5
* الأغنية المقترحة لهذا الشابتر ( Yongzoo Maze ) اللينك ⬇
https://youtu.be/RgklrikwuY8
* العبارات المقتبسة في اول الشابتر من أغنية Hala Hala *
***********************
* المرة الأولى التي شعرت فيها بهذه الطريقة من قبل ، واجهت جانباً جديداً مني *
* في اعماق قلبي ، في اعماق روحي ، تفور نار لا تخمد ابداً *
***********************
في ساحة واسعة خلف ذلك المنزل الكوري التقليدي التصميم يبدوا و كأنه منزل لأحد النبلاء ، تعالى صوت ضربات عِصِي خشبية .
توقف الصوت بعد ان تم دفع احداها ليقف ذلك الفتى ذي الحادية عشر مُمسكاً بعصاه و إبتسامة منتصرة مرتسمة على جهه .
" لقد فعلتها اخيراً ابي " تحدث الفتى من بين انفاسه المرهقة بينما مازال متمسك بعصاه التي تشبه السيف امام الرجل الواقف امامه و ينظر له بنظرة فخر و رضى .
* و انا مازلت محافظاً على وعدي لك ، ان استطعت هزيمتي باستخدام العصى ساقوم بتدريبك باستخدام سيف حقيقي "
انزل الفتى عصاه ليقفز نحو ابيه يحتضنه بفرح شديد " شكراً لك والدي العزيز "
ضحك الوالد بقوة " ايها الماكر الصغير ، لكن يجب عليك ان تبرع بدروسك كما تبرع في المبارزة "
ابتعد عن والده لينظر له بتعابير منزعجة " الدراسة امراً ممل ، اريد ان اكون افضل مبارز في كل چوسون "
" المبارزة تجعل منك قوى لكن القوة دون عقل لا معنى لها ، بإمكانك ان تكون مبارز نبيل معتد بنفسه ، المعرفة سلاح خطير لا يمكن الاستهانة به "
" اعدك انني سأفعل ذلك ابي " تبادل مع والده الابتسام قبل ان تقع عينيه على شيء خلف والده لتتغير نظراته للإرتباك ، نظر ابيه له بشك قبل ان يلتفت ليرى هؤلاء الاقزام المتسللة إلى ساحة منزله تحاول الاختباء قبل ان يراهم .
" يمكنك الذهاب معهم ، لكن عُد قبل حلول الظلام لقد اقترب وقت الغروب ، لا تريد رؤية نوبات غضب والدتك " اخبره بمزاح بينما يلمس كتلة الشعر على رأسه المرتب متجمع و مربوط في منتصف رأسه .
" شكرا لك ابي " انحنى له قبل ان يركض نحو اصدقائه .
" سونجهوا ! ، انتظر "
توقف الصبي في منتصف الطريق ليلتفت إلى والده بنظريات متسائلة .
" لا تحاول التسلل إلى قوارب الصيد ، لا تُسبب المشاكل للصيادين المساكين "
نظر بإحراج نحو والده و هو يتذكر حين سرق هو و اصدقائه احد قوارب الصيد و كم وبخه والده .
" حسناً ابي ، لن اكررها "
.
.
.
" انظر ماذا وجدت " ركض فتى قصير القامة نحو بقية الاطفال الذين يلعبون بالصخور ليريهم تلك العملة المعدنية الغريبة عليهم .
" انها غريبة ، اين وجدتها ؟ " نظر نحوها الطفل سونجهوا بفضول .
" وجدتها على الشاطئ "
" ما ذالك الشيئ المعدني؟ " سأل احد الأطفال بتعجب بينما ينظر للنقوش الغريبة عليها .
" تسمى عملة ، لقد آراني ابي مثلها من قبل و قال لي انه المال في بلدان آخرى بعيدة عن هنا "
" هل هناك بلدان اخرى غيرنا؟ اهناك شيء بعد المحيط على اى حال؟ هذا خيال " اخبرهم احد الأطفال بإستنكار .
" بالطبع ايها الأحمق "
قطع تأملهم للعملة صوت صراخ احد الأطفال بإندهاش و تعجب .
" انظروا إلى تلك السفينة العملاقة "
التفت سونجهوا كما التفت الباقين لينظر نحو السفينة بتعجب و دهشة ، من ضخامتها و رهبتها بينما تقترب نحو جزيرتهم ، لم يرى يوماً سفينة مثلها ، و ذلك العلم الأسود المرسوم عليه تلك الجمجمة البيضاء زادت مظهرها رهبةً و رعباً .
" من اين آتت؟ "
" لم ارى مثلها من قبل "
" الا تعرف شيئاً عنها سونجهوا ؟ والدك هو رئيس القرية ، لابد انه يعلم بقدومها "
قطع تأمله صوت اصدقائه الذين ينظرون لها بدهشة لا تقل عنه .
" لم تأتي لجزيرتنا سفينة مثلها من قبل ، اعتقد على ان اسأل ابي عن الأمر ، سوف اعود للمنزل " ركض سونجهوا بحماس دون الإلتفات لرفاقه الذين كانوا يصرخون من خلفه ليستيطع سماعهم .
" عد لتخبرنا بشأنها ، سننتظرك هنا "
" حسناً "
اتجه سونجهوا نحو منزله ليتجه مباشرتاً نحو غرفة مكتب والده ليجده يجلس امام طاولة مليئة بالأوراق يكتب شيئاً بالقلم ذو الريش الأزرق الخاص به بعد ان غمسه بالحبر .
" ابي ، هل تسمح لي بالدخول ؟ "
" لقد عدت سريعاً ، هل سأمت من اللعب بهذه السرعة " اخبره بضحكة مشككة مازحة بعد ان توقف عن ما يفعله .
" لقد رأيت شيئاً ، اردت ان اسألك عنه "
" اقترب و اخبرني عن ذلك السؤال المُلح الذي جعلك تأتي إلى المنزل بهذه السرعة "
اقترب نحوه و مازالت تلك النظرات الفضولية و الحماس يتملكه .
" لقد رأيت سفينة لم ارى مثلها من قبل كبيرة و تبدوا غريبة عن سفننا تقترب من جزيرتنا ، لقد اردت ان اسألك عنها "
تغيرت ملامح والده المرحة لتعابير جادة لينهض بسرعة مقترباً من ابنه .
" كيف بدت تلك السفينة؟ "
" كانت كبيرة و يوجد فوقها علم اسود مرسوم عليها جمجمة بشرية ، لم ارى مثله من قبل ، اى دولة تحمل مثل هذا العلم ابي؟ " نظر نحو والده يتسائل بتعابير بريئة عكس والده التى تغيرت تعابير وجهه لشئ جعل الصبي يشعر ان هناك خطباً ما في ما قاله .
" عد إلى غرفتك ، و لا تخرج مهما حدث "
تحدث والده بحدة بينما يتحرك في الغرفة بتوتر ليلتقط سيفه .
" ما الذي يحدث ابي؟ ، هل هناك خطباً ما ؟ "
" عد إلى غرفتك و لا تخرج كما اخبرتك ، سوف اخبرك فيما بعد حين اعود "
تركه والده في الغرفة متجمداً في مكانه ، و الكثير من التساؤلات التي بدون اجابة تدور في رأسه .
لا يعرف كم ظَل واقفاً هناك دون حركة لكن قطع شروده صوت فتح باب غرفة والده بقوة ليجد والدته تقف هناك على وجهها نظرات هلعة يتصبب العرق البارد منه .
" ما الذي تفعله هنا؟ ، عليك ان تذهب من هنا "
اتجهت نحوه دون ان تنتظر رده لتسحبه بقوة من يده خلفها .
" امى ! ، ما الذي يحدث؟ "
" عليك فقط تنفيذ كل ما اخبرك به ، لا وقت للشرح " اجابته دون حتى ان تلتفت له او تهدأ من سرعتها .
وصلوا إلى نهاية مغلقة ، حائط يتوصته لوحة عملاقة لمنظر طبيعي لجبال و نهر ، لتتوقف والدته امامها لتترك يده و تتحرك نحو اللوحة ، و تدفع الحائط خلف تلك اللوحة ليكشف عن غرفة سرية في احد اركان المنزل ، تحركت للداخل ممسكة بيده ، ليجد غرفة مظلمة باردة خالية من اى شئ او نوافذ ، مظلمة بالكامل .
" اين نحن امي؟ ، لما احضرتني إلى هنا؟ "
اقتربت نحوه لتمسك بكتفيه بقوة و حزم " ايً كان ما سيحدث او ستسمعه خارج تلك الغرفة ، لا تخرج من الغرفة مهما حدث ، هل فهمت؟ "
اومئ برأسه دون ان يقدر عن النطق من الصدمة .
" ابقى ذلك معك ، استخدمه للضرورة " اخرجت شيئاً ملفوف بإحكام داخل ملابسها لتفتحه امامه ليجده خنجر صغير لتتسع عيناه اكثر ، و يشعر بذلك الخوف داخله يتصاعد ، اخذ يتسائل بداخله ان كان الأمر يتعلق بتلك السفينة الضخمة؟
" ما الذي يحدث هنا؟ لما تعطيني ذلك الخنجر امي؟ "
" فقط افعل ما اقوله لك ، لا وقت للشرح " اومئ لها لتترك غرفته مسرعة ليبقى وحده غارقاً في ذلك الظلام و تلك الأسئلة التي تتقاتل داخله .
انزل نظراته نحو الخنجر الذي اعطته والدته له ليتمسك به بقوة مبتعلاً ما في حلقه .
.
.
.
كتحول سماء صافية لسماء ملبدة بالغيوم دون انذار ، كما يخدع البحر السفن ليساقها إليه ثم تغدر بها الأمواج لتسحقها بوحشية ، مثل القدر الذي يخدع اصحابه و يطعنهم في ظهورهم دون رحمة ، كتلك الغرفة التي كان يجلس في احد زواياها المظلمة محتضنناً ذلك الخنجر بين كفيه ، يحيطه الظلام و كأنه تم ابتلاعه داخله .
صوت صراخ قطع ذلك الصمت و كأنه قادم من الجحيم ليوقفه عن التنفس و يتجمد في مكانه ، كانت الصرخات في تزايد و كأن وحوش الجحيم تم اطلاقها على الأرض ، بدأ العرق البارد يملئ جبين الطفل الصغير بخوف و بيد مرتعشة تشبث بذلك الخنجر بقوة اكبر و كأنه حبل نجاته الوحيد .
توقفت الصرخات في الخارج فجأة كما بدأت فجأة لتتوقف انفاسه في حلقه و تتجمد اوصاله ، و بصعوبة نهض من مكانه في تلك الزاوية و بخطوات غير ثابتة بأقدامه العارية المرتعشة اخذ يتحرك ببطئ على الأرض الخشبية الباردة ليقبض يده على الخنجر بقوة بينما يتحرك إلى باب غرفته ليمسكه بيدٍ مرتعشة ، خائف مما قد يجده خلفه .
ظلام تام في الخارج كما هو الحال داخل غرفته بعد ان غربت الشمس و بدأت السماء بأن تظلم لتعلن عن حلول الليل ، جميع مشاعل المنزل كانت مطفئة لتنتشر الظلمة و البرودة بوحشية و كأنه تحول لمنزل اشباح لا يضئه سوى ضوء القمر المتسلل عبر ذلك الظلام .
" ابي؟ "
" امي ؟ "
بشفاه مرتعشة اخذ ينادي على والديه ، يسير في تلك الأروقة الفارغة المظلمة و الخوف ينهش احشائه بوحشية .
" ابي... "
تجمد في مكانه امام احد ابواب المنزل بعد ان شعر بسائل دافئ سميك تحت اقدامه العارية ، و بتردد و خوف اخذ ينظر إلى اسفل نحو قدميه ليرتعش جسده و تتوسع عيناه في هلع لرؤية قدميه العارية غارقة في ذلك السائل ، الذي لم يكن سوى بحر من الدماء .
تلاحقت انفاسه بقوة بينما يرفع يده بإرتعاش ليسحب ذلك الباب الخشبي ، يُصلي بداخله ان تكون احد الكوابيس المزعجة التي تراوضه احياناً لتأتي والدته و تطمئنه انه محض حلم و قد انتهى ، يُصلي ان تكون مجرد هلوسة بسبب الظلام ، على امل ان يكون ذلك محض وهم .
كان يظن ان كل ما حدث هو كابوس مرعب يرغب في ان يستيقظ منه بمجرد ان يفتح ذلك الباب ، لكن ما وقعت عيناه عليه كان ابشع من اى كابوس قد رآه او يراه يوماً ، جحظت عيناه بصرخة صامتة ، تجمد و كأنه كتلة ثلجية بينما تصور نظراته ذلك المشهد البشع ، تلك المذبحة الوحشية امامه .
جميع خدم المنزل ملقون على الأرض بعد ان نُحِرت اعناقهم بوحشية و دمائهم تسيل على الأرض في بحراً من الدم .
وقعت نظراته عليها ، جثة والدته في احد زوايا الغرفة ترقد بوجهاً شاحب و عنق منحور يسيل منه الدم .
" امي! "
بانفاس مقطوعة همس بها بينما يتقدم نحو جثتها باقدام تكاد تحمله ليهوى بجانب جثمانها غير آبه للدماء التي اغرقته .
" امي؟ ... لما لا تردين علي ؟ ... هل انتي غاضبة مني؟ "
بصوتاً بالكاد يخرج من حلقه كان يخاطبها يقوم بلمسها ، منتظراً ان تجيبه دون جدوى ، توقفت يده عن تحريكها بعد ان اخترق ذلك الصمت صوت بشع لرجل من خلفه ، صوت بلغة لم يفهمها و لم يسمعها من قبل ، التفت نحو صاحب ذلك الصوت بجمود ، الصدمة تسيطر عليه بالكامل .
وقع نظره على ذلك الرجل الغريب القبيح ، كان يرتدي ملابس غريبة متسخة و يمسك بسيف غارقاً بالدماء يضحك ضحكة بشعة مثله مليئة بالسخرية بينما ينظر نحو الفتى الصغير الملقى بجانب جثة والدته .
و في لحظة انفجر كل ذلك الغضب بداخله ليندفع دون وعى نحو ذلك الرجل مهاجماً اياه بالخنجر الذي بيده ليصيب احد ذراعيه و يصرخ الرجل بغضب و يقوم بدفع سونجهوا على الأرض المليئة بالدماء .
نهض مجدداً بوحشية يحركه غضبه العارم بداخله ليتم لكمه من رجل آخر قد دخل إلى الغرفة بعد سماع صراخ الرجل المصاب .
صوب الرجل الآخر سيف نحو عنق الفتى ليمنعه من الحركة و يسحب الخنجر من بين يده لينظر الفتى له بعداء قبل ان تقع عيناه على السيف الذي بيد الرجل ، لتجحظ عيناه ، ذلك السيف الذي يحفظ تفاصيله عن ظهر قلب... سيف والده .
قطع تأمله للسيف صوت ضحكات ذلك الرجل الذي يحمل سيف والده ليتحدث معه بتلك اللغة الغريبة قبل ان يقيده متحدثاً مع الرجل الآخر الغاضب لترتسم ضحكة خبيثة على محيا الرجل الآخر المصاب ناظراً للفتى بسخرية قبل ان يسحبه خلفه متجهاً به خارج المنزل .
وقع نظره على دخان بعض المنازل المشتعلة بينما يسحبه الرجل خارج منزله ليرميه امام مجموعة آخرى من الجثث ، لتتسع عيناه بهلع لرؤية جثة والده بين جنوده ليجلس ذلك الرجل جانبه يضحك مع صديقه بينما يتحدث بشئ إلى الفتى ناظراً للسيف بسعادة .
اقترب الرجل المصاب نحو سونجهوا بسيفه المليئ بالدماء متأهباً لقتله قبل ان يتحدث الرجل الآخر ليمنعه بينما يتقدم من الفتى ، ليقول له شيء قبل ان يهاجمه بضربة على رأسه ليقع على الأرض مستسلماً لذلك الثقل الذي يسحبه إلى الظلام ، كان يحاول مقاومة ذلك الشعور بينما يرى الرجلين يقومون برمى المشاعل نحو منزله ليقوموا بحرقه ليكون هذا آخر ما يراه و صوت ضحكاتهم الكريهة اخر ما يسمعه قبل ان يغرق في الظلام .
.
.
.
بدأ ضوءاً خافت يتسلل تدريجياً ليختفي ذلك الظلام الذي يحيط به ، لتقع عيناه على ذلك السقف الخشبي المهترئ ، شعر بعدم توازن و كأن الأرض غير مستقرة من تحت جسده ، بدأ بتحريك يده لكن دون جدوى ليدرك انها مقيدة خلف ظهره لتتحرك مقلتاه بهلع ناظراً للمكان الذي يتواجد فيه لتقع عيناه على تلك النافذة الوحيدة المغطاة بالقضبان الحديدية و ذلك الضوء الخافت الوحيد خارجها الذي يضئ المكان، و صوت الأمواج القادم من خارجها .
رغم ذلك الألم الرهيب في كامل جسده و رأسه ، و بصعوبة شديدة قام بالنهوض من ركوضه لترتعش انفاسه بألم بينما نظراته مازالت معلقة على تلك القضبان الحديدية قبل ان يقاطع سمعه صوت بكاء خافت ، رفع رأسه بتردد ليجد مجموعة من الأطفال تم تقيدها مثله تجلس في احد الزوايا بخوف .
" لقد تم اسرنا "
صوت لطفل في مثل عمره آتى من جانبه بالقرب منه ، صوت لطفل لكن ذلك البرود الذي يغلفه لم يعكس اى طفولة به ، التفت بسرعة نحو مصدر الصوت لينظر بتلك النظرات الفارغة المتسائلة نحو ذلك الفتى المقيض مثلهم جميعاً ، لكنه كان هادئ عكس هؤلاء الاطفال الخائفين .
للحظات نظر بفراغ نحو احد الزوايا قبل ان تتسع عيناه بإدراك بعد ان قامت بمهاجمته تلك الصور المظلمة من ذاكرته ، لتهتاج انفاسه بغضب و وحشية ، يحاول فك قيد يديه بينما ينظر إلى ملابسه التي جفت دماء والديه عليها .
" لن تستطيع إزالة القيود بتلك الطريقة ، ان كنت تريد الخروج من هنا عليك ان تستخدم عقلك لا غضبك "
" انت لا تعلم اى شيء... "
" لقد قتلوا عائلتك اليس كذلك؟ "
تجمد في مكانه من اثر الذكرى كما تجمد الكلام في حلقه .
" جميع من هنا فعلوا معهم المثل ، لقد قتلوا الجميع عدا نحن "
نقل نظره نحو هؤلاء الاطفال الستة الجالسين بالقرب من بعضهم غالب عليهم الصدمة و الخوف ، نظرات اعادت إليه كل ذلك الجحيم ، ليستيقظ و شعور من الفراغ يملئه ، و كأن هناك شيئاً غادر جسده .
التفت نحو ذلك الفتى الغريب مجدداً ، ليعقد حجبيه بتسائل .
" لما لم يقتلونا ايضاً ؟ "
" يريدون ان يقوموا ببيعنا حين يصلوا إلى وجهتهم "
جفل لوهلة قبل ان ينظر نحو الفتى بتساؤل .
" كيف تعرف كل هذا؟ "
" سمعتهم يتحدثون عن الأمر "
" سمعتهم؟ لكن هل تفهم حديثهم؟ "
" والدي كان يعمل في احد السفن التجارية ، لقد كنت اذهب معه و اعمل على تلك السفن ، تعلمت بعض اللغات من تلك البلاد التي ذهبت لها معه "
" من يكونوا؟ ، هل هم جيوش احد تلك البلدان؟ "
" لا، بل اسوء ... انهم قراصنة "
" ماذا يعني هذا؟ "
" انهم قطاع طرق ، يهاجمون السفن و الجزر و يستولون على ما بها و يسفكون دماء الأبرياء ، لا يكترثون لشئ سوى المال "
نظر امامه نحو الفراغ بصمت ، عكس تلك الفوضى و الصراع بداخله ، تلك الصور تأبى ان تغادر عقله .
" اخي الكبير هونجچونج ، انا خائف لا اريد ان ابقى هنا ، انه مكان مخيف "
رفع رأسه نحو هؤلاء الأطفال ، كان الفتى الذي يتحدث يبدوا اصغرهم اقترب ببطئ ليمسك بيده المرتعشة الصغيرة يد ذلك الفتى الهادئ ليربط الفتى الكبير على رأسه .
" لا تخف جونجهو ، سنخرج جميعاً من هنا "
" هل هو اخوك ؟ "
رفع الفتى المدعو هونجچونج رأسه لينظر نحو سونجهوا .
" لا... لكنهم يعتبروني كذلك بعد ما حدث لنا ، جميعنا اصبحنا وحيدين في هذا العالم الان ، لم يعد لدينا سوى بعضنا البعض "
تأملهم في صمت قبل ان يضحك بسخرية ليلتفت له الجميع بتساؤل .
" هل هناك ما يضحك؟ " سأله هونجچونج بنظرات عدائية .
" هذا مثير للسخرية ، لا تعطهم امل بشيئ لن يحدث ، جميعنا هالكون ، سوف يتم بيعنا و لن يرى احدكم الآخر ، او ربما نقتل و ينتهي الأمر كما حدث مع الباقين "
" كيف تجرأ ؟ ... كيف تجرأ على تحديد مصيرنا ؟ " صرخ احد هؤلاء الأطفال به بغضب ليلتفت نحوه .
" انا لم اقل سوى الواقع ايها الفتى " اخبره بنفس تلك النبرة الساخرة الباردة .
كاد ان يهجم عليه على الرغم من يده المقيدة ليمنعه صوت هونجچونج .
" اهدأ وويونج ، جميعنا غاضبين و نشعر بالألم ، الشجار ليس حلاً "
صمت الجميع لوهلة ليقطع ذلك الصمت وقوف احد هؤلاء الاطفال ليقترب من سونجهوا بهدوء ليرفع سونجهوا رأسه نحوه بتساؤل .
" هل حقاً سنباع ، و لن نتقابل مجدداً ؟ " صمت قليلاً ينظر نحو سونجهوا بألم " ام سيزبحونا مثل ما فعلوا مع والداى و اخي الصغير "
انعقد لسان سونجهوا ليشعر بغصة في حلقه بينما ينظر مأملاً ذلك الطفل الذي ينظر له بألم و خوف يقف امامه ببراءة منتظراً ان يجيبه ، بينما الآخر عاجز عن التحدث .
" هذا لن يحدث يوسانج " قاطع ذلك الصمت هونجچونج يحاول طمئنة الطفل الواقف امام سونجهوا .
" اريده ان يخبرني بذلك " اخبره بإصرار بينما يستمر بالنظر لسونجهوا .
" لن يحدث "
لا يعرف لما اخبره بذلك ، لكن بداخله اراد ان يصدق ذلك ، انه لن ينتهي الأمر هكذا ، لن يُقتلوا او يُباعوا .
عاد الفتى ليجلس بهدوء بجانب الأطفال الأخرين بينما اخذ هونجچونج ينظر نحو سونجهوا بتساؤل قبل ان يعود لتعابيره الهادئة الجامدة .
هونجچونج " لست مضطراً لقول شيء لا تعنيه "
" و هل انت تعني ذلك؟ " التفت نحوه بضحكة ساخرة خالية من المرح .
" اجل... سأخرجهم من ذلك السجن ، سأقوم بحمايتهم مهما كلف الأمر "
انعقد لسان سونجهوا بينما ينظر نحو هونجچونج بتعجب ، ذلك الاصرار و الثقة ، كاد ان يتحدث له ليقاطعه صوت فتح باب الزنزانة ليلتفت بسرعة نحو ذلك الباب .
تحولت نظراته لكتلة من الغضب و العدائية بينما يرى وجوه هؤلاء الاشخاص النتنة التي قامت بقتل عائلته ، اقترب احدهم نحوهم بإبتسامة ساخرة على وجهه ليرمي بعض قطع الخبز الجافة على الأرض بينما يتحدث بلغتهم الغريبة لهم .
" ايها اللعين الحقير "
صرخ به سونجهوا بغضب بعد ان وقعت عيناه على خنجره مربوط بملابس ذلك الرجل لينقض عليه ليقع متألماً و يرتضم بالحائط ليكتم صرخة آلم كادت ان تخرج من بين شفتيه .
تحدث ذلك الرجل مجدداً بغضب بينما يُلقي عليه مزيداً من اللكمات في بطنه قبل ان يلتفت و يخرج مع رفاقه الذين اخذوا يضحكون على ذلك المشهد ليتم غلق ذلك الباب الحديدي عليهم مجدداً .
ساد صمت ثقيل في المكان و نظرات الأطفال الخائفة القلقة تنظر له ، تحرك بألم ليحاول النهوض من الأرض الباردة .
" ما الذي كانوا يقولونه؟ " نظر نحو هونجچونج يسأله بنبرة يشوبها الغضب .
" ليس امراً هاماً، بعض الهراء "
" ما الذي كانوا يقولونه؟ "
اعاد عليه السؤال بإصرار ليتنهد الآخر بإستسلام .
" من المفترض ان تكونوا شاكرين لاننا لم نقتلكم مع الباقين ، و اننا نقوم بإطعامكم ، من حسن حظكم اننا اخترناكم لنبيعكم .... هذا ما قاله "
ساد الصمت مجدداً عكس ذلك البركان بداخله يتمنى لو فقط يتحرر من ذلك القيد ، لو بإمكانه .
" تريد الإنتقام منهم؟ "
صمتت تلك الأصوات في رأسه بعد ان تحدث هونجچونج ليدير رأسه نحوه بتساؤل .
" ما الذي تقصده؟ "
" فقط اجبني ، هل تريد الانتقام ؟ "
" اجل... لكن كيف يمكننا ذلك؟ نحن مقيدون هنا في ذلك السجن ، بالإضافة إلى عددهم الكبير الذي يفوق عددنا "
" لدي خطة ، فقط افعل ما سأخبرك به "
.
.
.
مرت ثلاثة ايام منذ ذلك اليوم ، لم يحدث اى شيء ، هونجچونج يتصرف بهدوء و طاعة ، حتى بدأ سونجهوا يشعر بالريبة من ان يكون هونجچونج قد قام بخداعه ، و ما زاد امتعاضه انه لا يخبره بأى شيء فقط اخبره ان يكون هادئ و يتصرف بطاعة .
آتى نفس الرجلين الكريهين الذين يأتون في كل مرة لإعطائنا بقايا الخبز الجاف ثم يرحلون ، لكن هذه المرة اوقفهم صوت هونجچونج ليتحدث معهم بلغتهم الغريبة .
" انتظروا ارجوكم "
نظروا إلى بعضهم بتعجب قبل ان ينظروا نحوه " تتحدث بلغتنا؟ "
" لقد عملت في احد السفن التجارية ، و اجيد التحدث باللغة الأسبانية "
صمتوا ينظرون له بتمعن قبل ان يتحدث احدهم مجدداً " ما الذي تريده؟ "
" اريد ان نخدمكم انا و ذلك الفتى بجانبي "
نظروا له بسخرية ليضحكوا بقوة " اتظننا اغبياء ، ان كنت تفكر بالهرب انت و ذلك الأحمق فهذا مستحيل نحن في منتصف المحيط لن تستطيعوا الهرب إلى اى مكان "
" نحن لا نخطط للهرب اقسم لكم ، نحن فقط نريد ان نخرج من تلك الزنزانة الموحشة قليلاً بمقابل ان نخدمكم نستطيع فعل اى شيء ، لقد خدمت في سفن من قبل و اجيد فعل جميع اعمال التنظيف و الطبخ "
صمتوا ينظرون إلى بعضهم بنظرات مترددة .
" اظن انكم سأمتم من كل تلك الأعمال المزعجة ، لما لا تحظون ببعض الراحة و تتركوا تلك الأمور لنا "
" سوف نتحدث مع قائدنا بشأنكم " خرجوا مجدداً لتتغير تلك التعابير المترجية التي كان يصطنعها لإقناعهم انه مجرد طفل ساذج سأم من السجن ليعود لتعابيره الجامدة .
" ما الذي اخبرتهم به؟ " عقد سونجهوا حاجباه بتساؤل متعجب من تلك الخطوة التي قام بها فجأة .
" اقنعهم ان يدعونا نخدمهم مقابل ان نخرج انا و انت من تلك الزنزانة "
" مستحيل ان اخدم هؤلاء اللعينين الذين قتلوا عائلتي ، لقد اخبرتني اننا سننتقم لا ان نخدمهم "
" اخبرتك ان الغضب لن يحل اى شيء ، و لا تعجرف الأغنياء سيحل شيئاً إن اردت الانتقام منهم عليك ان تزعن قليلاً "
" انت لا تخبرني بما تخطط له ، عليك ان تخبرني على الاقل "
" علينا كسب ثقتهم اولاً لكى نستطيع فعل ما نريد ، إن شعروا بالريبة نحونا لن نستطيع فعل اى شيء ، و عندما يطمئنوا لنا سنحقق انتقامنا ، اعدك "
" كيف لك ان تكون بكل هذه الثقة و الهدوء؟ كالكبار "
" لقد عشت طوال طفولتي اتنقل مع والدي على متن السفن التجارية و اخدمها ، بعد ان توفيت والدتي لاننا كنا فقراء و لم نستطيع فعل اى شيء لها ، لم يكن لدي فرصة لأكون طفلاً كالباقين ، كان على ان اكبر لأنجو ، هذا ما علمه اياي والدي ، و عليك انت ايضاً ان تفعل ذلك ان اردت النجاة "
نظر نحوه بتشتت يفكر بما اخبره به ، يفكر في تلك الكلمات ... اجل عليه ان ينسى ما كان عليه لينجو ، عليه فعل اى شيء لينتقم من هؤلاء الحثالة .
.
.
.
" انت ايها الفتى ، لتنهض انت و صديقك ، وافق القائد على طلبكم "
فتح الزنزانة ذلك الرجل الذي تحدث معه اخر مرة ليشعر هونجچونج بالفرح بداخله لنجاح خططته .
" لقد وافقوا لننهض " اخبر سونجهوا بنظرات تلمع بإنتصار لينهضوا متقدمين نحو الرجل .
" إلى اين اخي؟ ، هل ستتركنا وحدنا " تمسك بملابسه احد الأطفال بقلق و بعض من الخوف في نظراته .
" لا تقلق سان ، سوف نعود لنخرجكم من هنا "
" لا تقلق سان ، اخواينا الكبار سيعودون لنا " تحدث مينجي بثقة لينظر له بتفكير و كأنه كلامه الواثق اقنعه ليترك ملابس هونجچونج و يبتسم لنا بهدوء قبل ان يعود بجانب اخوته .
نظر سونجهوا لهم بتعجب ، كيف اصبحوا ينادونه بالأخ الكبير ، دون حتى ان يأذن لهم بذلك ، كيف اصبحوا يثقون به و يعاملوه كما يعاملون هونجچونج ، تلك الرابطة الغريبة التي تكونت بينهم جعلته يرغب حقاً بحمايتهم ، جعلته يفهم لما يريد هونجچونج ان يقوم بحمايتهم .
" يونهو ، اعتني باخوتك إلى ان اعود ، انت اكبرهم ، اعتمد عليك " التفت هونجچونج نحوه ليطلب منه ذلك بشبح إبتسامة .
اومئ له يونهو بطاعة و نظرات مخلصة " حسناً اخي الكبير ، لا تقلق "
.
.
.
مر اسبوعين منذ ان اخرجوهم من ذلك السجن ، لم يعودوا إلى تلك الزنزانة مجدداً و لم يروا البقية منذ ذلك الوقت ، كانوا يعملون في صمت طوال اليوم يتحملون المعاملة السيئة و الضرب و العمل المتواصل لأجل الإنتقام ، بدأ الطاقم بالتخلي عن حذرهم نحوهم بعد ان تأكدوا انهم مجرد حمقى ساذجين .
" علينا ان نتحرك الليلة ، لقد اقتربت السفينة من الوصول إلى وجهتها " اقترب نحوه هونجچونج بينما يقومون بمسح ظهر السفينة ليتحدث معه بحذر .
" ماذا سنفعل؟ "
" لقد عثرت على شيء سيساعدنا " اخبره بينما يخرج من داخل ملابسه زجاجة صغيرة .
" ما هذه؟ "
" انها لأحد افراد الطاقم ، علمت انه يستخدمها لتساعده على النوم ، سوف اضعها في طعامهم الليلة "
" ماذا ان لم يفلح الأمر ؟ "
" لا تقلق ، سنتخلص منهم الليلة مهما كلف الأمر "
.
.
.
كان القلق و الحذر يزداد بداخلهم بينما يراقبون الطاقم يتناولون الطعام الذي قام هونجچونج بسكب ذلك الدواء عليه بعد ان نجح في التسلل إلى المطبخ و سكبه داخل طعامهم .
" ايها الفتى احضر لي زجاجة آخرى " صرخ قائد ذلك الطاقم الحقير بسونجهوا بصوت يشوبه السكر بعد ان انهى زجاجة اخرى من الخمر ليقترب نحوه سونجهوا معطياً الزجاجة له لينظر نحوهم بقلق، منتظراً ان يبدأ الدواء بأخذ مفعوله .
بعد مرور اكثر من نصف ساعه بدأ المكان يسوده الهدوء تدريجياً بعد ان وقع الجميع على اطباق طعامهم نائمين ليبتسموا بإنتصار بينما يراقبوهم من بعيد .
" لقد فعلناها اخيراً " صرح هونجچونج بضحكة قوية منتصرة .
" ماذا ستفعل الأن؟ "
" علينا ان نتخلص منهم قبل ان يستيقظوا مجدداً "
" علي ان احصل على شيئاً ما اولاً " اخبره سونجهوا بتعابير جامدة بينما يقترب نحو احد هؤلاء القراصنة بنظرات عدائية ليقوم بإستعادة خنجره الذي اعطته اياه والدته قبل ان يقتلوها بوحشية .
" هذا سيف والدك اليس كذلك؟ "
التفت سونجهوا للخلف ناحية هونجچونج ليلمحه واقف خلفه يحمل سيف والده بين يده ليضع الخنجر معلقاً في الرباط حول ملابسه و يقترب نحوه بخطوات متخازلة ، بينما يتذكر والده ، لقد انتظر اليوم الذي سيسلمه والده هذا السيف حين يصبح مبارز عظيم مثله ، لم يتوقع انه سيأخذه في مثل ذلك الموقف .
" وجدته في غرفة قائدهم ، يبدوا انه ارثٌ ثمين "
" كيف سننتقم منهم؟ " رفع نظره نحو هونجچونج بنظرات جامدة مليئة بالغضب و الحزن .
" لنأخذ كل شئ و نقوم بحرق سفينتهم و نرميهم داخل القوارب ثم نهرب باحد القوارب المتبقية " اومئ له سونجهوا بشرود و بنظرات فارغة يغلفها تلك الذكرى التي اصبحت تآبى تركه ذكرى تلك المذبحة ، قام هونجچونج بالربط على كتفيه ليخرج من شروده ناظراً نحوه يسمعه بينما يتحدث لكنه يشعر و كأن افكاره مبعثرة إلى اشلاء .
" سأذهب لإخراج بقية الرفاق، لنخرج من هنا " التفت ليذهب لكي يقوم بتحرير باقي الأطفال .
" هونجچونج "
صرخة مدوية اطلقها سونجهوا نحوه فجأة ، التفت الآخر بتشتت ليجده يقفز ناحيته حاملاً السيف بين يده مسلطاً السيف نحوه بحركة هجومية ليغمض هونجچونج عينيه فجأة ليسمع صوت طعنات السيف لكنه لا يشعر بأى شيء لكنه يشعر بسائل دافئ يقطر من فوقه ... قام بفتح عينيه تدريجياً ليجد سونجهوا يقف امامه بجمود و علامات الفزع على وجهه بينما سيفه يقطر منه الدماء بغزارة ، التفت خلفه بتردد ليجد السيف مغروز في رقبة احد طاقم السفينة لتتسع عيناه بصدمة ، جفل على صوت شيء معدني يقع على الأرض لينظر نحو تلك السكين التي وقعت من يد الرجل للتو ، التي كانت من الممكن ان تكون السكين التي تنحر عنقه منذ قليل .
" لقد قتلته "
قطع صدمته صوت سونجهوا المرتعش بعد ان وقعت الجثة هامدة على الأرض ليلتفت نحوه ، كان مازال جامداً ينظر نحو سيفه المغروز في عنق الرجل بنظرات فارغة و باردة كالموت .
" اهدأ سونجهوا ، لقد فعلت هذا لإنقاذي ، لم تفعل شيء سئ .... "
" ان يدي اصبحت ملوثة بالدماء الأن "
خارت قوى سونجهوا ليجلس امام جثمان الرجل بعيون جاحظة بصدمة ينظر إلى يده الغارقة بالدماء ، اقترب هونجچونج منه ليركع بجانبه على الأرض ممسكاً بكتفيه .
" لقد فعلت ما كان يجب ان نفعله حقاً ، انت لم تخطئ " التفت سونجهوا نحوه بنظرات مشتتة .
" ماذا تقصد؟ "
" ما اقصده هو انه لا يجب ان يعيش حالة امثالهم لسفك المزيد من دماء الأبرياء ... لنقم بقتلهم جميعاً ، لا يجب ان يستيقظوا مجدداً، عليهم ان يموتوا ايضاً "
نظر هونجچونج إلى جثمان ذلك الحثالة بعدائية و كره بينما تعثو تلك الذكريات كالوقود لغضبه يتذكر تلك المذبحة الوحشية ، يتذكر كيف قاموا بذبح والده امامه دون ان يجفلوا ، تمنى ان يحترقوا في الجحيم للأبد ، ان يمروا بما مر به سكان تلك القرية الأبرياء و كل الأرواح التي ازهقت لإرضاء طمعهم و وحشيتهم .
" ان عاشوا سيقتلون المزيد من الضحايا ، المزيد من العائلات التي ستذبح بوحشية ، سيكون هناك الكثير امثالنا ... علينا انهاء هذا "
التفت هونجچونج ليسحب السيف الخاص بسونجهوا من عنق ذلك الحثالة و يعطيه له و يأخذ ذلك السكين الذي كاد ان يزهق روحه قبل تدخل سونجهوا لإنقاذه .
نظر نحو سونجهوا ليخبره بإصرار " لنفعل ذلك لأجل عائلتنا التي سلبونا اياها ، لنفعل ذلك لأجل هؤلاء الأطفال الذين لم يعد لهم غيرنا ، علينا حماية ما تبقى لنا حتى لو اضطررنا ان نتحول لقتلة "
انزل سونجهوا نظره إلى سيف والده الملطخ بالدماء بفراغ و شرود تتردد كلمات هونجچونج برأسه قبل ان يرفع رأسه نحوه بنظرات فارغة.
" لنفعل ذلك "
.
.
.
( سونجهوا pov )
صوت تلك الأغنية ...
ذلك الصوت الذي اصبح كبقعة ضوء في ذلك الضباب المخيمو، و كأن روحه اصبحت تردده ...
ذلك الصوت الذي اخترق كوابيسه كحبل نجاة ليقوظه من اعظم كوابيسه .
بأنفاس متسارعة و وجهاً متعرق فتحت عيناى لأنهض مجفلاً من ذلك الكابوس الذي عاد إلي بوضوح اكثر ، بكل تفاصيله التي تآبى تركي لتذكرني بما اصبحت عليه .
نهضت من ركوضي لأحرك يدي على شعري بعصبية ، التفت حولي لأجد نفسي نائماً فوق برج المراقبة و ذلك الضباب يُحيطني .
نهضت من مكاني بعد ان سمعت صوت احتكاك سيوف لأنظر إلى الأسفل بإتجاه الصوت .
كان هونجچونج و سان يتدربون على المبارزة على ظهر السفينة ، التفت لأنزل إلى الأسفل حيث يجتمعون ، كان الوضع يبدوا طبيعي و الجميع يقوم بأعماله الروتينية بهدوء ، رغم ذلك المكان الغريب الذي وجدنا انفسنا عالقين به .
شرد ذهني اتذكر وجهها ... ' بيرل ' ، استعيد في ذاكرتي ما حدث البارحة ، كان كل شيء يبدوا كالحلم ، رغم كوني اعلم انه لا يراودني سوى ذلك الكابوس اللعين لظننت انه مجرد حلم من صنع خيالي ، لا اصدق انني سأتمكن من رؤيتها مجدداً .
" ها انت قد استيقظت اخيراً ، سونجهوا العظيم قد نام اثناء مناوبته ، انه شيء لا يتكرر مرتين في العمر "
قطع شرودي تلك العبارات المتهكمة لألتفت للخلف لأجد مينجي يتقدم بإتجاهي بنبرة مازحة .
" اوووه... لما فعلت هذا؟ " تذمر مينجي بعد ان لكمه هونجچونج على رأسه ليحرك يده على رأسه حيث تم لكمه .
" لقد كانت مناوبتك انت و الأحمق الآخر ، لقد اضطر لأخذها بدلاً عنكم بعد ان غفوتم كالدببة الكسولة "
اخذ الرفاق يضحكون ليتقدم سان نحونا هو ايضاً " تستحق ذلك ايها الأحمق، تعلم ان هذا خطأك انت "
مينجي " اعتذر ! ايها الأخ الكبير " حرك يده خلف رأسه بإحراج .
هونجچونج " سوف تتولى تحضير الطعام و تنظيف السفينة انت و يونهو اليوم "
" امرك ايها القائد " اومئ له مينجي ليتحرك مبتعداً لتنفيذ الاوامر .
" لنتبارز انا و انت ، لم نحظى بواحدة منذ مدة "
صرح هونجچونج لأومئ له بالموافقة قبل ان اتبعه حاملاً سيفي إستعداداً لبدأ المبارزة .
" هل كل شيء على ما يرام؟ "
سألني بعد ان هاجمني بسرعة و رشاقة لأقوم بصدها سريعاً .
" اجل... لما تسأل؟ " اجبته من بين انفاسي المتسارعة اصد ضربة اخرى قريبة من معدتي .
" لا اعلم اشعر بأن هناك خطباً ما بك... منذ ذلك الوقت الذي وجدناك به ملقى على القارب "
غاب ذهني للحظات افكر بشأنها لأفقد تركيزي لأجد سيفه امام عنقي .
" انت شارد الذهن كثيراً اليوم؟ ، لم تخسر امامي من قبل "
" ان هذا المكان يشغل تفكيري كثيراً فقط "
نظر نحوي مطولاً بريبة و تفكير قبل ان يتحدث مجدداً بهدوء " معك حق ، انه غامض و مريب ، لكن حان الوقت لإزالة هذا الغموض عنه "
عقدت حجباى بتساؤل بينما التفت إلى هونجچونج " ما الذي تعنيه؟ "
" لن نبقى هكذا إلى ان تنفذ مؤننا و نموت ، علينا التحرك ... سنتحرك الليلة باستخدام القوارب للبحث حول المنطقة "
**************
to be continued...
انتهى الشابتر اخيرا 😅✌
كانت رحلة طويلة إلى اعماق ابطال الرواية، رحلة كان لابد منها، اعتقد فسرت حاجات كتير.
اتمنى يكون الشابتر عجبكم و استمتعتم بيه 🥰
https://youtu.be/RgklrikwuY8
* العبارات المقتبسة في اول الشابتر من أغنية Hala Hala *
***********************
* المرة الأولى التي شعرت فيها بهذه الطريقة من قبل ، واجهت جانباً جديداً مني *
* في اعماق قلبي ، في اعماق روحي ، تفور نار لا تخمد ابداً *
***********************
في ساحة واسعة خلف ذلك المنزل الكوري التقليدي التصميم يبدوا و كأنه منزل لأحد النبلاء ، تعالى صوت ضربات عِصِي خشبية .
توقف الصوت بعد ان تم دفع احداها ليقف ذلك الفتى ذي الحادية عشر مُمسكاً بعصاه و إبتسامة منتصرة مرتسمة على جهه .
" لقد فعلتها اخيراً ابي " تحدث الفتى من بين انفاسه المرهقة بينما مازال متمسك بعصاه التي تشبه السيف امام الرجل الواقف امامه و ينظر له بنظرة فخر و رضى .
* و انا مازلت محافظاً على وعدي لك ، ان استطعت هزيمتي باستخدام العصى ساقوم بتدريبك باستخدام سيف حقيقي "
انزل الفتى عصاه ليقفز نحو ابيه يحتضنه بفرح شديد " شكراً لك والدي العزيز "
ضحك الوالد بقوة " ايها الماكر الصغير ، لكن يجب عليك ان تبرع بدروسك كما تبرع في المبارزة "
ابتعد عن والده لينظر له بتعابير منزعجة " الدراسة امراً ممل ، اريد ان اكون افضل مبارز في كل چوسون "
" المبارزة تجعل منك قوى لكن القوة دون عقل لا معنى لها ، بإمكانك ان تكون مبارز نبيل معتد بنفسه ، المعرفة سلاح خطير لا يمكن الاستهانة به "
" اعدك انني سأفعل ذلك ابي " تبادل مع والده الابتسام قبل ان تقع عينيه على شيء خلف والده لتتغير نظراته للإرتباك ، نظر ابيه له بشك قبل ان يلتفت ليرى هؤلاء الاقزام المتسللة إلى ساحة منزله تحاول الاختباء قبل ان يراهم .
" يمكنك الذهاب معهم ، لكن عُد قبل حلول الظلام لقد اقترب وقت الغروب ، لا تريد رؤية نوبات غضب والدتك " اخبره بمزاح بينما يلمس كتلة الشعر على رأسه المرتب متجمع و مربوط في منتصف رأسه .
" شكرا لك ابي " انحنى له قبل ان يركض نحو اصدقائه .
" سونجهوا ! ، انتظر "
توقف الصبي في منتصف الطريق ليلتفت إلى والده بنظريات متسائلة .
" لا تحاول التسلل إلى قوارب الصيد ، لا تُسبب المشاكل للصيادين المساكين "
نظر بإحراج نحو والده و هو يتذكر حين سرق هو و اصدقائه احد قوارب الصيد و كم وبخه والده .
" حسناً ابي ، لن اكررها "
.
.
.
" انظر ماذا وجدت " ركض فتى قصير القامة نحو بقية الاطفال الذين يلعبون بالصخور ليريهم تلك العملة المعدنية الغريبة عليهم .
" انها غريبة ، اين وجدتها ؟ " نظر نحوها الطفل سونجهوا بفضول .
" وجدتها على الشاطئ "
" ما ذالك الشيئ المعدني؟ " سأل احد الأطفال بتعجب بينما ينظر للنقوش الغريبة عليها .
" تسمى عملة ، لقد آراني ابي مثلها من قبل و قال لي انه المال في بلدان آخرى بعيدة عن هنا "
" هل هناك بلدان اخرى غيرنا؟ اهناك شيء بعد المحيط على اى حال؟ هذا خيال " اخبرهم احد الأطفال بإستنكار .
" بالطبع ايها الأحمق "
قطع تأملهم للعملة صوت صراخ احد الأطفال بإندهاش و تعجب .
" انظروا إلى تلك السفينة العملاقة "
التفت سونجهوا كما التفت الباقين لينظر نحو السفينة بتعجب و دهشة ، من ضخامتها و رهبتها بينما تقترب نحو جزيرتهم ، لم يرى يوماً سفينة مثلها ، و ذلك العلم الأسود المرسوم عليه تلك الجمجمة البيضاء زادت مظهرها رهبةً و رعباً .
" من اين آتت؟ "
" لم ارى مثلها من قبل "
" الا تعرف شيئاً عنها سونجهوا ؟ والدك هو رئيس القرية ، لابد انه يعلم بقدومها "
قطع تأمله صوت اصدقائه الذين ينظرون لها بدهشة لا تقل عنه .
" لم تأتي لجزيرتنا سفينة مثلها من قبل ، اعتقد على ان اسأل ابي عن الأمر ، سوف اعود للمنزل " ركض سونجهوا بحماس دون الإلتفات لرفاقه الذين كانوا يصرخون من خلفه ليستيطع سماعهم .
" عد لتخبرنا بشأنها ، سننتظرك هنا "
" حسناً "
اتجه سونجهوا نحو منزله ليتجه مباشرتاً نحو غرفة مكتب والده ليجده يجلس امام طاولة مليئة بالأوراق يكتب شيئاً بالقلم ذو الريش الأزرق الخاص به بعد ان غمسه بالحبر .
" ابي ، هل تسمح لي بالدخول ؟ "
" لقد عدت سريعاً ، هل سأمت من اللعب بهذه السرعة " اخبره بضحكة مشككة مازحة بعد ان توقف عن ما يفعله .
" لقد رأيت شيئاً ، اردت ان اسألك عنه "
" اقترب و اخبرني عن ذلك السؤال المُلح الذي جعلك تأتي إلى المنزل بهذه السرعة "
اقترب نحوه و مازالت تلك النظرات الفضولية و الحماس يتملكه .
" لقد رأيت سفينة لم ارى مثلها من قبل كبيرة و تبدوا غريبة عن سفننا تقترب من جزيرتنا ، لقد اردت ان اسألك عنها "
تغيرت ملامح والده المرحة لتعابير جادة لينهض بسرعة مقترباً من ابنه .
" كيف بدت تلك السفينة؟ "
" كانت كبيرة و يوجد فوقها علم اسود مرسوم عليها جمجمة بشرية ، لم ارى مثله من قبل ، اى دولة تحمل مثل هذا العلم ابي؟ " نظر نحو والده يتسائل بتعابير بريئة عكس والده التى تغيرت تعابير وجهه لشئ جعل الصبي يشعر ان هناك خطباً ما في ما قاله .
" عد إلى غرفتك ، و لا تخرج مهما حدث "
تحدث والده بحدة بينما يتحرك في الغرفة بتوتر ليلتقط سيفه .
" ما الذي يحدث ابي؟ ، هل هناك خطباً ما ؟ "
" عد إلى غرفتك و لا تخرج كما اخبرتك ، سوف اخبرك فيما بعد حين اعود "
تركه والده في الغرفة متجمداً في مكانه ، و الكثير من التساؤلات التي بدون اجابة تدور في رأسه .
لا يعرف كم ظَل واقفاً هناك دون حركة لكن قطع شروده صوت فتح باب غرفة والده بقوة ليجد والدته تقف هناك على وجهها نظرات هلعة يتصبب العرق البارد منه .
" ما الذي تفعله هنا؟ ، عليك ان تذهب من هنا "
اتجهت نحوه دون ان تنتظر رده لتسحبه بقوة من يده خلفها .
" امى ! ، ما الذي يحدث؟ "
" عليك فقط تنفيذ كل ما اخبرك به ، لا وقت للشرح " اجابته دون حتى ان تلتفت له او تهدأ من سرعتها .
وصلوا إلى نهاية مغلقة ، حائط يتوصته لوحة عملاقة لمنظر طبيعي لجبال و نهر ، لتتوقف والدته امامها لتترك يده و تتحرك نحو اللوحة ، و تدفع الحائط خلف تلك اللوحة ليكشف عن غرفة سرية في احد اركان المنزل ، تحركت للداخل ممسكة بيده ، ليجد غرفة مظلمة باردة خالية من اى شئ او نوافذ ، مظلمة بالكامل .
" اين نحن امي؟ ، لما احضرتني إلى هنا؟ "
اقتربت نحوه لتمسك بكتفيه بقوة و حزم " ايً كان ما سيحدث او ستسمعه خارج تلك الغرفة ، لا تخرج من الغرفة مهما حدث ، هل فهمت؟ "
اومئ برأسه دون ان يقدر عن النطق من الصدمة .
" ابقى ذلك معك ، استخدمه للضرورة " اخرجت شيئاً ملفوف بإحكام داخل ملابسها لتفتحه امامه ليجده خنجر صغير لتتسع عيناه اكثر ، و يشعر بذلك الخوف داخله يتصاعد ، اخذ يتسائل بداخله ان كان الأمر يتعلق بتلك السفينة الضخمة؟
" ما الذي يحدث هنا؟ لما تعطيني ذلك الخنجر امي؟ "
" فقط افعل ما اقوله لك ، لا وقت للشرح " اومئ لها لتترك غرفته مسرعة ليبقى وحده غارقاً في ذلك الظلام و تلك الأسئلة التي تتقاتل داخله .
انزل نظراته نحو الخنجر الذي اعطته والدته له ليتمسك به بقوة مبتعلاً ما في حلقه .
.
.
.
كتحول سماء صافية لسماء ملبدة بالغيوم دون انذار ، كما يخدع البحر السفن ليساقها إليه ثم تغدر بها الأمواج لتسحقها بوحشية ، مثل القدر الذي يخدع اصحابه و يطعنهم في ظهورهم دون رحمة ، كتلك الغرفة التي كان يجلس في احد زواياها المظلمة محتضنناً ذلك الخنجر بين كفيه ، يحيطه الظلام و كأنه تم ابتلاعه داخله .
صوت صراخ قطع ذلك الصمت و كأنه قادم من الجحيم ليوقفه عن التنفس و يتجمد في مكانه ، كانت الصرخات في تزايد و كأن وحوش الجحيم تم اطلاقها على الأرض ، بدأ العرق البارد يملئ جبين الطفل الصغير بخوف و بيد مرتعشة تشبث بذلك الخنجر بقوة اكبر و كأنه حبل نجاته الوحيد .
توقفت الصرخات في الخارج فجأة كما بدأت فجأة لتتوقف انفاسه في حلقه و تتجمد اوصاله ، و بصعوبة نهض من مكانه في تلك الزاوية و بخطوات غير ثابتة بأقدامه العارية المرتعشة اخذ يتحرك ببطئ على الأرض الخشبية الباردة ليقبض يده على الخنجر بقوة بينما يتحرك إلى باب غرفته ليمسكه بيدٍ مرتعشة ، خائف مما قد يجده خلفه .
ظلام تام في الخارج كما هو الحال داخل غرفته بعد ان غربت الشمس و بدأت السماء بأن تظلم لتعلن عن حلول الليل ، جميع مشاعل المنزل كانت مطفئة لتنتشر الظلمة و البرودة بوحشية و كأنه تحول لمنزل اشباح لا يضئه سوى ضوء القمر المتسلل عبر ذلك الظلام .
" ابي؟ "
" امي ؟ "
بشفاه مرتعشة اخذ ينادي على والديه ، يسير في تلك الأروقة الفارغة المظلمة و الخوف ينهش احشائه بوحشية .
" ابي... "
تجمد في مكانه امام احد ابواب المنزل بعد ان شعر بسائل دافئ سميك تحت اقدامه العارية ، و بتردد و خوف اخذ ينظر إلى اسفل نحو قدميه ليرتعش جسده و تتوسع عيناه في هلع لرؤية قدميه العارية غارقة في ذلك السائل ، الذي لم يكن سوى بحر من الدماء .
تلاحقت انفاسه بقوة بينما يرفع يده بإرتعاش ليسحب ذلك الباب الخشبي ، يُصلي بداخله ان تكون احد الكوابيس المزعجة التي تراوضه احياناً لتأتي والدته و تطمئنه انه محض حلم و قد انتهى ، يُصلي ان تكون مجرد هلوسة بسبب الظلام ، على امل ان يكون ذلك محض وهم .
كان يظن ان كل ما حدث هو كابوس مرعب يرغب في ان يستيقظ منه بمجرد ان يفتح ذلك الباب ، لكن ما وقعت عيناه عليه كان ابشع من اى كابوس قد رآه او يراه يوماً ، جحظت عيناه بصرخة صامتة ، تجمد و كأنه كتلة ثلجية بينما تصور نظراته ذلك المشهد البشع ، تلك المذبحة الوحشية امامه .
جميع خدم المنزل ملقون على الأرض بعد ان نُحِرت اعناقهم بوحشية و دمائهم تسيل على الأرض في بحراً من الدم .
وقعت نظراته عليها ، جثة والدته في احد زوايا الغرفة ترقد بوجهاً شاحب و عنق منحور يسيل منه الدم .
" امي! "
بانفاس مقطوعة همس بها بينما يتقدم نحو جثتها باقدام تكاد تحمله ليهوى بجانب جثمانها غير آبه للدماء التي اغرقته .
" امي؟ ... لما لا تردين علي ؟ ... هل انتي غاضبة مني؟ "
بصوتاً بالكاد يخرج من حلقه كان يخاطبها يقوم بلمسها ، منتظراً ان تجيبه دون جدوى ، توقفت يده عن تحريكها بعد ان اخترق ذلك الصمت صوت بشع لرجل من خلفه ، صوت بلغة لم يفهمها و لم يسمعها من قبل ، التفت نحو صاحب ذلك الصوت بجمود ، الصدمة تسيطر عليه بالكامل .
وقع نظره على ذلك الرجل الغريب القبيح ، كان يرتدي ملابس غريبة متسخة و يمسك بسيف غارقاً بالدماء يضحك ضحكة بشعة مثله مليئة بالسخرية بينما ينظر نحو الفتى الصغير الملقى بجانب جثة والدته .
و في لحظة انفجر كل ذلك الغضب بداخله ليندفع دون وعى نحو ذلك الرجل مهاجماً اياه بالخنجر الذي بيده ليصيب احد ذراعيه و يصرخ الرجل بغضب و يقوم بدفع سونجهوا على الأرض المليئة بالدماء .
نهض مجدداً بوحشية يحركه غضبه العارم بداخله ليتم لكمه من رجل آخر قد دخل إلى الغرفة بعد سماع صراخ الرجل المصاب .
صوب الرجل الآخر سيف نحو عنق الفتى ليمنعه من الحركة و يسحب الخنجر من بين يده لينظر الفتى له بعداء قبل ان تقع عيناه على السيف الذي بيد الرجل ، لتجحظ عيناه ، ذلك السيف الذي يحفظ تفاصيله عن ظهر قلب... سيف والده .
قطع تأمله للسيف صوت ضحكات ذلك الرجل الذي يحمل سيف والده ليتحدث معه بتلك اللغة الغريبة قبل ان يقيده متحدثاً مع الرجل الآخر الغاضب لترتسم ضحكة خبيثة على محيا الرجل الآخر المصاب ناظراً للفتى بسخرية قبل ان يسحبه خلفه متجهاً به خارج المنزل .
وقع نظره على دخان بعض المنازل المشتعلة بينما يسحبه الرجل خارج منزله ليرميه امام مجموعة آخرى من الجثث ، لتتسع عيناه بهلع لرؤية جثة والده بين جنوده ليجلس ذلك الرجل جانبه يضحك مع صديقه بينما يتحدث بشئ إلى الفتى ناظراً للسيف بسعادة .
اقترب الرجل المصاب نحو سونجهوا بسيفه المليئ بالدماء متأهباً لقتله قبل ان يتحدث الرجل الآخر ليمنعه بينما يتقدم من الفتى ، ليقول له شيء قبل ان يهاجمه بضربة على رأسه ليقع على الأرض مستسلماً لذلك الثقل الذي يسحبه إلى الظلام ، كان يحاول مقاومة ذلك الشعور بينما يرى الرجلين يقومون برمى المشاعل نحو منزله ليقوموا بحرقه ليكون هذا آخر ما يراه و صوت ضحكاتهم الكريهة اخر ما يسمعه قبل ان يغرق في الظلام .
.
.
.
بدأ ضوءاً خافت يتسلل تدريجياً ليختفي ذلك الظلام الذي يحيط به ، لتقع عيناه على ذلك السقف الخشبي المهترئ ، شعر بعدم توازن و كأن الأرض غير مستقرة من تحت جسده ، بدأ بتحريك يده لكن دون جدوى ليدرك انها مقيدة خلف ظهره لتتحرك مقلتاه بهلع ناظراً للمكان الذي يتواجد فيه لتقع عيناه على تلك النافذة الوحيدة المغطاة بالقضبان الحديدية و ذلك الضوء الخافت الوحيد خارجها الذي يضئ المكان، و صوت الأمواج القادم من خارجها .
رغم ذلك الألم الرهيب في كامل جسده و رأسه ، و بصعوبة شديدة قام بالنهوض من ركوضه لترتعش انفاسه بألم بينما نظراته مازالت معلقة على تلك القضبان الحديدية قبل ان يقاطع سمعه صوت بكاء خافت ، رفع رأسه بتردد ليجد مجموعة من الأطفال تم تقيدها مثله تجلس في احد الزوايا بخوف .
" لقد تم اسرنا "
صوت لطفل في مثل عمره آتى من جانبه بالقرب منه ، صوت لطفل لكن ذلك البرود الذي يغلفه لم يعكس اى طفولة به ، التفت بسرعة نحو مصدر الصوت لينظر بتلك النظرات الفارغة المتسائلة نحو ذلك الفتى المقيض مثلهم جميعاً ، لكنه كان هادئ عكس هؤلاء الاطفال الخائفين .
للحظات نظر بفراغ نحو احد الزوايا قبل ان تتسع عيناه بإدراك بعد ان قامت بمهاجمته تلك الصور المظلمة من ذاكرته ، لتهتاج انفاسه بغضب و وحشية ، يحاول فك قيد يديه بينما ينظر إلى ملابسه التي جفت دماء والديه عليها .
" لن تستطيع إزالة القيود بتلك الطريقة ، ان كنت تريد الخروج من هنا عليك ان تستخدم عقلك لا غضبك "
" انت لا تعلم اى شيء... "
" لقد قتلوا عائلتك اليس كذلك؟ "
تجمد في مكانه من اثر الذكرى كما تجمد الكلام في حلقه .
" جميع من هنا فعلوا معهم المثل ، لقد قتلوا الجميع عدا نحن "
نقل نظره نحو هؤلاء الاطفال الستة الجالسين بالقرب من بعضهم غالب عليهم الصدمة و الخوف ، نظرات اعادت إليه كل ذلك الجحيم ، ليستيقظ و شعور من الفراغ يملئه ، و كأن هناك شيئاً غادر جسده .
التفت نحو ذلك الفتى الغريب مجدداً ، ليعقد حجبيه بتسائل .
" لما لم يقتلونا ايضاً ؟ "
" يريدون ان يقوموا ببيعنا حين يصلوا إلى وجهتهم "
جفل لوهلة قبل ان ينظر نحو الفتى بتساؤل .
" كيف تعرف كل هذا؟ "
" سمعتهم يتحدثون عن الأمر "
" سمعتهم؟ لكن هل تفهم حديثهم؟ "
" والدي كان يعمل في احد السفن التجارية ، لقد كنت اذهب معه و اعمل على تلك السفن ، تعلمت بعض اللغات من تلك البلاد التي ذهبت لها معه "
" من يكونوا؟ ، هل هم جيوش احد تلك البلدان؟ "
" لا، بل اسوء ... انهم قراصنة "
" ماذا يعني هذا؟ "
" انهم قطاع طرق ، يهاجمون السفن و الجزر و يستولون على ما بها و يسفكون دماء الأبرياء ، لا يكترثون لشئ سوى المال "
نظر امامه نحو الفراغ بصمت ، عكس تلك الفوضى و الصراع بداخله ، تلك الصور تأبى ان تغادر عقله .
" اخي الكبير هونجچونج ، انا خائف لا اريد ان ابقى هنا ، انه مكان مخيف "
رفع رأسه نحو هؤلاء الأطفال ، كان الفتى الذي يتحدث يبدوا اصغرهم اقترب ببطئ ليمسك بيده المرتعشة الصغيرة يد ذلك الفتى الهادئ ليربط الفتى الكبير على رأسه .
" لا تخف جونجهو ، سنخرج جميعاً من هنا "
" هل هو اخوك ؟ "
رفع الفتى المدعو هونجچونج رأسه لينظر نحو سونجهوا .
" لا... لكنهم يعتبروني كذلك بعد ما حدث لنا ، جميعنا اصبحنا وحيدين في هذا العالم الان ، لم يعد لدينا سوى بعضنا البعض "
تأملهم في صمت قبل ان يضحك بسخرية ليلتفت له الجميع بتساؤل .
" هل هناك ما يضحك؟ " سأله هونجچونج بنظرات عدائية .
" هذا مثير للسخرية ، لا تعطهم امل بشيئ لن يحدث ، جميعنا هالكون ، سوف يتم بيعنا و لن يرى احدكم الآخر ، او ربما نقتل و ينتهي الأمر كما حدث مع الباقين "
" كيف تجرأ ؟ ... كيف تجرأ على تحديد مصيرنا ؟ " صرخ احد هؤلاء الأطفال به بغضب ليلتفت نحوه .
" انا لم اقل سوى الواقع ايها الفتى " اخبره بنفس تلك النبرة الساخرة الباردة .
كاد ان يهجم عليه على الرغم من يده المقيدة ليمنعه صوت هونجچونج .
" اهدأ وويونج ، جميعنا غاضبين و نشعر بالألم ، الشجار ليس حلاً "
صمت الجميع لوهلة ليقطع ذلك الصمت وقوف احد هؤلاء الاطفال ليقترب من سونجهوا بهدوء ليرفع سونجهوا رأسه نحوه بتساؤل .
" هل حقاً سنباع ، و لن نتقابل مجدداً ؟ " صمت قليلاً ينظر نحو سونجهوا بألم " ام سيزبحونا مثل ما فعلوا مع والداى و اخي الصغير "
انعقد لسان سونجهوا ليشعر بغصة في حلقه بينما ينظر مأملاً ذلك الطفل الذي ينظر له بألم و خوف يقف امامه ببراءة منتظراً ان يجيبه ، بينما الآخر عاجز عن التحدث .
" هذا لن يحدث يوسانج " قاطع ذلك الصمت هونجچونج يحاول طمئنة الطفل الواقف امام سونجهوا .
" اريده ان يخبرني بذلك " اخبره بإصرار بينما يستمر بالنظر لسونجهوا .
" لن يحدث "
لا يعرف لما اخبره بذلك ، لكن بداخله اراد ان يصدق ذلك ، انه لن ينتهي الأمر هكذا ، لن يُقتلوا او يُباعوا .
عاد الفتى ليجلس بهدوء بجانب الأطفال الأخرين بينما اخذ هونجچونج ينظر نحو سونجهوا بتساؤل قبل ان يعود لتعابيره الهادئة الجامدة .
هونجچونج " لست مضطراً لقول شيء لا تعنيه "
" و هل انت تعني ذلك؟ " التفت نحوه بضحكة ساخرة خالية من المرح .
" اجل... سأخرجهم من ذلك السجن ، سأقوم بحمايتهم مهما كلف الأمر "
انعقد لسان سونجهوا بينما ينظر نحو هونجچونج بتعجب ، ذلك الاصرار و الثقة ، كاد ان يتحدث له ليقاطعه صوت فتح باب الزنزانة ليلتفت بسرعة نحو ذلك الباب .
تحولت نظراته لكتلة من الغضب و العدائية بينما يرى وجوه هؤلاء الاشخاص النتنة التي قامت بقتل عائلته ، اقترب احدهم نحوهم بإبتسامة ساخرة على وجهه ليرمي بعض قطع الخبز الجافة على الأرض بينما يتحدث بلغتهم الغريبة لهم .
" ايها اللعين الحقير "
صرخ به سونجهوا بغضب بعد ان وقعت عيناه على خنجره مربوط بملابس ذلك الرجل لينقض عليه ليقع متألماً و يرتضم بالحائط ليكتم صرخة آلم كادت ان تخرج من بين شفتيه .
تحدث ذلك الرجل مجدداً بغضب بينما يُلقي عليه مزيداً من اللكمات في بطنه قبل ان يلتفت و يخرج مع رفاقه الذين اخذوا يضحكون على ذلك المشهد ليتم غلق ذلك الباب الحديدي عليهم مجدداً .
ساد صمت ثقيل في المكان و نظرات الأطفال الخائفة القلقة تنظر له ، تحرك بألم ليحاول النهوض من الأرض الباردة .
" ما الذي كانوا يقولونه؟ " نظر نحو هونجچونج يسأله بنبرة يشوبها الغضب .
" ليس امراً هاماً، بعض الهراء "
" ما الذي كانوا يقولونه؟ "
اعاد عليه السؤال بإصرار ليتنهد الآخر بإستسلام .
" من المفترض ان تكونوا شاكرين لاننا لم نقتلكم مع الباقين ، و اننا نقوم بإطعامكم ، من حسن حظكم اننا اخترناكم لنبيعكم .... هذا ما قاله "
ساد الصمت مجدداً عكس ذلك البركان بداخله يتمنى لو فقط يتحرر من ذلك القيد ، لو بإمكانه .
" تريد الإنتقام منهم؟ "
صمتت تلك الأصوات في رأسه بعد ان تحدث هونجچونج ليدير رأسه نحوه بتساؤل .
" ما الذي تقصده؟ "
" فقط اجبني ، هل تريد الانتقام ؟ "
" اجل... لكن كيف يمكننا ذلك؟ نحن مقيدون هنا في ذلك السجن ، بالإضافة إلى عددهم الكبير الذي يفوق عددنا "
" لدي خطة ، فقط افعل ما سأخبرك به "
.
.
.
مرت ثلاثة ايام منذ ذلك اليوم ، لم يحدث اى شيء ، هونجچونج يتصرف بهدوء و طاعة ، حتى بدأ سونجهوا يشعر بالريبة من ان يكون هونجچونج قد قام بخداعه ، و ما زاد امتعاضه انه لا يخبره بأى شيء فقط اخبره ان يكون هادئ و يتصرف بطاعة .
آتى نفس الرجلين الكريهين الذين يأتون في كل مرة لإعطائنا بقايا الخبز الجاف ثم يرحلون ، لكن هذه المرة اوقفهم صوت هونجچونج ليتحدث معهم بلغتهم الغريبة .
" انتظروا ارجوكم "
نظروا إلى بعضهم بتعجب قبل ان ينظروا نحوه " تتحدث بلغتنا؟ "
" لقد عملت في احد السفن التجارية ، و اجيد التحدث باللغة الأسبانية "
صمتوا ينظرون له بتمعن قبل ان يتحدث احدهم مجدداً " ما الذي تريده؟ "
" اريد ان نخدمكم انا و ذلك الفتى بجانبي "
نظروا له بسخرية ليضحكوا بقوة " اتظننا اغبياء ، ان كنت تفكر بالهرب انت و ذلك الأحمق فهذا مستحيل نحن في منتصف المحيط لن تستطيعوا الهرب إلى اى مكان "
" نحن لا نخطط للهرب اقسم لكم ، نحن فقط نريد ان نخرج من تلك الزنزانة الموحشة قليلاً بمقابل ان نخدمكم نستطيع فعل اى شيء ، لقد خدمت في سفن من قبل و اجيد فعل جميع اعمال التنظيف و الطبخ "
صمتوا ينظرون إلى بعضهم بنظرات مترددة .
" اظن انكم سأمتم من كل تلك الأعمال المزعجة ، لما لا تحظون ببعض الراحة و تتركوا تلك الأمور لنا "
" سوف نتحدث مع قائدنا بشأنكم " خرجوا مجدداً لتتغير تلك التعابير المترجية التي كان يصطنعها لإقناعهم انه مجرد طفل ساذج سأم من السجن ليعود لتعابيره الجامدة .
" ما الذي اخبرتهم به؟ " عقد سونجهوا حاجباه بتساؤل متعجب من تلك الخطوة التي قام بها فجأة .
" اقنعهم ان يدعونا نخدمهم مقابل ان نخرج انا و انت من تلك الزنزانة "
" مستحيل ان اخدم هؤلاء اللعينين الذين قتلوا عائلتي ، لقد اخبرتني اننا سننتقم لا ان نخدمهم "
" اخبرتك ان الغضب لن يحل اى شيء ، و لا تعجرف الأغنياء سيحل شيئاً إن اردت الانتقام منهم عليك ان تزعن قليلاً "
" انت لا تخبرني بما تخطط له ، عليك ان تخبرني على الاقل "
" علينا كسب ثقتهم اولاً لكى نستطيع فعل ما نريد ، إن شعروا بالريبة نحونا لن نستطيع فعل اى شيء ، و عندما يطمئنوا لنا سنحقق انتقامنا ، اعدك "
" كيف لك ان تكون بكل هذه الثقة و الهدوء؟ كالكبار "
" لقد عشت طوال طفولتي اتنقل مع والدي على متن السفن التجارية و اخدمها ، بعد ان توفيت والدتي لاننا كنا فقراء و لم نستطيع فعل اى شيء لها ، لم يكن لدي فرصة لأكون طفلاً كالباقين ، كان على ان اكبر لأنجو ، هذا ما علمه اياي والدي ، و عليك انت ايضاً ان تفعل ذلك ان اردت النجاة "
نظر نحوه بتشتت يفكر بما اخبره به ، يفكر في تلك الكلمات ... اجل عليه ان ينسى ما كان عليه لينجو ، عليه فعل اى شيء لينتقم من هؤلاء الحثالة .
.
.
.
" انت ايها الفتى ، لتنهض انت و صديقك ، وافق القائد على طلبكم "
فتح الزنزانة ذلك الرجل الذي تحدث معه اخر مرة ليشعر هونجچونج بالفرح بداخله لنجاح خططته .
" لقد وافقوا لننهض " اخبر سونجهوا بنظرات تلمع بإنتصار لينهضوا متقدمين نحو الرجل .
" إلى اين اخي؟ ، هل ستتركنا وحدنا " تمسك بملابسه احد الأطفال بقلق و بعض من الخوف في نظراته .
" لا تقلق سان ، سوف نعود لنخرجكم من هنا "
" لا تقلق سان ، اخواينا الكبار سيعودون لنا " تحدث مينجي بثقة لينظر له بتفكير و كأنه كلامه الواثق اقنعه ليترك ملابس هونجچونج و يبتسم لنا بهدوء قبل ان يعود بجانب اخوته .
نظر سونجهوا لهم بتعجب ، كيف اصبحوا ينادونه بالأخ الكبير ، دون حتى ان يأذن لهم بذلك ، كيف اصبحوا يثقون به و يعاملوه كما يعاملون هونجچونج ، تلك الرابطة الغريبة التي تكونت بينهم جعلته يرغب حقاً بحمايتهم ، جعلته يفهم لما يريد هونجچونج ان يقوم بحمايتهم .
" يونهو ، اعتني باخوتك إلى ان اعود ، انت اكبرهم ، اعتمد عليك " التفت هونجچونج نحوه ليطلب منه ذلك بشبح إبتسامة .
اومئ له يونهو بطاعة و نظرات مخلصة " حسناً اخي الكبير ، لا تقلق "
.
.
.
مر اسبوعين منذ ان اخرجوهم من ذلك السجن ، لم يعودوا إلى تلك الزنزانة مجدداً و لم يروا البقية منذ ذلك الوقت ، كانوا يعملون في صمت طوال اليوم يتحملون المعاملة السيئة و الضرب و العمل المتواصل لأجل الإنتقام ، بدأ الطاقم بالتخلي عن حذرهم نحوهم بعد ان تأكدوا انهم مجرد حمقى ساذجين .
" علينا ان نتحرك الليلة ، لقد اقتربت السفينة من الوصول إلى وجهتها " اقترب نحوه هونجچونج بينما يقومون بمسح ظهر السفينة ليتحدث معه بحذر .
" ماذا سنفعل؟ "
" لقد عثرت على شيء سيساعدنا " اخبره بينما يخرج من داخل ملابسه زجاجة صغيرة .
" ما هذه؟ "
" انها لأحد افراد الطاقم ، علمت انه يستخدمها لتساعده على النوم ، سوف اضعها في طعامهم الليلة "
" ماذا ان لم يفلح الأمر ؟ "
" لا تقلق ، سنتخلص منهم الليلة مهما كلف الأمر "
.
.
.
كان القلق و الحذر يزداد بداخلهم بينما يراقبون الطاقم يتناولون الطعام الذي قام هونجچونج بسكب ذلك الدواء عليه بعد ان نجح في التسلل إلى المطبخ و سكبه داخل طعامهم .
" ايها الفتى احضر لي زجاجة آخرى " صرخ قائد ذلك الطاقم الحقير بسونجهوا بصوت يشوبه السكر بعد ان انهى زجاجة اخرى من الخمر ليقترب نحوه سونجهوا معطياً الزجاجة له لينظر نحوهم بقلق، منتظراً ان يبدأ الدواء بأخذ مفعوله .
بعد مرور اكثر من نصف ساعه بدأ المكان يسوده الهدوء تدريجياً بعد ان وقع الجميع على اطباق طعامهم نائمين ليبتسموا بإنتصار بينما يراقبوهم من بعيد .
" لقد فعلناها اخيراً " صرح هونجچونج بضحكة قوية منتصرة .
" ماذا ستفعل الأن؟ "
" علينا ان نتخلص منهم قبل ان يستيقظوا مجدداً "
" علي ان احصل على شيئاً ما اولاً " اخبره سونجهوا بتعابير جامدة بينما يقترب نحو احد هؤلاء القراصنة بنظرات عدائية ليقوم بإستعادة خنجره الذي اعطته اياه والدته قبل ان يقتلوها بوحشية .
" هذا سيف والدك اليس كذلك؟ "
التفت سونجهوا للخلف ناحية هونجچونج ليلمحه واقف خلفه يحمل سيف والده بين يده ليضع الخنجر معلقاً في الرباط حول ملابسه و يقترب نحوه بخطوات متخازلة ، بينما يتذكر والده ، لقد انتظر اليوم الذي سيسلمه والده هذا السيف حين يصبح مبارز عظيم مثله ، لم يتوقع انه سيأخذه في مثل ذلك الموقف .
" وجدته في غرفة قائدهم ، يبدوا انه ارثٌ ثمين "
" كيف سننتقم منهم؟ " رفع نظره نحو هونجچونج بنظرات جامدة مليئة بالغضب و الحزن .
" لنأخذ كل شئ و نقوم بحرق سفينتهم و نرميهم داخل القوارب ثم نهرب باحد القوارب المتبقية " اومئ له سونجهوا بشرود و بنظرات فارغة يغلفها تلك الذكرى التي اصبحت تآبى تركه ذكرى تلك المذبحة ، قام هونجچونج بالربط على كتفيه ليخرج من شروده ناظراً نحوه يسمعه بينما يتحدث لكنه يشعر و كأن افكاره مبعثرة إلى اشلاء .
" سأذهب لإخراج بقية الرفاق، لنخرج من هنا " التفت ليذهب لكي يقوم بتحرير باقي الأطفال .
" هونجچونج "
صرخة مدوية اطلقها سونجهوا نحوه فجأة ، التفت الآخر بتشتت ليجده يقفز ناحيته حاملاً السيف بين يده مسلطاً السيف نحوه بحركة هجومية ليغمض هونجچونج عينيه فجأة ليسمع صوت طعنات السيف لكنه لا يشعر بأى شيء لكنه يشعر بسائل دافئ يقطر من فوقه ... قام بفتح عينيه تدريجياً ليجد سونجهوا يقف امامه بجمود و علامات الفزع على وجهه بينما سيفه يقطر منه الدماء بغزارة ، التفت خلفه بتردد ليجد السيف مغروز في رقبة احد طاقم السفينة لتتسع عيناه بصدمة ، جفل على صوت شيء معدني يقع على الأرض لينظر نحو تلك السكين التي وقعت من يد الرجل للتو ، التي كانت من الممكن ان تكون السكين التي تنحر عنقه منذ قليل .
" لقد قتلته "
قطع صدمته صوت سونجهوا المرتعش بعد ان وقعت الجثة هامدة على الأرض ليلتفت نحوه ، كان مازال جامداً ينظر نحو سيفه المغروز في عنق الرجل بنظرات فارغة و باردة كالموت .
" اهدأ سونجهوا ، لقد فعلت هذا لإنقاذي ، لم تفعل شيء سئ .... "
" ان يدي اصبحت ملوثة بالدماء الأن "
خارت قوى سونجهوا ليجلس امام جثمان الرجل بعيون جاحظة بصدمة ينظر إلى يده الغارقة بالدماء ، اقترب هونجچونج منه ليركع بجانبه على الأرض ممسكاً بكتفيه .
" لقد فعلت ما كان يجب ان نفعله حقاً ، انت لم تخطئ " التفت سونجهوا نحوه بنظرات مشتتة .
" ماذا تقصد؟ "
" ما اقصده هو انه لا يجب ان يعيش حالة امثالهم لسفك المزيد من دماء الأبرياء ... لنقم بقتلهم جميعاً ، لا يجب ان يستيقظوا مجدداً، عليهم ان يموتوا ايضاً "
نظر هونجچونج إلى جثمان ذلك الحثالة بعدائية و كره بينما تعثو تلك الذكريات كالوقود لغضبه يتذكر تلك المذبحة الوحشية ، يتذكر كيف قاموا بذبح والده امامه دون ان يجفلوا ، تمنى ان يحترقوا في الجحيم للأبد ، ان يمروا بما مر به سكان تلك القرية الأبرياء و كل الأرواح التي ازهقت لإرضاء طمعهم و وحشيتهم .
" ان عاشوا سيقتلون المزيد من الضحايا ، المزيد من العائلات التي ستذبح بوحشية ، سيكون هناك الكثير امثالنا ... علينا انهاء هذا "
التفت هونجچونج ليسحب السيف الخاص بسونجهوا من عنق ذلك الحثالة و يعطيه له و يأخذ ذلك السكين الذي كاد ان يزهق روحه قبل تدخل سونجهوا لإنقاذه .
نظر نحو سونجهوا ليخبره بإصرار " لنفعل ذلك لأجل عائلتنا التي سلبونا اياها ، لنفعل ذلك لأجل هؤلاء الأطفال الذين لم يعد لهم غيرنا ، علينا حماية ما تبقى لنا حتى لو اضطررنا ان نتحول لقتلة "
انزل سونجهوا نظره إلى سيف والده الملطخ بالدماء بفراغ و شرود تتردد كلمات هونجچونج برأسه قبل ان يرفع رأسه نحوه بنظرات فارغة.
" لنفعل ذلك "
.
.
.
( سونجهوا pov )
صوت تلك الأغنية ...
ذلك الصوت الذي اصبح كبقعة ضوء في ذلك الضباب المخيمو، و كأن روحه اصبحت تردده ...
ذلك الصوت الذي اخترق كوابيسه كحبل نجاة ليقوظه من اعظم كوابيسه .
بأنفاس متسارعة و وجهاً متعرق فتحت عيناى لأنهض مجفلاً من ذلك الكابوس الذي عاد إلي بوضوح اكثر ، بكل تفاصيله التي تآبى تركي لتذكرني بما اصبحت عليه .
نهضت من ركوضي لأحرك يدي على شعري بعصبية ، التفت حولي لأجد نفسي نائماً فوق برج المراقبة و ذلك الضباب يُحيطني .
نهضت من مكاني بعد ان سمعت صوت احتكاك سيوف لأنظر إلى الأسفل بإتجاه الصوت .
كان هونجچونج و سان يتدربون على المبارزة على ظهر السفينة ، التفت لأنزل إلى الأسفل حيث يجتمعون ، كان الوضع يبدوا طبيعي و الجميع يقوم بأعماله الروتينية بهدوء ، رغم ذلك المكان الغريب الذي وجدنا انفسنا عالقين به .
شرد ذهني اتذكر وجهها ... ' بيرل ' ، استعيد في ذاكرتي ما حدث البارحة ، كان كل شيء يبدوا كالحلم ، رغم كوني اعلم انه لا يراودني سوى ذلك الكابوس اللعين لظننت انه مجرد حلم من صنع خيالي ، لا اصدق انني سأتمكن من رؤيتها مجدداً .
" ها انت قد استيقظت اخيراً ، سونجهوا العظيم قد نام اثناء مناوبته ، انه شيء لا يتكرر مرتين في العمر "
قطع شرودي تلك العبارات المتهكمة لألتفت للخلف لأجد مينجي يتقدم بإتجاهي بنبرة مازحة .
" اوووه... لما فعلت هذا؟ " تذمر مينجي بعد ان لكمه هونجچونج على رأسه ليحرك يده على رأسه حيث تم لكمه .
" لقد كانت مناوبتك انت و الأحمق الآخر ، لقد اضطر لأخذها بدلاً عنكم بعد ان غفوتم كالدببة الكسولة "
اخذ الرفاق يضحكون ليتقدم سان نحونا هو ايضاً " تستحق ذلك ايها الأحمق، تعلم ان هذا خطأك انت "
مينجي " اعتذر ! ايها الأخ الكبير " حرك يده خلف رأسه بإحراج .
هونجچونج " سوف تتولى تحضير الطعام و تنظيف السفينة انت و يونهو اليوم "
" امرك ايها القائد " اومئ له مينجي ليتحرك مبتعداً لتنفيذ الاوامر .
" لنتبارز انا و انت ، لم نحظى بواحدة منذ مدة "
صرح هونجچونج لأومئ له بالموافقة قبل ان اتبعه حاملاً سيفي إستعداداً لبدأ المبارزة .
" هل كل شيء على ما يرام؟ "
سألني بعد ان هاجمني بسرعة و رشاقة لأقوم بصدها سريعاً .
" اجل... لما تسأل؟ " اجبته من بين انفاسي المتسارعة اصد ضربة اخرى قريبة من معدتي .
" لا اعلم اشعر بأن هناك خطباً ما بك... منذ ذلك الوقت الذي وجدناك به ملقى على القارب "
غاب ذهني للحظات افكر بشأنها لأفقد تركيزي لأجد سيفه امام عنقي .
" انت شارد الذهن كثيراً اليوم؟ ، لم تخسر امامي من قبل "
" ان هذا المكان يشغل تفكيري كثيراً فقط "
نظر نحوي مطولاً بريبة و تفكير قبل ان يتحدث مجدداً بهدوء " معك حق ، انه غامض و مريب ، لكن حان الوقت لإزالة هذا الغموض عنه "
عقدت حجباى بتساؤل بينما التفت إلى هونجچونج " ما الذي تعنيه؟ "
" لن نبقى هكذا إلى ان تنفذ مؤننا و نموت ، علينا التحرك ... سنتحرك الليلة باستخدام القوارب للبحث حول المنطقة "
**************
to be continued...
انتهى الشابتر اخيرا 😅✌
كانت رحلة طويلة إلى اعماق ابطال الرواية، رحلة كان لابد منها، اعتقد فسرت حاجات كتير.
اتمنى يكون الشابتر عجبكم و استمتعتم بيه 🥰
Коментарі