الطابق صفر
الطابق الأول و الثاني
الطابق الثالث
الطابق الرابع
الطابق الخامس
الطابق السادس
الطابق السابع
الطابق السابع
كأنه سد، منذ محاولة البناء الأولى تقرر ملأه بالحقد و الكرب فقط، فما عاد يستوعب شيئا غيره، غُمر حتى فاض على الجميع، لم يكن ليتم إيقاف هيجانه من طرف أي شخص.

كلوحة تعكس ما لونونا به، الألوان هي تلك المعتقدات و الأحاسيس التي تنتج عنها. كان الحنق طعامه و البؤس شرابه.

''سيدي!"لوحت بيدها أمام وجهه ليستيقظ من شروده و ينظر لها بعيون خاوية."أين سرح عقلك؟"

"لا شيئ."رد عليها ثم تنهد، الأمر متعب بالنسبة له، أن يستمر عقله بالسفر نحو الماضي، الأسوء أن يصبح مسكنا له.

ترددت قبل أن تجاوبه، التوتر كان جليا من خلال تشابك أصابعها المستمر و عيونها التي تستمر في تجنب التحديق نحوه"شكرا لاٌقتراحك، لا أريد أن أُتعبك، سأستقل سيارة أُجرة.''

همهم ليردف بعدها."من الجيد أنك لا تثقين بسرعة."

حدقت هذه المرة فيه بتمعن و تشوقت لسماع إجابته، إنها تشعر بالخلاء كما يفعل هو. نشوة البدايات رفقة الغرباء دائما ما تكون مثيرة، كحبل نسمح له بجذبنا رغم عدم اليقين إلى أين سيودي بنا.
"إن كنت تريدني أن اثق بك، لنصبح أصدقاء."

"هل ستثقين بي فقط لأنني وافقت على أن نصبح أصدقاء؟"استغرب من منطقها الساذج، تساءل إن كانت ستفعل هذا مع أي شحص يعجبها الحديث معه، لأنه لن يسمح بأن يقدم له شخص نفس الشيئ الذي قدمه للآخرين أو ما قد يقدمه لاحقا.

أومأت برأسها ليرفع حاجبه بسخرية."يا إلهي، للتو كنت أمدحك، هل انت ساذجة؟" لا يطالب بثقة أحد و لن يقدمها مهما حدث، شعر بالملل و الفضول و أراد معرفة مالذي ستؤول إليه الأمور. ربما تعتقده دمية ما تأتي للحانة ليرفه عنها عندما تشعر بالملل، هو لن يسامحها أن اكتشف أن هذا ما تفكر به!

''لكن هذه ليست سذاجة، أنا أشعر بالوحدة بسبب اٌنشغالي كما أنك تشعر بالوحدة عندما تأتي لهنا. أليست مفاوضة عادلة أن نصبح أصدقاء؟"

"ألا تملكين أصدقاء في الجامعة؟"

وجهت عيونها نحو الأسفل لتتنهد قبل أن تتحدث بنبرة تغلفها الحزن"أملك صديقة في تايلند، فأنا تايلندية. أما في الجامعة واحدة لست قريبة منها بما يكفي و صديقا آخر."

"تريدين واحدا ليبعد عنك الملل في الحانة."دحرج عينيه بملل لترد عليه بجدية."لقد شعرت أننا متشابهان بطريقة ما.''

قهقه هذه المرة بسخرية، ما الذي تعرفه عنه حتى تتفوه بكلمة متشابهان؟ لماذا يعتقد الناس أنهم على معرفة بما يفكر الآخر أو مايشعر به؟"متشابهان؟ نحن كل شيئ إلا متشابهان."

"نحن وحيدان، مهما كان عدد الناس حولنا."

"حسنا، لنرى إلى أين سنصل"ما الذي سيخسره على أي حال؟

"إذا متى عيد ميلادك؟"ابتسمت مغيرة الموضوع،   تحب معرفة متى وُلد الناس الذين تتعرف عليهم، لتحتفي بذلك بكل حب، فذلك التاريخ سبب وجودهم في حياتها.

إلا أن الآخر يعتبره شؤما، يوم ميلاده تاريخ آس بالنسبة له، لم و لن يحب وجوده ذات يوم. كل يوم محدد في العام يقترب الشخص من موته بعد أن مرت عليه سنة بائسة، لما الناس تحتفل به و كأنه شيئ عظيم؟

"لم تنسي؟ حقا؟"رفع كأسه لتسكب له."أجل"

"23/9 هل أنت سعيدة؟"

"كثيرا! أمتلك عرضا ذلك اليوم."شابكت كلتا يديها و حدقت به بعيونها التي تلمع كالنجوم. ما الذي قد يحدث عندما تنطفئ، ما الذي قد يجعلها تنطفئ؟
إبتسم مفكرا و شعر بالفضول نحو سبب حماسها رغم أنه بنفسه غير مهتم."أي عرض؟"قطب حاجبيه بغير فهم.

"أغني في الحانة كل ليلة جمعة، و أحيانا الإثنين و الثلاثاء."

مازحا قائلا بعد ارتشافه من الكأس الذي يتوسط يديه."يا إلهي، أسمع حديثك المزعج كل ليلة و الآن علي أن أسمع غناءك أيضا!"

لقد نجح في استفزازها، ربعت يديها لتنطق بحدة.''سترى كم أنني مذهلة!"

"كم أنت مذهلة في تفجير طبلة الأذن؟"

"صوتي جميل، الجميع يحبه."

"إذا أتمنى أن لا تكوني محاطة بأناس كاذبين."مازحها قائلا لتدحرج عينيها بملل، علمت أنه رمى لها الكرة ليفتتح لعبة الاستفزاز لكنها سمحت لها هذه المرة بالدخول في الشبكة لتنسحب."سأذهب لتغيير ملابسي."


خطى نحو الخارج ينتظرها قرب المدخل، اٌستغرقها الأمر خمسة دقائق لتنتهي من تجهيز نفسها.

أوقف سيارة أجرة لتخبر ميني السائق عن عنوان المنزل. أثناء رحلتهم القصيرة اتخدو الهدوء رفيقا،
لم يكن ليحب أحدهما أن يتبادل أطراف الحديث و غريب بينهم.

استغرق الوصول للمنزل عشرة دقائق، ودعته بابتسامة رُسمت على ملامحها أما هو فاٌكتفى بهز رأسه.. منع بيكهيون السائق من الاستمرار حتى رآى أضواء المنزل منارة.

***

"أكرهكما."نطقت البالغة من عمرها ثلاثة و عشرون سنة بحقد و هي ترص أسنانها، تجمعت الدموع في عينيها لتمنعها من الرؤية بوضوح كما أعمت بصيرتها.

استندت على باب غرفتها  بعد أن أقفلته بقوة ليصدح صوته، حاولت كتم بكاءها لكن من فرط الكبت أخرجت كل شيئ دفعة واحدة، شهقات مستمرة و نواح عال. شدت على يديها و تخيلت نفسها تقتص منه مئة مرة و لم يهنأ لها بال.

"سأريك.."مسحت دموعها  بكفيها لتمسك هاتفها بيدين مرتجفتين و أصبحت تتنفس بوتيرة سريعة، إنه قرار صعب، لكنها لن تراه مجددا و لن تستنشق الهواء الذي يتنفسه، لن يتسبب في أذيتها مرة أخرى. لا تستطيع قتله لكن هناك من يستطيع فعلها بدلا منها دون أن تتورط في مشكلة و ستمتلك حجة غياب تنقذها من الشرطة.

لكن إن أتيحت لنا الفرصة دون عقاب، هل كنا لنقتل؟
حتى لو ادعى أحدنا الطهارة و أنه لن يؤذي نفسا، إن تعرض لمواقف صادمة هل كان هذا ليجعل منه قاتلا؟
لأن هناك الكثير من الناس ما كانو ليؤذو نملة اتخدو طريق الاجرام. و هناك الألاف لم يتوقع أحد أنهم أخفو جانبا مظلما. من نحن فعلا؟ ما الذي يقبع خلف الغطاء الذي نجحب به نفسنا؟

تصفحت الموقع جيدا ليجذبها شخص واحد، قال انه  سيكون  المستمع و القاضي الذي يحكم على المذنبين، أحبت الفكرة! هناك من سيقتص لها دون أن تبذل أي مجهود.

-يتم الدفع عبر عملات البيتكوين، النصف قبل الاغتيال و النصف بعده.

-إن لم يتم الدفع بعد الجريمة، ستكون التالي.

-لن أقبل بارتكاب الاغتيال دون ذكر السبب و  كذلك صلتك بمن سيكون ضحيتي

قرأت القوانين لتُعمى بصيرتها دون التفكير في العواقب لتبدأ في الكتابة دون توقف.

كيم سامويل العمر 40 سنة زوج والدتي، يتواجد في ملهى جانجنام كل ليلة، يأتي للمنزل في الثالثة
صباحا و يبرر تأخره بالعمل.

تزوجها عندما كُنت في السابعة، لم ينفك عن مضايقتي لأنني كنت سهلة و صغيرة و لن أتفوه بما يحدث بسبب تهديداته، لكنه أصبح يطبقها و يهدد بما هو أضخم.

حرق يدي، حاول إغراقي ذات مرة..لكن ما لن أنساه هو اعتداءه علي. المؤلم أن أمي تظنني اختلق هذه الأشياء لأنني أكرهه و أرغب في أن تطلقه. لقد أخبرني أنه سيقتلها و لن يكتشف أي شخص ثم يضعني في مصحة عقلية، إن أمي معمية بحبه و لن تصدقني، هذا يحرقني أكثر من أي شيئ.

أرفقت صورة له و دفعت نصف ما طلبه.

فور انتهاءها أغلقت الهاتف لتسقط قطرات دموعها على زجاجه."لابأس، كل شيئ سيكون بخير بعد رحيله."لم تشعر أنها تمتلك خيارا، إن رحلت ستترك أمها مع وحش مثله و لن تعلم ما الذي قد يفعله ليأخد أموالها أو روحها، لطالما كان شجعا.

أعاد قراءة الرسالة عدة مرات، يرى بعض الناس نسخة مختلفة بطريقة عنه. الفرق انه ركع لغضبه و كان معميا فسلك طريقا ضالا، لم يعلم أين تقوده قدماه فالظلام هو ما أحاطه.

ربما بعد خروجه من السجن كان ليحاول عيش حياته بطريقة مزيفة تظهر كم أنه نسي الماضي و يحاول أن يبني مستقبلا، لكنه مستقبل دون أساس و الناس لا تعطي فرصة، سيكون بناء نهايته الانهيار.

حقده و كربه الذي تجمع طوال هذه السنين قاده نحو الانتقام بطريقته، طور من نفسه بحيث لن يقع في نفس الحفرة مرتين، أن تقبض عليه الشرطة.

اسيتقظت ضحيته التالية لتصرخ صراخا مكتوما بسبب الشريط اللاصق الذي يغطي فمه.

سار نحوه و طرقات حذاءه على الأرض الخشبية تسمع في المكان، فك الوثاق الذي يربطه مع الكرسي لتبقى يديه و رجليه المقيدتين فقط، أزال اللصاق من على فمه بعنف."أهلا و وداعا."أمسك رأسه ليدخله في برميل ممتلئ بالماء، يختنق الرجل لمدة 10 ثواني فيخرج رأسه ليعيد الكرة، همس في أذنه للمرة الرابعة قبل أن يعيدها."أليس منعشا؟"ابتسم ليعيد الكرة..

قاوم الرجل و في كل لحظة يرى الموت يقترب منه أكثر فأكثر..أفلته ليشهق و يدخل الهواء لرئتيه بينما يتنفس بصعوبة، استمر في السعال و حاول التراجع للوراء بالرغم من جسده المتعب الذي يدعو للرحمة.

أجلسه  رغما عنه و أدار الحبال حوله مجددا ليقيده مع الكرسي''أحببت أن أنعشك قليلا قبل أن أبعثك للجحيم."


لهث الرجل الأربعيني و هو يتحدث"أنت مختل."
ماتبقى من طاقته حاول أن يفك بها الحبال، رغم علمه بأن لا فائدة مما يقوم به. بسبب زحزحته للكرسي أثناء محاولاته الفاشلة سقط للوراء ليتنفس بوتيرة سريعة و هو يحدق في السقف.

"أنت تشبه والدي، رغبت في قتله، لكن للأسف لم أمتلك الفرصة."

"أيها اللقيط، إذهب و افرغ امراضك و عقدك النفسية في مكان آخر."صرخ سامويل في وجه بيكهيون ليظهر شبح ابتسامته.

أغلبهم ما يفعلون ذلك في البداية، ثم يتوسلون عند النهاية لأجل المغفرة و عندما لا يظهرها يرجعون لشتمه. 

إتجه نحوه ثم أمسكه من شعره ليجره نحو الأمام حتى اعتدل الكرسي، و لم يمتلك الرجل القدرة على فعل أي شيئ سوى الصراخ.

"أخبرني، ما أكثر متعة من قتل شخص تحمل له حقدا يكفي لإغراق العالم؟ ألا تعلم؟"حل عليه الهدوء و همس في أذن سامويل الذي اقشعر جسده. أجاب و هو يضحك بقوة على كلماته، كما لو أنها
نكتة ما"أنا أعلم، قتله مئة مرة."

"ربما أنت أكبر مختل شهدته في حياتي."إبتعد بيكهيون ثم اقترب مجددا ناحية وجهه، ليحدق فيه الآخر بجزع.

"لم احاول إغراق ابنة زوجتي و لم أحرقها، لم اعتدي عليها و لم أحاول سلب مال زوجتي. عندما أجلب لك المرآة سترى أنك أشد اختلالا"بينما يتلو أحاديثه على مسامع سامويل في نفس الوقت يقوم بسكب البنزين في أرجاء المنزل الخشبي ذو الطابقين و كيم يقبع في الطابق الأول. بعدما انتهى وقف أمامه ليرى ملامح الصدمة التي يحبها."كيف علمت؟"

"بعثتني."

"تلك الحقيرة."بصق على الأرضية لدى معرفته ليرمقه بيكهيون باٌحتقار.

"في الحقيقة لن أشبع مما سأفعله، عذابك يدوم لمدة قصيرة أما عذابها فهو يرافقها مدة طويلة ليفارقها عند موتها. أنت أكثر وحشية مني."

قبل أن ينطق سامويل ما على لسانه باغته بيكهيون
بصب البنزين على وجه ثم ملابسه.

التجبر الذي كان يلفه، عناده، ظنه أنه سيفلت من كل إثم يقترفه، تجرد من هذه الأشياء و ارتدى الخوف لدى رؤيته لبيكهيون يشعل القداحة."ألديك كلمات أخيرة؟"

نطق  بنبرة شجية بينما ينظر له بعيون أوشكت على ذرف الدموع، الخوف حركه، إنه لا يعني أي شيئ مما يظهره."رجاء لا تفعل هذا، لن أعيدها، سأعطيك ثلاثة أضعاف ما قدمته لك."

"لا أدري كيف تخرج هذه الكلمات من فم شخص كان ينوي الاستحواذ على مال زوجته. للأسف أن هذه كانت كلماتك الأخيرة، سأستمع للأوبرا التي ستقدمها في الخارج."
نظر له بسخرية و تبسم باستهزاء قبل أن يغادر.

صدح صوت سامويل في المكان وهو يترجاه أن يرجع و يفك قيده، أنه سيعطيه ما يشتهي إلا أن بيكهيون لم يهتم لما يتفوه به.

ألقى القداحة لتمتد النار من الباب نحو سامويل بسبب رش بيكهيون للبنزين حتى يتجه نحوه، لم يمضي القليل حتى انتشرت النيران و كل ما يسمع في المكان هو الأدح و صراخ يكتسحه الألم.

نظر للورقة التي رسمها ثم المنزل الخشبي الذي يحترق."كما تخيلت."وضعها على التراب و فوقها حجرة حتى لا تطير بسبب الرياح.

إستدار و اٌفترَّ، لمعت عيونه و دموعه أوشكت على الانهمار ليسجنها، إن خرجت لن تتوقف حتى يفرغ السد بأكمله، رغم الألم الذي احتل قلبه بعرش من الشوك، حتى في هذه اللحظة لازال مبتسما.

دندن الموسيقى بعدما حضر الموت و اختفت الحياة في ذلك المنزل و لم يعد يسمع صوت صراخه،
سار نحوه سيارته حتى يتوجه نحو المنزل لينال قسطا من الراحة.

إستغرق مدة ليست بالقصيرة نظرا لأنه ارتكب جريمته في الغابة، لقد لزمه التخلص من السيارة التي سرقها و التخلص من جميع الأدلة بإتقان.

لدى وصوله للمنزل نزع ملابسه ليبقى مرتديا سرواله الجلدي فقط، أحضر معه النبيذ و جلس على الفراش بعدما أشعل التلفاز، قبل أن يغير القناة شد انتبهاه ما يعرض حاليا، جريمة لم يقترفها و رسمة لم يقم برسمها.

"لدينا مقلد إذا."


إنتهى.

بيك؟
ميني؟

الجريمة؟

الاحداث و الوصف و السرد؟؟

أكثر بارت ماني راضية عنه🤦‍♀️

© valliana04 ,
книга «إنبثاق|مصعد الجحيم|».
Коментарі