الفصل التاسع
"إستسلامك في بعض الأحيان لا يعني ضعفك."
______________________________________
سحب بيكبيوم صديقه خلفه ليجلسا سوياً، لينظف بيكبيوم حنجرته مستعداً لسرد التفاصيل.
"يبدو أن حادثة تشانيول اشتهرت في هذا الحي قبل قدومنا."
صمت لبرهة ليُردف حديثه بعدها
"سيهون يعيش هنا منذ مدة طويلة، هو يعلم بكل ما حدث في هذا المكان."
نظر جونميون بعدها لصديقه، ليبدأ بتحريك لسانه الذي شعر بأنه قد توقف عن الحركة من فترة
"إذاً، هل أخبرك سيهون بكل ما يعلمه عن تشانيول؟"
أومئ بيكبيوم فقط كإجابة على سؤال صديقه.
"أين تعرفت على سيهون؟"
سأل بيكبيوم بجدية.
لدرجة أن جونميون قد شعر بالتوتر لوهلة.
"عن طريق تدريبات السباحة التي أرتاد لها، لماذا؟"
سأل بتوتر ، فالأجواء هنا مشحونة منذ مدة.
تسائل في نفسه؛ 'هو يشعر بالتوتر في محله هنا، فكيف هو شعور صديقه الآن؟' سوف يثني على صبر وقوة بيكبيوم حتى اليوم الذي ستُسلب فيه أنفاسه.
"لا شئ، أردت فقط الإستفسار. أنت بالتأكيد تعلم أيضاً أن سيهون يعيش هنا، لم تكن مصادفة أليس كذلك؟"
سأل بيكبيوم مجدداً، ليشعر الآخر وكأنه في تحقيق ما.
ليجيب بسرعة
"أجل أعلم، لذلك أخترته هو تحديداً."
زفر بيكبيوم أنفاسه بضيق، ضاق صدره منذ مدة.
ضغوطات الحياة في ازديادٍ ملحوظ.
لا سيما شبح أخطاؤه الذي يطارده، ويستهدف شقيقه الصغير.
إلى متى سيستمر هذا الوضع؟ متى سيشعر هو وشقيقه بالدفئ؟
مركزَ وجهه بين كفيه، ليضع صديقه يده على كتفه.
"هل أنت بخير؟"
سأل جونميون مستفسراً عن حالة صديقه.
"لا، جونميون. لست بخير."
قالها ليقترب منه صديقه أكثر.
"أخبرني بما تشعر به."
قالها جونميون بنبرته الدافئة والحنونة، بينما لا يزال واضعاً كفه على كتف صديقه.
"كل شئ ينهار من حولي فقط، ولا يمكنني انقاذه. لا يمكنني إيقاف ما يحدث."
قالها بنبرة منهكة.
صمت جونميون فقط بينما لا يزال يحدق بصديقه.
لينهض الآخر فجأة.
"سأذهب لأطمئن على بيكهيون."
اتجه جونميون خلفه ليصعد معه.
لكن توقف بيكبيوم فجأة عند بداية الدرج.
دقق كلاهما السمع، ليستوعبان ببطئ أنه صوت بيكهيون يتحدث مع شخص ما.
تسمرا لبضع ثوان، دقات قلبهما تتسارع لدرجة وصول صوت كلٍ منها لآذان الاخر.
اسرع بيكبيوم للأعلى ليلحقه صديقه.
"ما الذي تفعله بيكهيون؟"
قالها بينما فتح الباب بقوة لينتفض شقيقه فزعاً.
______________________________________
ترك شقيقه مع جونميون بالأسفل، ليختلي بنفسه لبعض الوقت.
قرر إكمال نوبة بكاؤه بمفرده.
يبدو أن مأساته لن تنتهي، هي بالفعل طالت.
لم يعد بوسعه الصمود أكثر، قناع القوة الذي لطالما ارتداه تحطم.
يجب عليه الإعتراف الآن، هو ضعيف. هو لم يكن قوياً يوماً.
كان دائماً ما يربط سعادته مع الأخرين، إلى أن أختفى الجميع؛ لتختفي سعادته.
شعر بإنكماش بشرته بسبب كثرة البكاء.
قد تتشقق في أي لحظة.
هل سينتهي به الحال فاقداً لبصره بسبب كثرة ما أهدر من دموع؟
هل ستصاب أحباله الصوتية بعلةٍ ما بسبب شهقاته المكتومة؟
هل سيستطيع الإكمال على هذه الوتيرة؟
لقد فقد الأمل في تحسن حياته. لم يعد ينتظر منها شيئاً.
سوا اليوم الذي ستُسلب فيه أنفاسه.
شعر بيد باردة توضع على كتفه بهدوء، لينتفض جسده الصغير فزعاً.
تردد للحظة ليقرر بعدها رفع رأسه.
"تشانيول؟"
قالها بتعلثم وبصوته المبحوح.
لينظر له بعينيه الدامعة.
توسعت عيناه لينتفض بسرعة من مكانه، محاوطاً رقبة الأخر بذراعيه.
"أين كنت طوال هذه المدة ، اشتقت لك حقا."
قالها بصوته الباكي بينما لازال متشبثاً بالأخر، دافناً رأسه في عنقه.
ليحاوطه ببطئ.
"هل تأخرت، بيكهيون؟"
قالها بصوتٍ عميق، ودافئ.
كان الأخر بحاجة لهذا العناق، الذي استعاد به أنفاسه المسلوبة.
دقات قلبه بدأت تنتظم تدريجياً، شعور السعادة والطمأنينة بدأ يغمره بهدوء.
كيف يمكن لعناقٍ فقط مداواة جميع جروحه؟
"أجل، تأخرت كثيراً."
قالها بينما لم يفصل عناقهما بعد. هو أحب تلك اللحظة كثيراً.
تمنى لو أن الوقت يتوقف، ويختفي العالم أجمع عدا تشانيول وهو.
"أسف، لن أكررها."
قالها بينما لم تتغير نبرته.
الأخر أحبها كثيراً.
"لا بأس، كل شئ بخير." قالها بيكهيون ليشدد على عناقه أكثر. ليقهقه الأخر بخفة، على هذا الصغير بين ذراعيه.
ابتعد بيكهيون قليلاً، لتستبيح له رؤية تشانيول بوضوح أكثر.
هو يود النظر له طيلة حياته، كانت عيناه تشتاق لملامح الأخر.
عيناه الحمراء، غرقت بعيني الأخر.
"عدني أنك لن تتركني مجدداً، تشانيول."
قالها بدون وعي منه، ليس وكأن تشانيول لم يعده من قبل.
لكن الوضع يختلف الآن. هو أحتاج لهذا الوعد أكثر من أي وقت مضى.
رُسمت إبتسامة على شفتاي الأخر. لم يفهم بيكهيون سببها الآن، لكنه فقط أحبها.
هو أحب كل تفاصيله.
هل سيسمع ما يبتغيه الآن؟
فُتح الباب على غفلة ليظهر جسد شقيقه، الذي احتلت ملامحه علامات الفزع والخوف.
اقترب ببطئ من بيكهيون، بينما الأخر فقط ساكن؛ لا يتحرك.
وضع يداه على كتفه ليسبحه ببطئ بين ذراعيه.
"ابتعد عني."
دفع بيكهيون يدا شقيقه بقوة بينما تنهمر دموعه.
نظر لتشانيول ليجده اختفى، مجدداً.
"توقف عن حماقاتك بيكهيون، لمَ تُعلق نفسك بشخصية وهمية؟"
قالها بيكبيوم بإنفعال، لتزيد تلك الجملة من عناء بيكهيون وتزيد معها دموعه.
"بيكبيوم، لا تعالجني. أرجوك."
قالها بعدما هدأ من غضبه قليلاً.
"لا يمكن بيكهيون، ستتعالج وستصبح بخير." غضب شقيقه من هذه الجملة، هو لم يكن بخير قبل ظهور تشانيول. ولن يصبح بخير بعد اختفاءه.
كل شئ متمحور حول وجوده.
"أنا لن أكون بخير طالما هو ليس معي. لم تعاقبني أنا؟ أنت من يستحق العقاب، وجميع من حولك أيضاً. لم تعاقبني عوضاً عن من قام بإيذائي وإيصالي لتلك المرحلة؟"
صمت قليلاً ليكمل بنبرة مترجية
"لا أجد ما يسعدني في الواقع لذا، أرجوك اترك لي ما يسعدني في أوهامي. لقد وجدته بالفعل."
قالها بصوت هادئ، عكس نبرته في البداية.
بينما بيكبيوم سرح يفكر في كلمات شقيقه.
في لحظات الغضب يقول الإنسان ما يشعر به.
هذا يعني أن بيكهيون يكرهه؟ هو يكِن له الضغينة؟
لم يستطع تخطي كلماته، ولن يستطيع ربما.
تألم لسماعها، لكنه كان بالفعل يستحقها.
مهما كان ما يشعر به، فهو لا شئ مقارنة بألم بيكهيون.
وضع يده على كتف شقيقه الباكي، ليسحبه بهدوء من ذراعه.
"تعال معي للأسفل، سنتحدث قليلاً."
الأخر لبى أمره دون مقاومة.
ليس لأنه وافق على هذا، لكن فقط لم يعد يملك القدرة للجدال او المناقشة.
______________________________________
تسارع الوقت ليبيح للمساء بأخذ دورته.
لا زال بيكهيون شارد الذهن، جفت عيناه وكذلك دموعه.
هو الآن مُلقى بين أحضان شقيقه، لكن هذا العناق تأخر قليلاً.
فهو قد ضاعَ بالفعل.
لم يعد لهذا العناق قيمة، اختفى رونقه.
فقد الدفئ الذي من المفترض أن يحتويه.
قُتل شعور الدفئ والأمان داخل بيكهيون.
هل سيمكن لأي شئ أن يعوض فقدانه لتشانيول؟
بيكبيوم تعجب سكونه.
هو لا يشكي، يكتفي فقط بالبكاء بمفرده.
"هل تريد النوم معي الليلة؟"
قالها بهدوء حتى لا يقطع شرود شقيقه.
اومئ الأخر فقط، هو لا يريد النوم وحده، يحاول قدر المستطاع التقليل من هذا الشعور في روحه.
لا يريد أن يشعر بالوحدة مجدداً.
"جيد"
قالها بيكبيوم بحماس، هو ممتن لتشانيول أيضاً.
فهو غير الكثير من الأمور.
______________________________________
مر يومان على هذا اليوم، الذي غير الكثير في حياة بيكهيون وكذلك شقيقه.
"هيا بيكهيون، الفطور جاهز استيقظ."
قالها بيكبيوم بينما يحاول إيقاظ بيكهيون.
الذي بدا وكأنه جسد فقط دون روح، لا حركة فيه.
جميع محاولاته في إيقاظه تبوء بالفشل في النهاية.
سئم من المحاولة ليقم بفتح ستائر الغرفة سامحاً للضوء بالدخول، بعد أن قام بحبسه لمدة.
خرج من الغرفة وأغلق الباب خلفه، تاركاً بيكهيون ينعم بأحلامه التي ربما يلعنه فيها.
نزل ببطئ من على الدرج، ليجهز الطعام إلى أن يستيقظ شقيقه.
إلقاء اللوم على نفسه لن يؤثر في شئ الآن.
أين كانت صحوة ضميره تلك في السابق؟
دموعه تنساب، هو يتظاهر بالقوة فقط أمام بيكهيون.
لكنه متعب، ولا يمكنه التعبير عن هذا أبدا.
يجب عليه إصلاح ما أفسده، قبل أن يفوت الوقت.
أنهى ما كان يحضره، ليجلس بعدها على الطاولة وحده.
شرد ذهنه لفترة من الزمن، ليوقظه صوت وقع أقدام بيكهيون على الدرج.
استقبلته نظراته وظلت تجول معه إلى كل مكان يتجه له، بينما بيكهيون لم يعره إهتمام.
ذهب ليلتقط كوب الماء بيده ليشربه كله ثم أعاده.
كان على وشك الصعود مجدداً لولا إيقاف بيكبيوم له.
"إلى أين أنت ذاهب؟ ألن تأكل معي؟" قالها ليلتفت بيكهيون.
صم لفترة ليهز رأسه فقط دون الرد.
كان سيكمل طريقه لكن بيكبيوم اتجه له وأوقفه "ابقى معي هنا."
نظر بيكهيون له ثم تكلم بصوت مبحوح
"لا، سأعود للنوم."
قالها ببرود ليزفر الأخر.
"لن أدعك تجلس وحدك بيكهيون."
ابتسم بيكهيون إبتسامة جانبية.
حدق بها شقيقه، هو يعلم بالفعل ما يود قوله.
"دعني بيكبيو ، لا تدعي الإهتمام."
قالها بينما يحاول إفلات ذراعه من بين يدي شقيقه.
"بيكهيون أنا لا أدعي، أقسم. دعنا فقط نصلح كل شئ."
تحولت ملامح بيكهيون لأخرى غاضبة.
كلام شقيقه ولسبب ما أغضبه.
نظر له بحدة لتبدأ نبرته بالإرتفاع
"هل كل ما كُسر داخلي من السهل إصلاحه بالنسبة لك؟ ألا تعلم أنك دمرت كل شئ؟"
لن يتوقف بيكهيون عن إلقاء الكلمات الجارحة على ما يبدو.
"ليس هذا ما أقصده بيكهيون، لكنني أريد العودة للسابق. دون مشاكل أبداً."
ابتسم بيكهيون بسخرية، هو لا يستطيع تصديق حرف مما يتفوه به شقيقه.
هو الآن يظن أنه أناني ، يفكر بذاته فقط.
"أنت أناني، دمرت كل شئ بيكبيوم. وفقدت جزء كبيراً مني بسببك. تباً لك."
قالها بيكهيون بهدوء ليصعد لغرفته مرة أخرى.
لازال يقتل شقيقه بكلامه، هو يجرحه في كل حرف بحق جرحه له في كل فعل. هو ينتقم لنفسه ربما.
عاد بيكبيوم للطاولة، يفكر بجميع ما قاله بيكهيون.
على الرغم من كون كلماته جارحة وقاسية.
إلا أنه محق، محق في كل شئ قاله.
من حق بيكهيون الآن الإنتقام كما يشاء لقد حان دوره.
كل ما سيفعله بيكهيون الآن، هو الإستسلام.
سيتوقف عن المقاومة، سيترك الأمور تسير كما هو مخطط لها.
ستحمله أمواج القدر ملقية به إلى شاطئ مصيره، وهو لن يكترث إن أضاع الطريق.
______________________________________
مر أسبوع بالفعل.
أستيقظت من نومي بسبب هزات بيكبيوم المتكررة.
لا أريد الاستيقاظ، أنا أريد الإنتهاء من كل هذا.
لكن ألن يكون هذا تصرفاً جشعاً مني؟
لا أعلم لماذا أفكر في بيكبيوم، على الرغم من أنه لم يفعل.
"هيا بيكهيون، الطعام جاهز."
أومأت له فقط، لينظر لي لبضع ثواني ثم يرحل.
الوضع سئ هنا، ومخيف.
أنا فقط يمكنني سماع صوت دقات قلبي الغير منتظمة ولا شئ غيرها.
الخوف يسيطر علي، لم أعد أملك القدرة على البكاء مجدداً.
نهضت بخمول، لأتناول الفطور بالأسفل.
لا شهية لي، لكن أريد أن أبقى مع بيكبيوم أطول وقت ممكن. حسمت أمري.
جلست على الطاولة، بقيت فقط أحدق به بينما يتناول طعامه.
كانت نظراتي فارغة تماماً، لا تحمل أي تعبير يستنتج من خلاله حالتي.
"لماذا تنظر لي هكذا؟"
قالها بينما كان فمه مملوء بالطعام، ونظراته متعجبة.
قهقهت بخفة على شكله لأرد عليه
"لا شئ."
تجاهل بيكبيوم الأمر قليلاً ليتكلم مجدداً
"لم لا تأكل؟"
أنزلت يدي التي اسند رأسي عليها لأتنهد ثم أقول بملل
"لا أريد."
ترك بيكبيوم ما بيده ليتجه لي ثم وضع يده على كتفي
"لا تقلق، سأبقى معك بيكهيون، أعدك."
وجهت نظري للأرض لتبدأ بعض الدموع بالتجمع في عيناي، لاحظها بيكبيوم ليهم بمعانقتي.
بقي هكذا لبعض الوقت ثم ابتعدت قليلاً لأتكلم "سأصعد لغرفتي، أود النوم قليلاً."
قلتها ليصدم بيكبيوم
"لكنك استيقظت للتو؟!" قالها بتعجب لأتنهد قائلاً "أرجوك بيكبيوم، دعني أفعل ما أشاء."
نظرت له مطولاً ليبتسم لي كمحاولة فاشلة منه لإطمئناني.
صعدت فقط بهدوء لأدخل غرفتي، ثم أغلقت الباب خلفي.
يجب علي إنهاء كل هذا .
بقيت أفكر قليلاً بالأمر، بينما دقات قلبي في تسارع ملحوظ.
تسللت أناملي ببطئ، لأخرج من جيبي شفرة بيكبيوم الحادة.
كنت قد أخذتها صباحاً دون علمه.
يجب إنهاء الأمر بسرعة قبل أن يلحظ عدم وجودها.
جلست على الأرضية الباردة، لأزيل قطعة القماش تلك من على يداي، لأشعر بالبرودة التي جعلت من جسدي يقشعر.
لم أعد أشعر بأنفاسي، فعلى الرغم من رغبتي في إنهاء هذا الألم بأسرع وقت، إلا أنني خائف من اتخاذ تلك الخطوة.
لكن لا مجال للتراجع، يجب أن أتقبل الأمر، أنا سئ في أمور الحياة ومجاراتها.
بقيت أنظر لذراعي الشاحب، باحثاً عن الخط الأرجواني الذي سأقوم بقطعه.
كان من الصعب إيجاده، نظراً لسوء تغذيتي وشحوب بشرتي.
إلى أن وجدته أخيراً، لأضع الأداة الحادة فوقه ثم أغمض عيناي وأعض على شفتاي.
بدأت أحركها ببطئ فوق رسغي، لأشعر بالألم ينفجر فجأة في سائر أعضائي لأعض على شفتاي أكثر بينما قمت بإطلاق تأوه مكتوم، أحكمت إغلاق عيني حتى لا أرى شكل الدماء وهو يتدفق متجنباً حالة الذعر التي قد تصيبني من شكله مما قد يؤدي إلى تراجعي عن هذا القرار. لأنني ببساطة لا أريد.
فارقت بين شفتاي، لأقم بالتنفس بقوة، فأنفي لم يعد كافياً الآن.
أكملت تمريرها، بينما أضغط بقوة أكثر لأعقد حاجباي ألماً. مع إصدار أنين عال بعض الشئ.
تلك ستكون أخر مرة أشعر فيها بالألم، من المؤسف أن أنهي حياتي بهذا الشكل.
بدأت أشعر بالدماء الدافئة تغرق يدي وما حولها.
لأشعر بالطمأنينة دون سبب.
فعلت المثل في رسغي الأخر، لأقم بعدها بإلقاء الشفرة بعيداً بألم.
فتحت عيناي ببطئ لأرى الدماء حولي فأغلقتها مجدداً بسرعة.
قد يكون مظهرها مرعباً بعض الشئ.
من الجيد أنني لم أنشئ الكثير من العلاقات، فلن يحزن الكثير على رحيلي الآن.
فتحت عيناي لأرى حولي بعض الزهور البيضاء التي يتم تدنيس رونقها بسبب دمائي.
وفي نهايتها يقف تشانيول، ناظراً للسماء بإبتسامة دافئة شقت وجهه.
هو ينتظرني الآن، سوف يصطحبني معه.
ابتسمت بتعب فقط، أدركت الآن أن النهاية قريبة.
أكثر من أي وقت مضى.
أسف بيكبيوم، أعلم أنك ستتألم وأنه لمن الصعب عليك تحمل أي خسائر أخرى.
لكن الأمر ذاته معي، من الصعب علي تحمل حياتي على هذه الوتيرة.
من الصعب الإكمال حقاً.
ما تحطم بداخلي لن يعود أبداً ولو بعد حين.
ستتجه روحي لوالداي، وتشانيول .
لن يبقى هنا سوا جسدي الذي تم تلطيخه بالدماء.
أشعر بأنفاسي تُسلب مني ببطئ، بينما أطرافي بدأت تبرد.
أنا أسف مجدداً بيكبيوم، لكن رحيلي أفضل لكلانا.
أنت لا تعلم ما مررت به، ولن تعلم أبداً كيف كنت أشعر كل تلك المدة.
لن تشعر بالألم والدمار الذي احتل جسدي بأكمله في الأونة الأخيرة، وقبل ظهور تشانيول.
سامحني على قسوتي، وعلى تسبيب لك المتاعب.
حين يلاحظ الجميع نتيجة أفعالهم، سيكون الأوان قد فات بالفعل.
حينها سأكون قد تخلصت من كل شئ، للأبد.
غطى السواد على عيناي لأغمضها ببطئ.
إنها النهاية الآن ..
______________________________________
______________________________________
سحب بيكبيوم صديقه خلفه ليجلسا سوياً، لينظف بيكبيوم حنجرته مستعداً لسرد التفاصيل.
"يبدو أن حادثة تشانيول اشتهرت في هذا الحي قبل قدومنا."
صمت لبرهة ليُردف حديثه بعدها
"سيهون يعيش هنا منذ مدة طويلة، هو يعلم بكل ما حدث في هذا المكان."
نظر جونميون بعدها لصديقه، ليبدأ بتحريك لسانه الذي شعر بأنه قد توقف عن الحركة من فترة
"إذاً، هل أخبرك سيهون بكل ما يعلمه عن تشانيول؟"
أومئ بيكبيوم فقط كإجابة على سؤال صديقه.
"أين تعرفت على سيهون؟"
سأل بيكبيوم بجدية.
لدرجة أن جونميون قد شعر بالتوتر لوهلة.
"عن طريق تدريبات السباحة التي أرتاد لها، لماذا؟"
سأل بتوتر ، فالأجواء هنا مشحونة منذ مدة.
تسائل في نفسه؛ 'هو يشعر بالتوتر في محله هنا، فكيف هو شعور صديقه الآن؟' سوف يثني على صبر وقوة بيكبيوم حتى اليوم الذي ستُسلب فيه أنفاسه.
"لا شئ، أردت فقط الإستفسار. أنت بالتأكيد تعلم أيضاً أن سيهون يعيش هنا، لم تكن مصادفة أليس كذلك؟"
سأل بيكبيوم مجدداً، ليشعر الآخر وكأنه في تحقيق ما.
ليجيب بسرعة
"أجل أعلم، لذلك أخترته هو تحديداً."
زفر بيكبيوم أنفاسه بضيق، ضاق صدره منذ مدة.
ضغوطات الحياة في ازديادٍ ملحوظ.
لا سيما شبح أخطاؤه الذي يطارده، ويستهدف شقيقه الصغير.
إلى متى سيستمر هذا الوضع؟ متى سيشعر هو وشقيقه بالدفئ؟
مركزَ وجهه بين كفيه، ليضع صديقه يده على كتفه.
"هل أنت بخير؟"
سأل جونميون مستفسراً عن حالة صديقه.
"لا، جونميون. لست بخير."
قالها ليقترب منه صديقه أكثر.
"أخبرني بما تشعر به."
قالها جونميون بنبرته الدافئة والحنونة، بينما لا يزال واضعاً كفه على كتف صديقه.
"كل شئ ينهار من حولي فقط، ولا يمكنني انقاذه. لا يمكنني إيقاف ما يحدث."
قالها بنبرة منهكة.
صمت جونميون فقط بينما لا يزال يحدق بصديقه.
لينهض الآخر فجأة.
"سأذهب لأطمئن على بيكهيون."
اتجه جونميون خلفه ليصعد معه.
لكن توقف بيكبيوم فجأة عند بداية الدرج.
دقق كلاهما السمع، ليستوعبان ببطئ أنه صوت بيكهيون يتحدث مع شخص ما.
تسمرا لبضع ثوان، دقات قلبهما تتسارع لدرجة وصول صوت كلٍ منها لآذان الاخر.
اسرع بيكبيوم للأعلى ليلحقه صديقه.
"ما الذي تفعله بيكهيون؟"
قالها بينما فتح الباب بقوة لينتفض شقيقه فزعاً.
______________________________________
ترك شقيقه مع جونميون بالأسفل، ليختلي بنفسه لبعض الوقت.
قرر إكمال نوبة بكاؤه بمفرده.
يبدو أن مأساته لن تنتهي، هي بالفعل طالت.
لم يعد بوسعه الصمود أكثر، قناع القوة الذي لطالما ارتداه تحطم.
يجب عليه الإعتراف الآن، هو ضعيف. هو لم يكن قوياً يوماً.
كان دائماً ما يربط سعادته مع الأخرين، إلى أن أختفى الجميع؛ لتختفي سعادته.
شعر بإنكماش بشرته بسبب كثرة البكاء.
قد تتشقق في أي لحظة.
هل سينتهي به الحال فاقداً لبصره بسبب كثرة ما أهدر من دموع؟
هل ستصاب أحباله الصوتية بعلةٍ ما بسبب شهقاته المكتومة؟
هل سيستطيع الإكمال على هذه الوتيرة؟
لقد فقد الأمل في تحسن حياته. لم يعد ينتظر منها شيئاً.
سوا اليوم الذي ستُسلب فيه أنفاسه.
شعر بيد باردة توضع على كتفه بهدوء، لينتفض جسده الصغير فزعاً.
تردد للحظة ليقرر بعدها رفع رأسه.
"تشانيول؟"
قالها بتعلثم وبصوته المبحوح.
لينظر له بعينيه الدامعة.
توسعت عيناه لينتفض بسرعة من مكانه، محاوطاً رقبة الأخر بذراعيه.
"أين كنت طوال هذه المدة ، اشتقت لك حقا."
قالها بصوته الباكي بينما لازال متشبثاً بالأخر، دافناً رأسه في عنقه.
ليحاوطه ببطئ.
"هل تأخرت، بيكهيون؟"
قالها بصوتٍ عميق، ودافئ.
كان الأخر بحاجة لهذا العناق، الذي استعاد به أنفاسه المسلوبة.
دقات قلبه بدأت تنتظم تدريجياً، شعور السعادة والطمأنينة بدأ يغمره بهدوء.
كيف يمكن لعناقٍ فقط مداواة جميع جروحه؟
"أجل، تأخرت كثيراً."
قالها بينما لم يفصل عناقهما بعد. هو أحب تلك اللحظة كثيراً.
تمنى لو أن الوقت يتوقف، ويختفي العالم أجمع عدا تشانيول وهو.
"أسف، لن أكررها."
قالها بينما لم تتغير نبرته.
الأخر أحبها كثيراً.
"لا بأس، كل شئ بخير." قالها بيكهيون ليشدد على عناقه أكثر. ليقهقه الأخر بخفة، على هذا الصغير بين ذراعيه.
ابتعد بيكهيون قليلاً، لتستبيح له رؤية تشانيول بوضوح أكثر.
هو يود النظر له طيلة حياته، كانت عيناه تشتاق لملامح الأخر.
عيناه الحمراء، غرقت بعيني الأخر.
"عدني أنك لن تتركني مجدداً، تشانيول."
قالها بدون وعي منه، ليس وكأن تشانيول لم يعده من قبل.
لكن الوضع يختلف الآن. هو أحتاج لهذا الوعد أكثر من أي وقت مضى.
رُسمت إبتسامة على شفتاي الأخر. لم يفهم بيكهيون سببها الآن، لكنه فقط أحبها.
هو أحب كل تفاصيله.
هل سيسمع ما يبتغيه الآن؟
فُتح الباب على غفلة ليظهر جسد شقيقه، الذي احتلت ملامحه علامات الفزع والخوف.
اقترب ببطئ من بيكهيون، بينما الأخر فقط ساكن؛ لا يتحرك.
وضع يداه على كتفه ليسبحه ببطئ بين ذراعيه.
"ابتعد عني."
دفع بيكهيون يدا شقيقه بقوة بينما تنهمر دموعه.
نظر لتشانيول ليجده اختفى، مجدداً.
"توقف عن حماقاتك بيكهيون، لمَ تُعلق نفسك بشخصية وهمية؟"
قالها بيكبيوم بإنفعال، لتزيد تلك الجملة من عناء بيكهيون وتزيد معها دموعه.
"بيكبيوم، لا تعالجني. أرجوك."
قالها بعدما هدأ من غضبه قليلاً.
"لا يمكن بيكهيون، ستتعالج وستصبح بخير." غضب شقيقه من هذه الجملة، هو لم يكن بخير قبل ظهور تشانيول. ولن يصبح بخير بعد اختفاءه.
كل شئ متمحور حول وجوده.
"أنا لن أكون بخير طالما هو ليس معي. لم تعاقبني أنا؟ أنت من يستحق العقاب، وجميع من حولك أيضاً. لم تعاقبني عوضاً عن من قام بإيذائي وإيصالي لتلك المرحلة؟"
صمت قليلاً ليكمل بنبرة مترجية
"لا أجد ما يسعدني في الواقع لذا، أرجوك اترك لي ما يسعدني في أوهامي. لقد وجدته بالفعل."
قالها بصوت هادئ، عكس نبرته في البداية.
بينما بيكبيوم سرح يفكر في كلمات شقيقه.
في لحظات الغضب يقول الإنسان ما يشعر به.
هذا يعني أن بيكهيون يكرهه؟ هو يكِن له الضغينة؟
لم يستطع تخطي كلماته، ولن يستطيع ربما.
تألم لسماعها، لكنه كان بالفعل يستحقها.
مهما كان ما يشعر به، فهو لا شئ مقارنة بألم بيكهيون.
وضع يده على كتف شقيقه الباكي، ليسحبه بهدوء من ذراعه.
"تعال معي للأسفل، سنتحدث قليلاً."
الأخر لبى أمره دون مقاومة.
ليس لأنه وافق على هذا، لكن فقط لم يعد يملك القدرة للجدال او المناقشة.
______________________________________
تسارع الوقت ليبيح للمساء بأخذ دورته.
لا زال بيكهيون شارد الذهن، جفت عيناه وكذلك دموعه.
هو الآن مُلقى بين أحضان شقيقه، لكن هذا العناق تأخر قليلاً.
فهو قد ضاعَ بالفعل.
لم يعد لهذا العناق قيمة، اختفى رونقه.
فقد الدفئ الذي من المفترض أن يحتويه.
قُتل شعور الدفئ والأمان داخل بيكهيون.
هل سيمكن لأي شئ أن يعوض فقدانه لتشانيول؟
بيكبيوم تعجب سكونه.
هو لا يشكي، يكتفي فقط بالبكاء بمفرده.
"هل تريد النوم معي الليلة؟"
قالها بهدوء حتى لا يقطع شرود شقيقه.
اومئ الأخر فقط، هو لا يريد النوم وحده، يحاول قدر المستطاع التقليل من هذا الشعور في روحه.
لا يريد أن يشعر بالوحدة مجدداً.
"جيد"
قالها بيكبيوم بحماس، هو ممتن لتشانيول أيضاً.
فهو غير الكثير من الأمور.
______________________________________
مر يومان على هذا اليوم، الذي غير الكثير في حياة بيكهيون وكذلك شقيقه.
"هيا بيكهيون، الفطور جاهز استيقظ."
قالها بيكبيوم بينما يحاول إيقاظ بيكهيون.
الذي بدا وكأنه جسد فقط دون روح، لا حركة فيه.
جميع محاولاته في إيقاظه تبوء بالفشل في النهاية.
سئم من المحاولة ليقم بفتح ستائر الغرفة سامحاً للضوء بالدخول، بعد أن قام بحبسه لمدة.
خرج من الغرفة وأغلق الباب خلفه، تاركاً بيكهيون ينعم بأحلامه التي ربما يلعنه فيها.
نزل ببطئ من على الدرج، ليجهز الطعام إلى أن يستيقظ شقيقه.
إلقاء اللوم على نفسه لن يؤثر في شئ الآن.
أين كانت صحوة ضميره تلك في السابق؟
دموعه تنساب، هو يتظاهر بالقوة فقط أمام بيكهيون.
لكنه متعب، ولا يمكنه التعبير عن هذا أبدا.
يجب عليه إصلاح ما أفسده، قبل أن يفوت الوقت.
أنهى ما كان يحضره، ليجلس بعدها على الطاولة وحده.
شرد ذهنه لفترة من الزمن، ليوقظه صوت وقع أقدام بيكهيون على الدرج.
استقبلته نظراته وظلت تجول معه إلى كل مكان يتجه له، بينما بيكهيون لم يعره إهتمام.
ذهب ليلتقط كوب الماء بيده ليشربه كله ثم أعاده.
كان على وشك الصعود مجدداً لولا إيقاف بيكبيوم له.
"إلى أين أنت ذاهب؟ ألن تأكل معي؟" قالها ليلتفت بيكهيون.
صم لفترة ليهز رأسه فقط دون الرد.
كان سيكمل طريقه لكن بيكبيوم اتجه له وأوقفه "ابقى معي هنا."
نظر بيكهيون له ثم تكلم بصوت مبحوح
"لا، سأعود للنوم."
قالها ببرود ليزفر الأخر.
"لن أدعك تجلس وحدك بيكهيون."
ابتسم بيكهيون إبتسامة جانبية.
حدق بها شقيقه، هو يعلم بالفعل ما يود قوله.
"دعني بيكبيو ، لا تدعي الإهتمام."
قالها بينما يحاول إفلات ذراعه من بين يدي شقيقه.
"بيكهيون أنا لا أدعي، أقسم. دعنا فقط نصلح كل شئ."
تحولت ملامح بيكهيون لأخرى غاضبة.
كلام شقيقه ولسبب ما أغضبه.
نظر له بحدة لتبدأ نبرته بالإرتفاع
"هل كل ما كُسر داخلي من السهل إصلاحه بالنسبة لك؟ ألا تعلم أنك دمرت كل شئ؟"
لن يتوقف بيكهيون عن إلقاء الكلمات الجارحة على ما يبدو.
"ليس هذا ما أقصده بيكهيون، لكنني أريد العودة للسابق. دون مشاكل أبداً."
ابتسم بيكهيون بسخرية، هو لا يستطيع تصديق حرف مما يتفوه به شقيقه.
هو الآن يظن أنه أناني ، يفكر بذاته فقط.
"أنت أناني، دمرت كل شئ بيكبيوم. وفقدت جزء كبيراً مني بسببك. تباً لك."
قالها بيكهيون بهدوء ليصعد لغرفته مرة أخرى.
لازال يقتل شقيقه بكلامه، هو يجرحه في كل حرف بحق جرحه له في كل فعل. هو ينتقم لنفسه ربما.
عاد بيكبيوم للطاولة، يفكر بجميع ما قاله بيكهيون.
على الرغم من كون كلماته جارحة وقاسية.
إلا أنه محق، محق في كل شئ قاله.
من حق بيكهيون الآن الإنتقام كما يشاء لقد حان دوره.
كل ما سيفعله بيكهيون الآن، هو الإستسلام.
سيتوقف عن المقاومة، سيترك الأمور تسير كما هو مخطط لها.
ستحمله أمواج القدر ملقية به إلى شاطئ مصيره، وهو لن يكترث إن أضاع الطريق.
______________________________________
مر أسبوع بالفعل.
أستيقظت من نومي بسبب هزات بيكبيوم المتكررة.
لا أريد الاستيقاظ، أنا أريد الإنتهاء من كل هذا.
لكن ألن يكون هذا تصرفاً جشعاً مني؟
لا أعلم لماذا أفكر في بيكبيوم، على الرغم من أنه لم يفعل.
"هيا بيكهيون، الطعام جاهز."
أومأت له فقط، لينظر لي لبضع ثواني ثم يرحل.
الوضع سئ هنا، ومخيف.
أنا فقط يمكنني سماع صوت دقات قلبي الغير منتظمة ولا شئ غيرها.
الخوف يسيطر علي، لم أعد أملك القدرة على البكاء مجدداً.
نهضت بخمول، لأتناول الفطور بالأسفل.
لا شهية لي، لكن أريد أن أبقى مع بيكبيوم أطول وقت ممكن. حسمت أمري.
جلست على الطاولة، بقيت فقط أحدق به بينما يتناول طعامه.
كانت نظراتي فارغة تماماً، لا تحمل أي تعبير يستنتج من خلاله حالتي.
"لماذا تنظر لي هكذا؟"
قالها بينما كان فمه مملوء بالطعام، ونظراته متعجبة.
قهقهت بخفة على شكله لأرد عليه
"لا شئ."
تجاهل بيكبيوم الأمر قليلاً ليتكلم مجدداً
"لم لا تأكل؟"
أنزلت يدي التي اسند رأسي عليها لأتنهد ثم أقول بملل
"لا أريد."
ترك بيكبيوم ما بيده ليتجه لي ثم وضع يده على كتفي
"لا تقلق، سأبقى معك بيكهيون، أعدك."
وجهت نظري للأرض لتبدأ بعض الدموع بالتجمع في عيناي، لاحظها بيكبيوم ليهم بمعانقتي.
بقي هكذا لبعض الوقت ثم ابتعدت قليلاً لأتكلم "سأصعد لغرفتي، أود النوم قليلاً."
قلتها ليصدم بيكبيوم
"لكنك استيقظت للتو؟!" قالها بتعجب لأتنهد قائلاً "أرجوك بيكبيوم، دعني أفعل ما أشاء."
نظرت له مطولاً ليبتسم لي كمحاولة فاشلة منه لإطمئناني.
صعدت فقط بهدوء لأدخل غرفتي، ثم أغلقت الباب خلفي.
يجب علي إنهاء كل هذا .
بقيت أفكر قليلاً بالأمر، بينما دقات قلبي في تسارع ملحوظ.
تسللت أناملي ببطئ، لأخرج من جيبي شفرة بيكبيوم الحادة.
كنت قد أخذتها صباحاً دون علمه.
يجب إنهاء الأمر بسرعة قبل أن يلحظ عدم وجودها.
جلست على الأرضية الباردة، لأزيل قطعة القماش تلك من على يداي، لأشعر بالبرودة التي جعلت من جسدي يقشعر.
لم أعد أشعر بأنفاسي، فعلى الرغم من رغبتي في إنهاء هذا الألم بأسرع وقت، إلا أنني خائف من اتخاذ تلك الخطوة.
لكن لا مجال للتراجع، يجب أن أتقبل الأمر، أنا سئ في أمور الحياة ومجاراتها.
بقيت أنظر لذراعي الشاحب، باحثاً عن الخط الأرجواني الذي سأقوم بقطعه.
كان من الصعب إيجاده، نظراً لسوء تغذيتي وشحوب بشرتي.
إلى أن وجدته أخيراً، لأضع الأداة الحادة فوقه ثم أغمض عيناي وأعض على شفتاي.
بدأت أحركها ببطئ فوق رسغي، لأشعر بالألم ينفجر فجأة في سائر أعضائي لأعض على شفتاي أكثر بينما قمت بإطلاق تأوه مكتوم، أحكمت إغلاق عيني حتى لا أرى شكل الدماء وهو يتدفق متجنباً حالة الذعر التي قد تصيبني من شكله مما قد يؤدي إلى تراجعي عن هذا القرار. لأنني ببساطة لا أريد.
فارقت بين شفتاي، لأقم بالتنفس بقوة، فأنفي لم يعد كافياً الآن.
أكملت تمريرها، بينما أضغط بقوة أكثر لأعقد حاجباي ألماً. مع إصدار أنين عال بعض الشئ.
تلك ستكون أخر مرة أشعر فيها بالألم، من المؤسف أن أنهي حياتي بهذا الشكل.
بدأت أشعر بالدماء الدافئة تغرق يدي وما حولها.
لأشعر بالطمأنينة دون سبب.
فعلت المثل في رسغي الأخر، لأقم بعدها بإلقاء الشفرة بعيداً بألم.
فتحت عيناي ببطئ لأرى الدماء حولي فأغلقتها مجدداً بسرعة.
قد يكون مظهرها مرعباً بعض الشئ.
من الجيد أنني لم أنشئ الكثير من العلاقات، فلن يحزن الكثير على رحيلي الآن.
فتحت عيناي لأرى حولي بعض الزهور البيضاء التي يتم تدنيس رونقها بسبب دمائي.
وفي نهايتها يقف تشانيول، ناظراً للسماء بإبتسامة دافئة شقت وجهه.
هو ينتظرني الآن، سوف يصطحبني معه.
ابتسمت بتعب فقط، أدركت الآن أن النهاية قريبة.
أكثر من أي وقت مضى.
أسف بيكبيوم، أعلم أنك ستتألم وأنه لمن الصعب عليك تحمل أي خسائر أخرى.
لكن الأمر ذاته معي، من الصعب علي تحمل حياتي على هذه الوتيرة.
من الصعب الإكمال حقاً.
ما تحطم بداخلي لن يعود أبداً ولو بعد حين.
ستتجه روحي لوالداي، وتشانيول .
لن يبقى هنا سوا جسدي الذي تم تلطيخه بالدماء.
أشعر بأنفاسي تُسلب مني ببطئ، بينما أطرافي بدأت تبرد.
أنا أسف مجدداً بيكبيوم، لكن رحيلي أفضل لكلانا.
أنت لا تعلم ما مررت به، ولن تعلم أبداً كيف كنت أشعر كل تلك المدة.
لن تشعر بالألم والدمار الذي احتل جسدي بأكمله في الأونة الأخيرة، وقبل ظهور تشانيول.
سامحني على قسوتي، وعلى تسبيب لك المتاعب.
حين يلاحظ الجميع نتيجة أفعالهم، سيكون الأوان قد فات بالفعل.
حينها سأكون قد تخلصت من كل شئ، للأبد.
غطى السواد على عيناي لأغمضها ببطئ.
إنها النهاية الآن ..
______________________________________
Коментарі