|٥|.
°°°°°

«لاتَيأسِ،فَنَحِنُ لَمِ نَخَلقِ لنشِعُرِ باليأسِ بـلِ بالأمَل فى صباح مُشرق جدَيدِ».

----

«الرجُوعِ بِالمَاضي».

«الكاتِبَة».

مَـرِ اليِوُمِ بِسلامِ عَليها وَلِم تراهِ حتـىّ لـَوِ صُـدِفَة، جـاءِ مُوعِد الغَـدَاءِ،اصطَحبتها 'كـاثِرين' لِتنَاوُلهَ بِالمـقهـىٰ القَرِيبَ مـِنْ الأكَادِيمية، طـلَبُ الغَداءِ ثُمَ جلَسا على طَاوِلةَ تَطُلِ عـلى الشَارِع.

فُتِحَ بـابِ المَقهىٰ لِيدخُلا رَجُلانِ عَـبْرِهُ،عَرِفتَ'هـايـلي' شخصِ مِنَهُما وكَانْ 'سـام' الذىّ إبِتَسمِ عِنَدما لَاحظَ وُجِودَها، جـلِسـا بِطَاوِلَةَ أمـامَهُما، وكـانْ قلِبهَا يُساَرِعَ للِنَبضِ وصِـدرها الذى كَـانْ يضِيقَ، لا تعلَمِ مِمَل أصابها مَـرِض أم مـاذا!؟، ولِكنها كُلِما صادفتِهُ تصبَحِ فِ حَـاِل ليس بخيـر .

لاحَظَتِ'كـاثِرين' آثَارِ التَعَبِ علىّ قَسمَاتِ ملامِحها،فَ قالتِ بِتساءُلِ بِنبرة قَلِقَة:
- هَـل إنتِ بِخَيـرِ؟.
هَتفتِ'هـايلـي' قائِلـة بَعِـدَ أنّ زالِ التعَبِ:
- نـعـم.
أرِدَفتِ 'كـاثِريـن' وهي تتَنْاوِل كُوبِ قهوتِها بِهُدوءِ:
- لَمِ تخبريني مَنْ جَلبكِ لـمَكتبِ المُدِيرة؟.
- السيـد سـام .

كَانـتِ 'كاثريـن' سَتَبِصقَ مَا شَرِبتِهُ أمامَها، بعـدِ أنِ بلعتِ قهوتها، هَتِفتَ فى كُرهِ بِنبرتها:
- الحـقيـر!
عقدتَ حاجِيبيـهـا بِتسـاءُلِ، هَلِ تَقِصُدِ بـ 'سـام' بإنَهُ حقير!،حتـىٰ لـوِ كـانِ كذلكِ لمِاذا قـالـت لهـا هَـذهِ الكَلِمَة!

أكِملتَ 'كـاثرين' ما بجعبتيهَا بتحَذِيـر:
- حــَذِرى مِنهُ أنهُ زيـِر نِسـاء،لعُـوبِ،وإيضًا حقير!
أشِتعلتِ أوِصـال' هـايلـى' ممَا تتفوهِ بهِ، ليسَ لِكُونه زِير نِسـاءِ بأنِهُ حقير ، فَكُلِ رجُـل أعـِزَبِ لـديِهَ عِلاقـاتِ مع آُخريـات ولـكِن مـا الدَاعِ لقولها 'حـقيـر'.
أرِدفتُ'هـايلـى' بتساءُلِ وهي تَضُمِ شفَتيها بِبَعضها:
- لِماذا تُكَرِرَين كَلِمة'حقير'دائمًا؟
-حسنًا،سأخَبرِكَ.
أضَافتِ شَارِحَة مقصدِها:
- أنِهُ صَدِيق زوجي، ولَكِن زَوِجي يحبهُ ولا يَحُب أنّ يرِفُضَ لَهُ طَلبِ، فِ حدثِ رأس السنةَ،طلبِ مِنْ زوجي أن يترِكُنا ويذهبَ ويقضي اليوُمِ مَعهُ ومع عاهِراتهُ.

تساءَلتِ:
- هَـلِ أخبـرِك زَوُجـِك بِهَـذا الكـلامِ؟.
- لـا،ولكـنّ رأيِتُ رِسالتهُ لهُ،وايضًا عِندَما عـادِ كانَت رائحَة نِسائيِة تَعُـمِّ جسِدهُ.
قـالـتِ وهىٰ تَشِبُكِ أصابعِ يديها ببِعضها:
- هـل تعنيـن أنّ زوجكِ قـام بِخيانتكِ مع إحـداهُـن!.
هزتِ رأسهـا نافيـة:
- لا،ولكن رقص مع إحـداهُـن ،لقدِ راقَبِتهُ يِـومَهـا.

إتسعتِ حدقتها بصَدمة وكانَتِ الآُخرىٰ تبِتَسِم بِفخَرِ، هـل حقًـا فَعل ذلـكِ سـام؟، هـل يريـدِ أنّ يِدَمـر زواج صديقهُ!.

قـالتِ 'هـايليّ' وعينيِهَا عَلـى'سـام' المُنغَمِس فى الحديث مع صديقهُ:
- ألستِ خائِفة مِنّ أن يخُونكِ؟
إمتعَضِ وجههِ'كـاثـريـن' بَلِ شحِبَ وجهها،مُرِدفة بِنبرة مهزوزة:

- بـل أشِعُرِ بالخُوفِ كُل ليلة بأنِ يكُونِ مع آُخرىٰ،أشعُر بالخُوف إذ شعر بالغضب مني، فكرةٌ أن يكونِ يحبِ آخُرىٰ تقتلني ، وكـأنِ كُل مابيننا وهمِ، وعندما يمِل سيذهبِ لـآخرى، بالطبِع خائفة مِن أن أستيقظِ فلا أجِدهُ برفقتي .
°°°°

مَرِ يُومـانِ ولَمِ تكُنِ لها فُرصـة تتحدث معهُ،ولِكنها تعلم أنها بِقُربهُ تُفَضَحِ أوراقها لهُ، أن بِداخِـل كيـانها مشاعِر لهُ، مشَاعِر لم تعيشها من قبِل !؛ الحُـبِ!
لَمِ تُجرِب أن تحب شخص وأنِ يبُادِلها،ولم تجُرب أن تُخانِ!، أو تَخُونِ.
لأن كـانْ فِ مُخيلتها هُم مـنْ سيودِّون مواعدتها لـا هىٰ،لذلكِ لم تكترثِ.
لم تكترثِ لتعطي أي شخصِ حجمًا لايستحقهُ،لأنها تعلمِ ان هذا سيؤل لكسِر كيـانها لكسرها وهي تعلمِ أن كُل مايكسر صعبِ أن يُلمِّ.

كان بيديها كِتاب تقرأ بِهَ أو تُحاول أن تظهر ذلكِ،فَ هُو جالسًا أمامها وعينيه تُراقِب ملامِحها الهادِئة،تعلِم أنهُ يشعر أنها تنجذِب لهُ، لِذَلكِ هو يفعل ذلك،يربِكها بِنظراتهُ، لأنهُ يودِّ إعترافِ منها لا أكَثـر.

دخـل 'لـوغِن' للغرِفُة وعلتَ صوتِ التصفيقات والصفير،ف قد أخذَ'لُوغن' للمرة الثانية جائِزة فى مُسابقة الغناءَ التابعة للأكادِيمية، وفـازِ فوزًا كاسِحًا الآخريـن.

شعرتِ بالسعـادة عِندما رأتِ لمعانِ عيناي'سـام' لهُ، عِندما ترى شخَص يصبحَ سعيدًا لفوزِ صديقهُ،وكأنهُ فوزًا لهُ، فَ هذا ما يُسمىٰ الصداقة الحقيقية،أن أسعـدِ أضعـاف أضعـاف سعادتكَ وأكُونِ مُمتنًا لِنجاحكَ، شعرتَ بخفقان يسريّ بداخلها عندما رأتهُ يتجهِ لِمُصافحتهُ بحرارة والجميع يبَتسِم لهُمـا.

تمنتَ فِ هَذهِ اللحظة أن يـكُونِ لديها شخصِ مثلهُ،عزيـز على القلـبِ،تُشـارِكهُ فرحها‚حُزنها‚إكتئابها، ليِخَفِفَ عنها ويحَاول إسعادِها بِكُل الطرِق المُمِكنة،تُودِّ هـُو وليـس مثَلهُ.

أفـاقتِ على صَوِتَ'نـايـل' يهتِفَ وهُو يصقِف للآخريـن ليلقُوا إنتباهِ لهُ:
- بِمُناسبة فوزِ لوغن العظيم، الليلة سَتُقامِ حفلة فِ الملهىٰ على شرفِ نجاحَهُ المُبِهَرِ.

إتَسعتِ إبتسامتها وهى تنْظُر لـ'سـام' الذيّ هَتف بحماس موافقًا، جَلِّ مابها أنها تودِ أن تراهَ كُل يوم،تودِّ حفظِ ملامحهُ بداخل كيانها،حتي وإن رفضَ حُبها-المُبهم لها- ستحفظ كُل إنشًا بِهُ،ولأنهُ حُبها الأول سَحُفرِ بِداخلها،أنه سِر إبتسامتها اليومية .
فَ هي فتاة لم تبتسم لـأحد-رَجُلًا- من قبل،لِمجَردِ أن لا أحد يشبهَ والدها وكان على مايبدو وانها عثرتِ عليهِ.

°°°°°

رائَحـة الكَحُول تَعُـمّ المكَانِ، أنِـوَرِ مُختلِفة الألـوانِ،أصواتِ صاخِبة قارِبة للصُراخِ، كُل ثُنائيِ يرقُصِ وهي جالسـة بيديها كـأس نبيذ عتيـق،تشِرب منهُ كُلما شعرتِ بملل،لـم يآتي!، هذا ما خطِر بِبالها أنهُ لـن يآتي ولأن الساعة أصبحتِ العاشِرة والنِصفَ، فَ قررِتَ إنتِظـارِ نـصفَ سـاعـة آخرى، وسترحـل .
فَما داعِ وجودها وهُـو ليس هُنـا!.

جاءَتِ'كاثريـن' بِصُحوبةٌ'زوجهـا الوسيـم' «جرايّ»، عرفتهُ عليـها،وبـدأ الحديث معها عَنْ عِدّة مُواضـيـع حتى وُجدت من كانت تنتظِرهُ بِصحوبة إحـداهُـن ، كـان يرتـدي قميـص رِمادي اللـونِ وبنـطـال أسود غامق مع ساعة فضِية لمعت بعينيها عِدّة مراتِ ، عـندما وصل بدأ بالتحية على صديقهُ التيّ تشتعل زوجتهُ بالقُرِب منها .

لمحتِ 'هـايليّ' قسماتِ الغَضبَ علـي 'كاثـريـن' التي تَجِذِّ على أسنانها بِغضب،يبدُو أنها تذَكرت الليلة التي راقبتهُ فيها، وضعت 'هايـلي' كفهـا على يدي الآخرى مُربتة عليها بحنان قائلة بهدوءِ:
- إهـدأي.
وكيـف للآخرى الهُدوء والفتاة التى رقص معها زوجها واقِفة أمام الآخر، وجدتها تمسكِ بحقيبتها وأسرعتِ لدِوُرة المياهَ، لاتِريدِهُ أن تجعلهُ يشعرِ بما بِداخلها،لاتريدهُ أن يخبرها بأكاذِيب حتي لاتخسر ما بِداخلها من مشاعر لهُ، ف الكذب ليس لهُ الوانِ بل نتائجها خطوط حمراء اللون آلمة المشاعر.

إبتسمتِ لهُما'هايليّ' قائلة مفسرة ذهـاب 'كاثرين':
- سَتُعدِل مكياجها .
ثم أضافتِ:
- أعذُروني،سأذهبِ أيضًا .

أومُأ لها 'جـرايّ' ولكـن' سام' كان يتجاهلها، كان يقصد ذلك، ف منذ أن رأهَا وأصِبحَ مُنجَذِب لهَا، كَانِت النِساءَ منْ تَفعل ذلكِ معهُ، أصِبحَ مِنْ الغَرِيبَ أنْ يَنجَذِب لهَا وهىٰ لاتبَديّ لهُ أهِتمَامِ عمَا بِخاطَرهُ اللعيـن.

فَتِحتَ بابِ المِرحَاض،لِترهَا تَشِهق بآلِمَ، أمَـامِ المِرآةَ، الآمِر أكِبـر مِن أنْ تَكُونِ مُحتنَقة لِرُؤيـة 'سـامِ' بِرفقة زوجها،فَ هى تَريّ 'سام' كُل يومِ وهذا الآمِرُ أكَبِر مِنْ ذلكِ،ربَتَتَ على كتفيِهَت بِحُزنِ قَائِلة:
- مَا آمِر بُكاءَكِ الحادِ؟.

أجَابِت ونبرةَ الأخِتنَاق ظَاهِرة مَعِ كُل حَرِف تنِطُقِ بِهَ:
- الفتاة التيّ كَانَتِ بِرفقة سام،إنّها الفتاة التىّ كانتِ ترقُص مع 'جـرايّ'.
ساءَلتِ وهيّ تنِظُر إليها عَبِر المِرآة:
- بِماذا تَشِعُرين الآنِّ؟

- الحَرِقة،أشِعُر بِالأشِتعالِ بِداخليّ،هذا اللعيـن جَعلِ زَوُجي يَنِظُر للآُخريـات،ولَمِ يتعدي علىّ زواجِنا فقط خمسَ أشِهُرِ،أتَمني أن تصيبِ الفتاةِ التيّ ستحِبهُ نكَسة تقَلِب حياتِها للأسوءِ .

« الـآنّ » .

شَعرِت بِالعَرقِ يُصيبها بِدُون سبَبِ، هَـلِ مِنْ الذِكَـرىٰ أمِ مِن كلماتها الآخِيرة،رَشتِ وجِهَهَا بِالمَاءِ البَارِدَ وعَينيها تَحَرِقها، لقَدِ صَدِق دُعائها لقَدِ أصَبتَ بِنكسة ونكسةَ مُؤلَمِة .

°°°°°

عَدِل مِنْ حَمِل حَقيِبَتهُ علىّ ظَهرهُ مِنْ التعَبِ، فَ الحافِلة لمِ تستطيعَ أن تذهبِ بهِ لِقريتهُ؛لِطُول المَسافِة،كَانِ الجُو مُعتِم،أصابَتهُ قشعريرةَ وهُو يتحرِكَ بيِنْ الحُقولِ ليصِل للِمنزل .

تذَكِر أنَ بِداخِل حقيبتهُ قداحة وورَقة،فَتحِ حقيبتهُ مخرجًا كِليهما، وأشِعل الوَرِقة بُواسطة القداحة وعِندما عَثر على منزلهُ وخاصتًا منزل الدجاج الذِيّ صنعهُ جَدِهُ لهُم-الدجاج-،خوفًا مِن أن يَصيبهُم التعَبِ،فتحَ منزل الدجاج وجدُوا معتِمَ،فَ خمنِّ عَدم وجودِ جَدِهُ بهِ،رنّ هاتفهُ ليطفئ الورقة-كما تخيل لهُ-، وأمِسكَ هاتفِهُ مُجيبًا على المُتصلِ والذيّ ما كانِ سواىٰ صَدِيقهُ العزيز 'كُونغِ سُو'،.
°°°°

بَعَدِ الكَثير مِنْ الترحيبات خاصةٌ من جدتهُ الحبيبة،جلسِ أمامِ جدهُ فِ الطَاولة مُنتظِرًا العَشاءِ الذيّ حضرتهُ جدتهُ خصيصًا لهُ، أشِتم جدهُ رائحةِ شواءِ شهية.
فَ قَـال بنبرة مُغتاظة:

- هذَا الشِواءَ سيصيب دجاجتي بالأكتئابِ،لاأطيق رائحة الشواءَ خاصةً أنه يجعل الدجاجات غير فرحيـن.

هتِفتَ جدةَ'سيهُـون' بفزع:
- أنّ هذه الرائحة صادِرةَ من منزل الدجاج خاصتُنا .
ولم ينتظر الجد ثوانيّ جالسًا ونهضِ بِفزعَ مُمِسكًا بدَلوًا بِهَ ماءِ ، ليحَاوِل إخمـادِ الحَريق .

°°

مَسحَ'سيهُـون' عرقهُ فقدِ حَاول جاهدًا مع جَدهُ لإخمادِ النَارِ،وإنقاذ بعض الدجاجاتِ، جلسِ جدهَ مُخفضِ الرأسِ واضعًا كفيهِ عَلي رأسهُ ويبكي!، فقد خسرِ دجاجتين مُفضلين لهُ.

حزِنَ'سيهون' على حـال جَدِهُ شَاحِبَ الوجِهه،قـال وهُو يربتِ على ظهرهُ بآسىٰ:
- لاتحزَنِ جديّ،أنِهُ قضاءِ الإلهَ.
هتفَ جدهُ بحنق:
- فقطِ عِنَدما أعلمِ مَن هُو!،سأقِتلهُ بيدايّ!

هتفتِ'جـدة سيهُون' وقد عثرتِ على شئ.
- سيهُون،أليست هذِه قداحة والدكَ؟
إتسعت عيناي'سيهون' الذى نظر لـ هُو جدهُ عندما سمع كلمات زوجتهُ، إبتلع لُعابه بضيق وأخِتناق فَ جدهُ لن يصمت بل سيقتلهُ حقًا .
°°

أشِتدَ هُطولِ المَطَرِ عليهِ،جالسًا خَارِجَ منزلِ جدهُ، فقد طَردهُ مِنْ المنِزَل قاذِفًا إيـاهَ خارجًا .
وهَذا الجُو بالتاكيِد سيصيبهُ بِ نزلة برَدِ بالتأكيد .

كانْ يزفَرِ هُواءِ باردَ مِن فمهُ الذى اصطدمت أسِنانهُ بِبعضها مِنْ كثافة المَطَرِ، تذَكِر مقهي والد "سونا-آه" ،وأنه يعلم مَدّىٰ حُبِّ والديها لهُ، جَرِّ قَدميهِ المُرتجفة بِهُدوءِ،وصلِ للمَقهي وعندما لاحظِ والد 'سونا-آه' السيد سينغ مَظِهر 'سيهُون'، أسِرَع بِفتحَ بابِ المقهي لـهُ، صارِخًا بِزوجتهُ بإعدادِ كُوبِ قهوة سـاخِنْ لهُ، لعلهُ يدفئِ جَسِدهُ الذيّ تجمَدِ من البُرودة .

كانِ يربَتِ على ظَهِرهُ لعلِ يديه تسري بداخِل الآخِر بعض الدِفئ الذيّ سُلِبَ منهُ.
جَلِسَ أمَامِ 'سيهُون' بعدِ أنّ وضعَ غِطاءِ يدفيهِ قائِلًا بِتساءُلِ:
- هَـلِ أنِتَ من أحرقت دجاجاتِ جدكَ!
أومأ لهُ بإرتجافِ فِ أوِصالهُ،ضَمِّ الآخِر شفتيهِ بِحُزِنَ على حالتهُ المُتدهورة ثُمِ إبتسمِ لهُ هاتِفًا:
- أنِهُ حظكَ،طردِت مِنْ بيتَ جدكَ لترىٰ سونا-آه،ستآتي بعد قليل.
ظهرتِ إبتسامة دافِئة على ثَغِر 'سيهُون' وقد سَرتِ بداخِل كيانهُ شحنهَ دافئةَ،لمحَ السيد سينغ الإبتسامة والسعادة علي وجه 'سيهُون'، شعـر السيد'سينغ' بالِحُزِن قليلًا وتمنىٰ لُو لمِ يخطُبِ إبنتهُ لـ'جيـن'، لآنهُ يعلمِ أن إبنتهُ لاتحُبِ 'جيـن'،لكونهُ فَظّ متسلط وحقير!
وتمني لو كَانّ 'سيهُون' هُو حبيبها،لقد رأىٰ مَدّى حُبهُ الشديد لها .

رأي 'سيهُون' أضواءِ سيارة عبرِ زجاج النافِذَة،خرجتِ مِنْ السيارة 'سونا-آه'،أغلقت البابِ خلفها تُنادي والدها،ليستقبلها مُعانقًا إياها بفرحِ،مَـر علي غِيابهَا شهرانِ ونِصَف!

همستَ والدتها بآذنها بِشئ لِتتَوسعَ إبتسامتها بفرحَ،إستدارتَ لهُ فَ كانت عينيهِ عليها، نظراتِ أشتياق‚حُبِ‚شغف،كانتِ ملامِحَ حُبهُ لها مكسوفة للجميع حتي لها ولكنها فضلت الإنكارِ خوفًا عليهِ، تُضحي بشعادتها لإجلَ وجودهُ مُسالمًا .

جلَستِ أمَامُهُ بِهُدوءِ وقلبها ينبُضِ بقوة أشعلتِ وجهها لتَصِتبغ بالحُمِرة، جَـراءِ نظراتَهُ لها، كانِ واضعًا يديه على الطاولة، وضعت خاصتها عليٓهُما، ليسري الدفئ بين ثنايا أصابِعهُ، قالتِ وعينيها تتآملهُ:

- أشِتقتُ لكَ.
وكأنِ كلماتها،ترياق لهُ،ولمُ يعُدِ وجهه شاحِبًا بل أصِبح بخير، نبضات قلبهُما المُتسارعة لدرجة أنّ كلاهُما سمعها، شعرتِ بيديه تتمسكَ بخاصتها عندما كانت ستبعدهُما،هاتفًا:
- لا، أريد ان استشعِر دفئ يداكِ،لقد أشِتقتُ لكِ لدرجة كبيرة
ثُمَ أضَافِ:
- لاتعلميـنْ كيف كانْ بُعدكِ عني، لقدِ أصبحُت مريضًا بِفرطِ حُبي لكِ .

-----

كان يسير فِ الطُرقاتِ وعقلهُ لايهَدئ عنْ التفكير بها،لم يراها اليُومِ ايضًا حتي لُو صُدِفة، سمع نِداءَ بإسمهُ،فَ التفتَ ورأىٰ وجهها الجميل امامهُ وشعرها المُموجِ الذيّ يـجَذِبَ الإنتباهِ من جمال لونهُ.
هتفت عِندما لاحظتِ شُرودهُ بها:
- أعَتَذِر لكَ، ولكنِ لم أرىٰ "سيهُون' اليوُمِ!،أيـن هُو ؟
شعَر بالحُزن يتخلخل ثنايا قلبهُ الذيّ ينبض لرؤية الفضول حول غياب 'سيهُون' .
نَبَثَ قائِلًا مُحاولًا إخفاءِ نبرة الحُزِن:
- لقَدِ عاد كُوريا ليُقابِل أحد هناك.
-مـنْ؟
قاَلِتهَا بفِضُولِ مُشِتعلة وجنتيهَا،إبتلعَ لُعابهِ ونبضات قلبهُ تتَزايدِ بِقُربها لهُ.
قال وهُو يكذِب:
-لا أعلمِ.
زَمِت شفتيها بِحُزِن مِن كلماتهُ،فقالتِ وهي راحلة:
- حسنًا،إليّ اللِقاَءِ.
شعَر بالغضبِ مِن حماقتهُ معها، فَ قال قبل أنّ ترحَلِ:
- مَا رائيِكَ بِتناول كُوبِ قهوة برفقتي؟.
قالها بِحماس لمِ يعهدهُ مِنْ قبلِ،أستدارتَ له ولازالتِ مَلامِحَ الحُزِنَ مَرِسومة على وجهها،هزَتِ رأسها نافية، فَ هتف قبل أن تعطيهِ ظهرها:
- وسأحكي لكِ عن سيهُون بالمُقابِل.

لايِعلَمِ لِماذا تَفوهُ بِذلكِ ولَكِنّ هذا ما خـطِر بِ بالهُ، وجَدِ الإقَبال فيها بإبتسامة مُتسعة،كانت كَالخنجِر لهُ،تسعدِ عِنَد سماعِ أمِر يَخَصِ 'سيهُون' ، ولاتقبلِ الوقوفِ معهُ.

أخفىٰ مَلامِح الحُزِن والآسى ليحل محلها إبتسامة هادِئة، هُو لايعلمِ سبب إعجابهُ بها ولكِن كُلما رأهاَ يبِتَسِم ويشعُرِ وكأنّ العالمِ يختفيّ بُوجودها،ويحزِن لعدم إعجابها بِه.

تمنى لِلَحظات لَـوُ كانِ حدثها فِ المَرِة الأولي التي رأها،لـ كانتِ أعُجبتِ بهِ قبل 'سيهُون' ،او علي الأقل تعرفهُ وتحب الوقوفِ برفقتهُ.

أَبِعَدت القهَوة مِنْ شفتيها قائِلة بحماس:
- إذًا،أخبرني عـنْ سيهُون ،أريد أنَّ أعلِمَ مِن أيـن؟،كيف عرفتهُ؟، وايضًا كيف تطورتِ علاقتِكُما معًا!.

إبتسِمَ بخفةَ وهُو ينْظُر لقهوتهُ،هتفَ مجيبًا:
- أنَا و سيهُون نعيش فِ سول،وكيف عَرفتهُ.
أضَافِ وعينيهِ مُنغمِسة بِكُوبِ القهوة البنُي:
- بِالأساسِ هُو مَنْ عرفني،كُنِتَ طِفل ضَـالِ،أضَاعِ عائِلتهُ،حتي عثر عليّ أحد عائلتهُ،والدتهُ، وجدتتني أبكي فِ إحدي الأزِقة،جعلتني أعيِش معها،هى سيهُون ،حتى جـاءِ والد 'سيهُون' وكان رافِضَ فكرةِ وجودى بينهما،ولكن جداي'سيهون' أحبوني وأصِبحتُ من ذلك اليوم أبنهُما المُتبني،وكَيف تتطورتِ علاقتي معهُ،كنا اصدِقاء منذ لقاءَنا الأول ولم تتغيرِ عواطِفنا بالرغمِ من تغير أحوال العائلة .

قـال وهو ينظر إليها:
- كان والد 'سيهُون' منذ أن عَرِفَ بوجودي وهُو لم يتقبلني،كَأبِن لهُ بل والدة سيهُون' من فعلتِ، حاول عدة مرات أن يجعل سيهُون' يكرهني ولكن العكس حدثِ!،أصِبح 'سيهُون' يكرهِ والدهُ بسببِ أفعالهُ الغريبة ضديّ!

أكِمل مُبتسمًا:
- لولا والدة 'سيهُون'، لِمَا علمتُ دافئ العائلةَ،لقد تَرَبِتُ علي يداي جداي'سيهون' ، وأصِبحتُ إبنًا لهما،لذلكِ علاقتي مع سيهُون جيدة،لأنهُ سبب فِ وجودي هُنا إيضًا،إقترح علي جداهِ أن يأخُذني معهُ،وهَـا أنـا ذا.

إبتسَمِتَ لهُ،تتناولَ كُوبِ قهوتها بِسُكونِ،لَمِ تُعلق علي شئ، لمِ تُريد مُناقشته بشئ،حتي لاتجُرحَ كبريائهُ ولكنها بإلأساسِ ليستِ مهتمةٌ بهِ،لذلك أغلقتِ بابِ الأسئلة عنه، وتعثرِ علي سُؤال خاصِ بـ'سيهون'.

قَالِتَ بتَساءُل وإماراتِ الفضُول مَرِسومة علي محياها:
- هَل كان لـ سيهُون' علاقة مع إحـداهُـن؟

صَمتَ' كونغ سُو' لِبرُهَ،هلِ يُخِبرها بآمِر حُبهُ لـِ'سونا-آه'،أمّ يَكِذُبَ!؟، إذا تحدثِ عنْ الحَقيقة سيَكُونْ لصالحهُ،وإنّ كَـذِبَ ستتعلقِ بـ'سيهون' ، ولكن تفكيرهُ وصل بـ'سيهون' ،فَ إذا كانّ بين سيهُون وسارا علاقة،وإختفى حُبهُ لـِ'سونا-آه' ،سيكُونّ لصالحهُ مِنْ بطشِ «جيـن».
علقتِ أفكارهُ وعينيهِ عليها،يُراقِب عينيها المُتسائلة،هتف وملامحهُ لم تتغير:
- لا،لم تكُن لديهِ أيّ علاقة مِنْ قبل.

فضـل الكذِب،لايعلم لماذا؟،ولكن بداخل عقلهُ فكِر ان إعجابهُ لها سيُمَحى مع مُرورِ الوقت، أمـا هى فَ إبتسمِتَ بفرحَ حتىٰ لَعِبتَ بِخصلات شعرها الاصهبِ،وعلم آمر عنها أنها اذا كانت مغمورة بسعادة فَ ستقومِ باللعب بُخصيلاتِها الصهباءِ بمرح .

----
جَلِسَ بغُرفتهُ يفكِر وأمَامُه لَوِحة بيضاءِ،يُفَكِر بشئ ليقُومِ برسمهُ، خَطِر بِبالهُ الفتاةِ التيّ تُلاحقهُ أينما كانْ، حَـاوِل أن يتذَكِر أسمها ولكن كِل محاولاتهُ تُكَللِ بالفشَل الذريع.
فَ هُو لم يهَتِم بالأساسِ بِمعرفة أسمها،زفَرِ بضيق،وقف مُلتقطًا معطفهُ الجلدي،يخَرجِ مِنْ غرفتهُ،يريد أن يتمشىٰ قليلًا فِ سَاحِة الأكاديمية،كانِ يسير ناحية النافورة لَعلهُ يجدها.
وجدها جَالسِة على حافة النافورة،تمِرر كفها علي صفحة المياهَ النقية، وتُغني أغُنية،لعبتِ بأوتارِ قلبهُ،تنهَدِ بِعُمق وهُو يخطُو نحوها بخطواتِ واثِقة، عندما لمحتهُ،وقفتِ مُبتسمة بإتساعِ قائلـة:
- يبِدُو أنكَ هُو مَنْ بدأ بِالظِهُورِ امامي!
لَمِ يبتسِمَ بل نظر إليها بُدون معالم تُقرأ،استفسرتِ وجودهُ بِسبب معالم الجمود عليه التيّ أزِعجتها:
- مَا آمِر وجودكَ؟
مَـدّ يديهِ إليها وسط نظرات التعجب،فَ هتف موضحًا لها:
- أُريِدَ أن أعقِدَ أتفاقَ!
هتفت بتساؤل،رافعة إحدي حاجيبيها بتعجب:
-وماهُو هذا الإتفاق؟.
- أريدكِ أنّ تُغني غدًا ايضًا وأنا سأقوم بالرسمِ.
أضَاف:
-غِنائكِ يعطيني إلهامًا لذلكِ،سأطَرّ أطِلُبِ منكِ،مُرافقتي وقـتِ رسمي .
إتسعتِ إبتسامتها لَـهُ،شعَّرِ بغرابة من مظهرها الذيّ أظَهَرِ كَمِ هيّ بلهاءِ،صافحتهُ هاتفة:
- موافقة ولكِن بشرط.
- وماهُو؟
- ارافقكِ فى كُل أوقاتكَ.
عقدِ حاجيبيهِ بتعجُبِ منها،هُو بالتأكِيدَ لن يقبل بذلكِ،هُو بالأساس لا يُطيقَ النظِر لوجهها،هتف رافضًا:
- قطعًا لـا.
سحَبِتَ يديها مِنْ كفهُ وعادتِ للجُلوسِ مرةٌ آخرى،وضمتِ مرفقيها لصدرها قائِلة:
- إذًا،إلغي هذا الأتفاقَ،أصِبحتُ غير مُوافقة!
ضَمّ شفتيهِ يِفُكَرِ فى كلامها،هُو بالأساسِ يحتاجها فقط ليرسُمِ ولكنها ستلازِمهُ وقت طعامهُ،وهذا ماجعلهُ يتعمق فى التفكير، فَ هذا سيفيدهُ جدًا .

هتفَ قائلًا وعينيه عليها:
- مُوافقًا .
نهضتَ وقدِ أتسعتِ حدقتيها بصدمة مِنْ ردهُ، فَ قالتِ ولازالتِ معالمِ الصُدمةَ على مَلامحها:
- حقًا!
أومُأ لها،ليتفاجئ بقفزها أمامهُ وهي تضحكَ،تفاجئ بل صُدِم منها،فَ بدأت بالغِناء،وقف يستمعِ لها وثغرهُ يرتسم إبتسامة هادِئة لم يَدِركُها إلا عِندما إتسعت على حِـدا.

أنّ تَـرى أحـد يبتسـم ويضحكَ لسببِ تافهِ بالنسبة لكَ، فَ هذا أسَعَدِ شخصِ،صعب أن يحزن،ستعثر علي البهجة فى ملامحهُ، كان يتابعِ أفعالها المُضحكة وشئ بداخلهُ يحثه علي البقاءِ معها دون أن يتذمر !

----

وَقفَ'مـارتن' أمَامِ مِرآتهُ يعُدِلَ ملابسهُ،لقد عَزمتهمِ جارتهُ عَلي الغداءِ هُو وزوجتهُ ووالدتهُ،كَانّ يرتديّ بنِطال أسِودَ وقَمِيص أبيضَ،صفف شعرهُ بعناية،لاحظِ ملابِس زوجتهُ،كاَنتِ ترتديّ فستانْ أسِوَدِ منفوشِ وبهِ منقوشاتِ سوداءِ جعلتهُ يلمع،نهضتِ من الفراش بعد أن أرتدت حِذائها الأسودِ اللامع،وضعت قرطان مِن الفضيّ بآذنها،جعلتِ شعرها يرتفع لأعلي ك مظهر الكعكة وإنتهتَ لمساتها بأحَمِر شفاهَ قاتِم اللونِ،كان يراقبها بإبتسامة علي ثغرهُ،مظهرها الكلاسيكي الذيّ طالما كان يِجذِبهُ بها، قال متسائلًا:

- ما سِر اللون الأسودَ اليوم؟
عضتِ شفتيها بحُزِن،فَ هو لم يعلقِ علي مظهرها بل علق علي لون ملابسها،كتمتِ غيظها منهُ مردفة:
- لأن والدتك ستُرافقنا وبالتأكيد ستفعل شئ،ليِتُوسِخَ ملابسي!
شعرِ بالغضبِ منْ الطريقة التي تتحدثِ بها عنْ والدتهُ،أرِدف بحدة:

- تهذبي قليلًا ،آسيا!
نبرتهُ أغضبتها ولِكّونهما سيذهبانْ للجـارة التي تَمقتها ومع والدتهُ،فَ هذا هو أسِوءَ يومِ بالنسبة لها.
أقتربتِ منهُ وهي تقوم بتعديل لياقة قميصهُ بطريقة عنيفة قليلًا،مسترسلة بلهجة لم يسمعها منها مِنْ قبل:
- تعلمِ كمِّ أمِقُتِ جارتنا العزباءِ،وبالطبع تعلم حُبها لك والذيّ تعمل والدتكَ لتجعلكَ تتزوجها لِتتخلصِ مني وتريدني أنّ أكُونّ مهذبة!
كانت نظراتها تعبر عما فِ جوفها من سخط وغضب،كان يعلمِ مدّى كُرهِ والدتهُ لها ولكنه يعلم أن والدتهُ لن تدبر لهذا الآمر!

وضع يديهِ علي خصرها مُقربًا إياها نحوهُ قائلًا وهُو ينظر لعينيها:
-أعتذِر،لا أريدكَ فقط أنّ تكرهي والدتي أنها تحبكَ.
دفعتهُ عنها لتبتعد بسخرية:
- بالتأكيد تُحبني!
شَعِر بِالسُخرية مِنْ نبرتها، جذِّ علي أسنانهُ ولكنه تمالكَ غضبهُ،حتي لا يندم على فعلهُ بها .
سبقتهُ بالنزول قبلهُ لِتطمئنِ على فتاتها الصغيرة،وجدتها نائمة، اقفلت باب غرفتها،ليفتح باب المنزل من قبل والدة زوجها ' السيدة ڤيكتوريا'.

آسيا لم تكرهها بل كرِهت أفعالها،وأنها كانت ضدها فِ كُل شئ، وعدم تصديقها بحملها كانتِ بالنسبة لها القشة التي قسمتَ ظهر البعير!، منذ فعلتها هذهِ وكرهتها بشدة لدرجة أنها طلبتِ الطلاقِ من 'مارتن'، فَ والدته تعدت مدي الوقاحة بكل ذاتها،ف ما فعلته ليس هـينْ بالنسبة لها .

أزاحتِ الأفكارِ السلبية من عقلها،وكادتِ أن تَشِبكَ يديها بِ ذراع "مارتن" ،إلا أن والدته سبقتها،ولم يعرف'مارتن' أن آسيا ودَّتِ أن تفعل ذلكِ، أكِتفتَ هيّ بالنظر بغضبِ لـ'ڤيكتوريا'،وقلبها يحترق من نظرات الحقد والإبتسامة الخبيثة المرسومة علي شفتا «فيكتوريا».

وصلوا للمنزل،وضع 'مارتن' أصبعهُ علي زر الجرس،ليتنظروا ثوانِ لتَفِتَحَ جارتهُم 'لـورا' بإبتسِامة واسِعة،لاحَظَتِ 'آسِـيـا' نظراتِ 'لـورا' مُتجِهة لـ'مـارتـن'،كاَنتِ تكتمُ بِداخِلها،وستفعل مِنْ أجِل ألاتجعل 'فيكتوريا'،هذا الآمر حجة لتزعج زوجها بهِ.

بَعِدَ تناولهُم الغداءِ،وكلماتِ المَدِح التي تلقتها 'لـورا' مِن 'ڤيكتوريا' و'مـارتن'، جلِستَ 'آسيا' بجانب'مارتن' علي الآريكـة،تشابِكَ يديها بخاصتهُ وهي بداخلها يغليّ مِنْ نظراتِ ڤيكتوريا الكارهة لها، مـا أمـرِ هذِهَ المرآة معها!،أليـس يحق لها فعل ذلكِ!، هُو زوجهُا وليس حبيبها لتنِظُر إليها هكذا !

كَانِتَ 'لـورا' تحمِل أكوابًا مِن العصير بنكهة البرتقال،الذي تجزع 'آسيا' منه لطعمهُ اللاذِعَ،هي لاتحِبهُ ولاتحِب تناولهُ وإنِ غصِبتَ عليهِ لن تشربهُ!

بدأتِ بإعطائِهمَ المُشروباتِ وعندما كانِتَ تعطيّ لـ 'آسيـا' ،قالتِ آسيا بنبرة مُهذبة:
- آسفة ولكنِ لا أحِبّ تناولهُ.
قالتِ 'ڤيكتوريا' مُعاتِبة آسيا:

- تقَبَليّهَ،هذا فقطِ مشروب!
قالتِ آسيا بآسفًا:
- أعتذِرَ ولكنِ لن أشِربهُ.
نهضتِ 'ڤيكتوريا' لتأخُذِ المَشِرُوبِ وتعطَيّهِ لـ'آسيا' بحنق قائِلة:
- ألمِّ يُعلمكِ أهلكِ أنهُ مِنْ الذَوِق أن تقبليّ تناول أيّ شئ يقدمهُ لكِ الشخص الذيّ يستضيفكِ فى بيتهُ.
- بَل علمونيّ ولكن لاأتناولهُ.
اشاحتِ'آسيا' بيديها لتبعدهُ،فَ استغلت'فيكتوريا' ذلكِ،لتجعلهُ يسقُطِ علي فُستانِ 'آسيا'،نهضتِ "آسيا" بصدمة لِما فعلته حماتها بها والتي قالت :
-آوهِ،آسِفة لم أقِصُدِ.
جلستِ'ڤيكتوريا' على مقعدها وكأنّ شئ لمَ يَكُنْ، قـالت 'لـورا' وهيَّ تشيِر للمرحاض:
- ستعثِرينْ علي المِرَحاضِ فِ آخِر هذا المَمر!

وجدتِ'آسيا' أنِهُ من الوقاحَة أنها تجعلها تذهب بِمُفردها،لتنظِف مااتسخَ!،هدأتِ من روعها قائلة لنفسها:
- أنها ليستِ السبب بل ڤيكتوريا.

أنِتَهِتَ مِنْ تنظيفِ الفُستانْ،لٓنتجهِ لمكانِ جُلوسهمِ،لتقفِ تستوعِب المشهد الذيّ أمامها، تجلِس 'لـورا' بجانب'مارتن' تتحدِث معهُ بإنفتاح وعينا 'ڤيكتوريا' عليَ 'آسيا' الحانقة والذيّ نفذَّ صبرها وقدِ زادَ الأمر عن حدهُ، شعرت بِغصة تتَكّون بحلقها، لِمَ يطلب منها حتي النهوض عندما رأى زوجتهُ!

قالتِ'آسيا' موجهه حديثها لـ' لـورا':
-هـذا مكاني،هل يمكنكِ النهُوض؟
قالتِ'ڤيكتوريا':
- وهذا منزلها!،هل نسيتي؟

كان'مارتن' يودّ الحديث ولكن 'آسيا'، أمسكتِ بحقيبتها على فور ورحلتِ من المنزل مقفلة الباب بِعُنِف،قـالتِ 'ڤيكتوريا' لِتُشِعل الغضبِ فِ نفس 'مارتن':

- زوجتكَ وقحة،لم تنتظر أنّ نذهبِ معها أو حتي تعتذر لرحيلها!

نهضِ مُعتذرًا نيابتًا عنها،ورحل ليلحق بها فِ منزلهُ،وقدِ حدث ماتمنتِ 'ڤيكتوريا' ،أشتعل فتيل الغضب بنفسهُ،وجدها تتجهِ نحو غرفتهما،أمسكِ بمرفقها هاتفًا بحدة:
- هل جُنَّ عقلك؟،لماذا ذهبتِ هكذا!؟
أنتزعتِ ذراعيها من يديه قائلة:
- ماذا تُريدني أن أفعل غير ذلكِ،هل تُريدني أشاهدكَ وأن تتطلُبِ منها أن تقبل بكَ زوجًا لها!

-إنتِ غاضبة لذلكِ لاتدرين ماتتفوهين بهِ!

هتفتِ لهُ بحدة:
- بل واعية،مارتن لقد سأمِتُ من أفعال والدتكَ الحقيرة و ..
لم تُكَمِل كلماتها وصفعها بقوة،جعلتها تَطُلِق صرخة آلمة من حلقها، وضعتِ يديها علي خدها الذي صُفِعَ وعينيها تحرقها من فعلهُ، حتي وهُو يعلم أن والدتهُ هي المُخطِئة،يلقيّ عليّها الذَنبِ كلهُ.
أغلقِ جفونه بتعبِ وعينيها تعاتِبهُ مِنْ فعلتهُ الشنيعة، قالتِ 'آسيا" وهيّ تبتعد عنهُ:
- ساذِهبَ ولنِ ترىٰ وجهي مرةٌ آخرى.
أمسكَ بمعصمها يمنعها عنْ الذهابِ،قائلًا بحزن:
- آسـفِ
- لم يَعُدِ يَفيّ أسفكَ بالغرضِ،إبتعدِ عنيّ حقًا، لاأريدِ رؤيتكَ بجوارى مرةٌ آخرى.

« تِكَرارِ الآسفِ يِوُلِدَ بداخِل النُفوسِ المُؤلمة اليآسِ مِنْ أنّ يقضيّ على قولها،مِنْ أن يقضيّ علي سبب جعلهُ يقولها،لذلكِ أصِبحُوا لامُبالين بِ وجودهُمِ».
----

جلِستَ علىٰ الأرِجُوحة تهزَها بِبُطئ وعينيها للأمَامِ،لَمِ تشِعُر بوجودهُ حتى جلسِ بجانبها بالأرجوحة المُجاورة لخاصتها، كان يرتديّ قَميص غامِق اللون وبنِطال أسِودَ، شَدّ علي أكمامِ قميصهُ ليرجعها قليلًا،لمحت وشم لهَ، عقدتِ حاجيبيها وهىٰ تَهَمِّ بقرأتهُ:" لاوجودِ لمصطلح إلهَ،بل مصطلح أنه بفعل التغيرات التيّ حدثتِ للطبيعة،خُلقنا".
أسِتغفرت ربها بداخِلها عِدّة مراتِ حتى هتفتَ لهُ:

- لمَاذا قُمتِ بهذا الوشِم؟
إنتبهَ لِمَا تنِظُر إليهِ وهتف بنبرة فارغة:
- ليعلمِ مَنِ يتعامل معيّ،ماهىٰ إنتمائاتي الفكرية .
-ولكِنْ هذاَ ليس صحيحَ!

هتفتِ بنبرة غاضِبة‚ ساخِطة و حزينة ، أعتدل وهُو يِنَظُر إليها بإستفهام لتَغِيُر ملامحها، فأكملتِ:
- اللـه موجودِ بيننا،إينما ذهبنا بجوارنا،لماذا لاتؤمن بهُ وهو الذيّ خلقكَ مِنْ عدم!؟.

- ولكنْ هُناك العديد مِنْ الآمُورِ تجعلني أصَدِق بَ عدمِ وجودهُ.
ضحكتِ ساخرِة منهُ:
- بَل آمُورِ ودَدِّتُ أن تُصدِيقها!،هو مَنْ يشفيّ جرُوحنا ويِعُالجِ قُلوبنا المريضة، ليس هدفِيّ جعلكَ تؤمن بهِ بل تشعُر بهِ، أن الله هُنـا .
أشارتِ بيديها علىٰ قلبهُ، نهضتِ مِنْ الأرجوحة قائلة:
- سأذِهَبٍ.
أوقفها قائلًا:
- أنِتَظريّ!
أستدارت لهُ:
- ماذا؟
- آسفِ!
- لماذا تعتذِر ليّ،بل إعتذرِ لهُ لأنك من أخطاءِ بحقهُ.

وذهبتِ دُونِ أن تدَعهُ يتحدث معها،نظرِ للسماءِ وقلبه يشعر بالتأنيب ، هذهِ المرة الأولى التيّ تجعلهُ يشعر بالذنبِ،المرة الأولى التي يخجل بِكّونهُ بلا دِيـن.

فَ لاحظ كُونها شعرتِ بالغضبِ والسخطِ لِمُجردِ أنِهُ يفكر بعدِم وجُودِ الذيّ خلقنا جميعًا، الإله الذيّ تِؤِمَنْ بهِ،تمني لَو لم تَمُرِ عليهِ لحظاتِ جعلتهُ هكذا، فَ حياتهُ لمِ تَكُنْ هينة، مُوتِ والدهُ وزواجِ أمهُ مِنْ عمهُ، وعدمِ أهتمامها لهُ وقتِ مرضهُ، لحظات كثيرة مرتِ عليه كان يُناجيهِ،ليسمعهُ،ليجعل حياتهُ آهُونِ ولكن لم يحدُثِ شئ، لم تعالجِ جُرُوح قلبهُ، لَمِ تهتمِ بهِ والدتهُ لمَ تعطيّهِ الأحقية للرِعاية، إذ مرضَ داوى نفسهُ وإذ جُرٍحَ نفسه بغير قصدِ،كان يعالجهُ، جَذِّ علىٰ أسنانهُ بِعُنِفَ وعينيه تؤلمهُ مِنْ ذكرياتهُ، نُومه وحيدًا فِ غُرفة بارِدة، بُكاءِهُ الذيّ لم يكُن ينتهي ولكنه تذكَرِ شخصِ.

تذكَرِ مِنْ جعلهُ يتشجع ليتركَ أمهُ ويذهب لطريق حلمهُ،أنها جارتهُ التي لم يراها مُنذِ زمن .
السيدة 'ليـلى'.

------

بعِد أنّ وضعتِ طعامها فِ الصحنْ،سَرّتِ بخطواتِ بطئية نحو طاولة فارِغة ونظرات الآخُريات تحرقها،وضعت الصحن غلي الطاولة وجلستِ بهُدوءِ بعكسِ حُزنها وبركانْ البكاءِ، تُودِّ البكاءِ، لاتعلمِ لِمَاذا ولكنها مَلّتِ!، مَلّتِ مِنْ نظراتهم التيّ تقتلها وكأنها ليستَ مثلهُمِ، لقدِ خلقوا جميعًا مِنْ الطينْ،فلا فرق بينهُم.

قاطع شرودَها جُلوس 'آنسل' أمامها، كانِ يلاحِظ الإمتعاضِ البادئ علي ملامحها،هتف بتساؤُل بنبرة قلقة:
- ما الأمِرَ؟،أراكِ حزينة!.
نظرتَ لهُ ثُمِ قالتِ وهي تهز كتفيها:
- لاشئ،ولكنِ أشِتقتُ لـ عائشـة .
-الفتاة المُسلمة!؟
أومأت لهُ،فإبتسم يضع كفهُ علي يديها:
- ما رائيكَ بأنْ نذهب معًا لزيارتها؟
هزت رأسها نافية:
- لا أُرِيَد وجودك معي وأنا اذهب إليها .
رفع حاجيبيه بإستنكارِ مقوسًا شفتيه بحُزنِ مصطنع:
- لماذا؟
إبتسمت لهُ قائلة:
- لأنها مُسلمة مَثلًا ولايُجديّ نفعًا وجودك،لأنّ أهلها لن يوافقوا.
-صحيح نسيت هذهِ النقطة .

جلستِ فتاة بجانبِ'آنسل' الذيّ إمتعضت قسماتِ وجههُ منها، فقال وهُو ينظر إليّ صحنهُ ببعض الحدة فِ نبرتهُ:
- ما أمركِ كاميل؟
شبكتِ المدعوة 'كاميل' أصابعها ببعض مُسِندة ذقنها عليهم ثم نظرت لهُ هاتفة:
- أشتقتُ لكَ،ألمِ تفعل؟
- لا.
كانت نبرته تظهرِ كَمّ مدىٰ كُرهُ لها أو الذيّ يظهر لها، كانت 'تايلور' تراقبِ تصرفاته هو،لم تعير الجالسة بجانبهُ إهتمام، كانت يديه تشتد بإمساكِ الشوكة بقوة جعلتها تلتوي وصكَ فكيهِ ببعضهما، جعلتها تشعر بأن هذهِ الفتاة غير مرغوبة منهُ أو كما تعتقد هىٰ .

هتفتِ 'تايلور' بنبرة هادِئة:
- أسفة آنسة،ولكن يبدو أن وجودك ليس مرغوب هُنا!.
وجهتِ'كاميل' عينيها للمتحدثة، ف هتفتِ بسخطِ ونبرة الغضب تسطو عليها:
- ومَنِ إنتِ ياتُرىٰ!، لعينة آخرى في حياتهُ ؟.
كانت الحيرة هي التي سيطرت علي ملامحها،هي لاتفهم شئ، أكملت 'كاميل' ونظرات التقزز تحتل عينيها:
- أنُظري لنفسك عبر المرآة، من إنتِ لِتَظُنيّ أنهُ سيحبكَ، إنتِ فقطِ فتاة يشفق عليها نظرًا لِمَا إنتِ عليهِ، انه حتي غير مهتم بالدفاع عنكِ.

تناقلتِ عيناها لمكانهُ ولكنه نهضِ ولم يهتم بها،كانت ملامحها جامدة،ليس بها إيّ تعبير عما بداخلها من ثورة عنفوانية، نظرات السخرية كانت تسطو عليها من قبل المدعوة 'كاميل'.

أردَفت قبل أن تهمِ بالرحيل:
- فقطِ أنُظِريّ لنفسكِ فِ المرآة لتريّ كم إنتِ قبيحة!

تكّونتِ غصة بحلقها، الجميع فِ قاعة الطعام صامِت، من منهُمِ يشعر بالشفقة علي ماتلقتهُ من كلمات جارحة، و نظرات الاستهزاء فِ اوجِهَ البعض الآخر، وهم يظنون أنها مِنْ تقربت لهُ حتى أصِبح صديقها .

نهضتِ بهدوءِ وملامِح الجِمودَ ترتسِم علي قسماتِ وجهها،وكم تعلمون مِن تحمل أقسىٰ الكلام بصدِرَ رحبِ وقلبهُ ينشب حربًا ، كان فِ الآخير مهزومًا .
كُلما خطتِ خُطوة للأمامِ،كلما شهقتِ بوجع يغزوُ ملامحها، كلما خطت خطوة للامام تزداد جفونها عن البُكاء،حتي خرجتِ من القاعة وهَمّت بالبُكاء،لاتبكيّ علي الكلام الجارِح،بَل لأنهُ لم يُدافعِ عنها،تركها ورحل وهُو يسمع ماتلقينه حبيبته-على ماتظن- من كلمات كانت كالسيف بداخل قلبها .

أن تكُون مصدر ثقة أحد وبفعل واحد تهدم هذهِ الثقة، كأنكَ بنيت بيتًا من الورق وبدون دعامات وفِ لمح البصر،ببعضِ الهواء تنهدِم هدمًا ساحِقًا،كانتِ كذلكِ وكأنها سمعت ماكُسِر بداخلها من حُطام،فَ قلبها أمتلأ بالحطامِ منذ أن تربعتِ فِ هذهِ الحياة المريعة .

شعرتِ بيد تحاوطها لتحتضنها،وكانت منقذتها'عائشة'،تعانقها مربتةَ علي ظهرها، مسترسلة بحزن يغمُر حنجرتها:
- أنا معك وهذا يكفي الآن،معك للابد.
لاتعلم لماذا نطقت بهذهِ الكلمات،ولكنها كانتِ دائمًا تستمع لها مِنْ قبل والدتها، عندما كانت تجرح بالكلمات من المارين بالشارِع .

-----

كَانْ مزاج 'هايلي' متعكرًا بسبب ما جَاّلِ بخاطِرها مِن ذكريات، كانت شاردة ،تفكر،بِ هل علمِ'سام' بآمرها أم لا، ولكن بداخلها تعلم بشدة أنه يعلم فقط، لأنه لم يسأل ، فهذا يعني أنهُ يعلم .

عينيها كانا تنظِر لمن يُراقبها، كان يراقبها هى فقطِ وليس أحد آخر ، لم تعلمِ هل تبتسِم لهُ ام تظهر عدم أهتمامها بهِ،ولكنه كان يشعُرِ بأن هُناكِ أمر يزعجها،ف عينيها تبدو وكأنها كانت تبكي ولكنه يعلم عنها كل شئ، وليعيشهما معًا لمدة ليست بكبيرة ولكنه يكفي له ليعلم أن هناك آمر صعب يؤلمها .

سمعتِ صوت صراخِ،لذلكِ التفتت لمصدرهُ، لِتجد ان 'ألكسندرا' قد دفعت 'مارلين' لتسقطها أرضًا،وكأن هذا ماينقصها،أتجهت ناحية 'ألكسندرا' هاتفة بحنق لها:
- إعتذِريّ لها!
ضمتِ ذراعيها لصدرها وعلامات الحنق ظاهرة على وجهها بوضوحِ لهُ، ام تهتم ألكسندرا' بها أيّ لم تعطيها أيّ اهتمام بالمعني الأصح، مما زاد الغضب بها وكانت ستسير مبتعدة عن 'هايليّ' إلا أنها أمسكتَ بمعصمها تعُيدِها لمكانها صارخة بها:
- قُلتِ لكِ إعتذريّ لها!
جفلتِ 'مارلين' مِن صراخ 'هايلي' الذيّ لم يتوقعه أحد ولاحتيّ هُو ، قالتِ ألكسندرا' وهي تنزع يديها من قبضة 'هايلي' القوية:

- ومن قال إنيّ سأعتذرِ أنها حمقاءَ.
ثُم أضافتِ وهب تقول بنبرة مستهزئة:
- مثلكِ تمامًا .
وكادتَ "هايليّ'' أن تصفعها إلا أن هناك يد اوقفتها،همس بآذنها برفق:
- إهدأيّ آنسة هايليّ .
وكـان 'سـام' هو الذيّ أمسك يديها، نزعت يديها من يدهِ قائلة وهي تبتعد لتلتقطِ معطفها:
- أخبرِ السيدة كارولينا،أنيّ لا أرِغب برؤية وجهها هنا مرة آخريّ.
وصفعت الباب خلفها،جعلتهُ يشعر أنها تحتاجهُ، شعر من عينيها أنها تودِ البكُاءِ.

رحل من الاكاديمية مبكرًا فقط،لأنه يعلم بذهابها من الأكاديمية بعد شجارها مع طالبتها،ولكنه عندما وصل لمنزلهما لم يجدها، جلس على الآريكة ينتظر قدومها .
يفكر بها،وكيف كانت غاضبة وحانقة وحزينة،سمع صوتِ الباب يُقِفَل، هتف لها عندما وجدها متجهة نحوهُ:
- أريدك أن تجلسيّ هُنا .
أشـارِ على فخذهُ، تنهدت بآلمِ تخلع معطفها لتلقيه علي الكرسيّ المجاور لها، إتجهت لهُ والحزن يكسو ملامحها، جلستَ على فخذهُ واضعة يديها حول عنقهُ، أسندت راسها على صِدرهُ بهدوءِ، أحاط خصرها بذراعيهِ مُشددًِا عليها .

همس وهُو يقبل مُقدمة رأسها:
- اعلمِ أن بداخلكِ بركانْ ،اعلم أنكِ تريدين البكاءِ.
عانقها بقوة وبادلتهُ ثم علتِ شهقاتها،تُرِجَ المكانِ، جدرانِ قلبهُ تآلمتِ وهي تبكيِ بحرقة لم يعهدها بها من قبل،المرة الاولى التي يراها منكسرة وضعيفة بهذا الشكل .
هتف وهو مغمض عينيه:
- لا أعلم ماسبب بكُاءِكِ ولكن أريدك أن تعلميّ آمرًا،إن قلبي منكسرًا أضعاف أضعاف حزنكِ وبكاءِكَ،ولاأعلم لماذا يراودني،هذا الشعُورِ!

كانت قد نامتِ وشعر هو بذلكِ بسبب إنتظام أنفاسها، ليبتسم وهو ينظر لملامحها، مسح الدموع التي ملأتِ خدايها،حملها برفق بين ذراعيهِ ثم وضعها علي الفراشِ،غطى جسدها بغطاء ثقيل ثم تسطح بجانبها يتأملها ..

يتبع ...

الفصل 4500 كلمة🌸 يعني إنجاز ليا فعلا.