Chapter Four: وجه جديد في الظلال
مرت الأسابيع منذ أن أصبح ليو "لعبة" ديمون، وتعمق خضوعه له. أصبحت حياته الآن مقسمة بين عالم نادي الليسيوم المظلم، حيث كانت كل نبضة ألم متعة غريبة وكل لمسة تأكيداً على ملكية ديمون، وبين روتين حياته الجامعية الذي بدا باهتاً وخالياً من المعنى مقارنةً بالشدة التي يختبرها. كان عقله قد استسلم تماماً لسلطة ديمون، فقد اختار هو أن يكون ملكاً لديمون.
في غرفة ديمون الخاصة، كانت الأضواء خافتة، والجو مشحونًا بالتوتر والترقب. كان ليو مقيدًا إلى عمود خشبي صلب، ذراعاه ممتدتان فوق رأسه، جسده مكشوف جزئياً، وعيناه مثبتتان على ديمون الذي كان يقف أمامه، يمسك سوطًا جلديًا رفيعًا.
"ليو،" بدأ ديمون بصوت عميق وهادئ، يتردد صداه في الغرفة. "لقد تدربت جيدًا. هذا الصباح، رأيت لمحة من التردد في عينيك. تذكر، أنت ملكي."
ارتعش جسد ليو. "نعم، سيدي." خرج صوته بالكاد، ممزوجًا بشهوة الألم التي يعرفها جيدًا.
تقدم ديمون خطوة. "الولاء ليس مجرد كلمات، ليو. إنه فعل. هذه هي أول درجة من التذكير بملكيتي. تأكيد على أنك لي، بالكامل." ثم رفع السوط ببطء. "لنتعمق في خضوعك."
ارتجف ليو، لكنه لم يجرؤ على إغماض عينيه. رأى السوط يهوي في الهواء قبل أن يهبط بقوة على ظهره العاري. "آه!" صرخ ليو، وتشنج جسده بالكامل. كان الألم حادًا، كحريق بارد انتشر عبر جلده.
"ألم؟" سأل ديمون، وصوته لا يزال هادئًا بشكل لا يصدق. "هل تستمتع بالألم يا ليو؟"
كان ليو يلهث، يتأوه من اللسعات المتكررة. "أكثر... سيدي... آه!" خرجت الكلمة الأخيرة كصراخ ضعيف، ممزوج بنشوة غريبة بدأت تتسرب إليه. "أرجوك... لا تتوقف..."
ابتسم ديمون ابتسامة خبيثة. "كما تريد، لعبتي. كل صرخة منك تؤكد ملكيتي."
بينما كان ليو يغوص في عالمه المظلم، كان جوليان يتألق في عالمه الخاص. بصفته الرئيس التنفيذي لشركة بليك إنفستمنتس، كان جوليان في قلب عاصفة مالية، يثبت جدارته كقائد استثنائي. لم يكن حضوره مبنياً على القوة الجسدية أو التهديد الخفي، بل على هدوء أعصابه وذكائه الفائق وقدرته على رؤية أبعد من الأرقام، نحو التأثير البشري للقرارات. كان مكتبه في الطابق العلوي لناطحة سحاب زجاجية يطل على أضواء المدينة المتلألئة، كأنه مركز قيادة لإمبراطورية بُنيت على البصيرة والدقة.
في هذا اليوم، كانت الأسواق المالية تترنح تحت ضربة فضيحة تلاعب كبيرة هزت القطاع التكنولوجي، وهددت بسحب العديد من الشركات، بما في ذلك إحدى الشركات الكبرى التي كانت "بليك إنفستمنتس" تستثمر فيها بكثافة. كانت الشاشات في مكتبه تعرض مؤشرات حمراء تومض بشكل جنوني، والمكالمات الهاتفية لا تتوقف. كان صدى الهلع يتردد في كل قسم بالشركة. بينما كان مستشاروه وكبار المديرين التنفيذيين يتنقلون في حالة من التوتر الواضح، يقترحون خططًا دفاعية يائسة أو انسحابات سريعة قد تؤدي إلى خسائر فادحة، بقي جوليان هادئًا بشكل يثير الدهشة.
جلس جوليان على كرسيه الجلدي الأسود، يده اليسرى تدلك ذقنه الخفيف، وعيناه البندقيتان الثاقبتان مثبتتان على شاشات البيانات المعقدة. كان يستمع إلى التحليلات المتسارعة، الأرقام التي تتدفق، لكنه كان يبحث عن نمط، عن نقطة ضعف، عن فرصة. كان الهدوء الذي يحيط به أشبه بهالة، تبدد بعضاً من التوتر في الغرفة. لم تكن قيادته صراخاً أو أوامر قاسية، بل كانت ثقة هادئة تنتقل إلى فريقه.
"هدوء أيها السادة،" قال جوليان بصوت منخفض، لكنه حمل ثقلاً جعل الجميع يصمتون. "الذعر هو أسوأ مستشار. لن نتخذ قرارات متهورة. أعطوني صورة كاملة عن حجم التعرض، ليس فقط لشركتنا، بل للسوق بأكمله. أريد أن أعرف من هي الشركات التي ستتأثر بشدة ومن هي التي لديها فرصة للنجاة."
بعد لحظات من الصمت، بدأ كبير المحللين الماليين، السيد مارشال، يقدم تقريره بتوتر. "سيدي، الوضع حرج. الشركة المستهدفة، 'سايبركس'، تتهاوى. أسهمها في انهيار حر، وهناك دعوات كثيفة لسحب الاستثمارات. إذا لم ننسحب الآن، قد نخسر جزءاً كبيراً من استثماراتنا."
رفع جوليان يده لوقف مارشال. "وماذا عن الشركات المنافسة لـ'سايبركس'؟ التي لم تتورط في الفضيحة؟"
"هم... إنهم يستفيدون حاليًا، ولكن هناك مخاوف من أن يتسبب الانهيار العام للسوق في سحبهم أيضاً،" أجاب مارشال، مستغرباً هذا السؤال في خضم الأزمة.
ابتسم جوليان ابتسامة خفيفة، ابتسامة ثقة أكثر منها ترف. "هذا هو بيت القصيد. الناس يبيعون في حالة ذعر. لكن هذا الذعر يخلق فرصًا لا تتكرر إلا مرة واحدة في العمر. "سايبركس" قد تكون انتهت، ولكن الشركات النظيفة التي تعمل في نفس القطاع ستنمو بسرعة لملء الفراغ. سنحول خسائرنا المحتملة إلى استثمار."
كانت خطته جريئة، ومخالفة لكل نصيحة تقليدية: بدلاً من الانسحاب، سيقوم بالاستحواذ. سيستغل حالة الهلع لشراء حصص في الشركات المنافسة لـ"سايبركس" التي كانت أسهمها تتأثر بالذعر العام، ولكنها في الواقع كانت قوية ونظيفة. كانت خطوة محفوفة بالمخاطر، لكنها أظهرت رؤيته الثاقبة وقدرته على التفكير خارج الصندوق تحت أقصى الضغوط.
"لن نبيع شيئاً،" أعلن جوليان، وصوته هادئ لكنه يحمل قوة لا جدال فيها. "بل سنشتري. سأعطيكم قائمة بالشركات التي سنستهدفها. ابدأوا في التحضير للاستحواذ فوراً. أريد أفضل المحامين وأفضل المستشارين الماليين على استعداد. هذه هي فرصتنا لإعادة تشكيل القطاع التكنولوجي، وجعل "بليك إنفستمنتس" قوة لا يستهان بها."
كانت كلماته بمثابة صدمة كهربائية في الغرفة. اختفى التوتر ليحل محله إحساس بالدهشة والإعجاب. لقد رأوا قائداً حقيقياً لا ينهار تحت الضغط، بل يرى الفُرص حيث يرى الآخرون الدمار. كانت هذه هي قوة جوليان الحقيقية، قدرته على تحويل الأزمة إلى انتصار، وعلى إلهام فريقه لتحقيق المستحيل. في عالم الأعمال، لم يكن هناك من يضاهي جوليان بليك في براعته وذكائه الاستراتيجي.
في الجامعة، حيث كان يدرس الصحافة في أوريليا بالولايات المتحدة الأمريكية، كان ليو يتحرك كشبح. أضواء القاعات الساطعة وثرثرة الطلاب بدت وكأنها تأتي من عالم آخر، عالم لم يعد ينتمي إليه تماماً. لم تكن دراسته تثير فيه الشغف الذي كان يحركه سابقاً؛ أصبحت مجرد حركات آلية، مهرباً مؤقتاً من الفراغ الذي يخلفه غياب ديمون، أو من جاذبية وجوده. كان يحاول التركيز في المحاضرات، يكتب الملاحظات، ويجيب على الأسئلة، لكن جزءاً كبيراً من وعيه كان لا يزال محتجزاً في عالم ديمون، يسترجع اللمسات، الكلمات، والإحساس بالامتلاك.
في أحد الأيام، وبينما كان يغادر محاضرة عن أخلاقيات الصحافة مع البروفيسور ميلر، غارقاً في أفكاره حول كيف أن حياته الشخصية قد تحولت إلى تجربة مكثفة في فن السيطرة والخضوع، اصطدم بشخص ما عند منعطف الممر. تبعثرت الأوراق من يديهما على الأرض.
"آسف جداً!" قال صوت ناعم، يحمل نبرة رقيقة لكنها قلقة. "لم أنتبه لك أبداً!"
رفع ليو رأسه ليرى شاباً يقف أمامه، ذا شعر بني فاتح جداً يتدلى على عينيه البنيتين الواسعتين، وبشرة شاحبة كالثلج، وابتسامة خجولة ترتسم على شفتيه الرفيعة. كانت ملامحه دقيقة وناعمة، تذكر ليو بجمال القصص الخيالية. بدا وديعاً، ومنفتحاً بشكل يثير الدهشة، ومليئاً ببريق هادئ، وهو ما كان نادراً في عالم ليو الحالي. بدأ الشاب بجمع الأوراق المتناثرة بسرعة، وحركاته تتسم برشاقة كادت تكون أنثوية.
"لا بأس،" تمتم ليو، وهو ينحني للمساعدة. "أنا أيضاً لم أنتبه."
"أنا دومينيك،" قال الشاب، وهو يمد يده الرقيقة بعد أن جمع الأوراق وقدمها لليو. "أنت في محاضرة البروفيسور ميلر، أليس كذلك؟ أعتقد أننا في نفس الفصل."
صافح ليو يد دومينيك، كانت يده ناعمة وباردة قليلاً، على عكس قبضة ديمون القاسية التي اعتاد عليها. "أنا ليو. نعم، في نفس الفصل."
ابتسم دومينيك بخجل. "رائع! لم أرك من قبل. هل أنت جديد في هذا القسم؟"
هز ليو رأسه. "لا، كنت هنا منذ فترة." لقد كان ليو يميل إلى البقاء غير مرئي قدر الإمكان، وهو ما يفسر عدم ملاحظة دومينيك له.
"حسناً، سعيد بمعرفتك يا ليو!" قال دومينيك بصوت ناعم، وعيناه البنيتان تلمعان بفضول حقيقي، خالٍ من أي حكم. "أنا أكتب مقالاً عن طلاب الصحافة الذين يفضلون البقاء في الظل. ربما يمكنني مقابلتك يوماً ما؟"
شعر ليو بلسعة مفاجئة. الظل. كلمة "الظل" كانت تتردد في ذهنه، مرتبطة بديمون. لقد كان يعيش في الظل بالفعل. لكن، فكرة أن يكون محور اهتمام شخص آخر، شخص خارج عالم ديمون، شخص نقي ووديع كدومينيك، كانت غريبة ومربكة. قبل أن يتمكن من الرد، رن هاتف ليو. كان اسم "ديمون" يضيء الشاشة.
تحولت تعابير وجه ليو في لحظة، من الارتباك إلى تصلب خفي، وترقب خاضع. لاحظ دومينيك التغير في وجه ليو، لكنه لم يعلق، بل انسحب بخطوات هادئة إلى الخلف.
"عليك أن تذهب، أليس كذلك؟" قال دومينيك، نبرته تحمل فهماً مفاجئاً، وعيناه تعكسان بعض الحيبة الخفيفة. "حسناً، نلتقي في المحاضرة القادمة، ليو. وربما... سنتحدث أكثر."
ابتعد دومينيك، بينما أجاب ليو على الهاتف، صوته منخفض وخاضع. "نعم، سيدي..."
كان صوت ديمون على الطرف الآخر بارداً وواضحاً، يقطع صخب الجامعة المحيط بليو. "ليو، هناك حدث خاص في الليسيوم الليلة. حضورك إلزامي. ستكون هناك في غضون ساعة، مرتدياً ما أخبرتك عنه." لم يترك ديمون مجالاً للنقاش، أو حتى لطرح الأسئلة. كان الأمر أمراً، لا دعوة. كانت نبرته تحمل توقّعاً بأن ليو سيطيع دون تردد، تأكيداً لملكيته المطلقة.
شعر ليو بقبضة غير مرئية تضيق على قلبه. لقد انتهى وقته القصير في عالم "الطبيعيين" مع دومينيك، قبل أن يبدأ بالفعل. كان هذا يذكره بأنه لم يعد هو نفسه القديمة، وأن حياته تتباعد عنه أكثر فأكثر، مع كل يوم يمر تحت سيطرة ديمون. ارتداء الملابس التي حددها ديمون لم يكن مجرد تغيير للملابس، بل كان تحولاً في الهوية، خلعاً لجلد ليو القديم وارتداءً لجلد "اللعبة".
عند وصوله إلى نادي الليسيوم، كانت الأجواء مختلفة قليلاً عن الليالي المعتادة. كانت الموسيقى أكثر حيوية، والأضواء الخافتة تلون المكان بلمسة احتفالية، رغم بقاء الظلال سيدة الموقف. كانت هناك فقاعات فضية تطفو في الهواء، وزهور داكنة تزين بعض الأركان، ورائحة خفيفة من الشمبانيا الحلوة تمتزج برائحة الجلد والعرق المعتادة. كان هذا حدثاً خاصاً، وليس مجرد ليلة عادية من ليالي نادي الليسيوم.
تتبع ليو الأنظار إلى قلب الحشد، حيث كانت الأصوات تتجمع. في المنتصف، رأى ثنائياً يبرز عن البقية. رجل مهيمن ذو حضور قوي كان يحتضن امرأة خاضعة، تتألق عيناها وهي تضحك بخجل. كانت ترتدي ثوباً أنيقاً يبرز منحنيات جسدها، بينما هو يرتدي بدلة داكنة تزيده وقاراً. كان الاحتفال بعيد ميلادها، وهو ما كان واضحاً من الهتافات والتهاني التي وجهها إليهما الحاضرون. كانت علاقتهما تبدو وكأنها مزيج من السيطرة العميقة والمودة الحقيقية؛ لقد كانا يتواعدان، وعلاقتهما أخذت شكلاً رومانسياً إلى جانب ديناميكية BDSM.
راقب ليو المشهد، وشعر بمزيج من الارتباك والفضول. لم يكن هذا مجرد عرض للقوة، بل كان احتفالاً بالترابط، بالحب بطريقة غريبة ومظلمة. هل هذا ما تعنيه العلاقة بين المهيمن والخاضع؟ هل يمكن أن يكون هناك جانب "مواعدة"؟ كان عالمه مع ديمون قاسياً، مباشراً، يتعلق بالامتلاك فقط. لم يكن فيه مكان لمثل هذا الاحتفال العلني بالارتباط العاطفي.
شعر ليو بلمسة قوية على ظهره. استدار ليجد ديمون يقف خلفه، وجهه كالمعتاد خالياً من أي تعبير، لكن عينيه الرماديتين تراقبان ليو بتقييم. كان ديمون يرتدي قميصاً حريرياً داكناً يبرز عضلاته، وبنطالاً جلدياً ضيقاً، مما أضاف إلى هيبته.
"لقد وصلت،" قال ديمون بصوت منخفض، غير مهتم بأي أعذار محتملة للتأخير. "كنت أتساءل ما الذي أخرك. لا أحب الانتظار، ليو."
"لم أتأخر، سيدي،" رد ليو بسرعة، صوته كان يرتعش قليلاً تحت نظرة ديمون الثاقبة.
أومأ ديمون ببطء، وعيناه لا تفارقان ليو. "هذه الليلة مختلفة. إنها احتفال بالوفاء. ستكون بجانبي، وستظهر لي الولاء المطلق الذي أدربك عليه. هل تفهم؟"
"أفهم، سيدي،" همس ليو، وتوترت كل عضلاته. لم يكن هذا مجرد حضور، بل كان عرضاً. وكان ليو القطعة المعروضة.
سحب ديمون ليو أقرب إليه، ووضع يده على خصره بقوة، وكأنما يثبت ملكيته أمام الجميع. كانت نظرات ديمون تتبع ليو بدقة، وتتعمق فيها، وكأنه يرى أي أثر للتردد أو التفكير في اللقاء الأخير مع دومينيك، أو حتى ذكرى جوليان. كان ديمون يفرض نفسه بشكل لا لبس فيه.
في زاوية بعيدة، في شبه الظل، كان جوليان يراقب كل شيء. لم يكن قد خطط للمجيء إلى نادي الليسيوم هذه الليلة، لكن قلقه على ليو دفعه للعودة. الآن، كل كلمة، كل إيماءة، كل لمسة من ديمون لليو كانت تصرخ بالحقيقة المرعبة. لقد رأى كيف شد ديمون ليو إليه، وكيف استجاب ليو بطاعة شبه آلية. كانت عينا جوليان البندقيتان ضيقتين، تراقبان المشهد بتركيز مؤلم. لقد أدرك الأمر أخيراً، بشكل لا لبس فيه: ليو كان يستسلم بالكامل، ويتقبل هذه الديناميكية عن طيب خاطر. لم يكن يُدفع، بل كان ينغمس، ليصبح لعبة شخصية لديمون. كان الخضوع في حركاته، وتلك المتعة الغريبة في عينيه، أكثر من مجرد تمثيل لدور. لقد كان يختار أن يكون محاصراً.
بينما كان ليو يحاول إظهار الولاء المطلق الذي يطلبه ديمون، كان الأخير يمسك به بضيق، ويوجهه عبر الحشود، وكأن ليو امتداد له، ليس فرداً مستقلاً. كانت عيون المهيمنين الأخرى تلتهم ليو، تراقبه كعنصر جديد ومثير للاهتمام في ملكية ديمون.
بعد فترة بدا وكأنها طويلة بلا نهاية، شعر ليو بحاجة ملحة للابتعاد، حتى لو لبضع دقائق. احتاج إلى استراحة من نظرات ديمون، ومن أعين الحشود، ومن عبء دوره الجديد. رفع رأسه ببطء نحو ديمون، وعيناه تبحثان عن الإذن بصمت.
"سيدي،" همس ليو، صوته بالكاد مسموع وسط الضجيج. "هل لي أن أستأذن للحظة؟"
نظر ديمون إلى ليو، وعيناه الرماديتان تخترقان روحه، وكأنه يزن طلبه. ثم أومأ ببطء، لمسة سريعة على فك ليو كانت بمثابة إذن. "لا تتأخر، ليو."
"نعم، سيدي،" أجاب ليو، وانسلّ مبتعدًا بسرعة.
توجه ليو نحو الحمامات، وكل خطوة كانت وكأنها تخفف قليلاً من الضغط الذي يشعر به. أغلق الباب خلفه، واستند إليه، وأخذ نَفَساً عميقاً. كانت الأضواء هنا أكثر سطوعاً، والصمت النسبي يلف المكان. نظر إلى انعكاسه في المرآة، لم يعد يتعرف على نفسه القديمة. عيناه كانتا تحملان كثافة جديدة، وابتسامته أصبحت أكثر عمقاً وغموضاً.
لم تمر سوى لحظات قليلة حتى فُتح الباب ببطء. التفت ليو بسرعة، ليرى جوليان يدخل الحمام، يغلق الباب خلفه بهدوء. كانت عينا جوليان البندقيتان مليئتين بالقلق، تتفحصان ليو من رأسه حتى أخمص قدميه.
"كيف صحتك يا ليو؟" قال جوليان بصوت منخفض وعاجل.
"أنا بخير يا جوليان،" رد ليو بصوت خالٍ من أي اهتزاز، عيناه تابعتان انعكاسه في المرآة دون أي تغيير. لم تظهر على وجهه أي علامات ارتباك أو صراع.
تنهد جوليان بعمق، ونظرة الأسف تملأ عينيه. "رقمي معك. إذا احتجت للمساعدة، تعلم أين تجدني."
مع هذه الكلمات الأخيرة، ألقى جوليان نظرة أخيرة على ليو. استدار وخرج من الحمام بهدوء، تاركاً ليو وحيداً في الصمت الثقيل.
وقف ليو للحظة، جسده متصلب. أخذ ليو نفسًا عميقًا، ونظر إلى انعكاسه في المرآة.
"أنا اخترت أن أكون لعبة ديمون،" همس ليو لنفسه. "يجب أن أكون لعبة لديمون. أنا أحب أن أكون خاضعًا، مستمتعًا بالألم. هذا كل شيء." كانت هذه الكلمات دفاعه الأخير، محاولته لتقليص العلاقة إلى مجرد ديناميكية شهوانية، بعيدة عن أي مشاعر أو تبعات عاطفية. "جوليان ليس حبيبي أو أي شيء. مجرد معرفة بسيطة. هذا كل شيء."
مع تنهيدة أخيرة، غادر ليو الحمام وعاد إلى ضجيج نادي الليسيوم المليء بالدماء والغموض. كانت عيناه تبحثان عن ديمون تلقائياً، كأنما خيط غير مرئي يربطه بسيده. رآه واقفاً على بعد أمتار قليلة، يتحدث بهدوء مع مهيمن آخر، لكن نظرة ديمون الثاقبة التقطت ليو على الفور. تحولت عينيه الرماديتان إلى ليو بنظرة تقييم هادئة، وكأنه يقرأ كل فكرة تدور في رأسه.
تقدم ليو بخطوات ثابتة نحو ديمون، يعود إلى مكانه بجانبه، جاهزاً لأي أمر قد يلقيه عليه. كان الليل لا يزال طويلاً، وكانت الاختبارات للولاء لم تبدأ بعد.
عندما وصل ليو إلى جانب ديمون، كانت الكلمات الأولى التي خرجت من فم الأخير باردة ومباشرة، تخترق ضجيج الموسيقى. كان صوت ديمون عميقًا وثقيلًا، يحمل نبرة لم يخطئها ليو: نبرة التساؤل والتهديد الخفي.
"هل تحدثت معه؟" سأل ديمون، وعيناه الرماديتان مثبتتان على ليو، لا تفارقان وجهه، وكأنه يرى ما حدث في الحمام بوضوح.
شعر ليو بضربة قلب قوية. كان صوت ديمون، الذي كان يثير فيه الشهوة عادةً، الآن يثير توتراً عميقاً. تذكر كلماته لنفسه للتو: "مجرد معرفة بسيطة." ليو لم يرفع عينيه ليلتقي بنظرة ديمون، بل ثبت بصره على نقطة ما على قميصه الأسود الداكن.
"لا، سيدي،" أجاب ليو، صوته خرج أكثر حزماً مما توقعه، لكنه كان لا يزال يرتعش قليلاً. "لم نتحدث."
لم يبتسم ديمون، ولم يرفع صوته. لكن قبضته على خصر ليو اشتدت بشكل طفيف، لمسة خفية كانت أشبه بتحذير. كانت عيناه الرماديتان تخترقان ليو، لا تقبلان الإجابة ببساطة، وكأنه يرى الحقيقة. لم يقل شيئًا آخر عن الأمر، بل استدار قليلاً، وسحب ليو معه، مانحًا إياه نظرة أخيرة حادة. كانت النظرة تحمل وعداً بعواقب غير معلنة، وكأن ديمون يخبر ليو بأنه يعلم الحقيقة، وأن الوقت المناسب للعقاب سيأتي.
"حان وقت اللعب، ليو،" قال ديمون فجأة، صوته يحمل نبرة تهديد لم تكن واضحة للحشود، لكنها كانت تخترق ليو كشفرة باردة. بدأ ديمون يسحب ليو عبر الحشود، متجهاً نحو جزء أكثر عزلة من النادي، حيث كانت الموسيقى تخفت قليلاً وتتغير الأجواء.
كانت هذه هي غرفة اللعب، حيث يتجمع المهيمنون والخاضعون لممارسة طقوسهم الأكثر حميمية وعلنية. الأضواء هنا كانت أشد خفوتاً، والزوايا مظلمة، لكن في المنتصف، كانت هناك مساحة مفتوحة، تُجهز عادة لمثل هذه العروض. كانت بعض المقاعد الجلدية موجودة، وبعض الأدوات الموزعة بعناية على طاولة جانبية.
سحب ديمون ليو إلى مركز هذه المساحة. كانت هناك منصة منخفضة، وأمر ديمون ليو بالجلوس عليها. نظر ليو إلى الأدوات، وشعر بقشعريرة تجري في عموده الفقري عندما رأى شمعة حمراء سميكة وبعض الأدوات الأخرى. لقد فهم. كان هذا عقاباً. كان هذا تأكيداً للسيطرة.
كانت عيون المهيمنين والخاضعين الآخرين تتجمع حولهم، بعضهم بفضول، وبعضهم بنظرات خالية من التعبير، كأنهم يشاهدون عرضاً روتينياً. لم يكن هناك أي شعور بالشفقة في تلك العيون، فقط توقع لحدث مثير.
أمسك ديمون بشمعة حمراء طويلة ورفيعة، كان لهيبها يرقص بهدوء في الأجواء الخافتة. كانت رائحة الشمع الدافئة تمتزج برائحة النادي. "الليلة، سنرى مدى ولائك، ليو،" همس ديمون، صوته كان أقرب للتهديد. "هذا لأجلي، ولأجلك."
بدأ ديمون يميل الشمعة ببطء، وتراقبت عينا ليو الشمع الساخن وهو يتجمع على طرف الفتيل قبل أن يسقط قطرةً تلو الأخرى على جسد ليو المكشوف، بدءاً من صدره، ثم على فخذيه الداخليين، على الرغم من ملابس ليو التي كُشفت لهذه الغاية. كان الشمع ينزل على جلد ليو، يلسعه ويحرق بقعاً حمراء صغيرة. لم تكن مجرد لسعات، بل كانت علامات، تأكيداً لملك ديمون.
"آه!" شَدَّ ليو أنفاسه، وخرجت صرخة حادة ومكتومة، ممزوجة بلهثٍ متقطع. "آه... سيدي!" انقبض جسده، يتلوى ويتجعد من الإحساس القوي الذي كان يمزقه. لم يكن هذا الألم المتعة الملتوية التي كان يشتهيها أحياناً في خلوته. كان هذا ألماً حقيقياً، حارقاً، ومذلاً أمام أعين الآخرين. كان يتنفس بصعوبة، يشد قبضتيه على الفراغ، بينما قطرات العرق الباردة تتشكل على جبينه.
في زاوية بعيدة، في شبه الظل، كان جوليان لا يزال يراقب، وكل صرخة من ليو كانت كخنجر يطعن قلبه. رأى كيف كان ليو يتلوى، وكيف كانت عيناه مغمضتين من شدة الوجع، وكيف كانت يد ديمون لا ترحم. كان الألم الذي يشعر به ليو واضحاً تماماً على وجهه.
مرت الدقائق ببطء، وكل قطرة شمع كانت تزيد من عذاب ليو. لكن بعد لحظات، حدث شيء غريب. بدأ جسد ليو، ببطء شديد، يتكيف مع الإحساس. الألم لم يختفِ، بل تحول، أو ربما وجد مكانه في إيقاع جديد. انفتحت عينا ليو، ولم تعد تحملان تعبير الألم النقي وحده، بل مزيجاً غريباً من التركيز والتوق.
ثم، في لحظة مفاجئة، وبصوت خافت بالكاد يرتفع فوق ضجيج الموسيقى، قال ليو، وعيناه مثبتتان على ديمون، ونبرته تحمل مزيجاً من الرغبة والألم: "أكثر... سيدي. آاااه... أحتاج المزيد من الألم... أرجوك... لا تتوقف!" خرجت الكلمة الأخيرة كتنهيدة طويلة، تحمل إطلاقاً غريباً.
لمعت عينا ديمون الرماديتان بلحظة رضا خفية، كأنما تحققت توقعاته. لقد تم تدريب ليو بنجاح.
أما جوليان، فقد شعر وكأن العالم قد توقف عن الدوران. الكلمات التي سمعها، وتلك النبرة التي حملت الرغبة، كانت أسوأ من أي ألم جسدي. لقد رأى ليو يطلب المزيد من سيده. لم يعد هناك أي شك: ليو لم يكن مجرد خاضع، بل أصبح متلذذًا بالألم، وهذا ما دمره أكثر من أي مشهد آخر.
ارتسمت ابتسامة جانبية خبيثة على شفاه ديمون. لم تكن ابتسامة سعادة، بل انتصار. التفتت عيناه الرماديتان، ببطء متعمد، نحو زاوية الغرفة حيث كان جوليان يقف. كانت نظرات ديمون مليئة بالرضا الخالص والشماتة، وكأنه يرسل رسالة صامتة لجوليان: "انظر ما فعلته. هذا هو لك. هذا هو ملكي الآن."
لكن جوليان لم يتحرك. لم يغادر. وقف في زاويته المظلمة، يراقب كل شيء، كل لمسة، كل صرخة، كل وميض من الألم أو المتعة في عيني ليو. أراد أن يغادر، أن يهرب من هذا المشهد الذي يحطم روحه، لكن شيئًا ما أبقاه متجمدًا في مكانه. ربما كان الأمل الواهي، أو الألم الذي كان يربطه بليو، أو مجرد الصدمة التي شلّت حركته. كان يراقب بصمت مؤلم، يشعر بالعجز يلفه بينما يرى ليو يغوص أعمق في عالم ديمون المظلم.
بينما كان ليو غارقاً في عالمه الخاص من الألم والمتعة. استمر ديمون في عمله، كل قطرة شمع كانت تجعل جسد ليو ينتفض ويئن، ويطلب المزيد، وصوته يمتلئ بالرغبة غير المنقاة. كانت عيون المهيمنين والخاضعين الآخرين مثبتة عليهم، والبعض يهمس بتقدير، والبعض الآخر يكتفي بالمراقبة الصامتة.
ابتسم ديمون ابتسامة خبيثة، عيناه الرماديتان تشعان ببريق مظلم. لقد وصل ليو إلى النقطة التي أرادها تماماً. شعر ديمون كيف أن ليو كان قريبًا من الانهيار، ليس من الألم، بل من المتعة الصارخة التي كانت تتجمع بداخله.
وفي لحظة، توقف ديمون عن تقطير الشمع. انحنى ببطء، عينيه مثبتتين على ليو، الذي كان يلهث، جسده يرتجف. ثم، دون أي كلمة، أمسك ديمون بجزء ليو الخاص وبدأ يمنحه متعة شديدة، ببطء في البداية ثم بوتيرة متزايدة. انحنى ديمون أكثر، ليقدم له مصًا عميقًا ومسيطرًا.
"آاااه... سيدي!" صرخ ليو، صرخته هذه المرة لم تكن من الألم النقي، بل من مزيج قاسٍ من الإذلال الشديد والنشوة الطاغية. انحنى ظهره، مائناً ومغرغراً، بينما انغمست أصابعه في شعر ديمون الداكن. كان جسده يهتز بشكل لا إرادي، ويشتعل تحت لمسات سيده. كان كل شيء قد اختفى، لم يعد هناك سوى ديمون، والألم، والمتعة التي انفجرت بداخله في عرض كامل أمام أعين النادي بأكمله. كانت أنفاسه لاهثة، وصرخاته تتعالى، كل واحدة تحمل مزيجاً من الخضوع والشهوة الجامحة.
"آااه... ديمون... نعم! آااه... سيدي..." كانت شفتاه ترتعشان، عيناه مغمضتين، وغرق بالكامل في الإحساس. لم يعد يسمع شيئًا سوى صوت أنفاسه وضربات قلبه المتسارعة، وصوت ديمون الذي يهمس بكلمات لم يستطع فهمها، لكنها كانت تزيد من اشتعاله.
واصل ديمون عمله، وجهه خالٍ من التعبير، لكن عيناه كانتا تراقبان رد فعل ليو باهتمام. كان كل شيء يسير وفق خطته. كان ليو يرتجف، يهتز، ويشد قبضتيه على شعر ديمون بقوة متزايدة. ثم، مع صرخة أخيرة مكتومة، "آااااااااه!" قذف ليو بعمق داخل فم سيده، اجتاحه الانتشاء تماماً، وارتعش جسده بقوة أخيرة عنيفة، منهكاً تماماً.
انخفض جسد ليو المتشنج، وسقط على المنصة، يتنفس بصعوبة، جسده مرهق، وعقله فارغ إلا من بقايا النشوة الممزوجة بالخزي العميق. بقي ديمون للحظة، ينظر إلى ليو بملكية تامة، ثم ابتسم ابتسامة خفيفة، انتصاراً لا لبس فيه.
"عمل جيد يا ليو،" قال ديمون بصوت خفيض لكنه مسموع، وعيناه مثبتتان على ليو المنهك. "لقد أثبت لي صحة ظني. أنت لعبتي الشخصية."
يتبع.......
إذا أعجبكم الفصل لا تنسو تحطو فوت و كومنتس
في غرفة ديمون الخاصة، كانت الأضواء خافتة، والجو مشحونًا بالتوتر والترقب. كان ليو مقيدًا إلى عمود خشبي صلب، ذراعاه ممتدتان فوق رأسه، جسده مكشوف جزئياً، وعيناه مثبتتان على ديمون الذي كان يقف أمامه، يمسك سوطًا جلديًا رفيعًا.
"ليو،" بدأ ديمون بصوت عميق وهادئ، يتردد صداه في الغرفة. "لقد تدربت جيدًا. هذا الصباح، رأيت لمحة من التردد في عينيك. تذكر، أنت ملكي."
ارتعش جسد ليو. "نعم، سيدي." خرج صوته بالكاد، ممزوجًا بشهوة الألم التي يعرفها جيدًا.
تقدم ديمون خطوة. "الولاء ليس مجرد كلمات، ليو. إنه فعل. هذه هي أول درجة من التذكير بملكيتي. تأكيد على أنك لي، بالكامل." ثم رفع السوط ببطء. "لنتعمق في خضوعك."
ارتجف ليو، لكنه لم يجرؤ على إغماض عينيه. رأى السوط يهوي في الهواء قبل أن يهبط بقوة على ظهره العاري. "آه!" صرخ ليو، وتشنج جسده بالكامل. كان الألم حادًا، كحريق بارد انتشر عبر جلده.
"ألم؟" سأل ديمون، وصوته لا يزال هادئًا بشكل لا يصدق. "هل تستمتع بالألم يا ليو؟"
كان ليو يلهث، يتأوه من اللسعات المتكررة. "أكثر... سيدي... آه!" خرجت الكلمة الأخيرة كصراخ ضعيف، ممزوج بنشوة غريبة بدأت تتسرب إليه. "أرجوك... لا تتوقف..."
ابتسم ديمون ابتسامة خبيثة. "كما تريد، لعبتي. كل صرخة منك تؤكد ملكيتي."
بينما كان ليو يغوص في عالمه المظلم، كان جوليان يتألق في عالمه الخاص. بصفته الرئيس التنفيذي لشركة بليك إنفستمنتس، كان جوليان في قلب عاصفة مالية، يثبت جدارته كقائد استثنائي. لم يكن حضوره مبنياً على القوة الجسدية أو التهديد الخفي، بل على هدوء أعصابه وذكائه الفائق وقدرته على رؤية أبعد من الأرقام، نحو التأثير البشري للقرارات. كان مكتبه في الطابق العلوي لناطحة سحاب زجاجية يطل على أضواء المدينة المتلألئة، كأنه مركز قيادة لإمبراطورية بُنيت على البصيرة والدقة.
في هذا اليوم، كانت الأسواق المالية تترنح تحت ضربة فضيحة تلاعب كبيرة هزت القطاع التكنولوجي، وهددت بسحب العديد من الشركات، بما في ذلك إحدى الشركات الكبرى التي كانت "بليك إنفستمنتس" تستثمر فيها بكثافة. كانت الشاشات في مكتبه تعرض مؤشرات حمراء تومض بشكل جنوني، والمكالمات الهاتفية لا تتوقف. كان صدى الهلع يتردد في كل قسم بالشركة. بينما كان مستشاروه وكبار المديرين التنفيذيين يتنقلون في حالة من التوتر الواضح، يقترحون خططًا دفاعية يائسة أو انسحابات سريعة قد تؤدي إلى خسائر فادحة، بقي جوليان هادئًا بشكل يثير الدهشة.
جلس جوليان على كرسيه الجلدي الأسود، يده اليسرى تدلك ذقنه الخفيف، وعيناه البندقيتان الثاقبتان مثبتتان على شاشات البيانات المعقدة. كان يستمع إلى التحليلات المتسارعة، الأرقام التي تتدفق، لكنه كان يبحث عن نمط، عن نقطة ضعف، عن فرصة. كان الهدوء الذي يحيط به أشبه بهالة، تبدد بعضاً من التوتر في الغرفة. لم تكن قيادته صراخاً أو أوامر قاسية، بل كانت ثقة هادئة تنتقل إلى فريقه.
"هدوء أيها السادة،" قال جوليان بصوت منخفض، لكنه حمل ثقلاً جعل الجميع يصمتون. "الذعر هو أسوأ مستشار. لن نتخذ قرارات متهورة. أعطوني صورة كاملة عن حجم التعرض، ليس فقط لشركتنا، بل للسوق بأكمله. أريد أن أعرف من هي الشركات التي ستتأثر بشدة ومن هي التي لديها فرصة للنجاة."
بعد لحظات من الصمت، بدأ كبير المحللين الماليين، السيد مارشال، يقدم تقريره بتوتر. "سيدي، الوضع حرج. الشركة المستهدفة، 'سايبركس'، تتهاوى. أسهمها في انهيار حر، وهناك دعوات كثيفة لسحب الاستثمارات. إذا لم ننسحب الآن، قد نخسر جزءاً كبيراً من استثماراتنا."
رفع جوليان يده لوقف مارشال. "وماذا عن الشركات المنافسة لـ'سايبركس'؟ التي لم تتورط في الفضيحة؟"
"هم... إنهم يستفيدون حاليًا، ولكن هناك مخاوف من أن يتسبب الانهيار العام للسوق في سحبهم أيضاً،" أجاب مارشال، مستغرباً هذا السؤال في خضم الأزمة.
ابتسم جوليان ابتسامة خفيفة، ابتسامة ثقة أكثر منها ترف. "هذا هو بيت القصيد. الناس يبيعون في حالة ذعر. لكن هذا الذعر يخلق فرصًا لا تتكرر إلا مرة واحدة في العمر. "سايبركس" قد تكون انتهت، ولكن الشركات النظيفة التي تعمل في نفس القطاع ستنمو بسرعة لملء الفراغ. سنحول خسائرنا المحتملة إلى استثمار."
كانت خطته جريئة، ومخالفة لكل نصيحة تقليدية: بدلاً من الانسحاب، سيقوم بالاستحواذ. سيستغل حالة الهلع لشراء حصص في الشركات المنافسة لـ"سايبركس" التي كانت أسهمها تتأثر بالذعر العام، ولكنها في الواقع كانت قوية ونظيفة. كانت خطوة محفوفة بالمخاطر، لكنها أظهرت رؤيته الثاقبة وقدرته على التفكير خارج الصندوق تحت أقصى الضغوط.
"لن نبيع شيئاً،" أعلن جوليان، وصوته هادئ لكنه يحمل قوة لا جدال فيها. "بل سنشتري. سأعطيكم قائمة بالشركات التي سنستهدفها. ابدأوا في التحضير للاستحواذ فوراً. أريد أفضل المحامين وأفضل المستشارين الماليين على استعداد. هذه هي فرصتنا لإعادة تشكيل القطاع التكنولوجي، وجعل "بليك إنفستمنتس" قوة لا يستهان بها."
كانت كلماته بمثابة صدمة كهربائية في الغرفة. اختفى التوتر ليحل محله إحساس بالدهشة والإعجاب. لقد رأوا قائداً حقيقياً لا ينهار تحت الضغط، بل يرى الفُرص حيث يرى الآخرون الدمار. كانت هذه هي قوة جوليان الحقيقية، قدرته على تحويل الأزمة إلى انتصار، وعلى إلهام فريقه لتحقيق المستحيل. في عالم الأعمال، لم يكن هناك من يضاهي جوليان بليك في براعته وذكائه الاستراتيجي.
في الجامعة، حيث كان يدرس الصحافة في أوريليا بالولايات المتحدة الأمريكية، كان ليو يتحرك كشبح. أضواء القاعات الساطعة وثرثرة الطلاب بدت وكأنها تأتي من عالم آخر، عالم لم يعد ينتمي إليه تماماً. لم تكن دراسته تثير فيه الشغف الذي كان يحركه سابقاً؛ أصبحت مجرد حركات آلية، مهرباً مؤقتاً من الفراغ الذي يخلفه غياب ديمون، أو من جاذبية وجوده. كان يحاول التركيز في المحاضرات، يكتب الملاحظات، ويجيب على الأسئلة، لكن جزءاً كبيراً من وعيه كان لا يزال محتجزاً في عالم ديمون، يسترجع اللمسات، الكلمات، والإحساس بالامتلاك.
في أحد الأيام، وبينما كان يغادر محاضرة عن أخلاقيات الصحافة مع البروفيسور ميلر، غارقاً في أفكاره حول كيف أن حياته الشخصية قد تحولت إلى تجربة مكثفة في فن السيطرة والخضوع، اصطدم بشخص ما عند منعطف الممر. تبعثرت الأوراق من يديهما على الأرض.
"آسف جداً!" قال صوت ناعم، يحمل نبرة رقيقة لكنها قلقة. "لم أنتبه لك أبداً!"
رفع ليو رأسه ليرى شاباً يقف أمامه، ذا شعر بني فاتح جداً يتدلى على عينيه البنيتين الواسعتين، وبشرة شاحبة كالثلج، وابتسامة خجولة ترتسم على شفتيه الرفيعة. كانت ملامحه دقيقة وناعمة، تذكر ليو بجمال القصص الخيالية. بدا وديعاً، ومنفتحاً بشكل يثير الدهشة، ومليئاً ببريق هادئ، وهو ما كان نادراً في عالم ليو الحالي. بدأ الشاب بجمع الأوراق المتناثرة بسرعة، وحركاته تتسم برشاقة كادت تكون أنثوية.
"لا بأس،" تمتم ليو، وهو ينحني للمساعدة. "أنا أيضاً لم أنتبه."
"أنا دومينيك،" قال الشاب، وهو يمد يده الرقيقة بعد أن جمع الأوراق وقدمها لليو. "أنت في محاضرة البروفيسور ميلر، أليس كذلك؟ أعتقد أننا في نفس الفصل."
صافح ليو يد دومينيك، كانت يده ناعمة وباردة قليلاً، على عكس قبضة ديمون القاسية التي اعتاد عليها. "أنا ليو. نعم، في نفس الفصل."
ابتسم دومينيك بخجل. "رائع! لم أرك من قبل. هل أنت جديد في هذا القسم؟"
هز ليو رأسه. "لا، كنت هنا منذ فترة." لقد كان ليو يميل إلى البقاء غير مرئي قدر الإمكان، وهو ما يفسر عدم ملاحظة دومينيك له.
"حسناً، سعيد بمعرفتك يا ليو!" قال دومينيك بصوت ناعم، وعيناه البنيتان تلمعان بفضول حقيقي، خالٍ من أي حكم. "أنا أكتب مقالاً عن طلاب الصحافة الذين يفضلون البقاء في الظل. ربما يمكنني مقابلتك يوماً ما؟"
شعر ليو بلسعة مفاجئة. الظل. كلمة "الظل" كانت تتردد في ذهنه، مرتبطة بديمون. لقد كان يعيش في الظل بالفعل. لكن، فكرة أن يكون محور اهتمام شخص آخر، شخص خارج عالم ديمون، شخص نقي ووديع كدومينيك، كانت غريبة ومربكة. قبل أن يتمكن من الرد، رن هاتف ليو. كان اسم "ديمون" يضيء الشاشة.
تحولت تعابير وجه ليو في لحظة، من الارتباك إلى تصلب خفي، وترقب خاضع. لاحظ دومينيك التغير في وجه ليو، لكنه لم يعلق، بل انسحب بخطوات هادئة إلى الخلف.
"عليك أن تذهب، أليس كذلك؟" قال دومينيك، نبرته تحمل فهماً مفاجئاً، وعيناه تعكسان بعض الحيبة الخفيفة. "حسناً، نلتقي في المحاضرة القادمة، ليو. وربما... سنتحدث أكثر."
ابتعد دومينيك، بينما أجاب ليو على الهاتف، صوته منخفض وخاضع. "نعم، سيدي..."
كان صوت ديمون على الطرف الآخر بارداً وواضحاً، يقطع صخب الجامعة المحيط بليو. "ليو، هناك حدث خاص في الليسيوم الليلة. حضورك إلزامي. ستكون هناك في غضون ساعة، مرتدياً ما أخبرتك عنه." لم يترك ديمون مجالاً للنقاش، أو حتى لطرح الأسئلة. كان الأمر أمراً، لا دعوة. كانت نبرته تحمل توقّعاً بأن ليو سيطيع دون تردد، تأكيداً لملكيته المطلقة.
شعر ليو بقبضة غير مرئية تضيق على قلبه. لقد انتهى وقته القصير في عالم "الطبيعيين" مع دومينيك، قبل أن يبدأ بالفعل. كان هذا يذكره بأنه لم يعد هو نفسه القديمة، وأن حياته تتباعد عنه أكثر فأكثر، مع كل يوم يمر تحت سيطرة ديمون. ارتداء الملابس التي حددها ديمون لم يكن مجرد تغيير للملابس، بل كان تحولاً في الهوية، خلعاً لجلد ليو القديم وارتداءً لجلد "اللعبة".
عند وصوله إلى نادي الليسيوم، كانت الأجواء مختلفة قليلاً عن الليالي المعتادة. كانت الموسيقى أكثر حيوية، والأضواء الخافتة تلون المكان بلمسة احتفالية، رغم بقاء الظلال سيدة الموقف. كانت هناك فقاعات فضية تطفو في الهواء، وزهور داكنة تزين بعض الأركان، ورائحة خفيفة من الشمبانيا الحلوة تمتزج برائحة الجلد والعرق المعتادة. كان هذا حدثاً خاصاً، وليس مجرد ليلة عادية من ليالي نادي الليسيوم.
تتبع ليو الأنظار إلى قلب الحشد، حيث كانت الأصوات تتجمع. في المنتصف، رأى ثنائياً يبرز عن البقية. رجل مهيمن ذو حضور قوي كان يحتضن امرأة خاضعة، تتألق عيناها وهي تضحك بخجل. كانت ترتدي ثوباً أنيقاً يبرز منحنيات جسدها، بينما هو يرتدي بدلة داكنة تزيده وقاراً. كان الاحتفال بعيد ميلادها، وهو ما كان واضحاً من الهتافات والتهاني التي وجهها إليهما الحاضرون. كانت علاقتهما تبدو وكأنها مزيج من السيطرة العميقة والمودة الحقيقية؛ لقد كانا يتواعدان، وعلاقتهما أخذت شكلاً رومانسياً إلى جانب ديناميكية BDSM.
راقب ليو المشهد، وشعر بمزيج من الارتباك والفضول. لم يكن هذا مجرد عرض للقوة، بل كان احتفالاً بالترابط، بالحب بطريقة غريبة ومظلمة. هل هذا ما تعنيه العلاقة بين المهيمن والخاضع؟ هل يمكن أن يكون هناك جانب "مواعدة"؟ كان عالمه مع ديمون قاسياً، مباشراً، يتعلق بالامتلاك فقط. لم يكن فيه مكان لمثل هذا الاحتفال العلني بالارتباط العاطفي.
شعر ليو بلمسة قوية على ظهره. استدار ليجد ديمون يقف خلفه، وجهه كالمعتاد خالياً من أي تعبير، لكن عينيه الرماديتين تراقبان ليو بتقييم. كان ديمون يرتدي قميصاً حريرياً داكناً يبرز عضلاته، وبنطالاً جلدياً ضيقاً، مما أضاف إلى هيبته.
"لقد وصلت،" قال ديمون بصوت منخفض، غير مهتم بأي أعذار محتملة للتأخير. "كنت أتساءل ما الذي أخرك. لا أحب الانتظار، ليو."
"لم أتأخر، سيدي،" رد ليو بسرعة، صوته كان يرتعش قليلاً تحت نظرة ديمون الثاقبة.
أومأ ديمون ببطء، وعيناه لا تفارقان ليو. "هذه الليلة مختلفة. إنها احتفال بالوفاء. ستكون بجانبي، وستظهر لي الولاء المطلق الذي أدربك عليه. هل تفهم؟"
"أفهم، سيدي،" همس ليو، وتوترت كل عضلاته. لم يكن هذا مجرد حضور، بل كان عرضاً. وكان ليو القطعة المعروضة.
سحب ديمون ليو أقرب إليه، ووضع يده على خصره بقوة، وكأنما يثبت ملكيته أمام الجميع. كانت نظرات ديمون تتبع ليو بدقة، وتتعمق فيها، وكأنه يرى أي أثر للتردد أو التفكير في اللقاء الأخير مع دومينيك، أو حتى ذكرى جوليان. كان ديمون يفرض نفسه بشكل لا لبس فيه.
في زاوية بعيدة، في شبه الظل، كان جوليان يراقب كل شيء. لم يكن قد خطط للمجيء إلى نادي الليسيوم هذه الليلة، لكن قلقه على ليو دفعه للعودة. الآن، كل كلمة، كل إيماءة، كل لمسة من ديمون لليو كانت تصرخ بالحقيقة المرعبة. لقد رأى كيف شد ديمون ليو إليه، وكيف استجاب ليو بطاعة شبه آلية. كانت عينا جوليان البندقيتان ضيقتين، تراقبان المشهد بتركيز مؤلم. لقد أدرك الأمر أخيراً، بشكل لا لبس فيه: ليو كان يستسلم بالكامل، ويتقبل هذه الديناميكية عن طيب خاطر. لم يكن يُدفع، بل كان ينغمس، ليصبح لعبة شخصية لديمون. كان الخضوع في حركاته، وتلك المتعة الغريبة في عينيه، أكثر من مجرد تمثيل لدور. لقد كان يختار أن يكون محاصراً.
بينما كان ليو يحاول إظهار الولاء المطلق الذي يطلبه ديمون، كان الأخير يمسك به بضيق، ويوجهه عبر الحشود، وكأن ليو امتداد له، ليس فرداً مستقلاً. كانت عيون المهيمنين الأخرى تلتهم ليو، تراقبه كعنصر جديد ومثير للاهتمام في ملكية ديمون.
بعد فترة بدا وكأنها طويلة بلا نهاية، شعر ليو بحاجة ملحة للابتعاد، حتى لو لبضع دقائق. احتاج إلى استراحة من نظرات ديمون، ومن أعين الحشود، ومن عبء دوره الجديد. رفع رأسه ببطء نحو ديمون، وعيناه تبحثان عن الإذن بصمت.
"سيدي،" همس ليو، صوته بالكاد مسموع وسط الضجيج. "هل لي أن أستأذن للحظة؟"
نظر ديمون إلى ليو، وعيناه الرماديتان تخترقان روحه، وكأنه يزن طلبه. ثم أومأ ببطء، لمسة سريعة على فك ليو كانت بمثابة إذن. "لا تتأخر، ليو."
"نعم، سيدي،" أجاب ليو، وانسلّ مبتعدًا بسرعة.
توجه ليو نحو الحمامات، وكل خطوة كانت وكأنها تخفف قليلاً من الضغط الذي يشعر به. أغلق الباب خلفه، واستند إليه، وأخذ نَفَساً عميقاً. كانت الأضواء هنا أكثر سطوعاً، والصمت النسبي يلف المكان. نظر إلى انعكاسه في المرآة، لم يعد يتعرف على نفسه القديمة. عيناه كانتا تحملان كثافة جديدة، وابتسامته أصبحت أكثر عمقاً وغموضاً.
لم تمر سوى لحظات قليلة حتى فُتح الباب ببطء. التفت ليو بسرعة، ليرى جوليان يدخل الحمام، يغلق الباب خلفه بهدوء. كانت عينا جوليان البندقيتان مليئتين بالقلق، تتفحصان ليو من رأسه حتى أخمص قدميه.
"كيف صحتك يا ليو؟" قال جوليان بصوت منخفض وعاجل.
"أنا بخير يا جوليان،" رد ليو بصوت خالٍ من أي اهتزاز، عيناه تابعتان انعكاسه في المرآة دون أي تغيير. لم تظهر على وجهه أي علامات ارتباك أو صراع.
تنهد جوليان بعمق، ونظرة الأسف تملأ عينيه. "رقمي معك. إذا احتجت للمساعدة، تعلم أين تجدني."
مع هذه الكلمات الأخيرة، ألقى جوليان نظرة أخيرة على ليو. استدار وخرج من الحمام بهدوء، تاركاً ليو وحيداً في الصمت الثقيل.
وقف ليو للحظة، جسده متصلب. أخذ ليو نفسًا عميقًا، ونظر إلى انعكاسه في المرآة.
"أنا اخترت أن أكون لعبة ديمون،" همس ليو لنفسه. "يجب أن أكون لعبة لديمون. أنا أحب أن أكون خاضعًا، مستمتعًا بالألم. هذا كل شيء." كانت هذه الكلمات دفاعه الأخير، محاولته لتقليص العلاقة إلى مجرد ديناميكية شهوانية، بعيدة عن أي مشاعر أو تبعات عاطفية. "جوليان ليس حبيبي أو أي شيء. مجرد معرفة بسيطة. هذا كل شيء."
مع تنهيدة أخيرة، غادر ليو الحمام وعاد إلى ضجيج نادي الليسيوم المليء بالدماء والغموض. كانت عيناه تبحثان عن ديمون تلقائياً، كأنما خيط غير مرئي يربطه بسيده. رآه واقفاً على بعد أمتار قليلة، يتحدث بهدوء مع مهيمن آخر، لكن نظرة ديمون الثاقبة التقطت ليو على الفور. تحولت عينيه الرماديتان إلى ليو بنظرة تقييم هادئة، وكأنه يقرأ كل فكرة تدور في رأسه.
تقدم ليو بخطوات ثابتة نحو ديمون، يعود إلى مكانه بجانبه، جاهزاً لأي أمر قد يلقيه عليه. كان الليل لا يزال طويلاً، وكانت الاختبارات للولاء لم تبدأ بعد.
عندما وصل ليو إلى جانب ديمون، كانت الكلمات الأولى التي خرجت من فم الأخير باردة ومباشرة، تخترق ضجيج الموسيقى. كان صوت ديمون عميقًا وثقيلًا، يحمل نبرة لم يخطئها ليو: نبرة التساؤل والتهديد الخفي.
"هل تحدثت معه؟" سأل ديمون، وعيناه الرماديتان مثبتتان على ليو، لا تفارقان وجهه، وكأنه يرى ما حدث في الحمام بوضوح.
شعر ليو بضربة قلب قوية. كان صوت ديمون، الذي كان يثير فيه الشهوة عادةً، الآن يثير توتراً عميقاً. تذكر كلماته لنفسه للتو: "مجرد معرفة بسيطة." ليو لم يرفع عينيه ليلتقي بنظرة ديمون، بل ثبت بصره على نقطة ما على قميصه الأسود الداكن.
"لا، سيدي،" أجاب ليو، صوته خرج أكثر حزماً مما توقعه، لكنه كان لا يزال يرتعش قليلاً. "لم نتحدث."
لم يبتسم ديمون، ولم يرفع صوته. لكن قبضته على خصر ليو اشتدت بشكل طفيف، لمسة خفية كانت أشبه بتحذير. كانت عيناه الرماديتان تخترقان ليو، لا تقبلان الإجابة ببساطة، وكأنه يرى الحقيقة. لم يقل شيئًا آخر عن الأمر، بل استدار قليلاً، وسحب ليو معه، مانحًا إياه نظرة أخيرة حادة. كانت النظرة تحمل وعداً بعواقب غير معلنة، وكأن ديمون يخبر ليو بأنه يعلم الحقيقة، وأن الوقت المناسب للعقاب سيأتي.
"حان وقت اللعب، ليو،" قال ديمون فجأة، صوته يحمل نبرة تهديد لم تكن واضحة للحشود، لكنها كانت تخترق ليو كشفرة باردة. بدأ ديمون يسحب ليو عبر الحشود، متجهاً نحو جزء أكثر عزلة من النادي، حيث كانت الموسيقى تخفت قليلاً وتتغير الأجواء.
كانت هذه هي غرفة اللعب، حيث يتجمع المهيمنون والخاضعون لممارسة طقوسهم الأكثر حميمية وعلنية. الأضواء هنا كانت أشد خفوتاً، والزوايا مظلمة، لكن في المنتصف، كانت هناك مساحة مفتوحة، تُجهز عادة لمثل هذه العروض. كانت بعض المقاعد الجلدية موجودة، وبعض الأدوات الموزعة بعناية على طاولة جانبية.
سحب ديمون ليو إلى مركز هذه المساحة. كانت هناك منصة منخفضة، وأمر ديمون ليو بالجلوس عليها. نظر ليو إلى الأدوات، وشعر بقشعريرة تجري في عموده الفقري عندما رأى شمعة حمراء سميكة وبعض الأدوات الأخرى. لقد فهم. كان هذا عقاباً. كان هذا تأكيداً للسيطرة.
كانت عيون المهيمنين والخاضعين الآخرين تتجمع حولهم، بعضهم بفضول، وبعضهم بنظرات خالية من التعبير، كأنهم يشاهدون عرضاً روتينياً. لم يكن هناك أي شعور بالشفقة في تلك العيون، فقط توقع لحدث مثير.
أمسك ديمون بشمعة حمراء طويلة ورفيعة، كان لهيبها يرقص بهدوء في الأجواء الخافتة. كانت رائحة الشمع الدافئة تمتزج برائحة النادي. "الليلة، سنرى مدى ولائك، ليو،" همس ديمون، صوته كان أقرب للتهديد. "هذا لأجلي، ولأجلك."
بدأ ديمون يميل الشمعة ببطء، وتراقبت عينا ليو الشمع الساخن وهو يتجمع على طرف الفتيل قبل أن يسقط قطرةً تلو الأخرى على جسد ليو المكشوف، بدءاً من صدره، ثم على فخذيه الداخليين، على الرغم من ملابس ليو التي كُشفت لهذه الغاية. كان الشمع ينزل على جلد ليو، يلسعه ويحرق بقعاً حمراء صغيرة. لم تكن مجرد لسعات، بل كانت علامات، تأكيداً لملك ديمون.
"آه!" شَدَّ ليو أنفاسه، وخرجت صرخة حادة ومكتومة، ممزوجة بلهثٍ متقطع. "آه... سيدي!" انقبض جسده، يتلوى ويتجعد من الإحساس القوي الذي كان يمزقه. لم يكن هذا الألم المتعة الملتوية التي كان يشتهيها أحياناً في خلوته. كان هذا ألماً حقيقياً، حارقاً، ومذلاً أمام أعين الآخرين. كان يتنفس بصعوبة، يشد قبضتيه على الفراغ، بينما قطرات العرق الباردة تتشكل على جبينه.
في زاوية بعيدة، في شبه الظل، كان جوليان لا يزال يراقب، وكل صرخة من ليو كانت كخنجر يطعن قلبه. رأى كيف كان ليو يتلوى، وكيف كانت عيناه مغمضتين من شدة الوجع، وكيف كانت يد ديمون لا ترحم. كان الألم الذي يشعر به ليو واضحاً تماماً على وجهه.
مرت الدقائق ببطء، وكل قطرة شمع كانت تزيد من عذاب ليو. لكن بعد لحظات، حدث شيء غريب. بدأ جسد ليو، ببطء شديد، يتكيف مع الإحساس. الألم لم يختفِ، بل تحول، أو ربما وجد مكانه في إيقاع جديد. انفتحت عينا ليو، ولم تعد تحملان تعبير الألم النقي وحده، بل مزيجاً غريباً من التركيز والتوق.
ثم، في لحظة مفاجئة، وبصوت خافت بالكاد يرتفع فوق ضجيج الموسيقى، قال ليو، وعيناه مثبتتان على ديمون، ونبرته تحمل مزيجاً من الرغبة والألم: "أكثر... سيدي. آاااه... أحتاج المزيد من الألم... أرجوك... لا تتوقف!" خرجت الكلمة الأخيرة كتنهيدة طويلة، تحمل إطلاقاً غريباً.
لمعت عينا ديمون الرماديتان بلحظة رضا خفية، كأنما تحققت توقعاته. لقد تم تدريب ليو بنجاح.
أما جوليان، فقد شعر وكأن العالم قد توقف عن الدوران. الكلمات التي سمعها، وتلك النبرة التي حملت الرغبة، كانت أسوأ من أي ألم جسدي. لقد رأى ليو يطلب المزيد من سيده. لم يعد هناك أي شك: ليو لم يكن مجرد خاضع، بل أصبح متلذذًا بالألم، وهذا ما دمره أكثر من أي مشهد آخر.
ارتسمت ابتسامة جانبية خبيثة على شفاه ديمون. لم تكن ابتسامة سعادة، بل انتصار. التفتت عيناه الرماديتان، ببطء متعمد، نحو زاوية الغرفة حيث كان جوليان يقف. كانت نظرات ديمون مليئة بالرضا الخالص والشماتة، وكأنه يرسل رسالة صامتة لجوليان: "انظر ما فعلته. هذا هو لك. هذا هو ملكي الآن."
لكن جوليان لم يتحرك. لم يغادر. وقف في زاويته المظلمة، يراقب كل شيء، كل لمسة، كل صرخة، كل وميض من الألم أو المتعة في عيني ليو. أراد أن يغادر، أن يهرب من هذا المشهد الذي يحطم روحه، لكن شيئًا ما أبقاه متجمدًا في مكانه. ربما كان الأمل الواهي، أو الألم الذي كان يربطه بليو، أو مجرد الصدمة التي شلّت حركته. كان يراقب بصمت مؤلم، يشعر بالعجز يلفه بينما يرى ليو يغوص أعمق في عالم ديمون المظلم.
بينما كان ليو غارقاً في عالمه الخاص من الألم والمتعة. استمر ديمون في عمله، كل قطرة شمع كانت تجعل جسد ليو ينتفض ويئن، ويطلب المزيد، وصوته يمتلئ بالرغبة غير المنقاة. كانت عيون المهيمنين والخاضعين الآخرين مثبتة عليهم، والبعض يهمس بتقدير، والبعض الآخر يكتفي بالمراقبة الصامتة.
ابتسم ديمون ابتسامة خبيثة، عيناه الرماديتان تشعان ببريق مظلم. لقد وصل ليو إلى النقطة التي أرادها تماماً. شعر ديمون كيف أن ليو كان قريبًا من الانهيار، ليس من الألم، بل من المتعة الصارخة التي كانت تتجمع بداخله.
وفي لحظة، توقف ديمون عن تقطير الشمع. انحنى ببطء، عينيه مثبتتين على ليو، الذي كان يلهث، جسده يرتجف. ثم، دون أي كلمة، أمسك ديمون بجزء ليو الخاص وبدأ يمنحه متعة شديدة، ببطء في البداية ثم بوتيرة متزايدة. انحنى ديمون أكثر، ليقدم له مصًا عميقًا ومسيطرًا.
"آاااه... سيدي!" صرخ ليو، صرخته هذه المرة لم تكن من الألم النقي، بل من مزيج قاسٍ من الإذلال الشديد والنشوة الطاغية. انحنى ظهره، مائناً ومغرغراً، بينما انغمست أصابعه في شعر ديمون الداكن. كان جسده يهتز بشكل لا إرادي، ويشتعل تحت لمسات سيده. كان كل شيء قد اختفى، لم يعد هناك سوى ديمون، والألم، والمتعة التي انفجرت بداخله في عرض كامل أمام أعين النادي بأكمله. كانت أنفاسه لاهثة، وصرخاته تتعالى، كل واحدة تحمل مزيجاً من الخضوع والشهوة الجامحة.
"آااه... ديمون... نعم! آااه... سيدي..." كانت شفتاه ترتعشان، عيناه مغمضتين، وغرق بالكامل في الإحساس. لم يعد يسمع شيئًا سوى صوت أنفاسه وضربات قلبه المتسارعة، وصوت ديمون الذي يهمس بكلمات لم يستطع فهمها، لكنها كانت تزيد من اشتعاله.
واصل ديمون عمله، وجهه خالٍ من التعبير، لكن عيناه كانتا تراقبان رد فعل ليو باهتمام. كان كل شيء يسير وفق خطته. كان ليو يرتجف، يهتز، ويشد قبضتيه على شعر ديمون بقوة متزايدة. ثم، مع صرخة أخيرة مكتومة، "آااااااااه!" قذف ليو بعمق داخل فم سيده، اجتاحه الانتشاء تماماً، وارتعش جسده بقوة أخيرة عنيفة، منهكاً تماماً.
انخفض جسد ليو المتشنج، وسقط على المنصة، يتنفس بصعوبة، جسده مرهق، وعقله فارغ إلا من بقايا النشوة الممزوجة بالخزي العميق. بقي ديمون للحظة، ينظر إلى ليو بملكية تامة، ثم ابتسم ابتسامة خفيفة، انتصاراً لا لبس فيه.
"عمل جيد يا ليو،" قال ديمون بصوت خفيض لكنه مسموع، وعيناه مثبتتان على ليو المنهك. "لقد أثبت لي صحة ظني. أنت لعبتي الشخصية."
يتبع.......
إذا أعجبكم الفصل لا تنسو تحطو فوت و كومنتس
Коментарі
Упорядкувати
- За популярністю
- Спочатку нові
- По порядку
Показати всі коментарі
(3)
Chapter Four: وجه جديد في الظلال
كثير حلو الفصل
Відповісти
2025-09-05 12:14:05
2
Chapter Four: وجه جديد في الظلال
ما توقعت شكل دومينيك يكون حلو هيك
Відповісти
2025-09-05 12:14:21
2
Chapter Four: وجه جديد في الظلال
هل راح نشوف احداث رواية Fifty Shades of Reed في هذه الرواية ؟
Відповісти
2025-09-05 12:15:05
2