بحر المعجزات
رياح هوجاء تعصف " تشبثوا" قال القبطان " سيدي الحبل على وشك الانقطاع ماذا نفعل؟" قال أحدهم "ثبته جيداً سنصل الى برّ الأمان بعد لحظات" يجيب القبطان.
قُطِعَ الحبل وبدأت الأشرعة تطير يميناً وشمالاً ولا أحد منهم استطاع التحكّم بها
"أمسك الدّفة يا نقيب سأذهب للتحكّم بها، هذا قاربي أنا"
يُمسك نقيباً الدّفة ويذهب القبطان للتحكم بالأشرعة " ابتعدوا، أريد المرور، تمسّكوا جيداً"
يقول القبطان بينما يمشي على ظهر قاربه متوسط الحجم يبعد كل من هو أمامه
ربط حبلاً حول خصره وحول العمود جيداً وأخد بالصّعود الى الأعلى، غير آبه بحركة ما حوله، بيده حبل طويل يتطاير بسبب الرّياح والأشرعة تجيء وتذهب،أصوات الماء والسماء تملأ المكان، وأخيراً أصوات عمّال يقولون "احذر" في كلّ مرّة يحدث أن يصيبه أحد الأشرعة ويتجنّبه بكل سهولة
أخيراّ وصل وأخذ الحبل يربطه بقوة حول أحد الأشرعة ويثبّته ثم الشّراع الثاني بجانبه ربطاً شديداً قوياً، عند انتهائه انتبه لنفسه ولحبله المربوط حول وسطه وأخذ يفكّر باحتمالية وقوعه والإضرار بما قام به من جهد لربط الأشرعة، ففضّل مكوثه في الأعلى على أن يحدث أي مكروه، وفعلاً مضت ساعة كاملة متمسكاً بالعمود مُثبتاً كلاً من نفسه والأشرعة بحبل واحد
"أيها القبطان أمامنا دوّامة كبيرة، تمسّك جيداً"يقول نقيب
"يا نقيب لقد رأيتها، دُرْ 65 درجة نحو اليمين وثبّت الدّفة جيداً"
"حاضر"
فعل الأوامر ودار القارب حول الدّوامة الكبيرة وبدأت الرؤية تتضح شيئاً فشيئاً
"لقد أُنقِذنا، سنعود أحياء" هذا ما قاله العمّال لكن مازال هناك شيء غريب بالأمر، العاصفة انتهت ولكن الغيوم مازالت سوداء داكنة، ماذا يحدث؟
فكّر القبطان بعمق لكنّه توقّف لدى رؤيته للبرق والرّعد على مقربة منهم
استطاع تثبيت الأشرعة وتحرير نفسه بعد هدوء تلك العاصفة الهوجاء ثم نزل ليستلم الدّفة
" قمت بعمل جيد يا نقيب"
"أوامرك سيدي"
"عاصفة أخرى، برق ورعد، جهّزوا كلّ ماتحتاجونه لهذه الظروف"
"أمرك"
أخفَوا كلّ ما يمكنه جذب البرق والرّعد إليهم داخل القارب، بدؤوا بتجهيز الشوادر ووضعها وتثبيتها جيداً للعاصفة الثانية، صوت الرّعد قويّ ومخيف كما لو أن السّماء غاضبة، ضوء البرق يعمي الأبصار من قوّته
"أردنا التّخلي عن حياتنا الرّتيبة بالمغامرة قليلاً ولكن ماذا يحصل اليوم؟"يقول أحدهم
"انتسبنا الى بحر المعجزات وها هو يخبرنا من هو صاحب الأمر والقرار هنا" يجيب الآخر
"اصمتوا جميعاً، أتريدون أن يأكلكم كائن بحريّ غريب أم تريدون العودة الى منازلكم؟ اعملوا دون صوت"
"حاضر"
#ماريا_زوي
Коментарі