سيمفونية الترام
كثيرٌ مِنَّا تُطْرَبُ أذناه لسماعِ أمِ كُلثوم، وكثيرٌ آخر يُطْرَبُ لسماعِه فيروز.
مِنَّا من يٌحَّلِق لعنان السماء عند سماعه موسيقى بيتهوفن، موتسارت، وتشايكوفسكي، وآخرون يعشقون ألحان عمر خيرت.
أما أنا فيُطرِبُ أذنيّ صوتٌ من نوعٍ آخر؛ صوت ٌيجهر بشموخٍ وجسارة وَسْطَ جموعِ الناس، فيفسحُ له الطريقُ بخضوعٍ كلُ من يجوب حوله.
إنه 《صوت الترام》 ....
ذاك النادي الاجتماعي المتنقل من هنا إلى هناك لتخترق سيمفونيته ليس فقط آذان الأحياء، ولكن الجدران التي تؤويهم داخل بيوتهم حتى.
وإذا صَدرَت منك محاولة للتقرب منه والغوص بأعماقِ ملامحه، تُبصِرُ عيناك ألوانًا شتى لحياتنا هذه تحملها أرواحٌ قابعة داخله بانتظارِ محطتها القادمة.
وجوهٌ غفيرة وملامحٌ كان للزمنِ النصيبُ الأكبرُ في رسمِ معالمها.
منها ملامحٌ بريئة يافعة لم ينل منها الزمنُ شيئًا يشتهيه بعد. في ركنٍ آخر يقبع خلاف ذلك تمامًا؛ ملامح يصرخ كلُ جزءٍ منها تمسحه عيناك ببصمةٍ للزمن تركها لتكون شاهدًا عليه.
ومنهم ما بين هؤلاءِ وهؤلاء؛ مُعَلَقِينَ بين الطفولةِ والكُهُولة، مزيج ٌبطعمٍ مختلف، فيه مذاقُ المراهقةِ الشاردة يهدئ تذبذبَها نضوجُ البالغينَ القابعين أمامهم.
منهم من أحال عقلَه نارًا متوهجةً وقودُها غد وما سيحمله لهم، ومنهم من خمدت نارُهم فلم يتبق منها سوى رمادٍ يتجسدُ في شعيرات رؤوسهم.
وغير ذلك من ملامحٍ كثيرة، تُبصِرُها عيناك وينصتُ لما تحكيه قلبك، لا تكتفي هي من السرد ولا تمل أنت من الاستماع حتى يوقظك من غفوة تأملك هذه 《صوت الترام 》 ليعلن نهايتها وميلاد مشاعرٍ من نوعٍ مختلف داخلك.
تمت بحمد الله
# بدايات مغمورة
2020-10-01 09:56:24
4
4