الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الثالث

                                      وداع

أمام الباب الضخم نفسه، وقف إلستر يكمل تأملاته وتساؤلاته لبعض الوقت قبل أن يتسرب إليه شعور بالضجر، مما إضطرة في اللحظات التاليه إلى أن يزرع المكان جيئة وذهابًا متأففًا يحركه الملل، إنه يكره الإنتظار، ناهيك عن ان المحيط حولة، والأجواء المرتبة المغلفة بمثالية متكلفة كانت تدفعة إلى هاوية شعورية
ملؤها وساوس مقلقة، لذلك، حاول جاهدًا أن يبقي باله منشغلًا باللوحات القليلة الضخمة التي تملؤ جداريات الممر.



وما كاد ينغمس فيها فارًا من هذه الأزمة حتى آتاه وقع خطوات خلف الباب، إختفى الصوت للحظات ثم تدخل صوت أزيز خفيف إمتزج بوقع الخطوات مرة أخرى، راقب إلستر قائده فوجده على عكس ما كان عليه تمامًا قبل دقائق،





فمانولاس الذي دخل هذه القاعه منذ قليل معتدًا بنفسة، يمشي وصدره يسبقه شجاعة وثقة حد الغرور، يخرج الآن منكس الرأس واجمًا، بل ومنخفض الصدر حد إنحناء الظهر، وكأن ثقلًا هائلًا قد إرتكز فوقه، وكأن سرًا هائلًا قد تسرب إلي داخلة، ما تراه يكون سرًا مشؤمًا يصيره هكذا في دقائق معدودة؟، تسائل إلستر، فهو لم يعهده أبدًا مهزومًا هكذا.


أسرع إليستر نحوه لأنه لم يصبر على خطوات قائده المتباطئه المتردده، فراح يسأله في عجالة عن ما وراءه؟، بعد أن سار بمحاذاته. توقف مانولاس ثم طالعة في ارتيابه المعتاد للحظات قبل أن يغمز سيفه بيسراه وينفض عن كتفه الأيسر بيمينه، ومع أنه لم يرفع ذقنه هذه المرة إلى حيث إعتاد أن يجعلها، إلا أن ذلك لم يمنع إلستر من أن يرسم على وجهه إبتسامته المعتاده،


بادله مانولاس إبتسامة متحاذقة ثم تحدث ساخرًا :

_"لقد حدثنى العجوز عن نيرانك الصديقه!"

                       *************************

رفع والتر طفله بين يديه غير مصدق، حين تأمل شعره الأبيض أحس بدوار شديد، وعندما بدت له علامات أخرى على رقبة الطفل، جثم على ركبتيه مهزومًا، مستسلمًا للكابوس البغيض الذي إستحال حقيقة الآن، وواقعًا حيًا يقلبه بين يدية.

ترك الطفل إلى جوار أمه التي لم ينقطع نحيبها، وعينها الدامعه تتابع الطفل في حسرة، في حيرة وعذاب. مضت دقائق على هذه الحال، الأم ما بين أنين متألم، او نحيب طويل تتخلله شهقات بالكاد تبقيها حيه، والأب الذي وقف متصنمًا، يتلبسه صمت مطبق،
بدا وكأن شيئًا ما يسحب منه الحياة، فيصيره شاحبًا شيئًا فشيئًا، يصيره حائرًا أكثر فأكثر، حتى أنه حين قرر أن يتحدث، بدا وكأنه قد غشيه ضرب من ضروب الجنون.


_"سنتخلص منه، سنتخلص من هذا البوكين.."

هكذا صرح بقرارة الأخير مندفعًا بجنون، وكأنه قد غادرة العقل، لكن غريس صرخت في وجهه بقوة اعادت إليه شيئاً من رشده، تأمل الطفل في آسى، وعاد ثم فكر مجددًا. فقرر أن يطمئن غريس التي وجب أن ترتاح كما ادعى، ويبدوا انه قد قرر أن يمضي في ما إنتوى فعله.

حمل الطفل بحرص، ثم خرج به إلى غرفة الجلوس، إلى حيث كانت هيلجا، وحين جال بخاطرة ما هو بصدد فعلة، وكم أنها تنتظره بشوق لم يستطع أن يمنع دموعة من الإنهمار، وفي اللحظات التاليه، أسرعت هيلجا نحوه هو والطفل، حين أوقفها فجأة مشهد والدها، وخيل إليها أنها ترى العلامات نفسها التي قرأتها على السور متجسدة في أخيها.

في البدء وقفت مشدوهة للحظات، إلى حين إستدرك عقلها الأمر،
عندها إنفجرت باكية، وإلتقطت الطفل وضمته إليها وهي تردد بإسمه متقطعًا بين دموعها،


عندما رأها والتر على هذا الحال، بهت ثم إرتبك، وحار من جديد في الأمر الذي أزمع القيام به، لكنه وبعد برهة كان شاردًا فيها، عاد ذلك الشخص المجنون إليه ليتلبسة مجددا، فسار بخطوات متمهلة مخيفة نحو الطفلين، وحين لم تطمئن الطفلة لهيئته، ولم
يبد لها خيرًا ما يخفيه في سريرته، حاولت هي الأخرى منعه، لكن صراخ الطفلة هذه المرة لم يجنى شيئًا كما فعل صراخ والدتها،
وانتزع والتر الطفل في إصرار، واستدار منطلقًا إلى الخارج في خطوات متعجلة دون أن ينبث ببنت شفه.



في مكان ليس ببعيد، كان عدد من الجند الملثمين لا يتجاوز الألف قد وصل حدود ليومنت، بالقرب من منزل والتر، وقف أبرزهم يفك لثامه، وحين إلتقط نفسًا عميقًا شد على لجام فرسة في قوة، واذ ذاك تعالى صهيل الفرس الذي راح يرفع مقدمتة مستعرضا حماسة الشديد.


بالجوار، وفي المنازل القديمة الخاوية في أقصى مكان على الحدود، كان عدد اخر من جند ليومنت المكلفين بالمراقبة مختبئين، بدا عليهم الفزع وهم يرصدون ذلك الذي فك لثامه منذ لحظات، وسرعان ما تبينوا الأمر، إنه الزعيم "إيڤان"، بشعرة  الأسود الداكن، والندبة على خده، ونظرة رصينه، توحي بأن صاحبها داهية بحق.


عند ذلك تفرق الجند جميعًا في حذر بالغ، قاصدين جانبًا من سور المملكة بالقرب، والذي كان خاضعًا للترميمات، وهو ما شجع إيڤان على إستغلال هذه الثغرة للإغارة على المملكه، ولم لا وهو قائد المرتزقة ذائع السيط.


حين وصلت الأنباء إلى السور، إستنفر ذلك الجانب من المملكة بالكامل، فكان إضطراب شديد وآجواء متوترة قد غلفا المشهد في لحظة، لكن يبدوا ان ذلك الإستنفار لم يشكل فارقًا بالنسبة للقائد إيڤان الذي كان قد بدأ تقدمة في عزيمة، ويبدوا أن شيئًا من خوف أو تردد لم يمس أحدٌ من رجالة ابدًا، كانوا قلة ربما، لكنه كان جليًا كونهم رجال حرب، وقتلة محترفين. وشجعان لا يعرفون الجبن.

                             **********************


وصل والتر إلى أعلى تلة قريبه، جلس على الأرض، وارخى الطفل الذي كان ملفوفًا في قطعة من القماش إلى جوارة، ثم راح يلتقط أنفاسه في صعوبة مغمضًا عينه، حين إذ تنبه إلى ما هو بصدد فعلة،


فأحس في نفسه حمقًا وحقارة، ودارت بخلدة صراعات مريرة، فتذكر الطفلة، هيلجا، ابنته، وهي تفصح لهما باكية منذ ايام، عن فظاعة شعورها، إن كانت هي من أصابتها تلك اللعنه، إن كان الجميع يتمنى قتلها، تذكر كلماتها، بكائها، والحياة التى عادت إليها حين حدثها عن تقبلها، وحبها كائنًا ما كانت، وأنهم لن يسمحوا لأحد أن يمسها بسوء!.

وعند ذلك الخاطر راح يتأمل الطفل في آسى، وتسائل في قرارة نفسه عن ما إذا كان مستعدًا لتقبلة فعلًا، ناهيك عن حبه أو حمايتة، كان سيل من الأفكار والمشاعر المتضاربة تتصارع في داخلة،


تذكر مشهدًا أخيرًا، كان مستندًا إلى جذع الشجرة المعهود وإلى جوارة غريس، وهيلجا تركض نحوهما، وحين وصلت إقتربت تقبل بطن أمها في حرص، عندها سألتها غريس إن كانت تحب أن تختار له إسمًا، فصاحت هيلجا في فرح عارم "لارس"، أخي لارس.


إجترت هذه الأخيرة مشهدًا غير مرغوب فيه ابدًا، لأنه وحين فكر في أنه إنتزع الطفل بقسوة من هيلجا، خيل إليه أنها رأته وحشًا مقيتًا وخائنًا، لأنه وعدها بحمايتها إن كانت في مثل هذه الحالة، فماذا عن ذلك المسكين الذي بالكاد يصرخ؟، نظر إليه في حنو نظرة أخيرة، ثم سقط مغشيًا علية.


حين إستيقظ، كانت صورة مشوشة تتضح شيئًا فشيئًا أمام ناظرة، عدد من الجند يحاوطونه، منتصبين على ظهور أفراسهم في ملابسهم السوداء، جميعهم يغطي وجهه اللثام باستثناء شخص واحد، بندبة على خدة، وشعر أسود مسترسل، بدا كقائدهم، وكان يحمل الطفل بين يدية.

_" أبعد يدك عن طفلي"
زمجر والتر مهددًا، لكن إيڤان بالكاد أعاره إنتباهة، وحين نهض والتر وهو يحدق في عينيه متحديًا لم يشعر بنفسة بعدها إلا وهو يلعق التراب بعد أن سحبه أحد الجند بسلسلة معدنية ضخمة من قدمة، تألم بشدة، لكنه حاول أن لا يفقد رباطة جأشه، وحين هم بالنهوض مجددًا أتته ركلة قوية على ظهرة، فأنكب منكسرًا ومستسلمًا،


إبتسم إيڤان, لكن عقل والتر لم يفلح في تفسير ما ينوي فعلة، عندها، قرر أن يسألة بنفسة عن ما إذا كان ينوي أن يقتل الطفل؟،

_" وأي أحمق ذاك قد يقتل ثروة كهذه؟ "
أجابه إيڤان، ثم إستل سيفه من غمدة ولوح به تجاه رقبتة، وأمرة أن ينقلع وإلا.. وأشار بسيفه مهددًا أن سوف تقطع رقبته، وكانت آثار دماء حديثة لا تزال عالقة به،


لكن يبدو أن ذلك لم يدفع والتر الذي بدا أنه يتعجل موته في تلك اللحظة إلى الإذعان، فراح يغمغم بكلام غير مفهوم، ثم نعته بالحقير والوضيع، واندفع نحوه صارخًا أن أبعد يديك القذرة عن لارس، ثم شعر بعدها بالمعدن ينسل بين عظمه ليستقر في صدرة، وألم عارم يمزقه كله.


العالم كان يدور ويدور، كل شئ مشوشًا، لكن ما دار بخلدة تلك اللحظة، المشاهد التي مرت أمام عينيه، والأحداث التي إستحضرها، كل ذلك بدا مترابطًا جدًا، متشابهًا جدًا ويبدوا كذاكرة عذاب.


خيل إليه أنه يرى هيلجا، إبنته، تبكي، بكاءًا آخر غير الذي كان آخر مرة، خيل إليه أنها واقفة إلى جوار أمها، غريس.. زوجته، واقفتان تبكيانه، ينعياه بدموع مشفقة، ولكم طمأنه ذلك الخاطر، فهيلجا لن تبكي خيانته بعد الآن، بل ستبكي بدلًا عنها شجاعته، ودفاعه عن "لارس"، حتى أخر رمق.


حينها، إبتسم راضيًا، وألقى نظرة خاطفة على الطفل فأصابه شئ من الآسى والحزن، وراح في نوم آبدي.













© hassan ,
книга «بوكيــن».
الفصل الرابع
Коментарі
Упорядкувати
  • За популярністю
  • Спочатку нові
  • По порядку
Показати всі коментарі (9)
hassan
الفصل الثالث
@Manar Elabd 😂😂😂😂💔 انتي جاوبتي نفسك باين 😂💔.. ⁦🙏🏻⁩ عيطتي علشان هو دا المطلوب يفندم 😂🌸.. كل شابتر وانتوا متأثرين .. مش لازم معيطين لا 🚶😂
Відповісти
2020-08-05 17:16:23
1
hassan
الفصل الثالث
@چِينَا اخدت بالي 😂💙💙💙
Відповісти
2020-08-05 17:16:45
1
hassan
الفصل الثالث
@Jana Walied 😰💔💔 انا عملت ايه 🙄😂💔 🥺⁦🌸 سوري ع الاحزان
Відповісти
2020-08-05 17:18:45
1