٩) ماضي لايزالُ حيًا.
الكراهية هي ذلك الشعور القوي لشئ او شخصٍ ما .. جميعنا قد نكره اشياءاً او اشخاصاً ، مع هذا ليس الكَثيرُ مِن الأشخاصِ مَن يعلم ماهي الكراهية حقاً.
هذا الشعور قد يصل احياناً الى مرحلةِ ان يفقِدُك كُل ذرةِ تعاطف و انسانية تجاه الشخص الذي تكرهه.
غريبة هي تِلك الكلمة التي لها هذا التأثير القوي حقاً !
هل مررت بهذا الشعور لدرجةٍ افقدتك عقلك و مشاعرك مِن قبل ؟ هل جربت الألم مِن محاولة السيطرة على نفسك مِن مشاعر الحقد و الكراهية القوية ؟
هذا بالضبط ما كانت كلاريس تحاول اكتشافه وهي تستمع لتلك الكلمات .. هي لم تكن تشعر بالسوء بِسبب ما قاله المحقق ، .. ولا حتى بقطرة ذنب ان هذا قد حدث بسببها، بل كانت تشعر بالحيرة الشديدة !
لمَ تشعُر بالحيرة الشديدة ؟ ...... لانها و بِكُل بساطة لا تشعر باي شئ ، المحقق اخبرها بان شخصان في غيبوبة و قد يموتان. مع هذا ، هي لِم تشعر باي شئ حتى ضميرها اختفى فجأه !
بل بالعكس .. لم تكن ترغب بالاعتراف لنفسها بهذا الامر لانها تكره الانانية ، لكن رغم محاولاتها لم تستطع كبت ذرة السعادة التي انفجرت في داخلها للتو !
انانية مِنها ام حقد ؟ ، قلب اسود ؟ ، لم تكن تهتم نهائياً ! و هذا نوعاً ما اخافها .. فهي لم تعتد هذا النوع مِن السواد !!
شخصان في المشفى بين الحياة و الموت يجب عليها ان تخاف !! مهما فعلوا لها فهذه ارواح وليست لعبة انتقام لتفرح !
حاولت اقناع نفسها بهذا الكلام .. لكن هذا لايزال غير كافيٍ لجعلها تشعر بشئ تجاه هذا الخبر 'المروع'
" آنسة كلاريس .. نتمنى ان تبقي في المنزل هذه الفترة و ان لاتعرضِ نفسكِ للخطر ، نحن لانزال غير مدركين مَع مَن نتعامل او اي طرف يقودنا للشخص الذي فعل هذا. "
لاول مرة في حياتها شعرت بشئ غريب تجاه هذا الشخص المجهول .. ان لم تكن مخطئة انه شعورٌ بالمودة. حتى لو كان يسعى ورائها حقاً وسيقتلها .. هي لم تمانع الفكرة !
" انا لا اصدق هذا .. اليس لديكم اي دليل على مَن فعل هذا بِقَريبَي !؟" وضعت اكثر تعبيرٍ مزيف تستطيع تصنعه.
" مع الاسف لا. حتى الآن علينا الانتظار ليستيقظ احدهما على الاقل ، هذا دليلنا الوحيد حالياً. "
لم تهتم ولا لكلمة قالها .. كُل الذي تريد فعله حالياً هو الذهاب للمشفى و رؤية ما مدى الضرر الذي تسبب بِه هذا الشخص لهم.
" الريد الذهاب الى المشفى رجاءاً ! اريد فقط رؤيتهما رجاءاً !!"
اعطاها المحقق نظرة شفقة بينما هذا الثاني الذي بجانبه حافظ على ملامحه الهادءة وهو يراقبها بِتمعن.
" اجل ، ساوفر لكم الحماية .. ساتصل بعدة حرس لحراسة المنزل و بامكانهم مرافقتكم للمشفى. "
شكرتهم والدتها ليغادروا اخيراً ، اما كلاريس لم تنتظر اذن والدتها لتصعد الى غرفتها باسرع ما يمكنها وهي تقفل الباب كالعادة.
اول ما دخلت توجهت نحو المرآه تنظر الى انعكاسها الذي لا يشبهها بعد الآن ، فقدت تحولت ملامحها الى نظرة سعيدة ريثما شبه ابتسامة مرسومة على ملامحها.
" ما خطبي !؟ هذه ليست انا !"
كُل الذي استطاعت رؤيته الآن هي تلك الفتاة ذو الإثنتي عشرة سنة .. و التي يوماً ما كانت مليئة بالحقد و السواد و عقلها المشوه بِكل ماهو قبيح في هذا الكون .. و التي بطريقة ما نجت مِن اربع محاولات انتحار باعجوبة. هي لا تريد العودة الى تلك الفتاة التي جُردت مِن كُل ذرة برائه في داخلها !
لقد اعادت تكوين نفسها مِن جديد .. لا تعلم كيف بالضبط فعلت ذلك، فروحُها كانت هالكة تماماً ، مع هذا كُل شئ حصل في محاولتها الاخيرة لانهاء حياتها البائسة في احدى الايام المدرسية العادية في نفس وقت هذه السنة تقريباً. حيث هجمت عليها افكارها السوداء بعد فترة مِن الارهاق الجسدي و الفكري ..
هذه المحاولة غيرت كُل شئ ،
_________________________________________
قبل ستة سنواتٍ تقريباً ، في شهر اوكتوبر.
الغيوم القاتمة كانت تتحرك في السماء بِتثاقل وهي تخفي ضوء اشعة الشمس الباهتة ورائها .. تمنت كلاريس ان تكون غيمة حتى تبتعد عن كُل شئ في هذا العالم ! حتى تعيش بسلام في السماء مِن دون اي هموم او افكار ..
" كلاريس انتبهي الى هنا ! الى اين تنظرين !؟"
جذب انتباهها فوراً هذا الصوت المزعج لتنظر الى صاحبته ، مُدرسة الرياضيات .. و التي تمنت بشدة ان تذهب و تُهشم راءسها لاخراجها مِن لحظات هدوءها.
و كالعادة تجاهلتها كلاريس تماماً وهي تعيد نظرها الى كتابها و دفتر ملاحظاتها ، لتمسكه وهي تتظاهر بتسجيل بعض الملاحظات المزيفة فيه.
" انظري الي عِندما اتحدث معكِ !"
نعم ، اهلاً بِكم في نظام المدارس في الولايات المتحدة. انها ليست مثالية كما يعتقد البعض .. فصحيح ممنوع لمس اي طالب ، لكن مع هذا القانون لايذكر اي شئ عن التنمر 'الكلامي' ... بالطبع ليس جميع المدرسين !! ، لكن عدة منهم.
رفعت كلاريس نظرها لتعطيها اكثر نظرة حادة تملكها.
" لا تنظري الي هكذا او سوف ارسلكِ للحجز !"
انزلت كلاريس نظرها مُجدداً لتتجاهلها مما اغضب المُدرسة فقط ! لتتوجه نحوها بخطوات سريعة وهي تسحب دفتر ملاحظاتها
" اريني ماذا سجلتي! "
حملت الدفتر لتقلب صفحاته وهي ترى الاشياء الغريبة التي رسمتها كلاريس .. لسكين فيه دماء ، رجل رأسه مقطوع و باقي جسده يحترق في الجحيم ، جُمل عفوية كتبتها لنفسها مِثل ' كان يجب ان تموتي ' ، ' عاهرة ' ، ' اذهب للجحيم.' ،
و بخط كبير تحت كُل صفحة مكتوب ' اقتلني رجاءاً '
مِن ثم وصلت لنهاية الاوراق لتجدها مليئة مِن البداية الى نهاية بكلمة واحدة ..
' اقتل ، اقتل ، اقتل ، اقتل ، اقتل ...'
و الكثير مِن الرسومات و الاشياء الغريبة الاخرى. في العادة الشخص يكون قلقاً .. ما عدى هذه السايكوباث التي ابتسمت بسخرية على صفحات دفترها
" ياله مِن مستقبل الذي تملكينه. "
رمت الدفتر في وجهها تقريباً وهو يستقر على الارض مفتوحاً للجميع حتى يروه ..
سارعت كلاريس بحمله لكن بهدوء يحطم الصخر ، اغضب مدرستها فقط. مع هذا اكتفت بذلك لتعود الى الدرس ريثما كلاريس فقط تشكرها داخل عقلها ..
لقد اعطتها للتو سبباً آخر لتكون تعيسة وهي شاكِرة لذلك ! .. قد يظنه البعض جنوناً ، لكنها حقاً تحب وحدتها و عذابها ، لقد بقيت بجحيمِها لفترة طويلة .. حتى بدئ يُصبح مُريحاً لها بشكلٍ غريب !
هي لاتريد ان تكون سعيدة. ولا باي شكل كان ! لانها ادمنت هذا الظلام الذي اصبح كُل ما تحتاجه في يومها .. تُحب لوم نفسها ، تُحب الشعور بالغيرة مِن الآخرين ، تُحب الحقد و تُحب تخلي الجميع عنها بهذه الطريقة.
كانت جالسة في الحديقة خارِجاً .. في ابعد بُقعة تستطيع العثور عليها ، الجميع كان خارجاً يلعبون كالاطفال ... بعد التفكير جميعهم اطفال ، ماعداها.
كانوا يمرون بجانبها و هم يتكلمون بِلغتهم التي تفهم مِنها القليل.
" ما خطبها !؟"
" اعتقد بانها مجنونة. "
تهامسوا في ما بينهم بينما هي تستطيع سماع كُل شئ. لافرق بين الفتيان و الفتياة .. حيث الصنفين اعتبروها معتوهة.
" هي انتِ ! ابتعدي نريد الجلوس هنا. " اقتربت مِنها احدى الفتياة مع رفيقتاها .. كانت تبدوا مدللة مِن طريقة كلامها و مظهرها.
" اغربي عن وجهي. "
صُدمت الفتاة تماماً وهي تنظر لها بغضب
" قُلت لكِ ابتعدي يا معتوهة نريد الجلوس!"
نظرت اليها كلاريس اخيراً بطرف عينيها بطريقة مخيفة.
" جلستُ هنا اولاً ، لذا اغربي عن وجهي لان بشاعتكِ تؤلم عيناي. "
جرتها الفتاة بسخرية من يدها بعيداً .. لكن كلاريس لم تستطع التحمل اكثر لتقوم بسحبها مِن شعرها وهي تدفعها الى الارض لتقع.
" ستندمين !" صرخت وهي تذهب بعيداً بسرعة و صديقاتها معها .. ريثما جميع الاعين كانت قد توجهت نحوها الآن.
اكملت تأملها داخل افكارها الصاخبة حتى دق الجرس مُعلناً عن انتهاء الاستراحة لتعود الى الداخل .. كان كُل شئ طبيعي حتى الاستراحة الثانية ،
كالعادة جالسة في مكانها المُعتاد تُفكر بلا شئ .. حتى اتت الفتاة نفسها وهي تختبئ وراء امراءه متوسطة الطول بِشعرٍ قصير بُني و مكياج خفيف ..
بدت لكلاريس عاهرة كابنتها تماماً مِن التنورة القصيرة الضيقة و القميص الابيض ذو الصدر المكشوف.
" هل انتِ من ضايقت ابنتِ ؟"
" اجل. مُشكلة ؟ " قالت باختصار مِن دون ان تنظر اليها حتى
" ما هذه التصرفات !؟ احترمي الاكبر سناً !" قالت بنبرة حادة ريثما كلاريس ابتسمت ابتسامة صغيرة وهي تحدق ناحيتها مِن طرف عينيها.
" ساتصرف كما يُعجبني. "
" و باي حق تضربين ابنتِ !؟ الم يُعلمكِ والديكِ الاخلاق !؟"
" و هل علمتِ ابنتكِ انتِ الاخلاق اولاً !؟ .. حيث لا تجبرين الآخرين على ترك مكانهم فقط لانها ارادت ذلك. "
" كيف تجرأين !؟ حقاً تحتاجين للتاديب .. اريد التحدث مع والديكِ عن تصرفاتك ! اتصلي بوالدتك لتاتي !"
" امي ليست فارغة لهراءٍ كهذا. بل لديها اعمالٌ اهم مِن التعامل مع الاشخاص التافهين. "
هنا فعلت ام الفتاة شيئاً لم تتوقعه كلاريس نهائياً ! حيث رفعت يدها و صفعتها امام الجميع .. بقيت كلاريس متجمدة في مكانها مِن الصدمة ريثما تعيدها ذكرياتها للكابوس الذي مرت به.
" ساخذ رقم والديكِ مِن المديرة ، ساجعلهم يربونكِ !"
فقدت كلاريس كُل ذرة هدوء في داخلها وهي تشعر بالوحش الذي يتوسل للخروج ..
" بل اجعلي والديكِ يربونكِ اولاً على العاهرة التي لديهم. "
رفعت المراءه يدها مجدداً لتصفعها لكن كلاريس امسكتها فوراً وهي تضغط على معصمها بقوة.
" اتركِ يدي قبل ان اكسرها لكِ ! __"
" ان لمستيني مُجدداً في حياتكِ البائسة .. ساكسر لكِ كُل عضمة تملكينها في هذا الجسد ، و انا لا امزح "
ضغطت اكثر على عضامها لتجعلها تشعر بجدية الامر .. انها ليست حركة عادية ، بل هي حركة صعبة جداً تعلمتها لتكسر عضام اي شخص مهما كان عمره .. لذى هي متاكدة بانها ستؤلم كالجحيم.
اطلقت المرأه صرخة الم وهي ترخي يدها على امل ان يخف الالم .. تركتها كلاريس اخيراً لتقوم تلك الاخرى بامساك يدها فوراً و عدة دموع قد خرجت مِن عينها لا ارادياً نتيجة للالم.
نهضت اخيراً وهي تتوجه الى الحمام ريثما الجميع يبتعد عنها بخوف بعد رؤيتهم للالم الذي تسببت به لهذه المرأة.
فور ان دخلت كلاريس اقفلت الباب بِسرعة لتُخرج مِن جيب معطفها علبة دواء مسكن لالم المعدة .. فهي اخذتها احتياطاً لانها في هذه المرحلة بدأت معدتها تؤلمها بشكل لا يطاق بعد كُل ملعقة طعام تضعها في فمها.
المشكلة المسكن العادي غير فعال .. هذا قوي جداً حيث تؤخث حبة واحدة كُل ٢٤ ساعة !!
نظرت اليها مطولاً قبل ان تفتحها لتبتلع نصف العلبة تقريباً بِسرعة ..
في اول خمس دقائق لم تشعر باي شئ غريب، لذى اعتقدت بانه لم يؤثر عليها بهذا الشكل الكبير ...
دق الجرس لتعود الى الحصة .. و بعد ثلاث دقائق تقريباً مِن بداية الدرس ، كان كُل شئ طبيعي تماماً حتى هجمت عليها موجة مِن الحرارة جعلتها تتعرق قليلاً، و معه شعور قوي بالغثيان ..
ثم بثوانٍ اصبح هنالك طنين قوي في اذنها منعها مِن سماع اي شئ آخر لحقه فقدان رؤية .. حرفياً اصبح كُل شئ باللون الاسود حركت راسها كمحاولة لاستعادة بصرها لكن الامر زاد سوءاً فقط حيث فقدت توازنها تماماً ... لتقع على الارض ، فمها اصبح جافً جِداً تلمست الارض الباردة لكن و كانها لا تتعرف على ما تلمسه ! كانت لاتزال صاحية رغم ان حواسها قد توقفت عن العمل تماماً ! لتغمض عينيها اخيراً باستسلام و آخر ما استطاعت الشعور به هو يد المُدرس ترفعها عن الارض.
.
.
.
استيقظت في المشفى على صوت جهاز دقات القلب ، ما ان استعادت وعيها حتى دخل الطبيب ليفحصها
" لقد استيقظتِ ! عائلتك كانوا قلقين عليكِ. " قال الطبيب و هو ينادي احداً ما ليدخل.
لثانية فقط ... لاتعلم ما دخل لعقلها لتفكر بان والدتها عادت مِن السفر لاجلها ، لكن لا ...
' عائلتها ' كانت عبارة عن عمها والد إلياس ، و الذي كان الوحيد اللطيف في العائلة ، بارد وليس له علاقة باي شئ ... لكن لطيف.
و معه عمتها رونا ، تلك التي اخبرتها بسخرية ان جرح الذراع لن ينفع .. بل عليها جَرح منطقة الوريد في معصمها. نعم ...
فقط هؤلاء.
" انها محظوظة بالمناسبة .. هذا الكم الهائل مِن الدواء كان ليقتل اي شخصٍ بالغ بدقائق. "
" لمَ فعلتي هذا !؟ هل انتِ غبية ؟"
قالت امام الطبيب ليتعجب هذا الآخر من نبرتها.
" لم اقصد .. كُنت قد نسيت بانني اخذت ، و عندما لم ينفع المسكن .. اخذت اكثر حتى يخفف الالم. " كذبت و مشاعرها قد تحولت كالصخر تماماً.
هي حقاً لا تحتاج للتعامل مع هذا الهراء حالياً ، فقد كانت على حافة الموت.
" انها ليست محظوظة فقط .. بل لابد ان الله يحبها كثيراً ، لان قلبها توقف في العملية مرتان." قال بتاكيد وهو يتكلم معهم بجدية الآن.
" حمداً لله ! .. ساتصل بالباقين لاطمأنهم. "
ارادت ان تطعن نفسها لتعود الى الموت .. وهي تسأل نفسها لِمَ لَمْ ياخذها الموت ليريحها مِن هذا الالم !؟؟؟
هل من المعقل بانها كادت تموت ولا احد اهتم حتى !؟؟؟ ... ياترى ان ماتت هل سيحظر جنازتها احدٌ حتى !؟؟
" متى تستطيع الخروج ايها الطبيب ؟"
" لايزال جسدها متأثراً بهذه الجرعة .. لذى يجب ان نبقيها لاسبوع على الاقل. "
" حسناً ، شكراً لك. " قال عمها بتعب .. فهو كان يعمل كثيرا هذه الفترة.
شعرت كلاريس بالذنب لانها جعلته ياتي الى هنا لاجلها .. فمع كُل شئ من بين عائلتها باكملها هو فقط اهتم لامرها كفاية لياتي.
" رجاءاً المريضة تحتاج الى الراحة .. مرحلة الخطر قد زالت لذى لافائدة من البقاء عودوا للمنزل. ان حصل شئ سنتصل بكم فوراً !"
" حسنا شكرا مرة ثانية. "
غادروا بعد ان اطمأنوا عليها اكثر لتبقى وحدها تماماً مع الطبيب ريثما يُكمل فحص نبضها .. و بالطبع هي ترتعب منه .. لهذا كانت نبضات قلبها ترتفع كلما اقترب منها.
" نبضاتك غير طبيعية .. " قال بعد ان نظر لدفتر ملاحظاته
" لاباس .. هذا يحدث ، انه لاشئ. "
ابتسم لها بلطف مما اخافها اكثر فقط.
" حسناً اذن .. علي اخذ عينة مِن دماءك هل تسمحين ؟ "
تفاجئت قليلاً فاي نوع مِن الاطباء يسئل مرضاه ان كانوا يسمحون باخذ عينة من الدماء !؟؟
" لاباس. "
اقترب مِنها بعد ان جهز الإبرة .. هي لاتخاف مِن الابر لانها تجرح ذراعها كُل يوم لذى بقيت هادئة.
حتى استوعبت شئ للتو ...
هي تجرح ذراعها ... اذن لابد ان الجميع رآها في العملية !! و من جديد رفع اكمامها ليدخل المعدن البارد داخل جسدها وهو يسحب عينة من دمها
متجاهلاً بالكامل لتلك الندوب !!
" تعلمين __"
الآن سيقول شيئاً عن التوجه نحو الله و التوقف عن الحماقات ...
" احتفظت لكِ بقداحتك و .. السكين. لاتخبري احد بذلك ... حتى لا افقد وضيفتي " قال مُمازحاً لها ليضع القداحة الفضية بجانب رأسها في الدُرج مع السكين.
" اعذريني على التطفل .. لكن مِن اين جلبتيهما ؟"
سئلها ريثما يعيد فحص دقات قلبها للمرة الثالثة و لسببٍ ما ، هي ايضا خف توترها لتتكلم
" كانا لابي و اخذتهما. "
" و اين هو الآن ؟"
" في القبر. " اجابته ببساطة وهي تكبت تلك المشاعر في داخلها .. في لحظة اعتقدت انها ستنفجر مِن كُل ذلك الثُقل في داخلها.
" لمَ تحملينهما في المدرسة ؟ ان وجدوا هذه الاشياء معكِ سياخذونها منكِ ! كونِ حذرة. "
" احملها للاحتياط، فكما تعلم .. العالم ليس مكانً آمناً."
لم يتكلم باي شئ بعدها ليكمل عمله و هو يغادر غرفتها ..
_________________________________________
مِن بين جميع محاولاتها هذه كانت الاكثر رُعباً لها .. حيث بدقائق فقدت كُل حاسة امتلكتها ، و توقف قلبها مرتان .. كانت ترى حياتها امام عينيها بلمح البصر و الخوف مِن مواجهة الموت بهذه السرعة سيطر عليها. صحيح هي ارادت الموت .. لكن الامر حصل بسرعة شديدة !
صحيح بعد استيقاظها تمنت الموت مجدداً .. لكن بعد تلك المحاولة و خاصتاً ان لا احد كان معها .. كان عليها مواجهة كل ذلك بمفردها تماما كما تفعل دائماً.
ايضاً صحيح بانها لم تكن تشتهي الطعام كثيراً .. لكن بعد محاولتها الاخيرة فقدت كُل رغبة بتذوق اي شئ ......
الى الابد.
لكنها نجحت .. فشئ ذلك اليوم مات داخلها ! شعرت و كانها لا تهتم للحياة و ما يحدث فيها بعد الآن .. لانها واجهت الموت. لانها فهمت بان لاشئ سيستحق في تلك اللحظة المرعبة .. و بان كُل حياتها ليست الا عبارة عن اختبار.
فهمت ان عليها ان تكون الجيدة بين كُل تلك الارواح المسمومة. عاد لها جزء صغير مِنها .. و شيئاً فشيئاً وجدت امراً رائعاً احبته .. و الذي هو صنع ابتسامة حقيقية على وجه الآخرين.
كلمة واحدة ، ابتسامة .. ليس لديك اي فكرة عن مقدار تاثيرها في يوم شخصٍ ما .. قد تكون بهذه المحادثة الصغيرة و الابتسامة انقذت حياة انسان !
لذا ... ازالت الابتسامة مِن وجهها وهي تنظر الى انعكاسها الذي عاد كما كان.
" مهما فعلوا بي .. لن انزل لهذا المستوى ، فانا افضل مِن هذه المشاعر ! و الحقد ليس مِن صفاتي. "
سرحت شعرها وهي ترفعه للاعلى مع بعض الخصل التي انزلتها فهي تكره شعرها مرفوعاً بالكامل !
ارتدت فستاناً ابيض و فوقه معطفها الاسود بالطبع !
هي لا ترتدي سوى لونان .. اما ان تكون ثيابها سوداء بالكامل .. ام تكون كملاك بالابيض فقط. لا يوجد لديها وسط ، تحب الامور المبالغ بها ولا تحب الوسط.
انتهت لتنظر الى نفسها في المرآه وهي تبتسم ابتسامتها المعتادة.
" اعلم بانني لستُ ملاكاً. و صحيح بانني فعلت اموراً لا تغتفر .. لكن هذا لا يعني بانني لن احاول ان اصبح واحِدة ، "
" بل انا ساحاول ، وسوف اواجه كُل مايحدث لي و كُل اختبار لآخر نفس لدي، ... لانها مُجرد حياة فانية لا تدوم اساساً لاقلق بشأنها. واجهت الاسوء .. ولن اقع الآن !"
شعرت بثقتها تعود اليها لتضع سماعات اذنها وهي تعود الى والدتها.
.
.
.
المشفى كان هادءاً للغاية .. بالطبع فهذا ليس مشفىً عادياً ، فابنة السيد ميرال قد تعرضت لهجومٍ كاد يؤدي بحياتها ... كلاريس شخصياً لم تكن خائفة مِن هذا المجهول ، فهي متاكدة انه هو.
بالعكس ، هي كانت تريد لقائه بشدة ! شئ ما بشخصيته .. هي نوعاً ما تشفق عليه. لا شخص مهما كان يتحول فجأه هكذا الى شخصٍ يحقد على المجتمع.
غبية ؟؟ نعم ! الى درجة ... فطالما اشفقت على الجميع ، شعرت بالاسف تجاههم على ما فعله هذا المجتمع بهم مِن آلام و مصاعب. و كان احداً يحمل مطرقة يتقدم مِن كل شخصٍ ليهشم احلامه و سعادته منذ الصغر.
كُلما شخصٌ اهانها في يومٍ و شتمها او سبها مع ان هذا حصل نادراً ، هي لا تعيد له الشتيمة ..
بل تتسائل في تاملٍ عميق مِن اي بيئةٍ قد تربى و جاء يا ترى ؟؟ ما الفارق بينهما الذي جعل كُلاً منهما مختلفين.
" كلاريس ابقي مع الحرس ولا تخرجي .. الامر اصبح خطيراً جِداً !" قال السيد ميرال وهو يتكلم بشكلٍ جدي لاول مرة.
" حسناً .. لكن من تعتقدون هو المسأول و لمَ يفعل هذا ؟" احبت ان تعرف بمَ يفكر للاحتياط.
" في الواقع .. اضنه احد اعدائي ، لكن الامر فقط غير منطقي ! لمَ يهاجم ابنتي و إلياس بينما انا هدفٌ اسهل منهما حتى !؟"
" انت محق. "
سألت نفسها نفس السؤال لاول مرة .. فصحيح لمَ قد يفعل ذلك بهما !؟ ما الداعي لذلك !؟
" الطبيب القال بانه لاباس بالزيارات لكن ابقوها قصيرة. "
" سافعل .. اردت فقط رؤية ما مقدار سوء حالتهما."
" انها سيئة لدرجة بانهما في غيبوبة. " قال السيد ميرال فوراً.
بينما كلاريس دخلت غرفة زيرا تنظر اليها اول الاشخاص ..
توسعت حدقة عيونها بدهشة وهي بالكاد تتعرف عليها بعد اليوم !! فوجهها قد تحول للون المُزرق البنفسجي بالكامل تقريباً ، و إحدى يديها تبدوا مكسورة مع قدمها ايضاً .. و الذي نجى مِن جسدها كانت على الاقل فيه كدمة واحدة ...
كلاريس لم تكن مدهوشة .. بل و كانها دُعست للتو مِن قِبل حافلة ! توقع رؤية عدة كدمات زرقاء لكن ليس هكذا !!
هذا فقط جنون لمستوىً آخر تماماً ! لم تحتمل ذلك اكثر لتخرج الى والدتها التي اجهشت بالبكاء فور رؤيتها لزيرا بهذه الحالة ، لان والدتها مقربة مِنها لدرجة كبيرة جداً.
" مظهرها جيد حالياً !، فعندما وجدوها نصف ثيابها كانت مُمزقة. " قال السيد ميرال بابتسامة و كانه فقد عقله تماماً ... كانت كلاريس تلمح دموع خرجت مِن عيونه
" لحظة ... هم لم يفعلوا .. امم شيئاً بها صحيح !؟؟" قالت بفزع وهي تلاحظ بان هذا قد يكون بسببها بالكامل !
" لا .. لسببٍ ما ، مزقوا ثيابها عن عمد ليجدوها هكذا .. ثُم اختفوا. "
تربت على كتفه بشكل غير معهود فهي لم تقترب منه مِن قبل لهذه الدرجة ..
" لا تقلق سيد ميرال ، انا متاكدة انكم ستعثرون على مَن فعل هذا بها. "
صحيح المجهول بارع وهي تشهد على ذلك ... لكنه ايضاً انتحاري بهذا التصرف ! فانت لا تعبث مع احد اقوى الضُباط هكذا !! خاصتاً لا تفعل ذلك بابنته.
غُرفة إلياس كانت بجانب غرفة زيرا لتتركهم جميعاً وهي تدخل غرفته موجهة بنظرها نحوه ..
حالته كانت اسوء فقط.
رغم كُل الذي حدث لجسده ، كان يمتلك صعوبة في التنفس حيث نبضاته بطيئة جِداً ... إلياس كان سيءاً و فعل امور لا تغتفر .. نعم.
كان يستحق ان تتسبب له بالمٍ حقيقي نعم .. لكن ليس بهذه الطريقة ، فهذا فقط ..... وحشي !
هذا عملٌ خالي مِن اي انسانية تماماً ، حسناً هي رسمياً غيرت رأيها .. مقابلة المجهول لاتبدوا فكرة جيدة لها حالياً ،
قاطع انتباهها مرور الطبيب مِن جانبها وهو يفحص إلياس ، فحالته تتطلب عناية مشددة جداً.
" عُذراً .. لكن هل هنالك شئ غير الكسور و الكدمات ، فيبدوا لي بانه لا يستطيع التنفس مِن دون الجهاز .. لماذا ؟"
كان السيد ميرال يقف ورائها وهو يراقب الطبيب يؤدي عمله.
" في الواقع حالته غير معهودة ! ، عادةً الهجمات تؤدي الى كسور في القدمين اليدين .. الجُمجُمة ان كانت ضربة على الرأس ، كدمات ! لكن __"
توقف عن فحصه وهو ينظر لها تماماً و بذعر قليلاً
" لم يكتفوا بهذا .. لابد انهم خُبراء مِن نوعٍ ما ، فانظري هذه المنطقة على عكس باقي اجزاء الجسم تكون ضعيفة و مِن دون حماية لابد انهم ضربوه بسلاحٍ ما __"
كان سيتابع لولا ان كلاريس اوقفته عن الكلام وهي تنظر الى حيث اشار بِصدمة ، ابتسمت قليلاً وهي تنظر الى الياس
" لقد كسروا له عضمة الصدر هذا ليس سلاحاً بل حركة مُتقنة .. "
" كيف علمتي ذلك !؟؟" قال الطبيب بدهشة ريثما السيد ميرال متصنم في مكانه يناظر اجابتها
" لقد حاولت اتقانها قبل فترة .. انها حركة خطيرة و تُستخدم فقط لحالات الطوارئ القصوى لانها تستطيع التسبب بموت الشخص حقاً ! ، كما تعلم .. تتسبب بكسر هذه المنطقة بشكلٍ خطير كونها الوحيدة التي ليس لها حماية. "
تقدم السيد ميرال فوراً وهو يواجهها الآن
" كلاريس مِن اين تعلمتها بالضبط .. لو علمنا اسلوبهم قد نعلم مِن اين تعلموه هؤلاء !"
نظرت كلاريس بتمعن مُجدداً الى الياس .. كدماته ، اصاباته كُلها بتمعن.
" لستُ متاكدة مئة بالمئة .. لكن ساحزر و اقول بانه كراف ماغا ( krav maga ) "
قالت بكل بساطة وهي تتفحص جسد المسكين الذي لايزال فاقداً لوعيه اثر العذاب الذي ذاقه.
" و ما هو هذا ؟"
" انه __"
ابتسمت كلاريس لنفسها بصدمة مجدداً وهي تفكر بالامر قليلاً .. الكراف ماغا فن قتالي آخر .. يختلف كُل الاختلاف عن المورشال آرتس ( فن القتال العسكري) بل في الواقع زرع الامر بضع افكار جنونية في عقلها .. افكار جنونية لكنها واقعية لسبب ما.
" انه ماذا ؟"
كانت لاتزال كلاريس تحت الصدمة وهي تستوعب الامر لتوها فقط !
" انه مِن اخطر الفنون القتالية حتى الآن. يتم تعليمه بشكلٍ خاص ....... "
" لِمَن ؟"
حدقت في عينيه تماماً و لاول مرة
" يتم تعليمه لفرق محددة جداً مِن الجيش الاسرائيلي و القليل مِن الجيش الروسي. انه حرفياً يحول البشر الى مخلوقات لا يمكن هزمها"
" الجيش الاسرائيلي !؟ لكن ... انا لم اقابل اي احدٍ اسرائيلي او روسي مِن قبل !"
لم تتوقع كلاريس بان للسيد ميرال اي علاقة بالامر .. لم تستمع لنا قاله حتى وهي تتوجه نحو الحمام متجاهلة للجميع مِن حولها ،
دخلت الحمام الفارغ و اقفلت الباب .. كانت تشعر و كانها ستتقيئ مِن الدوار الذي اصابها و مِن الانقلاب في معدتها بمجرد التفكير بالامر حتى ، لم ترد تصديق هذا ..
حقاً لم تُرد ان تصدق افكارها التي تصبح منطقية اكثر و اكثر .. لديها امرٌ واحد تستطيع فعله. ستتاكد بنفسها اولاً.
حملت هاتفها على اسمه الذي فضلته مِن بين جميع الاسماء على قائمتها.
اخي الكبير❤
تشجعت وهي تغسل وجهها بالمياه الباردة لتقوم بالضغط على اسمه اخيراً وهي تضع الهاتف على اذنها بارهاق شديد اصابها فجأه .. هذا جنون !! سترى بنفسها ان هذا جنون ! ثُم ستضحك على الامر معه لاحقاً !
" نَعم كلار ؟ هل كُل شئ بخير ؟"
اجتاح صوته القلق سماعة هاتفها لتقوم بقضم شفاهها مخفيةً لذلك التوتر.
" اجل .. اجل لاتقلق ساخبرك بِكُل شئ لاحقاً ، اتصلت لاسئلك امراً خطر على بالي فجأه. "
" تفضلي ، انا استمع لكِ .. "
تصنعت نبرة مزيفة اخرى كمحاولة لسحبه اليها .. فهي لا تستطيع قرآه تعابيره سوى ان رأت وجهه !
" اتعلم ماذا !؟ اشعر بالملل الشديد انهم لايسمحون لي بالخروح بمفردي .. هل تستطيع القدوم الى المقهى الذي بجانب بيتي ؟"
صمت قليلاً بشكلٍ اخافها كثيراً ... فان رفض هذه ستكون علامة سيئة بالنسبة لها.
" اجل بالطبع ، ساكون هناك بعشر دقائق. اراكِ !" اجابها بنفس نبرتها لتبتسم مِن دون شعور.
" رائع ، اراك !"
اغلقت الخط وهي تتنفس اخيراً .. لاتزال في البداية فهنالك مئة اختبار آخر عليع خوضه بنجاح.
هي مِن النوع الذي يتحطم بسهولة لهذا لا يثق باحد نهائياً حتى لا تتأذى .. لكنها عندما تحب شخص ما ، سيصبح هذا الشخص بالنسبة لها اهم مِن اي شئ في هذا الكون ، اي كلمة بسيطة منه ستبني عليها مزاجها لبقية اليوم .. لهذه الدرجة هي تعلقت بكايدن.
انه اول ذكر في العالم تجلس معه ولا تشعر بالانزعاج ... و هذا بمفرده انجاز !!
.
.
.
بعد ان اخبرت والدتها بانها ستذهب لمقابلة احد اصدقائها، وافقت والدتها على ذلك .. لكن بالطبع بعد ان تاخذ احد الحراس معها ... و كأن هؤلاء سيتمكنون مِن حمايتها حقاً مِن فن قتالي مميت كهذا !!
كانت جالسة في المقهى تنظر مِن حولها بتوتر .. بالطبع الحارسان اخذا الطاولة التي ورائها بمسافة جيدة .. تحسباً لاي شئ ، و كأن المجهول سيظهر في منتصف النهار عند مقهىً يملئه الناس كهذا !
قاطع افكارها كايدن وهو يجلس امامها مباشرةً
" اهلاً ، .. "
اعطاها ابتسامة وهو يتفحص ملامحها بدقة
" تبدين ظريفة جداً عندما تكونين متوترة .. خذي بعض الماء. "
ناولها كوب ماء لتشرب فوراً
" كنت تدرس لغة جسد ؟"
" لا .. لكنني حفضت عاداتك عندما تتوترين ، تلعبين بشعرك ، طرف القميص ، تتفحصين شئ في الاعلى لسببٍ ما" قال لتقهقه فوراً
" اجل .. اشغل نفسي. "
" اذن .. لن اكذب انتابني الفضول في طريق قدومي عن ما تريدين سؤاله. " قال بشكل طبيعي
لاشئ غريب حتى الآن ... ولا علامة توتر او خوف ، فقط فضول كما قال.
" في الواقع ... اخبرتني انك كُنت في الجيش ،"
" اجل بالفعل. " حرك راسه علامة على الموافقة .. حتى الان يقول الحقيقة.
" لابد ان الجيش الروسي صارمٌ للغاية .. اعني رأيتهم مرة في المعسكر ، التدريب كان قاسياً جداً !"
ابتسم وملامحه تتحول للتفاجئ .. لقد كان حقاً متفاجئاً !
" هل ضربتي رأسكِ !؟ اي جيش روسي ؟؟ نحن في اميركا !" قال ليضحك بعدها و كانه سمع نكتة.
ابتسمت بِراحة شديدة هي ايضاً فحتى الآن الامور بخير !! هذا رائع !
" سمعت انك تُتقن الكراف ماغا وهو فن يتم تعلُمُه في الجيش الروسي لذا توقعت انك تعلمته هناك. "
" لا ، اعتقد تعلمين بان لدي اقرباء صحيح ؟" اذن هو حقاً كان يستخدمه.
" اجل اعلم ، عن عمتك فقط. "
" اخاها الذي هو عمي علمني اياه بعد ان قتلوا والداي .. في حال تعرضت للخطر. "
هذا اعادها للبداية فقط ! فمِن اين ستعلم لو كان المجهول تعلمه مِن اقاربه ام مِن الجيش !؟ لاتزال احتمالية ان يكون هو كبيرة.
لكن الم يكن معها ليلة امس باكملها !؟
هُنا ستقوم بامرٍ مجنون ... ستقوم باستخدام طريقة التحقيق الفدرالية لاستخراج اعترافٍ مِن الآخرين ، لم تجربها في حياتها ! لقد اتى وقت استخدامها الآن.
" انا اعلم كُل ما فعلته بالفعل .. انا هُنا لتاكيد كُل شئ فقط. لقد اعطيتني للتو ما اريده ، " هي متاكدة لو كان بريئاً لن يتحدث معها مرة اخرى في حياته !
اكملت قائلة " لدي ادلة بانك انت مَن تسبب بذلك ، "
نظر اليها مع ابتسامة تشق فمه .. لم تستطع فهم معناها لتكمل ، ففي العادة هذا يكفي لاستخراج الكلام !
" انا اتفهم لما فعلت ذلك بالكامل .. شعرت بالغضب و بان عليك فعل شئ ما ... "
في هذه المرحلة لم يكن لديها اي فكرة عنما كانت تتحدث بحق الجحيم ! هذا كان اغبى ما قالته في حياتها ، مع هذا اساليبها قد انتهت تقريباً لذى عليه قول شئ ما !
نظرت اليه تماماً وهي هادئة .. علامة ان يتحدث الآن.
" واو ... انتِ جيدة بالمناسبة. لكن لازلت اجهل عنما تتكلمين بحق الجحيم ؟ ولمَ بالضبط تحققين معي !؟" قال بنبرة مُستمتعة و فضولية بنفس الوقت.
على الاقل لم يبدوا غاضِباً منها !
" اجل ... آسفة انت محق ، لم اكن اعلم بمَ كُنت افكر !"
" اذن .. ما القصة ؟"
سحبت نفساً عميقاً وهي تشرح له ما حدث مع إلياس و زيرا ليلة امس و اسبابها للتحدث معه بهذه الطريقة ضناً منها انه هو مَن فعل ذلك.
و بعد ان انتهت بقي هادءاً تماماً مما جعلها تشعر بالذنب اكثر فقط.
" انا آسفة ... اغضب مني لكن لا تصبح هادءاً هكذا !" قالت وهي على وشك البكاء لينظر اليها اخيراً وهو يعطيها اكثر ابتسامة لطيفة لديه.
" لابأس لستُ غاضباً. في الواقع لو كُنت بدلاً منكِ لفكرت بمنطقيةٍ ايضاً. "
" حقاً !؟" قالت بتفاجئ وهي تريد التوجه لمعانقته .. لكنها تعلم بانه لن يشعر بالارتياح كونهم في مكانٍ عام.
" بالطبع. لكن لا افهم لمَ شككتي بي تحديداً ، فحتمالية ان يكونوا اكثر مِن شخص كبيرة. ما ادراكِ انه فن قتالي ؟"
" الامر معقد .. " قالت وهي تلعب بشعرها قليلاً
اعطاها نظرة شك ، هذا قبل ان يصدر صوتٌ مِن جهازها لترفعه بسرعة وهي تنظر الى الرسالة.
مجهول : واحد.
شعرت بالخوف يهاجمها فوراً وهي تنظر الى الرسالة
كلار : ماذا تعني !؟ .. اجبني !
انتظرت لكنه لم يجبها ... نظرت الى كايدن الذي يراقبها بفضول
" هل هنالك خطبٌ ما ؟"
لو كان المجهول راسلها و كايدن جالسٌ امامها فهذا اكبر دليل بانه بريئ ! فرحت لكن في نفس الوقت خافت مِن الذي يخطط له هذا المجنون هذه المرة !
" لاشئ ، ماذا كُنت تقول ؟"
حدق في ساعاته بسرعة .. لاحضت كلاريس بانه حدق نحو ساعته ثلاث مراتٍ بالفعل منذ ان اتى حتى الآن !
" هل انت على عجلة ؟ لاحضت انك تتفحص ساعتك كثيراً. "
" لا لاشئ ، لكنها الساعة السابعة و النصف .. ربما علينا التوجه نحو المدرسة الا تعتقدين ؟" قال وهو يحاول جذب انتباهها ، مع هذا لم يخفى عليها استعجاله.
" اجل انت محق ! ، هيا لنذهب. "
نهضت معه ليفعل الحارسان نفس الشئ .. بالطبع لم يُسمح لها بالذهاب مع اي شخص سوى معهما نتيجة للوضع الحالي.
ودعته و نبضات قلبها قد هدأت اخيراً بعد ان زالت شكوكها تجاهه. المجهول قد راسلها ريثما هو جالسٌ امامها ! و هذا كافٍ لتبرئته.
مِن جهة اخرى ليست لديها اي فكرة عن ما ستفعله الآن ! فهي لا تستطيع اخبار احد بسبب الشريط الذي يهددها به ، لا تستطيع تتبع رقمه لانه مخفي ، لا تستطيع حتى تهكير جهازه لانه ابرع مِنها بكثير !
في نفس الوقت لا تستطيع الجلوس في مكانها براحة ريثما ليس لديها اي فكرة عن ما يفعله الآن في هذه اللحظة !
لم يعد يلعب معها بعد الآن .. لقد كان جاداً بمسئلة تدميرها.
.
.
مدرستها كانت صاخبة كالعادة في هذا الوقت مِن الصباح .. هي لم يعد مسموحاً لها الذهاب الى اماكن بعيدة مِن الحديقة ، او حتى السطح ، او اي مكانٍ بعيد عن باقي البشر ... بل عليها البقاء في الكافتيريا ، الصف ، الممر.
تحدثت مع الآخرين قليلاً و اعتذرت عن عدم ذهابها معهم للرحلة غداً بسبب الذي حدث ... كما يبدوا ان المدرسة باكملها تعلم عن الهجوم الذي حصل ، و قد تاكدوا عندما وجدوا الحارسين يقفان خارج باب الصف تماماً بعد حصولهم على اذن مِن الادارة طبعاً.
اشتهرت كلاريس بشكل غير طبيعي .. حيث الجميع بدئ يتحدث فجاه عن قاتل متسلسل داخل المدرسة يستهدفها !! كايدن وجد الامر خطيراً ، وقد بدئ فضوله يصبح اقوى لمقابلة هذا القاتل.
كُل شئ كان طبيعي حتى وصلتها رسالة قبل دخول الاستاذ بخمس دقائق.
مجهول : اثنان.
خوفها اصبح اقوى و شعور قوي في داخلها يخبرها ان تهرب.
اتى الاستاذ ليتوقف الجميع عن الحديث وهم ينتبهون له ، و بعد نصف ساعة تقريباً وصلتها رسالة اخرى لترفع هاتفها بهدوءٍ شديد تحت الطاولة حرصاً على ان لايراها.
مجهول : ثلاثة.
مجهول : اهربي.
خافت اكثر وهي تنتظر ان يحدث شئ في اي لحضة .. لكن مِن المستحيل ان يتهجم عليها الآن !!
" آنسة كلاريس ، اتركِ الهاتف رجاءاً. "
الجميع حدق ناحيتها الآن ، وهي تمسك الهاتف بيدها لتضعه جانباً
" اعتذر ، انها حالة طارئة. "
ابتسم وهو يتقدم نحوها ليواجهها تماماً
" انا متأكد ان القاتل سينتظر خمس دقائق اخرى حتى ينتهي الدرس ليقتلكِ. "
وصلتها رسالة اخرى جذبت انتباهها لترفعه قليلاً وهي ترى ما الامر الآن.
مجهول : آخر تحذير ، استاذني الى الحمام.
اختفت ابتسامته ريثما لايزال يحدق ناحيتها ، اقفلت هاتفها فوراً فهو لا يستطيع فتحه مِن دون بصمة اصبعها .. و كما توقعت قام بسحبه مِن يدها.
" هذا سيبقى معي لنهاية المدرسة ، تعالي و خذيه لاحقاً. "
" حاضر. "
عاد لمكانه قبل ان يقول شيئاً آخر و نظره موجه بعيداً
" سيد كايدن ، هلا وضعت الساعة جانباً .. انت تحدق بها كثيراً. " علت نبرة صوته فجاه.
مع كلاريس يتكلم بشكلٍ طبيعي ، لكن لسببٍ ما تصبح نبرته اعلى و اكثر صرامة مع كايدن .. تسائلت لمَ جميع الاساتذة يكرهونه ، ما عدى استاذة الفنون التي اصبحت تفضله اكثر هذه الفترة.
كانت تتوقع جواباً ساخراً منه .. لكنه فقط خلعها مِن معصمه و وضعها في حقيبته.
" اين كُنا الآن ؟ .."
كان سيفتح فمه ليقول شيئاً لكن دخول عناصر الشرطة اوقفه .. ليس فقط شُرطة ، معهم نفس الرجل الذي كان يقف بجانب المحقق.
" عُذراً على المقاطعة ، لكن هل نستطيع التحدث مع الآنسة كلاريس قليلاً. "
" اجل تفضلوا. " قال مِن دون ان يُبدي اي اهتمام.
نهضت هي ايضاً بخوف لتلحقهم خارجاً .. حدسها اخبرها بان الامر لن يمر على خير مُنذ البداية ، كان عليها الاستماع الى نصيحته و الهرب !
ذهبوا الى صفٍ فارغ تماماً ليجلس المحقق او اياً كان هذا الرجل ، اما هي فجلست امامه تماماً على الكرسي.
" اذن .. ما الامر ؟"
وقوف عناصر الشرطة فوق رأسها وترها اكثر فقط. دخل شخصٌ آخر كان مِن الشرطة الفدرالية ليجلس بجانب هذا الرجل الذي بدئ حقا يخيفها في هذه المرحلة.
" آنسة كلاريس ، لدينا عدة اسئلة. "
حاولت السيطرة على نفسها قدر الامكان لتعطيه ابتسامة
" حسناً ، بما اساعدكم ؟"
" هل تعرفين هذا الرجل ؟"
وضع امامها صورة لتنظر اليها ... الخوف و الرعب هجم عليها تماماً ، ابقت ملامحها هادئة تماماً ريثما قلبها كان سيتوقف. ضنت للحظات انها ستصاب بنوبة قلبية لكن لسوء حظها ذلك لم يحدث !
حاولت ان تسيطر على نفسها قليلاً فهما لايزالان امامها .. هي لا تستطيع اجابتهم لانها لا تعلم اساساً ما الامر.
لتقرر الذهاب مع حدسها .. فلو كان لديهم دليل لكانت في السجن حالياً ، هذا يعني انه ليس لديهم اي شئ ضدها !
" لا. " قالت ببساطة وهي تحاول الابتسام بشكلٍ طبيعي.
لم تُنزل نظرها ابداً مُجدداً لتلك الصورة المستقرة على الطاولة .. لم تكن لها الجرأه لِإنزال رأسها حتى !
كيف لها ان تنسى هذا الوجه الذي دمر لها حياتها تقريباً.
منعت نفسها مِن لمس اي شئ بصعوبة ،
" عُذرا هل يمكنني الذهاب الى الحمام بسرعة ؟"
حرك رأسه بنعم .. ليشير الى الحارسان ان يذهبا معها حرصاً على ان لا تهرب.
دخلت الى دورة المياه وهي تغسل وجهها بالمياه الباردة.
" اهدئي .. اهدئي ، ليس لديهم اي شئ ضدكِ ! و انتِ تدرسين لغة الجسد منذ الصغر. تحتاجين ان تهدءي فقط. "
نظرت الى نفسها لعدة دقائق في المرآه وهي تسيطر على نوبة الهلع التي تنتابها الآن. استخدمت الاسلوب الوحيد الذي تعرفه ..
' لم تفعلي اي شئ ، لم تفعلي اي شئ ، انتِ لا تكذبين. '
كان عليها اخبار عقلها الباطن بذلك حتى يعكس ذلك على تصرفاتها ايضاً. هداءت قليلاً اخيراً ، لتخرج مِن هناك وهي اكثر هدوءاً ..
عادت لتجلس في مكانها وهي تبتسم ابتسامة واثقة.
" اين كُنا ؟"
" هل تعرفين هذا الرجل ؟" حرك الورقة باتجاهها اكثر لكنها انزلت راسها لثوانٍ فقط لتلمحه ثم اعادت نظرها لهم.
" لا، لا اعرفه. " هزت راسها علامة على النفي ريثما تعيد ترديد نفس الجملة في داخلها ..
لاحضت ان الرجل الذي بجانب المحقق يراقبها بتمعن ، ليتحدث اخيراً وهو يركز نظره نحوها
" اذن .. انتِ لا تعرفينه ؟ "
رفع الورقة لها لتنظر اليها .. ريثما هو تكلم بسرعة
" اسمه فرانك ليستر ، كان جاركم هُنا قبل عدة سنوات ... "
" اذن لم تقابليه مِن قبل .. ابداً ؟"
" لا اعتقد ذلك، لا. "
رفع لها صورة آخرى ... لقد كان خبير لغة جسد.
" ما التعبير الذي ترينه ؟"
هذا كان لينجح بالفعل لولا انها كانت خبيرة بهذه التعابير مثله تماماً .. لهذا الامر لن ينجح عليها.
" التفاجئ. "
" جيد ، و هذا ؟"
رفع لها ورقة اخرى لتجيبه مِن ظون التفكير حتى
" سعادة. "
رفع لها ورقة اخرى لتجيب بسهولة
" اشمئزاز. "
اعاد جميع الاوراق الى الملف ليصمت مجدداً سامحاً للمحقق ان يكمل معها.
" هذا الرجل خطيرٌ جداً ، كنا نأمل ان لديكِ اي معلوماتٍ عنه."
هذه ربما كانت اكثر نظرة تفاجئ صادقة اعطتهم اياها حتى الآن ..
" ماذا تعني !؟"
كانت تضن بان قضية موته قد فُتحت مجدداً لكنها الآن مشوشة فقط اكثر !
" قبل اربع سنواتٍ حُكم على فرانك ليستر بعشرين سنة في السجن بتهمة خطف فتاة تحت السن القانونية. "
رغم صدمتها لهذا الخبر .. فحسب الذي تعرفه على هذا السافل ان يكون ميتاً منذ سبع سنواتٍ تقريباً !! لكنها لم تستطع ان لا تسأل.
" هل تأذت !؟ " قالت فوراً مما جعلهم يشكون فيها اكثر فقط.
" لا ، لقد انقذناها قبل ان يصيبها اي سوء حمدا لله. المشكلة هي ان فرانك قد هرب مِن السجن قبل اسبوعين تقريباً. "
" الامر لم يَكن بهذه الاهمية .. حتى عثرنا على ادلة تثبت اتهامه بالخطف ، الاغتصاب ، و القتل. "
توقفت كلاريس عن التنفس لعدة دقائق قبل ان تسحب نفساً مِن دون اصدار اي صوت خوفاً ان تجذب الانتباه لنفسها ..
اتتها الرغبة الشديدة باغلاق عينيها فجاه خاصتاً مع الانقلاب في معدتها الذي يدفعها للشعور بالغثيان.
" م.... ماذا ؟، تقصد انه هُنا .. هنا !؟ "
" لا نعلم اي هو تحديداً ، لكننا قُمنا بتبليغ جميع المطارات و أمنّا جميع طُرق التنقل .. آخر تبليغ لمكان وجوده كان في هذه المدينة. "
" و لمَ تُخبرني بهذا !؟" فشلت في جعل نبرة صوتها طبيعية و مع الاسف تعلم بان هذا المحلل انتبه لذلك فوراً.
" احدٌ ساعده على الهرب مِن السجن. شريكه في الجريمة كان بارعاً .. لكن فرانك اخطأ و اوقع هاتفه في الشقة التي وصلنا لها قبل فترة ، "
قاطع حديثه وهو يخرج هاتفاً مِن كيس بلاستيكي وهو يضعه امامها.
" بالطبع لم يكن هنالك اي رقم لانه دمر الشريحة .. لكننا عثرنا على بعض الصور فيه. "
حرك اصبعه على الشاشة لتظهر صورة لها واقفة بجانب زيرا و والدتها في احدى الاماكن السياحية .. و المزيد مع باقي العائلة .. حتى ظهرت في صورة وحدها تجلس في احدى المطاعم ..
و كان هنالك فيديو ايضاً ، لتشغله فوراً و هي على وشك ان تفقد وعيها.
" حسناً .. بدأنا. " قال صوتٌ ذكوري
و حالمَ تفوه بذلك ظهرت هي جالسة على إحدى الصخور و في اذنيها سماعاتها ، كانت في عمر الثانية عشر تقريباً.
فورما لاحضت ذلك المتطفل الذي يصورها غطت وجهها بيديها.
" كيث لا احب ان يصورني احدهم ! ابعد الكاميرا عني. "
" اوه هيا ! حتى نصور اول هدف لكِ !"
" دعها ، انها مملة ثُم لن تستطيع يديها ضعيفتان جداً !" ضهرت زيرا فجأه و كعادتها تصرفت كسافلة.
نظرت لهما قليلاً لتخلق نظاراتها الشمسية اخيراً وهي تنهض مِن مكانها.
" حسناً يا متطفل ، اعطني السلاح. "
جهزه لها بما انها لا تعرف اي شئ عنه .. ثُم اخبرها ان كُل الذي عليها فعله هو التصويب عندما تتطابق تلك الشارحتان الصغيرتان في اعلى السلاح.
" و ها انتِ ذا .. هيا حاولي. "
اخذت السلاح منه لتاخذ عدة دقائق وهي تصوب نحو عبوة المياه الفارغة كبداية فقط.
سحبت نفساً و ضغطت الزناد لتقع العبوة فوراً على الارض !
" رائع !! ، لما لا تحاولين الآن نحو ذاك الهدف. "
اشار الى شجرة بعيدة كانت فيها عدة رصاصات بالفعل و في نصفها مرسوم دائرة.
اعادت بصرها نحو الشجرة لتثبت مُجدداً وهي تضغط الزناد ليصيب المنتصف تماماً
رغم ثقتها لم تستطع كتم تلك الابتسامة و الصرخة التي اطلقتها عفوياً
" انتِ موهوبة حقاً ، كفكِ ! "
" لا اصدق اصبته !"
انتهى الفيديو وهي تتذكر ذلك اليوم مع كيث .. صديقها الاكبر سناً الذي علمها كيفية التهكير لعدة امور، و في نفس الوقت حبيب زيرا في ذلك الوقت. حيث تعرفى عن طريقها .. و هذا كان الشئ الوحيد المفيد الذي فعلته زيرا يوماً.
" لا نعلم مِن اين حصل على صورك و اشيائك لكن نعتقد بانه يقوم باستهدافك. "
" مِن والدتي و زيرا. "
" عفواً ؟"
" امي و زيرا يبقيان اموراً خاصة على هواتفهم دائما لانني لا ابقي معلومات شخصية عن نفسي او اي شخص .. لابد انه قام بتهكير هواتفهم. "
" هذا امرٌ جيد لتفعليه ، اخبري والدتك ان تتخلص مِن هاتفها و تشتري واحدا جديداً فقد لايزال يكون مراقب. "
حركت راسها بعلامة نعم قبل ان يعود لنفس الموضوع.
" الآن انسة كلاريس مِن المهم جداً ان تخبرينا لما يستهدفكِ فرانك ليستر بالضبط ، و ما هي علاقتكِ به. "
" انا لا اعرفه كما اخبرتكم مِن قبل. "
نظر الرجلان الى بعضهما البعض ، ثُم اخرج عدة اوراق اخرى مِن الحقيبة ليضعها على الطاولة امامها.
" انظري للصور. "
فتحت الملف بتردد ليأتي على نظرها الكثير مِن الدماء لفتاة شقراء لا تتجاوز العشرين.
قلبته مُجدداً لتجد صوراً اكثر فضاعة حتى .. لم تستطع كتم مشاعرها اكثر و عيونها بدأت تلمع بالدموع .. مع هذا لم تسمح لدموعها بالنزول الآن.
" عليكِ مساعدتنا لادخاله الى السجن مجدداً، او قد يقتل المزيد. رجاءاً ان كُنتِ تعرفين اي شئ اخبرينا الآن. "
فكرت لعدة دقائق و مشاعرها بداءت بالسيطرة عليها .. لكن مُنذ متى انقذتها السلطات الامنية ليفعلوا الآن !؟؟
حتى لو وجدوه فعلاً ، سيهرب مجددا مِن السجن ! فمَ الفائدة !؟
" كما قُلت ... انا لا اعرف اي شئ. "
.
.
.
كانت في الحمام تغسل وجهها للمرة المئة .. عندما اصابها الغثيان لتتقيئ كُل ما في داخل معدتها ، شعرت و كان امعائها ستخرج مِن فمها لتتوقف اخيراً بعد ان كادت تموت تقريباً ..
خرجت نحو الكافتيريا و الحارسان ورائها و مِن دون ان تنتبه اصطدمت بشخصٍ ما لتتراجع الى الخلف وهي تنظر الى الكتب التي وقعت على الارض ، انحنت و التقطتهم
" انا آسفة جداً ، لم اكن منتبهة. "
نظرت الى الشخص الذي اصطدمت به لتجد بان كان كايل الذي لم يقل اي شئ.
" اعتذر كايل .. لم انتبه على طريقي. "
" لا مشكلة. "
نظر الى ورائها لياخذ كتبه بسرعة مِن يديها وهو يتابع طريقه ..
نظرت هي ايضاً لورائها لتجد كايدن ينظر اليها بهدوءه المعتاد.
نهضت مِن على الارض لتتابع طريقها ريثما هو بجانبها ، لم تكن لها قوة التكلم بحرفٍ واحدٍ حتى !
و هو بدى و كانه تفهم الامر كالعادة ليرافقها بصمت.
جلسوا على احدى الطاولات بعيداً في الزاوية بهدوء.
" خذي بعض الماء. " اعطاها علبة مياه معدنية لتاخذها وهي ترتشف منها القليل
" ما الخطب كلار ؟"
هزت راسها بعلامة نفي وهي تعطيه ابتسامة باهتة ريثما نظرها موجهٌ الى الاسفل.
" هذا لن ينفع ، تجاهلت كل شئ .. لكنني الان و لاول مرة في حياتي فضولي. لهذا تكلمي بصراحة .. لا احب الكذب"
نظرت له مباشرة لغينيه ريثما شئ في داخلها سيتفجر ... لم تعد تتحمل كل ذلك ، عليها قول شئ ما او ستنفجر !
" هل تحفظ اسراراً !؟"
" اجل استطيع ، لن اتفوه بحرف اعدكِ. "
نظرت الى الحارسان الذان يجلسان بعيدا عنها غير قادرين على سماعها ، لتعيد نظرها نحوه.
" تريد الصراحة التامة ؟"
" اجل. " قال ببساطة وهو ينظر لعينيها تماماً
" حسناً ، __ "
هدأت للحظات قبل ان تتكلم بصوتٍ خافت لكن بسرعة.
" تم اغتصابي عند الطفولة مِن قبل مجهول يعيش في منطقتنا ، و بعد سنتين عدت و قتلته ... و الآن اعلم بانه على قيد الحياة طوال هذه الفترة و كان في السجن نتيجة لتهم اخرى وقد هرب قبل اسبوعين و هو يستهدفني حالياً. و هذه هي الحقيقة."
انتهت لتستوعب ما قالته للتو ... لكن للجحيم بالامر فمن يهتم ، على الاعلب الجميع سيعلم القصة عند نهاية كل هذا !
بدى و كانه يفكر لينظر ناحيتها اخيراً بعد دقائق ..
" حسناً ، هنالك امرٌ واحد تستطيعين فعله. " قال بهدوء حتى لا يثير انتباه الاخرين.
راقبته بفضول وهي تنتظر ان يكمل ليباسم لها ابتسامة صغيرة.
" دعيه يعثر عليكِ ،و اقتليه بشكلٍ صحيح هذه المرة."
لم تصدق ما سمعته للتو منه .. لم تستطع ان لا تشاركه تلك الابتسامة الشيطانية التي لديه.
" الكلام سهل. لديه شريك و يبدوا بانه من تهجم على زيرا و إلياس .. هذا إضافة بانه هكر مِن الدرجة الاولى ، و يهددني. "
" اذن ... هما اثنان ؟"
" حسب الذي اعتقده."
" هذا هراء .. انتِ تعرفين فن القتال بالسيف و كما انكِ جيدة جداً في فنون القتال العسكرية ! لديكِ مسدس و تسع سكاكين و سيف ! ... تذكري جيداً ، اي شئ ينزف دماءاً .. قابل للقتل !"
هذا نوعاً ما جعلها تشعر بتحسن قليلاً ، لكي تبتسم مجدداً
" شُكراً للنصيحة .. انا سعيدة انك لم تشكني للشرطة حتى الآن. "
" هل تمزحين !؟ كُنت لاخرج الحياة مِن جسده بنفسي لو علمت بذلك سابقاً ! ، و سافعل بالمناسبة .. لكن احتياطاً لو حصل شئ لا تترددي بقتله نهائياً مجدداً ، "
" اعلم لكنني فقط خائفة مِن ان يكتشف امري. " قالت لتنظر الى الاسفل بعدها بندم و حزن وهي على وشك البكاء.
" و لمَ انتِ خائفة جداً مِن ان يعلموا !؟ لا احد سيلومكِ لذلك. "
" انت لا تفهم. عائلتي متحفظة جداً .. قد يرمونني في الشارع حرفياً !! خاصتاً و انني صمت لهذه الفترة. مهما كان عمري سيعتبرونه خطأي !"
وضعت رأسها على الطاولة وهي تخبئ وجهها .. فهي تكره ان يراها احد بفترة ضعفها.
" اذن .. لا احد سيعلم. "
رفعت راسها لتنظر اليه بتفاجئ وبعدم فهم. ليكمل
" نحن سنجده قبل عناصر الشرطة و سنقتلع رأسه. ولا احد سيعلم ، كان مجرد دفاع عن النفس ! "
" و كيف سنجده قبلهم ؟ ثُم لمَ تستخدم الجمع .. نحن ؟"
" و هل تعتقدين انني ساتركُكِ وحدكِ لهذا السافل !؟ ثُم ان لدي حلفاء اقوياء في المحكمة .. سينمحي الامر بيومين ولا احد سيتذكره. "
ارادت البكاء فهذه اول مرة في حياتها يقف بجانبها شخصٌ ما .. جعلها هذا نوعا ما تريد الذهاب لتقبيله !
" اريد ان اعانقك الآن. " قالت وهي تمسح دمعة خرجت لا ارادياً من عينها.
" اعتقد انكِ استحققتي عناقاً بالفعل ! ، تعالي الى هنا "
سحبت كرسيها لتجلس بجانبه وهي تعانقه مِن جديد .. لكن هذه المرة لم يتركها تذهب.
" لا تقلقي كُل شئ سيكون افضل قريباً. "
" لكن ماذا لو انكشف الامر صدفة ؟ " قال و افكارها السلبية تعود لتسيطر عليها مجدداً
" وقتها تستطيعين البقاء في منزلي مع عمتي ، ستحبكِ اكثر مِن هؤلاء السفلة. "
قهقهت قليلاً قبل ان يدخل يده الثانية في شعرها ليلعب بخصلاته مُرسلاً لها شعوراً مهدءاً رغماً عنها.
استمر الهدوء وهو لايزال يلعب بشعرها متاجهلاً تماماً لجميع انظار المتطفلين مِن حولهم.
" انا فقط لا اصدق بانكِ استطعتي اخفاء هذا الامر طوال تلك الفترة. و بمفردك تماماً ، "
كانت لاتزال مغمضة لعينيها عندما تكلمت
" انا متاكدة بانك مررت بامورٍ سيئة انت ايضاً. مع هذا لم تخبر اي احد .. ولا حتى انا ، لهذا انا من علي سؤالك كيف تتحمل كُل هذا الثقل بمفردك ؟" فتحت عينيها اخيراً وهي تحدق في عينيه تماماً.
لا احد يموت كِلا والديه ، ثم يدخل الجيش فجأه و يصبح خبير اسلحة و يتعلم فن قتالي مميت .. و يمتلك بطاقة تمكنه من خرق نصف قوانين المجتمع هكذا فجأه ! هي متاكدة انه يخفي اموراً كثيرة ايضاً.
" لا انا لدي معالجة نفسية خاصة ، اذهب اليها كُلما اشعر بان هنالك شئ يزعجني. "
" و .. ماذا يزعجك عادة ؟"
لم يجبها لعدة ثوانٍ لكنه استمر باللعب بشعرها.
" لاشئ مهم، قد اشعر بالغضب مِن شئ او شخص .. وهي تساعدني على حل المشكلة. "
لم تشاء سؤاله اي شئ آخر فهي تعلم بانه يكره ان يتدخل احد في اموره الشخصية .. عندما يثق فيها كفاية ، و عندما يكون الوقتُ مناسباً سيخبرها بنفسه.
لكنه فاجئها عندما اكمل كلامه لتستمع بتركيز.
" في الواقع كانت هنالك فترة حيث كُنت اتعامل مع كُل شئ بالشراب و المخدرات .. حتى ادركت ان ذلك لن ينفع. فبدأت التفكير بمنطقية اكثر و بدأت اواجه مشاكلي بنفسي .. و ها نحن هنا. "
ابتعدت عنه قليلاً فقط لتنظر اليه وهي تعطيه ابتسامة صغيرة.
" انا فخورة بك لانك استطعت فعل ذلك. ليس الكثير مِن الاشخاص مَن يستطيع التخلي عن اساليب كهذه لمواجهة كُل شئ بعدها. انت مميزٌ حقاً عن الآخرين !"
عانقته مُجدداً بقوة ريثما هو فعل الشئ نفسه. كمحاولة لاعطاء الدفئ و الامان لاحدهما الاخر ..
.
.
.
كانت كلاريس في غرفتها بعد اليوم الطويل .. ام ترد رؤية اي احد نهائياً ، خاصتاً ان الجميع علم الآن ان الهجوم الذي حصل على زيرا و إلياس كان قد حدث بسببها. فالشرطة الفدرالية اخبروا السيد ميرال عن فرانك ليستر و السيد ميرال اخبر العائلة كلها.
كانت جالسة هناك على السرير و باب غرفتها مقفول .. بعد ان تركت كايدن شعرت بالاكتئاب و البرد يعود لها ، خاصتاً انه الوحيد الذي كان حقاً يساعدها و بعد رحيله عاد شعور الوحدة ليسيطر عليها.
حتى اهتز جهازها مُعلناً عن تلقي اشعار.
مجهول : اهلاً.
كلار : لقد علِمتُ من تكون.
مجهول : حقاً !؟ على الاغلب تظنين انني الشريك الثاني لفرانك 😏.
كلار : الست كذلك بالفعل !؟
مجهول : لا اعلم، احزري.
كلار : توقف عن التلاعب بي ! وتوقف عن اللعب ، ثُم الم تقل انك ستتركني و شأني !؟ لمَ لازلت تزعجني ؟
مجهول : آسف 🙁 ، كُنت احاول المساعدة فقط.
لم تفهم كلاريس ما يعنيه بالضبط لهذه الجملة لتنظر الى رسالته بتمعن لعدة دقائق.
كلار : لا افهم ماذا تعني !؟
مجهول : انا احاول تحذيركِ فقط. لقد اعجبتني .. و حاولت ان اساعدكِ عبر تنبيهك 😔 جرحتي مشاعري ..
كلار : انا لا افهم .. مَن انت !؟ اذا لم تكن شريك فرانك ليستر ؟
مجهول : انا نوعاً ما اتفرج مِن بعيد عادةً ، لكنني اعجبتُ بكِ قليلاً لهذا اساعدكِ .. و بما انكِ جعلتني اقسم ان لا اتدخل في امورك ، حاولت تحذيرك 😉.
كلار : انت لست كايدن ولا شريك فرانك .. هل تساعدني على معرفة مكانه ؟
كانت تعلم ان خذه خطوة جنونية تماماً .. لكن هذه هي فرصتها الوحيدة ، هذا الشخص قوي جداً و يعرف اموراً هي لا تستطيع الوصول لها ، سيساعدها بلمحة عين ! المشكلة تكمن في اقناعه.
مجهول : حسناً ، ساساعدكِ.
كانت ستقفز من الفرح لكن فرحها اختفى برسالته الثانية.
مجهول : لكن بشرط ، فلا شئ مجاناً.
هذا الشعور قد يصل احياناً الى مرحلةِ ان يفقِدُك كُل ذرةِ تعاطف و انسانية تجاه الشخص الذي تكرهه.
غريبة هي تِلك الكلمة التي لها هذا التأثير القوي حقاً !
هل مررت بهذا الشعور لدرجةٍ افقدتك عقلك و مشاعرك مِن قبل ؟ هل جربت الألم مِن محاولة السيطرة على نفسك مِن مشاعر الحقد و الكراهية القوية ؟
هذا بالضبط ما كانت كلاريس تحاول اكتشافه وهي تستمع لتلك الكلمات .. هي لم تكن تشعر بالسوء بِسبب ما قاله المحقق ، .. ولا حتى بقطرة ذنب ان هذا قد حدث بسببها، بل كانت تشعر بالحيرة الشديدة !
لمَ تشعُر بالحيرة الشديدة ؟ ...... لانها و بِكُل بساطة لا تشعر باي شئ ، المحقق اخبرها بان شخصان في غيبوبة و قد يموتان. مع هذا ، هي لِم تشعر باي شئ حتى ضميرها اختفى فجأه !
بل بالعكس .. لم تكن ترغب بالاعتراف لنفسها بهذا الامر لانها تكره الانانية ، لكن رغم محاولاتها لم تستطع كبت ذرة السعادة التي انفجرت في داخلها للتو !
انانية مِنها ام حقد ؟ ، قلب اسود ؟ ، لم تكن تهتم نهائياً ! و هذا نوعاً ما اخافها .. فهي لم تعتد هذا النوع مِن السواد !!
شخصان في المشفى بين الحياة و الموت يجب عليها ان تخاف !! مهما فعلوا لها فهذه ارواح وليست لعبة انتقام لتفرح !
حاولت اقناع نفسها بهذا الكلام .. لكن هذا لايزال غير كافيٍ لجعلها تشعر بشئ تجاه هذا الخبر 'المروع'
" آنسة كلاريس .. نتمنى ان تبقي في المنزل هذه الفترة و ان لاتعرضِ نفسكِ للخطر ، نحن لانزال غير مدركين مَع مَن نتعامل او اي طرف يقودنا للشخص الذي فعل هذا. "
لاول مرة في حياتها شعرت بشئ غريب تجاه هذا الشخص المجهول .. ان لم تكن مخطئة انه شعورٌ بالمودة. حتى لو كان يسعى ورائها حقاً وسيقتلها .. هي لم تمانع الفكرة !
" انا لا اصدق هذا .. اليس لديكم اي دليل على مَن فعل هذا بِقَريبَي !؟" وضعت اكثر تعبيرٍ مزيف تستطيع تصنعه.
" مع الاسف لا. حتى الآن علينا الانتظار ليستيقظ احدهما على الاقل ، هذا دليلنا الوحيد حالياً. "
لم تهتم ولا لكلمة قالها .. كُل الذي تريد فعله حالياً هو الذهاب للمشفى و رؤية ما مدى الضرر الذي تسبب بِه هذا الشخص لهم.
" الريد الذهاب الى المشفى رجاءاً ! اريد فقط رؤيتهما رجاءاً !!"
اعطاها المحقق نظرة شفقة بينما هذا الثاني الذي بجانبه حافظ على ملامحه الهادءة وهو يراقبها بِتمعن.
" اجل ، ساوفر لكم الحماية .. ساتصل بعدة حرس لحراسة المنزل و بامكانهم مرافقتكم للمشفى. "
شكرتهم والدتها ليغادروا اخيراً ، اما كلاريس لم تنتظر اذن والدتها لتصعد الى غرفتها باسرع ما يمكنها وهي تقفل الباب كالعادة.
اول ما دخلت توجهت نحو المرآه تنظر الى انعكاسها الذي لا يشبهها بعد الآن ، فقدت تحولت ملامحها الى نظرة سعيدة ريثما شبه ابتسامة مرسومة على ملامحها.
" ما خطبي !؟ هذه ليست انا !"
كُل الذي استطاعت رؤيته الآن هي تلك الفتاة ذو الإثنتي عشرة سنة .. و التي يوماً ما كانت مليئة بالحقد و السواد و عقلها المشوه بِكل ماهو قبيح في هذا الكون .. و التي بطريقة ما نجت مِن اربع محاولات انتحار باعجوبة. هي لا تريد العودة الى تلك الفتاة التي جُردت مِن كُل ذرة برائه في داخلها !
لقد اعادت تكوين نفسها مِن جديد .. لا تعلم كيف بالضبط فعلت ذلك، فروحُها كانت هالكة تماماً ، مع هذا كُل شئ حصل في محاولتها الاخيرة لانهاء حياتها البائسة في احدى الايام المدرسية العادية في نفس وقت هذه السنة تقريباً. حيث هجمت عليها افكارها السوداء بعد فترة مِن الارهاق الجسدي و الفكري ..
هذه المحاولة غيرت كُل شئ ،
_________________________________________
قبل ستة سنواتٍ تقريباً ، في شهر اوكتوبر.
الغيوم القاتمة كانت تتحرك في السماء بِتثاقل وهي تخفي ضوء اشعة الشمس الباهتة ورائها .. تمنت كلاريس ان تكون غيمة حتى تبتعد عن كُل شئ في هذا العالم ! حتى تعيش بسلام في السماء مِن دون اي هموم او افكار ..
" كلاريس انتبهي الى هنا ! الى اين تنظرين !؟"
جذب انتباهها فوراً هذا الصوت المزعج لتنظر الى صاحبته ، مُدرسة الرياضيات .. و التي تمنت بشدة ان تذهب و تُهشم راءسها لاخراجها مِن لحظات هدوءها.
و كالعادة تجاهلتها كلاريس تماماً وهي تعيد نظرها الى كتابها و دفتر ملاحظاتها ، لتمسكه وهي تتظاهر بتسجيل بعض الملاحظات المزيفة فيه.
" انظري الي عِندما اتحدث معكِ !"
نعم ، اهلاً بِكم في نظام المدارس في الولايات المتحدة. انها ليست مثالية كما يعتقد البعض .. فصحيح ممنوع لمس اي طالب ، لكن مع هذا القانون لايذكر اي شئ عن التنمر 'الكلامي' ... بالطبع ليس جميع المدرسين !! ، لكن عدة منهم.
رفعت كلاريس نظرها لتعطيها اكثر نظرة حادة تملكها.
" لا تنظري الي هكذا او سوف ارسلكِ للحجز !"
انزلت كلاريس نظرها مُجدداً لتتجاهلها مما اغضب المُدرسة فقط ! لتتوجه نحوها بخطوات سريعة وهي تسحب دفتر ملاحظاتها
" اريني ماذا سجلتي! "
حملت الدفتر لتقلب صفحاته وهي ترى الاشياء الغريبة التي رسمتها كلاريس .. لسكين فيه دماء ، رجل رأسه مقطوع و باقي جسده يحترق في الجحيم ، جُمل عفوية كتبتها لنفسها مِثل ' كان يجب ان تموتي ' ، ' عاهرة ' ، ' اذهب للجحيم.' ،
و بخط كبير تحت كُل صفحة مكتوب ' اقتلني رجاءاً '
مِن ثم وصلت لنهاية الاوراق لتجدها مليئة مِن البداية الى نهاية بكلمة واحدة ..
' اقتل ، اقتل ، اقتل ، اقتل ، اقتل ...'
و الكثير مِن الرسومات و الاشياء الغريبة الاخرى. في العادة الشخص يكون قلقاً .. ما عدى هذه السايكوباث التي ابتسمت بسخرية على صفحات دفترها
" ياله مِن مستقبل الذي تملكينه. "
رمت الدفتر في وجهها تقريباً وهو يستقر على الارض مفتوحاً للجميع حتى يروه ..
سارعت كلاريس بحمله لكن بهدوء يحطم الصخر ، اغضب مدرستها فقط. مع هذا اكتفت بذلك لتعود الى الدرس ريثما كلاريس فقط تشكرها داخل عقلها ..
لقد اعطتها للتو سبباً آخر لتكون تعيسة وهي شاكِرة لذلك ! .. قد يظنه البعض جنوناً ، لكنها حقاً تحب وحدتها و عذابها ، لقد بقيت بجحيمِها لفترة طويلة .. حتى بدئ يُصبح مُريحاً لها بشكلٍ غريب !
هي لاتريد ان تكون سعيدة. ولا باي شكل كان ! لانها ادمنت هذا الظلام الذي اصبح كُل ما تحتاجه في يومها .. تُحب لوم نفسها ، تُحب الشعور بالغيرة مِن الآخرين ، تُحب الحقد و تُحب تخلي الجميع عنها بهذه الطريقة.
كانت جالسة في الحديقة خارِجاً .. في ابعد بُقعة تستطيع العثور عليها ، الجميع كان خارجاً يلعبون كالاطفال ... بعد التفكير جميعهم اطفال ، ماعداها.
كانوا يمرون بجانبها و هم يتكلمون بِلغتهم التي تفهم مِنها القليل.
" ما خطبها !؟"
" اعتقد بانها مجنونة. "
تهامسوا في ما بينهم بينما هي تستطيع سماع كُل شئ. لافرق بين الفتيان و الفتياة .. حيث الصنفين اعتبروها معتوهة.
" هي انتِ ! ابتعدي نريد الجلوس هنا. " اقتربت مِنها احدى الفتياة مع رفيقتاها .. كانت تبدوا مدللة مِن طريقة كلامها و مظهرها.
" اغربي عن وجهي. "
صُدمت الفتاة تماماً وهي تنظر لها بغضب
" قُلت لكِ ابتعدي يا معتوهة نريد الجلوس!"
نظرت اليها كلاريس اخيراً بطرف عينيها بطريقة مخيفة.
" جلستُ هنا اولاً ، لذا اغربي عن وجهي لان بشاعتكِ تؤلم عيناي. "
جرتها الفتاة بسخرية من يدها بعيداً .. لكن كلاريس لم تستطع التحمل اكثر لتقوم بسحبها مِن شعرها وهي تدفعها الى الارض لتقع.
" ستندمين !" صرخت وهي تذهب بعيداً بسرعة و صديقاتها معها .. ريثما جميع الاعين كانت قد توجهت نحوها الآن.
اكملت تأملها داخل افكارها الصاخبة حتى دق الجرس مُعلناً عن انتهاء الاستراحة لتعود الى الداخل .. كان كُل شئ طبيعي حتى الاستراحة الثانية ،
كالعادة جالسة في مكانها المُعتاد تُفكر بلا شئ .. حتى اتت الفتاة نفسها وهي تختبئ وراء امراءه متوسطة الطول بِشعرٍ قصير بُني و مكياج خفيف ..
بدت لكلاريس عاهرة كابنتها تماماً مِن التنورة القصيرة الضيقة و القميص الابيض ذو الصدر المكشوف.
" هل انتِ من ضايقت ابنتِ ؟"
" اجل. مُشكلة ؟ " قالت باختصار مِن دون ان تنظر اليها حتى
" ما هذه التصرفات !؟ احترمي الاكبر سناً !" قالت بنبرة حادة ريثما كلاريس ابتسمت ابتسامة صغيرة وهي تحدق ناحيتها مِن طرف عينيها.
" ساتصرف كما يُعجبني. "
" و باي حق تضربين ابنتِ !؟ الم يُعلمكِ والديكِ الاخلاق !؟"
" و هل علمتِ ابنتكِ انتِ الاخلاق اولاً !؟ .. حيث لا تجبرين الآخرين على ترك مكانهم فقط لانها ارادت ذلك. "
" كيف تجرأين !؟ حقاً تحتاجين للتاديب .. اريد التحدث مع والديكِ عن تصرفاتك ! اتصلي بوالدتك لتاتي !"
" امي ليست فارغة لهراءٍ كهذا. بل لديها اعمالٌ اهم مِن التعامل مع الاشخاص التافهين. "
هنا فعلت ام الفتاة شيئاً لم تتوقعه كلاريس نهائياً ! حيث رفعت يدها و صفعتها امام الجميع .. بقيت كلاريس متجمدة في مكانها مِن الصدمة ريثما تعيدها ذكرياتها للكابوس الذي مرت به.
" ساخذ رقم والديكِ مِن المديرة ، ساجعلهم يربونكِ !"
فقدت كلاريس كُل ذرة هدوء في داخلها وهي تشعر بالوحش الذي يتوسل للخروج ..
" بل اجعلي والديكِ يربونكِ اولاً على العاهرة التي لديهم. "
رفعت المراءه يدها مجدداً لتصفعها لكن كلاريس امسكتها فوراً وهي تضغط على معصمها بقوة.
" اتركِ يدي قبل ان اكسرها لكِ ! __"
" ان لمستيني مُجدداً في حياتكِ البائسة .. ساكسر لكِ كُل عضمة تملكينها في هذا الجسد ، و انا لا امزح "
ضغطت اكثر على عضامها لتجعلها تشعر بجدية الامر .. انها ليست حركة عادية ، بل هي حركة صعبة جداً تعلمتها لتكسر عضام اي شخص مهما كان عمره .. لذى هي متاكدة بانها ستؤلم كالجحيم.
اطلقت المرأه صرخة الم وهي ترخي يدها على امل ان يخف الالم .. تركتها كلاريس اخيراً لتقوم تلك الاخرى بامساك يدها فوراً و عدة دموع قد خرجت مِن عينها لا ارادياً نتيجة للالم.
نهضت اخيراً وهي تتوجه الى الحمام ريثما الجميع يبتعد عنها بخوف بعد رؤيتهم للالم الذي تسببت به لهذه المرأة.
فور ان دخلت كلاريس اقفلت الباب بِسرعة لتُخرج مِن جيب معطفها علبة دواء مسكن لالم المعدة .. فهي اخذتها احتياطاً لانها في هذه المرحلة بدأت معدتها تؤلمها بشكل لا يطاق بعد كُل ملعقة طعام تضعها في فمها.
المشكلة المسكن العادي غير فعال .. هذا قوي جداً حيث تؤخث حبة واحدة كُل ٢٤ ساعة !!
نظرت اليها مطولاً قبل ان تفتحها لتبتلع نصف العلبة تقريباً بِسرعة ..
في اول خمس دقائق لم تشعر باي شئ غريب، لذى اعتقدت بانه لم يؤثر عليها بهذا الشكل الكبير ...
دق الجرس لتعود الى الحصة .. و بعد ثلاث دقائق تقريباً مِن بداية الدرس ، كان كُل شئ طبيعي تماماً حتى هجمت عليها موجة مِن الحرارة جعلتها تتعرق قليلاً، و معه شعور قوي بالغثيان ..
ثم بثوانٍ اصبح هنالك طنين قوي في اذنها منعها مِن سماع اي شئ آخر لحقه فقدان رؤية .. حرفياً اصبح كُل شئ باللون الاسود حركت راسها كمحاولة لاستعادة بصرها لكن الامر زاد سوءاً فقط حيث فقدت توازنها تماماً ... لتقع على الارض ، فمها اصبح جافً جِداً تلمست الارض الباردة لكن و كانها لا تتعرف على ما تلمسه ! كانت لاتزال صاحية رغم ان حواسها قد توقفت عن العمل تماماً ! لتغمض عينيها اخيراً باستسلام و آخر ما استطاعت الشعور به هو يد المُدرس ترفعها عن الارض.
.
.
.
استيقظت في المشفى على صوت جهاز دقات القلب ، ما ان استعادت وعيها حتى دخل الطبيب ليفحصها
" لقد استيقظتِ ! عائلتك كانوا قلقين عليكِ. " قال الطبيب و هو ينادي احداً ما ليدخل.
لثانية فقط ... لاتعلم ما دخل لعقلها لتفكر بان والدتها عادت مِن السفر لاجلها ، لكن لا ...
' عائلتها ' كانت عبارة عن عمها والد إلياس ، و الذي كان الوحيد اللطيف في العائلة ، بارد وليس له علاقة باي شئ ... لكن لطيف.
و معه عمتها رونا ، تلك التي اخبرتها بسخرية ان جرح الذراع لن ينفع .. بل عليها جَرح منطقة الوريد في معصمها. نعم ...
فقط هؤلاء.
" انها محظوظة بالمناسبة .. هذا الكم الهائل مِن الدواء كان ليقتل اي شخصٍ بالغ بدقائق. "
" لمَ فعلتي هذا !؟ هل انتِ غبية ؟"
قالت امام الطبيب ليتعجب هذا الآخر من نبرتها.
" لم اقصد .. كُنت قد نسيت بانني اخذت ، و عندما لم ينفع المسكن .. اخذت اكثر حتى يخفف الالم. " كذبت و مشاعرها قد تحولت كالصخر تماماً.
هي حقاً لا تحتاج للتعامل مع هذا الهراء حالياً ، فقد كانت على حافة الموت.
" انها ليست محظوظة فقط .. بل لابد ان الله يحبها كثيراً ، لان قلبها توقف في العملية مرتان." قال بتاكيد وهو يتكلم معهم بجدية الآن.
" حمداً لله ! .. ساتصل بالباقين لاطمأنهم. "
ارادت ان تطعن نفسها لتعود الى الموت .. وهي تسأل نفسها لِمَ لَمْ ياخذها الموت ليريحها مِن هذا الالم !؟؟؟
هل من المعقل بانها كادت تموت ولا احد اهتم حتى !؟؟؟ ... ياترى ان ماتت هل سيحظر جنازتها احدٌ حتى !؟؟
" متى تستطيع الخروج ايها الطبيب ؟"
" لايزال جسدها متأثراً بهذه الجرعة .. لذى يجب ان نبقيها لاسبوع على الاقل. "
" حسناً ، شكراً لك. " قال عمها بتعب .. فهو كان يعمل كثيرا هذه الفترة.
شعرت كلاريس بالذنب لانها جعلته ياتي الى هنا لاجلها .. فمع كُل شئ من بين عائلتها باكملها هو فقط اهتم لامرها كفاية لياتي.
" رجاءاً المريضة تحتاج الى الراحة .. مرحلة الخطر قد زالت لذى لافائدة من البقاء عودوا للمنزل. ان حصل شئ سنتصل بكم فوراً !"
" حسنا شكرا مرة ثانية. "
غادروا بعد ان اطمأنوا عليها اكثر لتبقى وحدها تماماً مع الطبيب ريثما يُكمل فحص نبضها .. و بالطبع هي ترتعب منه .. لهذا كانت نبضات قلبها ترتفع كلما اقترب منها.
" نبضاتك غير طبيعية .. " قال بعد ان نظر لدفتر ملاحظاته
" لاباس .. هذا يحدث ، انه لاشئ. "
ابتسم لها بلطف مما اخافها اكثر فقط.
" حسناً اذن .. علي اخذ عينة مِن دماءك هل تسمحين ؟ "
تفاجئت قليلاً فاي نوع مِن الاطباء يسئل مرضاه ان كانوا يسمحون باخذ عينة من الدماء !؟؟
" لاباس. "
اقترب مِنها بعد ان جهز الإبرة .. هي لاتخاف مِن الابر لانها تجرح ذراعها كُل يوم لذى بقيت هادئة.
حتى استوعبت شئ للتو ...
هي تجرح ذراعها ... اذن لابد ان الجميع رآها في العملية !! و من جديد رفع اكمامها ليدخل المعدن البارد داخل جسدها وهو يسحب عينة من دمها
متجاهلاً بالكامل لتلك الندوب !!
" تعلمين __"
الآن سيقول شيئاً عن التوجه نحو الله و التوقف عن الحماقات ...
" احتفظت لكِ بقداحتك و .. السكين. لاتخبري احد بذلك ... حتى لا افقد وضيفتي " قال مُمازحاً لها ليضع القداحة الفضية بجانب رأسها في الدُرج مع السكين.
" اعذريني على التطفل .. لكن مِن اين جلبتيهما ؟"
سئلها ريثما يعيد فحص دقات قلبها للمرة الثالثة و لسببٍ ما ، هي ايضا خف توترها لتتكلم
" كانا لابي و اخذتهما. "
" و اين هو الآن ؟"
" في القبر. " اجابته ببساطة وهي تكبت تلك المشاعر في داخلها .. في لحظة اعتقدت انها ستنفجر مِن كُل ذلك الثُقل في داخلها.
" لمَ تحملينهما في المدرسة ؟ ان وجدوا هذه الاشياء معكِ سياخذونها منكِ ! كونِ حذرة. "
" احملها للاحتياط، فكما تعلم .. العالم ليس مكانً آمناً."
لم يتكلم باي شئ بعدها ليكمل عمله و هو يغادر غرفتها ..
_________________________________________
مِن بين جميع محاولاتها هذه كانت الاكثر رُعباً لها .. حيث بدقائق فقدت كُل حاسة امتلكتها ، و توقف قلبها مرتان .. كانت ترى حياتها امام عينيها بلمح البصر و الخوف مِن مواجهة الموت بهذه السرعة سيطر عليها. صحيح هي ارادت الموت .. لكن الامر حصل بسرعة شديدة !
صحيح بعد استيقاظها تمنت الموت مجدداً .. لكن بعد تلك المحاولة و خاصتاً ان لا احد كان معها .. كان عليها مواجهة كل ذلك بمفردها تماما كما تفعل دائماً.
ايضاً صحيح بانها لم تكن تشتهي الطعام كثيراً .. لكن بعد محاولتها الاخيرة فقدت كُل رغبة بتذوق اي شئ ......
الى الابد.
لكنها نجحت .. فشئ ذلك اليوم مات داخلها ! شعرت و كانها لا تهتم للحياة و ما يحدث فيها بعد الآن .. لانها واجهت الموت. لانها فهمت بان لاشئ سيستحق في تلك اللحظة المرعبة .. و بان كُل حياتها ليست الا عبارة عن اختبار.
فهمت ان عليها ان تكون الجيدة بين كُل تلك الارواح المسمومة. عاد لها جزء صغير مِنها .. و شيئاً فشيئاً وجدت امراً رائعاً احبته .. و الذي هو صنع ابتسامة حقيقية على وجه الآخرين.
كلمة واحدة ، ابتسامة .. ليس لديك اي فكرة عن مقدار تاثيرها في يوم شخصٍ ما .. قد تكون بهذه المحادثة الصغيرة و الابتسامة انقذت حياة انسان !
لذا ... ازالت الابتسامة مِن وجهها وهي تنظر الى انعكاسها الذي عاد كما كان.
" مهما فعلوا بي .. لن انزل لهذا المستوى ، فانا افضل مِن هذه المشاعر ! و الحقد ليس مِن صفاتي. "
سرحت شعرها وهي ترفعه للاعلى مع بعض الخصل التي انزلتها فهي تكره شعرها مرفوعاً بالكامل !
ارتدت فستاناً ابيض و فوقه معطفها الاسود بالطبع !
هي لا ترتدي سوى لونان .. اما ان تكون ثيابها سوداء بالكامل .. ام تكون كملاك بالابيض فقط. لا يوجد لديها وسط ، تحب الامور المبالغ بها ولا تحب الوسط.
انتهت لتنظر الى نفسها في المرآه وهي تبتسم ابتسامتها المعتادة.
" اعلم بانني لستُ ملاكاً. و صحيح بانني فعلت اموراً لا تغتفر .. لكن هذا لا يعني بانني لن احاول ان اصبح واحِدة ، "
" بل انا ساحاول ، وسوف اواجه كُل مايحدث لي و كُل اختبار لآخر نفس لدي، ... لانها مُجرد حياة فانية لا تدوم اساساً لاقلق بشأنها. واجهت الاسوء .. ولن اقع الآن !"
شعرت بثقتها تعود اليها لتضع سماعات اذنها وهي تعود الى والدتها.
.
.
.
المشفى كان هادءاً للغاية .. بالطبع فهذا ليس مشفىً عادياً ، فابنة السيد ميرال قد تعرضت لهجومٍ كاد يؤدي بحياتها ... كلاريس شخصياً لم تكن خائفة مِن هذا المجهول ، فهي متاكدة انه هو.
بالعكس ، هي كانت تريد لقائه بشدة ! شئ ما بشخصيته .. هي نوعاً ما تشفق عليه. لا شخص مهما كان يتحول فجأه هكذا الى شخصٍ يحقد على المجتمع.
غبية ؟؟ نعم ! الى درجة ... فطالما اشفقت على الجميع ، شعرت بالاسف تجاههم على ما فعله هذا المجتمع بهم مِن آلام و مصاعب. و كان احداً يحمل مطرقة يتقدم مِن كل شخصٍ ليهشم احلامه و سعادته منذ الصغر.
كُلما شخصٌ اهانها في يومٍ و شتمها او سبها مع ان هذا حصل نادراً ، هي لا تعيد له الشتيمة ..
بل تتسائل في تاملٍ عميق مِن اي بيئةٍ قد تربى و جاء يا ترى ؟؟ ما الفارق بينهما الذي جعل كُلاً منهما مختلفين.
" كلاريس ابقي مع الحرس ولا تخرجي .. الامر اصبح خطيراً جِداً !" قال السيد ميرال وهو يتكلم بشكلٍ جدي لاول مرة.
" حسناً .. لكن من تعتقدون هو المسأول و لمَ يفعل هذا ؟" احبت ان تعرف بمَ يفكر للاحتياط.
" في الواقع .. اضنه احد اعدائي ، لكن الامر فقط غير منطقي ! لمَ يهاجم ابنتي و إلياس بينما انا هدفٌ اسهل منهما حتى !؟"
" انت محق. "
سألت نفسها نفس السؤال لاول مرة .. فصحيح لمَ قد يفعل ذلك بهما !؟ ما الداعي لذلك !؟
" الطبيب القال بانه لاباس بالزيارات لكن ابقوها قصيرة. "
" سافعل .. اردت فقط رؤية ما مقدار سوء حالتهما."
" انها سيئة لدرجة بانهما في غيبوبة. " قال السيد ميرال فوراً.
بينما كلاريس دخلت غرفة زيرا تنظر اليها اول الاشخاص ..
توسعت حدقة عيونها بدهشة وهي بالكاد تتعرف عليها بعد اليوم !! فوجهها قد تحول للون المُزرق البنفسجي بالكامل تقريباً ، و إحدى يديها تبدوا مكسورة مع قدمها ايضاً .. و الذي نجى مِن جسدها كانت على الاقل فيه كدمة واحدة ...
كلاريس لم تكن مدهوشة .. بل و كانها دُعست للتو مِن قِبل حافلة ! توقع رؤية عدة كدمات زرقاء لكن ليس هكذا !!
هذا فقط جنون لمستوىً آخر تماماً ! لم تحتمل ذلك اكثر لتخرج الى والدتها التي اجهشت بالبكاء فور رؤيتها لزيرا بهذه الحالة ، لان والدتها مقربة مِنها لدرجة كبيرة جداً.
" مظهرها جيد حالياً !، فعندما وجدوها نصف ثيابها كانت مُمزقة. " قال السيد ميرال بابتسامة و كانه فقد عقله تماماً ... كانت كلاريس تلمح دموع خرجت مِن عيونه
" لحظة ... هم لم يفعلوا .. امم شيئاً بها صحيح !؟؟" قالت بفزع وهي تلاحظ بان هذا قد يكون بسببها بالكامل !
" لا .. لسببٍ ما ، مزقوا ثيابها عن عمد ليجدوها هكذا .. ثُم اختفوا. "
تربت على كتفه بشكل غير معهود فهي لم تقترب منه مِن قبل لهذه الدرجة ..
" لا تقلق سيد ميرال ، انا متاكدة انكم ستعثرون على مَن فعل هذا بها. "
صحيح المجهول بارع وهي تشهد على ذلك ... لكنه ايضاً انتحاري بهذا التصرف ! فانت لا تعبث مع احد اقوى الضُباط هكذا !! خاصتاً لا تفعل ذلك بابنته.
غُرفة إلياس كانت بجانب غرفة زيرا لتتركهم جميعاً وهي تدخل غرفته موجهة بنظرها نحوه ..
حالته كانت اسوء فقط.
رغم كُل الذي حدث لجسده ، كان يمتلك صعوبة في التنفس حيث نبضاته بطيئة جِداً ... إلياس كان سيءاً و فعل امور لا تغتفر .. نعم.
كان يستحق ان تتسبب له بالمٍ حقيقي نعم .. لكن ليس بهذه الطريقة ، فهذا فقط ..... وحشي !
هذا عملٌ خالي مِن اي انسانية تماماً ، حسناً هي رسمياً غيرت رأيها .. مقابلة المجهول لاتبدوا فكرة جيدة لها حالياً ،
قاطع انتباهها مرور الطبيب مِن جانبها وهو يفحص إلياس ، فحالته تتطلب عناية مشددة جداً.
" عُذراً .. لكن هل هنالك شئ غير الكسور و الكدمات ، فيبدوا لي بانه لا يستطيع التنفس مِن دون الجهاز .. لماذا ؟"
كان السيد ميرال يقف ورائها وهو يراقب الطبيب يؤدي عمله.
" في الواقع حالته غير معهودة ! ، عادةً الهجمات تؤدي الى كسور في القدمين اليدين .. الجُمجُمة ان كانت ضربة على الرأس ، كدمات ! لكن __"
توقف عن فحصه وهو ينظر لها تماماً و بذعر قليلاً
" لم يكتفوا بهذا .. لابد انهم خُبراء مِن نوعٍ ما ، فانظري هذه المنطقة على عكس باقي اجزاء الجسم تكون ضعيفة و مِن دون حماية لابد انهم ضربوه بسلاحٍ ما __"
كان سيتابع لولا ان كلاريس اوقفته عن الكلام وهي تنظر الى حيث اشار بِصدمة ، ابتسمت قليلاً وهي تنظر الى الياس
" لقد كسروا له عضمة الصدر هذا ليس سلاحاً بل حركة مُتقنة .. "
" كيف علمتي ذلك !؟؟" قال الطبيب بدهشة ريثما السيد ميرال متصنم في مكانه يناظر اجابتها
" لقد حاولت اتقانها قبل فترة .. انها حركة خطيرة و تُستخدم فقط لحالات الطوارئ القصوى لانها تستطيع التسبب بموت الشخص حقاً ! ، كما تعلم .. تتسبب بكسر هذه المنطقة بشكلٍ خطير كونها الوحيدة التي ليس لها حماية. "
تقدم السيد ميرال فوراً وهو يواجهها الآن
" كلاريس مِن اين تعلمتها بالضبط .. لو علمنا اسلوبهم قد نعلم مِن اين تعلموه هؤلاء !"
نظرت كلاريس بتمعن مُجدداً الى الياس .. كدماته ، اصاباته كُلها بتمعن.
" لستُ متاكدة مئة بالمئة .. لكن ساحزر و اقول بانه كراف ماغا ( krav maga ) "
قالت بكل بساطة وهي تتفحص جسد المسكين الذي لايزال فاقداً لوعيه اثر العذاب الذي ذاقه.
" و ما هو هذا ؟"
" انه __"
ابتسمت كلاريس لنفسها بصدمة مجدداً وهي تفكر بالامر قليلاً .. الكراف ماغا فن قتالي آخر .. يختلف كُل الاختلاف عن المورشال آرتس ( فن القتال العسكري) بل في الواقع زرع الامر بضع افكار جنونية في عقلها .. افكار جنونية لكنها واقعية لسبب ما.
" انه ماذا ؟"
كانت لاتزال كلاريس تحت الصدمة وهي تستوعب الامر لتوها فقط !
" انه مِن اخطر الفنون القتالية حتى الآن. يتم تعليمه بشكلٍ خاص ....... "
" لِمَن ؟"
حدقت في عينيه تماماً و لاول مرة
" يتم تعليمه لفرق محددة جداً مِن الجيش الاسرائيلي و القليل مِن الجيش الروسي. انه حرفياً يحول البشر الى مخلوقات لا يمكن هزمها"
" الجيش الاسرائيلي !؟ لكن ... انا لم اقابل اي احدٍ اسرائيلي او روسي مِن قبل !"
لم تتوقع كلاريس بان للسيد ميرال اي علاقة بالامر .. لم تستمع لنا قاله حتى وهي تتوجه نحو الحمام متجاهلة للجميع مِن حولها ،
دخلت الحمام الفارغ و اقفلت الباب .. كانت تشعر و كانها ستتقيئ مِن الدوار الذي اصابها و مِن الانقلاب في معدتها بمجرد التفكير بالامر حتى ، لم ترد تصديق هذا ..
حقاً لم تُرد ان تصدق افكارها التي تصبح منطقية اكثر و اكثر .. لديها امرٌ واحد تستطيع فعله. ستتاكد بنفسها اولاً.
حملت هاتفها على اسمه الذي فضلته مِن بين جميع الاسماء على قائمتها.
اخي الكبير❤
تشجعت وهي تغسل وجهها بالمياه الباردة لتقوم بالضغط على اسمه اخيراً وهي تضع الهاتف على اذنها بارهاق شديد اصابها فجأه .. هذا جنون !! سترى بنفسها ان هذا جنون ! ثُم ستضحك على الامر معه لاحقاً !
" نَعم كلار ؟ هل كُل شئ بخير ؟"
اجتاح صوته القلق سماعة هاتفها لتقوم بقضم شفاهها مخفيةً لذلك التوتر.
" اجل .. اجل لاتقلق ساخبرك بِكُل شئ لاحقاً ، اتصلت لاسئلك امراً خطر على بالي فجأه. "
" تفضلي ، انا استمع لكِ .. "
تصنعت نبرة مزيفة اخرى كمحاولة لسحبه اليها .. فهي لا تستطيع قرآه تعابيره سوى ان رأت وجهه !
" اتعلم ماذا !؟ اشعر بالملل الشديد انهم لايسمحون لي بالخروح بمفردي .. هل تستطيع القدوم الى المقهى الذي بجانب بيتي ؟"
صمت قليلاً بشكلٍ اخافها كثيراً ... فان رفض هذه ستكون علامة سيئة بالنسبة لها.
" اجل بالطبع ، ساكون هناك بعشر دقائق. اراكِ !" اجابها بنفس نبرتها لتبتسم مِن دون شعور.
" رائع ، اراك !"
اغلقت الخط وهي تتنفس اخيراً .. لاتزال في البداية فهنالك مئة اختبار آخر عليع خوضه بنجاح.
هي مِن النوع الذي يتحطم بسهولة لهذا لا يثق باحد نهائياً حتى لا تتأذى .. لكنها عندما تحب شخص ما ، سيصبح هذا الشخص بالنسبة لها اهم مِن اي شئ في هذا الكون ، اي كلمة بسيطة منه ستبني عليها مزاجها لبقية اليوم .. لهذه الدرجة هي تعلقت بكايدن.
انه اول ذكر في العالم تجلس معه ولا تشعر بالانزعاج ... و هذا بمفرده انجاز !!
.
.
.
بعد ان اخبرت والدتها بانها ستذهب لمقابلة احد اصدقائها، وافقت والدتها على ذلك .. لكن بالطبع بعد ان تاخذ احد الحراس معها ... و كأن هؤلاء سيتمكنون مِن حمايتها حقاً مِن فن قتالي مميت كهذا !!
كانت جالسة في المقهى تنظر مِن حولها بتوتر .. بالطبع الحارسان اخذا الطاولة التي ورائها بمسافة جيدة .. تحسباً لاي شئ ، و كأن المجهول سيظهر في منتصف النهار عند مقهىً يملئه الناس كهذا !
قاطع افكارها كايدن وهو يجلس امامها مباشرةً
" اهلاً ، .. "
اعطاها ابتسامة وهو يتفحص ملامحها بدقة
" تبدين ظريفة جداً عندما تكونين متوترة .. خذي بعض الماء. "
ناولها كوب ماء لتشرب فوراً
" كنت تدرس لغة جسد ؟"
" لا .. لكنني حفضت عاداتك عندما تتوترين ، تلعبين بشعرك ، طرف القميص ، تتفحصين شئ في الاعلى لسببٍ ما" قال لتقهقه فوراً
" اجل .. اشغل نفسي. "
" اذن .. لن اكذب انتابني الفضول في طريق قدومي عن ما تريدين سؤاله. " قال بشكل طبيعي
لاشئ غريب حتى الآن ... ولا علامة توتر او خوف ، فقط فضول كما قال.
" في الواقع ... اخبرتني انك كُنت في الجيش ،"
" اجل بالفعل. " حرك راسه علامة على الموافقة .. حتى الان يقول الحقيقة.
" لابد ان الجيش الروسي صارمٌ للغاية .. اعني رأيتهم مرة في المعسكر ، التدريب كان قاسياً جداً !"
ابتسم وملامحه تتحول للتفاجئ .. لقد كان حقاً متفاجئاً !
" هل ضربتي رأسكِ !؟ اي جيش روسي ؟؟ نحن في اميركا !" قال ليضحك بعدها و كانه سمع نكتة.
ابتسمت بِراحة شديدة هي ايضاً فحتى الآن الامور بخير !! هذا رائع !
" سمعت انك تُتقن الكراف ماغا وهو فن يتم تعلُمُه في الجيش الروسي لذا توقعت انك تعلمته هناك. "
" لا ، اعتقد تعلمين بان لدي اقرباء صحيح ؟" اذن هو حقاً كان يستخدمه.
" اجل اعلم ، عن عمتك فقط. "
" اخاها الذي هو عمي علمني اياه بعد ان قتلوا والداي .. في حال تعرضت للخطر. "
هذا اعادها للبداية فقط ! فمِن اين ستعلم لو كان المجهول تعلمه مِن اقاربه ام مِن الجيش !؟ لاتزال احتمالية ان يكون هو كبيرة.
لكن الم يكن معها ليلة امس باكملها !؟
هُنا ستقوم بامرٍ مجنون ... ستقوم باستخدام طريقة التحقيق الفدرالية لاستخراج اعترافٍ مِن الآخرين ، لم تجربها في حياتها ! لقد اتى وقت استخدامها الآن.
" انا اعلم كُل ما فعلته بالفعل .. انا هُنا لتاكيد كُل شئ فقط. لقد اعطيتني للتو ما اريده ، " هي متاكدة لو كان بريئاً لن يتحدث معها مرة اخرى في حياته !
اكملت قائلة " لدي ادلة بانك انت مَن تسبب بذلك ، "
نظر اليها مع ابتسامة تشق فمه .. لم تستطع فهم معناها لتكمل ، ففي العادة هذا يكفي لاستخراج الكلام !
" انا اتفهم لما فعلت ذلك بالكامل .. شعرت بالغضب و بان عليك فعل شئ ما ... "
في هذه المرحلة لم يكن لديها اي فكرة عنما كانت تتحدث بحق الجحيم ! هذا كان اغبى ما قالته في حياتها ، مع هذا اساليبها قد انتهت تقريباً لذى عليه قول شئ ما !
نظرت اليه تماماً وهي هادئة .. علامة ان يتحدث الآن.
" واو ... انتِ جيدة بالمناسبة. لكن لازلت اجهل عنما تتكلمين بحق الجحيم ؟ ولمَ بالضبط تحققين معي !؟" قال بنبرة مُستمتعة و فضولية بنفس الوقت.
على الاقل لم يبدوا غاضِباً منها !
" اجل ... آسفة انت محق ، لم اكن اعلم بمَ كُنت افكر !"
" اذن .. ما القصة ؟"
سحبت نفساً عميقاً وهي تشرح له ما حدث مع إلياس و زيرا ليلة امس و اسبابها للتحدث معه بهذه الطريقة ضناً منها انه هو مَن فعل ذلك.
و بعد ان انتهت بقي هادءاً تماماً مما جعلها تشعر بالذنب اكثر فقط.
" انا آسفة ... اغضب مني لكن لا تصبح هادءاً هكذا !" قالت وهي على وشك البكاء لينظر اليها اخيراً وهو يعطيها اكثر ابتسامة لطيفة لديه.
" لابأس لستُ غاضباً. في الواقع لو كُنت بدلاً منكِ لفكرت بمنطقيةٍ ايضاً. "
" حقاً !؟" قالت بتفاجئ وهي تريد التوجه لمعانقته .. لكنها تعلم بانه لن يشعر بالارتياح كونهم في مكانٍ عام.
" بالطبع. لكن لا افهم لمَ شككتي بي تحديداً ، فحتمالية ان يكونوا اكثر مِن شخص كبيرة. ما ادراكِ انه فن قتالي ؟"
" الامر معقد .. " قالت وهي تلعب بشعرها قليلاً
اعطاها نظرة شك ، هذا قبل ان يصدر صوتٌ مِن جهازها لترفعه بسرعة وهي تنظر الى الرسالة.
مجهول : واحد.
شعرت بالخوف يهاجمها فوراً وهي تنظر الى الرسالة
كلار : ماذا تعني !؟ .. اجبني !
انتظرت لكنه لم يجبها ... نظرت الى كايدن الذي يراقبها بفضول
" هل هنالك خطبٌ ما ؟"
لو كان المجهول راسلها و كايدن جالسٌ امامها فهذا اكبر دليل بانه بريئ ! فرحت لكن في نفس الوقت خافت مِن الذي يخطط له هذا المجنون هذه المرة !
" لاشئ ، ماذا كُنت تقول ؟"
حدق في ساعاته بسرعة .. لاحضت كلاريس بانه حدق نحو ساعته ثلاث مراتٍ بالفعل منذ ان اتى حتى الآن !
" هل انت على عجلة ؟ لاحضت انك تتفحص ساعتك كثيراً. "
" لا لاشئ ، لكنها الساعة السابعة و النصف .. ربما علينا التوجه نحو المدرسة الا تعتقدين ؟" قال وهو يحاول جذب انتباهها ، مع هذا لم يخفى عليها استعجاله.
" اجل انت محق ! ، هيا لنذهب. "
نهضت معه ليفعل الحارسان نفس الشئ .. بالطبع لم يُسمح لها بالذهاب مع اي شخص سوى معهما نتيجة للوضع الحالي.
ودعته و نبضات قلبها قد هدأت اخيراً بعد ان زالت شكوكها تجاهه. المجهول قد راسلها ريثما هو جالسٌ امامها ! و هذا كافٍ لتبرئته.
مِن جهة اخرى ليست لديها اي فكرة عن ما ستفعله الآن ! فهي لا تستطيع اخبار احد بسبب الشريط الذي يهددها به ، لا تستطيع تتبع رقمه لانه مخفي ، لا تستطيع حتى تهكير جهازه لانه ابرع مِنها بكثير !
في نفس الوقت لا تستطيع الجلوس في مكانها براحة ريثما ليس لديها اي فكرة عن ما يفعله الآن في هذه اللحظة !
لم يعد يلعب معها بعد الآن .. لقد كان جاداً بمسئلة تدميرها.
.
.
مدرستها كانت صاخبة كالعادة في هذا الوقت مِن الصباح .. هي لم يعد مسموحاً لها الذهاب الى اماكن بعيدة مِن الحديقة ، او حتى السطح ، او اي مكانٍ بعيد عن باقي البشر ... بل عليها البقاء في الكافتيريا ، الصف ، الممر.
تحدثت مع الآخرين قليلاً و اعتذرت عن عدم ذهابها معهم للرحلة غداً بسبب الذي حدث ... كما يبدوا ان المدرسة باكملها تعلم عن الهجوم الذي حصل ، و قد تاكدوا عندما وجدوا الحارسين يقفان خارج باب الصف تماماً بعد حصولهم على اذن مِن الادارة طبعاً.
اشتهرت كلاريس بشكل غير طبيعي .. حيث الجميع بدئ يتحدث فجاه عن قاتل متسلسل داخل المدرسة يستهدفها !! كايدن وجد الامر خطيراً ، وقد بدئ فضوله يصبح اقوى لمقابلة هذا القاتل.
كُل شئ كان طبيعي حتى وصلتها رسالة قبل دخول الاستاذ بخمس دقائق.
مجهول : اثنان.
خوفها اصبح اقوى و شعور قوي في داخلها يخبرها ان تهرب.
اتى الاستاذ ليتوقف الجميع عن الحديث وهم ينتبهون له ، و بعد نصف ساعة تقريباً وصلتها رسالة اخرى لترفع هاتفها بهدوءٍ شديد تحت الطاولة حرصاً على ان لايراها.
مجهول : ثلاثة.
مجهول : اهربي.
خافت اكثر وهي تنتظر ان يحدث شئ في اي لحضة .. لكن مِن المستحيل ان يتهجم عليها الآن !!
" آنسة كلاريس ، اتركِ الهاتف رجاءاً. "
الجميع حدق ناحيتها الآن ، وهي تمسك الهاتف بيدها لتضعه جانباً
" اعتذر ، انها حالة طارئة. "
ابتسم وهو يتقدم نحوها ليواجهها تماماً
" انا متأكد ان القاتل سينتظر خمس دقائق اخرى حتى ينتهي الدرس ليقتلكِ. "
وصلتها رسالة اخرى جذبت انتباهها لترفعه قليلاً وهي ترى ما الامر الآن.
مجهول : آخر تحذير ، استاذني الى الحمام.
اختفت ابتسامته ريثما لايزال يحدق ناحيتها ، اقفلت هاتفها فوراً فهو لا يستطيع فتحه مِن دون بصمة اصبعها .. و كما توقعت قام بسحبه مِن يدها.
" هذا سيبقى معي لنهاية المدرسة ، تعالي و خذيه لاحقاً. "
" حاضر. "
عاد لمكانه قبل ان يقول شيئاً آخر و نظره موجه بعيداً
" سيد كايدن ، هلا وضعت الساعة جانباً .. انت تحدق بها كثيراً. " علت نبرة صوته فجاه.
مع كلاريس يتكلم بشكلٍ طبيعي ، لكن لسببٍ ما تصبح نبرته اعلى و اكثر صرامة مع كايدن .. تسائلت لمَ جميع الاساتذة يكرهونه ، ما عدى استاذة الفنون التي اصبحت تفضله اكثر هذه الفترة.
كانت تتوقع جواباً ساخراً منه .. لكنه فقط خلعها مِن معصمه و وضعها في حقيبته.
" اين كُنا الآن ؟ .."
كان سيفتح فمه ليقول شيئاً لكن دخول عناصر الشرطة اوقفه .. ليس فقط شُرطة ، معهم نفس الرجل الذي كان يقف بجانب المحقق.
" عُذراً على المقاطعة ، لكن هل نستطيع التحدث مع الآنسة كلاريس قليلاً. "
" اجل تفضلوا. " قال مِن دون ان يُبدي اي اهتمام.
نهضت هي ايضاً بخوف لتلحقهم خارجاً .. حدسها اخبرها بان الامر لن يمر على خير مُنذ البداية ، كان عليها الاستماع الى نصيحته و الهرب !
ذهبوا الى صفٍ فارغ تماماً ليجلس المحقق او اياً كان هذا الرجل ، اما هي فجلست امامه تماماً على الكرسي.
" اذن .. ما الامر ؟"
وقوف عناصر الشرطة فوق رأسها وترها اكثر فقط. دخل شخصٌ آخر كان مِن الشرطة الفدرالية ليجلس بجانب هذا الرجل الذي بدئ حقا يخيفها في هذه المرحلة.
" آنسة كلاريس ، لدينا عدة اسئلة. "
حاولت السيطرة على نفسها قدر الامكان لتعطيه ابتسامة
" حسناً ، بما اساعدكم ؟"
" هل تعرفين هذا الرجل ؟"
وضع امامها صورة لتنظر اليها ... الخوف و الرعب هجم عليها تماماً ، ابقت ملامحها هادئة تماماً ريثما قلبها كان سيتوقف. ضنت للحظات انها ستصاب بنوبة قلبية لكن لسوء حظها ذلك لم يحدث !
حاولت ان تسيطر على نفسها قليلاً فهما لايزالان امامها .. هي لا تستطيع اجابتهم لانها لا تعلم اساساً ما الامر.
لتقرر الذهاب مع حدسها .. فلو كان لديهم دليل لكانت في السجن حالياً ، هذا يعني انه ليس لديهم اي شئ ضدها !
" لا. " قالت ببساطة وهي تحاول الابتسام بشكلٍ طبيعي.
لم تُنزل نظرها ابداً مُجدداً لتلك الصورة المستقرة على الطاولة .. لم تكن لها الجرأه لِإنزال رأسها حتى !
كيف لها ان تنسى هذا الوجه الذي دمر لها حياتها تقريباً.
منعت نفسها مِن لمس اي شئ بصعوبة ،
" عُذرا هل يمكنني الذهاب الى الحمام بسرعة ؟"
حرك رأسه بنعم .. ليشير الى الحارسان ان يذهبا معها حرصاً على ان لا تهرب.
دخلت الى دورة المياه وهي تغسل وجهها بالمياه الباردة.
" اهدئي .. اهدئي ، ليس لديهم اي شئ ضدكِ ! و انتِ تدرسين لغة الجسد منذ الصغر. تحتاجين ان تهدءي فقط. "
نظرت الى نفسها لعدة دقائق في المرآه وهي تسيطر على نوبة الهلع التي تنتابها الآن. استخدمت الاسلوب الوحيد الذي تعرفه ..
' لم تفعلي اي شئ ، لم تفعلي اي شئ ، انتِ لا تكذبين. '
كان عليها اخبار عقلها الباطن بذلك حتى يعكس ذلك على تصرفاتها ايضاً. هداءت قليلاً اخيراً ، لتخرج مِن هناك وهي اكثر هدوءاً ..
عادت لتجلس في مكانها وهي تبتسم ابتسامة واثقة.
" اين كُنا ؟"
" هل تعرفين هذا الرجل ؟" حرك الورقة باتجاهها اكثر لكنها انزلت راسها لثوانٍ فقط لتلمحه ثم اعادت نظرها لهم.
" لا، لا اعرفه. " هزت راسها علامة على النفي ريثما تعيد ترديد نفس الجملة في داخلها ..
لاحضت ان الرجل الذي بجانب المحقق يراقبها بتمعن ، ليتحدث اخيراً وهو يركز نظره نحوها
" اذن .. انتِ لا تعرفينه ؟ "
رفع الورقة لها لتنظر اليها .. ريثما هو تكلم بسرعة
" اسمه فرانك ليستر ، كان جاركم هُنا قبل عدة سنوات ... "
" اذن لم تقابليه مِن قبل .. ابداً ؟"
" لا اعتقد ذلك، لا. "
رفع لها صورة آخرى ... لقد كان خبير لغة جسد.
" ما التعبير الذي ترينه ؟"
هذا كان لينجح بالفعل لولا انها كانت خبيرة بهذه التعابير مثله تماماً .. لهذا الامر لن ينجح عليها.
" التفاجئ. "
" جيد ، و هذا ؟"
رفع لها ورقة اخرى لتجيبه مِن ظون التفكير حتى
" سعادة. "
رفع لها ورقة اخرى لتجيب بسهولة
" اشمئزاز. "
اعاد جميع الاوراق الى الملف ليصمت مجدداً سامحاً للمحقق ان يكمل معها.
" هذا الرجل خطيرٌ جداً ، كنا نأمل ان لديكِ اي معلوماتٍ عنه."
هذه ربما كانت اكثر نظرة تفاجئ صادقة اعطتهم اياها حتى الآن ..
" ماذا تعني !؟"
كانت تضن بان قضية موته قد فُتحت مجدداً لكنها الآن مشوشة فقط اكثر !
" قبل اربع سنواتٍ حُكم على فرانك ليستر بعشرين سنة في السجن بتهمة خطف فتاة تحت السن القانونية. "
رغم صدمتها لهذا الخبر .. فحسب الذي تعرفه على هذا السافل ان يكون ميتاً منذ سبع سنواتٍ تقريباً !! لكنها لم تستطع ان لا تسأل.
" هل تأذت !؟ " قالت فوراً مما جعلهم يشكون فيها اكثر فقط.
" لا ، لقد انقذناها قبل ان يصيبها اي سوء حمدا لله. المشكلة هي ان فرانك قد هرب مِن السجن قبل اسبوعين تقريباً. "
" الامر لم يَكن بهذه الاهمية .. حتى عثرنا على ادلة تثبت اتهامه بالخطف ، الاغتصاب ، و القتل. "
توقفت كلاريس عن التنفس لعدة دقائق قبل ان تسحب نفساً مِن دون اصدار اي صوت خوفاً ان تجذب الانتباه لنفسها ..
اتتها الرغبة الشديدة باغلاق عينيها فجاه خاصتاً مع الانقلاب في معدتها الذي يدفعها للشعور بالغثيان.
" م.... ماذا ؟، تقصد انه هُنا .. هنا !؟ "
" لا نعلم اي هو تحديداً ، لكننا قُمنا بتبليغ جميع المطارات و أمنّا جميع طُرق التنقل .. آخر تبليغ لمكان وجوده كان في هذه المدينة. "
" و لمَ تُخبرني بهذا !؟" فشلت في جعل نبرة صوتها طبيعية و مع الاسف تعلم بان هذا المحلل انتبه لذلك فوراً.
" احدٌ ساعده على الهرب مِن السجن. شريكه في الجريمة كان بارعاً .. لكن فرانك اخطأ و اوقع هاتفه في الشقة التي وصلنا لها قبل فترة ، "
قاطع حديثه وهو يخرج هاتفاً مِن كيس بلاستيكي وهو يضعه امامها.
" بالطبع لم يكن هنالك اي رقم لانه دمر الشريحة .. لكننا عثرنا على بعض الصور فيه. "
حرك اصبعه على الشاشة لتظهر صورة لها واقفة بجانب زيرا و والدتها في احدى الاماكن السياحية .. و المزيد مع باقي العائلة .. حتى ظهرت في صورة وحدها تجلس في احدى المطاعم ..
و كان هنالك فيديو ايضاً ، لتشغله فوراً و هي على وشك ان تفقد وعيها.
" حسناً .. بدأنا. " قال صوتٌ ذكوري
و حالمَ تفوه بذلك ظهرت هي جالسة على إحدى الصخور و في اذنيها سماعاتها ، كانت في عمر الثانية عشر تقريباً.
فورما لاحضت ذلك المتطفل الذي يصورها غطت وجهها بيديها.
" كيث لا احب ان يصورني احدهم ! ابعد الكاميرا عني. "
" اوه هيا ! حتى نصور اول هدف لكِ !"
" دعها ، انها مملة ثُم لن تستطيع يديها ضعيفتان جداً !" ضهرت زيرا فجأه و كعادتها تصرفت كسافلة.
نظرت لهما قليلاً لتخلق نظاراتها الشمسية اخيراً وهي تنهض مِن مكانها.
" حسناً يا متطفل ، اعطني السلاح. "
جهزه لها بما انها لا تعرف اي شئ عنه .. ثُم اخبرها ان كُل الذي عليها فعله هو التصويب عندما تتطابق تلك الشارحتان الصغيرتان في اعلى السلاح.
" و ها انتِ ذا .. هيا حاولي. "
اخذت السلاح منه لتاخذ عدة دقائق وهي تصوب نحو عبوة المياه الفارغة كبداية فقط.
سحبت نفساً و ضغطت الزناد لتقع العبوة فوراً على الارض !
" رائع !! ، لما لا تحاولين الآن نحو ذاك الهدف. "
اشار الى شجرة بعيدة كانت فيها عدة رصاصات بالفعل و في نصفها مرسوم دائرة.
اعادت بصرها نحو الشجرة لتثبت مُجدداً وهي تضغط الزناد ليصيب المنتصف تماماً
رغم ثقتها لم تستطع كتم تلك الابتسامة و الصرخة التي اطلقتها عفوياً
" انتِ موهوبة حقاً ، كفكِ ! "
" لا اصدق اصبته !"
انتهى الفيديو وهي تتذكر ذلك اليوم مع كيث .. صديقها الاكبر سناً الذي علمها كيفية التهكير لعدة امور، و في نفس الوقت حبيب زيرا في ذلك الوقت. حيث تعرفى عن طريقها .. و هذا كان الشئ الوحيد المفيد الذي فعلته زيرا يوماً.
" لا نعلم مِن اين حصل على صورك و اشيائك لكن نعتقد بانه يقوم باستهدافك. "
" مِن والدتي و زيرا. "
" عفواً ؟"
" امي و زيرا يبقيان اموراً خاصة على هواتفهم دائما لانني لا ابقي معلومات شخصية عن نفسي او اي شخص .. لابد انه قام بتهكير هواتفهم. "
" هذا امرٌ جيد لتفعليه ، اخبري والدتك ان تتخلص مِن هاتفها و تشتري واحدا جديداً فقد لايزال يكون مراقب. "
حركت راسها بعلامة نعم قبل ان يعود لنفس الموضوع.
" الآن انسة كلاريس مِن المهم جداً ان تخبرينا لما يستهدفكِ فرانك ليستر بالضبط ، و ما هي علاقتكِ به. "
" انا لا اعرفه كما اخبرتكم مِن قبل. "
نظر الرجلان الى بعضهما البعض ، ثُم اخرج عدة اوراق اخرى مِن الحقيبة ليضعها على الطاولة امامها.
" انظري للصور. "
فتحت الملف بتردد ليأتي على نظرها الكثير مِن الدماء لفتاة شقراء لا تتجاوز العشرين.
قلبته مُجدداً لتجد صوراً اكثر فضاعة حتى .. لم تستطع كتم مشاعرها اكثر و عيونها بدأت تلمع بالدموع .. مع هذا لم تسمح لدموعها بالنزول الآن.
" عليكِ مساعدتنا لادخاله الى السجن مجدداً، او قد يقتل المزيد. رجاءاً ان كُنتِ تعرفين اي شئ اخبرينا الآن. "
فكرت لعدة دقائق و مشاعرها بداءت بالسيطرة عليها .. لكن مُنذ متى انقذتها السلطات الامنية ليفعلوا الآن !؟؟
حتى لو وجدوه فعلاً ، سيهرب مجددا مِن السجن ! فمَ الفائدة !؟
" كما قُلت ... انا لا اعرف اي شئ. "
.
.
.
كانت في الحمام تغسل وجهها للمرة المئة .. عندما اصابها الغثيان لتتقيئ كُل ما في داخل معدتها ، شعرت و كان امعائها ستخرج مِن فمها لتتوقف اخيراً بعد ان كادت تموت تقريباً ..
خرجت نحو الكافتيريا و الحارسان ورائها و مِن دون ان تنتبه اصطدمت بشخصٍ ما لتتراجع الى الخلف وهي تنظر الى الكتب التي وقعت على الارض ، انحنت و التقطتهم
" انا آسفة جداً ، لم اكن منتبهة. "
نظرت الى الشخص الذي اصطدمت به لتجد بان كان كايل الذي لم يقل اي شئ.
" اعتذر كايل .. لم انتبه على طريقي. "
" لا مشكلة. "
نظر الى ورائها لياخذ كتبه بسرعة مِن يديها وهو يتابع طريقه ..
نظرت هي ايضاً لورائها لتجد كايدن ينظر اليها بهدوءه المعتاد.
نهضت مِن على الارض لتتابع طريقها ريثما هو بجانبها ، لم تكن لها قوة التكلم بحرفٍ واحدٍ حتى !
و هو بدى و كانه تفهم الامر كالعادة ليرافقها بصمت.
جلسوا على احدى الطاولات بعيداً في الزاوية بهدوء.
" خذي بعض الماء. " اعطاها علبة مياه معدنية لتاخذها وهي ترتشف منها القليل
" ما الخطب كلار ؟"
هزت راسها بعلامة نفي وهي تعطيه ابتسامة باهتة ريثما نظرها موجهٌ الى الاسفل.
" هذا لن ينفع ، تجاهلت كل شئ .. لكنني الان و لاول مرة في حياتي فضولي. لهذا تكلمي بصراحة .. لا احب الكذب"
نظرت له مباشرة لغينيه ريثما شئ في داخلها سيتفجر ... لم تعد تتحمل كل ذلك ، عليها قول شئ ما او ستنفجر !
" هل تحفظ اسراراً !؟"
" اجل استطيع ، لن اتفوه بحرف اعدكِ. "
نظرت الى الحارسان الذان يجلسان بعيدا عنها غير قادرين على سماعها ، لتعيد نظرها نحوه.
" تريد الصراحة التامة ؟"
" اجل. " قال ببساطة وهو ينظر لعينيها تماماً
" حسناً ، __ "
هدأت للحظات قبل ان تتكلم بصوتٍ خافت لكن بسرعة.
" تم اغتصابي عند الطفولة مِن قبل مجهول يعيش في منطقتنا ، و بعد سنتين عدت و قتلته ... و الآن اعلم بانه على قيد الحياة طوال هذه الفترة و كان في السجن نتيجة لتهم اخرى وقد هرب قبل اسبوعين و هو يستهدفني حالياً. و هذه هي الحقيقة."
انتهت لتستوعب ما قالته للتو ... لكن للجحيم بالامر فمن يهتم ، على الاعلب الجميع سيعلم القصة عند نهاية كل هذا !
بدى و كانه يفكر لينظر ناحيتها اخيراً بعد دقائق ..
" حسناً ، هنالك امرٌ واحد تستطيعين فعله. " قال بهدوء حتى لا يثير انتباه الاخرين.
راقبته بفضول وهي تنتظر ان يكمل ليباسم لها ابتسامة صغيرة.
" دعيه يعثر عليكِ ،و اقتليه بشكلٍ صحيح هذه المرة."
لم تصدق ما سمعته للتو منه .. لم تستطع ان لا تشاركه تلك الابتسامة الشيطانية التي لديه.
" الكلام سهل. لديه شريك و يبدوا بانه من تهجم على زيرا و إلياس .. هذا إضافة بانه هكر مِن الدرجة الاولى ، و يهددني. "
" اذن ... هما اثنان ؟"
" حسب الذي اعتقده."
" هذا هراء .. انتِ تعرفين فن القتال بالسيف و كما انكِ جيدة جداً في فنون القتال العسكرية ! لديكِ مسدس و تسع سكاكين و سيف ! ... تذكري جيداً ، اي شئ ينزف دماءاً .. قابل للقتل !"
هذا نوعاً ما جعلها تشعر بتحسن قليلاً ، لكي تبتسم مجدداً
" شُكراً للنصيحة .. انا سعيدة انك لم تشكني للشرطة حتى الآن. "
" هل تمزحين !؟ كُنت لاخرج الحياة مِن جسده بنفسي لو علمت بذلك سابقاً ! ، و سافعل بالمناسبة .. لكن احتياطاً لو حصل شئ لا تترددي بقتله نهائياً مجدداً ، "
" اعلم لكنني فقط خائفة مِن ان يكتشف امري. " قالت لتنظر الى الاسفل بعدها بندم و حزن وهي على وشك البكاء.
" و لمَ انتِ خائفة جداً مِن ان يعلموا !؟ لا احد سيلومكِ لذلك. "
" انت لا تفهم. عائلتي متحفظة جداً .. قد يرمونني في الشارع حرفياً !! خاصتاً و انني صمت لهذه الفترة. مهما كان عمري سيعتبرونه خطأي !"
وضعت رأسها على الطاولة وهي تخبئ وجهها .. فهي تكره ان يراها احد بفترة ضعفها.
" اذن .. لا احد سيعلم. "
رفعت راسها لتنظر اليه بتفاجئ وبعدم فهم. ليكمل
" نحن سنجده قبل عناصر الشرطة و سنقتلع رأسه. ولا احد سيعلم ، كان مجرد دفاع عن النفس ! "
" و كيف سنجده قبلهم ؟ ثُم لمَ تستخدم الجمع .. نحن ؟"
" و هل تعتقدين انني ساتركُكِ وحدكِ لهذا السافل !؟ ثُم ان لدي حلفاء اقوياء في المحكمة .. سينمحي الامر بيومين ولا احد سيتذكره. "
ارادت البكاء فهذه اول مرة في حياتها يقف بجانبها شخصٌ ما .. جعلها هذا نوعا ما تريد الذهاب لتقبيله !
" اريد ان اعانقك الآن. " قالت وهي تمسح دمعة خرجت لا ارادياً من عينها.
" اعتقد انكِ استحققتي عناقاً بالفعل ! ، تعالي الى هنا "
سحبت كرسيها لتجلس بجانبه وهي تعانقه مِن جديد .. لكن هذه المرة لم يتركها تذهب.
" لا تقلقي كُل شئ سيكون افضل قريباً. "
" لكن ماذا لو انكشف الامر صدفة ؟ " قال و افكارها السلبية تعود لتسيطر عليها مجدداً
" وقتها تستطيعين البقاء في منزلي مع عمتي ، ستحبكِ اكثر مِن هؤلاء السفلة. "
قهقهت قليلاً قبل ان يدخل يده الثانية في شعرها ليلعب بخصلاته مُرسلاً لها شعوراً مهدءاً رغماً عنها.
استمر الهدوء وهو لايزال يلعب بشعرها متاجهلاً تماماً لجميع انظار المتطفلين مِن حولهم.
" انا فقط لا اصدق بانكِ استطعتي اخفاء هذا الامر طوال تلك الفترة. و بمفردك تماماً ، "
كانت لاتزال مغمضة لعينيها عندما تكلمت
" انا متاكدة بانك مررت بامورٍ سيئة انت ايضاً. مع هذا لم تخبر اي احد .. ولا حتى انا ، لهذا انا من علي سؤالك كيف تتحمل كُل هذا الثقل بمفردك ؟" فتحت عينيها اخيراً وهي تحدق في عينيه تماماً.
لا احد يموت كِلا والديه ، ثم يدخل الجيش فجأه و يصبح خبير اسلحة و يتعلم فن قتالي مميت .. و يمتلك بطاقة تمكنه من خرق نصف قوانين المجتمع هكذا فجأه ! هي متاكدة انه يخفي اموراً كثيرة ايضاً.
" لا انا لدي معالجة نفسية خاصة ، اذهب اليها كُلما اشعر بان هنالك شئ يزعجني. "
" و .. ماذا يزعجك عادة ؟"
لم يجبها لعدة ثوانٍ لكنه استمر باللعب بشعرها.
" لاشئ مهم، قد اشعر بالغضب مِن شئ او شخص .. وهي تساعدني على حل المشكلة. "
لم تشاء سؤاله اي شئ آخر فهي تعلم بانه يكره ان يتدخل احد في اموره الشخصية .. عندما يثق فيها كفاية ، و عندما يكون الوقتُ مناسباً سيخبرها بنفسه.
لكنه فاجئها عندما اكمل كلامه لتستمع بتركيز.
" في الواقع كانت هنالك فترة حيث كُنت اتعامل مع كُل شئ بالشراب و المخدرات .. حتى ادركت ان ذلك لن ينفع. فبدأت التفكير بمنطقية اكثر و بدأت اواجه مشاكلي بنفسي .. و ها نحن هنا. "
ابتعدت عنه قليلاً فقط لتنظر اليه وهي تعطيه ابتسامة صغيرة.
" انا فخورة بك لانك استطعت فعل ذلك. ليس الكثير مِن الاشخاص مَن يستطيع التخلي عن اساليب كهذه لمواجهة كُل شئ بعدها. انت مميزٌ حقاً عن الآخرين !"
عانقته مُجدداً بقوة ريثما هو فعل الشئ نفسه. كمحاولة لاعطاء الدفئ و الامان لاحدهما الاخر ..
.
.
.
كانت كلاريس في غرفتها بعد اليوم الطويل .. ام ترد رؤية اي احد نهائياً ، خاصتاً ان الجميع علم الآن ان الهجوم الذي حصل على زيرا و إلياس كان قد حدث بسببها. فالشرطة الفدرالية اخبروا السيد ميرال عن فرانك ليستر و السيد ميرال اخبر العائلة كلها.
كانت جالسة هناك على السرير و باب غرفتها مقفول .. بعد ان تركت كايدن شعرت بالاكتئاب و البرد يعود لها ، خاصتاً انه الوحيد الذي كان حقاً يساعدها و بعد رحيله عاد شعور الوحدة ليسيطر عليها.
حتى اهتز جهازها مُعلناً عن تلقي اشعار.
مجهول : اهلاً.
كلار : لقد علِمتُ من تكون.
مجهول : حقاً !؟ على الاغلب تظنين انني الشريك الثاني لفرانك 😏.
كلار : الست كذلك بالفعل !؟
مجهول : لا اعلم، احزري.
كلار : توقف عن التلاعب بي ! وتوقف عن اللعب ، ثُم الم تقل انك ستتركني و شأني !؟ لمَ لازلت تزعجني ؟
مجهول : آسف 🙁 ، كُنت احاول المساعدة فقط.
لم تفهم كلاريس ما يعنيه بالضبط لهذه الجملة لتنظر الى رسالته بتمعن لعدة دقائق.
كلار : لا افهم ماذا تعني !؟
مجهول : انا احاول تحذيركِ فقط. لقد اعجبتني .. و حاولت ان اساعدكِ عبر تنبيهك 😔 جرحتي مشاعري ..
كلار : انا لا افهم .. مَن انت !؟ اذا لم تكن شريك فرانك ليستر ؟
مجهول : انا نوعاً ما اتفرج مِن بعيد عادةً ، لكنني اعجبتُ بكِ قليلاً لهذا اساعدكِ .. و بما انكِ جعلتني اقسم ان لا اتدخل في امورك ، حاولت تحذيرك 😉.
كلار : انت لست كايدن ولا شريك فرانك .. هل تساعدني على معرفة مكانه ؟
كانت تعلم ان خذه خطوة جنونية تماماً .. لكن هذه هي فرصتها الوحيدة ، هذا الشخص قوي جداً و يعرف اموراً هي لا تستطيع الوصول لها ، سيساعدها بلمحة عين ! المشكلة تكمن في اقناعه.
مجهول : حسناً ، ساساعدكِ.
كانت ستقفز من الفرح لكن فرحها اختفى برسالته الثانية.
مجهول : لكن بشرط ، فلا شئ مجاناً.
Коментарі