وقع الألم!
يستنشق عبقها بشوق و توقٍ جارف، يملأ رئتيه برائحتها المُسكِرة؛ لِيَثْمَلَ قلبه الجَريح، يلثمها بلهفة عظيمة، يحتضنها باحتياج أعظم.. فصل هذا الالتحام الحميمي، التهم حَوْرَاءِها بِحَذْرَاءِهِ في نظرة وداعٍ مُوجِعِةٍ كوجع فلسطين.. حُكِمَ على حبهم السرمدي، الأشبه بأسطورة يونانية؛ بالإعدام الحَتْمِي.. أغمض عينيه بقوة، و كأنه هكذا يستبدل نفسه العاشقة بأخرى، لا تعرفها تلك الواهنة التي تقف أمامه بلا حول لها و لا قوة لمجابهة مصيرها المحتوم.. أفرج عن جفنيه يتأملها على مهل، فبعد دقائق لن يعود قادراً على رؤية لون حبيبات الرمان على خديها، و لا بريق الحب في عينيها، كما إنه سيُحرم من ابتسامة تُزين ثغرها، و عرقٍ نابضٍ يصرخ بتوتر لقربه على جيدها.. هو سيفتقد كل هذا و أكثر! أشار لها بحركة من عينيه أن تجلس حول تلك الطاولة الخشبية المهترئة، و ساقت هي قدماها طواعية.. جلست و جلس الآخر قبالتها، أمدّ لها بحبتين ستنهي حياتها ليعيش هو وحده ألم الفراق.. شحب وجهه و تباطأت نبضاته و هو يراها تبتلع ما قدّمه لها، فها هو حبيبها أضحى جلادها.. ستفارق الحياة مرة واحدة، و سيموت قلبه في اليوم مئة مرة، سيحترق خافقه و يغدو رماداً، ثم ستعيد ذكراها إحياؤه؛ لِتُعَاد الكرة و يموت من جديد.. مرّت الدقائق كالضوء، و ها هي الألام تعتصر روحها الهشة، حاولت أن تخفِ وجعها عنه؛ كتمت سعلتها لكن الدماء لونت شفتيها، غطت ثغرها بكفها البارد عندما تقيأت شلال دماء، لم تعد تحتمل، سقطت أرضاً تحت نظراته الجامدة، تتلوى و تأن، و يبكي قلبه حُمَماً.. ها هو يشهد سكرات موتها لتكون بعدها جثة هامدة لا روح تدب فيها، ها هي الآن تنام نوماً أبدياً.. تقدم منها و قد استحالت منه دمعة من سعير تحرق وجنته الشائكة، جثى جسده واهناً بجوارها، ضمها لصدره، لتزلزل صرخته المقهورة أركان المكان.
2018-09-04 09:23:13
6
2
Коментарі
Упорядкувати
  • За популярністю
  • Спочатку нові
  • По порядку
Показати всі коментарі (2)
نـُونِه
هذه يُزعزع القلب من مكانهُ❤
Відповісти
2018-09-04 12:53:13
1
Najma AL
😢لا أعلم كيف كتبت هذا ربما كتبته و أنا حزينة شكراً لمروركِ اللطيف
Відповісти
2018-09-04 17:04:17
Подобається
Схожі вірші
Всі
وردةٌ قبِيحة
و مَا الّذي يجعلُ مصطلحُ الوردة قبِيحة؟ -مَا الّذي تنتظرهُ من وردةٍ واجهت ريَاح عاتية ؛ وتُربة قَاحلة و بتلَاتٍ منهَا قَد ترَاخت أرضًا ، مَا الّذي ستصبحهُ برأيك؟
55
10
2507
Я і ніч
Поїзд падає в ніч. Це-останній ліхтар. Я і ніч. Віч-на-віч. То морозить. То жар. Ти вже, певно, заснув, Ти подушку обняв. Ти мене вже забув. В тебе тисячі справ Я від тиші глуха. Від мовчання німа. Я одна. Клич- не клич. Я і ніч. Віч-на-віч.
104
8
12180