١٣) مشاعرٌ ميتة.
اشعة الشمس كانت مُزعجة جدًا اليوم .. إضافةً الى المكان الذي تتوجه نحوه حاليًا، خيبة الأمل سيطرت عليها كُليًا .. فيومٌ واحد رغم بساطته لكنه كان جميلاً جدًا .. و هادءًا ! و بفضل السيدة تونيا ؛ مليئًا بالنشاط و الاستجمام في حديقتها الخلابة و اعشابها و محادثاتها البسيطة عن الكون، العِلم ، الروح، و العقل كانت محادثات استمتعت بها بالفعل عكس محادثاتها مع اي احد .. رغم انها استمعت معضم الوقت فقط.
كانت الحياة الهادءة البسيطة التي يتمناها الجميع. لكن الآن ... عليها العودة الى منزلها، كونها استيقضت بمفردها في الغُرفة اثر الاتصالات المُزعجة مِن والدتها، تُخبرها ان تعود فورًا.
" لا تبدين سعيدة جدًا. "
حولت انتباهها الى كايدن لتستأذنه بتُشغيل شيء ما على مُسجل السيارة .. لَم يجبها حتى بل قام بتمرير السِلك لها فقط.
" كَم سعيدًا ستكون لو كُنت متوجهًا لِخوضِ شِجار !؟"
" لديكِ نُقطة. لكن اشعري بالحرية لقضاء الوقت في منزلي متى تريدين فامي تبدوا مستمتعة برفقتك .. تعلمين ليس الكثير مَن يستمع لمعلوماتها الغريبة و يصدقها حقًا !"
" انتم حقًا تحطمون الشخص ! المرأة تقول كلامًا صحيحًا .. تحتاجون فقط لبعض الإيمان و لفتح عقولكم لجميع الاحتمالات. "
" اوه رباه ! اصبحتما اثنان. "
ضحكت كلاريس قليلاً لتستمع باقي الطريق الى إحدى اغانيها المُفضلة .. اللحن مُبهج بشكلٍ كبير لكن الكلمات كئيبة.
الحياة لن تبتهج لها و بالتاكيد لن يتحسن كُل شيء لِمجرد انها انتهت مِن كابوس .. بل بالعكس امامها طريقٌ طويل في حياتها و عليها العَمل ضعف جهودها المعتادة لتصلح الامور في حياتها إضافةً الى دراستها ..
ستُصبح في الثامنةِ عشر بعد عدة ايام .. اي اضافة لِكُل هذا عليها اخذ قرار بشأن ماذا سيحصل بِشركة محاماة والدها في المانيا. تستطيع الجلوس فقط و اخذ نصف الحصة بشكل اجباري ، لكن هذا غير عادل نوعًا ما .. فالآخرين يتعبون وهي جالسة هكذا فقط يصلها المال دون فعل شيء.
مع هذا هي لاتعرف اي شيء عن ادارة شركة او على الاقل اي شيء عن المحاماة !
" كاي ؟"
" هممم ؟"
" اشعر و كانك تعرف ما هو الافضل دائمًا .. هل استطيع اخذ رأيِكَ بامر ؟"
" اجل بالطبع. "
" ساصبح في الثامنة عشرة بعد عدة ايام .."
هز رأسه بالموافقة كاشارة بأن تُكمل كلامها
" ابي كان يمتلك شركة محاماة يديرها عمي الآن، استطيع الجلوس فقط و سبعون بالمئة تاتي الي بشكلٍ اجباري ... لكن انا لا اريد الجلوس فقط و استلام راتب شهري دون فعل شيء اطلاقًا، في نفس الوقت ليس لدي اي فكرة عن ادارة شركة. "
حل الصمت ليفكر قليلاً بالامر دون ابعاد نظره عن الطريق ..
" اولاً انتِ قلتيها .. لا تعرفين اي شيء عن ادارة شركة و حتى لو تعلمتِ، .. لا اعتقد بانكِ ستستطيعين ادارتها لانكِ لستِ مِن النوع المُسيطر."
" صحيح .." كان مُحقًا بالكامل، هي ليست مِن النوع المسيطر و تفضل الامور التي تستطيع فعلها دون اخطاء او اتخاذ قرارات مصيرية.
" ان الشركة لوالدكِ اي تلك الحصة تستحقينها، في البداية تخرجّي مِن الجامعة و استخدمي هذا المال لمساعدتِكِ ... بعدها عندما تجدين نفسكِ لا تحتاجينه وقد اصبح يفيض عن الحاجة ؛ تبرعي به للجمعيات الخيرية، عائلة، فقراء .. او فقط استثمريه بمشروع قد تجدينه مفيدًا. "
مرة اخرى كان مُحقًا تمامًا ! هذا افضل خيار .. في النهاية ستسخدم المال بشكلٍ مفيد ، لانها تكره التبذير و التباهي كثيرًا. كانت دائمًا اكثر شخص لديه قوة ارادة في العائلة باكملها ..
والدتها مِن النوع الذي لايهتم كَم بقي لديهم هذا الشهر او كيف صرفته ... بل بالعكس الكَرَم في والدتها هو الشيء الوحيد الذي تجده جيدًا. جيد ... لكن في نفس الوقت مُستفزًا جدًا. لانها ستشتري لها اشياء دون ان تطلب كلاريس منها حتى .. ثياب، طعام، مجوهرات، كُتُب ، دفاتر .. المُشكلة انه عند حدوث اي مشكلة صغيرة جدًا ستستخدم كل هذا ضدها تمامًا.
احيانًا كلاريس لا تعرف هل هذا كَرمٌ حقيقي منها ام مُجرد خطة لايقاعها عند الحاجة.
وصلوا الى امام منزلها تمامًا ليجدوا والدتها تنتظرهم امام الباب باذرعٍ معقودة معًا علامةً على 'الانغلاق'
فتحت كلاريس الباب وهي تنظر الى كايدن الذي يفعل نفس الشيء .. نظرت له بِتعجب
" ما ... ما الذي تفعله ؟؟"
" انزلي. "
اغلق السيارة و اخذ المِفتاح لينزل وهو يقف بجانبها تمامًا مُسببًا لها بارتباك قوي في داخلها عن ما سيفعله .. والدتها مِن النوع الصَعب كثيرًا، مِن الافضل ان لايقول شيئًا خاطئًا.
مَد يده ناحيةَ والدتها بِنظرة واثقة كعادتِه .. شعرت كلاريس بنوع مِن الراحة فوالدتها لديها آداب قوية لا تتجاوزها.
و كما توقعت مدت يدها هي ايضًا لتصافحه بابتسامة صغيرة اخرجتها بشكلٍ مُجبر بعد الكثير من التفكير العميق ..
" مرحبًا سيدة ماديسون، أدعى كايدن وينستون .. أنا صديقٌ لِكلاريس. "
" تشرفتُ بِمعرفةِ صديقها السري طوال هذه الفترة اخيرًا ! .. لِمَ لا تدخلُ قليلاً كايدن ؟"
" اخشى ان ازعجكم "
" لا ابدًا، سيسرني التعرف عليكَ اكثر."
املت ان لديه عملٌ ضروري حقًا .. لان هذه ليست دعوة، بل جلسة استجواب كونها تشُك مُنذ البداية بعلاقتهما ... فكلاريس عادةً لا تجعل مِن اي احد صديقًا لها بهذه السرعة .. ولا ستخرج معه ايضًا. السيدة ماديسون تعرف هذه الحقيقة جيدًا عنها لهذا تشك مُنذ فترة عن هوية صديقها هذا.
" حسنًا، شُكرًا سيدة ماديسون."
نظر الى كلاريس و هو يبتسِمُ لها لتطمأن قليلاً .. ثُم لحق بوالدتها لِداخل المنزل، كلاريس بدورها شعرت بان عليها البقاء معهم لرؤية ما سيحصل .. فهذا سيؤدي بِهُم الى طريقين ؛ إما بشكلٍ جيدٍ جدًا او بِكارثة.
السيدة ماديسون قد تبدو عاطفية و حمقاء لاقصى درجة .. لكن مع هذا لديها موهبة بالتلاعب بالكلمات، حيث ستستطيع اقناع اي شخص بأي شيء تريدُه على الاطلاق. حتى لو كانت تريد اقناعه بان يقفز مِن اعلى المبنى او باقراضها مبالغ خيالية .. و الذي حدث حقًا !!
كلاريس في البداية لَم تهتم للأمر .. لكن لاحقًا عندما اكتشفت عِلم النفس مرت خلال قسم فيه يدعى عِلم النفس المُظلم ( Dark psychology) و الذي يختص بِطرق التلاعب و الاقناع المُختلفة .. مُنذ تلك الفترة بدأت تشك بالامر كون والدتها تستخدم اساليب متطورة منه .. و حتى هذه اللحظة لا تعلم هل الموضوع مُجرد صدفة ام هنالك اكثر للحكاية.
فالذي يحيرها هو رغم انها تمتلك تلك الخبرة، لا تعرف اي شيء عن لغة الجسد او اي شيء عن عِلم النفس تمامًا .. لهذا احبت الاعتقاد انها مُجرد موهبة تطورت لديها مع الوقت.
كانت سابقًا ذكية .. لكن بعد مراقبة كلاريس لتصرفات والدتها المُضطربة بِشدة عَلِمَت ان هنالك امرًا خاطئًا فيها.
" اذن كايدن .. مع مَن تعيش ؟"
جلست على الأريكة بعدما وضعت كوب القهوة امامه ..
" مَعَ عمتي. "
" و والديك ؟"
" لقد توفيا مُنذ عشرِ سنواتٍ تقريبًا."
شعرت كلاريس بالسوء لوضعه في موقفٍ كهذا .. رغم انه لا يبدو مستاءًا جدًا لها .. بل في الواقع يبدو و كانه خطط لهذا الامر كون والدتها استرخت قليلاً .. كأي شخص ستبرر بان هذا هو سبب صداقتها له على الاغلب.
" آسفة جدًا لخسارتك .. هل تمانع سؤالي كيف توفيا ؟"
" في عمل ارهابي سيدة ماديسون. "
فضلت كلاريس البقاء صامتة قبل ان تتذكر امرًا مفاجئًا ..
" لحظة اعتقدت انها كانت عملية سطو مسلحة ؟" قالت فورًا وقد نسيت وجود والدتها معهم
" الحكومة تكتمت عن الأمر بِقصة السطو المسلح كونهم لَم يعثروا على تلك المجموعة الأرهابية حتى الآن .. و كالعادة الأخبار زيفت الامر و تكتمت عن الموضوع حتى لا يثيروا الرعب و الغضب."
" انتما متشابهان اكثر مِن ما توقعت .. والد كلاريس ايضًا قُتل عن طريقِ عملٍ ارهابي. "
اعادت كايدن نظره لكلاريس بابتسامة صغيرة
" ضننت انكِ قُلتِ عصابة قتلته ؟"
" كانت اسرار عائلة. "
بقيت كلاريس صامتة الوقت باكمله ريثما تابعت والدتها التكلم معه عن عائلته، عمته، و الكثير مِن الأسئلة الاخرى .. و التي بوضوح ازعجتهُ قليلاً لكن اجابها على اي حال. و في النهاية شعرت السيدة ماديسون بالراحة تجاهه بعد ان تعرفت عليه اكثر و اكدت انه صديق ابنتها المقرب لا اكثر .. رن هاتفها لتتركهم وهي تتوجه نحو غرفتها تاركةً اياهم بمفردهم.
" الامر غريب الا تعتقد ؟" قالت كلاريس بعد ثوانٍ مِن ذهاب والدتِها.
" كيف ؟"
اعتدلت بجلستها لتواجهه بعد ان فكرت باحتمالٍ آخر .. فأن كان هو يخطط لِكُل شيء بسهولة، هي لديها موهبة ربط الأمور معًا و رؤية نمط للاشياء ..
" كِلا والدينا كان لهما شأن كبير في الدولة، إضافةً لوجودهما في اميركا .. قُتِلا في نفس السنة بتواريخ متقاربة جدًا. ان كان امرًا شخصيًا لقتلوهما فقط دون اهداف اخرى. "
" لكن ..." قال هو مُكملاً لجملتها
" لكن لقد قتلوا كلا والديك و اطلقوا النار علي ايضًا .. مما يعني ان هذه ليست مسألة انتقام شخصية، بل هي محاولة محي كاملة نحن كُنا محظوظين .. أنت خارج المنزل و انا أصبت بخدش بسيط، نستطيع القول أمي كذلك لانها كانت خارج المنزل ايضًا. "
" انتِ محقة .. لقد شككت مُنذ البداية لكن الأمر فقط لم املك اي اثبات يؤكد ذلك. لكن على اي حال سيبقى الأمر لغزًا للأبد على ما يبدوا."
نظرت له بدهشة كونها تعرف بانه لا يستسلم هكذا بسهولة عن البحث
" لماذا ؟"
" بعد عثوري عليهم قبل عدة سنوات ..كانوا في السجن حديثًا بسبب تهمة سرقة مَصرِف او شيء كهذا ، لَم استطع الوصول اليهم بالوقت المناسب لانهم 'انتحروا ' في السجن. " شدد على الكلمة بشكلٍ ساخر لتفهم ان هنالك اكثر مِن ذلك للحكاية.
" تقصد قُتِلوا ؟"
" على الأغلب اجل .. لا يوجد اي شيء مكنني من الوصول الى الشخص وراء كُل هذا، لا شيء على الاطلاق ! لابد انه قوي جدًا كونه مسح آثار جريمته بسهولة."
" ماذا عن عمتك ؟ الا تعرف شيئًا ؟" همست خوفًا ان يأتي احد فجأة
" لا، لقد تأكدت منذ زمن انها لا تعرف اي شيء بخصوص هؤلاء الاشخاص او عن سبب قتلهم لوالداي .. و والدتُكِ ؟"
" اذا كانت تعرف اشك ان شخصًا قوي كهذا سيدعها تعيش .." تشك بوالدتها انها تخفي عدة امور عنها كون لسانها زلق عدة مرات بكلمات مشبوهة و من يعرف كلاريس سيعلم بانها لا تنسى شيء و تدعه يمر بسهولة ... لكن مُجددًا لا تعتقد ان لها اي فكرة هي ايضًا بشأن الأمر ، و لو كانت تعرف كانت لتهرب مِن أميركا و لا تفكر بالعودة ابدًا مُجددًا !
قاطعت افكارها صوت صراخ والدتها .. نظرا الى بعضهما البعض بيقين فهنالك امر واحد سيدفعها لتفزع هكذا ... دقائق حتى ضهرت والدَتُها وهي ترتدي ثيابًا اخرى مُستعدةً للخروج .. لكن قبل ذلك اخبرت زيرا التي نزلت فور سماعِها لصوتِ صراخ بان تتصل بالسيد ميرال ليأتي الى سِجن المدينة.
" ماذا حدث ؟" سألت كلاريس بِكُل براعة متصنعةً القلق .. فاحيانًا تَكذِب بشكلٍ مُتقنٍ جدًا لدرجة انها تنسى بانها تكذب اساسًا.
" اتصَلوا بي مِن مركز الشرطة .. جون في السِجن و هو مُتهم بقضايا خطيرة جدًا !" قالت على عجلة ريثما تسحب حقيبتها
" هل اوصلكِ سيدة ماديسون ؟" ادى كايدن دوره ايضًا بِكُل اتقان حتى شعر كلاهما بانها مسرحية وليس الواقع !
" لا شُكرًا كايدن، انا ذاهبة فورًا الى هناك سابلغُكُم بما سيحدث ... و آه زيرا لا تنسي الأتصال بميرال ليقابلني هناك !"
" حسنًا لا تقلقي ها انا ذا اتصل به فورًا .. "
خرجت السيدة ماديسون على عجلةٍ مِن امرها لتقود سيارتها باقصى سرعة ناحية مركز الشرطة لتفهم الأمر افضل. شكرت كلاريس ربها ان والدتها لَم تكُن مُحامية .. او كانت ستُقنع القاضي بتركه يذهب ..
تتذكر حتى هذه اللحظة عِندما كانت ستتطلق مِن زوجها الثالث ربما .. عندما ذهبوا الى المحكمة بدأت تمزح مع القاضي و تتناقش معه حتى بدأ هو يدافع عنها !!! .. لهذا بالضبط لا تريدها في اي مكان قرب المحكمة، قد تكون فكرة سخيفة لكنها حقًا تخاف مِن طُرُق والدتها باقناع الآخرين باغرب الافكار تمامًا ليفعلوها.
زيرا اتصلت بوالدها بِنفس الثانية ليتوجه هو ايضًا الى هناك، وقفت كلاريس بحانب كايدن قُرب الباب وهما يتشاركان نفس معاني النظرات ..
" هل تعتقد بان ميرال سيستطيع اطلاق سراحه ؟" همست له مِن جديد ريثما زيرا تتكلم مع والدها.
" مُستحيل !، قضايا تهريب بشري، مُخدرات، اعضاء بشرية و مساعدة مُجرم هارب مِن العدالة لا تُحل بين يوم و ليلة إلا اذا كان رئيس دولة الولايات المُتحدة .. او لديه مُعجزة إلهية مثلًا. "
" أنت مُحق. "
" لنركز على الموضوع الأهم الآن .. كيف سنجعل والِدَتَكِ تتكلم ؟"
فتحت كلاريس فمها لتجيبه .. لكن مع الأسف في نفس اللحظة اغلقت زيرا الهاتف لتنظُرَ اليهم.
في البداية لمحت كايدن قبل ان تعود عينها لتفحُصه مِن جديد ..
" اهلاً .. أنا زيرا. "
اقتربت لتمد يدها له ليفعل هو نفس الشيء و يصافحها ببرود ..
" سُررت بِمعرِفِتكِ، .. الآن علي الذهاب فلدي بعض العمل المُهم. و كلار ... اتصلي بي عند اي جديد، حسنًا ؟ فكما تعلمين ___"
اعاد نظره ناحيتها بابتسامة صغيرة .. هادءة لكن تبين لها جميع الخُطط الشيطانية التي تكونت في عقله خلال هذه الدقائق
" سَتَسُرُني المساعدة دائمًا. "
و مع هذا خرج تارِكًا اياها بِمُفردها مع زيرا التي نظرت له و لسيارته باعجاب ..
" احسنتِ صُنعًا كلاريس !" قالت باعجاب لأول مرة على الاطلاق لتنظر لها تِلك الاخرى بِعدم فهم
" ماذا تعنين !؟"
" لقد استطعتِ الحصول على حبيب وسيم و غني .. اضافةً الى وفي ! مِن اي عثرتِ عليه !؟"
" أشتريتُه مِن السوق. " اجابتها بِسخرية ريثما تعيد كلماتِها الوقحة في عقلها ..
" انا جادة ! كيف اقنعتيه ؟ "
" انه صديقٌ لي وليس حبيبي !" قالت بِغضب وهي تراقبه يبتعد عن المنزل اكثر و اكثر ..
" مُتأكدة هو مجرد صديق ؟" سألت مِن جديد بسخرية لكن بفضول في نفس الوقت
" اجل متأكدة لِمَ اي مُشكلة بمصادقة انسانٍ آخر !؟"
" لا، هل تمانعين حصولي عليه ؟"
اعطتها كلاريس اكثر نظرة شك تملكها ريثما تتفحصها مِن الأسفل الى الاعلى ..
" انتِ تُدركين بانه بشر و يمتلك رأيه الخاص صحيح !؟؟"
" كَم تبالغين !" قالت زيرا بعد ان قلبت عينها
" انا لا ابالغ انا اذكِركِ باننا قد الغينا العبودية مُنذ قرنٍ تقريبًا .."
" ساعتبر هذه موافقة لطلبي."
تركتها كلاريس لتتوجه نحو غرفتها بعد ان اقفلت الباب ورائها لعدم دخول المتطفلين .. رمت نفسها على السرير، تنظُر للسقف ريثما عاصفة مِن الأفكار تهاجِمُها .. كايدن مُحِق. فلو هو بِنفسه بحث لسنوات ولم يعثر على المسؤل عن مَقتل كِلا والديهما فبِكُل بساطة لا احد آخر سيعلم .. غير عادل ان يكون حُرًا طليقًا يستمتع بحياته بعد ان تسبب بِقتل ارواح بشرية ، لكن مُجددًا الحياة ليست عادلة ..
و هذا ليس فيلم سيكَشِفُ به البطل الجميع و يدخلهم للسجن بِنهاية سعيدة ؛ هذا الواقع حيث هي او هو لا يستطيعان فعل اي شيء ! ربما الله حقق لها حلمها بالعدالة أمس .. لكن هذا لا يعني بأنها ستتمكن مِن تحقيق جميع احلامها و احلام كايدن لمجرد انهما التقيا معًا.
كايدن استخدم عقله و ذكائه لمساعدتها لا اكثر .. ليس نوع مِن الابطال الخارقين ليتمكن مِن معرفة هذا الشخص دون اي دليل او اشارة تدُلُهم له، و كلاريس نفس الشيء. عليها البدء بِتقبل حقيقة انهم لن يعثروا عليه في اي وقتٍ قريب كما فعل كايدن و تابع حياته. ففي النهاية و لو نظرت الى الجانب المُشرق .. لقد مات مَن نفذو الأمر و هي لاتزال على قيد الحياة إضافة الى التقاءها بكايدن و الذي هو افضل شيء على الاطلاق حصل لها في هذه السنة المُضطربة.
...
فَتحت باب غُرفتها بتعب بعد ان قضت نصف نهارها بِمركز الشرطة لِتهمة زوجها الغريبة و المفاجئة .. لاتعلم ماذا حدث بالضبط اليوم لكنها حقًا تأمل ان يكون كُل هذا مُجرد كابوس سيء ستستيقظ منه في اي ثانية الآن ! ..
رمت ساعةَ يدها على الطاولة بأهمال لتستدير الى السرير .. شهقت بقوة و عادت عدة خطواتٍ الى الوراء بِرعب ما ان وجدت شخصًا يجلس هناك بالفعل.
" كلاريس ارعبتيني ! " قالت بنوع من الارهاق الواضح على وجهها
" كيف سرت الأمور ؟"
" سيء ... سيء جدًا. لا اعلم ما حدث في يوم و ليلة !، هل انا امتلك لعنة !؟ لمَ كُل هذا يحدث لي !؟" نبرتها غاضبة لكن متسائلة في نفس الوقت
" لا __"
نظرت لها والدتها مِن جديد لكنها لم تستطع رؤية ملامحها بوضوح كون الظلام يسيطر على الغرفة تمامًا ... لا تعلم كلاريس ماذا اتى لها فجأة ، لكنها شعرت باامجيء لغرفة والدتها لرؤية ما حصل مع فرانس.
" هذا يحصُلُ لكِ لانكِ اخترتي هذا الطريق، اخترتي ان تؤدي دور الضحية و ان تصبحي ضعيفة. "
كلاريس تعلم جيدًا بأن هذا جرح والدتها كثيرًا ... فهي عاطفية جدًا عكس ما تبدو ، لكن عندما تتعرض للأهانة تبدأ بالمهاجمة هي ايضًا.
" على عكسِك ليس الجميع مُجرّد مِن المشاعر، أنا اهم شيء لدي هو العاطفة في حياتي او لا قيمة للحياة. "
مُجددًا كلاريس تعلم هذا ايضًا .. فبعد طلاقها مِن زوجها الثالث اصيبت باكتئاب و أصبحت مقتنعة مئة بالمئة انها مريضة و ستموت قريبًا !! ، لكن أحلامها تدمرت عندما فحصت كامل جسدها و كانت خالية مِن اي مرض تمامًا. هذا اثر على كلاريس ايضًا فهي بدورها أصيبت بأكتئاب بعد رؤية حالة والدتها الميؤسة منها.
" لكن الحياة ليست لُعبة أمي .. انها اختبار و سينتهي يومًا ما لنموت جميعًا. عليكِ ان تدركِ بأن هذه العاطفة لن تأخذكِ لأي مكان او تساعدكِ .. مُشكلتُكِ بانكِ لا تفكرين بالعواقب نهائيًا و تسرعين الى داخل اللعبة."
ابتسمت ماديسون قليلاً فهذا المُعتاد مِن ابنتها ... دائمًا وجدت كلاريس غريبة جدًا عنها. جامدة بِمشاعرها ولا تحتاج لدعمٍ عاطفي كما تفعل هي .. لا تُخبرها باسرارها او مشاكلها و تضع حاجز بينها و بين جميع العائلة، لهذا لم تجد داعٍ بازعاج افكارها لتتركها و شأنها كونها بوضوح تختلف معها بالعديد و العديد مِن الأمور .. تقريبًا بِكُل شيء.
" لا تستطيعين لومي لأنني اريدُ عيش حياةٍ طبيعية كباقي النساء .. ما ذنبي ان كان جميع الرجال السابقين سفلة معي تمامًا."
" أمي لا توجد حياة طبيعية .. جميع النساء يتمنون حياةً طبيعية كالآخرين .. لكن لا يوجد شيء مثالي، اذا كانت لديكِ عائلة مع زوج ستكون هنالك الكثير مِن المشاكل يوميًا، او مِن الممكن ان يكون يشرب و عصبيًا، او احد اطفالكِ فيه مرض خطير او تمتلكين عائلة مُفككة .. رجلٌ يخون عليكِ او أبن مُدمن مخدرات ادخل نفسه في مشاكل او عصابة و انتِ لا تستطيعين فعل اي شيء .. هذه هي الحياة __"
أكملت كلامها بعد ان لم تجبها والدتها وقد خيم الصمت على المكان ..
" ليس مِن المُفترض ان تكون طبيعية .. عمل الحياة ان تُحطمكِ لاجزاء و تجعلكِ بائسة قدر الامكان مُنذ ان تولدي حتى تموتي، ... الجميع سيكونون ضدكِ ولا احد سيُشفق عليكِ نهائيًا و يقف بجانبك."
" ولا حتى انتِ ؟" قالت بابتسامة صغيرة بعد ان أنتهت مِن تبديل ثيابها لتواجهها اخيرًا
كلاريس نوعًا ما شعرت بالتوتر دون ان تعرف بِما تجيب تحديدًا .. في النهاية لا تكره والدتها لتلك الدرجة .. ولا تستطيع جرح مشاعرها هكذا كونها تعلم بانها عاطفية و ستبكي لاحقًا على الأمر.
" مؤسف حتى أبنتي تكرهُني .."
قالت بصوتٍ خافت لكن مسموع ... نظرت الى قدميها بِحُزن نوعًا ما .. علمت كلاريس الى اين سيؤدي هذا وهي فعلاً تكره هذه المواقف المليئة بالمشاعر بشدة مع افراد عائلتها ..
" الجميع يكرهني و يقف ضدي على ما يبدو .. لا أعلم لِمَ أنتم ضدي "
كلاريس لم تكن المعارضة الوحيدة على موضوع زواجها ... اهلها ايضًا نوعًا ما لم يحبوا الامر كثيرًا. فوالدتها، اي جدة كلاريس فيها نوع مِن النرجسية .. لهذا كلاريس ترى بان والداتها ماديسون قد تأثرت شخصيتها بنظام اهلها السابق .. فصحيح هي منطقية و عقلانية و تتعامل مع الحقائق ، لكن فيها امر غير معهود وهو مشاعرها المُفرطة حتى لشخصٍ عاطفي هي حساسة جدًا ..
هذا ناتج مِن سيطرة الوالدين التامة على حياة اطفالهم و ترك اثر فيها ، حيث الأهل النرجسيين يستخدمون جميع الطُرق الممكنة و حتى التلاعب ليسيطروا بشكلٍ تام على حياة اطفالهم غير تاركين لهم مساحة شخصية او أسرارًا او حتى ليس مسموحًا لهم ان يعبروا عن آراءهم او مشاعرهم .. فالامر الوحيد المُهِم هو ما يريده الأهل و ما يشعرونه هُم فقط ...
قد تصل مراحِل للغيرة مِن الطِفل ان نجح كثيرًا .. حيث سيصبحون عالقين في هذه الدائرة ' انجح لكن ليس كثيرًا '
الأمر سيء لدرجة انك عندما تواجههم بامرٍ فعلوه قد يكذبون تمامًا و يقنعوك ان هذا فعلاً لم يحدث لتبدأ بتشكيك سلامة عقلك و تعيد الأمر الف مرة في رأسك لتعثر على اجابة مقنعة.
" لِمَ الجميع يكرهني لهذه الدرجة !؟"
قالت الجملة الأحيرة لتبدأ بالبكاء بعد ان جلست على السرير .. كلاريس بدورها تكره ان يبكي أحد امامها كونها تتوتر ولا تعرف ماذا تفعل تحديدًا ، لهذا و رغم كُل شيء ... اقتربت لتحتضنها.
بقيت فقط صامتة لغرابة الموقف بالنسبة لها .. والدتها لاتزال طفلة فمِن الواضح بانها مشوشة جدًا تجاه العديد من الامور في حياتها ؛ قامت بالتربيت على كتفها قليلاً حتى هدأت و ابتعدت عنها.
اخرجت كلاريس عدة مناديل ورقية مِن العُلبة بجانب السرير لتمررها لوالدتها
" شُكرًا. "
" لا مُشكلة."
جلستا في صمت ريثما والدتها تمسح الكُحلة التي سالت على عينها ..
" كايدن شخصٌ لطيف عكس ما تصورت .. كيف اصبحتما صديقين ؟"
" اوقعت دفتر ملاحظات لُغة الجسد و اعاده لي .. اخبرني انه مُهتم بتعلم علم النفس ايضًا و لا اعلم .. فقط كُنّا متشابهين بعدة امور .. "
حولت اهتمامها الى كايدن بالكامل رغم انه موضوع حساس اكثر لكلاريس .. فلا تريد قول اي كلمة خاطئة قد تُزعجه.
" كيف عمته ؟ هل رأيتها ؟"
" اجل تدعى تونيا .. هي لطيفة جدًا و جميلة. عليكِ مقابلتها في يومٍ ما !"
" سنرى بشأن هذا .."
...
مرت بقية الأيام بشكلٍ سريع لكن ليس سهلًا كون جميع افراد عائلتها الآن يعلمون بأمر جون .. و خاصةً ان القاضي حكم عليه بِالسجن المؤبد .. خاصةً بعد ان حاول يدافع عن نفسه و فضح امر اختطاف كلاريس .. الكُل اعتقده اما مجنون او يكذب.
فماريآن الجميع يشهد انها في المنزل وقتها، ريثما كلاريس نفسها كانت في منزل مارك مع كايدن لحضورهم حفلة خاصة ' بِعدة اصدقاء '
اما والدتها تأكدت انه مجنون او حقًا متورط بأمرٍ ما بعد هذا الادعاء المجنون و فقط لم تتكلم بالموضوع نهائيًا و بقيت في غرفتها لعدة ايام ...
عِندما خرجت اخيرًا قام كايدن بدعوتها هي و كلاريس لِطعام الغداء في منزلهم حتى تلتقي بعمته تونيا.
و بالفعل، بعد الكثير مِن الأصرار مِن كلاريس وافقت اخيرًا على الذهاب .. منزلهم اعجبها كثيرًا كونها تُحِب الشمس و الاماكن المفتوحة بشدة و التي هي صفة تتشاركها مع تونيا لِحُسن الحظ !
اعجبتها الحديقة ايضًا ليخرجوا هناك في المساء على الأرجوحة يتشاركون الأحاديث ريثما كلاريس جالسة على الطاولة خارجًا مع كايدن ..
" كايدن ؟"
" نعم ؟"
احتارت هل تسأله أم لا !؟ .. لا تريد تخريب اول يومٍ هادء تحضى به لكن هذا السؤال يتردد لذهنها كُل يوم غير قادرة على ابعاده !
" دعيني احزر __ " قال بابتسامة صغيرة ريثما ينظر لها تمامًا .. للحظة اعتقدت انه ينظر لروحها، عيناه تمتلك تلك القُدرة على جعلك تشعُر بالذنب و تعترف بالحقيقة و انت لم تفعل شيءً حتى !
" تتسائلين عن فرانك ليستر صحيح ؟"
" اجل صحيح .. كيف عرفت ؟"
" لستِ الوحيدة التي تستطيع قراءة الأفكار."
رفعت يديها باستسلام ريثما ابتسمت له
" اذن .. هل تعتقد بانه مات ؟"
" لا لايزال واعيًا قليلاً .. اعتقد سيفقد الوعي بعد عدة ساعات. "
" دعني احزر ... وضعت كاميرات مراقبة في الغُرفة المُغلقة ؟"
" اجل .. ارأيتي الآن تتعلمين !"
" هل استطيع الرؤية ؟"
" تعالي معي .."
توجها نحو المنزل مِن جديد ليدخل غُرفته ثُم يخرج مع لوحٍ ذكي .. شغل الجهاز لها و اعطاها اياه
" هذا اقوى سافل رأيته في حياتي .. لَم ارى شخصًا يستطيع المقاومة دون ماء او طعام لهذه الدرجة سابقًا !"
" خائفة مِن ان يهرب مُجددًا ... صراحةً اصبح لدي فوبيا قوية. "
" دعيه يهرب و يأتي لكِ مُجددًا .. حتى هذه المرة لن نتساهل معه نهائيًا. ثُم لا تقلقي احكمت اغلاقه لن يهرب."
" شُكرًا مِن كُل قلبي كايدن على كُل ما فعلته لأجلي."
ابتسم لها بدفئ مِن جديد و هو يأخذ اللوح مِن يدها
" لا داعي للشكر .. على الأقل عثرنا على مُجرمٍ منهم و عاقبناه !"
" أنت مُحِق .. هيا لِنعُد. "
عادوا الى الحديقة و هما يتمشيان معًا ريثما يغيران الموضوع ليصبح بطريقة ما عن التخاطر الذهني و امكانيات حدوثه .. ثُم عندما اتى المساء علمها كيفية لعب الشطرنج رغم انه تغلب عليها في كُل مرة ... لكن لازالت تحاول هزيمته !!
و اخيرًا عادت للمنزل مع والدتها .. علاقتها بوالدتها عادت لتصبح طبيعية ، اي لا تتشاجران كثيرًا اضافةً الى ان السيد ميرال عثر على منزلٍ اخيرًا و نُقِلوا له لتصبح وحدها مِن جديد ..
هذا بالطبع قبل ان يدعوها لتعيش معهم في المنزل الكبير و يعودوا ليعيشوا معًا. رغم ان الخبر ام يعجب كلاريس كثيرًغ لكن لا مجال للمناقشة فالجميع قرر بالفعل دون اخذ رأيها بالطبع.
...
بعد شهرٍ تقريبًا كايدن اتصل بها مساءا ليخبرها بان فرانك قد مات .. و ان تطمأن بانه لن يعود ليلاحقها مِن جديد.
اصرت عليه بان تذهب معه حتى وافق اخيرًا ليأخذها. عندما وصلت لم يسمح لها بالدخول ليقوم باخراجه بنفسه ثُم حرق جُثته حتى اصبحت رمادًا و الرماد اعطاه لكلاريس لترميه في البحر .. ليقف بجانبها تمامًا ينظر الى الامواج التي تبعث شعورًا بالراحة و السكينة ريثما يختلس الانظار اليها بين كُل فترة و فترة.
" ماذا ؟"
" كلاريس لقد كان مُجرمًا و دمر حياة العديد مِن الفتياة اضافةً الى بيعهن ... استحق ان يموت."
" اعلم ، انا فقط ....... لا اشعر بان كُل شيء اصبح بخير."
" لا يهم ... طالما حياتُكِ اصبحت آمنة كُل شيء آخر سيُحل مع الوقت لا تقلقي."
حولت نظرها اليه بنوع مِن الأمل .. ترجوا ان كلامه صحيح حقًا
" حقًا ؟"
" بالطبع. "
جلسوا هناك ينظرون للبحر لدقائق .. و الدقائق اصبحت ساعات حتى نسيوا كَم مضى من الوقت تحديدًا.
كِلاهما يتمنيان شيء واحد .. العثور على هذا الشخص الذي دمر حياتهما معًا و الذي اختفى دون اي أثر ! ... كلاهما مُتعبان و يأملان ان يكملا حياتهما بعد هذه الأيام المُضطربة .. كلاهما رغم يأسهما و معرفتهما للحقيقة المُرّة ، لديهما بصيص أمل انهما سيعثرا عليه في يومٍ ما.
فالقدر يلتف حول صاحبه في نهاية الطريق .. ولا احد يستطيع الهروب مِن افعاله الخاصة.
النهاية
_________________________________________
هذه النهاية ... ارجوا ان الكتاب اعجبكم 🌹 صراحةً هنالك امر اريد ان اعترف به ...
كان لدي مئة فكرة و فكرة استطيع تنفيذها بهذا الكتاب ... لكن لم افعل ذلك لانني احببت بان يكون واقعي قدر ما استطيع ان اظهره ، كانت هنالك حبكات كثيرة لكن جميعها لن تحدث في الواقع و هذا اقرب ما استطعت كتابته لشيء واقعي فارجوا ان يكون قد اعجبكم 😅🖤
احبكم جدًا و احب شُكر جميع من قراء هذا الكِتاب و شجعني و قال لي كلامًا جميلاً ... احبكم حقًا 😢😙♥️ انتم السبب الذي دفعني لاكمل ما كتبته اساسًا لذا اعلموا بانكم جزء مهم جدا من هذا الكتاب و انا اقدر كل فرد منكم بشدة.
وداعًا احبائي ♥️ سنلتقي قريبًا جدًا 😊😉 ماذا ضننتم ستتخلصون مني 😹😹 مستحييييل ان اترككم و الواتباد بسلام نهاائيا 😚😍🤗
كانت الحياة الهادءة البسيطة التي يتمناها الجميع. لكن الآن ... عليها العودة الى منزلها، كونها استيقضت بمفردها في الغُرفة اثر الاتصالات المُزعجة مِن والدتها، تُخبرها ان تعود فورًا.
" لا تبدين سعيدة جدًا. "
حولت انتباهها الى كايدن لتستأذنه بتُشغيل شيء ما على مُسجل السيارة .. لَم يجبها حتى بل قام بتمرير السِلك لها فقط.
" كَم سعيدًا ستكون لو كُنت متوجهًا لِخوضِ شِجار !؟"
" لديكِ نُقطة. لكن اشعري بالحرية لقضاء الوقت في منزلي متى تريدين فامي تبدوا مستمتعة برفقتك .. تعلمين ليس الكثير مَن يستمع لمعلوماتها الغريبة و يصدقها حقًا !"
" انتم حقًا تحطمون الشخص ! المرأة تقول كلامًا صحيحًا .. تحتاجون فقط لبعض الإيمان و لفتح عقولكم لجميع الاحتمالات. "
" اوه رباه ! اصبحتما اثنان. "
ضحكت كلاريس قليلاً لتستمع باقي الطريق الى إحدى اغانيها المُفضلة .. اللحن مُبهج بشكلٍ كبير لكن الكلمات كئيبة.
الحياة لن تبتهج لها و بالتاكيد لن يتحسن كُل شيء لِمجرد انها انتهت مِن كابوس .. بل بالعكس امامها طريقٌ طويل في حياتها و عليها العَمل ضعف جهودها المعتادة لتصلح الامور في حياتها إضافةً الى دراستها ..
ستُصبح في الثامنةِ عشر بعد عدة ايام .. اي اضافة لِكُل هذا عليها اخذ قرار بشأن ماذا سيحصل بِشركة محاماة والدها في المانيا. تستطيع الجلوس فقط و اخذ نصف الحصة بشكل اجباري ، لكن هذا غير عادل نوعًا ما .. فالآخرين يتعبون وهي جالسة هكذا فقط يصلها المال دون فعل شيء.
مع هذا هي لاتعرف اي شيء عن ادارة شركة او على الاقل اي شيء عن المحاماة !
" كاي ؟"
" هممم ؟"
" اشعر و كانك تعرف ما هو الافضل دائمًا .. هل استطيع اخذ رأيِكَ بامر ؟"
" اجل بالطبع. "
" ساصبح في الثامنة عشرة بعد عدة ايام .."
هز رأسه بالموافقة كاشارة بأن تُكمل كلامها
" ابي كان يمتلك شركة محاماة يديرها عمي الآن، استطيع الجلوس فقط و سبعون بالمئة تاتي الي بشكلٍ اجباري ... لكن انا لا اريد الجلوس فقط و استلام راتب شهري دون فعل شيء اطلاقًا، في نفس الوقت ليس لدي اي فكرة عن ادارة شركة. "
حل الصمت ليفكر قليلاً بالامر دون ابعاد نظره عن الطريق ..
" اولاً انتِ قلتيها .. لا تعرفين اي شيء عن ادارة شركة و حتى لو تعلمتِ، .. لا اعتقد بانكِ ستستطيعين ادارتها لانكِ لستِ مِن النوع المُسيطر."
" صحيح .." كان مُحقًا بالكامل، هي ليست مِن النوع المسيطر و تفضل الامور التي تستطيع فعلها دون اخطاء او اتخاذ قرارات مصيرية.
" ان الشركة لوالدكِ اي تلك الحصة تستحقينها، في البداية تخرجّي مِن الجامعة و استخدمي هذا المال لمساعدتِكِ ... بعدها عندما تجدين نفسكِ لا تحتاجينه وقد اصبح يفيض عن الحاجة ؛ تبرعي به للجمعيات الخيرية، عائلة، فقراء .. او فقط استثمريه بمشروع قد تجدينه مفيدًا. "
مرة اخرى كان مُحقًا تمامًا ! هذا افضل خيار .. في النهاية ستسخدم المال بشكلٍ مفيد ، لانها تكره التبذير و التباهي كثيرًا. كانت دائمًا اكثر شخص لديه قوة ارادة في العائلة باكملها ..
والدتها مِن النوع الذي لايهتم كَم بقي لديهم هذا الشهر او كيف صرفته ... بل بالعكس الكَرَم في والدتها هو الشيء الوحيد الذي تجده جيدًا. جيد ... لكن في نفس الوقت مُستفزًا جدًا. لانها ستشتري لها اشياء دون ان تطلب كلاريس منها حتى .. ثياب، طعام، مجوهرات، كُتُب ، دفاتر .. المُشكلة انه عند حدوث اي مشكلة صغيرة جدًا ستستخدم كل هذا ضدها تمامًا.
احيانًا كلاريس لا تعرف هل هذا كَرمٌ حقيقي منها ام مُجرد خطة لايقاعها عند الحاجة.
وصلوا الى امام منزلها تمامًا ليجدوا والدتها تنتظرهم امام الباب باذرعٍ معقودة معًا علامةً على 'الانغلاق'
فتحت كلاريس الباب وهي تنظر الى كايدن الذي يفعل نفس الشيء .. نظرت له بِتعجب
" ما ... ما الذي تفعله ؟؟"
" انزلي. "
اغلق السيارة و اخذ المِفتاح لينزل وهو يقف بجانبها تمامًا مُسببًا لها بارتباك قوي في داخلها عن ما سيفعله .. والدتها مِن النوع الصَعب كثيرًا، مِن الافضل ان لايقول شيئًا خاطئًا.
مَد يده ناحيةَ والدتها بِنظرة واثقة كعادتِه .. شعرت كلاريس بنوع مِن الراحة فوالدتها لديها آداب قوية لا تتجاوزها.
و كما توقعت مدت يدها هي ايضًا لتصافحه بابتسامة صغيرة اخرجتها بشكلٍ مُجبر بعد الكثير من التفكير العميق ..
" مرحبًا سيدة ماديسون، أدعى كايدن وينستون .. أنا صديقٌ لِكلاريس. "
" تشرفتُ بِمعرفةِ صديقها السري طوال هذه الفترة اخيرًا ! .. لِمَ لا تدخلُ قليلاً كايدن ؟"
" اخشى ان ازعجكم "
" لا ابدًا، سيسرني التعرف عليكَ اكثر."
املت ان لديه عملٌ ضروري حقًا .. لان هذه ليست دعوة، بل جلسة استجواب كونها تشُك مُنذ البداية بعلاقتهما ... فكلاريس عادةً لا تجعل مِن اي احد صديقًا لها بهذه السرعة .. ولا ستخرج معه ايضًا. السيدة ماديسون تعرف هذه الحقيقة جيدًا عنها لهذا تشك مُنذ فترة عن هوية صديقها هذا.
" حسنًا، شُكرًا سيدة ماديسون."
نظر الى كلاريس و هو يبتسِمُ لها لتطمأن قليلاً .. ثُم لحق بوالدتها لِداخل المنزل، كلاريس بدورها شعرت بان عليها البقاء معهم لرؤية ما سيحصل .. فهذا سيؤدي بِهُم الى طريقين ؛ إما بشكلٍ جيدٍ جدًا او بِكارثة.
السيدة ماديسون قد تبدو عاطفية و حمقاء لاقصى درجة .. لكن مع هذا لديها موهبة بالتلاعب بالكلمات، حيث ستستطيع اقناع اي شخص بأي شيء تريدُه على الاطلاق. حتى لو كانت تريد اقناعه بان يقفز مِن اعلى المبنى او باقراضها مبالغ خيالية .. و الذي حدث حقًا !!
كلاريس في البداية لَم تهتم للأمر .. لكن لاحقًا عندما اكتشفت عِلم النفس مرت خلال قسم فيه يدعى عِلم النفس المُظلم ( Dark psychology) و الذي يختص بِطرق التلاعب و الاقناع المُختلفة .. مُنذ تلك الفترة بدأت تشك بالامر كون والدتها تستخدم اساليب متطورة منه .. و حتى هذه اللحظة لا تعلم هل الموضوع مُجرد صدفة ام هنالك اكثر للحكاية.
فالذي يحيرها هو رغم انها تمتلك تلك الخبرة، لا تعرف اي شيء عن لغة الجسد او اي شيء عن عِلم النفس تمامًا .. لهذا احبت الاعتقاد انها مُجرد موهبة تطورت لديها مع الوقت.
كانت سابقًا ذكية .. لكن بعد مراقبة كلاريس لتصرفات والدتها المُضطربة بِشدة عَلِمَت ان هنالك امرًا خاطئًا فيها.
" اذن كايدن .. مع مَن تعيش ؟"
جلست على الأريكة بعدما وضعت كوب القهوة امامه ..
" مَعَ عمتي. "
" و والديك ؟"
" لقد توفيا مُنذ عشرِ سنواتٍ تقريبًا."
شعرت كلاريس بالسوء لوضعه في موقفٍ كهذا .. رغم انه لا يبدو مستاءًا جدًا لها .. بل في الواقع يبدو و كانه خطط لهذا الامر كون والدتها استرخت قليلاً .. كأي شخص ستبرر بان هذا هو سبب صداقتها له على الاغلب.
" آسفة جدًا لخسارتك .. هل تمانع سؤالي كيف توفيا ؟"
" في عمل ارهابي سيدة ماديسون. "
فضلت كلاريس البقاء صامتة قبل ان تتذكر امرًا مفاجئًا ..
" لحظة اعتقدت انها كانت عملية سطو مسلحة ؟" قالت فورًا وقد نسيت وجود والدتها معهم
" الحكومة تكتمت عن الأمر بِقصة السطو المسلح كونهم لَم يعثروا على تلك المجموعة الأرهابية حتى الآن .. و كالعادة الأخبار زيفت الامر و تكتمت عن الموضوع حتى لا يثيروا الرعب و الغضب."
" انتما متشابهان اكثر مِن ما توقعت .. والد كلاريس ايضًا قُتل عن طريقِ عملٍ ارهابي. "
اعادت كايدن نظره لكلاريس بابتسامة صغيرة
" ضننت انكِ قُلتِ عصابة قتلته ؟"
" كانت اسرار عائلة. "
بقيت كلاريس صامتة الوقت باكمله ريثما تابعت والدتها التكلم معه عن عائلته، عمته، و الكثير مِن الأسئلة الاخرى .. و التي بوضوح ازعجتهُ قليلاً لكن اجابها على اي حال. و في النهاية شعرت السيدة ماديسون بالراحة تجاهه بعد ان تعرفت عليه اكثر و اكدت انه صديق ابنتها المقرب لا اكثر .. رن هاتفها لتتركهم وهي تتوجه نحو غرفتها تاركةً اياهم بمفردهم.
" الامر غريب الا تعتقد ؟" قالت كلاريس بعد ثوانٍ مِن ذهاب والدتِها.
" كيف ؟"
اعتدلت بجلستها لتواجهه بعد ان فكرت باحتمالٍ آخر .. فأن كان هو يخطط لِكُل شيء بسهولة، هي لديها موهبة ربط الأمور معًا و رؤية نمط للاشياء ..
" كِلا والدينا كان لهما شأن كبير في الدولة، إضافةً لوجودهما في اميركا .. قُتِلا في نفس السنة بتواريخ متقاربة جدًا. ان كان امرًا شخصيًا لقتلوهما فقط دون اهداف اخرى. "
" لكن ..." قال هو مُكملاً لجملتها
" لكن لقد قتلوا كلا والديك و اطلقوا النار علي ايضًا .. مما يعني ان هذه ليست مسألة انتقام شخصية، بل هي محاولة محي كاملة نحن كُنا محظوظين .. أنت خارج المنزل و انا أصبت بخدش بسيط، نستطيع القول أمي كذلك لانها كانت خارج المنزل ايضًا. "
" انتِ محقة .. لقد شككت مُنذ البداية لكن الأمر فقط لم املك اي اثبات يؤكد ذلك. لكن على اي حال سيبقى الأمر لغزًا للأبد على ما يبدوا."
نظرت له بدهشة كونها تعرف بانه لا يستسلم هكذا بسهولة عن البحث
" لماذا ؟"
" بعد عثوري عليهم قبل عدة سنوات ..كانوا في السجن حديثًا بسبب تهمة سرقة مَصرِف او شيء كهذا ، لَم استطع الوصول اليهم بالوقت المناسب لانهم 'انتحروا ' في السجن. " شدد على الكلمة بشكلٍ ساخر لتفهم ان هنالك اكثر مِن ذلك للحكاية.
" تقصد قُتِلوا ؟"
" على الأغلب اجل .. لا يوجد اي شيء مكنني من الوصول الى الشخص وراء كُل هذا، لا شيء على الاطلاق ! لابد انه قوي جدًا كونه مسح آثار جريمته بسهولة."
" ماذا عن عمتك ؟ الا تعرف شيئًا ؟" همست خوفًا ان يأتي احد فجأة
" لا، لقد تأكدت منذ زمن انها لا تعرف اي شيء بخصوص هؤلاء الاشخاص او عن سبب قتلهم لوالداي .. و والدتُكِ ؟"
" اذا كانت تعرف اشك ان شخصًا قوي كهذا سيدعها تعيش .." تشك بوالدتها انها تخفي عدة امور عنها كون لسانها زلق عدة مرات بكلمات مشبوهة و من يعرف كلاريس سيعلم بانها لا تنسى شيء و تدعه يمر بسهولة ... لكن مُجددًا لا تعتقد ان لها اي فكرة هي ايضًا بشأن الأمر ، و لو كانت تعرف كانت لتهرب مِن أميركا و لا تفكر بالعودة ابدًا مُجددًا !
قاطعت افكارها صوت صراخ والدتها .. نظرا الى بعضهما البعض بيقين فهنالك امر واحد سيدفعها لتفزع هكذا ... دقائق حتى ضهرت والدَتُها وهي ترتدي ثيابًا اخرى مُستعدةً للخروج .. لكن قبل ذلك اخبرت زيرا التي نزلت فور سماعِها لصوتِ صراخ بان تتصل بالسيد ميرال ليأتي الى سِجن المدينة.
" ماذا حدث ؟" سألت كلاريس بِكُل براعة متصنعةً القلق .. فاحيانًا تَكذِب بشكلٍ مُتقنٍ جدًا لدرجة انها تنسى بانها تكذب اساسًا.
" اتصَلوا بي مِن مركز الشرطة .. جون في السِجن و هو مُتهم بقضايا خطيرة جدًا !" قالت على عجلة ريثما تسحب حقيبتها
" هل اوصلكِ سيدة ماديسون ؟" ادى كايدن دوره ايضًا بِكُل اتقان حتى شعر كلاهما بانها مسرحية وليس الواقع !
" لا شُكرًا كايدن، انا ذاهبة فورًا الى هناك سابلغُكُم بما سيحدث ... و آه زيرا لا تنسي الأتصال بميرال ليقابلني هناك !"
" حسنًا لا تقلقي ها انا ذا اتصل به فورًا .. "
خرجت السيدة ماديسون على عجلةٍ مِن امرها لتقود سيارتها باقصى سرعة ناحية مركز الشرطة لتفهم الأمر افضل. شكرت كلاريس ربها ان والدتها لَم تكُن مُحامية .. او كانت ستُقنع القاضي بتركه يذهب ..
تتذكر حتى هذه اللحظة عِندما كانت ستتطلق مِن زوجها الثالث ربما .. عندما ذهبوا الى المحكمة بدأت تمزح مع القاضي و تتناقش معه حتى بدأ هو يدافع عنها !!! .. لهذا بالضبط لا تريدها في اي مكان قرب المحكمة، قد تكون فكرة سخيفة لكنها حقًا تخاف مِن طُرُق والدتها باقناع الآخرين باغرب الافكار تمامًا ليفعلوها.
زيرا اتصلت بوالدها بِنفس الثانية ليتوجه هو ايضًا الى هناك، وقفت كلاريس بحانب كايدن قُرب الباب وهما يتشاركان نفس معاني النظرات ..
" هل تعتقد بان ميرال سيستطيع اطلاق سراحه ؟" همست له مِن جديد ريثما زيرا تتكلم مع والدها.
" مُستحيل !، قضايا تهريب بشري، مُخدرات، اعضاء بشرية و مساعدة مُجرم هارب مِن العدالة لا تُحل بين يوم و ليلة إلا اذا كان رئيس دولة الولايات المُتحدة .. او لديه مُعجزة إلهية مثلًا. "
" أنت مُحق. "
" لنركز على الموضوع الأهم الآن .. كيف سنجعل والِدَتَكِ تتكلم ؟"
فتحت كلاريس فمها لتجيبه .. لكن مع الأسف في نفس اللحظة اغلقت زيرا الهاتف لتنظُرَ اليهم.
في البداية لمحت كايدن قبل ان تعود عينها لتفحُصه مِن جديد ..
" اهلاً .. أنا زيرا. "
اقتربت لتمد يدها له ليفعل هو نفس الشيء و يصافحها ببرود ..
" سُررت بِمعرِفِتكِ، .. الآن علي الذهاب فلدي بعض العمل المُهم. و كلار ... اتصلي بي عند اي جديد، حسنًا ؟ فكما تعلمين ___"
اعاد نظره ناحيتها بابتسامة صغيرة .. هادءة لكن تبين لها جميع الخُطط الشيطانية التي تكونت في عقله خلال هذه الدقائق
" سَتَسُرُني المساعدة دائمًا. "
و مع هذا خرج تارِكًا اياها بِمُفردها مع زيرا التي نظرت له و لسيارته باعجاب ..
" احسنتِ صُنعًا كلاريس !" قالت باعجاب لأول مرة على الاطلاق لتنظر لها تِلك الاخرى بِعدم فهم
" ماذا تعنين !؟"
" لقد استطعتِ الحصول على حبيب وسيم و غني .. اضافةً الى وفي ! مِن اي عثرتِ عليه !؟"
" أشتريتُه مِن السوق. " اجابتها بِسخرية ريثما تعيد كلماتِها الوقحة في عقلها ..
" انا جادة ! كيف اقنعتيه ؟ "
" انه صديقٌ لي وليس حبيبي !" قالت بِغضب وهي تراقبه يبتعد عن المنزل اكثر و اكثر ..
" مُتأكدة هو مجرد صديق ؟" سألت مِن جديد بسخرية لكن بفضول في نفس الوقت
" اجل متأكدة لِمَ اي مُشكلة بمصادقة انسانٍ آخر !؟"
" لا، هل تمانعين حصولي عليه ؟"
اعطتها كلاريس اكثر نظرة شك تملكها ريثما تتفحصها مِن الأسفل الى الاعلى ..
" انتِ تُدركين بانه بشر و يمتلك رأيه الخاص صحيح !؟؟"
" كَم تبالغين !" قالت زيرا بعد ان قلبت عينها
" انا لا ابالغ انا اذكِركِ باننا قد الغينا العبودية مُنذ قرنٍ تقريبًا .."
" ساعتبر هذه موافقة لطلبي."
تركتها كلاريس لتتوجه نحو غرفتها بعد ان اقفلت الباب ورائها لعدم دخول المتطفلين .. رمت نفسها على السرير، تنظُر للسقف ريثما عاصفة مِن الأفكار تهاجِمُها .. كايدن مُحِق. فلو هو بِنفسه بحث لسنوات ولم يعثر على المسؤل عن مَقتل كِلا والديهما فبِكُل بساطة لا احد آخر سيعلم .. غير عادل ان يكون حُرًا طليقًا يستمتع بحياته بعد ان تسبب بِقتل ارواح بشرية ، لكن مُجددًا الحياة ليست عادلة ..
و هذا ليس فيلم سيكَشِفُ به البطل الجميع و يدخلهم للسجن بِنهاية سعيدة ؛ هذا الواقع حيث هي او هو لا يستطيعان فعل اي شيء ! ربما الله حقق لها حلمها بالعدالة أمس .. لكن هذا لا يعني بأنها ستتمكن مِن تحقيق جميع احلامها و احلام كايدن لمجرد انهما التقيا معًا.
كايدن استخدم عقله و ذكائه لمساعدتها لا اكثر .. ليس نوع مِن الابطال الخارقين ليتمكن مِن معرفة هذا الشخص دون اي دليل او اشارة تدُلُهم له، و كلاريس نفس الشيء. عليها البدء بِتقبل حقيقة انهم لن يعثروا عليه في اي وقتٍ قريب كما فعل كايدن و تابع حياته. ففي النهاية و لو نظرت الى الجانب المُشرق .. لقد مات مَن نفذو الأمر و هي لاتزال على قيد الحياة إضافة الى التقاءها بكايدن و الذي هو افضل شيء على الاطلاق حصل لها في هذه السنة المُضطربة.
...
فَتحت باب غُرفتها بتعب بعد ان قضت نصف نهارها بِمركز الشرطة لِتهمة زوجها الغريبة و المفاجئة .. لاتعلم ماذا حدث بالضبط اليوم لكنها حقًا تأمل ان يكون كُل هذا مُجرد كابوس سيء ستستيقظ منه في اي ثانية الآن ! ..
رمت ساعةَ يدها على الطاولة بأهمال لتستدير الى السرير .. شهقت بقوة و عادت عدة خطواتٍ الى الوراء بِرعب ما ان وجدت شخصًا يجلس هناك بالفعل.
" كلاريس ارعبتيني ! " قالت بنوع من الارهاق الواضح على وجهها
" كيف سرت الأمور ؟"
" سيء ... سيء جدًا. لا اعلم ما حدث في يوم و ليلة !، هل انا امتلك لعنة !؟ لمَ كُل هذا يحدث لي !؟" نبرتها غاضبة لكن متسائلة في نفس الوقت
" لا __"
نظرت لها والدتها مِن جديد لكنها لم تستطع رؤية ملامحها بوضوح كون الظلام يسيطر على الغرفة تمامًا ... لا تعلم كلاريس ماذا اتى لها فجأة ، لكنها شعرت باامجيء لغرفة والدتها لرؤية ما حصل مع فرانس.
" هذا يحصُلُ لكِ لانكِ اخترتي هذا الطريق، اخترتي ان تؤدي دور الضحية و ان تصبحي ضعيفة. "
كلاريس تعلم جيدًا بأن هذا جرح والدتها كثيرًا ... فهي عاطفية جدًا عكس ما تبدو ، لكن عندما تتعرض للأهانة تبدأ بالمهاجمة هي ايضًا.
" على عكسِك ليس الجميع مُجرّد مِن المشاعر، أنا اهم شيء لدي هو العاطفة في حياتي او لا قيمة للحياة. "
مُجددًا كلاريس تعلم هذا ايضًا .. فبعد طلاقها مِن زوجها الثالث اصيبت باكتئاب و أصبحت مقتنعة مئة بالمئة انها مريضة و ستموت قريبًا !! ، لكن أحلامها تدمرت عندما فحصت كامل جسدها و كانت خالية مِن اي مرض تمامًا. هذا اثر على كلاريس ايضًا فهي بدورها أصيبت بأكتئاب بعد رؤية حالة والدتها الميؤسة منها.
" لكن الحياة ليست لُعبة أمي .. انها اختبار و سينتهي يومًا ما لنموت جميعًا. عليكِ ان تدركِ بأن هذه العاطفة لن تأخذكِ لأي مكان او تساعدكِ .. مُشكلتُكِ بانكِ لا تفكرين بالعواقب نهائيًا و تسرعين الى داخل اللعبة."
ابتسمت ماديسون قليلاً فهذا المُعتاد مِن ابنتها ... دائمًا وجدت كلاريس غريبة جدًا عنها. جامدة بِمشاعرها ولا تحتاج لدعمٍ عاطفي كما تفعل هي .. لا تُخبرها باسرارها او مشاكلها و تضع حاجز بينها و بين جميع العائلة، لهذا لم تجد داعٍ بازعاج افكارها لتتركها و شأنها كونها بوضوح تختلف معها بالعديد و العديد مِن الأمور .. تقريبًا بِكُل شيء.
" لا تستطيعين لومي لأنني اريدُ عيش حياةٍ طبيعية كباقي النساء .. ما ذنبي ان كان جميع الرجال السابقين سفلة معي تمامًا."
" أمي لا توجد حياة طبيعية .. جميع النساء يتمنون حياةً طبيعية كالآخرين .. لكن لا يوجد شيء مثالي، اذا كانت لديكِ عائلة مع زوج ستكون هنالك الكثير مِن المشاكل يوميًا، او مِن الممكن ان يكون يشرب و عصبيًا، او احد اطفالكِ فيه مرض خطير او تمتلكين عائلة مُفككة .. رجلٌ يخون عليكِ او أبن مُدمن مخدرات ادخل نفسه في مشاكل او عصابة و انتِ لا تستطيعين فعل اي شيء .. هذه هي الحياة __"
أكملت كلامها بعد ان لم تجبها والدتها وقد خيم الصمت على المكان ..
" ليس مِن المُفترض ان تكون طبيعية .. عمل الحياة ان تُحطمكِ لاجزاء و تجعلكِ بائسة قدر الامكان مُنذ ان تولدي حتى تموتي، ... الجميع سيكونون ضدكِ ولا احد سيُشفق عليكِ نهائيًا و يقف بجانبك."
" ولا حتى انتِ ؟" قالت بابتسامة صغيرة بعد ان أنتهت مِن تبديل ثيابها لتواجهها اخيرًا
كلاريس نوعًا ما شعرت بالتوتر دون ان تعرف بِما تجيب تحديدًا .. في النهاية لا تكره والدتها لتلك الدرجة .. ولا تستطيع جرح مشاعرها هكذا كونها تعلم بانها عاطفية و ستبكي لاحقًا على الأمر.
" مؤسف حتى أبنتي تكرهُني .."
قالت بصوتٍ خافت لكن مسموع ... نظرت الى قدميها بِحُزن نوعًا ما .. علمت كلاريس الى اين سيؤدي هذا وهي فعلاً تكره هذه المواقف المليئة بالمشاعر بشدة مع افراد عائلتها ..
" الجميع يكرهني و يقف ضدي على ما يبدو .. لا أعلم لِمَ أنتم ضدي "
كلاريس لم تكن المعارضة الوحيدة على موضوع زواجها ... اهلها ايضًا نوعًا ما لم يحبوا الامر كثيرًا. فوالدتها، اي جدة كلاريس فيها نوع مِن النرجسية .. لهذا كلاريس ترى بان والداتها ماديسون قد تأثرت شخصيتها بنظام اهلها السابق .. فصحيح هي منطقية و عقلانية و تتعامل مع الحقائق ، لكن فيها امر غير معهود وهو مشاعرها المُفرطة حتى لشخصٍ عاطفي هي حساسة جدًا ..
هذا ناتج مِن سيطرة الوالدين التامة على حياة اطفالهم و ترك اثر فيها ، حيث الأهل النرجسيين يستخدمون جميع الطُرق الممكنة و حتى التلاعب ليسيطروا بشكلٍ تام على حياة اطفالهم غير تاركين لهم مساحة شخصية او أسرارًا او حتى ليس مسموحًا لهم ان يعبروا عن آراءهم او مشاعرهم .. فالامر الوحيد المُهِم هو ما يريده الأهل و ما يشعرونه هُم فقط ...
قد تصل مراحِل للغيرة مِن الطِفل ان نجح كثيرًا .. حيث سيصبحون عالقين في هذه الدائرة ' انجح لكن ليس كثيرًا '
الأمر سيء لدرجة انك عندما تواجههم بامرٍ فعلوه قد يكذبون تمامًا و يقنعوك ان هذا فعلاً لم يحدث لتبدأ بتشكيك سلامة عقلك و تعيد الأمر الف مرة في رأسك لتعثر على اجابة مقنعة.
" لِمَ الجميع يكرهني لهذه الدرجة !؟"
قالت الجملة الأحيرة لتبدأ بالبكاء بعد ان جلست على السرير .. كلاريس بدورها تكره ان يبكي أحد امامها كونها تتوتر ولا تعرف ماذا تفعل تحديدًا ، لهذا و رغم كُل شيء ... اقتربت لتحتضنها.
بقيت فقط صامتة لغرابة الموقف بالنسبة لها .. والدتها لاتزال طفلة فمِن الواضح بانها مشوشة جدًا تجاه العديد من الامور في حياتها ؛ قامت بالتربيت على كتفها قليلاً حتى هدأت و ابتعدت عنها.
اخرجت كلاريس عدة مناديل ورقية مِن العُلبة بجانب السرير لتمررها لوالدتها
" شُكرًا. "
" لا مُشكلة."
جلستا في صمت ريثما والدتها تمسح الكُحلة التي سالت على عينها ..
" كايدن شخصٌ لطيف عكس ما تصورت .. كيف اصبحتما صديقين ؟"
" اوقعت دفتر ملاحظات لُغة الجسد و اعاده لي .. اخبرني انه مُهتم بتعلم علم النفس ايضًا و لا اعلم .. فقط كُنّا متشابهين بعدة امور .. "
حولت اهتمامها الى كايدن بالكامل رغم انه موضوع حساس اكثر لكلاريس .. فلا تريد قول اي كلمة خاطئة قد تُزعجه.
" كيف عمته ؟ هل رأيتها ؟"
" اجل تدعى تونيا .. هي لطيفة جدًا و جميلة. عليكِ مقابلتها في يومٍ ما !"
" سنرى بشأن هذا .."
...
مرت بقية الأيام بشكلٍ سريع لكن ليس سهلًا كون جميع افراد عائلتها الآن يعلمون بأمر جون .. و خاصةً ان القاضي حكم عليه بِالسجن المؤبد .. خاصةً بعد ان حاول يدافع عن نفسه و فضح امر اختطاف كلاريس .. الكُل اعتقده اما مجنون او يكذب.
فماريآن الجميع يشهد انها في المنزل وقتها، ريثما كلاريس نفسها كانت في منزل مارك مع كايدن لحضورهم حفلة خاصة ' بِعدة اصدقاء '
اما والدتها تأكدت انه مجنون او حقًا متورط بأمرٍ ما بعد هذا الادعاء المجنون و فقط لم تتكلم بالموضوع نهائيًا و بقيت في غرفتها لعدة ايام ...
عِندما خرجت اخيرًا قام كايدن بدعوتها هي و كلاريس لِطعام الغداء في منزلهم حتى تلتقي بعمته تونيا.
و بالفعل، بعد الكثير مِن الأصرار مِن كلاريس وافقت اخيرًا على الذهاب .. منزلهم اعجبها كثيرًا كونها تُحِب الشمس و الاماكن المفتوحة بشدة و التي هي صفة تتشاركها مع تونيا لِحُسن الحظ !
اعجبتها الحديقة ايضًا ليخرجوا هناك في المساء على الأرجوحة يتشاركون الأحاديث ريثما كلاريس جالسة على الطاولة خارجًا مع كايدن ..
" كايدن ؟"
" نعم ؟"
احتارت هل تسأله أم لا !؟ .. لا تريد تخريب اول يومٍ هادء تحضى به لكن هذا السؤال يتردد لذهنها كُل يوم غير قادرة على ابعاده !
" دعيني احزر __ " قال بابتسامة صغيرة ريثما ينظر لها تمامًا .. للحظة اعتقدت انه ينظر لروحها، عيناه تمتلك تلك القُدرة على جعلك تشعُر بالذنب و تعترف بالحقيقة و انت لم تفعل شيءً حتى !
" تتسائلين عن فرانك ليستر صحيح ؟"
" اجل صحيح .. كيف عرفت ؟"
" لستِ الوحيدة التي تستطيع قراءة الأفكار."
رفعت يديها باستسلام ريثما ابتسمت له
" اذن .. هل تعتقد بانه مات ؟"
" لا لايزال واعيًا قليلاً .. اعتقد سيفقد الوعي بعد عدة ساعات. "
" دعني احزر ... وضعت كاميرات مراقبة في الغُرفة المُغلقة ؟"
" اجل .. ارأيتي الآن تتعلمين !"
" هل استطيع الرؤية ؟"
" تعالي معي .."
توجها نحو المنزل مِن جديد ليدخل غُرفته ثُم يخرج مع لوحٍ ذكي .. شغل الجهاز لها و اعطاها اياه
" هذا اقوى سافل رأيته في حياتي .. لَم ارى شخصًا يستطيع المقاومة دون ماء او طعام لهذه الدرجة سابقًا !"
" خائفة مِن ان يهرب مُجددًا ... صراحةً اصبح لدي فوبيا قوية. "
" دعيه يهرب و يأتي لكِ مُجددًا .. حتى هذه المرة لن نتساهل معه نهائيًا. ثُم لا تقلقي احكمت اغلاقه لن يهرب."
" شُكرًا مِن كُل قلبي كايدن على كُل ما فعلته لأجلي."
ابتسم لها بدفئ مِن جديد و هو يأخذ اللوح مِن يدها
" لا داعي للشكر .. على الأقل عثرنا على مُجرمٍ منهم و عاقبناه !"
" أنت مُحِق .. هيا لِنعُد. "
عادوا الى الحديقة و هما يتمشيان معًا ريثما يغيران الموضوع ليصبح بطريقة ما عن التخاطر الذهني و امكانيات حدوثه .. ثُم عندما اتى المساء علمها كيفية لعب الشطرنج رغم انه تغلب عليها في كُل مرة ... لكن لازالت تحاول هزيمته !!
و اخيرًا عادت للمنزل مع والدتها .. علاقتها بوالدتها عادت لتصبح طبيعية ، اي لا تتشاجران كثيرًا اضافةً الى ان السيد ميرال عثر على منزلٍ اخيرًا و نُقِلوا له لتصبح وحدها مِن جديد ..
هذا بالطبع قبل ان يدعوها لتعيش معهم في المنزل الكبير و يعودوا ليعيشوا معًا. رغم ان الخبر ام يعجب كلاريس كثيرًغ لكن لا مجال للمناقشة فالجميع قرر بالفعل دون اخذ رأيها بالطبع.
...
بعد شهرٍ تقريبًا كايدن اتصل بها مساءا ليخبرها بان فرانك قد مات .. و ان تطمأن بانه لن يعود ليلاحقها مِن جديد.
اصرت عليه بان تذهب معه حتى وافق اخيرًا ليأخذها. عندما وصلت لم يسمح لها بالدخول ليقوم باخراجه بنفسه ثُم حرق جُثته حتى اصبحت رمادًا و الرماد اعطاه لكلاريس لترميه في البحر .. ليقف بجانبها تمامًا ينظر الى الامواج التي تبعث شعورًا بالراحة و السكينة ريثما يختلس الانظار اليها بين كُل فترة و فترة.
" ماذا ؟"
" كلاريس لقد كان مُجرمًا و دمر حياة العديد مِن الفتياة اضافةً الى بيعهن ... استحق ان يموت."
" اعلم ، انا فقط ....... لا اشعر بان كُل شيء اصبح بخير."
" لا يهم ... طالما حياتُكِ اصبحت آمنة كُل شيء آخر سيُحل مع الوقت لا تقلقي."
حولت نظرها اليه بنوع مِن الأمل .. ترجوا ان كلامه صحيح حقًا
" حقًا ؟"
" بالطبع. "
جلسوا هناك ينظرون للبحر لدقائق .. و الدقائق اصبحت ساعات حتى نسيوا كَم مضى من الوقت تحديدًا.
كِلاهما يتمنيان شيء واحد .. العثور على هذا الشخص الذي دمر حياتهما معًا و الذي اختفى دون اي أثر ! ... كلاهما مُتعبان و يأملان ان يكملا حياتهما بعد هذه الأيام المُضطربة .. كلاهما رغم يأسهما و معرفتهما للحقيقة المُرّة ، لديهما بصيص أمل انهما سيعثرا عليه في يومٍ ما.
فالقدر يلتف حول صاحبه في نهاية الطريق .. ولا احد يستطيع الهروب مِن افعاله الخاصة.
النهاية
_________________________________________
هذه النهاية ... ارجوا ان الكتاب اعجبكم 🌹 صراحةً هنالك امر اريد ان اعترف به ...
كان لدي مئة فكرة و فكرة استطيع تنفيذها بهذا الكتاب ... لكن لم افعل ذلك لانني احببت بان يكون واقعي قدر ما استطيع ان اظهره ، كانت هنالك حبكات كثيرة لكن جميعها لن تحدث في الواقع و هذا اقرب ما استطعت كتابته لشيء واقعي فارجوا ان يكون قد اعجبكم 😅🖤
احبكم جدًا و احب شُكر جميع من قراء هذا الكِتاب و شجعني و قال لي كلامًا جميلاً ... احبكم حقًا 😢😙♥️ انتم السبب الذي دفعني لاكمل ما كتبته اساسًا لذا اعلموا بانكم جزء مهم جدا من هذا الكتاب و انا اقدر كل فرد منكم بشدة.
وداعًا احبائي ♥️ سنلتقي قريبًا جدًا 😊😉 ماذا ضننتم ستتخلصون مني 😹😹 مستحييييل ان اترككم و الواتباد بسلام نهاائيا 😚😍🤗
Коментарі
Упорядкувати
- За популярністю
- Спочатку нові
- По порядку
Показати всі коментарі
(1)
١٣) مشاعرٌ ميتة.
لو سمحتي متى حينزل الجزء الجديد؟؟
Відповісти
2018-10-24 14:35:22
1