق مارتن عينيه لدقيقة كاملة... ثم عاد ليفتحها مجدداً.... ليخرج صوته بجمود تام هذه المرة.... صوته كان يتألم بطريقة لم تسمعها من قبل في حياتها...

"يانا... أعلم أن ما أفعله يقتلك بقوة... وأنا آسف لهذا... لكن أنا لست نادماً... ولو عاد لي الأمر لفجرت جمجمته اللعينة... لكن لا تقلقي صغيرتي... سأخرج قريباً.... أعلم أن كلامي غير منطقي أبداً.... لكن تباً يانا.... أنا أعني كل حرف قلته.... وأجل سأكون بخير... هل نسيتي من أنا... أعني أنا وغد منذ الولادة... وهذه ليست أول مرة أدخل فيها السجن... لذا توقفي عن القلق عليّ...
كل شيء سيكون بخير... "

تباً له.... كان يعلم أن دموعها في عينيها منذ البداية.... نظرته تخنقها.... وأبتسامته العينة... حسناً هذا فقط ترك لدموعها المجال لتعبر... عن كل ذالك الألم الذي يعتصر بداخلها.... من خوفها عليه... وقلقها من أجله... تباً هو عائلتها الوحيده... هو كان كل شيء... لها... تباً كل شيء....

مسحت دموعها بسرعة بطريقة طفولية... حين شاهدته يفتح ذراعيه لها يطالب بحضنها الجميل له...
هذا فقط جعلها تبتسم بحب... وهي تقف راكضةً نحوه بخطوات لطيفه... لتجلس على قدميه وهي تحتضن عنقه... تطوقهما بذراعيها بقوة.... بينما دوعها أخذت تسيل على وجنتيها بخفة.... تحرقه بها.. وهي تسقط على عنقه بأنسياب هادئ....

ظلا هكذا لوقت طويل... يده تمسح على شعرها الأسود الطويل... وذراعه الأخرى تطوق خصرها الصغير ومنحنياتها الفاتنة.... كانت تملك جسداً يذوب الرجال من أجله... هكذا كان مارتن يقول لها في كل مرة..... جمالها لوحده قصة أخرى... شيء لم يكن يعرف مثله.. نعم ملاك من أجمل ما يكون....

حين هدأت شهقاتها... أبعدت رأسها عن عنقه... بعد أن تغلغات رائحته الرجوليه ألى رأتيها بفضول رهيب...
أعطته قبلة سريعه على وجنته... وهي تقف أمامه... وتودعه بدموعها لأن وقت الزياره قد أنتهى بالفعل...

خرجت يانا وهي تمسح دموعها العالقة بعينيها ....
بينما تتجه نحو البوابة الداخلية للسجن... فقط في اللحظة التي كانت على وشك الخروج... سمعت صوتاً أوقف حواسها بالكامل.... صراخ رهييب هز أرجاء السجن بالكامل.... لم يكن صوت تعذيب... أو صراخ عادي... كان صوت رقيقاً.... صوتاً بريئاً جداً.... صوتاً وكأنه يناديها هي... ولا تعرف كيف.... صراخ غير عادي.... صراخ يزداد مع كل ثانية... بشهقات عنيفة قاسية....
لم تشعر بقدميها ... وهي تسير في داخل المبنى... والصوت يجذبها له أكثر وأكثر.... صوته ألم قلبها بطريقة عصرته... شعرت بسكاكين تطعن في صدرها مع كل ثانية تسمعه... مع كل صرخة يطلقها...

حين صعدت الطوابق أمامها... ألتفتت إلى تلك الزنازين الكبيرة والخاصة جداً... وكأنها مصممة فقط لأشخاص مميزين جداً.... أصحاب المكانة والسلطة والنفوذ....

بينما كانت تمشي بين تلك الزنازين... لمحت عينيها... تجمعاً كبيراً من رجال الشرطة والسجانين.. والمحققين... يقفون أمام الزنزانة السابعة على الممر الأيمن.... صوت الصراخ ضرب المكان كله بقوة...
وكل هؤلاء الشرطة في حالة فزع رهيب أمام تلك الزنزانة المفتوحة.... وكأنهم يواجهون مشكلة قاتلة لهم....
لوقت لم تعرف متى ينتهي ظلت واقفة في مكانها بقلق... لكن الصوت اللعنة لم يكن يهدأ لثانية ... .
تباً كان يقتلها بصوته.... وهنا فقط وجدت نفسها تركض نحو تلك الزنزانة... وهي تدفع بيدها رجال الشرطة أمامها... تحاول أبعادهم عن طريقها... لتنصدم بالكامل....
نعم صدمة... كل هذا الصراخ... كان طفلاً صغيراً داخل الزنزانة... بملابس بيضاء صغيرة... الطفل لا يتجاوز الرابعة من عمره... َوصراخه يصم الآذان.... رأته كيف كان يدفع أيدي رجال الشرطة بعيداً عنه... كيف كان خائفاً منهم... كيف لم يكن يتحمل وجوده في هذا السجن البشع....
كيف وأين ومتى لا تعرف... لكن كل ماتعرف أنها وقعت في حب تلك العينين الزرقاء كلون السماء... قلبها كان يصرخ بها أن توقف صراخه وأنينه... أن توقف عذابه الذي لا ينتهي... أن تضمه إلى صدرها... أن تعطه الدفئ والحنان الذي فقدته في صغرها...
أن تعوضه عن كل شيء... آذاه يوماً...

بهذا فقط دفعت رجال الشرطة بعيداً عنه... وهي تنظر في عينيه الفاتنتين الغارقتين في الدموع.... وجهه أصبح أحمر تماماً من كثرة الصراخ...
وجسدي الصغير يرتعش من شدة شهقاته ...

أنحنت نحوه بهدوء وهي تلمس وجنتيه بحنان بالغ..... تمسح دموعه بلطف... خوفاً من أن يهرب منها... أو يخاف مثل ما فعل مع رجال الشرطة...
حين لاحظت أنخفاض صوت صرخاته قليلاً بعد أن لمسته... ونظرت التوسل في عينيه... لم تتمالك نفسها... لتحمله بسرعة وهي تضمه إلى صدرها بقوة... دموعه وبكائه... جعلها تبكي بصمت وهي تمسح على رأسه الصغير في صدرها....
وكأن ألمه كله أنتقل إليها... تباً كيف تحمل كل هذا... ألمه كان لا يحتمل... وكأنه رأى الموت وعاد منه.... دموعه كانت تحرقها بقوة.... فقط تريده أن يهدأ... أن يتوقف عن البكاء...
كل دمعة منه كانت تحرقها أكثر تؤلمها أكتر... لكن أجل... هو كان يهدأ... كان يتنفس... كان بخير...
كيف لها كل هذه المشاعر وهي لم تره من قبل...
هو ليس طفلها... ولا حتى تعرف من هو...
لكن كيف... كيف حدث كل هذا.... كيف وصل إلى السجن... بل اللعنة كيف دخل زنزانة سجين خاص جداً... والسؤال هنا... أين ذالك السجين...؟؟؟...

وضعت يانا ظهرها على الجدار خلفها.... وهي تغلق عينيها بألم.... بينما تضم ذلك الصغير إلى صدرها بكل قوتها.... يدها لم تتوقف ثانية عن مداعبة شعره... كل دقيقة.... تهمس في أذنيه بأغاني أو كلمات لطيفة...
لم يعد يهمها شيء... فقط تريده أن يهدأ... فقط يهدأ... وكل شيء سيكون بخير...

بعد وقت طويل... توقف صراخه... و توقفت شهقاته... توقفت أنفاسه العنيفة ... لتتبدل بأنفاس هادئة لطيفة جداً....
أنفاس من نوع آخر... أجل هادئة تماماً...
حين شعرت يانا بسكون ذالك الطفل... رأت رجال الشرطة يقتربون منها لأخذه.... لكن بمجرد أقترابهم.... عادت صرخاته تهز المكان.... والأمر أغضب يانا بقوة... أغضبها لدرجة أرادت قطع أيديهم اللعينة لمجرد التفكير في الأقتراب منه.... نعم لا أحد يقترب من صغيرها أبداً....

عادت تحاول تهدأته من جديد وهي تشير إلى رجال الشرطة أن يبتعدوا فوراً عنه.... مضى بعض الوقت حتى هدأ تماماً....
حينها فقط حملته بين ذراعيها ... وهي تخرج من الزنزانة بينما رجال الشرطة يسيرون خلفها بترقب شديد....
أخبرها أحدهم أن تذهب إلى مكتب المدير المسؤول عن السجن برفقته.... وأجل لم يكن لها خيار آخر على كل حال...
لذا مشت بخطوات ثابته نحو مكتب المدير... بينما تمسح على رأس ذلك الصغير على ذراعها....

حين فتح الشرطي لها باب المكتب.... رأت رجلاً كبيراً في السن... بجسد ضخم يجلس على مكتبه بكل راحه...
أبتسم لها بلطف وهو يشير لها أن تجلس....
تقدمت يانا نحوه بحذر وهي تأخذ مقعدها أمام طاولة المكتب الفاخرة...
تراقب ملامح صغيرها جيداً... خوفاً من أن يصرخ من جديد... لكن لا هو كان هادئاً تماماً بين يديها... وكأنه يخبرها أنه يشعر بالأمان في قربها منه...

حمحم العجوز أمامها وهو يراقب بعينيه ذالك الطفل الصغير... مظهره غير مريح أبداً...
تنهد بقوة وهو يواجه يانا... بنظرات هادئه وصوت جامد...

"سيدة يانا كونيلا.... هل تعرفين أي شيء عن هذا الطفل الذي بين يديكِ...."

رمشت بسرعه وهي تقضب حاجبيها... وتنفي برأسها بحركة سريعة... ملامحها أكدت له أنها صادقة تماماً...

ليتنهد العجوز بسرعة... وهو يريح جسده أكثر على الكرسي خلفه.... ليكمل حديثه بنفس النبرة السابقة...

" سيدة كونيلا... هذا الطفل وجد في زنزانة خاصة جداً... تلك الزنزانة مستحيل أن يهرب منها أحد أبداً...
تم تجهيزها بجميع الخواص الأمنية اللازمة... لمواجهة أي نوع... أو محاولة للهروب... لذا فهروب السجين يعد أمراً مستحيلاً بالفعل....
وسجين تلك الزنزانة... هو أسوء وأخطر رجل في العالم.... زعيم المافيا الأكثر قوة... والأخطر على الأطلاق .... ربما أنتي لا تعرفين عن من أتحدث...
لكن أنا أحدثك عن رجل قتل أكتر من خمسين رجلاً بمفرده في ساعة واحدة... أنا أتكلم عن وحش بلا رحمة.... لذا حذاري من ما تفعلينه... لأن دخول هذا الطفل إلى الزنزانة يعد أيضاً أمراً مستحيلاً.... إلا في حالة واحده....
وهي وجود خدعة في الأمر... كخائن مثلاً بين طاقم العاملين في السجن... والذي من الممكن أنه قد ساعد ذلك المجرم في الهرب... لكن السؤال هنا... إن كان سيهرب لما وضع طفلاً صغيراً بدلاً عنه.... كل هذه أسئلة صعبة جداً....
لكن ما أعرفه عنكِ أنكِ محامية جيدة جداً... لذا أظنك تفهمين ما أحاول أيصاله لك.... "

عينا يانا كانت تحدق بصدمة في ذلك الرجل.. وكأنها لاتصدق كلمه واحده مماقاله ....
زنزانة زعيم مافيا مجرم... مجرد وقع الكلمة على أذنيها أخافها تماماً.... لم تنطق بحرف...
شاهدت ذلك المدير كيف رفع سماعة هاتفه.... وهو يتصل برقم... ما... مضى بعض الوقت حتى أجاب الطرف الآخر بغضب شديد...

"أسمع أيها الشرطي العاهر... أقسم سأقتلك أن كان الأمر سخيفاً... كتحطيم ليوناردو سجنك اللعين... اللعنة أنا لا أكترث... بأي كارثة فعلها ذلك الوغد.."

تنهد المدير بهدوء وهو يحاول تمالك أعصابه... من وقاحة ذلك الشخص... ليجيبه برسمية حادة...

"سيد سيث... في الواقع أنا أتصل لأسألك عن السيد... ليوناردو ملافورد... لأنه أختفى اليوم من زنزانته. ... بينما وجدنا داخلها طفلاً صغيراً لا يزيد عمره عن أربع سنوات.... لذا أن كنت تعرف أي شيء عن مكانه... أو حتى ما حدث الليله... فسيكون من الأفضل لك أن تتعاون معنا.... قبل حدوث كارثة نحن في غنى عنها.... "

لعن سيث تحت أنفاسه... وهو يقسم أن يقتل ليوناردو حين يجده.... لكن اللعنة كيف هرب أصلاً... ومن أين جاء هذا الطفل... كل شيء يحدث بات لا يصدق.... حسناً أهداً فقط نجد ذلك المختل ... وسنعرف كل شيء....
تمتم سيث بين أنفاسه الغاضبة ...
بينما عاد لينطق بسرعة....

"نعم صدقتك... أسمع أيها الوغد... يمكنك أن تكذب علي ّ في أي شيء تريده... لكن ليو يهرب... هذه مزحة جديدة وسيئة جداً.... الوغد مستعد لحرقه حياً على أن يهرب.... لم يفعلها في حياته... ولن يفعل... لذا توقف عن أزعاجي بسخافتك هذه... قبل أن أدفنك حياً... وأرتاح تماماً من رأسك الفارغ.... "

هذا فقط وأغلق الهاتف في وجه الشرطي بسرعة... وكأنه لا يكترث لأي لعنة قالها ذلك الرجل....

حين أغلق سيث الهاتف... ألتفت الشرطي بغضب نحو هاتفه... وهو يرى تلك الوقاحة المرسومة أمامه على هاتفه.... تخبره ببساطة أن هناك من أهانه للتو وأغلق الهاتف في وجهه... نعم رائع هذا ما كان ينقصه...

حين هدأ قليلاً أعاد تركيزه نحو ذلك الطفل الذي يحدق به بنظرات بارده لا تعكس أي شيء في داخله.... يداه الصغيرتان كانتا تمسكان بسترة يانا بقوة من منطقة الصدر... بينما يضع رأسه على عنقها... وكأنه يتنفسها...

لعن نفسه... وهو يعيد أنتباهه ل يانا التي تبدو في دهشة وصدمة كاملة.... ليوجه كلماته نحوها.. بهدوء...

" سيدة كونيلا... أخشى أن بقاء هذا الطفل معك خطر عليك جداً.... خصوصاً أننا لم نعثر بعد على ذلك المجرم.... ليوناردو ملافورد... لذا أظن أنه من الأفضل لك أن تتركيه هنا حتى نعرف تماماً من أين أتى ومن هم والداه.... لأنه مجهول الهويه بالكامل...."

أفاقت يانا من صدمتها على كلماته التي أحرقت قلبها في ثانيه... لتجيبه بشراسة أم تدافع عن أطفالها...

" أسمعني أنت أيها السيد... أنا لن أترك هذا الصغير هنا حتى لو هدد هذا حياتي بالخطر.... كيف لكل هذه البراءة أن تكون سبباً في الخطر أو الموت ... أنت لم ترى كيف كان يصرخ... كيف كان يبكي... سيموت أن تركته معكم دقيقة واحدة... لذا لا لن أتركه.... قل ما تريد... أو أفعل ما تشاء لكن تباً أنا لن أتخلى عنه أبداً...."
أعادت نظراتها نحو ذلك الصغير وهي تتأمل جمال عينيه الزرقاء بصفاء جميل جداً.... لتكمل كلماتها بنبره حنونه جداً ولطف بالغ...

" لا تقلق عليه سيدي الشرطي .... هو من اليوم فصاعداً طفلي أنا.... سأحميه بروحي وجسدي... سأفعل أي شيء ليكون سعيداً... ليكون بخير.... لن أسمح لأحدٍ أبداً أن يلمس شعرة منه.... لا أحد سيؤذيه.... فقط أعدك سألتزم بكل ما تطلبه مني... على أن تتركه معي.... ويمكنك التأكد من حفاظي عليه بنفسك....سأهتم به أكتر حتى من روحي... هو فقط منذ رأيته... وقد أخذ كل ذرة في جسدي وأمتلك قلبي كله.... أنا فقط آسفة لكن... لا أظنني أستطيع تحمل صوت بكائه ولا حتى دمعه من عينيه الجميلتين.... لذا لطفاً سيدي الشرطي... دعني آخذه معي... أرجوك.... "

أنهت كلماتها بدموع هادئه... وهي تقبل ذلك الصغير على جبهته الصغيرة بينما تمسح على شعره الأسود بهدوء ونعومة شديدة....

تنهد الشرطي بيأس وهو يرى ذلك الفيض من المشاعر.... وتمسكها الشديد به... يفكر للحظة في حل يرضى الطرفين.... لا يعرف حتى أن كان تركه لها أمراً صائباً أم لا.... لكن فقط كل ما يعرفه أنه لا يستطيع كسر دموعها تلك أبداً... بعد كل هذا الحب الذي رأه في عينيها... لذالك الطفل...
شقى محظوظ... تمتم بها بين نفسه... وهو يعيد أنتباهه إلى يانا... ليبدأ في وضع النقاط على الحروف معها.... لذا تكلم بحزم وهو يعصر كفيه في قبضة واحده... وعينيه ثابته في عينيها... الجميلة.... :

"سيدة يانا كونيلا.... حسناً سأوافق على ترك رعايته لك.... لكن إن وافقتي على شروطي....."

صمت قليلاً ليرى أستجابتها... عينيها كانت تنظر له بتركيز شديد... وكأنها مسألة حياة أو موت.... تشجعه على أن يكمل :

" أولاً : ستحضرينه مرة كل أسبوعين إلى هنا.... لنجري له بعض الفحوص والتحقيقات.....
ثانياً : يمنع عليك تماماً تعريضه إلى أي نوع من الخطورة... خصوصاً مع قلة خبرتك في التعامل مع الأطفال...
ثالثاً : إن لا خظتي أي شيء غريب... أو أي تدخلات من الغرباء... أو تصرفاته نفسها غريبة.... فستبلغيننا فوراً بها..... هل هذا واضح سيدة كونيلا.... "

حين أنتهى ظلت يانا صامته لبضع ثواني... ثم أجابته بالموافقة فوراً... وعيناها تشع بأصرار عجيب...

حينها أخرج الشرطي... أوراق عقد لكفالتها هذا الطفل... على نفقتها الخاصة... حتى تغلق القضية... ويتم التعرف على هويته المخفية...
وقعت يانا على الأوراق بثبات.... وهي تبتسم بسعادة كبيرة.... صافحت الشرطي بفرحة.... لكن مجرد أن لمست يده يدها... شعرت بذلك الطفل يسحب يدها الممدودة بغضب وسرعة.... ما خطبه حسناً لا يهم
ظنا وقتها أنه تملك طفولي... مثل غيرة الأطفال على أمهاتهم......

في ذلك الوقت خرجت يانا من مبنى السجن وهي تضم ذلك الصغير إلى صدرها بفرحة كبيرة جداً....
بحثت عن أول سيارة أجرة لتأخذها إلى منزلها...
بينما هما في الطريق....
سعادتها كانت حقاً لا توصف... أخذت تضمه إلى صدرها أكتر... وهي تقبل كل أنش في وجهه... بشرته البيضاء الصافية.... ملامحه البريئة جداً كالملاك الطاهر.... عيناه الزرقاء كلون السماء.... شعره الطويل نسبياً... أسود كسماء الليل... ولامع كنجومها .... كل شيء فيه كان يجذبها له أكثر وأكثر.....

ظلت تتأمله وتقبله وكأن كل شيء توقف حولها.... لم تشعر حتى بسيارة الأجرة وهي تتوقف أمام منزلها...
حينها تكلم السائق بصوت هادئ يعلن عن وصولهم إلى منزلها....
فقط حين أنتبهت له... أخرجت المال من حقيبتها ...
دفعته له بسرعه... وهي تخرج من السياره...

حين فتحت باب منزلها أخيراً... شعرت براحة غريبة تسللت إلى جسدها.... خاصةً وهي تحتضن... ذلك الصغير بين ذراعيها ...
توجت إلى غرفة المعيشة... وهي تضعه على الأريكة الكبيرة في الداخل..... بينما تجلس أمامه بخفه تتأمله بهدوء وأبتسامة ساحرة على شفتيها ...
فقط ظلت تحدق به هكذا لدقائق... حتى تكلمت أخيراً بنبرة حنونه جداً... وعينيها في عينيه الجميلتين....

"مرحبا صغيري... ربما أنت لا تعرفني لكن أنا أحبك كثيراً... لذا صدقني سنستمتع معاً.... أسمي يانا... في الواقع لا أعرف ماذا أناديك... أو حتى أن كنت تتكلم أم لا.... على كل حال أنت جائع بالطبع.... و يانا مستحيل أنت تتركك تمرض من الجوع.... لذا سأجهز الطعام بسرعة ونأكل معاً.... أعني بعد كل ما حدث اليوم... أنا جائعة حقاً.... "

بهذا قبلته بسرعة على جبينه.... وهي تحضر كرسي كبير على شكل وساده... وتضعه في المطبخ ليجلس عليه بهدوء... تحتاج أن تطمئن عليه كل دقيقه على الأقل... حتى يعتاد على وضعه الجديد....

بدأت يانا في أخراج الأطعمة من الثلاجة وهي تطبخ بمهارة كبيرة...
نعم هي جيدة كثيراً في الطهو... حياتها الصعبة في الملجأ وخارجه.... علمتها الكثير.... كان يجب أن تعتمد على نفسها أن أرادت الأستمرار في العيش...
وهذا تماماً ما فعلته طوال تلك السنوات....

حين أنتهت أخيراً.... تأملت صغيرها وهو يراقب كل شيء حوله... وكأنه يتعرف على كل زاوية.. كل أنش في المكان... يدرسه بدقه بالغة.... بعينيه الصغيرتين...

تقدمت... يانا نحوه وهي ترفعه عن كرسي كبير بينما تجلسه عليه... عالي قليلاً على مستوى طاولة الطعام تماماً .....
وضعت الطعام أمامه... على الطاوله... وحركته بهدوء... رفعت الملعقة الصغيرة نحو فمه... لكنه فاجأها بالرفض وهو يدير وجهه بعيداً عنها...
حسناً لم تتوقع هذا... فقط هذا جعلها تدخل في معركة لأقناعه بالأكل... لساعة كاملة أفقدها صوابها بالكامل... جعلها تقسم أنها لن تطعمه مجدداً... لكن تباً على من تكذب أحبت كل ذرة في الأمر.... حتى رفضه كان جميلاً... لطيفاً لدرجة مذهلة... هي حقاً لا تعلم لما تشعر هكذا نحو طفل صغير... لكنها حقاً كانت سعيدة معه.. وهذا كان كافياً لها....

بعد أنتهاء حرب الطعام تلك... بفوز يانا على طفلها المشاكس... أرادت أن تحممه وتبدل ملابسه... لكن تذكرت أنها لا تملك أي ملابس للأطفال هنا... والمحلات جميعها مغلقة في هذا الوقت... حينها قررت أن تعطيه أحدى قمصانها القصيره...
كثوب مناسب له تماماً...
لكن حين أقتربت منه لتنزع ملابسه... فاجأها بصراخه العنيف... ودفعه لها... بعيداً... فكرة أن تلمسه أو ترى جسده كانت تحرقه.. الأمر كان حقاً غريباً لكن رفضه القطعي لها كان أغرب من أي شيء... وكأنه مستعد للموت على أن ترى جسده... لذا تنهدت بعمق وهي تحدثه بجدية لأول مرة...

" حسناً.. دعنا نتفق أنت لن تنام الليلة هكذا... أعني عليك أن تبدل ملابسك وتستحم أولاً... وبما أنك ترفض مساعدتي... فستفعل كل هذا بنفسك... تعلم تماماً ما أقصده.... لذا سأجهز لك الحمام فوراً... وبعدها ستستحم بمفردك كفتى كبير... أعني أنت في الرابعة بالفعل... فقط لا أفهم لما لا تتكلم أبداً... حسناً لا يهم.... فقط دعني أجهز لك كل شيء حتى ننتهي... "

دخلت يانا إلى الحمام تجهزه بينما وقف هو قرب الباب يراقبها.... وهو يتأمل تفاصيل جسدها المنحوت... اللعنة كانت ترتدي قميص من الساتان أسود قصير جداً يظهر ساقيها الجميلتين بالكامل.... وبلا أكمام و فتحت صدر واسعة.... تباً كانت مذهله...

ظل يراقبها هكذا حتى ألتفتت له تخبره أن كل شيء جاهز... وفقط خرجت من الحمام... لتترك له المهمة... بعد عشر دقائق تماماً.... كان قد أنتهى... وخرج... وجدها تجلس على الأرض أمام الباب... وهي تضع ذقنها على ركبتيها... في أنتظاره ... فقط حين خرج قفزت عليه تحمله وهي تقذفه في الهواء بحب وفرح....
نعم طفلها الكبير.... بعينيه الفاتنة....
تحركت واضعةً أياه على السرير بينما تمشط شعره بمشطها.... تتأمله وكأنه أجمل شيء في الكون... هو حقاً كان يتعجب تصرفاتها الغريبه... له لا يفهم سبب كل تلك السعادة.... لم يهتم كثيراً حين شعر بها تطفئ الأضواء وهي تضع رأسه في صدرها بينما تقبل رأسه بحب...

سمعها تهمس له بين أنفاسها الساخنة.... والتي كانت تضرب وجهه الصغير...

"أنا حقاً أحبك كثيراً.... وأنا سعيدة جداً معك صغيري.... فقط أريد أن أسمع كلمة واحدة منك... أتوق لسماع صوتك الجميل.... فقط قل لي ما أسمك..."

لم يجبها لم ينطق بكلمة واحدة لوقت طوويل... فقط حين شعر بأنفاسها تنتظم وهي تضرب في وجهه.... فتح عيناه ببرود شديد.... ليجيبها أخيراً بعد أن نامت تماماً.... وهو يحرك أصابعه الصغيرة على منحنيات جسدها المنحوت.... لينطق بعدها بهدوء بارد جداً كالصقيع....

" ليوناردو ملافورد.... هذا أنا.... وأنا آسف لأن لعنتي البريئة ستكون موتك عزيزتي.... أنت جميلة لدرجة تخنقني بقوة.... أصبحتي أنتي من تلعنينني أيتها الفضولية.... وتباً لي أنتي تقتلينني يا فتاه...."

أخذ نفساً عميقاً وهو يبعد ذراعيها عن جسده... نزل من السرير وتوجه للطاولة التي وضعت عليها الهاتف بجوارها .... أخذ الهاتف... وتحرك إلى خارج الغرفة تحديداً نحو الشرفة.... فتح هاتفها... وضغط على الأرقام بسرعة.... ليرن الهاتف بهدوء.... حين فتح الخط... أجاب الطرف الآخر بصوت ناعس جداً...

"اللعنة على كل هذا الأزعاج.... نعم من الوغد الذي يتصل بي الآن...."

لم ينطق ليو بكلمة واحده... فقط تركه يلعن لدقيقه كامله... حتى عاد للتكلم مجدداً...

" ليو.... ليوناردو.... هذا أنت أيها الوغد عديم المسؤولية...."

أبتسم ليوناردو بسخرية من سيث المجنون ... وهو يجيبه بصوت خافت تخللته بحة طفوليه...

" نعم أيها الأحمق... هذا أنا سيث.... اللعنة من كنت تتوقع.... "

نعم هو على حق اللعنة فعلاً.... لكن صوته الغريب أثار فضول سيث بالكامل...

" تباً يا رجل.... اللعنة أين أنت الآن... أرسلت كل شخص أعرفه لأبحث عنك.... فقط قل لي ما اللعنة التي حدثت معك.... وما خطب صوتك هذا... "

تنهد ليو في ضجر... وهو يعبث بيده الأخرى في شعره بهدوء....

"أنت تعلم أمر ذلك الطفل الذي أخبرك الشرطي عنه.... هذا كان أنا..."

كلماته أخرست سيث تماماً.... وكأنها صدمة حلت عليه..... لا يعرف ماذا يقول... ماذا حدث... وكيف حدث كل هذا.... وكيف تحول وغد كبير عمره. أثنان وثلاثون عاماً إلى طفلٍ في الرابعة من عمره.... خصوصاً... أنه لم يزره أحد طوال الأيام الماضية....
كيف تحول هكذا في يوم وليله... اللعنه لا شيء كان واضحاً.... شعر بنفسه يفقد السيطرة على عقله.... لا يعرف حتماً كيف يجيبه على هذا....
لكن ليو شعر بالأمر لذا تكلم هو بلا أكتراث...

"أسمع سيث.... أريدك أن تجمع لي أماكن جميع الأوغاد الذين أعطيت أسمائهم لكريس منذ أيام.... أريد جميع المعلومات عنهم بحلول الغد... لا تأخير في الأمر سيث..... وأجل لا تحاول زيارتي... أو التواصل مع هذا الرقم لأي سبب كان.... هذا هاتف فتاة تدعا يانا كونيلا..... هي الوصية على رعايتي حتى نهاية القضية.... لذلك كما أخبرتك... لا تتعامل معها أبداً.... "

كاد على وشك أغلاق الخط.... لكن سيث أوقفه بسرعة وهو يسأله بقلق....

" ليو هل رأته... أقصد وشومك التي تغلف جسدك بالكامل.... وذلك ال.... "

لم يستطع أن يكمل لمعرفه بحساسية الأمر عند ليوناردو....

وهذا جعل ليو يتنهد للمرة الثانية وهو يجيبه بملل شديد...

" لا عزيزي... بالطبع لا... لن أسمح لها برؤية جسدي أبداً.... سينكشف كل شيء بمجرد رؤية أياً من تلك الوشوم....
أفهم سيث وقتي قصير جداً بعد أيام قليلة... سيعود جسدي إلى طبيعته.... ولا يمكنني الرجوع إلى حالة الطفل مجدداً أبداً.... تباً يا رجل هل أخبرتك من قبل أني أحببت لعنة جوريا.... أنظر ماذا فعلت بي.... أسمع أعلم أنك أخذت هايتر من مركز الشرطة وهذا جيد أحسنت.... فقط سأخذه منك في أقرب وقت.... وحتى أعود للزعامة مجدداً.... تابع كل الأعمال حتى عودتي... ونفذ ما طلبته منك جيداً سيث.... "

تنفس سيث بغضب... وهو يجيبه بنبرة غاضبة...

" اللعنة ليو... ماذا لو أكتشفت تلك الفتاة حقيقتك.... ماذا لو عرفت الأمر... ماذا ستفعل... ستقتلها... مثلما تفعل مع الجميع.... حلك المثالي... نقتلهم جميعاً... "

صمت ليو لثانيه وكلمات سيث تعبث برأسه... أعني حقاً ماذا لو أكتشفت الأمر.... ماذا إن أضطر لقتلها فيما بعد.... مجرد الفكرة جعلته غاضباً... جعلت الألم يغزو كل خليه في جسده.... فكرة موتها... أو حتى قتلها... كانت أسوء مليون مرة... من لعنة جوريا كلها...
لم يفهم أبداً هذا الشعور..... لكن اللعنة هو وحش بلا قلب... لا يجب أن يشعر... لا يجب أن يحب... الكلمة لم تكن في قاموسه أصلاً....
وهذا جعله يبتسم بسخرية.... وهو يغلق الهاتف في وجه... سيث... رد الدين وغد لعين...

حينها مسح ليو بيانات المكالمة.... وعاد إلى غرفة نوم يانا...
وقف أمام السرير... يراقب حركت أنفاسها المنتظمة.... وجودها فقط... كان يضرب في قلبه مليون شعور وشعور... في البداية ظن أنها مجرد رغبة فيها... ربما بسبب جمالها الخاطف للأنفاس... أو حتى بسبب تلك البراءة التي تحيط بها.... هي نقية جداً تختلف عنه في كل شيء.... تجعله ينسى كل بشاعة العالم من حوله... لكن كيف وهو الذي تغذى على تلك القذارة طوال حياته.... منذ حفل جوريا اللعين... حاولو قتله مراراً وتكراراً... سممو حياته... أختطفوه عذبوه... فعلو كل شيء... ليتخلصوا منه.... لكن لا.... لم يستطيعوا.... حارب وحوشاً أكبر منه... حارب كل من وقفوا في طريقه.... حتى كاد يموت مرات ومرات.... لكن الشيء الوحيد الذي جعله يتمسك بالحياه... كانت ذكراهم.... ذكريات ماري وألكساندر ملافورد...... هم كانو النور في قلبه.... وهم كذالك إلى الأبد.....
هكذا عاد ناحية يانا.... ليعيد نفسه إليها... بينما يدفن وجهه في صدرها.... وهو يهمس... لها ببحة متألمة...

"نعم... يانا تنفسي حبيبتي.... أحبك عندما تتنفسين جيداً.... أنا فقط لا أحب أن تكوني بريئة هكذا.... كبراءة الموت....."
بهذا أغلق عينيه ويداه تحيطان جسدها ببساطة تخبرها... أنها أصبحت ملكاً له.....

To be continued🌹

جيد والآن خذو أنفاسكم لأننا بدأنا للتو...
رحلة عشق من الجنون.... في الواقع...
لا كلمة تستطيع وصف ما سيحدث بينهم...
لكن أقسم... أنكم ستعشقونهم... وتكرهونهم أيضاً....
لذا أنتظروني...فأنا سأشعل الفوضى في قلوبكم
وأفقدكم المنطق كله...
© Иофи ,
книга «The Innocence of Death».
Коментарі
Упорядкувати
  • За популярністю
  • Спочатку нові
  • По порядку
Показати всі коментарі (1)
FoFo203 B
Night (1)
روعة 👍🏻
Відповісти
2020-12-14 21:11:43
1