المساعدة تأتي لمن يحتاجها
اسمي تيّا، وأنا أبحث عن عمل، خريجة إعلام متميّزة، ها أنا أتبع حلمي بالحصول على وظيفة كمذيعة، فأنا أحبّ التّحدث الى الناس.
-سأذهب ماما ادعي لي
-ام تيا: وفّق ابنتي خلال سعيها يارب، فهي صغيرة على مشاق هذه الحياة لاتعرف الكثير يارب.
أمشي وأمشي، رأيت إعلاناً عن وظيفة شاغرة منذ أيام وها أنا ذاهبة الى هناك
إلهي هذه السلالم العالية، الطابق العاشر لقد وصلت، على الأقل عليهم وضع مصعد في زاوية ما في البناء
وصلت، مسابقة التوظيف هنا، هل سيكون اختباراً كتابياً أم شفهياً؟ أم سيكون تجربة أداء؟ على العموم أنا جيدة في كلّ شيء، سأتقدم والله وليّ التوفيق.
الغرفة كبيرة، عدد كبير من الكراسي، آه لقد رأيته
-مرحباً، كيف أستطيع التقدم لمسابقة الوظيفة؟
ينظر الموظّف من الأعلى لأسفل ومن الأسفل لأعلى
-هل تحملين معك سيرتك الذّاتيّة؟
-نعم بالطّبع
أعطيه السّيرة الذاتية لينظر إليها بتمعّن وتفحّص مع حركات عيون وحواجب غريبة، مابه؟ هل هناك خطأ؟
-جيّد، أرأيتي الغرفة المجاورة ذات الباب الأحمر؟ رنّي الجرس ثلاثاً، ثم ادخلي بقدمك اليمنى واعطِ الفتاة الصّفراء هذه الورقة
-حسناً شكراً لك
أخرج من عنده وأذهب الى الباب الأحمر، ماهذا؟ مكتوب عليه خطر، هل عليّ الدّخول؟
تشجّي تيّا هذه أول وظيفة لك عليك أن تتشجعي، كلّ شيء مخيف في هذه اللحظات.
أرنّ الجرس ثلاثاً ثم أدخل، يا إلهي لم يكن يمزح عندما قال الفتاة الصّفراء، وهناك خضراء وزرقاء أيضاً، إلهي ساعدني
أمشي ناحية الصّفراء لأتوقف ثانية بسبب إحساسي بشيء ركض أمامي، أنظر قليلاً لا أجد أحد، حسناً سأكمل، أمشي بخطوات شبه ثابتة الى صفراء اللّون
-مرحباً، الشّاب في الغرفة المجاورة أعلمني بأن أعطيك هذه
أعطيها الورقة فتنظر إليّ بتلك العيون الخضراء الكبيرة ثم تنظر الى الورقة فتبتسم وتقول: أنتِ هنا لأجل المسابقة، حسناً لحظة
تكتب على ورقة ما ثم تنادي: عنقاء
لتأتي فتاة عادية وتردًّّد: طوع أمرك
تأمر الصّفراء: خذي الفتاة الى الغرفة الجنوبيّة وضيّفيها شاي الأعشاب الجّديد
فتردّد عنقاء: أمرك آنستي، تفضّلي معي يا آنسة
الابتسامة لازالت على محيا الصّفراء و العنقاء بدأت بالمشي لذا تبعتها الى الغرفة الجنوبيّة لأتضيّف الشّاي أو هذا ماقيل
وصلنا إلى الغرفة الجّنوبيّة، كانت غرفة واسعة عاديّة بيضاء اللون، على جدرانها الكثير من اللّوحات الكلاسيكية القديمة، كلوحة الطّفل الباكي ولوحة الصرخة ولوحة السّيدة بينويس، وهناك لوحة كبيرة تملأ جداراً بأكمله أسلوب رسّامها يشبه أسلوب بوب روس في الرّسم تحوي غابة مليئة بالأشجار الخضراء وكوخ صغير بعيد قليلاً، إنها لطبيعة مدهشة، أتأمّلها قليلاً بعدها أجلس على إحدى الكراسي الصّفراء المتواجدة هناك ريثما تأتي عنقاء مرّة أخرى
يمرّ الوقت ببطء كما السّلحفاة، انهض مرّة أخرى أتمشّى قليلاً وأنظر للّوحات ثم أجلس
يمرّ وقت قليل فألاحظ صورة جديدة لم أرها قبلاً داخل الغرفة، أقترب منها، هل تنظر لي؟
نعم هذه الموناليزا، يقولون أنّ جمالها كونك تشعر بمراقبتها لك، بالنّسبة لي هذا مريب، أحسنت دافنشي.
يسحبني من تفكيري قرع الباب ثلاثاً ثم دخول عنقاء.
-تفضّلي الشّاي آنستي
-شكراً لك
تنزل رأسها الى الأسفل وتغادر الغرفة، خطوة خطوة، صوت خطواتها مرتفع، هل كانت تلبس الكعب قبل قليل؟ ماهذا الوشم على رقبتها؟
أفزع لصوت خبطة الباب القويّة، هل تمّ توبيخها لسبب ما؟
أجلس مقابلاً لفنجان الشّاي وأبدأ بالشّرب، رائحته مميّزة وطعمه أيضاً
لم أشعر بعدها إلا باستيقاظي، كم مضى على وجودي هنا؟ ألا يجب عليهم إيقاظي لأجل المسابقة؟ كم السّاعة الآن؟ احتاج للعودة الى المنزل أشعر بدوار، أتمنى أن يوافقوا على عودتي للمنزل وإعادة المسابقة في وقت آخر.
أمشي نحو الباب وأدير المقبض، ماهذا؟ هل هو مقفل؟
-مرحباً، هل من أحد هنا؟ الباب مقفول من الخارج، هل تسمعوني؟ مرحباً
أصرخ وأصرخ ولا أحد يجيب، إلهي أين هم؟
هناك صوت خفيف أسمعه، هل هناك أحد؟ ألتفت الى الخلف وأنظر، لوحة الطّفل الباكي تُنزِل ماءً والصوت يتّضح أكثر فأكثر، هل تبكي اللّوحة؟ إلهي أنا فزعة، أفلام الرّعب التي تبدأ ببكاء أطفال تنتهي بجثث مقطّعة
يعلو الصّوت أكثر فأكثر ليبدأ الصّراخ غير العاديّ يصدو في الغرفة، ألتفت مرّة أخرى لأرى لوحة الصّرخة تتموّج كما لو أنّها أُعطِت الحياة، أذناي متعبتان من سماع الصراخ، أضع يديّ على أذنيّ بقوّة محاولة منع الصّوت بأيّ طريقة كانت ولكن كلّ الطّرق بائت بالفشل
أشعر بأحد يراقبني، أزيح عيناي قليلاً لأرى الموناليزا تنظر بغضب وعجرفة، ألم تكن اللّوحة الأكثر ودّاً؟
تنزاح عينا الموناليزا نحو لوحة السّيدة بينويس التي كانت تمسك بالطّفل بخوف تحاول إخفاءه، هل هم خائفون منّي؟
اختفت الأصوات فجأة، شعرت بحركة خفيفة كالزلزال ثمّ عاد بكاء الطّفل، لكنّ اللّوحة تنزف دماً هذه المرّة، توقعت سماع صوت الصّرخة أيضاً كما في المرّة السّابقة لكنه بقي ساكناً يطالع بخوف ورعب
"اذهبي من هنا أسرعي" خرج صوت مألوف بطريقة غريبة، كما لو أنّني كنت معتادة عليه ولكن نسيته.
"ابني خائف لا أريده أن يرى دماً مازال صغيراً"
أتلفّت يميناً وشمالاً ولكنّي لا أميّز منبع الصّوت
- الباب مقفول من الخارج، اعتذر لا أستطيع الخروج، ليس بيدي حيلة، سأحاول مرّة أخرى
أقف وأذهب نحو الباب، أحاول فتحه، ياللدهشة فُتح، أحاول تذكّر من أين أتيت، هناك الكثير من الممرّات.
أمشي وأمشي، أنا متعبة، تائهة، أريد العودة للمنزل.
أرى ضوءاً في نهاية الممرّ، سأسرع علّني أخرج من هنا
إنّها غرفة الآنسات الملوّنات، نعم أخيراً سأخرج
تجتاحني فرحة كبيرة، ابتسامتي على وجهي لا أستطيع إخفاءها.
هناك ورقة على كلّ مكتب، فضولي يقتلني لأعرف ما المكتوب هناك
أقترب من مكتب الصّفراء وأقرأ ورقتها
"تهانينا أيّتها المتسابقة اجتزت نصف الامتحان وبقي عليك النّصف الثاني، نأمل أن تعيشي حتى ذاك الوقت، ليكن الحظ حليفك
أترك الورقة وأذهب مباشرة الى الباب، يأملون بقائي حيّة، نعم صحيح
تهتزّ الأرض بقوّة فأتمسّك بالحائط إلى أن تنتهِ، عندما انتهت تمايل الباب قليلاً ثمّ قرّر الإغلاق فسرعان ما أفلتُّ يديّ كي لا تُقطع مع رجوعي خطوة سريعة إلى الخلف ممّا تسبب في وقوعي أرضاً
"ألا زلتِ هنا؟ أخبرتك أن تذهب بسرعة"
-من أنتِ؟ لم تريدين خروجي؟
"أتريدين رؤية دماءك على سلالم البناء؟ سيتطلّب هذا وقتاً للتنظيف ولكن لا بأس فأنا لن أنظّف"
تُنهي جملتها بضحكة خفيفة كأنه قول عاديّ بالنّسبة لها تتلوها ضحكة طفل صغير
أقف بارتعاش يزداد مع كلّ ثانية وأكمل طريقي، وجهتي التالية هي السّلالم، عشر طوابق فقط، يجدر بي الحذر من تلك الهزّة الأرضية
أبدأ بالنّزول خطوة خطوة، طابق، طابقان، ثلاث، تبدأ الأرض بالاهتزاز فأتمسّك جيّداً، بعد توقّف الاهتزاز أنظر للأعلى قليلاً وأجد اللّوحات المعلّقة ذاتها هنا، لن أتعطّل سأكمل
"لا داعي لنزولك للقبو، الباب الأخضر أسرعي"
أبحث عن الباب الأخضر وأخرج منه، إلهي عيناي، الشّمس حارقة
'مبارك خروجك، نعتذر عن هذا التّحدّي آمل أن تسامحينا'
الصّوت مألوف، أرفع رأسي قليلاً وأبعد يدي فأرى شخصاً يلوّح لي من بعيد
أشعر بالبرد، رياح قويّة، أرى هيلكوبتر
'أرجو منك إمساك السّلّم جيداً'
ثوانٍ فأصل إلى الأرض ليرحّب بي عدد من الأشخاص، منهم من كان داخل الغرفة
'نعتذر مرّة ثانية ولكن هذا امتحان لمعرفة قدرة النّفس على تحمّل الضغط، تهانينا'
'أنت حقاً ذكيّة، ألم تكوني خائفة من كونك وحيدة في الدّاخل؟ كيف خطر لك الذّهاب إلى الشّرفة؟ وأيضاً كيف علمتِ بوجودها؟ '
-ولكن ألم تكونوا أنتم من قال لي أن أخرج من الباب الأخضر؟
'أيّ باب أخضر؟ جميع الأبواب بنيّة اللّون نحن طليناها بأنفسنا باباً باباً '
-آه لاشيء، أعتقد كان مجرّد حدس لا أكثر
'كنّا ننتظر عند الباب الذي دخلتِ منه أولاً حتى نخبرك بالعودة الى الأعلى ولكن حالفك الحظّ حقاً'
-آه نعم صحيح، هل هناك امتحان آخر؟
'لا، لايوجد، تهانينا لقد قُبلت في العمل وهذه بطاقتك، تفضّلي'
-شكراً لك
حصلت على العمل بعد كل ذاك الخوف، ولكن بعد التّفكير قليلاً، تبيّن أنّه لم يحصل لي الكثير، كلّ ما حصل هو تلك الأصوات والزّلزال، لم أسأل عنهم، لم أكن متأكدة من إرادتي لمعرفة إن كانوا مجرّد حركات قاموا بها أم لا، كالصوت الأنثوي الذي ساعدني
صحيح الصّوت، أريد أن أعرف من كانت صاحبة الصّوت، كتبت اسم البناء في البحث وانتظرت النتائج
كان مبناً سكنيّاً تملكه عائلة واحدة وتمّ إحراقه من قبل مجهولين، هل كانت من تلك العائلة؟
"لا، أنا هنا"
ألتفت للخلف، أجد ذاتي أمامي، مختلفة قليلاً لكنّي متأكدة من كونها أنا
من يطلب المساعدة يلقاها، حتى لو كانت ذاتك من زمن مختلف
-سأذهب ماما ادعي لي
-ام تيا: وفّق ابنتي خلال سعيها يارب، فهي صغيرة على مشاق هذه الحياة لاتعرف الكثير يارب.
أمشي وأمشي، رأيت إعلاناً عن وظيفة شاغرة منذ أيام وها أنا ذاهبة الى هناك
إلهي هذه السلالم العالية، الطابق العاشر لقد وصلت، على الأقل عليهم وضع مصعد في زاوية ما في البناء
وصلت، مسابقة التوظيف هنا، هل سيكون اختباراً كتابياً أم شفهياً؟ أم سيكون تجربة أداء؟ على العموم أنا جيدة في كلّ شيء، سأتقدم والله وليّ التوفيق.
الغرفة كبيرة، عدد كبير من الكراسي، آه لقد رأيته
-مرحباً، كيف أستطيع التقدم لمسابقة الوظيفة؟
ينظر الموظّف من الأعلى لأسفل ومن الأسفل لأعلى
-هل تحملين معك سيرتك الذّاتيّة؟
-نعم بالطّبع
أعطيه السّيرة الذاتية لينظر إليها بتمعّن وتفحّص مع حركات عيون وحواجب غريبة، مابه؟ هل هناك خطأ؟
-جيّد، أرأيتي الغرفة المجاورة ذات الباب الأحمر؟ رنّي الجرس ثلاثاً، ثم ادخلي بقدمك اليمنى واعطِ الفتاة الصّفراء هذه الورقة
-حسناً شكراً لك
أخرج من عنده وأذهب الى الباب الأحمر، ماهذا؟ مكتوب عليه خطر، هل عليّ الدّخول؟
تشجّي تيّا هذه أول وظيفة لك عليك أن تتشجعي، كلّ شيء مخيف في هذه اللحظات.
أرنّ الجرس ثلاثاً ثم أدخل، يا إلهي لم يكن يمزح عندما قال الفتاة الصّفراء، وهناك خضراء وزرقاء أيضاً، إلهي ساعدني
أمشي ناحية الصّفراء لأتوقف ثانية بسبب إحساسي بشيء ركض أمامي، أنظر قليلاً لا أجد أحد، حسناً سأكمل، أمشي بخطوات شبه ثابتة الى صفراء اللّون
-مرحباً، الشّاب في الغرفة المجاورة أعلمني بأن أعطيك هذه
أعطيها الورقة فتنظر إليّ بتلك العيون الخضراء الكبيرة ثم تنظر الى الورقة فتبتسم وتقول: أنتِ هنا لأجل المسابقة، حسناً لحظة
تكتب على ورقة ما ثم تنادي: عنقاء
لتأتي فتاة عادية وتردًّّد: طوع أمرك
تأمر الصّفراء: خذي الفتاة الى الغرفة الجنوبيّة وضيّفيها شاي الأعشاب الجّديد
فتردّد عنقاء: أمرك آنستي، تفضّلي معي يا آنسة
الابتسامة لازالت على محيا الصّفراء و العنقاء بدأت بالمشي لذا تبعتها الى الغرفة الجنوبيّة لأتضيّف الشّاي أو هذا ماقيل
وصلنا إلى الغرفة الجّنوبيّة، كانت غرفة واسعة عاديّة بيضاء اللون، على جدرانها الكثير من اللّوحات الكلاسيكية القديمة، كلوحة الطّفل الباكي ولوحة الصرخة ولوحة السّيدة بينويس، وهناك لوحة كبيرة تملأ جداراً بأكمله أسلوب رسّامها يشبه أسلوب بوب روس في الرّسم تحوي غابة مليئة بالأشجار الخضراء وكوخ صغير بعيد قليلاً، إنها لطبيعة مدهشة، أتأمّلها قليلاً بعدها أجلس على إحدى الكراسي الصّفراء المتواجدة هناك ريثما تأتي عنقاء مرّة أخرى
يمرّ الوقت ببطء كما السّلحفاة، انهض مرّة أخرى أتمشّى قليلاً وأنظر للّوحات ثم أجلس
يمرّ وقت قليل فألاحظ صورة جديدة لم أرها قبلاً داخل الغرفة، أقترب منها، هل تنظر لي؟
نعم هذه الموناليزا، يقولون أنّ جمالها كونك تشعر بمراقبتها لك، بالنّسبة لي هذا مريب، أحسنت دافنشي.
يسحبني من تفكيري قرع الباب ثلاثاً ثم دخول عنقاء.
-تفضّلي الشّاي آنستي
-شكراً لك
تنزل رأسها الى الأسفل وتغادر الغرفة، خطوة خطوة، صوت خطواتها مرتفع، هل كانت تلبس الكعب قبل قليل؟ ماهذا الوشم على رقبتها؟
أفزع لصوت خبطة الباب القويّة، هل تمّ توبيخها لسبب ما؟
أجلس مقابلاً لفنجان الشّاي وأبدأ بالشّرب، رائحته مميّزة وطعمه أيضاً
لم أشعر بعدها إلا باستيقاظي، كم مضى على وجودي هنا؟ ألا يجب عليهم إيقاظي لأجل المسابقة؟ كم السّاعة الآن؟ احتاج للعودة الى المنزل أشعر بدوار، أتمنى أن يوافقوا على عودتي للمنزل وإعادة المسابقة في وقت آخر.
أمشي نحو الباب وأدير المقبض، ماهذا؟ هل هو مقفل؟
-مرحباً، هل من أحد هنا؟ الباب مقفول من الخارج، هل تسمعوني؟ مرحباً
أصرخ وأصرخ ولا أحد يجيب، إلهي أين هم؟
هناك صوت خفيف أسمعه، هل هناك أحد؟ ألتفت الى الخلف وأنظر، لوحة الطّفل الباكي تُنزِل ماءً والصوت يتّضح أكثر فأكثر، هل تبكي اللّوحة؟ إلهي أنا فزعة، أفلام الرّعب التي تبدأ ببكاء أطفال تنتهي بجثث مقطّعة
يعلو الصّوت أكثر فأكثر ليبدأ الصّراخ غير العاديّ يصدو في الغرفة، ألتفت مرّة أخرى لأرى لوحة الصّرخة تتموّج كما لو أنّها أُعطِت الحياة، أذناي متعبتان من سماع الصراخ، أضع يديّ على أذنيّ بقوّة محاولة منع الصّوت بأيّ طريقة كانت ولكن كلّ الطّرق بائت بالفشل
أشعر بأحد يراقبني، أزيح عيناي قليلاً لأرى الموناليزا تنظر بغضب وعجرفة، ألم تكن اللّوحة الأكثر ودّاً؟
تنزاح عينا الموناليزا نحو لوحة السّيدة بينويس التي كانت تمسك بالطّفل بخوف تحاول إخفاءه، هل هم خائفون منّي؟
اختفت الأصوات فجأة، شعرت بحركة خفيفة كالزلزال ثمّ عاد بكاء الطّفل، لكنّ اللّوحة تنزف دماً هذه المرّة، توقعت سماع صوت الصّرخة أيضاً كما في المرّة السّابقة لكنه بقي ساكناً يطالع بخوف ورعب
"اذهبي من هنا أسرعي" خرج صوت مألوف بطريقة غريبة، كما لو أنّني كنت معتادة عليه ولكن نسيته.
"ابني خائف لا أريده أن يرى دماً مازال صغيراً"
أتلفّت يميناً وشمالاً ولكنّي لا أميّز منبع الصّوت
- الباب مقفول من الخارج، اعتذر لا أستطيع الخروج، ليس بيدي حيلة، سأحاول مرّة أخرى
أقف وأذهب نحو الباب، أحاول فتحه، ياللدهشة فُتح، أحاول تذكّر من أين أتيت، هناك الكثير من الممرّات.
أمشي وأمشي، أنا متعبة، تائهة، أريد العودة للمنزل.
أرى ضوءاً في نهاية الممرّ، سأسرع علّني أخرج من هنا
إنّها غرفة الآنسات الملوّنات، نعم أخيراً سأخرج
تجتاحني فرحة كبيرة، ابتسامتي على وجهي لا أستطيع إخفاءها.
هناك ورقة على كلّ مكتب، فضولي يقتلني لأعرف ما المكتوب هناك
أقترب من مكتب الصّفراء وأقرأ ورقتها
"تهانينا أيّتها المتسابقة اجتزت نصف الامتحان وبقي عليك النّصف الثاني، نأمل أن تعيشي حتى ذاك الوقت، ليكن الحظ حليفك
أترك الورقة وأذهب مباشرة الى الباب، يأملون بقائي حيّة، نعم صحيح
تهتزّ الأرض بقوّة فأتمسّك بالحائط إلى أن تنتهِ، عندما انتهت تمايل الباب قليلاً ثمّ قرّر الإغلاق فسرعان ما أفلتُّ يديّ كي لا تُقطع مع رجوعي خطوة سريعة إلى الخلف ممّا تسبب في وقوعي أرضاً
"ألا زلتِ هنا؟ أخبرتك أن تذهب بسرعة"
-من أنتِ؟ لم تريدين خروجي؟
"أتريدين رؤية دماءك على سلالم البناء؟ سيتطلّب هذا وقتاً للتنظيف ولكن لا بأس فأنا لن أنظّف"
تُنهي جملتها بضحكة خفيفة كأنه قول عاديّ بالنّسبة لها تتلوها ضحكة طفل صغير
أقف بارتعاش يزداد مع كلّ ثانية وأكمل طريقي، وجهتي التالية هي السّلالم، عشر طوابق فقط، يجدر بي الحذر من تلك الهزّة الأرضية
أبدأ بالنّزول خطوة خطوة، طابق، طابقان، ثلاث، تبدأ الأرض بالاهتزاز فأتمسّك جيّداً، بعد توقّف الاهتزاز أنظر للأعلى قليلاً وأجد اللّوحات المعلّقة ذاتها هنا، لن أتعطّل سأكمل
"لا داعي لنزولك للقبو، الباب الأخضر أسرعي"
أبحث عن الباب الأخضر وأخرج منه، إلهي عيناي، الشّمس حارقة
'مبارك خروجك، نعتذر عن هذا التّحدّي آمل أن تسامحينا'
الصّوت مألوف، أرفع رأسي قليلاً وأبعد يدي فأرى شخصاً يلوّح لي من بعيد
أشعر بالبرد، رياح قويّة، أرى هيلكوبتر
'أرجو منك إمساك السّلّم جيداً'
ثوانٍ فأصل إلى الأرض ليرحّب بي عدد من الأشخاص، منهم من كان داخل الغرفة
'نعتذر مرّة ثانية ولكن هذا امتحان لمعرفة قدرة النّفس على تحمّل الضغط، تهانينا'
'أنت حقاً ذكيّة، ألم تكوني خائفة من كونك وحيدة في الدّاخل؟ كيف خطر لك الذّهاب إلى الشّرفة؟ وأيضاً كيف علمتِ بوجودها؟ '
-ولكن ألم تكونوا أنتم من قال لي أن أخرج من الباب الأخضر؟
'أيّ باب أخضر؟ جميع الأبواب بنيّة اللّون نحن طليناها بأنفسنا باباً باباً '
-آه لاشيء، أعتقد كان مجرّد حدس لا أكثر
'كنّا ننتظر عند الباب الذي دخلتِ منه أولاً حتى نخبرك بالعودة الى الأعلى ولكن حالفك الحظّ حقاً'
-آه نعم صحيح، هل هناك امتحان آخر؟
'لا، لايوجد، تهانينا لقد قُبلت في العمل وهذه بطاقتك، تفضّلي'
-شكراً لك
حصلت على العمل بعد كل ذاك الخوف، ولكن بعد التّفكير قليلاً، تبيّن أنّه لم يحصل لي الكثير، كلّ ما حصل هو تلك الأصوات والزّلزال، لم أسأل عنهم، لم أكن متأكدة من إرادتي لمعرفة إن كانوا مجرّد حركات قاموا بها أم لا، كالصوت الأنثوي الذي ساعدني
صحيح الصّوت، أريد أن أعرف من كانت صاحبة الصّوت، كتبت اسم البناء في البحث وانتظرت النتائج
كان مبناً سكنيّاً تملكه عائلة واحدة وتمّ إحراقه من قبل مجهولين، هل كانت من تلك العائلة؟
"لا، أنا هنا"
ألتفت للخلف، أجد ذاتي أمامي، مختلفة قليلاً لكنّي متأكدة من كونها أنا
من يطلب المساعدة يلقاها، حتى لو كانت ذاتك من زمن مختلف
Коментарі