٦
SPECIAL PART.
عَـنْ ثُنـائي « كـاتي وسينيـورِ ».
- PART SIX.
°°°
« الكَـاتِبـة ».
طَوى التذِكَرةَ بينِ يديِه بِغيظِ، لقَدِ أُرِغَمَ على صُعودِ القِطـارِ بعَدّ أنِ ألُغَيتَ رحلةِ الطائِرةً، كَانتِ عَينيهِ تتنَقِلَ فِي وُجوهِ المَوجودين فِي الإزدحام، زَفِر بحَنِق عِندماَ تداركِ أنِهُ لايعلمِ أحـدٌ مِنهُم، أصِطَدِمَ جسَدِ شخَصِ بهِ، جَعلهُ يرتدِّ للِخلفِ قليلًا ولَكِن سُـرعـانِ وأخِتفى هَذا الشخَصِ، وما لَمحهُ بهِ، قِرطانِ مِنْ الفِضة علي آذُنيهِ.
حمَلِ حقيبتهُ وذهَبِ للِمكانَ جَلوسهُ، إنتبهَ أن أحدَ يُشارِكهُ الجُلوسِ، ولكِنهُ لمِ يستطيعِ التعَرِف عليّ وجههُ، لِكّونهُ يُبعثِرَ فِي أغراضهُ مُندثرًا وجههُ بهمِ، وضع حقيبتهُ بجانِبهُ وعينيهِ شَرِدتَ على نافذتهُ، كَانْ مظهرِ الغابةَ جَميل بالنسبة لهُ، تترَانِحَ الأشِجَارِ الخَضِراءَ التي أغرقتِ أوراقهَا بِماءَ الأمِطارِ، رائِحَة الرُطوبِة المُنِبعثةَ مِنهَا، والهُواءِ الباَرِد الذيّ تَصادَمِ مع بشرتهُ القمحاويـة، تنفَسِ يستشِعرَ الرِياحَ مُغِلَق جِفنيهِ، حتى قاطِعهُ همِسًا بإسمِهُ:
- سينيور !
فتحَ عينيهِ ليِنْظُر للِجالسِ أمامهُ، تَوِسعتِ عينيهِ عِندما وجودِ أنْ الجالِس أمامهُ، مُطَاردتهُ الجَمِيلة، «كَـاتـي».
كـانِ مظهرِهَا مُخِتلفًا عَـنْ ذيّ قبل، شعرِها قَدِ قصتهُ، شبيهًا بالرِجَالِ، شعرهَا كَانِ يصَلِ إليّ أسِفلَ أذنيها بِبضعة سنِتيمتراتِ، الآنِ قَد حُلِق كلهُ، مُتبقيًا مِنهُ فِيّ الجهة الأمامية مِنْ رأسِها، لَاحظتِ نظراتهُ المُتعلقِةَ علي شعرِها، ومَلامِحَ التهجِمُ البَادِية عليّ وجِهُهَ، قَالتِ لتقاطِعَ تَآمِلهُ بها:
- إذًا، ستذِهَبِ إليّ أسِبانيا!.
أومَأ لها وعينيهِ تتفحَصِ ملامحها، شفتيها المُمتلئِة، وجهها المُنِتفخَ مُظِهَرًا آثَـارِ البُكاءَ، عينيهِاَ التيّ تلونَتِ باللونِ الورديّ.
بشرتهَا البيضاءِ، التيّ تغى عليها اللون الزَهَرِيّ، أشِتعلتِ وجنتيها بالِحُمرةَ مِنْ تعَقِبهُ لِتقلبُاتِ وجهها، قهقهَ عِندما لاحٓظَ خجلها، قـالِ وهـُوِ يتصنِعَ الجِديـة:
- لِماذا قصَصِتَ شعركِ هكذا؟!، أصِبحتِ ..
قاطَعتهُ وهى تتنهدِ بِعُمق:
- أصِبحتُ أشِبـهَ الرِجـال، إليس كذلكِ؟.
أومـأ لهَا، وهُـوِ يراقبِ ملامحها العابسة، شعرِ بالتوترِ بينهُما، غيـِر قـادِرَ عليّ الحَـدِيـثَ ولـا هي، أرِدف مُعاودًا سؤالهِ:
- لماذا فعلتِ بشعركِ هكذا؟.
قالهَا وعينيهِ تتفحصِ ملامحها الحَانِقة، وكأنِ كلماتهُ أخنقتها، وضعتِ يديها عليّ شعرِهَا بتوترِ، تعلمِ أنِهُ منِتَظُرَ ردًا ولكنها لاتستطيعِ البَـوِحَ بما بِداخلهاَ، أرِدفتَ وعينيها تهَرُبانِ من عينيهِ:
- أحَـبـبِتَ التغَير.
تابعتِ بإبتسامة هادئة عليّ شفتيها :
- ولكنيّ أُريـد أن أسـألكَ، هَـل أنِتَ أسباني الأصل؟
أومُأ لها وملامِح الفخَرِ تَرِتسِمَ علي ملامحهُ، لِتنَظُرِ إليهِ وتبدأ بالِقهقهة عليّ مظهرهُ، ليبادِرها في الضحكاتِ، كَانتِ الدِمُوعِ تتكّونِ بمُقلتيها وهي تزدادِ فِيّ الضحكات، ولكنها لم تستطيعِ المُمَاطلة والصمُودِ، ونهضتِ تارِكة إياهَ ينِظُر إليهَا مُتعجبًا مِنْ تصرفها، وركضها، واضِعة يديها عليّ عينيها، لم يستطيع فهم مَا الذيّ يحدثُ معها!.
نهضِ عِندما إنتبهَ إنها تأخرتِ فيّ العُودِة، خطى خُطواتِ بطيئة، وعينيهِ تتفحصِ المكانِ، حتي وقعتِ عينيهِ عليها واقِفة أمامِ مِرآة، تنِظُر لـهيئتها مِنْ خِلالها، وقفِ خلفها، لاحظِ شُرودها، همِسَ بهُدوءِ حتيّ لايفِزَعها:
- ولكِن يبدُو أنِهُ كَانِ قَرارِ قاسي .
تساءلتَ وعينيها تنِظُر إليهِ عبرِ المرآة:
- مـا هـُو؟
- حلقكِ لشعركِ.
كَانِت تتفحصِ ملامِحها مُقرِبة وجهها للِمرِآة، تنهدتِ قائلـة:
- أنتَ تعلمِ أن يُجِب عليّ العائِلاتِ الفقيرة، قَصِ شعرِ أبنائهُم.
أرِدف وهُو ينِظُر لعينيها الواسِعة:
- يُوجِب عليّ الأبناءَ وليسَ الفتياتِ .
ألتفتتِ إليهِ وإبتسامة بدأتِ بِالنُمو سريعًا، قـالتِ وقدِ تخلخلتِ نبرة الفرحَـة لصوتها:
- إذًا تعتبرني، فتاة؟
عَضِ عليّ شفتيهِ، مُستفهمًا ماترميِهَ مِن كلماتَ، فَ قـال وهُو يرجع بعض الخطواتِ للخِلف:
- نَعمِ، إنتِ بنظريّ فتاة .
-جميلة؟
أستفهمتِ منهُ، ليعقد حاجيبيهِ منها، أنها جمِيلة بنظرهُ كَأيّ فتاة، ولكنهُ كان يحبِ واحدة وكان لديِهَ الحق بقول لها، هيّ فقطِ، شعُورِ راودهُ، هُو لايستطيع قولها لأيّ أحَـدِ، شَعَرِ بقشعريرة تَسريّ بداخلهُ، لِتذكَرهُ أنهُ برجوعهُ، سيراها، سيريّ حبيبتهُ السابِقة « آريـن ».
« سيـنيـوُرِ ».
عقـدِّ لساني، لا أستطيع التفوهَ بها، أنها تستحق بأن اخِبرها بِكّمِ هيّ جميـلة، ولـكِن لَمّ اعُدّ أرغَبِ بقولها، لاحَظِتُ عبوسها هاتفة:
- إذًا لنْ تقولهـا!
ثُم أكَملتِ ببعضَ الحماسِ:
- لايَهُـم سأنِتَظِـر .
عَدنا للجُلوسِ فِي مقاعِدنا، جلستِ أماميّ وعينيها تنِظُر إليّ بِتفَحُصِ، كُلمَا أحاول أن أخِبرَ نفسيّ بأنها ليستَ مِثلهُنْ، أفعالها تتغيِر لهُنْ، قَلّت ثقتيّ بالفتيات بَعـدّ أن تركتنيّ " آرين" من أجَل أنها لن تستطيع الإنتظارِ، لاتُريدنيّ أن أحُققِ حُلميّ الوحيدِ، تُريد أن تكّونِ حُلمي ولكَنِ كَيـف!، وكَانِت أحد اهدافي لتحقيق حُلمي ..
جلبِتَ غِطاءَ قُطنيّ خفيفِ، ووَضعتهُ عليّ جسدي الأمامي، وعينيّ تنِظُر إليها، كَانِتَ تضعَ سماعاتِ الأذِن تستمع لـإحـديّ الأغاني الهادِئـة، وتكَتُبِ بدفترها، لم أرِغبَ بمقاطعتها، وسؤالها عـن ماذا تفعـل، أحَبَبِتِ هُـدوئهَا اللطيـف، أتمني أنِ تبقيّ هكذا بِدُون أن تزعجني، لَمحتُ لامعانِ عينيها، وإبتسامة لطيفة، زادتها جمالـًا، لا أعلـم مَا آمَريّ معها، صوتها الذيّ يجعل ذهني صافيًا للرسِم، وتشبُثِيّ بها، لا أعلـم هل حقًا بدأتُ أنِجَذِب لها، أم فقط بعض الترهات تحدُثِ معيّ، لمُجردِ أنيّ احببتِ ملامِحها .
ولـكـنِ خَطِـر ببالي جُملتها تَرِنَ بداخلي، ماذا تعني بالقانونِ التي قالتهُ، إنهُ يوجِبَ علي الفتيان، ويوجِب على المُهاجرين إذ كان لديهُم فتياتِ ..
الآنِ فهمتِ، ولكنِ كانَ مِن المُمِكن أن تُقدمِ بلاغًا عنْ هَـذهِ الفقرة وعَـدمِ موافقتها عليها، عينيها تنبعث منها، الهزيمة، الحُزِن، واليآسِ، لم آراها هكذا مِنْ قبـل، كَانتِ مصدِرَ البهجة، كَانتِ البلهاءَ المُضحكة، ولكنِ يبدو أن ليس كُل ماهُو ظاهِر حقيقي، أخفتِ مشاعِر اليآسِ، لتنِير الامَل في النفوسِ ..
زَادِ فضولي الآن، عمَا تكتبهُ بهذا الدفتَرِ، هَـلِ تِكَتُب يومياتها، أم عنيّ، أُريـد أن أرى مايحتويّ هـذا الدفتر ..
خلعتِ سماعاتها، ووضعتها برفقة الدفتَرِ، بداخِل حقيبتها، ثم أحضرِتَ غطاءَ قُطني لونهُ أبيضَ وغطتِ بالنومِ، نظرِتُ بداخِل حقيبتها وحقًا تمنيتُ لَـوُ سألِتها عَـنْ ما كتبتهُ، ولكنِ استسلمتُ للنِومَ مِثلهـا ..
°°°
« الكَاتِبة » .
قفزَتِ أمامهُ، حامِلة حقيبتها عليّ كِتِفيها، كانِ مظهرهَا مُضِحكًا وهيّ تقفزِ مما إرتسمتِ عليّ شفتيهِ إبتسامة خفيفة، هتفتِ قائـلة بتساءُل:
- إذًا، سنذهَبِ معًا؟
قطِبَ حاجيبيهِ بتعجِبُ، فـ أسترسلتِ موضحة:
- أرُيـد الجُلوسِ معكَ فِيّ منزلكَ!؟.
كانت لاتوضح لهُ بَـل تسألهُ، لاتَرٓغبَ بِالذهَـابِ لمنزلها، لاتُريدِ مقابلة عائلتها، أمـا هُـو زفرَ بضيق، ثمُ صاحَ بها بحدة:
- هَلِ تُظنينِ إننيّ واقعًا بغرامكِ، حتي أجعلكِ تآتيّ للعيشِ معيّ!
قاطعتهُ بنبرة هادِئة:
- لَمِ أقصِدُ ذلك ..
بَتَر كلامها قائلًا:
- أغُربي عن وجهي، لم أعُدّ أريد النَظِر لوجهكِ .
كانتِ كلماتهُ قاسية، حتي وإن لم يقصُدِ كانت كفيلة بتحطيمها، كانت تتمني من نواحيّ قلبها، بأن يرضي ويتقبل أن تآتي للعيش معهُ، لحيـن أن تنتهي الأجازة الأسبوعية، ولكنِ صُراخُهَ بها، جعلها توقِـن أن ليس هُنـاك مَنِ يحُبها فِي هذا العالـمِ .
أستدارِ راحلًا، لترِكُض نحوهُ مُمِسكة بذراعهُ، ليلتفتِ لها ووجِهُ أحمِر نتيجة غضبهُ، قـالتِ بنبرة هادِئـة:
- شُكِرًا لـك .
تركتهُ، وذهبتِ لموقفِ السياراتِ، أمَا هُو فقدِ دّبِ بداخَلهُ، النَدِمَ والعتَابِ مِنْ كلماتهُ، وقبـل أن يذهَبِ إليها وجدها، تصعَدِ بإحـديّ سيارات الآجُرة، لتنطلقِ راحِلـة .
لَمِح سائقهُ واقفًا على بعُدّ ليس بكبير، ذهَـبِ بخطواتِ بطيئة وكل مايسير خطوة للأمام تصحبها إلتفافة، حتيّ وقفَ أمام سيارتهُ الچيبِ السوداءَ، فتحَ لـهُ السـائقِ ليصعدِ بداخلها بِهُدوءِ، نظـر لـهُ السائِقَ «خُـولـو »، بتَعّجُبِ مِنْ ملامحُ الضيقِ، المَلحوظة عليّ قسماتِ وجههُ، أرِدَفَ وهُو ينظِر أمامهُ:
- لماذا لمِ تخَبِر صديقك بالذهابِ معنا؟
عَضِ 'سينيورِ' عليّ شفتيهِ السفلية، شعَرِ بالغضِبَ قليلًا، لا يعلم هَـل منها لجعلها أمَـامِ الناظِريـن فتى، أمَـا هُو غاضِبًا مِن نفسهُ، أرِدفَ وهُو ينظر من النافذة:
- إنها فتاة !.
نظَـرِ 'سينيورِ' إليّ ملامِح سائقهُ المقتضبة، قـال 'خُولو' وهو ينظر لسيدهُ عبر المرآة الأمامية:
- إذًا، إنها مِنْ المُهاجِريـن .
أومَأ لهُ، ثُمِ أكتفى بالصمِت، كَـان يتذكِر أيـام لقائتهُ بها، وكم كَانتِ ملامحها عكَسِ التيّ كانت معهُ اليوم ..
°°°
« كَـاتـي ».
جاءتنيّ مُكالمة من أبيّ، يخبرنيّ عليّ أن طلبهُ قَدّ رُفِض من المُقاطَعة، وأنهُ يتوجِب عليّ حَـلِق شعريّ، حتيّ استطيع القدُومِ، بكيتُ لأنيّ كنتِ أنِتَظِر نموهُ من جديد، يومهَـا أحَضرِتَ مكينة للحلاقة مِن أحَـد زُملائـيّ، وفعلتها، كَان قاسيًا بالنسبة ليّ، لعِدّة أسباب، أحدهُمِ إنيّ مللتُ مِن تقصيِرهُ، والسببِ الآخَرِ، أن أبيّ لم يحاول تقديم الطَلبِ مرةٌ آخُري، بَل إكتفى بهذهِ المرة، ولم يفعلها مَرِةٌ آخُري ..
شعَرتُ بالإنكسارِ مِنْ نظراتِ الآخرين لي، صباحِ اليومُ التالي، كُنا جميعًا نرحَـل لبلادنا، ولكنِ لعدم وجودِ مأوي ليّ فِي بلاديّ الحقيقية، ليسِ ليّ الحقَ فِي العيش، بسببِ ديوان كان أبيّ من فعلها..
تمنيتُ للحظاتِ أن أذِهَبِ بعيدًا عـنْ هذهِ الدُنيا، حتيّ رأيتهُ، عِندما رأيتِ ' سينيورِ' تخلخل بداخليّ الأمِل، الامِل فِي البقاءَ، إبتسامتهُ وملامحهُ التي جذبتِ قلبي لهُ، سعَدِتَ أوصاليّ عندما عقِد معي إتفاقَ، أن أغنيّ لهُ، ليستطيع أن ينتج لوحة يعرضها فِي الأحتفال الذي يعقدِ بنهاية العـامِ ..
كُلما ضاقِت بيا نفسي، كُنتَ أراهَ، أشِعُرِ بالحياة تَدِّب فيّ جسدي، والفرح ينتشل الضيق ليحل محلهُ الهُدوءِ ..
أفقتُ مِن شُروديّ عليّ صوتِ السائقَ يخبرنيّ، بأننا قد وصلنا، تمنيتُ سماع شئ آخَـرِ، جَررِتُ الحقيبة خلفي، لم أعُدّ قادِرةَ عليّ حملها، مرةٌ آخُري، تعبِتَ مفاصيل جسديّ، وضعتُ أصبعي عليّ زِر الجَرِسَ، إنتظرتُ قليلًا ولكن لامُجيبَ، هَل حقًا، ليس موجودِ بالمنزلَ، ضغتُ عليّ الزِرَ مرة آخُري، ثُمَ فتح البابِ، لَمِ يَكُنِ أبيّ، بـل زوجتهُ ..
خَالتي 'روزِ' التيّ لم أعُد احبها، كَانِتَ ولازالتِ تجعل أبيّ يثُورِ عليّ، بالرغَمِ مِنْ كُّوني إبنة أخُتها، إلا أننيّ لم أشِعُر بذلكِ ..
قَالتِ بنبرة متفاجئة:
- متيّ أصبحتِ صبيًا ونحنُ لم نعلمِ؟
ثمُ صُدِر من شفتيها قهقهة عالية الصديّ، لم أرِغبَ فِيّ أفتعال المَشاكِـل، وجررِتُ الحقيبة خلفيّ للداخِل، ولكنها أوِقفتني، قائلـة:
- والدكِ، لن يرغب برؤية إبنتهُ، فتى!
حَاوِلتَ التماسُكَ أمامها، فإبتسمتُ بهِدُوءِ قائلة:
- هُو مَنْ جعلني هكذا، لماذا الخجل؟
كَانتِ 'روز' تحاولِ قَدِر الإمكان، جعـل 'كاتي' تغضبِ، أو تفتعل الشِجـارِ، ولكنها حقًا أصبح لاطاقة لها بفعل ذلكِ، يكفيّ مابداخلها مِنْ دمـارِ ..
حـاولتِ 'كـاتيّ' الدخُول، بتنحيّ روز قليلًا عنها، ولكنها فجأة سقطتِ لتصدرِ جلبة، بِصُراخِها الذيّ آلِمَ أُذِنَ 'كـاتيٓ'.
خَرِج والدها آثِر الصُراخِ، قـالتِ 'روز'، بغضب ناحية 'كاتي':
- لِماذا قُمتِ بإسقاطي، فقطِ لإنكِ تكرهيني تفعلي بي هكذا، ماذا سوف يحَدُثِ لبنيّ.
صعقتِ 'كَاتي' لِما سَمعت، هل ستنجِب لوالدها فتى، نظرتِ لوالدها الذي كانت ملامحهُ غاضِبة لاتُبَشِر بالخير، صرخ بها قائلًا:
- حمقاءَ، إنتِ!
دفعها قليلًا، لترِدّ للخلف ولازال الخبر بداخلها يترددِ، لذلكِ لم يَكُّنِ مُهتمِ بشعرها، جعلها هكذا من أجل طلب زوجتهُ، انها إذا حبلتِ بطفل، ستجعلني أحلقَ شعريّ .
صرختُ بهِ:
- هيّ كاذِبة، أنا لم أدفعها !
تلقيتُ صفعة منهُ، لم تَكُّن الاولى ليّ، ولكِن حينما لمحتُ الإبتسامِة الخبيثة علي وجهها، تلألأت عيناي بالدموعِ، مشاعريّ مقهورة منهُ ومنْ أفعالهُ بي، قُلتُ وأنا أضعِ يدي علي خديّ المصفوع:
- هَـل حقًا، قدمِت الطلبِ؟
لمِ يُجيب، بل أكتفي صامتًا، ينظر لزوجتهُ قلقًا عليها، أشتدّتِ صكي علي فكي، ثم تساءلتُ مرةٌ آخُري:
- هلَ قدِمَتُ الطلب؟
نهضِ وصفعنيّ مرة آخُري، ودفعني بحقيبتي خـارِجَ المنزِل، لم أستطيع التحَمُل اكثِر، وتعالتِ شهقاتي، شعَرتُ بحرارة تسري علي خدايّ كانت دموعي تحرقني، حلقي قد آلمني من صُراخي وشهقاتي، نهضِتُ تارِكة الحقيبة بأحد الأركان، لأرِكَضُ إليّ اللامكان، لا أرغَبَ بالوقوف علي هذهِ الحياة، أصبحتَ مُرَا تؤلمني، تنغرس بداخلي خنجرًا من الأوجاعِ ..
أن تَكُون تتمنيّ أن تلقي الرحمة مَن الذين أنعدمتِ الرحمة بداخلهمِ، كأنكَ تتطُلبِ المُستحيل، فقد ماتتِ ضمائرهُم وأصبحوا شياطين بأجساد بشِر، حتي الشيطان يخجل من أن يجُسدِ علي هيئة بشر ..
°°°
« سينيورِ ».
وُصَلِنا لقصري، سألتُ ' خُـولـو' قبِـل أن ينهضِ من مقعدهُ:
- هَـل سأعَثُرِ علي جديّ بالداخِل؟
هَـزِ رأسهُ نافيًا:
- هُناكَ الكثير مِن الأعمال، لن يستطيع أن يآتي .
أومَأتُ لهُ، نهضِتُ لأدِلـفَ داخـِل القصِـرِ، وأولِ مَنِ أصادفهُم جدتي الحبيبة ' سـاليّ'، عانقتها بإشتياق، لقد أشتقتُ لرائحتها العِطَرة، بادلتني العناق قائلة ليّ ممسكة برأسيّ بين كفيها:
- أشتقتُ لكَ، حفيدي الوسيم .
إبتسمتُ لها، وعانقتها مرةٌ آخُري، قَالتِ ليّ:
- بالتأكيد تُريدِ الراحـة، أصعـدَ لتنامَ قليلًا .
قُلتُ:
- ولكنيّ بخير، لا أريد النـومِ .
ثم سألتُ:
- هـل سيآتيا أبيّ وأمي؟
- غـدًا، سيآتيان .
إبتسمتُ بداخليّ، سعيد بكونهما، لم يرفضا من أجل عملهما، دلفتِ جدتي بداخل المطبخ لتصنع لي بعض الطعامِ، تناولتُهُ، لتصعدِ جدتيّ ترتاح قليلًا، نظرتُ لنافذة القصِر، لإنتبهَ لوجودِ القمر، لقد حل الليل، وتناثرتِ خيوطِ القمر لتنير الشوارعِ المظلمة بنورهَ المُشِعَ..
أحببِتُ الخُروج قليلًا، أريد أن أتنفس هواءَ من الخارج، عندما كُنت أخَرِجُ من بوابة القصرِ، سمعتُ الحارِس يصرخ بأحد قائلًا بحدة:
- أنهُ حيّ الأغنياءِ، إبتعديّ عن هُنـا .
قالتِ صوتِ آنثوي بغضب:
- كُلنا بشر، لافرق بين الغني والفقير ياهذا !
لقد سمعتُ هذا الصوتِ من قبـل، لأتجهِ لهما وأجـدّ أنها 'كـاتي'، اعتقـد إنيّ سألقبها بأسـم آخر « الفتاة الباكية».
°°°°
وضعتُ كُوب قهوة على الطاولة أمامها، شكرتنيّ، مُلتقطة إياهَ لتتناولهُ، كُنتِ اتساءَل بداخليّ عن سبب وجودها هُنا، شفتيها الحمراءَ وعينيها كذلكِ، مَـا أمرها، قلتُ وأنا استندِ على مقعدي ضامًا مرافقي لصدريّ:
- ما سبب وجودكِ هُنا؟
تركتِ الكُوب علي الطاولة، ونهضتَ تقف، تستندِ بمرفقيها علي سُـورِ الشُرِفة، قالتِ بعـد أن تنهدتَ:
- يبدو أن القدر، أراد أن نتقابل مرة آخُري، خرجتُ لأنفس عن غضبي وَوجدتِ قدميّ تصل بيّ لهُنا.
لم يعجبني ردها، أردفتُ:
- ما سبب بُكائِك؟
لمُ تُجيب عليّ، وعمّ السكُون، أشتعلتُ بداخليّ لتجاهلها ليّ، مَـا آمرها، تأتيّ إليّ، وتصمُت !
نهضتُ من مقعديّ، أمسكتُ بمرفقيها بعنفِ، لتوجهَ نظرها نحويّ، أعيُِننا تتلاقى، ونقف متصمرين نتبادلِ النظراتِ، حتيّ شعرتُ بكفِ يديها البارِد علي وجهي مُقتربة منيّ، تَلامِست شفتينا، وضعتُ يديّ على خصرها لأقربها اكثر، وبدأنا بتبادِل القُبّل ..
لا أعلم لماذا مشاعري مضطربة، ولكن يبدو أن الفتاة الباكية، جعلتني أقع لها ..
---
وإنتهي الفصـل آخيـرًا، أنا غيرت المواعيد وهتبقي أحـد وخميس، وهذهِ المرة هنزل في المواعيد، لذلك الفصـل الجاي إن شاء الله، هيبقي طويـل زي الفصل الخامِس💙.
إيـهَ رأئيُكمِ بالفصـل عمومًا؟
السـردِ؟
الأحداثِ؟
ثُنائي أكتب عنهُ الأحـد القادمِ؟
باي باي نجومي⚡💫.
دمتم سالمين💙
عَـنْ ثُنـائي « كـاتي وسينيـورِ ».
- PART SIX.
°°°
« الكَـاتِبـة ».
طَوى التذِكَرةَ بينِ يديِه بِغيظِ، لقَدِ أُرِغَمَ على صُعودِ القِطـارِ بعَدّ أنِ ألُغَيتَ رحلةِ الطائِرةً، كَانتِ عَينيهِ تتنَقِلَ فِي وُجوهِ المَوجودين فِي الإزدحام، زَفِر بحَنِق عِندماَ تداركِ أنِهُ لايعلمِ أحـدٌ مِنهُم، أصِطَدِمَ جسَدِ شخَصِ بهِ، جَعلهُ يرتدِّ للِخلفِ قليلًا ولَكِن سُـرعـانِ وأخِتفى هَذا الشخَصِ، وما لَمحهُ بهِ، قِرطانِ مِنْ الفِضة علي آذُنيهِ.
حمَلِ حقيبتهُ وذهَبِ للِمكانَ جَلوسهُ، إنتبهَ أن أحدَ يُشارِكهُ الجُلوسِ، ولكِنهُ لمِ يستطيعِ التعَرِف عليّ وجههُ، لِكّونهُ يُبعثِرَ فِي أغراضهُ مُندثرًا وجههُ بهمِ، وضع حقيبتهُ بجانِبهُ وعينيهِ شَرِدتَ على نافذتهُ، كَانْ مظهرِ الغابةَ جَميل بالنسبة لهُ، تترَانِحَ الأشِجَارِ الخَضِراءَ التي أغرقتِ أوراقهَا بِماءَ الأمِطارِ، رائِحَة الرُطوبِة المُنِبعثةَ مِنهَا، والهُواءِ الباَرِد الذيّ تَصادَمِ مع بشرتهُ القمحاويـة، تنفَسِ يستشِعرَ الرِياحَ مُغِلَق جِفنيهِ، حتى قاطِعهُ همِسًا بإسمِهُ:
- سينيور !
فتحَ عينيهِ ليِنْظُر للِجالسِ أمامهُ، تَوِسعتِ عينيهِ عِندما وجودِ أنْ الجالِس أمامهُ، مُطَاردتهُ الجَمِيلة، «كَـاتـي».
كـانِ مظهرِهَا مُخِتلفًا عَـنْ ذيّ قبل، شعرِها قَدِ قصتهُ، شبيهًا بالرِجَالِ، شعرهَا كَانِ يصَلِ إليّ أسِفلَ أذنيها بِبضعة سنِتيمتراتِ، الآنِ قَد حُلِق كلهُ، مُتبقيًا مِنهُ فِيّ الجهة الأمامية مِنْ رأسِها، لَاحظتِ نظراتهُ المُتعلقِةَ علي شعرِها، ومَلامِحَ التهجِمُ البَادِية عليّ وجِهُهَ، قَالتِ لتقاطِعَ تَآمِلهُ بها:
- إذًا، ستذِهَبِ إليّ أسِبانيا!.
أومَأ لها وعينيهِ تتفحَصِ ملامحها، شفتيها المُمتلئِة، وجهها المُنِتفخَ مُظِهَرًا آثَـارِ البُكاءَ، عينيهِاَ التيّ تلونَتِ باللونِ الورديّ.
بشرتهَا البيضاءِ، التيّ تغى عليها اللون الزَهَرِيّ، أشِتعلتِ وجنتيها بالِحُمرةَ مِنْ تعَقِبهُ لِتقلبُاتِ وجهها، قهقهَ عِندما لاحٓظَ خجلها، قـالِ وهـُوِ يتصنِعَ الجِديـة:
- لِماذا قصَصِتَ شعركِ هكذا؟!، أصِبحتِ ..
قاطَعتهُ وهى تتنهدِ بِعُمق:
- أصِبحتُ أشِبـهَ الرِجـال، إليس كذلكِ؟.
أومـأ لهَا، وهُـوِ يراقبِ ملامحها العابسة، شعرِ بالتوترِ بينهُما، غيـِر قـادِرَ عليّ الحَـدِيـثَ ولـا هي، أرِدف مُعاودًا سؤالهِ:
- لماذا فعلتِ بشعركِ هكذا؟.
قالهَا وعينيهِ تتفحصِ ملامحها الحَانِقة، وكأنِ كلماتهُ أخنقتها، وضعتِ يديها عليّ شعرِهَا بتوترِ، تعلمِ أنِهُ منِتَظُرَ ردًا ولكنها لاتستطيعِ البَـوِحَ بما بِداخلهاَ، أرِدفتَ وعينيها تهَرُبانِ من عينيهِ:
- أحَـبـبِتَ التغَير.
تابعتِ بإبتسامة هادئة عليّ شفتيها :
- ولكنيّ أُريـد أن أسـألكَ، هَـل أنِتَ أسباني الأصل؟
أومُأ لها وملامِح الفخَرِ تَرِتسِمَ علي ملامحهُ، لِتنَظُرِ إليهِ وتبدأ بالِقهقهة عليّ مظهرهُ، ليبادِرها في الضحكاتِ، كَانتِ الدِمُوعِ تتكّونِ بمُقلتيها وهي تزدادِ فِيّ الضحكات، ولكنها لم تستطيعِ المُمَاطلة والصمُودِ، ونهضتِ تارِكة إياهَ ينِظُر إليهَا مُتعجبًا مِنْ تصرفها، وركضها، واضِعة يديها عليّ عينيها، لم يستطيع فهم مَا الذيّ يحدثُ معها!.
نهضِ عِندما إنتبهَ إنها تأخرتِ فيّ العُودِة، خطى خُطواتِ بطيئة، وعينيهِ تتفحصِ المكانِ، حتي وقعتِ عينيهِ عليها واقِفة أمامِ مِرآة، تنِظُر لـهيئتها مِنْ خِلالها، وقفِ خلفها، لاحظِ شُرودها، همِسَ بهُدوءِ حتيّ لايفِزَعها:
- ولكِن يبدُو أنِهُ كَانِ قَرارِ قاسي .
تساءلتَ وعينيها تنِظُر إليهِ عبرِ المرآة:
- مـا هـُو؟
- حلقكِ لشعركِ.
كَانِت تتفحصِ ملامِحها مُقرِبة وجهها للِمرِآة، تنهدتِ قائلـة:
- أنتَ تعلمِ أن يُجِب عليّ العائِلاتِ الفقيرة، قَصِ شعرِ أبنائهُم.
أرِدف وهُو ينِظُر لعينيها الواسِعة:
- يُوجِب عليّ الأبناءَ وليسَ الفتياتِ .
ألتفتتِ إليهِ وإبتسامة بدأتِ بِالنُمو سريعًا، قـالتِ وقدِ تخلخلتِ نبرة الفرحَـة لصوتها:
- إذًا تعتبرني، فتاة؟
عَضِ عليّ شفتيهِ، مُستفهمًا ماترميِهَ مِن كلماتَ، فَ قـال وهُو يرجع بعض الخطواتِ للخِلف:
- نَعمِ، إنتِ بنظريّ فتاة .
-جميلة؟
أستفهمتِ منهُ، ليعقد حاجيبيهِ منها، أنها جمِيلة بنظرهُ كَأيّ فتاة، ولكنهُ كان يحبِ واحدة وكان لديِهَ الحق بقول لها، هيّ فقطِ، شعُورِ راودهُ، هُو لايستطيع قولها لأيّ أحَـدِ، شَعَرِ بقشعريرة تَسريّ بداخلهُ، لِتذكَرهُ أنهُ برجوعهُ، سيراها، سيريّ حبيبتهُ السابِقة « آريـن ».
« سيـنيـوُرِ ».
عقـدِّ لساني، لا أستطيع التفوهَ بها، أنها تستحق بأن اخِبرها بِكّمِ هيّ جميـلة، ولـكِن لَمّ اعُدّ أرغَبِ بقولها، لاحَظِتُ عبوسها هاتفة:
- إذًا لنْ تقولهـا!
ثُم أكَملتِ ببعضَ الحماسِ:
- لايَهُـم سأنِتَظِـر .
عَدنا للجُلوسِ فِي مقاعِدنا، جلستِ أماميّ وعينيها تنِظُر إليّ بِتفَحُصِ، كُلمَا أحاول أن أخِبرَ نفسيّ بأنها ليستَ مِثلهُنْ، أفعالها تتغيِر لهُنْ، قَلّت ثقتيّ بالفتيات بَعـدّ أن تركتنيّ " آرين" من أجَل أنها لن تستطيع الإنتظارِ، لاتُريدنيّ أن أحُققِ حُلميّ الوحيدِ، تُريد أن تكّونِ حُلمي ولكَنِ كَيـف!، وكَانِت أحد اهدافي لتحقيق حُلمي ..
جلبِتَ غِطاءَ قُطنيّ خفيفِ، ووَضعتهُ عليّ جسدي الأمامي، وعينيّ تنِظُر إليها، كَانِتَ تضعَ سماعاتِ الأذِن تستمع لـإحـديّ الأغاني الهادِئـة، وتكَتُبِ بدفترها، لم أرِغبَ بمقاطعتها، وسؤالها عـن ماذا تفعـل، أحَبَبِتِ هُـدوئهَا اللطيـف، أتمني أنِ تبقيّ هكذا بِدُون أن تزعجني، لَمحتُ لامعانِ عينيها، وإبتسامة لطيفة، زادتها جمالـًا، لا أعلـم مَا آمَريّ معها، صوتها الذيّ يجعل ذهني صافيًا للرسِم، وتشبُثِيّ بها، لا أعلـم هل حقًا بدأتُ أنِجَذِب لها، أم فقط بعض الترهات تحدُثِ معيّ، لمُجردِ أنيّ احببتِ ملامِحها .
ولـكـنِ خَطِـر ببالي جُملتها تَرِنَ بداخلي، ماذا تعني بالقانونِ التي قالتهُ، إنهُ يوجِبَ علي الفتيان، ويوجِب على المُهاجرين إذ كان لديهُم فتياتِ ..
الآنِ فهمتِ، ولكنِ كانَ مِن المُمِكن أن تُقدمِ بلاغًا عنْ هَـذهِ الفقرة وعَـدمِ موافقتها عليها، عينيها تنبعث منها، الهزيمة، الحُزِن، واليآسِ، لم آراها هكذا مِنْ قبـل، كَانتِ مصدِرَ البهجة، كَانتِ البلهاءَ المُضحكة، ولكنِ يبدو أن ليس كُل ماهُو ظاهِر حقيقي، أخفتِ مشاعِر اليآسِ، لتنِير الامَل في النفوسِ ..
زَادِ فضولي الآن، عمَا تكتبهُ بهذا الدفتَرِ، هَـلِ تِكَتُب يومياتها، أم عنيّ، أُريـد أن أرى مايحتويّ هـذا الدفتر ..
خلعتِ سماعاتها، ووضعتها برفقة الدفتَرِ، بداخِل حقيبتها، ثم أحضرِتَ غطاءَ قُطني لونهُ أبيضَ وغطتِ بالنومِ، نظرِتُ بداخِل حقيبتها وحقًا تمنيتُ لَـوُ سألِتها عَـنْ ما كتبتهُ، ولكنِ استسلمتُ للنِومَ مِثلهـا ..
°°°
« الكَاتِبة » .
قفزَتِ أمامهُ، حامِلة حقيبتها عليّ كِتِفيها، كانِ مظهرهَا مُضِحكًا وهيّ تقفزِ مما إرتسمتِ عليّ شفتيهِ إبتسامة خفيفة، هتفتِ قائـلة بتساءُل:
- إذًا، سنذهَبِ معًا؟
قطِبَ حاجيبيهِ بتعجِبُ، فـ أسترسلتِ موضحة:
- أرُيـد الجُلوسِ معكَ فِيّ منزلكَ!؟.
كانت لاتوضح لهُ بَـل تسألهُ، لاتَرٓغبَ بِالذهَـابِ لمنزلها، لاتُريدِ مقابلة عائلتها، أمـا هُـو زفرَ بضيق، ثمُ صاحَ بها بحدة:
- هَلِ تُظنينِ إننيّ واقعًا بغرامكِ، حتي أجعلكِ تآتيّ للعيشِ معيّ!
قاطعتهُ بنبرة هادِئة:
- لَمِ أقصِدُ ذلك ..
بَتَر كلامها قائلًا:
- أغُربي عن وجهي، لم أعُدّ أريد النَظِر لوجهكِ .
كانتِ كلماتهُ قاسية، حتي وإن لم يقصُدِ كانت كفيلة بتحطيمها، كانت تتمني من نواحيّ قلبها، بأن يرضي ويتقبل أن تآتي للعيش معهُ، لحيـن أن تنتهي الأجازة الأسبوعية، ولكنِ صُراخُهَ بها، جعلها توقِـن أن ليس هُنـاك مَنِ يحُبها فِي هذا العالـمِ .
أستدارِ راحلًا، لترِكُض نحوهُ مُمِسكة بذراعهُ، ليلتفتِ لها ووجِهُ أحمِر نتيجة غضبهُ، قـالتِ بنبرة هادِئـة:
- شُكِرًا لـك .
تركتهُ، وذهبتِ لموقفِ السياراتِ، أمَا هُو فقدِ دّبِ بداخَلهُ، النَدِمَ والعتَابِ مِنْ كلماتهُ، وقبـل أن يذهَبِ إليها وجدها، تصعَدِ بإحـديّ سيارات الآجُرة، لتنطلقِ راحِلـة .
لَمِح سائقهُ واقفًا على بعُدّ ليس بكبير، ذهَـبِ بخطواتِ بطيئة وكل مايسير خطوة للأمام تصحبها إلتفافة، حتيّ وقفَ أمام سيارتهُ الچيبِ السوداءَ، فتحَ لـهُ السـائقِ ليصعدِ بداخلها بِهُدوءِ، نظـر لـهُ السائِقَ «خُـولـو »، بتَعّجُبِ مِنْ ملامحُ الضيقِ، المَلحوظة عليّ قسماتِ وجههُ، أرِدَفَ وهُو ينظِر أمامهُ:
- لماذا لمِ تخَبِر صديقك بالذهابِ معنا؟
عَضِ 'سينيورِ' عليّ شفتيهِ السفلية، شعَرِ بالغضِبَ قليلًا، لا يعلم هَـل منها لجعلها أمَـامِ الناظِريـن فتى، أمَـا هُو غاضِبًا مِن نفسهُ، أرِدفَ وهُو ينظر من النافذة:
- إنها فتاة !.
نظَـرِ 'سينيورِ' إليّ ملامِح سائقهُ المقتضبة، قـال 'خُولو' وهو ينظر لسيدهُ عبر المرآة الأمامية:
- إذًا، إنها مِنْ المُهاجِريـن .
أومَأ لهُ، ثُمِ أكتفى بالصمِت، كَـان يتذكِر أيـام لقائتهُ بها، وكم كَانتِ ملامحها عكَسِ التيّ كانت معهُ اليوم ..
°°°
« كَـاتـي ».
جاءتنيّ مُكالمة من أبيّ، يخبرنيّ عليّ أن طلبهُ قَدّ رُفِض من المُقاطَعة، وأنهُ يتوجِب عليّ حَـلِق شعريّ، حتيّ استطيع القدُومِ، بكيتُ لأنيّ كنتِ أنِتَظِر نموهُ من جديد، يومهَـا أحَضرِتَ مكينة للحلاقة مِن أحَـد زُملائـيّ، وفعلتها، كَان قاسيًا بالنسبة ليّ، لعِدّة أسباب، أحدهُمِ إنيّ مللتُ مِن تقصيِرهُ، والسببِ الآخَرِ، أن أبيّ لم يحاول تقديم الطَلبِ مرةٌ آخُري، بَل إكتفى بهذهِ المرة، ولم يفعلها مَرِةٌ آخُري ..
شعَرتُ بالإنكسارِ مِنْ نظراتِ الآخرين لي، صباحِ اليومُ التالي، كُنا جميعًا نرحَـل لبلادنا، ولكنِ لعدم وجودِ مأوي ليّ فِي بلاديّ الحقيقية، ليسِ ليّ الحقَ فِي العيش، بسببِ ديوان كان أبيّ من فعلها..
تمنيتُ للحظاتِ أن أذِهَبِ بعيدًا عـنْ هذهِ الدُنيا، حتيّ رأيتهُ، عِندما رأيتِ ' سينيورِ' تخلخل بداخليّ الأمِل، الامِل فِي البقاءَ، إبتسامتهُ وملامحهُ التي جذبتِ قلبي لهُ، سعَدِتَ أوصاليّ عندما عقِد معي إتفاقَ، أن أغنيّ لهُ، ليستطيع أن ينتج لوحة يعرضها فِي الأحتفال الذي يعقدِ بنهاية العـامِ ..
كُلما ضاقِت بيا نفسي، كُنتَ أراهَ، أشِعُرِ بالحياة تَدِّب فيّ جسدي، والفرح ينتشل الضيق ليحل محلهُ الهُدوءِ ..
أفقتُ مِن شُروديّ عليّ صوتِ السائقَ يخبرنيّ، بأننا قد وصلنا، تمنيتُ سماع شئ آخَـرِ، جَررِتُ الحقيبة خلفي، لم أعُدّ قادِرةَ عليّ حملها، مرةٌ آخُري، تعبِتَ مفاصيل جسديّ، وضعتُ أصبعي عليّ زِر الجَرِسَ، إنتظرتُ قليلًا ولكن لامُجيبَ، هَل حقًا، ليس موجودِ بالمنزلَ، ضغتُ عليّ الزِرَ مرة آخُري، ثُمَ فتح البابِ، لَمِ يَكُنِ أبيّ، بـل زوجتهُ ..
خَالتي 'روزِ' التيّ لم أعُد احبها، كَانِتَ ولازالتِ تجعل أبيّ يثُورِ عليّ، بالرغَمِ مِنْ كُّوني إبنة أخُتها، إلا أننيّ لم أشِعُر بذلكِ ..
قَالتِ بنبرة متفاجئة:
- متيّ أصبحتِ صبيًا ونحنُ لم نعلمِ؟
ثمُ صُدِر من شفتيها قهقهة عالية الصديّ، لم أرِغبَ فِيّ أفتعال المَشاكِـل، وجررِتُ الحقيبة خلفيّ للداخِل، ولكنها أوِقفتني، قائلـة:
- والدكِ، لن يرغب برؤية إبنتهُ، فتى!
حَاوِلتَ التماسُكَ أمامها، فإبتسمتُ بهِدُوءِ قائلة:
- هُو مَنْ جعلني هكذا، لماذا الخجل؟
كَانتِ 'روز' تحاولِ قَدِر الإمكان، جعـل 'كاتي' تغضبِ، أو تفتعل الشِجـارِ، ولكنها حقًا أصبح لاطاقة لها بفعل ذلكِ، يكفيّ مابداخلها مِنْ دمـارِ ..
حـاولتِ 'كـاتيّ' الدخُول، بتنحيّ روز قليلًا عنها، ولكنها فجأة سقطتِ لتصدرِ جلبة، بِصُراخِها الذيّ آلِمَ أُذِنَ 'كـاتيٓ'.
خَرِج والدها آثِر الصُراخِ، قـالتِ 'روز'، بغضب ناحية 'كاتي':
- لِماذا قُمتِ بإسقاطي، فقطِ لإنكِ تكرهيني تفعلي بي هكذا، ماذا سوف يحَدُثِ لبنيّ.
صعقتِ 'كَاتي' لِما سَمعت، هل ستنجِب لوالدها فتى، نظرتِ لوالدها الذي كانت ملامحهُ غاضِبة لاتُبَشِر بالخير، صرخ بها قائلًا:
- حمقاءَ، إنتِ!
دفعها قليلًا، لترِدّ للخلف ولازال الخبر بداخلها يترددِ، لذلكِ لم يَكُّنِ مُهتمِ بشعرها، جعلها هكذا من أجل طلب زوجتهُ، انها إذا حبلتِ بطفل، ستجعلني أحلقَ شعريّ .
صرختُ بهِ:
- هيّ كاذِبة، أنا لم أدفعها !
تلقيتُ صفعة منهُ، لم تَكُّن الاولى ليّ، ولكِن حينما لمحتُ الإبتسامِة الخبيثة علي وجهها، تلألأت عيناي بالدموعِ، مشاعريّ مقهورة منهُ ومنْ أفعالهُ بي، قُلتُ وأنا أضعِ يدي علي خديّ المصفوع:
- هَـل حقًا، قدمِت الطلبِ؟
لمِ يُجيب، بل أكتفي صامتًا، ينظر لزوجتهُ قلقًا عليها، أشتدّتِ صكي علي فكي، ثم تساءلتُ مرةٌ آخُري:
- هلَ قدِمَتُ الطلب؟
نهضِ وصفعنيّ مرة آخُري، ودفعني بحقيبتي خـارِجَ المنزِل، لم أستطيع التحَمُل اكثِر، وتعالتِ شهقاتي، شعَرتُ بحرارة تسري علي خدايّ كانت دموعي تحرقني، حلقي قد آلمني من صُراخي وشهقاتي، نهضِتُ تارِكة الحقيبة بأحد الأركان، لأرِكَضُ إليّ اللامكان، لا أرغَبَ بالوقوف علي هذهِ الحياة، أصبحتَ مُرَا تؤلمني، تنغرس بداخلي خنجرًا من الأوجاعِ ..
أن تَكُون تتمنيّ أن تلقي الرحمة مَن الذين أنعدمتِ الرحمة بداخلهمِ، كأنكَ تتطُلبِ المُستحيل، فقد ماتتِ ضمائرهُم وأصبحوا شياطين بأجساد بشِر، حتي الشيطان يخجل من أن يجُسدِ علي هيئة بشر ..
°°°
« سينيورِ ».
وُصَلِنا لقصري، سألتُ ' خُـولـو' قبِـل أن ينهضِ من مقعدهُ:
- هَـل سأعَثُرِ علي جديّ بالداخِل؟
هَـزِ رأسهُ نافيًا:
- هُناكَ الكثير مِن الأعمال، لن يستطيع أن يآتي .
أومَأتُ لهُ، نهضِتُ لأدِلـفَ داخـِل القصِـرِ، وأولِ مَنِ أصادفهُم جدتي الحبيبة ' سـاليّ'، عانقتها بإشتياق، لقد أشتقتُ لرائحتها العِطَرة، بادلتني العناق قائلة ليّ ممسكة برأسيّ بين كفيها:
- أشتقتُ لكَ، حفيدي الوسيم .
إبتسمتُ لها، وعانقتها مرةٌ آخُري، قَالتِ ليّ:
- بالتأكيد تُريدِ الراحـة، أصعـدَ لتنامَ قليلًا .
قُلتُ:
- ولكنيّ بخير، لا أريد النـومِ .
ثم سألتُ:
- هـل سيآتيا أبيّ وأمي؟
- غـدًا، سيآتيان .
إبتسمتُ بداخليّ، سعيد بكونهما، لم يرفضا من أجل عملهما، دلفتِ جدتي بداخل المطبخ لتصنع لي بعض الطعامِ، تناولتُهُ، لتصعدِ جدتيّ ترتاح قليلًا، نظرتُ لنافذة القصِر، لإنتبهَ لوجودِ القمر، لقد حل الليل، وتناثرتِ خيوطِ القمر لتنير الشوارعِ المظلمة بنورهَ المُشِعَ..
أحببِتُ الخُروج قليلًا، أريد أن أتنفس هواءَ من الخارج، عندما كُنت أخَرِجُ من بوابة القصرِ، سمعتُ الحارِس يصرخ بأحد قائلًا بحدة:
- أنهُ حيّ الأغنياءِ، إبتعديّ عن هُنـا .
قالتِ صوتِ آنثوي بغضب:
- كُلنا بشر، لافرق بين الغني والفقير ياهذا !
لقد سمعتُ هذا الصوتِ من قبـل، لأتجهِ لهما وأجـدّ أنها 'كـاتي'، اعتقـد إنيّ سألقبها بأسـم آخر « الفتاة الباكية».
°°°°
وضعتُ كُوب قهوة على الطاولة أمامها، شكرتنيّ، مُلتقطة إياهَ لتتناولهُ، كُنتِ اتساءَل بداخليّ عن سبب وجودها هُنا، شفتيها الحمراءَ وعينيها كذلكِ، مَـا أمرها، قلتُ وأنا استندِ على مقعدي ضامًا مرافقي لصدريّ:
- ما سبب وجودكِ هُنا؟
تركتِ الكُوب علي الطاولة، ونهضتَ تقف، تستندِ بمرفقيها علي سُـورِ الشُرِفة، قالتِ بعـد أن تنهدتَ:
- يبدو أن القدر، أراد أن نتقابل مرة آخُري، خرجتُ لأنفس عن غضبي وَوجدتِ قدميّ تصل بيّ لهُنا.
لم يعجبني ردها، أردفتُ:
- ما سبب بُكائِك؟
لمُ تُجيب عليّ، وعمّ السكُون، أشتعلتُ بداخليّ لتجاهلها ليّ، مَـا آمرها، تأتيّ إليّ، وتصمُت !
نهضتُ من مقعديّ، أمسكتُ بمرفقيها بعنفِ، لتوجهَ نظرها نحويّ، أعيُِننا تتلاقى، ونقف متصمرين نتبادلِ النظراتِ، حتيّ شعرتُ بكفِ يديها البارِد علي وجهي مُقتربة منيّ، تَلامِست شفتينا، وضعتُ يديّ على خصرها لأقربها اكثر، وبدأنا بتبادِل القُبّل ..
لا أعلم لماذا مشاعري مضطربة، ولكن يبدو أن الفتاة الباكية، جعلتني أقع لها ..
---
وإنتهي الفصـل آخيـرًا، أنا غيرت المواعيد وهتبقي أحـد وخميس، وهذهِ المرة هنزل في المواعيد، لذلك الفصـل الجاي إن شاء الله، هيبقي طويـل زي الفصل الخامِس💙.
إيـهَ رأئيُكمِ بالفصـل عمومًا؟
السـردِ؟
الأحداثِ؟
ثُنائي أكتب عنهُ الأحـد القادمِ؟
باي باي نجومي⚡💫.
دمتم سالمين💙
Коментарі