الطابق صفر
الطابق الأول و الثاني
الطابق الثالث
الطابق الرابع
الطابق الخامس
الطابق السادس
الطابق السابع
الطابق الخامس
بأنامله الرقيقة يحرك فرشاته بخفة على اللوحة البيضاء، عند الانبثاق الأول لهذه الحياة، نكون صفحة فارغة قبل أن نتشكل على ما نحن عليه.

المواقف كالصباغة التي تلوننا، تطلخ لوحتنا بألوان زاهية أو غامقة، كلما كثرت المأساة أصبحت اللوحة أشد حلكة.

طفل ذات يوم كان يشع براءة ليقوده الطريق
حتى يصبح قاتلا يفترس ضحاياه.

قد يولد هكذا أو قد يتسبب البعض في وجوده دون أن يدري بسبب التعاملات اليومية التي قد تبدو قاسية، تلك التعاملات التي تأتي من جميع الأفراد أو فرد واحد، العائلة أو المجتمع. تتعدد الأسباب ليبدأ اللاوعي بعمله، عندها نتكون نحن.

ما يزيد التوجس، أنه قد يعيش رفقتك، تكون على صلة به، ربما يكون زوجا أو ابنا.

هل بإمكانك الثقة في أي شخص؟ لأننا لا نرى ما في النفوس بشكل جلي، ما يتوارى عن الأنظار قد يكون أكبر مما هو جاهر.

تذكر كلام من باع له لوحته بخمسمئة دولار، تمت إعادة بيعها بمبلغ مالي ضخم. اشتراها شخص
يمتلك هواية تجميع اللوحات، لقد أثارت اهتمامه.

هذا لم يثر حنقه قدر ما قاله أثناء المقابلة بابتسامته المستفزة."أخبرني أنه سيصبح مشهورا، لكن لم أعتقد أنه سيحقق قوله بهذه الطريقة."

كسر فرشاته بسبب غضبه، هو يجب عليه السيطرة على النار التي تهيج داخله. قد نتعرض لموقف بشع واحد يدخلنا لموقد الأسى، لكن كثرة المواقف كإضافة الحطب و البنزين، تزيد شعلة الحقد
تأججا.

يجب أن تغرق في الكتب حتى يحبونك، ربما يعبدونك. لم يكن مسموحا له أن يكون كما
يشتهي، عندما يفعل، هو متمرد. يرى
الناس واحد، لقد خرجو من رحم واحد.

-الطلب التاني، سيُنّفذ.

لم يكن بحاجة إلى مراقبة ضحيته، فلقد أُرفق الطلب بجميع معلوماته. لكن سيقوم باحتياطه و يشاهده طوال اليوم، يحتاج للتخطيط جيدا، لا يجب عليه ارتكاب غلطة واحدة، عندما يفعل سيقضى عليه.

إستيقظ رجل في بداية الخمسينيات، اجتاح الألم رأسه و كانت الرؤية ضبابية للحظات الأولى ليتضح النظر بعدها.

جالس على الأرضية مستندا على الحائط و يديه خلف ظهره مربوطتين، رفع رأسه ليرى شابا جالسا على الكرسي بغرور واضعا قدمه اليمنى على اليسرى و مشابكا ليديه ينتظر استيقاظه.

صرخ قائلا محاولا التغلب على الخوف بالشجاعة و انطلق متسائلا."من أنت؟ من أرسلك؟ كم تريد؟"

ظهر شبح ابتسامته لينطق بيكهيون بعدها."من أنا؟ هذا سؤال جيد."

و لأن يديه مربوطتين بصعوبة كبيرة استطاع ان يستند على ركبيته "سأعطيك ما تريد أطلق سراحي رجاء.''

حملق فيه بنظرات تعبر عن مدى شعور بالتقزز
"أرنب كان يدعي القوة."

يحاول كذلك التفاوض معه معتقدا أنه سيُنقذ بتلك الطريقة، لكنه بيكهيون، أي ضحية سيقرر قتلها بإصرار، لن يردعه رادع.''من أرسلك؟ هل هو مارك؟ أستطيع إعطاءك أكثر منه."

"بما أنك على وشك الموت سأعتبرها أمنية أخيرة و أخبرك، إنها زوجتك العزيزة."

نظر لتعابير الرجل التي اتسمت بالدهشة، لم يستطع منع نفسه من الضحك على ما يجري. بعد لحظات من القهقهة العالية المتواصلة إسترسل حديثه.
"هل اندهشت؟ بالطبع ستفعل، لم تعتقد أن تلك الفتاة الضعيفة التي باعها والدها بعد خسارته لكل
أمواله في القمار قد تخطو خطوة كهذه؟"

نظر للأسفل و رص على أسنانه، كانت آخر من يتوقعها، لأنه اعتقدها فتاة ضعيفة ربما قد تجرؤ على الصراخ و شتمه لكن سرعان ما تهدأ بنظرة مخيفة منه."تلك الحقيرة."

"لم تكن لتفعل هذا لو لم تكن وغدا معها، لقد اغتصبتها و عنفتها، لو كانت لك ابنة لكانت لتكون بعمرها. ألا تعلم أن الضعفاء تزورهم مخيلات حول إيذاء من يتسبب في إهانتهم؟ أنت لا تعلم كم من مرة رغبت في قتلك."

انفعل ليتحدث بثقة"لم تكن لتجرؤ على قتلي، مهما حاولت."

"أنت لا تعلم مالذي قد يفعله الإنسان في لحظات غضب و اندفاع. يجب على المرء أن يكون ذكيا، أليس كذلك؟"

لو قتلته ستكون المخطئة لتضيع حياتها أكثر، أدركت أنها ستكشف بسهولة و ستزيد نفسها بؤسا. تحملت حتى انفجرت لتلجأ لشخص آخر للقيام بذلك.
ستمثل ببراعة و ترث كل أمواله.

"يجب أن تشكر نفسها أنني انتشلتها من ذلك المستنقع، لا أن تتمرد هكذا."

"لم تطلب منك ذلك، كما لم تطلب أن تتم ولادتها
لأب سيئ مثله."

"لماذا تفعل هذا؟ كم قدمت لك؟"

همهم ليجيبه بنبرة هادئة."لماذا أفعل هذا؟ هذا سؤال جيد آخر.''

"سأعطيك أكثر منها."

حاول كيم سون إقناع بيكهيون بالمال للمرة الثانية ليزيد من حدة غضبه."لقد انتهى الحديث."

"لقد كنت تتحدث كأنك ملاك منزل. هل تعتقد أنك شخص جيد بقتلي؟"

"لقد فهمت، تريد أن أن تجعل موتك متأخرا قدر الإمكان، حتى ينقذك أحد ربما. لا تقلق، أنت في بناية قديمة مهجورة، لا أحد يأتي لهنا.''

استقام من مكانه و تقدم نحوه، حدق فيه بيكهيون صوت اتهز له بدن الضحية الثانية، طرقات حذاءه مقتربا منه، كذا تحديقاته نحوه كملاك الموت.
المطرقة التي بين يديه تسببت في قفقفته. أراد الوقوف و الهروب لكنه لم يستطع بسبب ركلة بيكهيون التي أسقطته أرضا ليمتد على ظهره.

هنا على شفا من الموت، ارتعب و تمنى لو تُعطى له فرصة أخرى. ربما تلقى زيارة من الندم لأن روحه ستصعد للسماء قريبا، في تلك اللحظة نفكر في الخطايا التي اقترفناها و نتمنى لو تندثر و نعود للأصل، صفحة بيضاء.

لو أطلق سراحه، هل كان ليستمر في فعل ما فعل؟

"ألا تتذكر هذه المطرقة؟ لقد كسَرتَ رجل زوجتك بواحدة مثلها."

ملامح مصدومة و ارتجاف من الفزع، ذلك الرجل الذي كان يضطهد الضعيف، هاهو ذا يزحف على الأرض يذرف دموعها كطفل صغير مترجيا تركه على قيد الحياة. نطق بصوت مهتز."رجاء لا تفعل، أنا أترجاك. سأفعل أي شيئ، سأكون شخصا صالحا.''

قاوم و حاول أن يستقيم لكنه لم يستطع، تراجع للخلف و شعر بالخشية و عينيه لمعت بالترجي.
إنحنى بيكهيون لمستواه و أمسكه من ياقته.

ابتسامة عريضة رسمت على وجه بيكهيون."جيد، لكن الأوان قد فات."رفع المطرقة التي بين يديه ليغمض الآخر عينينه مستعدا لتلقي حتفه.

افتتحت سيمفونية الصراخ الأولى لتروق لأذنه سماعها، أضاف الثانية ليلقى حتفه عندها. بركة الدماء ذكرته مجددا بالمشهد الذي قام به عند أول جريمة ارتكبها، الفارق الآن أنها مُرتكبة بإرادته.

ترك اللوحة التي رسمها بجانبه و وضع عليها
صخرة حتى لا تطير بسبب الرياح.
"كان لك الشرف أن تُرسم بواسطتي."

لا يستطيع قتل كل من تسبب له بالأذى، من باع لوحته، هو أو أي شخص كان على صلة معه، حتى لا يوجه له أي اتهام و تكون للشرطة سبب حتى تستجوبه. حتى لو أثيرت الشبهات نحوه، سيجعلهم
يمتلكون أدلة ظرفية ضده. لن يرتكب غلطته التي وصفها بالغباء المطلق قبل سنوات مضت، كان أخرقا.

قادته قدماه نحو الحانة مجددا، هناك العديدة من الحانات إلا إنه يحب ارتياد هذه."ميني، كأس فودكا رجاء."

''يبدو أن يومك كان مرهقا."

سكبت له ليشرب كأس الفودكا، شربه دفعة واحدة ليجيبها بعد ذلك."أجل، أحاول ابتكار طرق جديدة في عملي."

شعرت بالفضول لتسأله"ما الذي تعمله يا سيدي؟"

رفع حاجبه الأيمن و نظر لها بحدة"لا تتطفلي."

شهقت و ظنت أن الأمر سري للغاية، اقتربت منه لتهمس في أذنه."هل تعمل مع عصابة؟"

"أنت ممتعة، لكن لا."

"هل تشتغل لدى المخابرات؟"

قهقه لإجابتها، هي لن تعرف أبدا.
"لا."

سكبت له كأسا آخر و نظرت له يعيونها اللطيفة التي تلمع."هيا أخبرني"

لم يجبها لتتحدث مجددا"إذا أنت بهلوان، لكنك محرج من قول ذلك."

زيف صوته و غلفه باللطافة ليجيبها"إنه عمل حر.''

"هل تعمل في المنزل بينما أنت ممتد على السرير؟ أنا أحسدك!"

"من الأفضل ألا تفعلي."

نطقت بحماس و توقعت أن يوافق، فهي لا تحب الوقوف كثيرا، هذا يتعبها."العمل في الحانة مرهق، هل تشركني.."

لم يدعها تكمل حديثها لينطق بسرعة و بنبرة أشد علوا"لا"

"لماذا؟"

"لا أحب المتطفيلن."

"ما رأيك أن أجعلك تقع بحبي؟"

دحرج عينينه ليتنهد بسخط، ألن تكف عن الالتصاق به؟"حتى لو بعد ألف سنة لن تفعلي. أنت تريدين شيئا، أليس كذلك؟"

"لا أريد شيئا يا سيدي."

"لا تناديني سيدي، لا أحب أن أنادى بما ينادى الآخرون"

حمحمت لتعدل وضعيتها و تغير نبرة صوتها لواحدة حادة ممازحة إياه"أيها الوغد، هل تريد كأس فودكا آخر أم ويسكي؟"

"أنت حقا بحاجة.."

هذه المرة كانت جادة، لا تريد سماع هذه الجملة مجددا"قلها و سأكسر هذه الزجاجة على رأسك."

ألم تكن لطيفة للتو و يكاد قوس قزح يخرج من فمها؟ نظر لها بحنق و رص على أسنانه ليهددها"ألا تعلمين مع من تتحدثين؟"

"مع من؟ رجل يمتد على سريره ليقوم بالتسويق، يا إلاهي، أنا مرعوبة."أردفت بنبرة سخرية و رفعت كلتا يديها بعدما انتهت من الحديث مدعية الخوف.

"أيتها الصغيرة، هل تتحدثين هكذا مع الجميع؟ قد تلتقين يوما بشخص لا يعلم أين يقوده غضبه.''

''الجميع غرباء."

ألهذا هي تحدثه؟ حتى تسد فراغها ربما؟ تساءل بحيرة"و لماذا الجميع غرباء؟ ألا تملكين أحد؟"

تنهدت لتشرح له"أنا لن أعرفك إن رأيتك في الشارع، و لن أعرف أي شخص يمتلك صلة بي. أنا مصابة البروزوباجنوزيا."

حاول نطقها لكنها كانت كلمة صعبة، لم يستطع تذكرها بسبب سماعها لأول مرة كما أنها نطقتها بسرعة."بروزوبا..ماذا؟"

"إنه مرض عمى الوجوه، لا أستطيع التعرف عليك لو كنت بين مجموعة من الناس."

عدل وضعية جسده ليقترب منها راغبا في سماع المزيد، لينطق بحماس ظاهر"هذا مثير للاهتمام، أكملي"

بحثت عن التعاطف هذه المرة و لكن تمت مفاجأتها بردة فعله"هل تعتقد أن مرض الآخرين مزحة ما؟"

"لا تظهريني بمظهر السيئ، حسنا؟ أنا أسمع لأول مرة عن هذا المرض، كما أنك فريدة و لا تدعي هذا يجعلك حساسة."لا يحب التبرير لهذه الدرجة، لكنها فقط مزعجة و ستستمر في إلقاء المحاضرات عليه.

"حسنا، يمكنني التعرف عليك من خلال ملابسك أو نبرة صوتك، كما أنني حساسة اتجاه الأصوات. استطعت استشعار حزنك العميق من خلال نبرتك."شرحت له بطريقة بسيطة حتى يفهممها.
"إذا أنت لن تعرفي ملامح وجهي، و ماذا بعد؟"

"حسنا، سؤال جيد. هناك اختراع اسمه جوجل، يمكنك البحث لتحصل على معلومات أكثر."

همهم ليطرق على الطاولة بأصابعه، نطق مغيرا الموضوع"ألم تسمعي أن هناك جريمة حدثت بنفس الطريقة؟ عرضت على الأخبار قبل ساعة."

هزت رأسها مجيبة إياها بملامح فزعة"أجل، ترك رسمة كالسابق، يبدو أنه سيصبح قاتلا متسلسلا."

"كوني حذرة عندما تعودين للمنزل، العالم أصبح مخيفا."

دفع ثمن مستحقاته ليذهب خارجا، تبعته لتسأله."هل ستستمر في ارتياد الحانة؟"

رمقها ببرود ليجيب"أجل."

"هل يمكنك إعطائي رقم هاتفك؟"

دحرج عينيه ليوافق."حسنا."

"مذهل لم أعتقد أنك ستوافق!"

"بما أنها حانتي المفضلة، ستستمرين في إزعاجي
حتى تحصلي عليه."

كتبت له رقمها ليسجلها باٌسم."المتطفلة."
أما هي فسجلته باٌسم الوغد.

هو لا يستطيع قتلها على أي حال، لأنه تحدث معها و سيبعد أي شبهات نحوه.

إنتهى


رأيكم او اي انتقاد؟

تعليقات تحفيزية باليز🌚💜

© valliana04 ,
книга «إنبثاق|مصعد الجحيم|».
الطابق السادس
Коментарі