قراءة ممتعة🌼
.
.
.

أعينه إلتصقت بها، ميزها من بعيد بفضل تلك الهالة التي تحيطها، ثم إستطاع أن يلمح وجهها الملائكي عندما إقترب رجل منها.

ذكر لعوب حاول أن يستغل ملك بسوء، رآى الأمر من تصرفاته، أعينه و حركاته، سحرته كما فعلت معه !

عيناها تلقيان تعويذة غرام على كلّ رجلٍ يلمحها فيسقط بهواها، لكن على عكس الكثيرين هذا الأحمق إمتلك الشجاعة للتقدم ناحيتها.

و بكل جرأة و قذارة لمس يدها، ويحك يا رجل كيف تدنِّس ملاكًا، ألا تخاف من العقاب؟

مسحتَ إبتسامتها العذبة عن ثغرها، و دفعتَ ملامح وجهها للإنكماش بانزعاج، من أنت لتزعجها ؟

بدون أن يشعر ترك جانب الأمير الذي يحميه و إقترب بخطواته منها عندما رآى أن البربري يشد معصمها بعنف و قوة، أيها الغبي لا تتعامل مع ملاكٍ بهذه الخشونة، بل أمسكها بلطفٍ و توسلها لتأتي إليك أيها الأخرق، بالفعل أنت أحمق، أتظن نفسك قادرًا على الحصول عليها؟

إذن لسوء حظك أنا هنا، و حتى بعد رحيلك من أمامنا سأبحث عنك و أدمرك، هذاهو عقابك لتنيس ملاك طاهر.

ما هذا الجنون الذي يحصل معه، ما هذه المشاعر التي احتلت كيانه، يتجرع من كأسها مرغمًا مهما حاول المقاومة.

هذه الفتاة، إبتسامتها، عيناها، نظراتها، كل شيء بها يجذبه بقوة إليها.

تنطق بعبارات شكرٍ له و لنوح الذي لحق به على عجل لكي لا يفتعل مصيبة بمنتصف هذه المناسبة السعيدة.

لكنه غير قادر على الإصغاء، غارقٌ بأفكار غريبة، أليس هو من أقسم أن يقوم بتكريس حياته كفارس ليحمي شمس هذه المملكة و سلطانها القادم، قرر أنه لن يتزوج، سيحرم نفسه من الذرية و النساء ليرد لولي العهد فضله.

لكن أتت هذه فجأة، لم يلتقي بها إلا عدة مرات، و لم يتحدث معها جديًا إلا لدقائق معدودة أذن ... لماذا ؟

هل من الممكن أنه معجبٌ بها، فهي إمرأة جميلة بكامل المقاييس، لكن الجمال ليس كل شيء، هناك الشخصية ... و الذوق، و الأخلاق.

كيف له أن ينجذب لإمرأة لا يعرف عنها شيء ؟

كان شارد البال، غارقًا بأفكار غريبة عندما وقعت أعين ملك عليه، ما هي مشكلته؟

" علينا العودة الآن " قال نوح لمروان يسترعي انتباهه فاستيقظ مروان من شروده و حول نظرة من ملك إليه

هل يطلبُ منه تركها بين جمع الذئاب ؟

" ألن يكون من الأفضل إن رافقتنا ؟ " تساءل مراد بهدوء فقطَّبت ملك حاجبيها باستغراب إلا أنها سرعان ما إستوعبت أنها لا تعرفُ أحدًا بهذا الحفل غيرهما لهذا ... لما لا ؟

مشى نوح أمامها بينما سار مروان خلفها متعمدًا ليحجبها عن أنظار الآخرين ببنية جسده القوية.

لاحظ نظراتها التي لا تنفكُّ تمسح مظاهر الإحتفال من حولهم بفضول ساهم رسم بسمة صغيرة على شفتيه.

فجأة توقف نوح فتوقفت هي الأخرى عن المشي فقد وصلوا بالفعل للشخص المطلوب، و الذي لم يكن إلا سيدهم الذي عالجت إصابته البليغة منذ أسبوع أو عشر أيام، لا تتذكر المدَّة تحديدًا ...

شعره بني لكن أفتح من المعتاد، بشرته بها مسحة من السمار و أعينهُ بنية غامقة تحيطها رموش كثيفة سوداء.

ملامح وجهه تدل على هدوءه و رزانته، يقف أمامها بزيٍ عسكري أبيض اللون و على كتفه تهدَّل رداء أزرق اللون بينما يقفُ باستقامة دلت على نُبله.

رسم أوس إبتسامة إمتنان واسعة على شفتيه عندما لمح مَلك من بعيد، و كيف له أن لا يتعرَّف على منقذته.

" آنسة ملك، المعالجة التي أنقذت حياتي، شرفٌ لي لقاءك " نطق أوس بابتسامة ساحرة دفعت ملك للحمحمة بخجل بينما تقول بنبرة لطيفة " إنه واجبي سيدي لا داعي للشكر "

بالدقائق اللاحقة عرفت ملك أمورًا لم تكن تعرفها قبلاً.

مثلاً أن الرجل الذي قامت بعلاجه، و الذي تقف أمامه الآن هو الأمير أوس، أحد المرشحين لخلافة المملكة ... جميل للغاية، كيف لم تفكر بإمكانية حدوث هذا الأمر ؟

أمرٌ آخر عرفته و هو تفاصيل إصابته، أخبرها أنه ذهب للصيد برفقة حارسيه و صديقيه العزيزين نوح و مروان، إلا أن مجموعة من المغتالين حاولوا إنهاء حياته و لولا وصولهم لمركز العلاج بالوقت المناسب و  براعة حارسيه لأنتهى به الأمر في خبر كان !

" لكن هل أنت بخير بالوقوف لفترة طويلة و أنت مصاب ؟ " تساءلت ملك بحيرة فأجابها أوس بعد تنهد خافت " لا بأس لقد تحسن الجرح، و على أية حال لن أبقى هنا كثيرًا بمجرد إعلان الملك عن ولي العهد القادم سأغادر "

إومأت ملك متفهمة ...

لم تكن واعية لتلك النظرات التي تلاحقها، فهي إمرأة غريبة من ثيابها يتضح أنها ليست من النبلاء تقف بجوار الأمير أوس ... هذا أمرٌ مثير للشك تمامًا.

لحسن حظها تواجد مروان يتعمد حجب ملامح وجهها بجسده، لكي لا تصبح بخطر بسببهم... لماذا يهتم لهذه المرأة لهذه الدرجة ؟

لم ينقضي وقت طويل قبل أن يسمع صوت المنادي الذي صاح بصوت عالٍ " السلطان الأعظم سيدخل "

بهذه اللحظة انحنت جميع الرؤوس، و ركع الجميع إحترامًا لهذا القائد العظيم، السيد الذي وحد المملكة و نشر الأمن و الأمان، العدل و المساواة.

" إرفعوا رؤوسكم جميعًا " نطق السلطان بملامح وجهٍ جديَّة أخرس بها أيَّ همساتٍ كانت تملأ في القاعة بينما يقفُ أمام عرشه المذهَّب ثم بابتسامة لطيفة رسمها على شفتيه نطق " بدون مقدّماتٍ كثيرة سأعلن عن الإبن الذي سيخلفني و لأكون صريحًا أنا فخورٌ بكلا الأميرين و لو كان بإمكاني عدم الإختيار لما فعلت فهما الإثنان بارعان و مؤهلان تمامًا للحكم "

صمت قليلاً قبل أن يقول " بناءً على طلب الأمير أوس و الذي تنحَّى بكامل إرادته عن الخلافة سيستكملُ الأميرُ حُسام حكم هذه المملكة كالسلطان القادم "

علا صوت التصفيقٌ و الهتفات للأمير حسام الذي كان واقفً بعيدًا عن شقيقه بمسافة كبيرة و الذي فورما سمعَ ما قاله والده إلتفت لشقيقه بتفاجئ فرسم شقيقه إبتسامة واسعة يثقُ أنه إستطاع رؤيتها على الرُّغم من المسافة الكبيرة التي تفصلُ بينهما، ثم حرَّك شفتيه قائلاً " ستكون حاكمًا أفضل مني "

فتغيَّرت تعابيرُ شقيقه الذي شاركهُ بنفس ملامح الوجه و الجسد من التفاجئ إلى السعادة بينما يتقبَّلُ التهاني من الآخرين

" أيمكنني القول أن هذا كان لطيفًا للغاية " كان نوح من قال هذا لأوس الذي نطق ضاحكًا " هل تظنُّ هذا حقًا ماذا عنك مروان هل تظنُّ أن ما فعلته لطيف ؟ "

أشاح مروان بوجهه للجهة الأخرى و قال " بل غباء، تخليك عن الحكم و أنت مناسبٌ له "

حمحم أوس و نطق بنبرة متفاخرة " أجل  أعلم أنا ذكي للغاية و بارعٌ بتنظيم أمور الشعب لكن ... " خفتت نبرة صوته بينما ينطق و أعينه مسلطة على شقيقه بابتسامة
" حسام أبرع مني، في المبارزة و القتال، الخطط التكتيكية و الحروب، و أيضًا لديه مهارات إستثنائية بإقناع الآخرين و أنا أؤمنُ أنه سيكون سلطانًا عظيمًا "

ملك كانت صامتة حتى سمعت حديثه عن شقيقه بهذا الشكل، فاقشعرَّ جسدها و لوهلة إشتاقت لأشقَّائها الذين تركتهم خلفها بإحدى القرى لكي تكمل تعليمها، و عملها بمركز العلاج بالعاصمة، ربَّما يتوجَّبُ عليها حقًا أخذُ إستراحة و زيارتهم.

بعد عدَّة لحظات تبادل فيها الأميرُ أوس الحديث مع جميع من حاول الحديث معه شعر بوخزٍ مؤلم بموقع الجرح لهذا همس لنوح بأنه من الأفضل أن ينسحب الآن " مروان سنغادر الآن " قال نوح لمروان الذي كان يخوض حديثًا مع أحد التجار الكبار فالتفت إليه و حينها فقط لاحظ أن ملك لم تكن متواجدة معهم ...

" أين هي المعالجة ؟ " خرج سؤاله بشكلٍ تلقائي فرسم نوح علامات الإندهاش على وجهه بينما حدَّق به الأمير أوس بريبة قائلاً
" و لماذا تهتمُّ لأمرها، أتظنُّ أني لم ألاحظ تصرُّفاتك الغريبة منذُ بداية الحفل إعترف حالاً "

" أجل أجل أيًا يكن أين هي ؟ " نطق مروان بانزعاج فهو بنفسه لا يعرفُ السر باهتمامه بهذه المرأة، ربَّما بسبب جاذبيتها، لكن ليس هو من ذلك النوع من الرجال الذي ينجذبُ بسهولة لمثل هذه الأمور !

" ذهبت لتناول بعض الطعام هناك " أجابه نوح و هو ما يزالُ مندهشًا من صديقه بينما يشيرُ إلى طاولة طوليَّة ضخمة وضع عليها من مختلف أصناف الطعام.

لم يقل مروان أي شيء بينما ينسحبُ متجهًا لحيثُ أشار نوح فتبادل هو و الأمير نظرات خبيثة ...

صغيرهما الذي لا يهتمُّ إلا للحروب أظهر إهتمامهُ بإمرأة " هل بدأ يتحول لإنسان بمشاعر أخيرًا "

" أجل ... مروان و أخيرًا بدأ بالتحول لشخصٌ طبيعي هذه المرأة سأكون شاكرًا لها طوال حياتي " تمتم الأمير أوس 

بتلك الأثناء كانت ملك بالفعل أمام طاولة الطعام الضخمة تختارُ بعض قطع الكعك الصغيرة لتحشرها بفمها بأكثر طريقة مؤدَّبة تمتلكها، تبًا الطعامُ لذيذٌ للغاية هذا ما كانت تفكّرُ به.

ألم تخبرها كوثر أن تحتفل بمناسبة عيد ميلادها الثامن و العشرون، و هل يوجد طريقة أفضل للإحتفال من تناول الطعام ؟

شعرت ببعض الأعين تحدِّقُ ناحيتها بفضولٍ و البعض الآخر بانزعاج، أكلُّ هذا لأنها وقفت بجوار الأمير لعدَّة دقائق، أعني إنه فقط أمير الدولة الذ أنقذت حياته ... حسنًا بكلّ مرَّة تحاول إقناع نفسها أن ما حصل أمرٌ عادي ينتهي بها الأمرُ بشتمِ نفسها.

هل قامت يا تُرى بأمرٍ غير لائقٍ عندما كانت واقفة بجواره، لا تظنُّ هذا ...

مهلاً هل هذا شعورها فقط أم أنَّ الأعين التي كانت تحدّقُ بها أصبحت أكثر فجأة، ما هي المشكلة بحقّ الجحيم ألن تستطيع الإستمتاع بهذه الحفلة ربَّما الأفضل أن تغادر و تقضي أمسيتها بمكانٍ آخر ...

***   ***   ***   ***

" و بعدها بالتأكيد لم تغادري هكذا " كانت هذه كوثر التي تسألها بينما تساعدها بترتيب الأعشاب الطبية على الأرفف فقالت ملك تكملُ حديثها " لم أفعل، على ما يبدو تلك الأنظار أصبحت أكثر بسبب شخصٍ وقف خلفي ... مروان "

" إنه معجبٌ بك ! " فجأة هتفت كوثر مقاطعة حديث ملك التي هتفت هي الأخرى
" توقَّفي عن مقاطعتي بهذه الأفكار السخيفة و دعيني أكمل حسنًا ؟ "

أومأت كوثر بحسنًا بابتسامة خبيثة واسعة فاستأنفت ملك حديثها قائلة و يدها تخرجُ عدَّة علبٍ من الصنوق الكبير تحتوي على زجاجات أعشاب " بصراحة مروان ... لديه جمالٌ غريب لن أنكر، أعينه زرقاءُ و بشرته ليست بذلك السمار الذي إعتدتُ على رؤيته قد يتبيَّن للغريب أنه أجنبي "

" لماذا تمدحين مظهرهُ عوضًا عن إخباري بنفاصيل الحفل ... على الرُّغم من أني لا أمانع فعلاً " نطقت كوثر ثم ختمت حديثها بضحكة مستمتعة فأردفت ملك سريعًا " لأن كل ما حصل بعدها أنه رغب بأن يتأكَّد من أني بخير بعد ما حصل فأخبرته بنيَّتي بمغادرة الحفل مبكرًا فعرض إيصالي لعربتي "

أطلقت كوثر صفيرًا قبل أن تقول بنبرة متحمسة " يا له من رجلٍ شهم "

" توقَّفي حسنًا لم يحصل أيُّ شيء " نهرتها ملك بينما تنفضُ عن يديها الغبار و الأتربه و حينها دخلت إحدى المساعدات لغرفة التخزين قائلة " ملك لديك ضيف " رسمت كوثر إبتسامة خبيثة و قالت مازحة " هل هو رجلٌ ذو أعين زرقاء يبدو كشخصٍ أجنبي ؟ "

كانت تمزحُ بحديثها راغبةً بإغاضة صديقتها لهذا تفاجأت بشدة عندما أجابتها المساعدة باستغراب " أجل سيدٍ يدعى مروان ... كيف عرفتي ؟ "

لثوانٍ فقط تبادلت الصديقتين نظرات مظلمة قبل أن تبتسم كوثر باتساع و تلحِّن قائلة
" هل قلتُ أنه معجب إنه غارقٌ بالغرام ليأتي لرؤيتك بعد الحفل مباشرة ! "

" توقفي عن هذا لا بدَّ أن هناك سببًا آخر يتعلَّقُ بالأمير مثلاً " نهرتها ملك و كادت تخرجُ لمقابلته إلا أن كوثر صاحت تنهرها بسرعة
" ستغادرين هكذا سيصابُ بسكتة قلبية لمظهرك المزري بسرعة للسكن ... "

و لم تترك لها المجال للتذمر بينما تجذبُها خلفها

حسنًا هي بالفعل بحالة مزرية مقارنة بلمعانها و بهاء طلَّتها بالأمس في الحفل لكن لماذا أتى مروان يا تُرى ؟

.
.
.
سلام عليكم⁦♥️⁩

تخيلو انه باقي بس جزئين و أنهي الرواية، لأنه هي أساسًا تعتبر رواية قصيرة من خمس أجزاء ...