Chapter 11
ألن تأتي؟
ألن تقترب؟
نحن ننتظرك..
فقط تعالي إلينا..
و نحن سنكرم ضيافتك .
_____________________
تنفسه ثقيل..قدماه ليستا ثابتتان .
كان يضع بعض المحارم التي وجدها في حقيبتها علي جرحه العميق التي تسببت فيه .
كان عليهم التحرك بسرعة خوفاً من أن يجدهم كاسيوس .
فالكايتري كان يحملها آليك علي ظهره، و فالديمير يمشي بجانبه و دماءه تتساقط .
كان من بين الحين و الآخر يجلسوا علي الأرض يستريحوا بينما فالكايتري لازالت فاقدة الوعي .
كانت الشمس ينقصها ساعة حتي تغرب و كان يجب عليهم العثور علي أي مكان لمبيت فيه خاصتاً في حالتهم تلك .
فقط أصوات كسر أوراق الشجر تحت قدمهم ما يملأ المكان حتي تحدث آليك .
"لا تحاول حتي أن تمثل بأنك تتألم.." توقف فالديمير ثم نظر رمقه بأعين مستنكرة ليكمل آليك كلامه..
"أنا أعلم بأنك تخفي شيئاً ."
أعطاه فالديمير إبتسامة جانبية ثم تحدث و هو يستند علي شجرة بيد و اليد الأخري علي جرحه، "أنت تعلم شيئاً، اذا إبقيه لنفسك، أنا لست مهتماً ."
عقد آليك حاجباه و فالديمير بدأ يتحرك مجدداً تحت نظرات الآخر حتي صاح:
"فالكايتري ستبتعد عنك عندما سأخبرها حقيقتك!" إلتفت فالديمير بملل و زفر بنفاذ صبر .
"إذاً أخبرها..لن أمنعك ."
"ألست خائفاً؟" رفع آليك حاجبه بإستنكار .
"لا، لست كذلك، ايضاً أخبرها بأن حقيقتي هي ما تحتاج إليه أكثر من أي شئ ."
زفر آليك بغضب و هو يراه يذهب مرة أخري في طريقه، كان يمسك ركبتا فالكايتري من الخلف ثم قام برفع كعبه من الأرض بخفه ليرفعها علي ظهره ويعدل وضعيتها .
و لكن من الحركة، إستعادت فالكايتري وعيها قليلاً لتنظر لوجه آليك الذي إلتفت برأسه لها قليلاً .
"مالذي حصل..؟" تحدثت بصوتٍ متعب و هي تنظر حولها .
"لا تهتمي، فقط إستريحي.." أسنندت رأسها علي كتفه محتضنة كتفه أكثر بينما هو أكمل مشيه حتي وصل لفالديمير الذي إبتعد عنهم قليلاً .
"كم عُمرك؟" سأل آليك فالديمير ليرد علي بدون أن ينظر له .
"أربعة و عشرون ." عقدت فالكايتري حاجبيها بتفاجؤ .
"أنت أكبر مني بخمس سنوات؟" إبتسم فالديمير قليلاً و هو يتنسد علي الشجر الذي يقابله .
فالكايتري لم تكن تركز في حالته عندما إستيقظت..لكنها بعد أن نظرت له، أدركت بأنه الآن يتألم بسببها .
رائحة دماؤه جعلتها نادمة و لكنها لا تعلم مالذي حصل لها فجأة .
كانت علي وشك التحدث و لكنه سبقها .
"و أنت آليك..كم عمرك؟" صمت آليك قليلاً قبل أن يرد بصوت منخفض .
"ثمانية عشر ." إلتفت له فالكايتري برأسها بسرعة و عيناها متوسعتان .
"لم أكن أعلم ذلك!" صوت ضحك فالديمير كان عالياً قليلاً .
"أنت تحاول إظهار أنك قوي و أنت بالأصل أصغر مني بست سنوات ."
"أنا بالفعل أقوي منك ." إنتهت ضحكة فالديمير علي إظهار إبتسامته الجانبية و هو يقول بكل غموض، "سنري بشأن هذا.."
عقد آليك حاجباه بإنزعاج من رده، "ألست تنزف؟ لمَ لم تفقد وعيك أو تشعر بالهبوط إلي الآن؟"
بالرغم من قلق فالكايتري و لكنه جذب إنتباهها ما قاله حتي شعرت بأنه غير منطقياً بأنه حتي لم يشعر بقليل من الدوار .
هذا غير تلك الجملة التي قالها.."سنري بشأن هذا.." حتي نبرة صوته كانت غريبة و غامضة .
الأسرار التي يخبإها أصبحت أكبر..
لم يرد فالديمير علي سؤال آليك و ظلوا الثلاثة يتقدمون بخطواتهم حتي توقفوا فجأة عندما إشتم آليك و فالكايتري رائحة غريبة .
نزلت هي عن ظهر آليك و تشعر بذئبتها تخبرها بأنه هناك أشخاصاً هنا .
"كإنها رائحة..فحم أو شئٍ يحترق ." وافقته فالكايتري الرد، و لازال فالديمير يقف و ينظر لهم بدون علامات علي وجهه .
فجأة سمعوا أصوات أقدام و كان من الواضح بأنهم أكثر من واحد ليتخذ آليك و فالكايتري وضعية الإستعداد لأي هجوم .
لكن الغريب بأن ذئابهم لم تشعر بالخوف أو بالخطر!
فجأة علا صوت النسر الذي كان يحلق في السماء و يطير في دائرة فوق البقعة التي يقفون بها .
"ما بال هذا النسر الآن؟ يتبعنا منذ أيام.." نظر آليك للسماء و لكن سرعان ما توسعت عيناه عندما بدأ ذلك النسر بالهبوط و أصوات الأقدام بدأت تعلو أكثر .
"فالديمير إحترس!" شهقت فالكايتري عندما إقترب هذا النسر منه و لكن شعور الصدمة ملأهم عندما مد فالديمير يده المليئة بدماؤه أمامه..
ليهبط عليها النسر و يقف..
"مالذي-.."
لم يستوعبوا مالذي حصل للتو قبل أن يسمعوا الخطوات تقترب كثيراً..
و من بين الأشجار و أوراقها..ظهروا ستة أشخاص بشرتهم تتراوح بين القمحي و درجات السمار ليتبين بأنهم هم أصحاب تلك الرائحة .
نظروا لهم بينما أجسادهم كانت مجمدة ولا يستطيعون التحرك، لا يعلمون هل عليهم الخوف و الحذر كما حصل مع مصاصين الدماء أم الهروب .
كان من الواضح بأنهم جنوداً نظراً إلي ملابسهم الرسمية و التي معظمها أسود و بها بعض التزيينات بلون الذهب .
ظلوا يتمعنون بهم النظر حتي وقعت أعينهم علي فالديمير و النسر الذي بيده..و لكن الذي صدم آليك و فالكايتري أكثر..
بأنهم جميعاً إنحنوا لفالديمير!
"ما اللعنة التي تحصل هنا؟!" صاح آليك و هو يضع ذراعه أمام فالكايتري و نظراته لفالديمير ليست مصدقة مالذي يحصل الآن .
"إتبعونا من فضلكم ." تحدث إحدي الجنود عندما وقفوا من مكانهم ليلتفتوا ويتحركوا .
فالكايتري نظرتها تغيرت ناحية فالديمير..كانت متمسكة بذراع آليك و تنظر له بينما لازال يعطيهم ظهره و يرفع ذراعه كي يطير النسر من علي يده مرة أخري .
كان بالفعل بدأ يتبعهم ببطء و لكنهم توقفوا من صوت فالكايتري .
"لم علينا أن نتبعكم؟" ذهنها لم يجعلها تفارق التفكير في كل المواقف الغير طبيعية الناتجة منه بينما عيناها لا تسقط من عليه .
تريده أن يقول أي شئ..أي كلمة و لكنه كان صامتاً .
"عليكم أن تتبعونا بهدوء و ستعلمون كل شئ ." كان صوت ذلك الجندي هادئاً و لكن أعصابهم لم تكن كذلك .
"كيف يمكننا الوثوق بكم و نحن لا نعلم اذا كان هذا فخاً أو حتي ما هي طبيعتكم حتي!" نظر الجندي لفالديمير الذي إلتفت و ينظر لآليك بضيق .
"فقط إفعل ما قالوا بصمت!" عقد آليك حاجباه بينما تنظر له فالكايتري بعدم فهم .
"مالذي حصل لك..؟" سألته فالكايتري بعدم تصديق التغير الذي ظهر عليه فجأة..و لكنه لم يفعل شيئاً سوي بأنه إلتفت و ذهب من بين الستة رجال بينهما هم يقفون منتظرين منهم بأن يتبعوهم حتي إستسلموا .
"هل ستذهبي؟" سأل آليك فالكايتري لترد عليه بنفس ضيق و منزعج .
"علي أن أعلم ما هي حقيقته.." تحركوا حتي أصبح فالديميا يقف بالمقدمة و وراؤه الستة جنود و بعدهم آليك و فالكايتري الذي يتمسكوا بيد بعضهم بقوة من القلق .
_______________________
ظللنا نمشي و نتقدم حتي وصلنا لسوراً كبيراً..من النظر إليه تشعر بكم هو متين و عريق .
كان يصل لإرتفاع ثلاثين متراً من طوب رمادي اللون .
"إفتحوا البوابات!" صاح أحد الجنود عندما وجدنا البوابة الكبيرة تفتح حتي مصرعيها . تمسك آليك بيدي أكثر و نحن نشاهدها تُفتح لنا و كأن السور كان حاجزاً بيننا و بين نور الشمس الهادئ الخاص بالغروب..
الحراس الذين كانوا أمامنا إلتفتوا لنا ثم أفسحوا لنا مجالاً بيننهم لكي نعبر و نقف وراء فالديمير الثابت في مكانه أمام البوابة المفتوحة..
و الذي كان يحدق بالمنظر الذي بالداخل .
عيناي توسعت عندما رأينا تلك الجماعات..لا بل شعباً كبيراً منقسم لمجموعتين و بينهم ممراً فارغاً طويلاً يؤدي بوابة أصغر من التي نقف عندها..
و التي أيضاً تفصلها عن الأرض التي بها القصر الكبير و الطويل!
الأرض كانت واسعة و من الرخام و البيوت كانت هنا و هناك!
و جميع الناس!
المجموعتين كانتا تقفا مواجهين بعضهم البعض و رأسهم منحني..
الجميع..كبيراً أو صغيراً .
رجلاً أو إمرأة .
منحنين برءوسهم .
عيناي وقعت علي فالديمير الذي لازال يعطيني ظهره و لم تأخذ منه ثانيتين ليبدأ بالتحرك من بين هذا الممر .
و بدون شعور منا، بدأنا أنا و آليك بالمشي وراؤه و نحن ننظر حولنا .
الحراس كانوا ورائناً و لا ينظر لأعيننا، بل لازالوا يبقون أعينهم في الأرض .
تذكرت ذلك المشهد عندما كنا في مملكة مصاصين الدماء..
جميعهم هربوا منه -فالديمير- و كانوا يتراجعون بينما هو يتقدم بدون أي مشكلة .
جسدي لم يكن يتحرك بسهولة بل كانت عضلاته مشدودة و أنفاسي آخذها بصعوبة .
نظرت بجانبي لتقع عيني علي طفلاً في السابعة من عمره يقف بجانب والدته و يحاول رفع وجهه لينظر لي..و لكن تقوم الوالدة بدفع رأسه لينحني مرة أخري .
لازلنا نتقدم و أشعر بأطرافي تبرد من عدم فهمي لأي شئ .
لم نحن هنا؟!
و ما هذا المكان بالأصل؟!
حاولت النظر حولي لأي علامة و لكن لا شئ!
لساني كان معقوداً و لم أستطع سأل فالديمير الذي لازال يتقدم حتي وصلنا للبوابة الأصغر التي أدخلتنا لأرض القصر .
و عندها كان يقف رجلاً و إمرأة عند البوابة و الحراس منتشرين في أماكنً منظمة حولهم .
الملك و الملكة..
توقف فالديمير عن التقدم لنتوقف نحن أيضاً و مسحت بنظري للمكان حولي لتتوسع عيناي و قلبي يدق بسرعة لكي أنظر لآليك كانت نفس تعابير الصدمة علي وجهه .
أتي إلينا الملك و الملكة لينحنوا قليلاً أمامنا..
و عندها حيّانا الملك و علي وجهه إبتسامة كبيرة..
جسدي إرتعش قليلاً و عقلي لم يعد يستوعب المكان الذي نحن فيه عندما رأيت التماثيل التي حولنا و بالأخص ذلك التمثال الموجود فوق باب القصر الكبير..
لقد كان خاص بال..
"مرحباً بكم في مملكة التنانين!"
من الصدمة قدماي عادت خطوة للخلف و وضعت يدي علي فمي و أنا أنظر لآليك الذي يشعر تماماً بما أشعر به .
"مالذي نفعله هنا؟!" تمتمت بصوت مسموع ليلتفت لي فالديمير أخيراً مع إبتسامته الجانبية .
"لنحضر الحفلة ."
_______________________
أفكاري كانت مبعثرة .
عقلي لم يعد يستوعب أي شئ .
جميع أنواع الأسئلة تدور في عقلي كدوراني حول الغرفة التي أعطوها لي في القصر، نفس الشئ ايضاً مع فالديمير و آليك .
و لكن لم؟!
و لماذا نبيت هنا؟!
و ما هو موضوع تلك الحفلة الغريبة؟!
و كيف ملك التنانين يعرف رفيقي؟!
لم الجميع إنحني لرفيقي؟!
"اللعنة علي هذا.." زفرت و أنا أشد جذور شعري بيداي بعدما أصبح عقلي عبارة عن فوضي عارمة لم أعد أستطيع تحملها .
"آليك!" ناديته بالإتصال العقلي ليرد علي الفور .
"نعم!"
"أتعلم أين هي غرفة فالديمير؟!"
"نعم، أفعل!"
"اذاً هيا بنا لنذهب إليها ."
سحبت المعطف خاصتي لأخرج سريعاً و أحاول أن أجد طريقي للجناح الغربي الذي يقطنون به .
ظللت أمشي عكس الطريق الذي ذهبت إليه مع الخادمة التي دلتني علي غرفتي، حتي أصبحت أستطيع تحديد رائحة آليك علي مقربة مني إلي أن قابلته أخيراً في الردهة .
"هيا بنا ." أومئت له ليمسك بيدي و يلتفت و يركض بينما أنا وراؤه .
قابلنا بعض الوصيفات و الخادمات في الطريق لنتجاهلهن و نكمل طريقنا إلي أن أصبحت رائحته قوية في المكان و توقفنا أمام الباب..
تنهدنا و نحن ننظر لبعضنا ليرفع آليك يده لكي يطرق الباب و لكن صوت فالديمير سبقه .
"إدخلوا ."
عقدنا حاجبينا قبل أن يمسك آليك بالمقبض و يقوم بإدراته .
و عندما دخلنا كان فالديمير يقف أمام المرآة الكبيرة و يلتفت لينظر لنا عند الباب .
"فالديمير، عليك الآن إخبارنا بكل شئ ." قال آليك الذي يرمقه بحدة ليرفع فالديمير حاجبه و هو ينظر للأسفل حيث يدانا المتمسكتان و التي لم ألاحظ بأننا لازلنا متمسكين بقبضتينا .
"عليك أنت أن تترك يد زوجتي أولاً ." نظرنا لأيدينا لنفصلهم سريعاً و نكبر المساحة قليلاً التي بيننا لنعود بالنظر إليه، قام بالإشارة إلينا لندخل..
جلست علي طرف السرير بينما آليك في الكرسي الذي بجانبي و فالديمير يقف أمامنا و لم أفهم مالذي تحمله عيناه من معاني عندما كان ينظر لنا نحن الإثنان و خاصتاً لي .
"فالديمير.." تحدث آليك و لكني قاطعته عندما قمت بتواصل بصري معه..
"ماذا تكون؟" وجهه لم يحمل أي علامات مفهومة..أو حتي أي شئ..
كان ساكناً..
"أخبرني فالديمير ماذا تكون؟" وجهه ظل ثابتاً بدون تعابير و هو يضع عيناه في عيناي..
"لن تصدقي.." عقدت حاجباي و أنا أقف بدوري و علامات عدم الفهم تملأ وجهي .
"لن أصدق؟" رفعت حاجباي .
لقد رأيت منه مالا يُصدق و هو الآن يرفض إخباري بحقيقته!
"فالديمير، أنت تقبلتني عندما أخبرتك بحقيقتي.." في وسط كلامي سمعت كلام آليك .
"أخبرنا عن سر عيناك، فالديمير.." نظرت لآليك بتشوش ثم أعدت نظري له .
"ماذا..؟" ظللنا صامتين منتظرين رده بينما هو مغمضاً لعيناه و وجهه منحني للأرض..
التشوش و الصمت كانوا يملأوا الأجواء..
كل ما يفعله عقلي هو التفكير في كل الأشياء التي يُمكن أن يكون عليها..
و ما مدي سوء هذه الاشياء..
و لكنه قاطع افكارنا برفع رأسه لنا و هو يزفر ببطء و يبدأ بفتح عيناه..
عيناه الصفراء!
"أنا حارس العالمين ."
______________________________________
ألن تقترب؟
نحن ننتظرك..
فقط تعالي إلينا..
و نحن سنكرم ضيافتك .
_____________________
تنفسه ثقيل..قدماه ليستا ثابتتان .
كان يضع بعض المحارم التي وجدها في حقيبتها علي جرحه العميق التي تسببت فيه .
كان عليهم التحرك بسرعة خوفاً من أن يجدهم كاسيوس .
فالكايتري كان يحملها آليك علي ظهره، و فالديمير يمشي بجانبه و دماءه تتساقط .
كان من بين الحين و الآخر يجلسوا علي الأرض يستريحوا بينما فالكايتري لازالت فاقدة الوعي .
كانت الشمس ينقصها ساعة حتي تغرب و كان يجب عليهم العثور علي أي مكان لمبيت فيه خاصتاً في حالتهم تلك .
فقط أصوات كسر أوراق الشجر تحت قدمهم ما يملأ المكان حتي تحدث آليك .
"لا تحاول حتي أن تمثل بأنك تتألم.." توقف فالديمير ثم نظر رمقه بأعين مستنكرة ليكمل آليك كلامه..
"أنا أعلم بأنك تخفي شيئاً ."
أعطاه فالديمير إبتسامة جانبية ثم تحدث و هو يستند علي شجرة بيد و اليد الأخري علي جرحه، "أنت تعلم شيئاً، اذا إبقيه لنفسك، أنا لست مهتماً ."
عقد آليك حاجباه و فالديمير بدأ يتحرك مجدداً تحت نظرات الآخر حتي صاح:
"فالكايتري ستبتعد عنك عندما سأخبرها حقيقتك!" إلتفت فالديمير بملل و زفر بنفاذ صبر .
"إذاً أخبرها..لن أمنعك ."
"ألست خائفاً؟" رفع آليك حاجبه بإستنكار .
"لا، لست كذلك، ايضاً أخبرها بأن حقيقتي هي ما تحتاج إليه أكثر من أي شئ ."
زفر آليك بغضب و هو يراه يذهب مرة أخري في طريقه، كان يمسك ركبتا فالكايتري من الخلف ثم قام برفع كعبه من الأرض بخفه ليرفعها علي ظهره ويعدل وضعيتها .
و لكن من الحركة، إستعادت فالكايتري وعيها قليلاً لتنظر لوجه آليك الذي إلتفت برأسه لها قليلاً .
"مالذي حصل..؟" تحدثت بصوتٍ متعب و هي تنظر حولها .
"لا تهتمي، فقط إستريحي.." أسنندت رأسها علي كتفه محتضنة كتفه أكثر بينما هو أكمل مشيه حتي وصل لفالديمير الذي إبتعد عنهم قليلاً .
"كم عُمرك؟" سأل آليك فالديمير ليرد علي بدون أن ينظر له .
"أربعة و عشرون ." عقدت فالكايتري حاجبيها بتفاجؤ .
"أنت أكبر مني بخمس سنوات؟" إبتسم فالديمير قليلاً و هو يتنسد علي الشجر الذي يقابله .
فالكايتري لم تكن تركز في حالته عندما إستيقظت..لكنها بعد أن نظرت له، أدركت بأنه الآن يتألم بسببها .
رائحة دماؤه جعلتها نادمة و لكنها لا تعلم مالذي حصل لها فجأة .
كانت علي وشك التحدث و لكنه سبقها .
"و أنت آليك..كم عمرك؟" صمت آليك قليلاً قبل أن يرد بصوت منخفض .
"ثمانية عشر ." إلتفت له فالكايتري برأسها بسرعة و عيناها متوسعتان .
"لم أكن أعلم ذلك!" صوت ضحك فالديمير كان عالياً قليلاً .
"أنت تحاول إظهار أنك قوي و أنت بالأصل أصغر مني بست سنوات ."
"أنا بالفعل أقوي منك ." إنتهت ضحكة فالديمير علي إظهار إبتسامته الجانبية و هو يقول بكل غموض، "سنري بشأن هذا.."
عقد آليك حاجباه بإنزعاج من رده، "ألست تنزف؟ لمَ لم تفقد وعيك أو تشعر بالهبوط إلي الآن؟"
بالرغم من قلق فالكايتري و لكنه جذب إنتباهها ما قاله حتي شعرت بأنه غير منطقياً بأنه حتي لم يشعر بقليل من الدوار .
هذا غير تلك الجملة التي قالها.."سنري بشأن هذا.." حتي نبرة صوته كانت غريبة و غامضة .
الأسرار التي يخبإها أصبحت أكبر..
لم يرد فالديمير علي سؤال آليك و ظلوا الثلاثة يتقدمون بخطواتهم حتي توقفوا فجأة عندما إشتم آليك و فالكايتري رائحة غريبة .
نزلت هي عن ظهر آليك و تشعر بذئبتها تخبرها بأنه هناك أشخاصاً هنا .
"كإنها رائحة..فحم أو شئٍ يحترق ." وافقته فالكايتري الرد، و لازال فالديمير يقف و ينظر لهم بدون علامات علي وجهه .
فجأة سمعوا أصوات أقدام و كان من الواضح بأنهم أكثر من واحد ليتخذ آليك و فالكايتري وضعية الإستعداد لأي هجوم .
لكن الغريب بأن ذئابهم لم تشعر بالخوف أو بالخطر!
فجأة علا صوت النسر الذي كان يحلق في السماء و يطير في دائرة فوق البقعة التي يقفون بها .
"ما بال هذا النسر الآن؟ يتبعنا منذ أيام.." نظر آليك للسماء و لكن سرعان ما توسعت عيناه عندما بدأ ذلك النسر بالهبوط و أصوات الأقدام بدأت تعلو أكثر .
"فالديمير إحترس!" شهقت فالكايتري عندما إقترب هذا النسر منه و لكن شعور الصدمة ملأهم عندما مد فالديمير يده المليئة بدماؤه أمامه..
ليهبط عليها النسر و يقف..
"مالذي-.."
لم يستوعبوا مالذي حصل للتو قبل أن يسمعوا الخطوات تقترب كثيراً..
و من بين الأشجار و أوراقها..ظهروا ستة أشخاص بشرتهم تتراوح بين القمحي و درجات السمار ليتبين بأنهم هم أصحاب تلك الرائحة .
نظروا لهم بينما أجسادهم كانت مجمدة ولا يستطيعون التحرك، لا يعلمون هل عليهم الخوف و الحذر كما حصل مع مصاصين الدماء أم الهروب .
كان من الواضح بأنهم جنوداً نظراً إلي ملابسهم الرسمية و التي معظمها أسود و بها بعض التزيينات بلون الذهب .
ظلوا يتمعنون بهم النظر حتي وقعت أعينهم علي فالديمير و النسر الذي بيده..و لكن الذي صدم آليك و فالكايتري أكثر..
بأنهم جميعاً إنحنوا لفالديمير!
"ما اللعنة التي تحصل هنا؟!" صاح آليك و هو يضع ذراعه أمام فالكايتري و نظراته لفالديمير ليست مصدقة مالذي يحصل الآن .
"إتبعونا من فضلكم ." تحدث إحدي الجنود عندما وقفوا من مكانهم ليلتفتوا ويتحركوا .
فالكايتري نظرتها تغيرت ناحية فالديمير..كانت متمسكة بذراع آليك و تنظر له بينما لازال يعطيهم ظهره و يرفع ذراعه كي يطير النسر من علي يده مرة أخري .
كان بالفعل بدأ يتبعهم ببطء و لكنهم توقفوا من صوت فالكايتري .
"لم علينا أن نتبعكم؟" ذهنها لم يجعلها تفارق التفكير في كل المواقف الغير طبيعية الناتجة منه بينما عيناها لا تسقط من عليه .
تريده أن يقول أي شئ..أي كلمة و لكنه كان صامتاً .
"عليكم أن تتبعونا بهدوء و ستعلمون كل شئ ." كان صوت ذلك الجندي هادئاً و لكن أعصابهم لم تكن كذلك .
"كيف يمكننا الوثوق بكم و نحن لا نعلم اذا كان هذا فخاً أو حتي ما هي طبيعتكم حتي!" نظر الجندي لفالديمير الذي إلتفت و ينظر لآليك بضيق .
"فقط إفعل ما قالوا بصمت!" عقد آليك حاجباه بينما تنظر له فالكايتري بعدم فهم .
"مالذي حصل لك..؟" سألته فالكايتري بعدم تصديق التغير الذي ظهر عليه فجأة..و لكنه لم يفعل شيئاً سوي بأنه إلتفت و ذهب من بين الستة رجال بينهما هم يقفون منتظرين منهم بأن يتبعوهم حتي إستسلموا .
"هل ستذهبي؟" سأل آليك فالكايتري لترد عليه بنفس ضيق و منزعج .
"علي أن أعلم ما هي حقيقته.." تحركوا حتي أصبح فالديميا يقف بالمقدمة و وراؤه الستة جنود و بعدهم آليك و فالكايتري الذي يتمسكوا بيد بعضهم بقوة من القلق .
_______________________
ظللنا نمشي و نتقدم حتي وصلنا لسوراً كبيراً..من النظر إليه تشعر بكم هو متين و عريق .
كان يصل لإرتفاع ثلاثين متراً من طوب رمادي اللون .
"إفتحوا البوابات!" صاح أحد الجنود عندما وجدنا البوابة الكبيرة تفتح حتي مصرعيها . تمسك آليك بيدي أكثر و نحن نشاهدها تُفتح لنا و كأن السور كان حاجزاً بيننا و بين نور الشمس الهادئ الخاص بالغروب..
الحراس الذين كانوا أمامنا إلتفتوا لنا ثم أفسحوا لنا مجالاً بيننهم لكي نعبر و نقف وراء فالديمير الثابت في مكانه أمام البوابة المفتوحة..
و الذي كان يحدق بالمنظر الذي بالداخل .
عيناي توسعت عندما رأينا تلك الجماعات..لا بل شعباً كبيراً منقسم لمجموعتين و بينهم ممراً فارغاً طويلاً يؤدي بوابة أصغر من التي نقف عندها..
و التي أيضاً تفصلها عن الأرض التي بها القصر الكبير و الطويل!
الأرض كانت واسعة و من الرخام و البيوت كانت هنا و هناك!
و جميع الناس!
المجموعتين كانتا تقفا مواجهين بعضهم البعض و رأسهم منحني..
الجميع..كبيراً أو صغيراً .
رجلاً أو إمرأة .
منحنين برءوسهم .
عيناي وقعت علي فالديمير الذي لازال يعطيني ظهره و لم تأخذ منه ثانيتين ليبدأ بالتحرك من بين هذا الممر .
و بدون شعور منا، بدأنا أنا و آليك بالمشي وراؤه و نحن ننظر حولنا .
الحراس كانوا ورائناً و لا ينظر لأعيننا، بل لازالوا يبقون أعينهم في الأرض .
تذكرت ذلك المشهد عندما كنا في مملكة مصاصين الدماء..
جميعهم هربوا منه -فالديمير- و كانوا يتراجعون بينما هو يتقدم بدون أي مشكلة .
جسدي لم يكن يتحرك بسهولة بل كانت عضلاته مشدودة و أنفاسي آخذها بصعوبة .
نظرت بجانبي لتقع عيني علي طفلاً في السابعة من عمره يقف بجانب والدته و يحاول رفع وجهه لينظر لي..و لكن تقوم الوالدة بدفع رأسه لينحني مرة أخري .
لازلنا نتقدم و أشعر بأطرافي تبرد من عدم فهمي لأي شئ .
لم نحن هنا؟!
و ما هذا المكان بالأصل؟!
حاولت النظر حولي لأي علامة و لكن لا شئ!
لساني كان معقوداً و لم أستطع سأل فالديمير الذي لازال يتقدم حتي وصلنا للبوابة الأصغر التي أدخلتنا لأرض القصر .
و عندها كان يقف رجلاً و إمرأة عند البوابة و الحراس منتشرين في أماكنً منظمة حولهم .
الملك و الملكة..
توقف فالديمير عن التقدم لنتوقف نحن أيضاً و مسحت بنظري للمكان حولي لتتوسع عيناي و قلبي يدق بسرعة لكي أنظر لآليك كانت نفس تعابير الصدمة علي وجهه .
أتي إلينا الملك و الملكة لينحنوا قليلاً أمامنا..
و عندها حيّانا الملك و علي وجهه إبتسامة كبيرة..
جسدي إرتعش قليلاً و عقلي لم يعد يستوعب المكان الذي نحن فيه عندما رأيت التماثيل التي حولنا و بالأخص ذلك التمثال الموجود فوق باب القصر الكبير..
لقد كان خاص بال..
"مرحباً بكم في مملكة التنانين!"
من الصدمة قدماي عادت خطوة للخلف و وضعت يدي علي فمي و أنا أنظر لآليك الذي يشعر تماماً بما أشعر به .
"مالذي نفعله هنا؟!" تمتمت بصوت مسموع ليلتفت لي فالديمير أخيراً مع إبتسامته الجانبية .
"لنحضر الحفلة ."
_______________________
أفكاري كانت مبعثرة .
عقلي لم يعد يستوعب أي شئ .
جميع أنواع الأسئلة تدور في عقلي كدوراني حول الغرفة التي أعطوها لي في القصر، نفس الشئ ايضاً مع فالديمير و آليك .
و لكن لم؟!
و لماذا نبيت هنا؟!
و ما هو موضوع تلك الحفلة الغريبة؟!
و كيف ملك التنانين يعرف رفيقي؟!
لم الجميع إنحني لرفيقي؟!
"اللعنة علي هذا.." زفرت و أنا أشد جذور شعري بيداي بعدما أصبح عقلي عبارة عن فوضي عارمة لم أعد أستطيع تحملها .
"آليك!" ناديته بالإتصال العقلي ليرد علي الفور .
"نعم!"
"أتعلم أين هي غرفة فالديمير؟!"
"نعم، أفعل!"
"اذاً هيا بنا لنذهب إليها ."
سحبت المعطف خاصتي لأخرج سريعاً و أحاول أن أجد طريقي للجناح الغربي الذي يقطنون به .
ظللت أمشي عكس الطريق الذي ذهبت إليه مع الخادمة التي دلتني علي غرفتي، حتي أصبحت أستطيع تحديد رائحة آليك علي مقربة مني إلي أن قابلته أخيراً في الردهة .
"هيا بنا ." أومئت له ليمسك بيدي و يلتفت و يركض بينما أنا وراؤه .
قابلنا بعض الوصيفات و الخادمات في الطريق لنتجاهلهن و نكمل طريقنا إلي أن أصبحت رائحته قوية في المكان و توقفنا أمام الباب..
تنهدنا و نحن ننظر لبعضنا ليرفع آليك يده لكي يطرق الباب و لكن صوت فالديمير سبقه .
"إدخلوا ."
عقدنا حاجبينا قبل أن يمسك آليك بالمقبض و يقوم بإدراته .
و عندما دخلنا كان فالديمير يقف أمام المرآة الكبيرة و يلتفت لينظر لنا عند الباب .
"فالديمير، عليك الآن إخبارنا بكل شئ ." قال آليك الذي يرمقه بحدة ليرفع فالديمير حاجبه و هو ينظر للأسفل حيث يدانا المتمسكتان و التي لم ألاحظ بأننا لازلنا متمسكين بقبضتينا .
"عليك أنت أن تترك يد زوجتي أولاً ." نظرنا لأيدينا لنفصلهم سريعاً و نكبر المساحة قليلاً التي بيننا لنعود بالنظر إليه، قام بالإشارة إلينا لندخل..
جلست علي طرف السرير بينما آليك في الكرسي الذي بجانبي و فالديمير يقف أمامنا و لم أفهم مالذي تحمله عيناه من معاني عندما كان ينظر لنا نحن الإثنان و خاصتاً لي .
"فالديمير.." تحدث آليك و لكني قاطعته عندما قمت بتواصل بصري معه..
"ماذا تكون؟" وجهه لم يحمل أي علامات مفهومة..أو حتي أي شئ..
كان ساكناً..
"أخبرني فالديمير ماذا تكون؟" وجهه ظل ثابتاً بدون تعابير و هو يضع عيناه في عيناي..
"لن تصدقي.." عقدت حاجباي و أنا أقف بدوري و علامات عدم الفهم تملأ وجهي .
"لن أصدق؟" رفعت حاجباي .
لقد رأيت منه مالا يُصدق و هو الآن يرفض إخباري بحقيقته!
"فالديمير، أنت تقبلتني عندما أخبرتك بحقيقتي.." في وسط كلامي سمعت كلام آليك .
"أخبرنا عن سر عيناك، فالديمير.." نظرت لآليك بتشوش ثم أعدت نظري له .
"ماذا..؟" ظللنا صامتين منتظرين رده بينما هو مغمضاً لعيناه و وجهه منحني للأرض..
التشوش و الصمت كانوا يملأوا الأجواء..
كل ما يفعله عقلي هو التفكير في كل الأشياء التي يُمكن أن يكون عليها..
و ما مدي سوء هذه الاشياء..
و لكنه قاطع افكارنا برفع رأسه لنا و هو يزفر ببطء و يبدأ بفتح عيناه..
عيناه الصفراء!
"أنا حارس العالمين ."
______________________________________
Коментарі