الغريب
الغريب
أثناء جوٍّ عاصف تسير إحدى العائلات المهاجرة هرباً من طغيان أحد الأمراء لتصل إلى مدينة الصّبار
"هيّا يا أبنائي استريحوا هنا ريثما أبحث عن محافظ هذه المدينة"
ذهب الوالد للبحث وبقي الأولاد الثلاث والفتاة بانتظار قدومه
صوت الرّياح الهوجاء تضرب المسامع، الأشجار تتراقص يميناً وشمالاً بسببه، تراب الأرض محمولاً على هذه الرّياح يروح ويجيء معها معمياً للأبصار
صوت من بعيد ينادي "أُنقذنا، المحافظ سلّمنا بيتاً صغيراً ذي أجار بخس، لنمضي ونراه"
منزل متهدم خشبه قديم ذي صوت زقزقة تنرفز الآذان، أبواب بدون أقفال وغرف بدون إضاءة
"لا بأس يا أبنائي سنصلح كل هذا في النهار الآن لندخل لإصلاح داخله بما نقدر عليه"
يأتي الصباح مع صياح الدّيك لتبدأ الغرف قليلاً قليلاً بالوضوح، سطول معبئة بالماء بسبب تنقيط السّقوف، حيطان مشقّقة مليئة بالعفن ناتج عن الرطوبة، الأبواب والشبابيك مفتوحة على مصراعيها لعدم وجود أقفال لها، الأرض مشققة بفعل الثقل الواقع عليها
"لنبدأ العمل" يذهب الوالد والابن البكر لؤي لشراء احتياجاتهم فيتبعهم الأصغر لخوفه من المنزل
"هل حفظت الطريق صغيري؟ خذ هذا الطعام وعد به الى أختك لتجهزه"
"أهلاً بك أنت جديد هنا؟"
"نعم جئنا البارحة"
"أتعيشون في ذاك المنزل؟ كان لامرأة عجوز لكنها ماتت بعدها لم نر أحداً يقترب منه"
"لا بأس سنصلحه ثم نسكن به"
"ان أردت أي مساعدة اطلب مني لا تتردد، أنا جارك أسكن في ذاك المنزل، نستطيع مساعدتك متى شئت"
"شكراً لك، انت شاب شهم"
يعود الوالد بالأحمال ويبدأ مع لؤي وسمير وزينب وتيم بالعمل معاً حتى انتهوا بعد شهر من الزمان وأخيراً أصبح مكاناً يمكنهم دعوته المنزل
في ليلة سوداء تمّ الإجتماع بين المحافظ والمختار ومندوب وزاري يأتي للمدينة كلّ فترة
"لنبدأ الاجتماع، العائلة الجديدة التي انتقلت تبدو غريبة، أيها المحافظ لم سمحت لهم بالمكوث في بيت العجوز بذاك السّعر"
"أتى إليّ الوالد قائلاً أنه سيمكث فترة قصيرة فأعطيته المنزل القديم أملاً بتركه له وللمدينة، لم يخطر لي أبداً أنه سيقوم بتجديده هكذا"
"بحثت عنه في سجلات البلد، هو من البلد المجاور وقد أتى هرباً من الأمير هناك، وهذه هي الأوامر العليا"
"تبدو فكرة جيدة، سنسألهم عن رأيهم في هذا"
"ماذا تقول يا محافظ إنهم غرباء غرباااء، كيف تطلب منّا المكوث معهم في مدينة واحدة، أنا أطلب من حضرتكم الإمتناع عن التكلّم معهم وعدم إعطائهم أي حقوق أيّاً كانت"
يأتي الصّباح مجدداً معلناً الخير وبدء الأعمال
أثناء ذاك الشّهر بدأ الوالد والولد البكر بالعمل مع أبناء المدينة ومساعدتهم بالإضافة إلى أعمال ترميم المنزل
أحد مساعدي المختار لم يعجبه تصرفهم وكأن البلاد بلادهم لذا بدأ بافتعال المشاكل الدائمة لعل وعسى الخلاص منهم بالحسنى ولكنهم لم يضعفوا وأكملوا أعمالهم وعيشهم ليأتي يوم ويتم قتل الولد البِكر وتستلم الأنثى كمية من التهديدات بالقتل والاغتصاب
يتم إرسال هذه التهديدات الى الشرطة للتحقيق بالأمر ولكن لا فائدة
بعد حنوّ قلب القاتل و إرساله لجثة الأخ تم اكتشاف كمية كدمات ناتجة عن الضرب وحروق من أعقاب السجائر أرسلوا بطلب الشرطة للتحقيق ولكن لا فائدة
تتمّ الصّلاة على روح الأخ في أثناء دفنه كما هي عادة العائلة، عند رفع الطفل الصغير رأسه للنظر الى السماء رأى وجوه مشرقة مبتسمة تبدو وكأنها فخورة بعمل ما، شاهده أحدهم فوضع سبابته أمام ثغره وغمز الطفل مع حركة شفاه واضحة كمن يقول 'دورك قريب' ما دبّ الذعر في قلب الصغير الجالس في حضرة دفن جثة أخيه
كميّة أفكار أتت مرّة واحدة تجعله مشوّش لا يدري ما يفعل
انتهى اليوم على خير فيذهب الطفل الى والده ويخبره بما رآه في حضرة أخته وأخيه فيقرر الوالد الهرب مرّة أخرى لعل وعسى هذه المرّة تكون الأخيرة
#ماريا_زوي
أثناء جوٍّ عاصف تسير إحدى العائلات المهاجرة هرباً من طغيان أحد الأمراء لتصل إلى مدينة الصّبار
"هيّا يا أبنائي استريحوا هنا ريثما أبحث عن محافظ هذه المدينة"
ذهب الوالد للبحث وبقي الأولاد الثلاث والفتاة بانتظار قدومه
صوت الرّياح الهوجاء تضرب المسامع، الأشجار تتراقص يميناً وشمالاً بسببه، تراب الأرض محمولاً على هذه الرّياح يروح ويجيء معها معمياً للأبصار
صوت من بعيد ينادي "أُنقذنا، المحافظ سلّمنا بيتاً صغيراً ذي أجار بخس، لنمضي ونراه"
منزل متهدم خشبه قديم ذي صوت زقزقة تنرفز الآذان، أبواب بدون أقفال وغرف بدون إضاءة
"لا بأس يا أبنائي سنصلح كل هذا في النهار الآن لندخل لإصلاح داخله بما نقدر عليه"
يأتي الصباح مع صياح الدّيك لتبدأ الغرف قليلاً قليلاً بالوضوح، سطول معبئة بالماء بسبب تنقيط السّقوف، حيطان مشقّقة مليئة بالعفن ناتج عن الرطوبة، الأبواب والشبابيك مفتوحة على مصراعيها لعدم وجود أقفال لها، الأرض مشققة بفعل الثقل الواقع عليها
"لنبدأ العمل" يذهب الوالد والابن البكر لؤي لشراء احتياجاتهم فيتبعهم الأصغر لخوفه من المنزل
"هل حفظت الطريق صغيري؟ خذ هذا الطعام وعد به الى أختك لتجهزه"
"أهلاً بك أنت جديد هنا؟"
"نعم جئنا البارحة"
"أتعيشون في ذاك المنزل؟ كان لامرأة عجوز لكنها ماتت بعدها لم نر أحداً يقترب منه"
"لا بأس سنصلحه ثم نسكن به"
"ان أردت أي مساعدة اطلب مني لا تتردد، أنا جارك أسكن في ذاك المنزل، نستطيع مساعدتك متى شئت"
"شكراً لك، انت شاب شهم"
يعود الوالد بالأحمال ويبدأ مع لؤي وسمير وزينب وتيم بالعمل معاً حتى انتهوا بعد شهر من الزمان وأخيراً أصبح مكاناً يمكنهم دعوته المنزل
في ليلة سوداء تمّ الإجتماع بين المحافظ والمختار ومندوب وزاري يأتي للمدينة كلّ فترة
"لنبدأ الاجتماع، العائلة الجديدة التي انتقلت تبدو غريبة، أيها المحافظ لم سمحت لهم بالمكوث في بيت العجوز بذاك السّعر"
"أتى إليّ الوالد قائلاً أنه سيمكث فترة قصيرة فأعطيته المنزل القديم أملاً بتركه له وللمدينة، لم يخطر لي أبداً أنه سيقوم بتجديده هكذا"
"بحثت عنه في سجلات البلد، هو من البلد المجاور وقد أتى هرباً من الأمير هناك، وهذه هي الأوامر العليا"
"تبدو فكرة جيدة، سنسألهم عن رأيهم في هذا"
"ماذا تقول يا محافظ إنهم غرباء غرباااء، كيف تطلب منّا المكوث معهم في مدينة واحدة، أنا أطلب من حضرتكم الإمتناع عن التكلّم معهم وعدم إعطائهم أي حقوق أيّاً كانت"
يأتي الصّباح مجدداً معلناً الخير وبدء الأعمال
أثناء ذاك الشّهر بدأ الوالد والولد البكر بالعمل مع أبناء المدينة ومساعدتهم بالإضافة إلى أعمال ترميم المنزل
أحد مساعدي المختار لم يعجبه تصرفهم وكأن البلاد بلادهم لذا بدأ بافتعال المشاكل الدائمة لعل وعسى الخلاص منهم بالحسنى ولكنهم لم يضعفوا وأكملوا أعمالهم وعيشهم ليأتي يوم ويتم قتل الولد البِكر وتستلم الأنثى كمية من التهديدات بالقتل والاغتصاب
يتم إرسال هذه التهديدات الى الشرطة للتحقيق بالأمر ولكن لا فائدة
بعد حنوّ قلب القاتل و إرساله لجثة الأخ تم اكتشاف كمية كدمات ناتجة عن الضرب وحروق من أعقاب السجائر أرسلوا بطلب الشرطة للتحقيق ولكن لا فائدة
تتمّ الصّلاة على روح الأخ في أثناء دفنه كما هي عادة العائلة، عند رفع الطفل الصغير رأسه للنظر الى السماء رأى وجوه مشرقة مبتسمة تبدو وكأنها فخورة بعمل ما، شاهده أحدهم فوضع سبابته أمام ثغره وغمز الطفل مع حركة شفاه واضحة كمن يقول 'دورك قريب' ما دبّ الذعر في قلب الصغير الجالس في حضرة دفن جثة أخيه
كميّة أفكار أتت مرّة واحدة تجعله مشوّش لا يدري ما يفعل
انتهى اليوم على خير فيذهب الطفل الى والده ويخبره بما رآه في حضرة أخته وأخيه فيقرر الوالد الهرب مرّة أخرى لعل وعسى هذه المرّة تكون الأخيرة
#ماريا_زوي
Коментарі