01
02
03
04
05
03
رائع. لقد حصل لنفسه على تسلية طويلة الأمد.

إن قَبِلت تقرّبه منها فسيكون عوناً لها وسيشغله تعريفها على المنطقة وحده بضعة أيامٍ على أقل تقدير.

أي وداعاً للملل والبقاء مع جده وجدته طوال الوقت.

وإن تطور الأمر بينهما قد يصبحان أصدقاء، أو .. شيئاً آخر.

إحتمالٌ ضعيف، لكنه وارد.

أما في حال ظلّت تلك البريسا متجهمةً و مشبعةً بغرورها الفارغ فسيجعل منها طُـعماً للمئات من المقالب والمشاكسات المسليّة و سيستمتع بإغضابها وسيضحك كثيراً .. ليس كثيراً لدرجةٍ تُبكيها، هو لا يريد جعلها تبكي.

فهي تبدو مسكينة وحزينة كثيرة الشرود وسريعة الغوص في أفكارها الخاصة.

سيزعجها فقط بالقدر الذي سيسليه. أو ..

ربما عليه أن يغيّر الخطة ويُصادق أختها الصغيرة عوضاً عنها. على الأقل الصغيرة أحبّته واندمجت معه جيداً.

ومع تفكيره بالصغيرة تذكّـر أمراً .. وحالما وضع الأريكة التي كان يحملها مع والد بريسا على الأرض، اعتدل بوقفته وهو ينفض كفيه من الغبار.

كانت الصالة غارقة تماماً بوهج الغروب الدافء الذي يخترق النوافذ بخطوطٍ مائلة، و تطفو فيه ذرات الغبار مالئةً المكان.

سأل وهو يحبس كحةً أثارها الغُبار :

"عمّي ! .. ما اسم الصغيرة ؟" رافق صوته صداً خفيف.

"بوتشا" أجابه وهو ينفض كفيه أيضاً، لكن حين رأى وجه تشايول وتعابيره التي تنمّ عن الغرابة و التلبّك طمأنه..

"عادةً نناديها ..' بو ' فقط" خلع قميصه الذي اتسخ تماماً ورماه جانباً مُـثيراً سحابةً من الغبار.

"غريب" حدث تشانيول نفسه بـعجب وهو يحرك يده أمام وجهه ليبعد الغبار الكريه ويكح.

"خيار والدتها"

أجاب الأب ببساطة متجهاً إلى المطبخ. التفت إلى تشان نصف التفاتة وسأل بشكل طبيعي للغاية ..

"لم تسألني عن بريسا "

توقف دماغ تشان عن العمل للحظة تاركاً الغبار ليسبب له السعال المتواتر، منذ متى و الآباء تدفع بالشبان للتعرف على بناتهن هكذا؟؟

وفي اللحظة التالية قرع جرص الذكاء في جمجمته وتذكر أنهم تربية أمريكا، بلد الانفتاح .. فـابتسم على عرض وجهه وتبعه ..

"سمعتك تنادي باسمها ! "

فطين !! مدح تشان نفسه حين لم يبدي الأب أي رد فعل لأنه انشغل في المطبخ بـنبش المشتريات التي أحضرها.

لا بأس فهو يعرف كيف يجذب النتباه.

اقترب منه تشان وهو يمثل دور المظلوم بكل جوارحه وتفاصيل وجهه ليبدو قدر الإمكان مثيراً للشفقة .. بدأ شكواه..

"لكن .. يبدو أنها لا ترغب بمعرفتي لاسمها على كل حال"

وقف وأسند مرفقيه على المسطبة الحجرية وأمسك وجهه بكلتا كفيه عارضاً وجهه المتأثر وعينيه الواسعتين للرجل ..

نهض والدها عن مشترياته التي تملأ الأرضية و طمأنه..

"هي فقط خجولة، ستعتاد الوضع بالتدريج "

ربّت على كتف الفتى ..

"أعتمد عليك لجعلها تندمج مع البيئة الجديدة "

هنا وعند هذه اللحظة المصيرية حصل تشانيول على كل ما أراده من كل هذا العمل الشاق بنقل الأمتعة، حصل على تأشيرةِ الدخول الدائم إلى هذا المنزل، حصل على تصريحٍ واضح بمدايقتها بـقدر مايريد !!!

.. يعني مساعدتها، لكن على طريقته.

وضع والدها أكياس الرامن على المسطبة أمام تشانيول مقاطعاً ابتسامة الفتى الحالمة التي غرق بها تماماً ..

"و الآن لنتناول العشاء "

حملق تشان بالرامن ذو العلامات التجارية المتعددة بخيبة أمل كبيرة

"ماذا تنوي أن تطبخ ؟؟"

انفجر الأب بضحكة صاخبة وكأنه سمع أظرف جملةٍ في حياته وتشان فاغر فمه .. وضّح الرجل..

" أطبخ ؟؟؟ لا أفكر بذلك ولا حتى في أحلامي! "

إلتوت شفتا تشان إلى طرف واحد وهي لا تزال نصف فاغرة، أشار بعينيه إلى الطابق العلوي ..

"ماذا عنها؟"

أجاب الرجل مستنداً إلى المسطبة التي خلفه مستمعاً بالحديث و كأنه طرفة ..

"لم أرها تمسك مقلاةً في حياتها "

ضرب تشان بكلا كفيه أمامه واستقام بوقفته والإصرار يطلّ من عينيه. اقترح بـثقة ..

"هل أفعلها أنا ؟؟" .. بالطبع لن يقبل بالرامن بعد كل هذا العمل والانهاك.

سأل الرجل كأنه يفكر بـصوت عالي ..

"أأنت واثق ؟؟ "

هزّ تشان بالموافقة وعيناه على وسعها، سأله ثانيةً ..

"تجيده حقاً ؟؟ "

هزّ تشان رأسه بسرعة أكبر وعيناه تكاد تخرج من مكانها وقد بدأ الأدرينالين يضخ في جسده حماساً للقادم .. أصر الرجل بسؤال أخير ..

"ألست متعباً؟"

نفى تشان مباشرة بهز رأسه إلى كلا الطرفين.

كاذب.

لكنه بحاجة للتضحية.

تلفّت الأب حوله مغلوباً على أمره فالعرض مُـغري .. لكن العرض وحده لايكفي لإطعامهم .. وحين استقرت أعينه على أكياس الرامن وجد نفسه أمام الواقع المُـرّ .. قال بيأس..

"مع هذا، ليس لديّ ما يمكن طهيه. اشتريت بعض الرامن في طريقي إلى هنا وحسب، لاشيء آخر "

لكن تشان لم يستسلم .. حمّل لهجته أسلوب الشخص العاقل والمراعي ..

"إن وثقت بي فسأحضّر لكما وليمةً شهية، لايعقل أن تأكلا الرامن فقط بعد يوم سفرٍ طويل "

ابتسم الأب بامتنان أمام نيّة الفتى الطيبة ..

" سيكون هذا لطفاً بالغاً منك بنيّ، حقاً لا أدري كيف أشكرك أو أكافئك. أنت ملاك هبط إلي من السماء فجأة. "

كانت تلك الكلمات بمثابة أكبر جائزة يحصل تشانيول عليها، طبعاً بالإضافة لتسليمه مهمة الاعتناء بـبريسا .. وعلى ذكر بريسا، خطرت بباله للتو فكرة .. انفجر قائلاً :

" هل أصطحب بريسا معي ؟؟ "

اتجه الأب إلى حيث كان قد ترك محفظته دون أن يجيب وبقي تشان ينتظر كـجروٍ أمره سيده بعدم التحرك.

وحين عاد، سلّمه الرجل بعض النقود وهو يفكّر بالأمر، أصرّ تشان مستخدماً صلاحياته الجديدة ..

"سأعرفها المنطقة "

بدل التفكير بالأمر طويلاً اقترح الأب وهو يدفع تشان نحو الدرج بلطف ..

"لم لا .. اسألها ؟؟"

ابتسم تشان ابتسامةً كاملة الأسنان و تركه الأب ليدير بقية شؤونه ..

الأمل كبير !

حتى لو لم ترغب بالتجوال معه ستحتاج لمعرفة الطرق في الخارج وستنصاع لطلبه رغماً عن أنفها فمن غيره في هذا الحيّ سيرشدها؟؟

من فوره صعد تشان الدرج بحماس كبير. صعد كل درجتين بخطوة وقف أمام باب غرفتها. طرق أولاً كجنتل مان ثم فتح ..

كانت النافذة مفتوحة والغرفة خاوية إلا من الضوء ونسيم حلو عليل يملأ الفراغ فيها.

أحس بحركة قريبة فتراجع للخلف ونظر، وإذ بها تخرج من غرفة أخرى، بدت كمن كان يتجول ويستكشف المكان.

واجهها تشان بـفكرته ..

"سأخرج لشراء متطلبات العشاء، تودين القدوم ؟؟" حاول ضبط الحماس في وجهه لكن عينيه على الأغلب فضحت كل شيء.

كانت بريسا تقف أمامه هادئة و ساكنة كـمن يوشك على النوم واقفاً، بنظرة متعبة ومرتاحة في آن معاً يصل إلى وجهها و وجهه شعاع الغروب عبر الباب نصف المفتوح حيث يقف تشان.

برر قبل أن تجد مكاناً للرفض ..

"لكي أريك الطريق إلى أقرب محل بقالة، ستحتاجينه"

ما كان عليه أن يترك صوته يبدو يائساً للغاية لكنه قالها على أي حال.

ببساطة .. أومأت بريسا بأجل. ثم وبمنتهى اللطف نطقت ..

"فكرة جيدة"

لم يكد يصدق أنها وافقت وبهذه السهولة والبساطة
سماع موافقتها مع تلك النظرة الأليفة الناعسة جعلته يحس بأنهما أصداق ومنذ فترةٍ طويلة !!

أشرقت ابتسامته العريضة أمام ملامحها المستسلمة تماماً للضوء المنسكب من النافذة والتمعت عيناه بسعادة صادقة وهو يخبرها ..

"سأنتظرك في الأسفل .. لا تتأخري"

.
.

أجبر نفسه بصعوبة بالغة على الانتظار لمدة خمس دقائق كـاملة أسفل الدرج قبل أن يناديها بعلو صوته ..

"سيحلّ الظلام ألم تنتهي؟؟!" ..

صاح به والدها من غرفةٍ مجاورة ..

"تشان أخفض صوتك! .. ستوقظ الصغيرة!!"

تأفف تشان بملل وإنزعاج وعقد ذراعيه محتجاً.

بدايةً، ملله ويأسه و فرحته بلقاء أناسٍ جدد أنسوه كم تكون الفتيات مزعجات، أما الآن فقد ذكره تأخرها بأخته الغليظة.

وبدأ يفكّـر بـالتراجع عن مخططاته والاكتفاء بعيش البؤس والملل القاتل مع جديه.

إلا أنه وفي اللحظة التالية توقف تفكيره بشكل كامل، تفكيره السلبي طبعاً أما الإيجابي فقد ارتفع نشاطه لأعلى مستوى.

ذلك لأنه رأى بريسا تقف أعلى الدرج وتهمّ بنزوله.

كانت قد بدلت ثيابها إلى بنطال جينز أسود وكنزة قطنية واااسعة تصل لمنتصف فخذيها، لطيفة بقلنسوة. ورفعت شعرها ذيل حصان.

بدت صبيانية للغاية أي أن المرح معها سيكون أكثر تسلية!!!

هو لا يحب الدلوعات أبداً، أما بريسا فبدت من النوع الذي سيتجول في المنطقة على دراجة وفي أذنيها سماعات أذن ضخمة بموسيقا صاخبة !

النوع الذي يتحمّل المزاح الخشن ويردّ بمثله !

ديييباك !!! ... روعة !!

نزلت الدرج بخفة بحذاء رياضيّ وبدت مرتاحةً أكثر وفي وجهها إشراق حاولت ضبطه وإخفاءه تحت نظرة فاترة.

حسناً .. انتظارها لم يضع سُداً فهي الآن بقمة الانتعاش.

تشان بابتسامة وقد وصلت بريسا إلى حيث يقف ..

" ننطلق ؟؟"

أومأت بأجل و علا صوته ثانيةً يخبر الأب أنهما خارجان. ورد صوته من بعيد ..

"تشانيول ! اعتني بها !! "

"سأفعل !!" .. نظر إليها بابتسامة جانبية كمن يقول 'سمعتي؟'
فبرمت وجهها وتقدمته إلى الباب.

لكنه أسرع وسبقها إلى الباب و لحقته هي بهدوء.

ومنذ اللحظة التي أمسك فيها مقبض الباب من الداخل أخذ يفكّر بأول حديث سيفتتحه معها ليزيل الحواجز بينهما ريثما يصلان مقصدهما.

___________
.
.
.
.
.
.
.
🐶

© Syram ,
книга «TogoTat || Park Chanyeol».
Коментарі