الفصل الثالث
• الحُب لا يَحتاج أن يكونَ مثالياً، وإنما يَحتاج أن يكونَ حقيقياً يملئهُ الثِقة.
• ❀ ❀ •

لمحتُ هيئة مألوفة، كانت تتقدم بأتجاهي، يبدو أن قناعهُ التنكريّ الأبيض بزركشات سوداء قد أُتلف خيطُه، الذي يُثبت على الرأس وكان يحاول إصلاحه، ليتضح وجهه إليّ كُلما أقترب أكثر نحوي حتى لم يتبقي سوى خطوات قليله تبعده عني... إنه... إلهي... الفرنسي!، إستدرت بسرعة معاكساً له، فهو تماماً يقف خلفي الآن، لا أعلم لمَ فعلت ذلك! ولكن غير مُستعداً لرؤيته الآن!
"أترقص معي أيها المجهول الوسيم" فزعتُ من الصوت الذي اتاني من العدم، قلبي سقط في معدتي، لكنني عرفته على الفور، من المُستحيل أن أُخطئ صوته الأجش الذي له تأثير قوي على نبضات قلبي الآن...
لتتزايد نبضات قلبي أكثر بشكلٍ مُهول، حينما إلتفَفتُ بتوتر إتجاهه، إنهُ بالفعلِ هو... يقفُ أمامي بشحمه ولحمه...
"تـانـر!" تمتمت وأندفعتُ في أحضانِه، بعد أن فقدت الأمل من مجيئه، أشتقتُ إليهِ كثيراً، ليغرس أصابعه بين خصلات شعري ويطوق كتفيّ في الأخرى ويجذبني إلى صدره بقوة مُقبلاً شعري بِرقه...
"لوُ حبيبي، أعتذر عن تأخري بالمجيء إليكْ" قالها وهو يمسح على خديّ بلطف بعد أن أبعدني عنه لينظر إليَّ جيداً.
"لابأس.. المهمُ أنكَ أتيت" فأنا اكذب، بل البأس حلَ بيّ والقلق أرهقني والخوفُ سيطر على كياني، بينما أنتظر منه مكالمة هاتفية واحدة، ليُطمأن قلبي، وعقلي الذي أنهكهُ التفكير والتأويل، ولكن لم يحدث، توعدتُ له بحسابٍ عسير، حتى أنني قررتُ الأنفِصال عنه دون عودة، لتتبدد هذه الأفكار وتتلاشى نهائياً من عقلي في ثانية، فقط عندما رأيتهُ يقفُ أمامي بطولِه الفارع بكُل رزانة وأناقة، وأبتسامة ساحِرة مُهلكتاً أوصالي.
ليُشابِك أيدينآ بإحكام، ويسحبني خلفه بِخفه دون كلمة أخرى، متوسطين ساحة الرقص بين الثنائيات الراقصة، لنبدأ بالتمايل ومجارات الموسيقى الهادِئة المُعاكسة تماماً بما أشعُرهُ بداخلي في هذه اللحظة.
"أشتقتُ إليك" تمتمَ بلطف وجذبني من خصري نحوه مُقبلاً جبيني قبلة طويلة، ليبتعد مُتفحصاً ملامحي، حتى حطت على عينايّ ناظراً بِحُب، لأبادله النظرات ذاتها...
أقتربتُ منه ووضعت ذقني على كتفه بأريحية مُشتماً رائِحته الرجولية لأزفر براحة، أشتقتُ لأحضانِه الدافئه التي تحيطني بالأمان، بقينا لبضع دقائق ونحنُ على هذا الوضعية، حتى أنتهت الموسيقى، لأُقبلَ كَتِفه بخفه...
نظر في عينيّ وأساريره مُنفرجة بسعادة، ليقربني إليه محتضناً جانبي، مُبتعدين عن المكان سائرين نحو الطاولة التي يقف بمُحاذاتِها كالفن، والذي كان ينظر إلينا مُبتسماً بإتساع...
ليتبادلا التحية مُتصافحان بود، ويتبادلا أطراف الحديث، بينما كنت بعالم أخر أحدق بـ تـانـر ولستُ أعي عما يتحدثون إليه، أشعرُ كأنَ دهراً مرَ بي ولم تراهُ عينايّ من يصدق بأنهُ أسبوعٌ فقط! أسبوعٌ على عدم رؤيته ليس أكثر، أُريدُ معرفة ما حدث معه؟ ولمَ كُل هذا الغياب والجفاء في الأيام المُنصرمة؟ سأسألهُ كل مايجولُ بخاطري مِن أمور خفيه عن معرفتي، ولن أترك شيءً يبقى يؤرقني نحوه، في وقتٍ نكون بهِ وحدَنا...
"حانَ وقتُ المرح" قال كالفن مُصفقاً بسعادة "هيا فلنتقدم بجانِبهم" ليجرنا معه نحو المُتجمهرين في مُنتصف ساحةِ الرقص، ويبدو أن تـانـر لم يستوعب الأمر، كما انا الآن، لا أعلم لمَ نقف هنا بين هؤلاء الناس؟!...
ليبدأ كُلَ شخص منهم بأخذ رفيقاً له بعشوائية ويباشرون الرقص!، بينما نحنُ متسمرين مكاننا بعدم فِهم وبلاهة واضحة على وجوهنا، حتى أتى شخص ما وأمسكَ يدي بلطف لأرفع نظري متطلعاً نحوه باستفهام!، "مرحباً" لأسمع صوته الثقيل ونبرتهُ الفرنسية البطيئة في الكلام...
لأعرف فوراً لمن تعود هذه الهيئة وهذه العيون التي لم يُفلِح القناع في أخفائِها جيداً... إنه هوَ ومن غيره... ليحاول أحدهم سحب يدي منه، ليكون تـانـر من يفعل ويوجه للرجل نظرات غاضبة ومُستنكرة، فهو غيورٌ جداً نحوي ولايستحب من أحدٍ الأقترابَ مني، يبعد الفرنسي يد تـانـر بلطف، نعم أنه الفرنسي من يقف أمامي الآن ويتشبثُ بيدي رغم اعتراض تـانـر وسخطه، ليتدخل كالڤن بسرعة ويمسكُ تـانـر لإخماد نارَ غيرته...
"أهدأ تـانـر، سأشرح لكم الأمر" زفر، ثم أكمل " أنها لعبة أختارها صاحب الحفل للمتعة فقط، والتعارف وتوسيع العلاقات كشيء مُميز في حفله، فأيَ أحدٍ يقفُ هنا يُعتبر أنهُ موافق، وعندها يجوز لأي شخص في الحفل على حدٍ سواء أن يختارَ من يريد مراقصته منذ الآن حتى نهاية الحفل، دون أعتراض من الطرف الأخر أو أطراف أخرى خارجية، فهو مؤقت على أيةِ حال، ومجرد لعبة للتسلية ليسَ إلا، لذا لاتكبرو الأمر يا رفاق!" وأبتسم بتوتر...
بينما أُحدق بينهما دون الادلاء بالموافقة أو الرفض كأنَ القطَ أكلَ لساني، ليتم سحبي من قبله - الفرنسي - لأشاركهُ الرقص حتى بدون سماع تعقيبي على الأمر، أو رضى تـانـر، وضع يده على خصري وجذبني نحوه بشكل مُباغت، والأخرى يخلِلُ أصابعه بين أصابعي ليقشعِرَ جسدي من حركته المُفاجئة!، لأضع يدي على كتفِه بتردد، بينما يتأملَ عينايّ بعناية وكأنهُ يحاول البحث فيها عن مُبتغاه أو حتى التأكد من إحدى شكوكه حول أمرٍ ما!
"هل نعرفُ بعضنا من قبل؟" لقد كانت نبرته تملئُها الفضول، ثم أكمل بحذر "أو رُبما حصلت بيننا مُشكلة أو سوءَ فهم ما؟" مُتفحصاً ردت فعلي، لكنني حاولت بقدرِ استطاعتي السيطرة على توتري... وعدم الإرتباك واستبدالها بالثقة والبرود.
"لا أعتقدُ ذلك" أجبتُ بالفرنسية حتى يفهمني، فهوَ على أيةِ حال لم يتعرف عليَّ بعد كما يبدو...
"إذن لما حاولت الإختباء قبل لحظات عندما رأيتني أمامك؟!" بإبتسامة ماكِرة وكأنه أوقع بي، لكن لن يحصل على مراده أبداً...
"الإختباء! إنك تهذي لا محالة" قهقهةُ ساخراً محاولاً بكل جهدي أن أتمالك أعصابي.
"حقاً! ... إذن ماسمُك؟" تسائل وهوَ يترقب إجابتي، فأنا الآن أجزمُ بأنه يشكُ بأمري!، وإلا لما كانَ فضولياً إتجاهي بهذه الأسئلة!، وكيف لايشك ولم يمرَ على الحادث يَوْماً واحد، يبدو أنهُ حفظَ هيئتي؟ أو رُبما نصف وجهي الذي لايظهر منهُ سوى عيناي وشفتيّ وذقني مِن القناع!؟ أو قد يكون ميزَ صوتي؟... أشعرُ بإرتباك عظيم من كُلِ هذا!
"أهوَ ضروري جداً؟!... لا أعتقد أنك تحتاجَ معرفته!" قُلتُ بوقاحة وأبتسامة مُستفزة... ليبتسم، أبتسامة واسعة حتى ظهرت غمازتيه.... الجميلة!
"فتاً مُراوغ، هل انت خائِف من معرفتي أسمك الآن؟! هل فعلتَ شيءً يؤذيني من قبل؟!" تسائل رافعاً إحدى حاجبيه بإستعجاب، تنهدت زافراً من أنفي لكي أُهدِئَ من روعي...
"لقد تعرفتُ عليك لتوي! كيف سأؤذيك؟!" بينما أنظر في الأنحاء محاولاً تشتيت نظري بعيداً عن عيناه... لتنتهي الموسيقى عن العزف ويباشر الثنائيات بالإبتعاد عن المكان...
"سؤالاً أخير وأرجو أن تُجيب عليه دون تَهرُب!" قال منتظراً ردي، لأومأ بالموافقة، ثم أكمل "تَبْدو أجنبي عن المدينة، لذا من أين أتيت؟ أو بشكلٍ أصحّ أين تعيش؟"
"أنا بريطانيّ، أعيشُ في بريطانيا!" أجبتُ ببساطة بينما هو أبتسم برضى وكأنه تم أشباع فضوله بشكل مرضي له؟...
"لوُ، هل ستبقى هكذا كثيراً" أتاني صوت تـانـر مِن خلفي، لألمح شبحَ أبتسامت الفرنسيّ، لأبتعد عنه بِسرعة يبدو أننا فقط من بقيَ يرقص للآن وبدون موسيقى حتّى، الأمرُ مُحرج...
كان تـانـر مُحتد وملامحه حانِقة وعيناهُ تخرجُ الشرار بإتجاه ذلك الفرنسيّ، كيف نسيتُ أن أسألهُ عن أسمه!، ليجرَ يدي خلفه خارجين من المكان بأكمله، حتى وصلنا سيارته، ليترُك يدي متوجهاً نحو مقعد السائق مُغلقاً الباب بِقوة لأبتلع ريقي بصعوبة وأصعد بجانبه بهدوء مُفتعل... أشعرُ بلعنة كبيرة ستحلُ علينا هذه الليلة؛ والتي هيَ سببها غيرته المُبالغ بِها دائماً وبكُلِ وقت...
"هل أستمتعت بالرقص معه! لما أقومُ بِسؤالك؟ فإن الأمرَ واضح أنكَ أحببتَ ذلك" قال ساخِراً صاكاً أسنانه بامتعاض، بينما يقودُ بسرعة جنونية وعندها نبضات قلبي أرتفعت عن حدها الطبيعيّ، أشعرُ بالخوف من أن يفتعل بنا حادث يودي بحياتنا من أجل شيءٍ تافه لايوازي أرواحنا بتاتاً!
"هل القط أكل لسانك... أو حتّى كُنتَ تتلاعب من خلفي هنا مع الرجال أو حتى النساء، اللعنة عليك" صرخ بالأخير وضرب المقود بكُل قوته، حتى توقف وركنَ السيارة جانباً...
"أنتَ لستَ بوعيك لا محاله، كيف تقومُ بإتهامي بهذه الأتهامات القذرة، أتعلم أنا من يجب عليه أن يرمي عليكِ بوابل من الأتهامات الوسخة طوالَ فترة غيابك ألا مُبررَ لها، ولكن لغبائي سامحتُك دون أن أفكر، بأفكار تزعزع علاقتنا" خرجت وبكل غضبي وسخطي صفعتُ الباب بقوة حتى أعتقدتُ أنهُ أنهار من مكانه، يبدو أنه أوصلني للفندق لأبتعد عن السيارة بعجل وبخطوات واسعة متوجهاً نحو جناحي مُحملاً بيوماً مشؤوم وقلباً مخذول من أقرب شخصاً إليه...
أنتهى الفصل...
• ❀ ❀ •
- أول شي مرحباً كيف الحال؟ ✋🏼
أسفة ع التأخير 💚💙
- شو رأيكم بالفصل؟
- بتعتقدو الفرنسي شاكك بأمر لوي لحتى بيسألو هيك أسئلة؟ وشفتو كيف سحبو لحتى يرقص معو بدون أهتمام بردت فِعل حبيب لوي تانر او ردت فعل لوي نفسه؟
- شو رأيكم بردت فعل تانر على لوي وكيف أتهمه بأتهامات بشعة؟
رح يتصالحو بسرعة؟
- شو توقاتكم بالفصل الجاي؟ متحمسين؟
- مين لاحظ لما تـانـر نادى لوُ قدام الفرنسي، والفرنسي ابتسم؟! شو بتتوقعو؟😉
- وأخيراً شكُراً ع تفاعلكم ❤️ بتمنى تستمرو هيك لأخر فصل بالرواية 💚💙
لاتنسو التصويت ⭐️ والتعليق ولو كان صغير ❤️
سلام 👋🏼💕
Коментарі