نبذة
مقدمة
1: مريضة
2: الأرصاد تحذر من عواصف الذاكرة
3: القناع ينزلق بعيدًا
4: ليس كل مطرٍ خيرًا
5: النهاية: كفانا عبثًا!
5: النهاية: كفانا عبثًا!
" ما الغرض من هذا يا راين؟ " سأل كونر في شيءٍ من التوتر بعدما رتبت آيمي لهم أن يجتمعوا في غرفة الجلوس بمنزلها، و بهم أعني هي، كونر، والدتهما السيدة هايسترمان، و رايان!

" يبدو أن لاڤيسا لن تحضر " قالت بخيبة أملٍ متجاهلةً ما قاله تمامًا.

" أرجو منكم التحكم بأعصابكم إلى أن أنهي كلامي لأنني لن أسمح لأيكم بالرحيل بعد، كفانا عبثًا فقد دمرتنا الأحلام و نحن بكل سذاجةٍ مازلنا نتشبث بشظاياها "

" راين.. "

" رايان، أرجوك.. " قاطعته بابتسامةٍ صغيرةٍ مطَمْئنةٍ ثم أخذت نفسًا لتعاود الحديث بنبرةٍ هادئةٍ: " أولًا شقيقي العزيز الذي يظهر و يختفي كما يشاء و الذي أعلم أنه يحاول إخباري بشيءٍ ما بتلميحاتٍ سخيفة، ثانيًا والدتي العزيزة التي تتوعد لي و لخاطبي أن تنتهي خطبتنا على يديها فقط لأنها تراه أقل من مستوانا.. أو هكذا ظننا.. هناك سببٌ إضافيٌّ سأخبركم عنه، و أخيرًا حبي الحقيقي رايان الذي يؤكد لي كل يومٌ أنني لست المريضة الوحيدة هنا.. كلانا مجنونان يا عزيزي فلا تخف"

صمتت لتأخذ نفسًا عميقًا، لم تكن واثقةً كيف تقوم بذلك، لكنها لا تضمن نفسها غدًا.

" سنبدأ من بدايتنا نحن الثلاثة، تمت خطبتي أنا و رايان و اتفقنا على القيام بأمر مقابلة الوالدين لأننا ننوي الزواج، و طبعًا والداي لم يهدرا أي فرصةٍ ليبديا معارضتهما بها و هذا الهراء الذي نراه كثيرًا، شقيقي الأكبر الذي حارب كي لا يخلف أبي في رئاسة شركاته المملة و حاول السعي خلف حلمه ليصبح طبيبًا، لكن بسبب ظروفنا العائلية السخيفة لم يفلح لكنه رفض الاعتراف بهزيمته و غير مجال دراسته ليصبح طبيب تحاليل، و الذي بالمناسبة أيضًا تزوج رغمًا عن أنف أسرتي بزميلته لاڤيسا.. في ليلةٍ واحدة، و في بضع دقائق صارت حياتنا كما نعرفها الآن، إليكم ما تعلمونه..

أنا مصابةٌ بالنسيان بسبب متلازمة كوساكوف، أنسى الأحداث القريبة باستمرارٍ بالإضافة لنوبات شللٍ جزئيٍّ و إغماءٍ و ما شابه، شقيقي متوفي منذ عامين أو ثلاثة بصراحةٍ لا أذكر كم المدة، لكنني كنت أراه كل يوم و كنا نتحدث كل يومٍ و كأنه مازال حيًا، كان رايان يجاريني في ذاك الأمر لأن حالتي كانت تزداد سوءً عندما يحاول إقناعي بأن ما أراه هو وهم، و مؤخرًا كان كونر يحاول التلميح لي بأنه ميتٌ هو و ابنته دارلين، و قد ماتا في هذا المنزل بالذات.. وجدت تقريري الطبي الذي يشير إلى أنني مازلت أبدي أعراض بداية المرض فلمَ تحدث هذه الأشياء معي إذًا؟ الإجابة بسيطة، أرسلت منذ يومين بحسب ذاكرتي المريضة كوب الشاي الخاص بي للتحليل بمعمل أخي، و قد وصلت النتائج اليوم و التي تثبت أنه يحتوي على الليثيوم، و الذي تسبب زيادته في الجسم لحدوث النسيان، خاطبي العزيز هنا كان يضعه لي، كان يحاول جعلي أنسى أمرًا معينًا و لقد نجح لأنني بالفعل لا أدري ما هو، لكنني أفترض أن للأمر علاقة بوفاة أخي؟ "

" راين أنا.. "

" أنا لا ألومك يا رايان صدقني، ربما نسيان كونر كان أفضل لي فعلًا، ليست الوسيلة الأفضل.. لكنني أسامحك على أي حال، هذا ما تعرفونه.. و الذي هو أيضًا وهمٌ بالمناسبة!

لقد تشاجرت لاڤيسا مع كونر على أحد الأسباب التافهة كما يفعل المتزوجون بنظري عادةً، و قد تزامن ذلك مع تخطيط أمي و أبي للتخلص من رايان، كان الناس يتساءلون عني و كنت مصدر إحراجٍ لكما، ما كنتما لتتخلصا مني.. لكنكما ستتخلصان من المشكلة نفسها و التي قي نظركما تتجسد في رايان! بعدها ببضعة أيامٍ قليلةٍ كان الأشخاص الذين اتفقتم معهم على قتل رايان بينما أنا معكم في منزل الأسرة قد اجتمعوا هنا بالفعل لتنفيذ الخطة، بالتأكيد ساعدتوهم على الدخول يا أمي، أليس كذلك؟ و قد اخترتما ذاك اليوم لأن رايان على ما يبدو كان ينوي اتخاذ الخطوة التالية، أن يعرض علي الزواج، لكن في نفس اليوم تقريبًا افتتح معمل كونر أخيرًا، و عند هذه النقطة تحديدًا يبدو أن كلًا منا سيحصل على ما أراد.

لقد حاول كونر مصالحة لاڤيسا لكنها رفضت في ذاك اليوم لذا هربت دارلين مع والدها لتشاركه الاحتفال بإنجازه، و طبعًا لم يجد كونر أحدًا يشاركه فرحته سواي لذا.. أتى إلى هنا مع دارلين ليخبرني بالخبر السعيد، لسببٍ ما غادرت الحفل في منزل والداي و عدت إلى هنا، لا تسألوني لمَ فمازلت لا أذكر.

على أي حال تقاطعت طرقنا جميعًا هنا، و بدون تفاصيلٍ كانت دارلين الضحية الأولى، أصابتها رصاصةٌ طائشةٌ و أردتها في الحديقة، حاولت أنا و كونر مساعدتها لكن الرجال أمسكوا بنا، كان رايان هو التالي، لكنني في لحظة شجاعةٍ زائدةٍ أخذت الرصاصة عنه، و لا أعلم ما حدث بعد ذلك سوى أن الرجال لم يريدوا ترك شاهدٍ على هذا الحادث، كل ما أعلمه أنني مت أنا و رايان و دارلين، أمي لم تحتمل فكرة أن هؤلاء ' الأغبياء ' تخلصوا مني أيضًا فثارت على أبي لأنها لم تجد غيره لتلومه، لقد قتلتِه يا أمي! أنا آسفة.. لم أرد أن تسير الأمور بتلك الطريقة صدقوني.. "

فرت منها شهقةٌ دليلًا على أنها ستبكي في أية لحظة، لكنها حاولت الثبات من أجل الثلاثة المصدومين أمامها و الذي لا شك أنهم في حالٍ أسوأ منها في هذه اللحظة، التفتت بابتسامةٍ صغيرة لكونر و قالت:

" لكنني أيضًا أعلم الآتي، أحد الجيران اتصل بالشرطة عندما سمع صوت إطلاق النار.. كونر أنت لست ميتًا بل أنا من ماتت، أنا لست مريضة، بل أنت و أمي كذلك "

" لكن يا آيمي، هذا مستحيل! " همس كونر و هو ينهض ليقف مقابلًا لها فهزت رأسها نافيةً و قالت: " لهذا لاڤيسا تكرهني، أنا السبب فيمَ حدث لك، أنت من تتخيل وجودي و ليس العكس كما ظننت.. أنت في غيبوبةٍ في مستشفى ما، و عليك أن تكون قويًا.. و تصدق ما قلته لتستيقظ، عليك أن تستيقظ فزوجتك بحاجةٍ إليك "

مسحت الدموع الفارة من عينيها ثم عانقته بقوةٍ و همست في أذنه قبل أن تفصل العناق: " استيقظ لأجلي "

توقفت أمام والدتها في ترددٍ قبل أن تلقي بنفسها في أحضانها التي حرمت منها لسنواتٍ هامسةً: " مازلت أحبكِ يا أمي، أنا لم أكرهكِ يومًا، كنت فقط أخالفكِ الرأي لا أكثر بينما كنتِ تحاولين حمايتي.. أنت الآن في مصحة، و أنا مرضك الجميل، دعيني أذهب، فلتشفي لأجلي يا أمي، يؤلمني أن تنتمي للمصحة أكثر من أي شيء "

وضعت يدها بيد رايان الذي مازل مصدومًا بدوره، فجأةً اختفى صوت نحيب والدتها بجوارها، كان رحيلها مؤلمًا لكن بكاءها كان مؤلمًا أكثر، ربما اختفاؤها يعني أن جزءً منها اقتنع بما قالته.

" رايان، حبي الأول و الأخير، نهايتي المأساوية التي ما كنت لأغيرها، أعشقك يا روميو الخاص بي، علينا إعادة الأمور لطبيعتها، و أنا و أنت.. معًا للأبد، حتى و إن كان بعد الموت "

اختتمت كلماتها بلقاءٍ بين شفتيهما، الأرواح لا تملك جسدًا لتفعل هذا، فلنختم وهمنا الحزين بسعادة، عسى أن يكون لنا في موتنا ما لم يكن لنا في حياتنا.. الحب.
.
.
" أمي! يا أمي.. إن أبي مستيقظ " قال دايڤد بنبرةٍ متعجبةٍ لتهب لاڤيسا واقفةً فورًا، كان كونر بالفعل مستيقظًا! بعد ثلاثة أعوامٍ من التمسك بالأمل بالأظافر و الأسنان كان مستيقظًا و بصحةٍ جيدة، أخذت لاڤيسا تبكي بشدةٍ على كتفه حتى أذابت مستحضرات التجميل على وجهها بالكامل! و ما كان لينكر أنه قد ذرف بعض الدموع أيضًا، هو اشتاق لها، لكنه ما كان ليضحي بأخته الصغيرة ليراها كما ما كان ليتخلى عن زوجته المحبوبة لأجل أخته، أتى الطبيب لإجراء بعض الفحوصات، و على عكس ما قال سابقًا فإصابته لن تؤثر عليه بأي شكل، سيقضي يومًا آخر بعد بالمشفى قبل أن يعود لمواصلة حياته من حيث توقفت، فقط أنه صار أكبر بثلاثة أعوام و له ابنٌ لم يلتقِ به يومًا! حاولت لاڤيسا تعريف دايڤد على والده الذي لا يدري بعد كيف يبدو صوته لأول مرةٍ في حياته قبل أن يخبرها الطبيب أن زوجها بحاجةٍ للراحة و أنه بإمكانها أن تأتي لإصطحابه للخارج في اليوم التالي.

حرصت لاڤيسا في اليوم التالي على أن تعد لزوجها طعامه المفضل، و أن يلمع المنزل من النظافة، و أن يكون المعمل بأفضل حالاته، و لم تنسى طبعًا أن تكون بأبهى حلتها هي و ابنها عندما توجها للمشفى لإخراج كونر من هناك أخيرًا، لكنه لم يكن بغرفته!
.
.
كان يقف على حافة السور، الهواء يصطدم به بالاتجاه المعاكس، كأنه يخبره بأن يعود أدراجه، لكنه لم يهتم، أخته متوفاة، والدته بالمصحة العقلية، لديه ابنٌ لم يعلم حتى بوجوده، و مصيرٌ مجهولٌ بانتظاره، كان واثقًا من شيءٍ واحد.. أنه لن يحتمل المزيد من الصدمات، ظن أن كل هذا سينتهي عندما تدرك راين بأنه ميت، لكنه لم يكن كذلك، لقد انقلبت الأمور ضده، هو ليس مستعدًا ليحيا هذه الحياة و لا غيرها، هو ليس مؤهلًا لمواجهة صعوبات الحياة بعد الآن، لقد فقد عقله بالفعل، و قلبه قد تهشم بالفعل.. مهما حاول الأطباء و أجهزتهم إقناعه بأن قلبه مازال ينبض فلن يصدق، كيف للقلب أن يعود كما كان و قد فقد ما كان عليه؟

" إياك أن تفعل! " سمع صياح آيمي من خلفه في خوف، أغلق عينيه كي لا تتمرد عليه تلك الدمعة الثائرة و همس دون الالتفات إليها:

َ" سأنضم إليكِ يا أختي "

" إن فعلت فسأكرهك حتى في موتنا يا أخي " شعر بأحدٍ يقف بجواره فإذا بها هي، تقف بنفس وضعيته.. فاتحةً ذراعيه للموت، نظراتها مثبتتةٌ على الزقاق بالأسفل الذي يحمل خلاصهما.

" ألهذا الحد أنت تتألم؟ ألهذا الحد قد تفعل لتتخلص من الألم؟ كونر الذي أعرفه أقوى من هذا! "

صاحت في عنادٍ و هي تمسك بيده بقوةٍ فأبعدها برفقٍ و همس: " حسبته ميتًا في ما مضى، و الآن اكتشفت أنه مات فعلًا "

لم تدرِ بما تجيبه لذا عادت لوضعيتها الأولى مما أثار استغرابه، هي كانت أعند من هذا،أمات شيءٌ بها أيضًا؟ أفقدت نفسها في منتصف الطريق مثله؟ حين تبدأ رحلةً احرص على أن تبدأها و تنهيها دون أن تفقد نفسك في المنتصف!

" أنت لا تريد الموت أخي! لذا هيا، أخبرني كذبةً أخرى! "

همست في غيظٍ مكتومٍ ثم قبلت جبينه قائلةً: " أنا أحبك، و هم يحبونك.. تذكر أنني أنت، و لا يمكنك أن تهرب من نفسك يا أخي العزيز "

التفت إليها مستغربًا فابتسمت لأنها أدركت أن كلماتها أثرت به إلى حدٍ ما، ساد الصمت للحظاتٍ ثم سمعها تتمتم: " دعنا ننثر الأوهام واحدًا بعد الآخر، اكذب علي اليوم لأبقى فلا أريد تركك غدًا، حررني من الحقيقة فهي أكبر وهم! دع الوهم يدمرنا قبل أن تحرقنا الحقيقة أحياء، إلى أي حد قد تتمادى حتى يزول الألم؟ "

ثم قفزت!

" كونر! "
لم يدرِ لكم من الوقت بقي بنفس رد الفعل المصدوم قبل أن ينتشله ذاك الصوت للواقع، ألقى نظرةً على الزقاق بالأسفل قبل أن يومئ و يعود أدراجه و ينزل عن السور، اقتربت لاڤيسا منه مرددةً اسمه في قلقٍ فهمس و هو يعانقها:

" كنت أشعر بالاختناق فحسب، احتجت بعض الهواء "

" لا تخفني هكذا مجددًا رجاءً "

" لا تقلقي "

" هيا، قال الطبيب فحصٌ آخر بعد ثم سيدعك تخرج هيا، أعددت لك يومًا حافلًا بالسعادة "

قالت لاڤيسا بمرحٍ محاولةً التخفيف
عنه- و لو أنها لا تعلم ما به - و هي تجره معها بخفةٍ ليغادرا السطح، تجمد للحظةٍ بمكانه بعينين متسعتين و كأنه نسي شيئًا ثم التفت لحافة السور خلفه و همس لنفسه:

" كفاكِ عبثًا يا أختاه "

تم نقله لجناحٍ آخر يشاركه به بعض المرضى الآخرين لينتهي من أخذ أدويته و محاليله قبل أن يغادر المشفى أخيرًا مع أسرته الصغيرة، و قد قرر أن أول عملٍ سيقوم به بعد خروجه هو زيارة قبر درالين، و آيمي راين بالطبع .

" راين؟ هل تسمعينني؟ "

سمعت رايان يسأل في لهفةٍ يتخللها القلق و قد كان صوته قريبًا جدًا، كانت عيناها أثقل من أن تفتحهما لكنها فعلتها اشتياقًا إليه، وجدت أمامها، لقد كان شعره مبعثرًا بعض الشيء، لكنه وسيمٌ ذو ابتسامةٍ مطمئنةٍ كما عهدته دائمًا، أو كما يهيأ لها أنها تفعل، هي تعرفه، لكنها لسببٍ ما لا تتذكر اسمه!

" أتعرفين اسمك؟ " سأل في شيءٍ من خيبة الأمل عندما لاحظ نظراته المتعجبة الموجهة إليه فأومأت بنظراتٍ لم يفهمها، و كأنها لا تشعر بشيء.. و همست:

" آيمي راين " ابتسم و همس في المقابل: " نعم، و أنت ملكتي الجميلة "

لم تفهم ما يعنيه بالضبط، لكن كلامه كان مريحًا لذا ابتسمت له، لكنها لمحت الشاب الذي خلفه، شابًا ذو شعرٍ بنيٍّ داكنٍ يبدو مألوفًا جدًا! معه فتاةٌ شقراء جميلة و طفلٌ صغيرٌ أشقر أيضًا، أزاحت الغطاء عن قدميها برفقٍ فوجدتهما مليئتين بالندبات.

" قال الطبيب أنكِ لن تتمكني من السير مجددًا "

قال رايان في توترٍ مترقبًا رد فعلها، لكنها لم تبدِ أي رد فعل، فقط أومأت بنفس النظرات الفارغة قبل أن تهمس: " أريد الرحيل "

" بالطبع يا عزيزتي "

خلعت خاتم خطبتها تتفحصه بين يديها، كان قد كتب عليه اسم " رايان " ابتسمت عندما تذكرت أن هذا الذي أمامها هو رايان، حملها بحرصٍ شديدٍ بين ذراعيه و وضعها على كرسيٍّ متحركٍ لتبتسم له شاكرة، انحنى أمامه قائلًا في توترٍ شديد:

" أعلم أن الوقت ليس مناسبًا، لكنني سعيدٌ بعودتك و لا أريد لأي شيءٍ آخر أن يفرقنا مجددًا.. هلا تمنحينني الشرف بأن تكون ملكتي يا مالكة قلبي، بأن تكوني
زوجتي؟ "

قال و قد أخرج من جيبه علبةً بها قلادة فراشةٍ جميلةٍ مزينةٍ بقطعٍ من حجر الزمرد الأخضر، ابتسمت على تذكره لحبها للزمرد، و للمفاجآت المميزة أيضًا! اتجهت بكرسيها بصعوبةٍ أمام الشاب ذو الشعر البني الداكن، ألقت نظرةً على الفتاة المرافقة له و الطفل.. كانوا يبدون سعداء جدًا، امتدت يدها ببطءٍ شديدٍ و بحذرٍ تريد لمس يده.. لكن أصابعها اخترقت يده!

التفتت لرايان و أومأت قائلةً: " تعالَ هنا يا ملكي الحبيب، لدينا زفافنا الخاص لنخطط له "

ابتسمت و أسرع نحوه يدفع كرسيها برفقٍ في أرزقة المشفى خروجًا متجهين لمنزلهما، عالمهما الصغير السعيد، كم من إنسانٍ آذينا؟ كم من كلمةٍ أو فعلٍ قمنا به فكير قلبًا؟ كم قلبًا كسرت عن قصد؟ كم حلمًا وأدته حيًا في نفسك؟ و كم حلمًا تنوي خنقه كي لا يتمتع به الآخرون؟ لمَ لا نعيش فحسب؟ كلٌ منا في شأنه الخاص، و يسمح لمن حوله بأن يعيش أيضًا، كفانا بغضًا و حسدًا و طمعًا و أنانيةً، كفانا عبثًا و فسادًا و سخريةً، لو أمضيت الوقت الذي تضيعه في إيذاء الآخرين في السعي لهدفٍ ما لكنت من سادة العالم، لكنت منارةً تشع أملًا و عزيمةً على وجه هذا الكوكب المشؤوم، هذا العالم محطمٌ للأحلام، لكنه ينسى باستمرارٍ أن شظايا الأحلام كشظايا الزجاج المغموس بنار الغضب، ما إن تمسك إحدى الشظايا حتى تعذبك انتقامًا لصاحبها إلى أن تلفظ آخر أنفاسك!
1
2
3
4
5
6
7
8

© Queen MG,
книга «شظايا حلم لم يكتمل».
Коментарі