١٢) نهايةُ الماضي.
صوتٌ قوي صدى في ارجاء المكان مِما اعاد لها بعضً مِن وعيها لتشعر بالدوار القوي الذي هجم على رأسها ؛ فتحت عينيها اثر الألم الفظيع في ذراعها اليُمنى و كأن سكين يستمر بِجرحها في نفس المكان حتى كادت روحها تخرج مِن جسدها اثر الالم ..
حاولت استيعاب اين هي بالضبط و ماذا حَدث. حقيقة ان احدًا قام بتخديرها ضربتها فجأة لتستعدل بجلستها بِرعب وهي تنظر الى ما مِن حولها و الاهم ، تنظر ماذا يسبب الم معصمها لهذه الدرجة !
وجدت نفسها في مكانٍ مُظلم و فارغ تقريبًا .. الضوء الوحيد كان مِن النافذة الصغيرة في اعلى الجدار و التي فيها قضبان حديدية مِن المستحيل ازالتها او كسرها بِاليد المُجردة. توجه نظرها الى نفسها ؛ حيث ثيابها السوداء كانت مليئة بالتراب و سُترتها قد تمزقت قليلاً ... حمدًا لله قميصها ذو اكمام طويلة تحت السُترة ! و يسألونها لِما ترتدي ثياب مُحتشمة للغاية ...
كانت جالسة على سرير حديدي مُهترء و ذراعها اليُمنى مُقيدةٌ باصفاد مِن طرفٍ اما الطرف الثاني فكان مُقيد حول قضبان السرير الحديدية لمنعها مِن التحرك، في نفس الوقت الاصفاد كانت تؤلمها كثيرًا لكونها تضغط على احدى جروح معصمها لدرجة غير محتملة ..
مع هذا تجاهلت الألم و حاولت السيطرة على نوبة الهلع التي تتسلل اليها، فحاليًا عليها التركيز لجمع جميع المعلومات الممكنة عن موقفها الحالي ..
اعادت نظرها الى نفسها بعد ان استوعبت امرًا للتو ..
" الهي شُكرًا لك ! " شكرت ربها بعد ان انتبهت الى ان ذراعها ليست وراء ظهرها .. اي تستطيع فتح الاصفاد بسهولة كونها امامها،
كل الذي عليها فعله الآن هو معرفة كم شخص خارجًا و ان كانوا قريبين ام لا حتى لا يكتشفونها ...
قررت المخاطرة كونها لاتسمع لاي صوت خارجًا ؛ فهي لن تستطيع القتال دون يدها !
و بهدوء تسللت يدها الثانية الى داخل شعرها مُخرجةً لدبوس شعر .. و الذي وضعت منه اثنان اضافيين فهو مفيد في الهرب من هذه الامور ؛ كسرت الطرف المتعرج منه و ابقت المسطح .. هنالك ثلاث طُرق للهرب مِن الاصفاد الحديدية .. تستطيع كسرها بمعدنٍ آخر، فصل الصفائح، او التقاط القفل.
لكن حاليًا فصل الصفائح هو افضل خيارٍ لديها .. لتدخل الطرف المسطح مابين الصفيحتين ؛ المشكلة عليها تضييق الاصفاد حول معصمها بِعدة درجات على الاقل لينجح الامر .. عليها فعل ذلك بحذر فاذا ضيقته كثيرًا قد يفشل الامر بشكلٍ مؤلم جدًا.
ضيقته حول معصمها بحذر بحوالي اربع درجات قبل ان تسحبها لفتحها اخيرًا !
" كايدن ساقبِلُك عندما اراك !"
شكرته في داخلها الف مرة تقريبًا .. ما ان حررت معصمها حتى امسكته بالم تنظر للاحمرار الواضح الذي تركه ذلك عليها .. هذا لتلاحظ بان قدميها مقيدتان بحبال ايضًا على السرير ..
" متى سينتهي هذا !؟"
همست قبل ان تنحني لفتحها بسرعة .. اتخذها الامر عدة دقائق لكونها متوترة جدًا ان يدخل احد في اي لحظة .. يدها كانت ترتعش قليلاً لارتباكها فهذا تقريبًا كان كابوسها للسنوات الماضية .. و هو يحدث الآن على ارض الواقع !! و عندما كانت صغيرة يسألونها كيف تحب الظلام ولا تخافه كبقية الاطفال بعمرها .. هذا لانها لا تخاف الوحوش، فاخطر مخلوقات بالنسبة لها هُم البشر.
ما ان حررت نفسها حتى تذكرت الخطوة الثانية بهلع .. عليها الآن معرفة اين هي بالتحديد ؛ المُشكلة بان النافذة عالية جدًا ! ..
نظرت في ارجاء الغرفة مِن جديد لتلمح كُرسي خشبي قديم .. حملته بحذر حتى لا تصدر اي صوت رغم ان قلبها ينبض بجنون ؛ فهو لم يهدء منذ ان استيقضت حتى الآن .. وضعته تحت النافذة الصغيرة لتصعد فوقه تنظر في ارجاء المكان بِسرعة محاولةً العثور على اي دليل قد يساعدها لمعرفة مكانها ..
توجهت عينها نحو السور خارجًا .. غير قابِلة على رؤية ما وراءهُ بسبب السور العالي الذي يُغطي كُل شيء خارجًا عن الرؤية.
" لابأس اذن .. "
اغمضت عينيها تُركز جيدًا على اي صوت صغير تلتقطه مسامعها .. و بالفعل سمعت صوت اشجار تتحرك و ربما .... صوت سيارة تمر !!
اذن لابد ان هنالك شارع وراء جدران المبنى ! لكن هذا لا يكفي .. تحتاجُ معلوماتٍ اكثر،
تذكرت فجأه المُخدر ! نزلت مِن على الكُرسي لتمسح فمها باصابعها وهي تشمها بعدها ..
" رائحته كغسيل الصحون لكن بشكلٍ حاد اكثر .."
تذكرت فورًا الرائحة لتبتسم وهي تُفكر جيدًا ..
" مُخدر الكيتامين !، .. اذا اخذناه على شكل سائل سيبقى في الجسد لخمسة و اربعون دقيقة. "
عادت لتصعد على الكرسي للمح المبنى الذي هي فيه ؛ مع انها لم تستطع رؤية محيطها ... لكن لمحت عدة اشجار بعيدًا.
" لحظة ... لايوجد لدينا هذا الكم من الاشجار في المدينة ، .. و مع ساعة تقريبًا مِن القيادة ... لابد انني على الحدود !! "
حاولت بصعوبة تذكر الحدود عِندما كانوا يسافرون لمُدن اخرى للسياحة ..
" اجل تذكرت ! شاهدت غابة على حدود المدينة، اذن لابد انني في مكانٍ ما قبل المدينة القادمة لانها تنتهي هناك. "
عصرت ذاكرتها تعود الى الوراء لتذكر اين شاهدت سور كبير مثل هذا .. اغمضت عينها مِن جديد تحاول تذكر اي شيء على الاطلاق ..
" صحيح !! رأيت مثله ! كان ... مشفى صغير مهجور وقد كُتب عليه تاريخ السنة القادمة لاعادة بنائه ! "
هدأت قليلاً بعد ان عرفت مكانها حتى لو كانت مخطئة .. الامر جعلها تهدء و تستجمع بعضً مِن شتات عقلها ؛ حسنًا الآن .. هي خرجت مِن عند كيث الساعة الخامسة و النصف تقريبًا، و ساعة من القيادة، لابد انها السادسة بالفعل .. اي ان كانت محضوضة سيلحظون اختفائها مِن المنزل بعد اسبوع .. هذا ان لاحظوا اساسًا !
لا فائدة من الاعتماد على احد .. يجب ان تعتمد على نفسها و تعثر على طريقة للخروج مِن هذا المكان باي ثمن ... حتى لو ماتت هي حقًا لا تمانع، هدفها هو ان لا تدع هؤلاء السفلة يقتلوها .. لم تصل لهذه المرحلة حتى تموت هذه الميتة المُخجلة بعدها.
بعد الكثير من التفكير وجدت ان المهرب الوحيد هو خلال ذلك الباب ، لذا اخذت نفسًا عميقًا محاولةً تهدئة نفسها بصعوبة و توجهت ناحيته لتسحب المقبض بهدوء .. و بالطبع كان مقفل.
هذه ليست المشكلة، فهي تستطيع فتح الباب بسهولة و دون عناء ... كل الذي عليها فعله هو ركل الباب بجانب القُفل تمامًا و مهما كان قوي سيُفتح بركلتين فقط. المشكلة الحقيقية هي ان يكون هنالك اكثر من شخصين او ثلاثة وراء هذا الباب ...
هي تستطيع القتال ... لكن لا تستطيع قتال ثلاثة رجال مسلحين ؛ كانت متأكدة مئة بالمئة انهم مسلحين فقرار الولايات المتحدة بالسماح لاي شخص بحمل سلاح يسهل الامر عليهم كثيرًا لفعل ذلك.
حتى ان لديهم قانون يسمح بحمل مُسدس في العلن او في السيارة طالما يكون غير ملقم او دون رصاص.
و كانهم مثلاً لا يستطيعون حمل رصاص معهم وقت الحاجة ليستخدموه.
" ماذا افعل !؟"
" ساعدوني !" صرخت باعلى صوتها ... هي لا تتوقع حقًا ان ياتي شخصٌ لينقذها ؛ هي فقط تتاكد ان كان هنالك احدٌ خارِجًا.
قررت المجازفة مِن جديد ، خاصةً وهي لا تستمع لاي صوتٍ و الذي يجب ان يكون علامة جيدة !
استجمعت قوتها و ركلت الباب بجانب القفل مرة واحدة ليُفتح لها فورًا ، انها خدعة جيدة حيث تعمل على جميع انواع الابواب المُقفلة.
حدقت بالممر المُظلم لدقائق بارتياب ... الامر الغريب هو بانهُ كان فارغًا تمامًا مِن اي كائن حي ؛ هذا في الواقع يجب ان يكون امرًا جيدًا لكن المكان فقط هادِئٌ جدًا ليكون طبيعيًا .. خاصةً انها عملية خطف ! مشت عدة خطواتٍ الى الامام بحذر و قلبها ينبض بجنون مستعدةً لاي شيء مفاجئ.
" اين السلالم !؟" همست مع نفسها .. فهي عادةً عندما تتوتر تبدئ بالتكلم مع نفسها لتهدئ قليلاً ..
هي في الطابق الثاني و المبنى مُرتفع جدًا لتقفز من احدى النافذات .. لهذا عليها ايجاد السلالم ان كانت تريد الخروج بشكلٍ سليم، جذبت انتباهها الابواب المعدنية على جانبها و التي تبدوا قديمة جدًا و مهترئة.
" لابد انها كانت غُرف المرضى. "
نوعًا ما و بعيدًا عن النظر لموقفها حاليًا ؛ تشعر بالشفقة تجاه الذين بقيوا هُنا .. فرغمًا عن الغُبار و الابواب المُتصدئة و النوافذ التي عليها قضبان حديدية .. تستطيع تخيل المكان سابقًا ، ولا تعتقد انه كان افضل .. فهو يبدوا كالسجن تقريبًا.
" اُفضِّل ان اصاب بالصرع كل يوم على ان اتعالج هُنا، ياله مِن مكانٍ مخيف ... اتسائل ان كانوا مؤسسيه بعقلهم السليم !"
بقيت تتحدث مع نفسها وهي تمشي في الممر الطويل ... و كانه كابوس لا ينتهي !، و اخيرًا وصلت لنهاية تنتهي بالسلالم لتنزل ببطئ خوفًا ان يكون هنالك احد واقف هناك.
لكن ... بشكلٍ غريب الممر ايضًا فارغ !، هي تشكر ربها حقًا .. لكن الامر غير طبيعي لتتقبله هكذا فقط ؛ و كانه هدوء ما قبل العاصفة. فلا احد يقوم باختطاف شخص ليتركه دون حراسة بعدها ليتجول في الارجاء ، حتى لو كانت مُقيدة الم يخَف إن قد تحمل هاتف احتياطي او شيء كهذا !؟
" من الافضل ان اغادر باسرع وقت. "
فقدت هدوئها لتجري بسرعة في الطابق السُفلي وهي تتفقد الابواب بحثًا عن مخرج من هذا الكابوس ... و اخيرًا وصلت لبابٍ كبير ، لم تلحق ان تشعر بالارتياح قليلاً قبل ان تلحض السلاسل الحديدية المُقفلة حول المقابض الحديدية للباب.
" تبًا لا استطيع كسره !، ماذا سافعل الآن ؟"
نظرت مِن حولها بسرعة لتلحض باب آخر في الممر ... قررت دخوله على امل ايجاد شيء تستطيع ان تكسر به السلاسل، وقفت امام الباب بتردد و خوف لان الغُرفة مظلمة قليلاً .. دفعته تدعي انه ليس مقفول آليًا ؛ و لاول مرة و لتفاجئها الشديد حظها استجاب لها ليُفتح الباب المعدنية بسهولة .. دفعت الباب للنهاية على امل ان يدخل بعضًا من الضوء الخافت في الممر لتلك الغُرفة المُظلمة، الغُرفة بدت كمكتبٍ فارغ فيه مكتب خشبي قديم في نهايته، وقفت تنظر للغرفة بخوف و احتيار ، المُشكلة ان الظلام يمنعها مِن رؤية الاجزاء المُتبقية من المكتب .. ريثما هي حقًا لا تريد ان تتعثر بجثة احدهم في الداخل ! بقيت هناك عند الباب بدقائق مترددة فلا احد يعلم ان لديها فوبيا الامكان المُظلمة تمامًا .. حتى مع نفسها لم تعترف انها تخاف الظلام حتى هذه اللحضة التي تواجه بها مبنى مهجور تمامًا و مظلم لتستكشف مشاعرها الحقيقية.
" يالي من جبانة هذا ليس الوقت المناسب للدراما !"
خطت اول خطوة للداخل وهي تتدخل لمنتصف الغرفة تقريبًا ..
" الظلام .. هه انه لاشيء ! الخوف للجبناء ! .. ما لايقتلك يجعلك اقوى __"
سحبت نفسًا من جديد لتتقدم اكثر ، لكنها ما ان خطت الى الامام حتى انبعثت موسيقى صاخبة في المكان لتفزعها بالكامل .. اطلقت صرخة صغيرة برعب قبل ان تضع يديها على فمها لتصمت نفسها.
انتبهت بعد ثوانٍ ان هذا الصوت المألوف للغاية ياتي مِن على المكتب الصغير الذي في الغُرفة ... توجهت نحوها بسرعة، و بفضل شاشة الهاتف التي تضيء قليلاً استطاعت تمييز هاتفها فورًا لتحمله بفرح شديد ... حمدًا لله على ان المُتصل كان منقذها المُعتاد، لتجيب بخوف على الاتصال و هي تشعر بانها بامان الآن لسبب ما.
غريب ... كيف تستطيع الاعتماد عليه و تعطيه ثقتها الكاملة مع انها لاتعرف من هو ولا نواياه الحقيقية ولا اسمه حتى !
حقًا عليها التوقف عن هذه الثقة العمياء ... لكن شيء في داخلها اخبرها انها ستبدئ بعد خروجها من هذا المكان .. و ربما غدًا ليس اليوم، فهي تحتاج مساعدته حاليًا. بعد التفكير هي دائمًا ستحتاج مساعدته عند مرحلة ما ...
انها فقط راحة كبيرة عندما تمر بِمُشكلة كبيرة و هنالك دائمًا شخص بجانبك استطاع السيطرة على الموقف، ... مساعدته اصبحت شيء تعتمد عليه دائمًا وهو امر سيء لانها لاتحب ان تكون مدينةً لاحد.
" هذا اغبى شيء سمعته في حياتي ، فما لا يقتُلك يُحطمك بدلاً من ذلك. " قال الصوت بسخرية.
" اعلم ... انا فقط احب التكلم مع نفسي كثيرًا باشياء دون معنى. "
" لاحظت. "
" الآن .. لمَ اتصلت بي ؟" تعلم بانه سؤال غبي كثيرًا لكنها فقط متوترة ولا تعرف بالضبط ماذا تقول في غرفة مُظلمة داخل مستشفى مهجور.
" اوه لاشيء، احببت ان اُسلم عليكِ فقط .."
كانت تريد قول امر آخر قبل ان ينفجر عليها ..
" آ ...آسفة انا فقط، حقًا متوترة ... و خائفة. " اعترفت بالكلمة الاخيرة لاول مرة في حياتها .. فمهما كانت فترة حياتها السابقة سيئة لم تخبر احدًا ابدًا انها خائفة.
" لا بأس اهدأي، فقط اخبريني مِن ماذا انتِ خائفة ؟ .. انه مشفى مُظلم ؛ و الظلام لا يعض و اعتقد كلانا يتفق ان الوحوش مخلوقات خيالية صحيح ؟"
" صحيح لكن ___" قاطعها مُجددًا بنبرة منخفضة ليهدئها،
" انظري للطاولة. "
فعلت ما قاله وهي تضيء بهاتفها باتجاه الطاولة لتعثر على مُسدس و سكين اسود جميل جدًا و غريب تراه لاول مرة ... حيث شكله لولبي و نهايته تبدوا حادة جدًا !
" انه جميلٌ جدًا ! اول مرة اراه، لمَ شكله غريب ؟"
" يسمى الزوبعة او الاعصار لانه لولبي، و هو هكذا حتى يُخرج احشاء عدوك عندما تطعنيه بها. "
" تجارِبُك في الحياة تُلهمني حقًا. "
قهقه قليلاً عليها ... تعترف انها لاتزال متوترة لكن امتلاك سلاح في هذه اللحضة حقًا يطمأنها اكثر،
" جيد اذن ساخرج .. هلا رجاءًا ارشدتني الى المدينة مِن جديد ؟ لا اعرف اين انا. "
اخذت المسدس و السكين مُستعدةً للخروج من هناك فورًا ... لكنها تجمدت في مكانها عندما اجابها،
" لا. "
" م ..ماذا تقصد لا !؟ ... رجاءًا لا تخبرني انك ستتخلى عني الآن. "
" ليس حقًا ؛ لكنكِ لا تستطيعين الخروج بعد."
لم تفهم كلمة قالها .. هل جديًا سيظهر انفصامه الآن !؟ وهي مختطفة ! لكن لحسن الحظ اعطاها سلاح قبل ان يبدء جنونه.
" لايهم لدي سلاح ساكسر القُفل و اخرج بنفسي. "
في داخلها علمت انه ليس غبيًا كفاية حتى لايتوقع هذا منها .. و على الاغلب اهتم بالامر.
" المُسدس فيه ثماني رصاصات فقط ؛ و جميع الابواب التي تؤدي للخارج مُقفلة آليًا، لا تستطيعين كسرها. "
بالطبع اقفلها .. وكيف سيجعلها فئر تجارب غير ذلك !؟ ، تنتهي مِن مُشكلة لتظهر لها اخرى.
" انا لا افهم لِمَ لا تدعني اخرج !؟ هل غيرت اتفاقنا ؟"
" لا لم اغير شيء، قُلت بانني ساساعِدُكِ لينتهي كُل شيء و انا حقًا اساعِدُكِ ... ستفهمين لاحقًا ما اعنيه. "
ارادت ان تعترض لكنه قاطعها قبل ان تتفوه بحرفٍ حتى،
" لقد استيقضوا ... عودي الى المكتب و اغلقي الباب ، لا تصدري اي صوت. "
" ماذ__"
استمعت لصوت خطوات تاتي ناحيتها لتدخل بسرعة الى الغُرفة المُظلمة وهي تُغلق الباب ورائها غير قادرة على التفوه بكلمة واحدة بسبب الاشخاص الذين يتكلمون وراء الباب بحثًا عنها ..
" هنالك سببين لعدم اخراجي لكِ مِن هنا هذه الليلة .. الاول ان ماريآن، قريبتكِ قد تم امساكها ايضًا ليهددوكِ لاحقًا بحياتها ... انها في الطابق الثاني عليكِ ايجادها. و مهما حدث لا تدعيهم يمسكونكِ او سيجبرونكما على تنفيذ طلباتهم كتهديد. "
لم تستطع التفوه بحرف لانهم اقتربوا اكثر ليقفوا تمامًا وراء الباب وهم يفتشون الطابق باكمله بحثًا عنها ..
" السبب الثاني اخبركِ به لاحقًا، اسدي لي خدمة و تشجعي رجاءًا فهذه المرة لن اساعدكِ مُطلقًا، حتى لو كُنتِ على حافة الموت لن اتدخل. "
لم يتكلم اي احد منهما لدقائق .. كانت تستمع لصوت انفاسه فقط حتى قال شيء اخير ليغلق الخط بعدها،
" اعلم بانكِ تستطيعين فعلها، حظ موفق."
و مع هذا ابقاها بِمُفردها في هذا الموقف الخطر ... تعترف انها لاتزال خائفة و تكرهه لهذا القرار المفاجئ، لكن جزء منها يعلم بانه مُحق .. لا تستطيع الهرب الآن او الاتصال بالشرطة ، تستطيع قتلهم ولن تتحاسب لانها مختطفة و ماريآن شاهدة على انه دفاع عن النفس ... هذه فرصتها المثالية و ربما الوحيدة او ستُكشف لاحقًا في مركز الشرطة و ماضيها باكمله لن يبقى سرًا لفترة اطول.
الاشخاص الوحيدين الذين يعلمون عن ماضيها هم كيث، كايدن، المجهول و خاطفيها. اول اثنان تثق بهم ثقة عمياء دون شك ... و المجهول اساسًا لا يُدخل نفسه بمشاكل مع الشرطة لانه هكر ، اذن يبقى خاطفيها من يستطيعان كشفها.
احبت ام لا عليها الانتهاء منهما اليوم ... ترجوا ان الرصاصات داخل السلاح تكفي لذلك، الكثير مِن الاسئلة راودتها وهي تنتظر ان يخلوا الممر لتخرج ..
اين كانوا عِندما هربت من غرفتها قبل قليل !؟ .. لم تستمع لاي صوت و الابواب للخارج مُقفلة ... خاصةً ان الخطوات كثرت داخل المشفى مِن العدم.
و الاهم .. لِمَ تركها المجهول بمفردها فجأة !؟ هل كان حقًا جاد بشان تركها تموت ولن يتدخل ؟ هل هو خائف ام هذه مُجرد احد اللاعيبه المجنونة ؟
نظرت للسكين في يدها الثانية للحضات بتردد اين تخفيه تحديدًا .. احتمال انه اذا امسكوها سياخذون المُسدس اذن يجب ان تخفي السكين للحالات الطارئة ، و بالفعل عثرت على غلافه حتى لا تجرح نفسها و وضعته في بنطالها .. الامر الجيد هو ان سترتها تخفي جيدًا مِن الوراء.
اسرعت باتجاه المكتب لتختبئ تحته حالما سمعت صوت خطوات تقترب مِن الباب لتفتحه ..
" ليست هُنا. " قال صوت الرجل فورًا دون ان يتفقد حتى.
" لا تكن جبانًا او ساقفل عليك الباب هنا ! "
تافاف الرجل ليدخل وهو ينظر بحثًا في ارجاء الغرفة عنها ... لكنه لم يستطع رؤيتها بسبب الظلام ولم يُتعب نفسه حتى في التدقيق.
" تعال انظر بنفسك ! الغُرفة فارغة تمامًا. "
اتى الشخص الثاني بغضب وهو ينظر في ارجاء المكان بتمعن ..
" حسنًا اذن .. لنستمر بالبحث او سيقتلنا الرئيس. "
" انا لا افهم كيف فتحت الصفاد و كسرت الباب !، ستسبب لنا مشاكل ... من الافضل ان نضع مسدس على رأس صديقتها حتى تعقل. "
" لنعد الى غريبة الاطوار التي فوق ... قد تكون راتها. "
خرج الاثنان مِن جديد وهما يغلقان الباب ورائهما .. لقد كان محقًا، لايجب ان يعثروا عليها باي ثمن او سيزداد الامر سوءًا.
وضعت الهاتف في جيب معطفها و انتظرت حتى تختفي الاصوات خارجًا تمامًا لتخرج بهدوء من مخبئها ، تمشي بسرعة لنهاية الممر املاً على العثور على سُلم آخر للطابق الثاني و مصدر راحتها الوحيد هو سلاحها الذي يستقر بيديها باحكام،
و بالفعل عثرت على سُلم آخر لتصعد السلالم ببطئ في حال يوجد احد في الممر ... كلما اقتربت استطاعت سماع اصواتهم تعلوا مِن احدى الغُرف و التي تعتقد ايضًا ان ماريآن في داخلها.
صعدت باسرع ما يمكنها و دخلت الى احدى الغُرف المُظلمة التي بجانبها بهدوء ، ريثما تستمع لاسئلتهم لماريآن في الغُرفة المجاورة ؛ لكن عليها اخراجهم مِن الغُرفة لتتمكن من رؤيتها دون ان يروها !
" المرة القادمة علي سؤاله ان يعطيني قنابل يدوية."
كانت تفكر بطريقة لجذب انتباههم حتى يخرجوا من هناك ... لتشعر بهاتفها يهتز في جيبها .. نظرت له بتفاجئ لتسحبه بسرعة كونه بوضوح اخبرها انه لن يتدخل نهائيًا !
ضغطت على الزِر ليتكلم فورًا ؛
" اتعلمين ... لقد غيرت رأيي، اخرجي من هناك حالاً."
" واااه، هذا كان سريعًا اكثر من المعتاد." همست له باستمتاع بعد ان استرخت قليلاً.
" انا لا امزح، حاولي الوصول الى الباب الرئيسي مِن جديد ؛ سافتحها لكِ و ساتصل بالشرطة حتى ينقذوا ماريآن. "
ابتسمت ابتسامة صغيرة ، فهو ليس الوحيد الذي غير رأيه خلال هذه الدقائق ..
" لا. "
" لا !؟" قال بنبرة متسائلة و حادة .. و كانه يتحداها لتعيد مخالفة كلامه مُجددًا ، الذي لا يعرفه هو ان هذا لا ينفع معها بعد الآن لانها اعند منه وقد اتخذت قرارها.
" اعذرني، لكن هذه المرة علي انهاء مشاكلي بنفسي .. فقد كُنتَ مُحقًا ؛ ان لم انهيها الآن ستطاردني لبقية حياتي. "
" كلاريس __" كانت نبرة صوته مُحذرة لها ، لكنها قاطعته على اي حال.
" و انا في الواقع لستُ احدى الفتياة الضعيفات و بالتاكيد لستُ حقًا بتلك البرائة التي ابدوا عليها، ... الحقيقة هي انني امتلك شخصيتين مختلفتين تمامًا عن بعضهما ولا اعترف بذلك. "
لسببٍ ما تحتاج لان تعترف بهذا له .. حتى تستمعه هي ايضًا و تواجه نفسها بالامر، و يبدوا انه فهم هذا ليصمت فقط كاشارة لان تُكمل.
" كان مِن الجميل ان يكون هنالك شخصٌ ليساعدني و يقف بجانبي لاول مرة في حياتي، ... لكن الآن علي الاهتمام بمشاكلي الخاصة كما افعل في كُل مرة ؛ ففي النهاية نحن مَن نسيطر على حياتنا و نتحكم بها .. جميعنا قادرون على تغيرها للافضل او الاسوء، لكنّنا ببساطة مُتعبون جدًا لنحاول ذلك.
الايذاء الجسدي ، كحول ، مخدرات، الحُكم على ارواحنا بالهلاك ... جميعها خيارات نجدها اسهل مِن مواجهة خيارات اهم في حياتنا. "
و كانها روحين مُنفصلين .. جزءٌ منها نطق بتلك الكلمات دون تفكير ؛ مُجبِرًا الجزء الآخر على رؤية الحقيقة التي تتجاهَلُها في داخلها كُل تلك السنوات .. فبعد كُل شيء .. عِندما تعيش في الماضي ستنسى حاظِرَك و مُستقبلك و ستخسر حياتك التي لم تعشها.
" هل حقًا هذا وقت بطولاتك ؟ ... كلاريس اكره تحطيم ثقتك المفاجئة بنفسك لكنكِ مُختَطَفة مِن قبل شخص خطير حاقِدٌ عليكِ منذ تسع سنوات و يريد الانتقام منكِ ! ، ثُم هل فكرتي بانكِ تضعين ماريآن ايضًا في خطر خاصةً ان امسكوا بكِ ! ... كوني منطقية و اخرجي مِن هناك حتى اتصل بعناصر الشُرطة. "
تعجبت كلاريس مِن نبرته معها .. في كُل مرةٍ يتَكلمُ فيها معها يبدوا هادءًا ، .. ما عدى الآن ان لم تكن تعرفه افضل لقالت انه متوتر ... و كأن امر مفاجئ لم يتوقعه حصل.
" لن اخرج ، لذا اخبرني الآن لمَ غيرت رأيك بهذه السُرعة .. ماذا يحدث ؟"
بقي صامتً ولم يجبها لعدة ثوانٍ ... حتى اطلق نفسًا عميقًا باستسلامٍ لعنادها.
" حسنًا .. لكن لاتهلعي. "
" انا استمع."
" الم يقبضوا على فرانك و قرروا جلبه الى هنا لمحاكمتِه ؟"
" اجل .. "
" لَم يتمكنوا مِن فعل ذلك ولم يخبروا احدًا لانه هرب قبل قدرتهم على الوصول لتلك المدينة الصغيرة، فالامن ضعيف جدًا كونها شبه مدينة سياحية صغيرة ولا تحتاج تلك الحراسة المشددة. كان يخطط لاخراجه اولاً ثُم يتصرفون بامركِ، ..."
اكمل كلامه بِحدة و نبرة عالية حتى تفهم جيدًا انه غاضب منها و الكلام موجه لها ..
" لان شخصًا غبيًا لم يستطع التحكم بمشاعره و ردات فعله قرر ان يُخرب الخطة باكملها عبر كشف نفسه لفرانس. " هذه كانت اول مرة يظهر لها بانه غاضب حقًا لخطوتها الغبية تِلك ..
" آسفة حقًا ؛ لكنه استمر باستفزازي بالتكلم عن كيث ولم استطع منع نفسي."
" لا داعي للاعتذار ___"
اعتقدت حقًا ان هذا هو الجزء الذي يصبح فيه لطيفًا قبل ان يكمل ..
" لان فرانس قرر ان يغير خططه، فبدل ان ينتظر فترة ليستقر الوضع و يصنع خطة لاخذك، قرر ان ينهي امركِ فورًا ولا اعتقد تحتاج عبقريًا لمعرفة الى اين هم متوجهون في هذه اللحضة. "
" ه.. هل تقصد ....."
" اجل هم قادمون الى مكان احتجازِك، لهذا اُفَضّلُ ان تَخرُجي حالاً. "
ضنَّ انها على الاغلب غيرت رايها عندما لم تُجبه لفترة ... حتى فاجئتهُ بكلماتها المجنونة،
" هذا ممتاز !" حاولت قدر الامكان ان تبقي نبرتها خافتة تمامًا حتى لا يستمع احد لها.
" مُ...مُتاز !؟" قال اقرب الى السؤال غير قادرٍ على اخفاء خوفه مِن ما تُفكر به
" اجل ! ... الآن استطيع ان انهي كلاهما معًا ولا احد سيشك حتى لانها عملية خطف ! "
" كلاريس بِقَدر ما اقدر شجاعَتَكِ لا اعتقد بانكِ ستستطيعين السيطرة على الموقف بالقدر الذي تتخيلينه. "
" لكن لِمَ !؟" تذمرت منه وهي لاتزال مُصرة على قرارها.
" اعتقد بانكِ عندما ترينه .... لا اعلم، .. ستتجمدين."
فكرت بكلماته تِلك للحظات .. ففي النهاية هو حقًا مُحق في هذا ؛ عندما ترى الرجل الذي دمر حياتها و طفولتها من دون شعور ستتجمد في مكانها و ستنسى كُل معلومة تمتلكها.
" الن تكسِرَ جِدارَ غموضِك و تاتي لمساعَدَتي لدقائق ؟"
" سنرى بشأن ذلك .. "
" الى ان ترى انا ساذهب لاتدبر اموري و اقتل مجرمين و اخطط، اراكَ لاحقًا. "
اغلقت الخط بوجهه .. لا تنكر ان هذا اغضبها جدًا ! فنبرته الهادئة تستفزها في هذا الموقف اكثر مما تبعث في داخلها شعور الاطمئنان.
اعادت وضع هاتفها في جيبها و فكرت سريعًا بخطة، نظرت مِن حولها الى الغُرفة التي هي فيها باحثةً عن شيء مفيد يستطيع مساعدتها ، فورائها ليلة حافلة ولا تريد استخدام الرصاص بعد. و بالفعل ثبتت نظرها على عصًا حديدية رفيعة نوعًا ما .. لكن ستؤدي العمل.
حملتها فورًا عن الارض و خرجت مِن الغُرفة بهدوء ... هذا لايشكل لها تحديًا فهي بالفعل تستطيع القتال، وهما يبدوان احمقان بالفعل لخوفهما من تفحص غُرف مُظلمة !!
" آخر مرة اسأل، اجيبي او الذي سيحصل بعدها لن يُعجبكِ ؛ اين الفتاة الاخرى !؟ "
" هذا التهديد كان ليكون افضل لو ان السلاح الذي تحمله فيه رصاصٌ حقًا. " قالت بنبرة هادئة و ساخرة في نفس الوقت.
" ماذا !؟"
تفقد احدهما سلاحه بصدمة و غضب، الامر الغريب هو ان السلاح كان فارغ حقًا !!
" هل تنسى دائمًا تلقيمه عند ذهابك لعملية خطف ؟ يالكم مِن اغبياء غير كفؤيين .. لو كُنت بدل زعيمِكُم لطردتُكم فورًا. "
تستطيع كلاريس معرفة بان ماريآن حقًا غير خائفة مِن الذي يحدث .. فهي اقوى مِن كلاريس بكثير ، نفسيًا و جسديًا. لهذا اعُجبت كلاريس بها دائمًا فهي مُختلفة عن اي انثى قابلتها في حياتها.
" اصمتِ يا عاهرة !" قال الثاني مشيرًا سلاحه لرأسها مع ان ماريآن لم ترمش حتى !
" اعد قولها اتحداك. " قالت بنبرة باردة و عينيها اصبحتا مظلمتين ... كادت كلاريس تُقسم بانها رأت الشيطان داخلها.
لم تنتظر لترى الذي سيحدث لاحقًا لتضرب كلاهما على رأسه بقوة .. وقعوا ارضًا نتيجةً للضربة القوية التي تلقوها
" الهي لم اقصد ان اضربهم بهذه القوة !!" نظرت اليهم بصدمة لما فعلته للتو ... هي كانت تنوي ايذاءهم لكن ليس لهذه الدرجة ! فانتقامها في النهاية ليس منهم.
" لم تضربيهم بشكلٍ مُلائم ، انظري لايزالان يتنفسان."
اعطتها كلاريس نظرة حادة قبل ان تتوجه نحوها لِفَكِ وِثاقها بمفتاح الاصفاد التي 'اخذتها ' مِن احدِ الرَجُلين.
" ماذا !؟ ... ان قُمتِ بعمل اكمليه على اتم وجه !" قالت ببساطة.
" ماريآن قتلُ شخصين على قيد الحياة لديهم عائلة ربما و اصدقاء خارج هذه الجدران، ليس عمل بل جريمة قتل. "
"
" انتِ مِن النوع الذي سيموتُ مُبكرًا ؛ لا تقولي لم انذِركِ. "
فكت وثاقها بابتسامة على جنونها لتاخذ السلاح الثاني لاحدهم ... الامر الغريب هو بان كِلا السلاحين خاليين مِن ايةِ رصاص !
" ماريآن كيف علمتِ ان السِلاحين دون رصاص !؟"
نظرت لها بتسائل ريثما تنهض تلك الاخرى عن السرير.
" لَم اعلم مئة بالمئة، لكنني افترظت انه كذلك لان مخزن السلاح غير موجود ؛ كُنت اجرِبُ حظي فقط."
تفقدت كلاريس السلاح لتجد بانها مُحقة .. انه فعلاً فارغ ! كيف لَم ينتبه لهُ احد !؟ عليها الاتفاق مع ماريآن على انهما احمقين تمامًا.
" لكن ... ماذا لو كانت هنالك رصاصة في المُقدمة بالفعل ؟ ماذا كُنتِ لِتَفعلي ؟" قالت بتسائل
" حسنًا .... الحياة تجارب."
استغربت كلاريس مِن كلامها قليلاً فيبدوا انها تغيرت خلال هذه السنوات ... فسابقًا لَم تكن تجرأ على اتخاذ قرارات مصيرية كهذه دون حسبان
انتبهت كلاريس بعد فترة على المعطف الكبير و الوشاح الذي يغطي نِصف وجهها تقريبًا ... لم تنتبه سابقًا لان الظلام دامِس في المشفى لدرجة كبيرة ولحسن حظها لديها اعّيُنٌ قوية تمكنها من الرؤية قليلاً.
" ماري لِمَ تضعين الوشاح على وجهك ؟ "
" في حال هاجمونا بشكلٍ مفاجئ بالمخدر كما حصل سابقًا، اضافةً الى انني استيقظت بِالم حنجرة خفيف ... لا اريده ان يتضاعف. "
هذا منطقي .. فهي دائمًا ما تكون حذرة بعد المرة الاولى، " انتِ مُحقة، قد يحاولون تخديرنا مرة اخرى."
ازالت وشاحها هي الاخرى و غطت بِه نصف وجهها كماريآن .. لكنه استمر بالوقوع.
" كيف تثبتينه !؟"
" آه ! دعيني افعلها. " قالت بتذمر
اقتربت مِنها كثيرًا لتقوم بتعديله لها ... قَلب كلاريس بدأ يدق بقوة فجأة كونها غير معتادة قُرب اي فرد منها لهذه الدرجة حتى لو عائلتها، فالمرة الاخيرة التي اقتربت من احدهم لهذه الدرجة كانت لتوديعهم عند باب المطار قبل اربع سنوات.
انها ردة فعل لا إرادية تطورت مع الزمن حتى تبتعد عن اي شخص يُصبح على بُعد خطوة واحدة منها هذا يحدث حتى مع كايدن ايضًا لكنها تتجاهل هذا الشعور معه فدفئُه و صِدق كلماته يتغلب على خوفها في كُل مرة .. رغم كُل ما حدث حتى الآن ، انه حقًا احدُ افضل النِعَم التي اُرسِلَت لها في حياتها.
خرجتا مِن هناك بعدها لكن عليها الاعتراف بانها تشعر بالقليل مِن التحسُن مع وجود ماريآن .. مع هذا عليها اخراجها مِن هناك فلا تستطيع المُخاطرة بحياة شخصٍ آخر معها. هذا حتى تذكرت السؤال الذي يتجول في عقلها مُنذ ان استيقظت في هذا المكان.
" ماري لِمَ كُنتِ تلاحقينني مُنذ البداية ؟"
" في الحقيقة اشتبهتُ بِتصرُفاتكِ. " لَم تتردد حتى بالاجابة فهي صريحة جدًا مُنذ الوقت الذي عرفتها به كلاريس.
" تصرفاتي !؟ .. كيفَ تقصدين ؟"
" سابقًا في المنزل كُنتِ تتكلمين بطريقة غريبة مع احدهم ، سَمِعتُكِ مِن غرفة إلياس .. كُنتِ تخبئين سلاح هناك فقد تفقدته، و بعد مجيئ عناصر الشرطة و كلام المُحقق عنكِ شككت اكثر فقط. لهذا عندما بقيتي في المشفى و قُلتِ انكِ ستتمشين عند المغيب قررت ان اتحقق الى اين ستذهبين. "
وقفت كلاريس تُحدق بماريآن بصدمة ... ليس لانها شاهدتها بل لفكرتها الغريبة.
" لحظة واحدة .. كُنتِ تعتقدين بانني شريكة هذا المُجرم حقًا !؟" شعورٌ بالحزن تسلل اليها كون ماريآن حقًا تتوقع منها امرًا كهذا !
" و ما ادراني !؟ انا اتعامل مع الحقائق فقط .. وقد صدقت ما رأيته مِن ادلة. " قالت دون اهتمامٍ حتى لكلماتها الصريحة
تابعت مشيها ريثما كلاريس مُتجمدة في مكانها .. مع انها ليست مُقربة جدًا منها لكن تشعر و كان احدًا خانها مِن جديد، فمَ الذي يراه الجميع فيها ليصدقوا بانها تتعاون مع مُجرم !! هل هي يا ترى حقًا بهذا السوء ؟
لكن ... و كالعادة لم تدع هذا يظهر او يؤثر عليها لتتابع لحاقها الى السلالم.
" فقط للعِلم .. انا قاصرة وليس مسموحٌ لي ان امتلك اسلحة، لهذا كُنت اخبئهُ بمساعدة صديقٍ لي على الهاتف. ربما المرة القادمة ستفكرين بهذه الحقيقة قبل ان تتهميني بشيء رجاءًا. "
شعرت بشيء يوقفها ولم يكن تفاجئها هذه المرة .. بل كانت يد ماريآن التي اوقفتها لتواجهها تمامًا، و نوعًا ما كانت قريبة لدرجة غير مريحة قليلاً ...
" اسمعي .. لأهمية الامر، لقد كُنت مُخطئة ؛ و انا آسِفة لاتهامِك. "
اختفى ذلك الشعور مِن داخلها و استُبدِل بالسعادة .. فهي تعلم بانها عندما تعتذر ستعني كُل حرفٍ منه، تقدر المشاعر الصادقة للكلمات اكثر مِن اي شيء آخر.
" لابأس، اتفهم الامر .. كُنت لافكر بالشيء نفسه."
" انتِ لطيفة جدًا لمصلحتك. "
اكملتا المشي حتى وصلتا الى البوابة الرئيسية المُغلقة بسلاسل حديدية، لم تستغرق ماريآن سوى عدة دقائق بفتح السلاسل عن طريق فتح احدى الحلقات التي توصل السلسلة معًا بالعصى الحديدية.
" تُخبرينني بانكِ لن تسامحيني لو انعكس الموقف !؟"
" لا لن افعل، لست مِن النوع المُسامح."
كلاريس حقًا تعلم ذلك .. فهي تعرفها اكثر مِن ما تعتقد، صحيح تتقبل صراحتها و اراءها ؛ حتى انها كانت اول الاشخاص الذين يؤمنون بقدرتها على النجاح في هذا العالم، ففي البداية و بعمر صغيرة كانت تعرف سبع لغاة مُختلفة لكن عندما خاضت اختبار اللغة الالمانية درجة واحدة ناقصة ولم يقبلوا على طلبها لدخول الجامعة هناك.
لكنها لم تستسلم ابدًا .. و بدل الاستسلام ضاعفت جهودها حيث لاتوجد كلمة مستحيل في قاموسها ! و الآن ... هي احدى اشهر المهندسات و اكثرهن نجاحًا.
لكن في بعض الاحيان تجعل كلاريس تشعر بانها لا تحاول كفاية .. و بالغباء عندما تتعارض معها على فكرة معينة، مع هذا لا تنزعج لتلك الدرجة الكبيرة ... بل بالعكس .. صحيح تجعلها تشعر بالسوء لكن في نفس الوقت تُحب افكارها و اراءها.
" البابُ لا يُفتح. "
بالطبع فهو مقفول اليًا ! ... لكن مع هذا ستحاول فتحه على الاقل، فكرت بالاتصال بذاك المجنون .. لكن ماريآن بجانبها هذه مجازفة ، فكيف ستشرح لها ان صديقها يعلم بامر اختطافهم وهو جالس بهدوء.
" دعيني اجرب. "
حاولت ركله ثلاث مرات ... لكنه لم يتزعزع حتى !، لَم يبقها لديها خيار .. عليها طلب مساعدته.
" ربما رأيت شيء قد يساعدنا في احدى الغُرف، ساعود فورًا !"
جرت قبل ان تستمع لجوابها الى احدى الغُرف في ممر آخر بعيد وقفت هناك لتخرج هاتفها وهي تبحث عن رقمه ... الغريب هو بانه لم يجبها وبقي الهاتف يرن لفترة جيدة قبل ان تغلقه لتعيد محاولة الاتصال به، هذه المرة ايضًا رن لفترة جيدة لكنه لم يجبها .. ولاول مرة على الاطلاق القلق تسلل اليها شيئًا فشيئًا وهي تُفكر بجميع الاحتمالات السيئة التي قد اصابته .. مع هذا لا تستطيع فعل شيء من مكانها الحالي ؛ عليها الخروج اولاً.
...
عادت الى ماريآن بِخطواتٍ سريعة، فلا تُنكر بانها تشعر بالامان اكثر بجانبها ؛ مشاعرها متناقضة جدًا لدرجة تحيرها حتى هي ! .. ففي لحظة لا شيء على هذه الكرة الارضية يستطيع اخافتها و في لحظة اخرى لا تستطيع البقاء ثانية واحدة دون ماريآن مِن القلق. هنالك فقط سؤال واحد مِن كُل هذه الفوضى باكملها بقي في عقلها ...
اين ماريآن بحق السماء !؟ .. هي متأكدة بانها تركتها امام هذا الباب، تجولت الممر المُظلم بعينيها لكن دون فائدة لا اثر لها !
" تبحثين عن احد ؟ "
قال صوتٌ خشِن و عميق مِن ورائها ... صوت يبدوا لشخصٍ يدخن بِثُقل .. صوت مألوفٌ جِدًا يُطاردها منذ الصِغر.
ارادت تحريك قدميها لتستدير .. او فقط يدها على الاقل لتمسك بالسلاح ، لكن دون فائدة .. عقلها توقف عن العمل كليًا تارِكًا اياها بمفردها،
" صديقَتكِ معنا. "
شعرت بِفاه المُسدس وراء رأسها تمامًا ... اغمضت عينيها تحاول تذكر سبب مجيئها الى هُنا و خطتها التي نسيتها فجأة ! ... لكن قُربهُ مِنها لا يساعدها نهائيًا على التركيز لانها ستفقد وعيها في اي لحظة مِن كُل تلك المشاعر القاتلة. لقد كان المجهولُ مُحقًا في النهاية .. هي حقًا ضعيفة ولا تستطيع مواجهة مخاوفها بنفسها.
هذا اعاد ذاكرتها له ... و لسببٍ ما لكايدن ايضًا ؛ هما دائمًا قويان جدًا .. يمتلكان ثقة عالية ولا يخيفهما شيء ... ماذا سيفكران بعد رؤية ضُعفها هذا امام رجُلٍ واحدٍ فقط !؟
كَم مثيرًا للشفقة ستبدوا ميتة في مشفى قديم مع ماريآن بعد كُل الذي حدث لها في حياتها .. و بعد كُل ما واجهته !؟
" الآن .. دون مشاكل صغيرتي، و بهدوء الى الطابق الاعلى. " قال باستمتاع لرؤية تأثيرهِ عليها و درجة خوفِها منه.
بِثانية تذكرت نصيحة كايدن سابقًا .. " اي شيء ينزِفُ دماءًا قابِلٌ للقَتِل. "
" أنت قريبٌ جِدًا. "
" ماذا ؟" قال باحتيار غير مزيلٍ لابتسامته تلك ..
استجمعت شتاتَ نفسها و بثانية واحدة انحنت لتبتعد عن مرمى السلاح ثُم اقفلت بذراعها على ذراعه، تلويها بقوة لتضربه بعد ذلك بسرعة بمرفق ذراعها الاخرى ... عنصر المفاجئة ساعدها كثيرًا على ما يبدوا لانها استطاعت سحب المُسدس من يده قبل ان يتمكن مِن استيعاب ما حدث.
" لا توجه سلاحًا قُرب رأسِ شخصٍ ابدًا. "
لاول مرة مُنذ ستة سنوات استطاعت النظر لوجهِهِ مِن جديد .. ولا تتفاجأ بانه لا يبدوا افضل باي شكلٍ مِن الاشكال !، نَفس الاعين السوداء .. نفس النظرة الشيطانية نفسُ الابتسامة المُقززة، شيء واحد فقط مُختلف .. وهو ذلك الجُرح الذي شَقَّ طريقه بالكامل مِن اسفل عينِهِ اليُسرى الى شفاهه ..
انه الجُرح الذي تسببتهُ له قبل ستة سنواتٍ عندما قررت قتله، شوهت وجهه ليموت قبيحًا .. مِثل روحِه تمامًا.
" لم تخيبي ضني .. لازلتِ تِلك الفريسة الصعبة، لكن هذه المرة اتيت مُتجهزًا. "
نظرت له بعدم فهم مُحافظةً على المسافة بينهما ؛ حِرصًا على ان لا يأخذ المُسدس من يدها كما فعلت معه.
" اجلبوها الى هُنا !"
ثوانٍ حتى ظهر الرجُلين الذين تهجمت عليهما سابقًا مع فرانس الذي يُمسك ماريآن، و بيده الاخرى يحمل سكينًا ناحية عُنقها ..
" علي القول ... حركة ذكية جدًا ان تتخلصي مِن الرصاص في جميع الأسلحة قبل ان تخرجي !، لكن مع الاسف لَم تحسبي حساب ادواتٍ اخرى. "
لَم تَكُن لكلاريس اي فكرةِ عَن ما يتكلم بالضبط ! .. فاذا هي ليست من تخلص مِن الرصاص ولا هُم .. مَن بالضبط فعل !؟
مع هذا، ... هذا ليس الامر الاهم في موقفها الحالي. السؤال الاهم هو ماذا ستفعل الآن في هذه المصيبة !؟
اذا استمعت له فهذهِ آخر ليلة ستقضيها على قيد الحياة مع ماريآن، و بالتأكيد ستكون الابشع على الاطلاق ... و ان لم تستمع ستُعرّض حياة ماريآن للخطر، ... فماذا الآن !؟ هل حقًا هذه هي نهاية الطريق ولا حل آخر !؟ هل حقًا بعد كُل محاولاتها سينتهي المطافُ بِها لِنفس القدر !؟ كيف لهذا بحق الجحيم ان يكون عادلًا ؟؟
لِمَ دائمًا عليها ان تكون الضحية وعليها ان تخسر !؟؟ و ما العادل بالضبط بشخصٍ يسيطر على حياتها بدلاً منها ... هل هذا هو القدر الذي يتذمر مِنه الجميع !؟
" كلاريس عندما اموت تستطيعين الحصول على نسختي الاصلية مِن كتاب هاري بوتر. "
لكن لحظة واحدة ... نظرت الى ماريآن لتتاكد ان كان سمعها سليم ! .. و كما توقعت اعطتها ماريآن تلك النظرة الحادة لتفهم.
" حقًا ؟ اي جُزء ؟ "
" اصمتِ !!" صرخ الرجل عليها بقوة رغم انها لم ترمش حتى.
اخذت كلاريس نفسًا عميقًا و تصنعت افضل تعبير خائف تمتلكه .. و كاضافة حاولت جعل يدها ترتجف قليلاً بشكل ملحوض لتنظر الى فرانك،
" انها كلماتها الاخيرة الا تستطيع قول وصيتها على الاقل !؟ ..... رجاءًا. "
ارتفعت زاوية فم ماريآن لِجزء مِن الثانية كمحاولة صعبة لتغطي ضحكها قبل ان تعود للنظرة الحادة.
اما فرانك فاتسعت ابتسامته اكثر فقط .. مُسبِبَةً لقشعريرة في جَسد كلاريس باكمله ؛ مِن المُفترض انها اعتادته كونها رابع مرة يلتقون في حياتها ..
لكن لا .. الامر لا يزداد سُهولةً على الاطلاق، في الواقع الامر يزدادُ سوءًا فقط، ستكون شاكرة طوال حياتها لماريآن التي قررت ان تَّتبعها و تُخطف معها .. لانها لو كانت بمفردها معهم لفقدت السيطرة تمامًا.
" لا اعتقد بانكِ ستكونين قادرة على قرآءته على اي حال، .. لكن لابأس لايام الخوالي ... "
ارادت بشدة امساك رأسه و فصله عن مكانه لتكسر جمجمته بحذائها بعدها ! لكن ... عليها التحلي بالصبر.
" لا اتذكر، ... ذلك الجُزء عندما جَرَّدَ مالفوي دمبلدور مِن عصاه السحرية و سنايب قتله و رماه مِن اعلى البُرج ؛ هل عرفتيه ؟"
" اهاا، .. لا تقلقي عرفته. "
شدت على سلاحها اكثر تُركز على هدفها بِكُل قطرة تركيز تمتلكها ... خطأ واحد، خطأ واحد فقط و سينتهيان معًا ......
" اعتقد بانها انتهت مِن وصيت___"
لَم يُكمل فرانس الذي يمسكها جُملته لانها بثانية واحدة استطاعت ان تصبح ورائه وهي تلوي ذراعه لتطعنه في خاصرته بِنفس السكين الذي كان على عنقها قبل ثوانٍ ... حدث الامر بسرعة شديدة لدرجة ان كلاريس لَم ترَ حتى كيف انقلبت الموازين !
لو لم تعرفها افضل لقالت بانها تحولت لمصاصة دماء ريث فترة بقائِها في ايطاليا.
الرجل الذي بِقرب فرانس حاول التصرف فورًا وهو يوجه سكينه نحو ماريآن لكن للمرة الثانية فشلوا بسبب الرصاصة التي استقرت في منتصف يده مُرغمةً اياه على ايقاع سكينه وهو يصرخ بألم، نظر ناحية كلاريس التي تُمسك بسلاحها مصوبةً اياه ناحية الرجل الآخر كتحذير مِن ان يقترب او سيتلقى نفس المصير.
اما ماريآن فوقفت بجانبها تمامًا لتعطيها كلاريس مُسدسها الآخر الذي عثرت عليه في المكتب المهجور، لتوجهه تلك الاخرى نحو الرجال الاربعة الواقفين بِغضبٍ شديد يحدقون بهم بتوعد ريثما اثنان مِنهم على الارض يحاولون السيطرة على نزيف دماءهم.
" مِن اين جلبتي هذا المُسدس ؟" قالت ماريآن بهدوء، غير مزيلةً لنظرها مِن على هدفها.
" عثرت عليه في طريقي عِندما كُنت ابحث عن شيء لفتح الباب و لِحُسن حظي كان فيه رصاص."
" هاه ! .. اليس فقط رائعٌ ان لا تكون الضحية و تُشغل عقلك لقلب الموازين بدل العويلِ لساعات كالارامل ؟"
" مُحِقة تمامًا. " اتفقت كلاريس معها بابتسامة صغيرة.
" طالما تسائلت عن نوع العائلة التي تربيتِ فيها، .. الآن ارى بانها جينات على ما يبدوا. "
تحول نظرها لفرانك الذي ابتسم مِن جديد و كانهم يحتسون الشاي في إحدى النُزهات و يتبادلون الاحاديث ... جديًا مهما كانت تعرِفُ بالفعل ان هنالك امر خاطئ في عقله ، دائمًا يفاجئها بمزيدٍ مِن الجنون.
مع هذا تكره بان تعترف ان لديه نقطة نوعا ما ... فماريآن فاجئتها للتو ، انها مفاجئة جميلة كونها انقذتها من موقف ينهي حياتها لكن انه فقط امر غير معهود.
" تقاتلين جيدًا ماري ... علميني لاحقًا. "
" احدهم تهجم علي في ايطاليا فوجدت ان علي تَعلم عدة امور مُستقبلًا. "
" الهي هل انتِ بخير !؟؟" قالت بهلع فورًا.
" اجل لا تقلقي، لاشيء جدي ، ... كلاريس هل تستطيعين البقاء بمفردك لثوانٍ فقط. "
" لِمَ ؟؟"
" ثوانٍ فقط .. لاحقًا اخبركِ. "
" اممم ... حسنًا، لكن اسرعي. " قالت بنوع مِن التوتر كونها ستتركها، لكن تتسائل ماذا ستفعل بالضبط.
اشارت لها بالموافقة قبل ان تجري في الممر المُظلم لمكانٍ ما .. تاركةً اياها مفردها تمامًا معهم،
نقلت نظرها بحذرهم لجميعهم وهي تتراجع اكثر في حال فاجئوها باي حركة مفاجئة ... نوعًا ما متجاهلةً النظر نحو شخصٍ واحد بالتحديد.
" كبرتِ سريعًا. "
حل الهدوء بشكلٍ موتر ريثما فرانس و الرجل الآخر قد بدءوا بمحاولة ايقاف النزيف عبر استخدام قطعة مُمزقة مِن ثيابهم.
" تبدين اجمل الآن. "
لم تستطع تجاهله اكثر مِن ذلك لتعطيه نظرة حادة تطالبه بالصمت.
" لمَ لا تخرس بحق الجحيم !؟"
رفع يديه بنوعٍ مِن الاستسلام " عُذرًا ... اقول الحقيقة فقط ___"
مرر عينيه على جسدها بطريقة جعلتها ترغب بالتقيء .. فرغم ان لا جُزء ظاهر مِن جسدها نهائيًا الا انها تشعر بانها تقف عارية تمامًا امامهم، شيئًا فشيئًا مشاعرها السلبية تطورت لترغب بالبكاء مِن كُثر ما تشعر به في هذه اللحظة.
" و جسدكِ اصبح اجمل بكثير ايضًا .. "
لم تستطع تحمل ذلك اكثر لتطلق عليه رصاصة بشكلٍ عشوائي مصيبَةً بخدشٍ بسيط كتفه.
" قُلتُ اخرس !!" صرخت بوجهه بغضب وقد بدأت تفقد السيطرة على نفسها.
" الازلتِ عذراء ؟ ...... اوه تذكرت. " قال بسخرية مُستمتعًا بالعاصفة التي صنعها.
" اخرس او سافجر دماغك لاشلاء !"
" لِمَ ؟ لا تتحملين الحقيقة ... كالجبناء تمامًا __"
كانت بصعوبة تمنع نفسها مِن وضع رصاصة في جمجمته ... ماذا تنتظر !؟، هي ببساطة و كما قال جبانة جدًا لتفعل ذلك .. فلحظة واحدة مِن الخطئ، تُكلف سنينًا مِن حياتك لتنمحي .. ولا تعتقد هذه المرة ستحتمل ذلك للمرة الثالثة.
دون شعور منها دموعها خانتها كالمعتاد .. في البداية دمعة ثُم اثنان ثُم فقدت العد بعدها،
" سؤال فقط ... كيف يَشع__"
" اخبرتك ان تخرس. "
انتبهوا لماريآن متأخرًا قبل ان تقوم بادخال رصاصة في مُنتصف معدته تمامًا !، صرخ قبل ان يقع على الارض مُمسكًا بمعدته بقوة ريثما الدماء تجري دون توقف كالنهر. الثلاثة فقدوا وعيهم نتيجة لنزيفهم دون توقف مسببين لبحيرة دماء في المكان.
اقتربت ماريآن منها كثيرًا مُمسكتا بذراعها بِقلق
" انتِ بخير ؟"
في البداية كانت ستجيبها ... لولا ان عينيها استقرت ناحية عينيها بالضبط .. حركت رأسها بعدم تصديق وهي تنظر ناحيتها بمزيج مِن الغضب و الدهشة ..
" ماذا هناك ؟"
استغلت المسافة بينهما لتقوم بسرعة بابعاد الوشاح عن فمها اضافة الى القلنصوة التي تخبئ باقي شعرها ...
نظرت للشخص الذي امامها بصدمة ريثما هذا الآخر يبتسم بدهشة هو ايضًا لفعلها ..
رمى سِلك مغير الصوت الذي يلتف حول عنقه ناحية الارض باهمال.
" كيف علمتِ ؟" قال بصوته الطبيعي اخيرًا .. فقد كان يستغل الظلام لصالحه حتى لا تُركز كثيرًا عليه.
" لَم يُخبرك احدهم بان العينان مرآة للروح ؟" قالت بسخرية تامة فلا شيء يؤثر بها بعد الآن.
" آه تبًا ... اوقعت العدسات على ما يبدوا. "
" لا تقلق اليُمنى لاتزال موجودة. "
" دعيني فقط ... "
قرب اصبعه ناحية عينه بحذر وهو يزيل الاخرى مِن عينه ليرمش عدة مرات بألم نوعًا ما.
" احترقت عيوني حرفيًا. "
اعاد عينيه الفضية باتجاهها يبحث عن ردة فعلها .. للمرة الثانية نظر اليها لا يستطيع قرآءة تعابيرها
" لا تبدين غاضبة ... "
" كُنت اشك .. لكن لم اتوقع ان افكاري السخيفة ستتحقق فعليا. "
" اوه حقًا ؟ لمَ شككتِ ؟"
" مهما كانت ماريآن ذكية ... مستحيل ستطور ردة فعل سريعة لهذه الدرجة خلال سنة واحدة، و مستحيل ان تلوي ذراع رجل لتطعنه بيده مهما كانت بنيتها قوية. "
" كان علي ان انتبه اكثر. "
حدق كليهما باحدهما الآخر لفترة ... حتى رفع كان سلاجه ناحية الجهة الاخر مِن الممر غير مزيلٍ لنظره مِن عينيها،
" الى اين ؟؟؟"
كان الرجل السليم الوحيد بينهم قد ابتعد عدة خطواتٍ بهدوء لكنه تجمد تمامًا في مكانه ما ان ناداه كايدن ...
" ا .... ان.. "
فقد قدرته على الكلام ليرفع له كايدن حاجبه بسخرية وهو يرمي له الكثير مِن الحبال على الارض
" قيدهم، اجمع الاسلحة ... و قد افكر بتركك سليمًا هذه الليلة. "
لم يحتج ان يفكر كثيرًا بالاحتمالات ليقوم بتنفيذ كلامه فورًا دون اعتراض.
اعاد كايدن انتباهه لكلاريس وهو يعطيها احدى ابتساماته الصغيرة ..
" اذن .... كُنت انت طوا__ "
لم تكمل جملتها ليرن هاتفها ... بالبداية كانت ستتجاهله لولا انها لمحت اسمه المجهول لتتجمد بدورها باعين متسعة
" ما الذي !؟؟ .... الست انت ......" نظرت له باستغراب و قد انقلبت افكارها مجددا
" انا ماذا ؟؟"
صمتت و الصوت الوحيد هو صوت هاتفها لتخرجه مِن جيبها وهي تجيب عليه فورا
" سلامةَ قلبكِ جميلتي." اجتاح صوته الهاتف بنبرته الساخرة
" مَن انت !؟"
" ماذا !؟؟" قال ببرائة و هدوء
" مِن تكون ؟ دون اللاعيب .. فقط اخبرني."
" لا تقلقي ... سنلتقي اقرب مِن ما تضنين."
اغلق الهاتف لتقوم بلعنه تحت انفاسها بغضب .. اما كايدن واقفٌ ينظر ناحيتها فقط.
" مع مَن تتكلمين ؟"
" انه المجنون الآخر الذي ساقتله عندما اعرف من يكون ...... لكن لحظة. "
انتبهت الى ان كايدن حقًا لم يكن يهتم عندما سأل .. قالها فقط حتى لا تَشُك، انه يكذب مُجددًا !!
" انت تعلم ... اليس كذلك ؟"
عندما لم يجبها تاكدت شكوكها.
" كُنت تعلم طوال الوقت عن كُل ما يحدث !!!" قالت و قد توجه غضبها ناحيته الآن.
" بالطبع اعلم. و مَن غيري برأيكِ جعله يعيد المذكرات مع الصور ؟ .. الم تتسائلي لمَ غير رأيه بين يوم و ليلة ؟؟"
الغضب تحول لهدوء ... و الهدوء تحول لخجل و امتنان ، و الامتنان الآن يتحول لعشق .. حرفيًا تستطيع تقبيله الآن.
" ح ... حقًا ؟"
اعطاها نظرة حادة تسألها ان كان يبدوا كشخصٍ يمزح معها.
" لكن .. لمَ لم تخبرني ؟؟"
" الموضوع كان قد انتهى و لم اشعر بانه مِن المهم ان تعرفي. "
" اسامِحُك بشرط. "
بالطبع هي ليست غاضبة منه ... بل مُمتنة انه ساعدها، قد يكون امرًا غبيًا لانه تلاعب بها نوعًا ما .. لكنه في النهاية من دونه كان ذاك المجنون ليستمر بتهديدها.
بقي صامةً كعلامة على انه يستمع .. ان كان امرًا بسيطًا سيفعله ، و إن لا سيتركها فهو ليس مُجبرًا ان يبرهن افعاله لاي احد او يثبت نفسه .. هذه فقط طبيعته يكره ان يلقي عليه احدٌ شروط او اوامر فهو مَن يضع الشروط عادةً.
" اخبرني مَن يكون و سانسى انك تلاعبت بي. "
ابتسم بِشَر .. ليس له اي علاقة بما فعله ذلك الاحمق، ولن يدافع عنه .. الجميع يتحملون عواقب افعالهم ..
حتى لو كان ذلك الشخص هو قريبُه، لن يكذب على نفسه و يقول بانه يهتم مثلاً.
" لدي عرضٌ افضل لكِ. "
اتى دورها لتستمع له لتصمت تمامًا ..
" عندما نخرجُ مِن هُنا سآخُذُكِ له شخصيًا .. اليس هذا افضل ؟"
" اجل .. حسنًا موافقة. "
" اذن هل نحن جيدان ؟"
" اجل. "
صافحها بسعادة كونها لم تضع شرطًا يجعله يتركها .. لا يحب عندما يفعل شيء لمصلحة الآخرين مع ان الامر يحصل نادرًا .. و يكونون غاضبين لعدم تقبلهم للامر بامتنان، لهذا توقف عن المساعدة ..
توجه نحو الثلاثة الذين قد قيدهم الرجل بخوف ..
" عملٌ جيد ... الآن، ستغادر البلد و ان رأيتك في حياتي كلها او لمحتُك مِن بعيد صدقني الامر لن ينتهي على خير ، هل هذا واضح !؟"
" ا......اجل. "
" سرني التعامل معك، الآن اغرب عن وجهي قبل ان اغير رأيي."
هرب بِسرعة وهو يجري بعيدًا ... ليبقوا بمفردهم الآن.
" الخيارُ لكِ !"
نظرت له بتعجب وهي محتارة
" م....ماذا تقصد !؟"
" بالطبع لم نُخطف معًا لنتنزه !، كُنت اسحبهم لنا حتى ننهي الموضوع .. هذه فرصتُكِ ؛ ماذا تريدين ان نفعل بهم ؟"
" اردتُ قتلهم. "
شدت على سلاحها و اقتربت مِن فرانك. رفعت سلاحها ببطئ شديد تصوب نحو رأسه ... يدها ترتعش و العرق يتصبب مِن جبينها ريثما دقات قلبها قد تسارعت بشكلٍ جنوني ..
هذا ليس فيلم .. هذا الواقع، و في الواقع عليك ان تكون مُجرد من جميع المشاعر البشرية لتأخذ حياة شخصٍ بهذه السهولة .. عليك ان تكون مستعدًا للعواقب، الكوابيس و كمية الألم و الذنب التي ستطاردك لبقية حياتك لتدفعك إما الى السِجن او الانتحار.
بقيت هكذا لعدة دقائق حتى بدأت الدموع تنزل مِن عينيها جاعلةً الرؤية مشوشة امامها ... ارتعاش يدها ازداد اكثر حتى اصبح السلاح ثقيل جدًا لتستطيع حمله. و كأن كايدن قراء افكارها امسك يدها ليُنزل السلاح الى الاسفل ثُم يسحبه مِن يدها و هو يرميه بعيدًا جدًا في الظلام.
ازداد بكائها اكثر ليسحبها اليه ريثما يُمسد على شعرها لتهدأ
" انا ... لا اريد قتلهم، لا استطيع .. جربته مرة و طاردني لبقية حياتي لا اريد تجربة الامر مرة اخرى."
" لا داعي لان تجبري نفسكِ اذن. "
استمتعت بالدفئ الذي اعطاها اياه لتهدأ قليلاً .. رغبة قوية سيطرت عليها بالبقاء معه، دون تفكير تمسكت به اكثر، تُخبئ وجهها في رقبته باحتياج. تقبل دعوتها بترحيب مانحًا اياها عدة دقائق مِن الهدوء لتستجمع نفسها قليلاً بعد الأسائة الذهنية التي تعرضت لها هذه الليلة.
ليكون صريحًا ابهرته فعلاً فِلَم يتوقع نهائيًا بانها ستكون قوية لدرجة انها ستتغلب على كابوسها عِندما ظهر لها ... خاصةً عندما وجه سلاح لرأسها مِن الخلف توقع منها ان تتجمد او ان تنهار في اي لحظة.
هي حقًا قوية بمفردها عندما يتطلب الامر، لكن مع هذا تحتاج لتستجمع قوتها من فترة لاخرى .. و لا يلومها لذلك.
بعد فترة و عندما هدأت كليًا، ابتعدت عنه عائدةً للعالم الواقعي، المشاعر ليست حلاً ... اخبرته بانها لا تريد وصول الامر للمحكمة لهذا خطط لجلبهم الى هنا. تتصرف بسخافة هكذا فبعد كُل شيء عليها ايجاد حل لموقفهم
" لا اعلم .. ربما نجلب الشُرطة ؟"
" بالطبع لا !، رشوة و يخرج بسبعة سنوات فقط."
" اذن ... ماذا نفعل ؟" قالت باحتيار
" لا تقلقي خططتُ لكل شيء. " اعطاها ابتسامة جانبية تطمأنها
" جهزت كُل شيء بيوم واحد فقط !؟ .. جديًا تحتاج مِن احد ان يسلمك حُكم دولة باقرب وقت او ما شابه. "
" بالطبع ! و كيف مثلا سآتي دون دراسة العدو ؟ .. اضافة الى خُطط بديلة في حال طرئ شيء دون حسبان __"
اكمل كلامه بنبرة مُنخفضة نوعًا ما
" كُنت اعلم اساسًا انكِ لن تستطيعي قتله ، لم اجلبكِ هنا لفعل ذلك .. بل جلبتُكِ حتى تُدركِ هذه الحقيقة كَوني رأيتُكِ مشوشة ناحية الكثير من الامور. "
آخر ما قد يريده حاليًا هو جرحها بالكلام او بصراحته الزائدة ، كون لا احد مِن عمته لقريبه يتحملون كلامه لفترة طويلة دون افتعال مُشكلة او الانزعاج منه.
رغم ذلك لَم تبدوا منزعجة منه على الاطلاق .. بل بالعكس اعتلتها ملامح الفضول و كانه قال لُغز لتحله.
" حقًا !؟ .. ما الامور الاخرى ؟"
" لحظة واحدة. "
توجه لاحدى الغُرف المُظلمة ليخرجع مع حقيبة سوداء .. فلا وقت ليضيعه بالكلام. وضعها على الارض ليفتحها ..
اخرج قفازاتٍ كبداية ليرتديها ثُم منديل متوسط الحجم ... عاد يبحث عن المسدس الذي رماه في الظلام، لَم يُطل البحث فقد وجده بسرعة ليبدء بعمله الذي اتى مِن اجله،
" اين كُنا ؟ اجل ... انا صريح جدًا و احيانًا كلامي يكون جارح دون ان اتعمد ذلك. "
راقبته يمسح كِلا المسدسين بِعناية شديدة .. ليفاجئها باخراج جميع اسلحتهم التي كانت سابقًا فارغة وهو يلقمها مِن جديد بالرصاص بعد ان مسحها جيدًا جدًا من اي بصمات.
" صدقني هذا آخر ما قد يُزعجني في الكون، لا تقلق لستُ مِن النوع الذي يأخُذ كُل شيء بشكل شخصي ... لذا تحدث دون خوف."
كانت ترغب بالسؤال عن خطته .. لكنها لا ترغب بجعله يشرح كُل شيء لها كالاطفال ريثما يعمل، سينتهي و ستتضح خطته لها.
" حسنًا اذن، ... كبداية لاحضتُ بانكِ تعذبينَ نفسكِ كثيرًا على امور كانت خارج سيطرتكِ تمامًا. "
" انت لا تفهم كليًا السبب ... " كان هنالك سر آخر لا احد يعلم به، لم تعترف به مع نفسها او مع مذكراتها لخجلها منه .. لهذا حرفته في عقلها و جعلته حدث آخر تمامًا لتنساه.
" كلار احاول فهم وجهة نظركِ .. حقًا احاول !، لكن مهما كُنتِ ترتدين ، او تفعلين في ذلك اليوم فصدقيني ليس لكِ اي ذنب في ما حدث. "
" لكن هذا ليس ما يُعذب ضميري كاي. "
" اذن ما الموضوع ؟ هنالك شيء لا اعرفه ؟"
بقيت صامتة تنظر الى قدميها بِخجل و ندم في نفس الوقت .. هي لم تعترف لنفسها فكيف ستقول له !؟ الامر يأكلها حية منذ تسع سنوات !! لهذه الدرجة تاثرت حياتها .. المُشكلة بان لاشيء كان يساعد وقتها لتتقبل الامر ؛ لا إلياس ولا زيرا ولا والدتها .... ولا احد.
" دعني انا اخبرك .. " وجهوا انظارهم نحو فرانك الذي فتح عينيه بصعوبة
" الا تموت !؟؟ " اجابه كايدن بسخرية كبيرة .. فلم يعثر على اي شخص يتحمل رصاصة و ضربة على الرأس بهذا الشكل.
كانت لتبحث عن المساعدة لو ان شخصًا كان موجودًا وقتها ... جسديًا او نفسيًا. ساعات مِن الجلوس وحيدة مع نفسها في غُرفة مُظلمة و مُقفلة لَم يساعد نهائيًا ايضًا .. الساعات تحولت لايام و الايام لاسابيع و فجاة الاسابيع بدأت تجري مِن امامها لتتحول الى اشهر ..
وصلت لمرحلة غريبة جدًا حيث تصاب بالاكتئاب ضعف ما تشعر به بعشر مرات لو خرجت للعالم الواقعي.
تجنبت المناسبات، المنتزهات، الاجازات و الرحلات، مدينة الملاهي اصبحت كابوس بعد ان كانت اجمل شيء ... النشاطات التي تتحمس لاجلها اصبحت دون معنى ولاشيء بالنسبة لها يستطيع ان يحمسها .. و هُنا الحياة اصبحت مكانً فارِغًا لها .. لكن مع كل هذا، استمرت بالخروج مِن فترة لاخرى حتى تقف في الزاوية تراقبهم لتذكير نفسها عن سبب انعزالها حتى لا تتغير و تبقى كما هي.
ثلاثة ...... في حياتها طورت ثلاث شخصيات مُختلفة تمامًا عن احدها الاخرى لدرجة انها توقفت عن معرفة مَن تكون بالضبط.
الاولى هي تلك الفتاة النشيطة و الظريفة، الخجولة لدرجة كبيرة ، الفتاة التي يحبها الجميع و التي لم تسبب اي مُشكلة لاهلها منذ ولادتها، ... الثانية هي شخصيتها الهادئة و الساخرة المُجردة من المشاعر و التي ستتهجم عليك لاقل كلمة خاطئة تقولها .. الثالثة و الاخيرة هي الجديدة التي تدمج جميعها معًا بشكلٍ غريب يحير عقلها و يحير الآخرين ان كان لديها انفصام مِن نوعٍ ما ..
" الا تريد ان تعلم ؟" قال فرانك وهو يعطيه ابتسامة متسعة ..
لم تزل كلاريس نظرها عن قدميها نهائيًا .. فهذا اكثر موقف لا تريد تجربته في حياتها،
" لا ، فقط اغلق فمك حتى لا تزلق يدي و تطلق الزناد عن طريق الخطأ مثل قبل قليل. "
نظرت له بتفاجئ للمرة المليون اليوم .. يبدوا انه فهم بان هذا يجعلها تشعر بعدم الارتياح.
" همممم حسنًا لكن دعني احزر __ "
نظر للاسلحة و الحقيبة السوداء
" ستقتلنا و تُظهر الامر كعملية ابتزاز جرت بطريقة خاطئة ليقتل احدنا الآخر. "
اعاد له كايدن الابتسامة المُستفزة ..
" ليس حقًا ؛ لا. "
" ا..... اذن ما الذي ستفعله ؟"
" اولاً انا هكر .. و لستُ سفاحًا لاقتل ثلاثة اشخاص بدم بارد، ثانيًا وضع رصاصة في جُمجُمتك رحيمٌ جدًا لشخصٍ قذر مثلك، السجن ارحم بكثير .. خططت لشيء آخر في عقلي. "
نظف جميع الاسلحة الموجودة و الاشياء التي لمسوها حتى تاكد ان جميع البصمات قد مُحيت تمامًا، قبل ان يعود ليجعل كل فردٍ منهم يمسكها لتُطبع بصماتهم اخذ جميع هواتفهم و استبدلها باخرى مِن حقيبته اضافة لوضع مذكرة في جيب فرانس ... طبعًا كلا الرجلين الآخرين كانا قد فقديا وعييهما بعد ان اصيبا بطلقٍ ناري بدقائق نتيجة لكمية الدماء التي خسِراها ... فرانك الوحيد الذي كان مستيقظا.
فتح وثاقيهما ليرمي احدهما في زاوية و الآخر ابعد منه بقليل لكن بجانبه.
" انتهت النزهة .. حان وقت نومك. "
جلب دواء ليضعه في قماشة بيضاء ثم خدر به فرانك بقوة كادت تكسر فكه تقريبًا .. لكن في النهاية فقد وعيه هو ايضًا.
" اممم اكره ازعاجك ، لكن ماذا ستفعل ؟"
" اثنان في عملية تجارة مخدرات حيث الثالث خدعهم و هرب بعد ان اطلق النار عليهم. "
" و كيف ستؤكد كلامهم عندما يستيقضون !؟"
" لا تقلقي وضعت في الهواتف هذه جميع الرسائل و جميع الحسابات المشبوهة و احدها توضح تهريب فرانك لخارج البلاد. لا احد سيصدقهم و سيحاكمون بالسجن ... اضافة الى انه ليس لديهم اي دليل على كلامهم حيث ماريآن في المنزل حاليًا و يوجد اكثر من شخصٍ ليشهد ذلك .. و انتِ هذه الليلة بقيتي في منزلي بعد ان تشاجرتي مع عائلتك. "
" ماذا عن الذي تركته يهرب ؟"
" انهم مجرمون .. لن يتدخل ثقي بي لا احد يريد سجن مؤبد. "
" و فرانك ؟"
" لن اقتله ... بل سارميه مقيد في مكانٍ مغلوق فيه ماء فقط و انتظر حتى يموت مِن الجوع بعد ان ينفذ منه الماء. "
" و ........ بعدها ؟"
" احرق جثته في مكانٍ بعيد جدًا ثم سارمي رماده في المحيط. "
ضنت انه يمزح .. لكن مع الاسف تعابيره كانت جادة جدًا اثناء الحديث ! فكرت بالفرق بين قتله و تعذيبه للموت ...
" اكره ان اقاطعك .. لكن انت ستقتله. "
" لا، هو تقنيًا سيموت من الجوع .. هنالك فرق. ثم بانني ساقفل الباب فقط ! ..... فربما الله يعثر له على طريق ان كان يريد نجاته. " قال بِشر ..
هذه المرة الاولى التي ترى الجهة الشيطانية منه ....... وقد قررت موقفها.
" اجل انت محق، سنعود بعد شهر فربما ينجو .. من يعلم !؟ " انظمت له
" الآن تفهمينني .. هذه هي الروح. "
قال بملامح راضية ريثما يحمله على ظهره لتقوم كلاريس بلحاقه .. وقد اتضح بانه يوجد بابٌ آخر مِن الخلف ليخرجوا منه ... كان هنالك سيارتان، اخذ احدهما كونهم سيفكرون بان الرجل الثالث اخذها.
" بالمناسبة لمَ لم ياخذها الرجل الذي هرب للتو ؟"
" عندما اتينا الى هُنا رأيتُ ثلاثة .. لذا لابد انه قد اخذ سيارته بالفعل. "
" فهمت. "
" كلاريس انتظريني قليلاً. "
قال بعد ان وضع فرانك في الجزء الخلفي للسيارة الكبيرة السوداء و التي لحسن حظهم مُظللة ايضًا، دون ان ينسى ربطه في حال استيقض بمعجزة كالاموات الاحياء.
" اركبي في الامام ريثما اعود. "
لم تنتظر ان يقولها مرتين كونها خائفة مِن الظلام و الغابة اكثر مِن اي شيء .. فهي مظلمة لدرجة انها تخيلت عدة اشخاص يحدقون ناحيتها من وراء الاشجار.
دخلت و اغلقت الباب املاً ان يعود سريعًا ... و بالفعل دقائق حتى رأت النيران تشتعل من الطابق الاعلى و كايدن قد ركب بجانبها ليشغل المُحرك.
" لمَ حرقت الطابق الاعلى ؟"
" لسببين .. اولاً مؤكد لا تتوقعين مني تنظيف جميع اثارنا فوق ! و ثانيًا هذا سينذر الشرطة عنهما. "
" انا ادين لك بالكثير بالفعل ... اخشى ان اموت ولن استطيع تسديد لك كُل هذا يومًا. "
شغل المُحرك بالمفتاح الذي عثر عليه من اغراضهم التي اخذها جميعها و استبدلها باخرى.
" فقط انسي هذه الليلة و ستساعديني جدًا "
بقي الهدوء سيد المكان ريثما يبتعدون عن هذا المشفى المشأوم، متوجهين نحو بلدة مانسفيلد ( Mansfield) في شمال وسط بنسلفينيا ... لتقرر كلاريس قطع الصمت.
" كايدن الى اين سنذهب ؟"
" بيت المزرعة ... انه مُسجل باسمي بعد والدي ولا احد يأتي اليه نهائيًا ... اضافة ان فيه غرفة سرية تحت الارض. "
" جيد .. "
" هل يُمكنُني سؤالكَ/سؤالكِ شيء__"
قال اثناهما بنفس الوقت ليتبادلا الابتسامة
" انتِ ابدأي اولا .. "
" لا انت ابدأ. "
" حسنًا ..... اعذري تطفلي لكن ما الامر الذي كُنتِ تندمين عليه ولم يقله فرانك ؟"
في النهاية السؤال بقي في عقله ولم يخرج مِنما اجبرها بان تجيبه ... فهي تدين له بذلك بعد هذه الليلة.
" انه حقًا امرٌ سخيف .."
" كان يعني لكِ شيئًا لدرجة انه اخذ تسع سنوات من حياتكِ ندمًا عليه ... "
كان مُحقًا .. انه امر سخيف لكن يعني الكثير لها.
" الحقيقة هي .. عِندما .... عِندما حدث الامر قبل تسع سنوات، لَم اقاوم كثيرًا ... بل في الواقع لم اقاوم على الاطلاق. لذلك الامر علق في ذهني لفترة."
لم ترى ردة فعله لان نظرها كان موجهًا نحو يدها .. رغم ذلك لم يتحدث .. ولا بكلمة ، مما دفعها نوعًا ما لتقول المزيد.
" قال بانه سيقتلني .......... و قد خُفت. "
نظرت له اخيرًا عندما اوقف السيارة فجأة على جانب الطريق ليركز نظره نحوها تماما معطيها تركيزه الكامل.
" حسنًا .... ساقول هذا مرة واحدة و اريدُكِ ان تركزي على كلامي جيدًا. "
" كُنتِ مجرد طفلة، وليس مِن المفترض ان تكونِ واعية او ان تتعاملي كالبالغين .. الاطفال هُم اطفال لانهم مخلوقات بريئة في مرحلة التطور عقليًا و جسديًا. مِن الطبيعي جدًا و لاقصى درجة ان تخافي ... جديًا لا تتوقعين من فتاة في ... الماذا الثامنة !؟؟ لا تتوقعين منها ان تطور ردة فعل !! "
ابتسمت قليلاً كونها سمعت شخصًا يقول لها ان الامر لم يكن خطأها اخيرًا ! .. صحيح انتظرت تسع سنوات لكن على الاقل اخيرًا و بعد انتظار استمعت لاحدٍ يطمأنها ان ذلك لم يكن خطأها.
" انا لا اصدق حتى انكِ جادة بشان الامر !"
كانت لاتزال تحدق بيدها وهي تبتسم ابتسامة صغيرة ليقوم فجأة برفع وجهها بانامله
" رجاءًا اخبريني بانكِ عقلتي الآن .. "
اتسعت ابتسامتها اكثر لتهز رأسها بعلامة موافقة
" جيد. "
ضنت ان صدمات هذا اليوم قد انتهت ... لكن على ما يبدوا كانت مخطئة فقد امال ليطبع قبلة على خدها، ثُم شغل السيارة و تابع طريقه بهدوء ريثما هي مُتجمدة في مكانها وقد ازداد اصرارها على سؤاله الآن ..
" كايدن انت لا تبدوا مِن النوع الذي قد يثق بسهولة ولا مِن النوع الذي قد يفعل كل هذا لفتاة شبه غريبة نوعًا ما ليكوّن معها هذه الصداقة بفترة قصيرة .... فهلا رجاءًا اخبرتني لمَ قررت هكذا فجأة ان تبدأ هذه الصداقة الغريبة بيننا ؟؟"
كيث صديقه مُنذ الطفولة ... لكنه لا يسمح له بلمسه او بمناداته باي اللقاب، فما الشيء الذي جذبه لها بهذا الشكل المفاجئ !؟؟ الآن فقط تلاحض ان وجوده معها في اسوء اوقاتها لم يكن صدفة بتاتًا ..
" في الواقع الامر مُعقد .. "
" انا استمع .. لدينا طريقٌ طويل حسب علمي. "
" سابدأ مُنذ البداية اذن ... "
هو بدوره يعرف جيدًا انها ستتركه فور ان تشعر بامرٍ خاطئ او بِشك او خوف تجاه نواياه من كل هذا .. و في هذه المرحلة عليه اخبارها الحقيقة حتى لا يبدوا كاذبًا و تزداد شكوكها حوله.
" في اول يومين تكلمنا لم اكن ازيف ذلك .. كُنت حقًا مُهتمًا بمجال عِلم النفس كما انكِ بديتِ شخصًا جيدًا كفاية فقد استمعت لمعضم احاديثكِ مع الآخرين صدفة في الحصص و استراحات الغداء و اكتشفت انكِ لستِ مزيفة كالاغلبية. لهذا لم اجد امرًا خاطئًا باتخاذك صديقة __"
" ثُم اتيتِ في يوم آخر مُتأخرة عن الحصة الاولى و مُضطربة جدًا عن المعتاد ، تتفحصين هاتفكِ باستمرار ... لهذا عرفت ان هنالك امرًا خاطئًا. "
اكملت له جملته بسخرية لكن بمزاح
" و بدل سؤالي كالاشخاص الطبيعيين .. قررت تتبُعي ؟؟"
" بالطبع لا .. فانا لا اهتم لهذه الدرجة عادة للاشخاص ولا لحياتهم الخاصة. "
اصيبت بالاحباط نوعًا ما .. لكن احبت معرفة الى اين سيؤدي هذا، فهو محق حتى الآن .. في اول يومين كان تعامله طبيعيًا جدًا معها ... لكن بعدها اصبح الشخص الوحيد الذي يهتم لها فجأة !
" بعدها في نفس اليوم .. عُدت للمنزل لاجد قريبي ؛ ابن عمي الآخر في المنزل، كان يبدوا مُستمتعًا بوقته و هو يقول بانه يهدد احدى الفتياة على الهاتف .... شككت بالموضوع ، لكن بعد فترة كُنتِ تبدين اسوء و اسوء فقط .. لهذا شككت بالامر و سحبت الهاتف من يده لاتحقق من شكوكِ. "
" رجاءًا لا تخبرني هذا المجنون يكون قريبك ... "
" انه بالفعل قريبي لكن لسنا مقربين للدرجة التي تتخيليها، فهو احمق كما قُلت ... المُهم اجبرته بطرقي الخاصة ان يسلمني المذكرات و الصور اضافة الى المفتاح __"
سمع صوت سيارات الشرطة و الاطفاء مِن مسافة بعيدة جدًا حتى كاد الصوت يختفي ... لحسن الحظ ابتعدوا كثيرًا ولا يوجد كاميرات مراقبة في هذا الطريق ليروهم مبتعدين عن المكان.
" لَم استطع منع نفسي و جلست الليلة باكملها اقراء المذكرات ... و ان لم اكن مخطئًا حسب ترقيمكِ لها ... قراءت قرابة الاربع مئة و خمسين صفحة، لا استطيع شرح الامر ....... لا اعلم فقط شعرت باننا ترابطنا روحيًا و كانني عشت حياتكِ معكِ، خاصةً اننا مررنا بالكثير من المواقف و المشاعر المشابهة و افكارنا ايضًا متشابهة اكثر مِن ما تعتقدين ... انتِ فقط تحتفظين بآرائك لنفسك و انا اظهرها للجميع دون خوف مِن التعرض للمهاجمة. "
" اذن باختصار تقول بانك اصبحت مقربًا مني لانك جربت حياتي باربع مئة و خمسين صفحة ؟ "
" تقريبًا اجل .. " ضن انها ستنفجر عليه او تستاء من كونه يفعل ذلك بعد قرآءة مذكراتها وليس لانه اخذ الوقت ليتعرف عليها ... مع هذا ضنه كان خاطئًا على ما يبدوا.
" انت محق نحن حقًا نتشابه كثيرًا. "
لم يفهم ماذا تقصد بالضبط .. اي لا يعتقد بانها قراءت مذكراته كونه لا يمتلك واحدة اساسًا !
" كيف ذلك ؟"
" انت شعرت بانك مقرب مني بعد ان قراءت مذكراتي ... دون ان اخبرك بشيء، الاسرار في المذكرات هي ما تجعلك تشعر بانك تفهمني و تحتاج لتكون بجانبي .. و انا ايضًا لدي هذه الحالة الغريبة__"
" فاقوى علاقة بالنسبة لي .. هي تلك التي تتشارك الاسرار ؛ لان هذا يمثل معنى الثِقة الحقيقية بالشخص الآخر دون ذرة تردد. "
" سعيدٌ جدًا انكِ تتقبلين الامور بهذه السهولة. لا احب ردات الفعل المبالغ بها. "
" بالفعل، لا تستطيع الحصول على ردة فعل مني بسهولة. "
الطريق كان هادءًا .. و شبه فارغ مِن السيارات الاخرى فهو مُنتصف الليل، ولا مجنون غيرهم سيقود من مدينة لاخرى في هذه الساعة.
مانسفيلد كانت على بُعد ساعة واحدة و عشرين دقيقة منهم .. لكنها مدينة اصغر مِن مقاطعة كلينتون ( clinton) التي تعيش فيها، .. اصغر بكثير.
" نامي قليلاً حتى نصل .. لقد كانت ليلة طويلة."
" مُتأكد !؟ ماذا ان حصل شيء ؟"
" لا شيء سيحدث ، و ان حدث سايقضك لا تقلقي."
" حسنًا. "
اعادت رأسها الى الوراء لتسترخي ... حالما اغمضت عينيها بدقائق وقعت بنومٍ عميق، انه محق في النهاية .. فالتعب تمكن منها.
.
.
.
...
تقلبت بِتعب الى الطرف الآخر ريثما تحتظن شيء ناعم امسكته عشوائيًا .. استعادت وعيها بعد ان تذكرت فورًا احداث الليلة الماضية، هل يا ترى كُل هذا كان حُلم !؟؟
لكن لحظة ... سريرها ليس ناعِمًا لهذه الدرجة !، فتحت عينها اخيرًا تنظر في ارجاء الغُرفة .. كانت متوسطة الحجم، كلاسيكية باللون الابيض و الاسود .. بقيت تنظر الى ما مِن حولها لفترة طويلة قبل ان تنزل مِن السرير اخيرًا، عثرت على ثياب سوداء مطوية على الكُرسي بجانب سريرها، لتاخذها متوجهة نحو باب الحمام المفتوح قليلاً في الغُرفة ..
اذا كان توقعها صحيح فلا بُد انها في منزل كايدن، كونها حسب مخططه تشاجرت مع اهلها لتبقى معه !
وقفت تحت المياه في الحمام محاولةً لازالة جميع ذكرياتها عن هذه الليلة السيئة .. إضافةً الى اسألتها عن فرانك. فلا بُد ان كايدن اعتنى بِكُل شيء و اعادهم الى كلينتون، لا داعي مِن التفكير به اكثر.
انتهت بعد فترة لتجفف جسدها باحدى المناشف البيضاء في الحماء، و ارتدت ثياب كايدن السوداء .. لَم تبدوا مُختلفة عليها باي طريقة لانها دائمًا ما ترتدي ثياب عريضة و طويلة في المنزل ! .. و بعد التفكير ثيابه مريحة حقًا.
خرجت مِن الغرفةِ اخيرًا لِصُنع الفطور، تكره التطفل على الآخرين او التجول في المنزل دون اذن .. لان الآخرين ايضًا لديهم خصوصية و هذه ستكون وقاحة منها، لهذا قررت البقاء في الصالة ان وجدتها او المطبخ.
مع هذا وجدت انه ليس مِن الضروري ان تصنع شيء لان المائدة كانت جاهزة بالفعل مع مُختلف اصناف الطعام .. بالاضافة الى مزهرية ازهار جميلة جدًا في المنتصف .. تبدوا و كانها قُطعت حديثًا.
علمت ان هنالك امرًا خاطئًا ... فلا تعتقد ان كايدن سيضع ازهارًا في منتصف المائدة .....
" استيقضتِ اذن ؟ .. صباح الخير. "
استدارت لذلك الصوت الرقيق لتجد امراءة جميلة جدًا تنظر اليها بابتسامة صغيرة دافئة .. كانت ترتدي فستانًا ازرق .. لكن كلاريس لاحضت بان هنالك امر في نظراتها تتشارك به مع كايدن، انها نفس الملاح الغامضة التي يصعب قرآءتها.
" صباح الخير ... لابد انكِ عمة كايدن صحيح ؟" قالت هي ايضًا بابتسامة لطيفة
" اجل صحيح، انا متفاجئة انه اخبركِ عني صراحةً."
اقتربت مِنها اكثر لتقطع المسافة بينهما .. لكن ليس لدرجة غير مريحة،
" بالطبع !، اخبرني الكثير عنكِ .. هو يتحدث عنكِ طوال الوقت. " هذا كان صحيحًا ففي الكثير مِن اوقاتهم كان يخبرها عن شخصيتها و الاشياء التي يحبها فيها و التي لا ..
" انا سعيدة لهذا .. فهو عادةً كتوم و متحفظ جدًا."
اقتربت مِنها لتحتظنها بشكلٍ مفاجأ كترحيب دافئ.
" اهلاً و سهلاً بكِ في منزلنا كلاريس. "
هذا كان ترحيبًا جميلاً ... شيء في عمته غريب، فيها مزيج مِن العقلانية و العاطفية معًا. متشابهان جدًا رغم ذلك ..
" شُكرًا سيدتي. " قالت بعد ان تركتها
" رجاءًا ... ناديني تونيا. "
اسمها كان جميلاً مثلها .. تبدوا حيوية جدًا، كون الساعة التي على الجدار تشير الى الثامنة صباحًا.
وعندما استيقظت كلاريس كان الفطور مُجهز بالفعل على الطاولة ..
جلستا معًا على الطاولة لتضع عِدة اشياء مِن المائدة في صحنها ..
" كلاريس هَل تُحبين عصير الجَزَر ؟"
" اجل كثيرًا. " البعض قد يتعجب من الامر .. لكنه حقًا خفيفٌ كثيرًا، حلو بشكلٍ عادل و فقط رائع.
" هذا امر رائع، رغم فوائده ليس الكثير مَن يحبه .. دعيني اسكب لكِ قليلاً. "
اخذت كأسها و سَكبت لها الكثير مِنه .. في الواقع المائدة ليست مِن النوع الكبير جدًا، بل هو مُستدير لهذا وصلت لكأسها بسهولة.
انتبهت ايضًا الى ان السُكر غير موجود على المائدة نهائيًا ... بدلاً منه هنالك اوراق في صحن تاخذ منه تونيا و تضعه في كوبها.
" عُذرًا على التطفل لكن ما هذا ؟"
اضاء وجهها فجأة لتاخذ واحدة وهي تقدمها لها
" انها ورقة نبات الستيفيا .. استخدمها بدل السُكر القاتل، لانها مفيدة اكثر. خُذي جربي واحدة !"
اخذتها مِن يدها لتضعها في فمها .. و بالفعل انها حلوة كالسكر تمامًا،
" انها حلوة جدًا !"
بدأت تونيا تشرح لها عن الاعشاب الطبية التي تهتم جدًا لزراعتها في الحديقة الخلفية ... ففي الامامية ازهار و اشجار، و في الخلف تزرع الاعشاب الطبية و جزء آخر مُخصص للفواكه و الخضراوات ..
ثُم تطور الكلام لتخبرها عن الطعام الذي يتلاعبون به كيميائيًا ليقتل خلايا الجسم البشري .. مِن السُكر للفواكه و لجميع الطعام في الاسواق ، ثُم اخبرتها عن اكتشاف السري لعلماء اكتشفوا طريقة لعلاج جميع الامراض البشرية حتى السرطان ؛ عبر امواج صوتية محددة تدخل لتعالج خلايا الجسد .. و الحديث استمر عن عدة امور علمية ..
" امي توقفي عن زرع افكارك الغريبة في عقل الفتاة."
ظهر كايدن اخيرًا بعد ساعة اخرى ليقوم بالجلوس معهم وهو يأخذ عدة امور لصحنه، لكن يبدوا بان القوانين لا تمشي عليه لانه صنع قهوة سوداء بل العصير و جلس يشربه مع الفطور.
" انها حقائق علمية، لكن الجميع يضنني مجنونة." قالت بتذمر و بيأس في نفس الوقت.
في الواقع لَم تجد كلاريس بان هذا هراء ... انها محقة في كُل ما قالته ، لكن كما تقول لا احد يصدق امور كهذه بسهولة.
" انا اتفق معها في الواقع، لديها حق في كُل ما قالته."
اكتشفت اخيرًا المختلف في تونيا .. منطقية و عاطفية لانها روحية اكثر مِن الاثنين، منظورها نادر جدًا و شخصيتها ايضًا.
" ارأيت !!؟ الفتاة منطقية اكثر منك. "
هز رأسه بعلامة نعم غير قادر على مناقشتها اكثر لانه يأكل .. مما كان مُضحكًا نوعا ما لكلاريس فردة فعله كانت فقط لطيفة جدًا
لا تنكر انها توقعت استيقاظه في منتصف الظهيرة وليس التاسعة صباحًا !! فقد قاد ساعتين ذهابًا و عودة مِن مدينة لاخرى .. اضافة الى جميع خططه و ما فعله الليلة السابقة ليتخلصوا من الاربعة.
" الست مُتعب ؟ "
" اجل جدًا ... فالاحتفال امس قتلني تقريبًا، هذه آخر مرة اقرر الذهاب لمنزل ذاك المجنون .. "
فهمت كذبته لتونيا .. لكن لم تفهم عَن مَن يتحدث.
" كيف حاله ؟ .. ربما يجب ان تستدعيه الى هُنا لطعام الغداء اليوم، فلابد انه يشعر بالملل لقضاء عطلة عيد الشُكر بمفرده. "
تذكرت كلاريس اخيرًا بعد قولها لهذه الجملة بانه عيد الشُكر .. اي لا مدرسة لتسعة ايام اذا اضفنا السبت و الاحد كعطلة.
" اوه اجل ...... سيحب ذلك. " قال كايدن بابتسامة شيطانية ريثما يخطط لامر جديد ..
و هُنا كلاريس تسائلت ان كان هذا هو نفس الشخص في عقلها.
" لمَ لا نتصل به الآن !؟"
فتح هاتفه ليدخل رقمًا ما، ثُم فتح مُكبر الصوت ليستمعوا له هُم ايضًا ... مرت الدقائق حتى اجاب اخيرًا على الهاتف.
" ماذا تريد مني مُنذ الصباح الباكر بحق الجحيم !؟؟" قال صوتٌ وقح .. لكن مألوف بطريقة ما
" اخرس، امي تسمعك. "
وجدت مناداته لها بأمي ظريف لاقصى درجة ..
مع هذا ركزت على صوته الحقيقي على الهاتف لانها اول مرة تسمعه.
" اهلاً تونيا !" قال مغيرًا لنبرته الوقحة لتصبح اكثر حيوية
" اهلاً ...... مارك."
كلاريس تجمدت في معقدها ريثما كايدن انفجر بالضحك الهستيري دون انذار .. مما دفع تونيا ان تنظر باتجاهه باعين متسعة كون هذا يحدث نادرًا،
اما كلاريس انشغلت باستيعاب المعلومات ..
" ماذا !!؟؟، .. ماذا فَعَلتَ هذه المرة !؟"
" ستعرف قريبًا."
ارادت كلاريس قول شيء ... لكن هذا سيخرب فرصة رؤيتها له، مِن الافضل ان تنتظر قدومه و سيتفاهمون ...
" على اي حال، .. امي تدعوك يا حثالة لتاتي الى هُنا على الغداء. "
" اممم .. رغم ان ضحكتك الشيطانية لَم تعجبني ؛ لكن لابأس سآتي. "
" انتظرك على احر مِن الجمر. " قال بسخرية
اغلق الخط قبل ان يتمكن من سؤاله عن ما يقصده .. ريثما يتشارك النظرات مع كلاريس و كانه يسألها عن رأيها،
" كايدن لقد نفذت مِن عندنا عدة اشياء .. هل تستطيع الذهاب لجلبها مِن السوق ؟"
" حسنًا، كلاريس تاتين معي ؟"
" اجل. "
نهضت لتنظر الى نفسها فورًا ... فهي لا تستطيع الذهاب هكذا !
" ارتدي بنطالكِ فقط، و اتركِ شعركِ مفتوحًا .. لا احد سينتبه. "
هو محق .. فالجو بارد بالفعل، نفذت ما قاله بسرعة لتخرج معه بسيارته الى اقرب متجر في المنطقة .. حيث منطقتهم منعزلة قليلاً عن الآخرين.
بقي الهدوء سيد المكان حتى اعطاها نظرة سريعة ليلمحها
" لماذا. " قالت اخيرًا بعد ان نفذت منها جميع الافكار عن سبب فعله لذلك.
" لماذا فعل ذلك !؟؟"
ابتسم بهدوء ريثما يركن السيارة بجانب المتجر التجاري ..
" لقد اهنتيه امام الجميع، .. عندما دفعتيه عن كايل امام الجميع ولم يستطع ايذائكِ لانه مُعجب بكِ نوعًا ما. "
نزل غير سامحًا لها باكمال سؤالها لتنزل هي ايضًا تمشي بجانبه،
" و ماذا يتوقع سمو الامير !؟؟ لقد كان يتنمر على كايل !"
اخذ عربة ليقف اولاً في قسم البهارات يبحث عن الاسم الذي في القائمة ..
" هذا ما رأيتهِ انتِ. "
" ماذا تقصد !؟" قالت بعد ان مدت يدها بسهولة نحو الاسم المطلوب لتضعه في العربة.
" الليلة التي تسبق ذلك اليوم، كايل تحرش باخت مارك في حفلة اقامها مارك بمنزله !! ... و قد اخبرته ثاني يوم. لهذا كان غاضبًا جدًا عندما عَلِم. "
كلامه منطقي في الواقع .. فهي لَم ترَ مارك يتنمر على اي احد سابقًا، و الدليل انه عندما تدخلت حذرها ان تبتعد عن كايل حتى لا يؤذيها.
لكن على ما يبدوا فيه شَر كافي ليقرر الانتقام منها لاحراجه امام الجميع و الوقوف بوجهه للدفاع عن عدوه.
" لسوء فهم ... اراد ادخالي للسجن !؟؟"
" لا، لَم يكن يخطط لفعل شيء جدي ابدًا ... كان يعبثُ معكِ فقط لرؤية كم تتحملين تحت الضغط، ... لم يتوقع ابدًا ان يدفعكِ لمرحلة ايذاء نفسك. "
" لهذا توقف ؟"
" اجل لهذا توقف .. "
اذن في النهاية هدفه لَم يكن ايذاءها بل رؤية الى اي مستوى قد تتحمل .. هذا لايزال لا يبرر افعاله، فاذا قطعت شريانًا بالخطأ تتسائل ما ستكون ردة فعله.
" و انت ؟"
" انا ماذا ؟"
" لا تتصرف ببرائة، مارك ليس خبير اجهزة .. انت الهكر في العائلة وليس هو."
ابتسم بعد ان كشفته مِن جديد .. عليه الاعتراف بانها تركز جيدًا على التفاصيل.
" رقمُكِ جلبه بسهولة مِن كولن الذي حصله مِن صديقتِك. و بالمناسبة لقد قرصنت جهازها لانها مَن احتضنتكِ في اول يوم و سحبت المفتاح مِن عنقك تحت طلب كولن الصديق المقرب لمارك."
" ايملي مَن سرق المفتاح !؟؟"
" اجل، المهم بعدها كما قُلت فورما علمت بالموضوع اخذت الهاتف مِنه و بدأت بمراسلتكِ بدلاً عنه ... وفعلت ذلك حتى انبهكِ فكيث ايضًا كان قلق جدًا و عندما علم باننا في نفس المدرسة اخبرني ان ابقي عين عليكِ بعد ان شرح لي ان فرانك يستهدفك و قد خرج من السحن حديثًا. "
" و ماذا عن الذي تهجم على إلياس و زيرا ؟"
" تلك الليلة كان فرانك قد اتى للمدينة ... لهذا عندما بقيتي بمفردكِ في المنزل قلقت و قررت ان ابعدكِ عن المكان، زيرا لسوء حظها شعرت بالتعب لتقرر التوجه نحو المنزل بمفردها دون اذن مِن احد __"
سحب عُلبة قهوة دون تردد مِن الرف .. لاحضت كلاريس انه يشرب الكثير مِنها ، لكن فضلت ان لا تتدخل فهذه حياته و هو يعيشها و يفعل ما يشاء لا حق لها بفرض رأيها عليه.
" فرانك رآها قرب المنزل اعتقد بانها انتِ و تهجم عليها، لسوء حظ هذا الآخر إلياس كان يلحقها عندما انتبه انها اختفت .. و حاول مساعدتها دون علمه ان فرانك جلب اكثر مِن شخص معه ... عِندما استوعب اخيرًا بانها ليس انتِ، كسروا عظامهم و غادروا على امل ان يموتوا. هذا ما رآته زيرا ... و اعتقدت بانه احد اعداء والدها.
حمدًا لله فقط انني اخذتكِ لمدينة اخرى حتى لا يجدكِ."
" واااه ، كُل هذا مِن اجلي !؟ اشعر و كانني سابكِ." قالت بتفاجأ كونها لم تتوقع انه فعل كل هذا لسلامتها مع كيث الذي حذره من البداية
ابعد نظره عن المنتجات المختلفة ليركز على عينيها تمامًا .. تعترف ان شعورًا غريبًا جرى في داخلها لتحدق ناحيته بدورها في انتظار ان يقول شيء، فهدوءه الآن يربكها قليلاً ..
" هنالك اشخاص يحبونكِ و يخافون عليكِ اكثر مِن ما تتوقعين .. عليكِ فقط النظر بالاتجاه الصحيح."
" كاي ... "
" ماذا ؟"
" كُف عن لطافتك فهذا كثيرٌ علي لاتحمله، "
تابع طريقه في المتجر وهي تلحقه بعد ان انتهوا من نصف الاغراض.
" ادلِلُكِ فقط، ضننت ان هذا امر جيد. "
" انه بالفعل امر جيد لدرجة بانني بدأت اشك ما الامر الجيد الذي فعلته بحياتي لتظهر لي، ... انا اخاف ان افرح و تاتي حافلة لدهسك من العدم. "
قهقه قليلاً على افكارها " مَن يعلم، طُرق القدر غريبة. "
.
.
.
انتهت تونيا تقريبًا مِن المائدة .. هذه المرة كانت الطاولة كبيرة في منتصف غرفة المعيشة، كايدن و كلاريس كانا يساعدانها بوضع الاطباق و الملاعق قبل ان يَدُق جرس المنزل مُعلنًا عن وصول احدهم ..
قفزت كلاريس مُصرة ان تفتح الباب بنفسها، اقتربت منه لتفتح القُفل وهي تنظر تمامًا الى مارك المسترخي .. و الذي تعثر ايضًا بحافة الباب ما ان رآها،
" اهلا ... كُنت في الانتظار سيد مجهول !" قالت بنبرة عالية و ساخرة منه،
اما هو توتر ليبدأ بالضحك وهو يفكر بشيء ما في هذا الموقف ..
" آه .... نسيت شيء في السيارة. "
سحبته مِن قميصه بقوة ليدخل غير سامحة له بالتوجه الى اي مكان،
" يستطيع ان ينتظر ريثما نتفاهم. "
اغلقت الباب ورائه و اقفلته حتى اصبحت تحاصره تمامًا دون مهرب له ..
" اذن ... امسكتُك متلبسًا. "
صمت تمامًا يترقب اي حركة منها .. فهو يعلم بانها تعرف كيف تُقاتل اضافة الى ان كايدن علمها عدة امور اضافية قبل فترة.
" استطيع ان اشرح .."
" اعرف كُل شيء بالفعل ... لا اريد كلامك." قالت بتلاعب.
" اذن ...... ماذا تريدين ؟" الموقف جعلها تريد الضحك بقوة فهي تحاصر شابًا خائفًا منها ، اضافة الى انه يسألها عن ما تريده هي ! جديًا ... ماذا قد تريد من الحياة اكثر من هذا !
" امممم .. دعني افكر. "
ابتعدت عنه قليلاً فقط ليسترخي نوعًا ما .. لكنه لايزال يراقبها بحذر،
" اركع امامي و اعتذر. " قالت بغرور و تحكم ريثما ترفع راسها الى الاعلى.
في البداية كان مصدومًا من طلبها .. لكن بعدها ابتسم ابتسامة واثقة كعادته،
" امركِ ملكتي الجميلة. "
ركع على إحدى قدميه امامها ليقوم بسحب احداها يديها بِخفة ،
" هَل يُمكن لصاحبة الجلالة الجميلة و الرائعة ان تسامحني رجاءًا ؟ اعتذر عَن كُل دمعة نزلت بسببي و على كُل الخوف ايضًا. "
شعرت بالغرور يمشي في داخلها اكثر اضافة الى شعورٍ بالرضى لجعله يركع امامها على دموعها التي نزلت بسببه.
" افففف لابأس .. اسامحك لانك توسلت."
" يالَ قلبكِ الكبير مولاتي. "
طبع قُبلة خفيفة على سطح يدها، لتحمر خدودها قليلاً ... فلا تصدق انه حقًا فعل ذلك لتسامحه !
نهض بعدها مِن على الارض .. مشت عدة خطوات باتجاه غرفة المعيشة لكنه اوقفها فجأةً ليعيد سحبها .. لكنه حافظ على المسافة.
" لحظة شيء آخر .."
اعاد سحب ذراعها لكن بِلطف حتى لا يؤذيها، ثُم تحت صدمتها مِن الذي يفعله .. ابعد اكمامها الطويلة لتظهر الندوب على ذراعها بشكلٍ واضح للغاية ..
الدماء تدفقت لوجهها و توقفت عن التنفس تقريبًا
" و هذا اعتذار آخر لتسببِ بايذاءك. "
طبع قُبلة خفيفة اخرى على الجروح في ذراعها، ازدادت دقات قلبها .. فهذا امر خاص للغاية بها و هو قد قبل جروحها للتو !!
اعاد انزال اكمام قميصها ليعطيها ابتسامة كبيرة لطيفة ..
" اصدقاء ؟"
مِن خجلها لم تستطع التفكير بما قاله حتى لتهز رأسها فقط بعلامة موافقة ثُم غادرت مُسرعة عودةً الى غرفة المعيشة ...
لكن و كأن هذا لم يكن كافيًا لقتلها .. كايدن كان يراقبهما مِن الممر وقد تعكر مزاجه لسببٍ ما ..
" يكفي دراما انتما الاثنان، هيا الى المائدة."
غادر دون حتى ان يعطيها نظرة ثانية لتتبعه مع مارك. ريثهما هم جالسون تاكدت كلاريس من شيء واحد .... مارك متلاعب مِن الدرجة الاولى ولا تستطيع الوثوق به لان لغة جسده كانت تدل على الانتصار و الغرور، اي فعل ذلك فقط ليربكها و يجعلها تسامحه.
مر باقي اليوم بشكلٍ طبيعي اذا استبعدت نظرات كايدن المزعوجة و الباردة كُلما تكلم مارك معها بودية، ثُم اتصلت بها والدتها اخيرًا يبدوا انهم انتبهوا ان هنالك شخصًا مفقود.
اخبرتها انها في منزل صديق لها، و عندما صرخت بوجهها كيف تبقى مع شاب لا تعرفه في نفس المنزل بمفردهما اخبرتها بانهم ليسوا بمفردهم ثُم اغلقت الخط بوجهها، حتى تُشعرها بنفس الغضب الذي شعرت به عندما تذكروا انه ربما قد حدث شيء لاحد كان يعيش معهم بما انها لم تعد في اليوم الثاني مثلاً ..
...
اما الآن فهم جالسين في الصالة لمشاهدة فيلم، كايدن كان يجيبها بكلمات مختصرة كُلما سألته عن امر ... حتى انه لم ينظر باتجاهها، و بعد ان انتهى الفيلم اخيرًا شغل فلمًا آخر و كانه يعذبها بشكل متعمد بتجاهله لها !
" حسنًا اعذروني لقد تعبت جدًا هذا اليوم، ليلة سعيدة. " قالت تونيا بتعب ليتمنوا لها ليلة سعيدة ثُم ذهبت الى غرفتها ..
بقي الهدوء سيد المكان لفترة و صوت الوحيد صادر من التلفاز .. كايدن ليس من النوع الذي يتقبل التجاهل بشكلٍ جيد ابدًا .. فهو دائمًا ما يحب ان يكون في مركز الاضواء حيث هو يتجاهل الاخرين وليس العكس ..
كلاريس متاكدة انه منزعج مِن تكلم مارك معها و تحديدًا مِن ما فعله صباحًا لهذا قررت ان لا تختبر صبره و تحاول ان تتركه ليهدأ قليلاً ..
مع هذا لم تستطع منع نفسها مِن الاقتراب منه لوضع رأسها على كتفه، ربما يكون امرًا غير ملائم بتاتًا رغم ذلك لا تعتقد انها تهتم لذلك ... فهو الشخص الوحيد الذي اهتم لها بِصدق و الذي ساعدها دون مقابل و ابقاها سليمة نفسيًا و جسديًا، لولاه في هذه الفترة لرمت نفسها مِن اعلى المبنى دون شك.
لهذا المسافة لا تهمها حاليًا، في الواقع اغلب الرِجال يحبون عِندما فتاة تضع رأسها على اكتافهم ... اولا لان هذا يعطيهم شعور بالسيطرة و ثانيًا لانه يُظهر مدى ثقتها به. و بالفعل كما توقعت نظرته مِن الحادة اصبحت اكثر رقة ليسترخي جسده ايضًا بعد ان كان مشدودًا.
" آسفة لاغضابك."
لم يستطع منع ابتسامته الصغير مِن الظهور .. لكن لايزال مُصرًا على ان لا ينظر لها.
" صدقيني لو كُنت غاضِبًا لجعلتُكِ ترغبين الموت في هذه اللحظة "
انه محق بشان ذلك، رأت بعينيها مخططاته بيوم واحد .. لا تريد رؤية كيف يبدوا كعدوٍ لها نهائيًا.
" آسفة لانزعاجك."
" مُجددًا لو كُنت مُنزعجًا منكِ لوجدتِ نفسكِ تبكين للصباح. "
حدقت به مِن قمة نظراتها وهي لاتزال نائمة على كتفه تنتظر ان ينظر اليها مِن جديد بِدفئ كما تعودت.
" اذن ... لمَ تتجاهلُني ؟"
" الم تخبريني ان اتوقف عن تدليلك و اعود لطبيعتي !؟"
" هذه طبيعتك ؟ "
" اها. "
" لقد غيرتُ رأيي، .. اعتني بي مِن جديد رجاءًا."
" لِمَ قد افعل ؟" قال بِكُل هدوء
لَم تعرف بِما تجيب هذا تحديدًا .. قلبها سيتكسر الى اجزاء ان قرر تركها الآن، تعلقت به بشكل غير طبيعي حتى لو لم تعترف له بذلك.
دون تفكير كثير مِنها اقتربت جدًا لِتُقبل خده .. تستطيع الشعور بِتشتته عن ما تفعله ، لكن ما ان ابتعدت عنه حتى نظر اليها اخيرًا لتبتسم له
" لانك اهم شخصٍ في حياتي، و لن احتمل خسارتك نهائيًا. "
كانت خائفة مِن ان يسخر منها او مِن ان يقول شيء جارح لها ... لكنه عكس توقعاتِها قام بسحبها اليه مِن جديد لكن هذه المرة ذراعيه ملتفة حولها مانعةً اياها مِن الهروب لاي مكان، قبل رأسها كاجابة
" سببٌ يكفي كفاية. "
" كاي هل ستبقى معي ؟"
" سافعل، .. طالما تريدين مني البقاء."
لا تعلم كَم بالضبط مَر مِن الوقت وهما هكذا .. لكنها في مرحلة ما اغمضت عينيها تاركةً ما سيحصل بعدها للايام القادمة ..
___________________________________________
مرحبا جميعا .. سيكون هنالك جزء اضافي قريبا !، شكرًا لقراءتكم 😊🌺❤
حاولت استيعاب اين هي بالضبط و ماذا حَدث. حقيقة ان احدًا قام بتخديرها ضربتها فجأة لتستعدل بجلستها بِرعب وهي تنظر الى ما مِن حولها و الاهم ، تنظر ماذا يسبب الم معصمها لهذه الدرجة !
وجدت نفسها في مكانٍ مُظلم و فارغ تقريبًا .. الضوء الوحيد كان مِن النافذة الصغيرة في اعلى الجدار و التي فيها قضبان حديدية مِن المستحيل ازالتها او كسرها بِاليد المُجردة. توجه نظرها الى نفسها ؛ حيث ثيابها السوداء كانت مليئة بالتراب و سُترتها قد تمزقت قليلاً ... حمدًا لله قميصها ذو اكمام طويلة تحت السُترة ! و يسألونها لِما ترتدي ثياب مُحتشمة للغاية ...
كانت جالسة على سرير حديدي مُهترء و ذراعها اليُمنى مُقيدةٌ باصفاد مِن طرفٍ اما الطرف الثاني فكان مُقيد حول قضبان السرير الحديدية لمنعها مِن التحرك، في نفس الوقت الاصفاد كانت تؤلمها كثيرًا لكونها تضغط على احدى جروح معصمها لدرجة غير محتملة ..
مع هذا تجاهلت الألم و حاولت السيطرة على نوبة الهلع التي تتسلل اليها، فحاليًا عليها التركيز لجمع جميع المعلومات الممكنة عن موقفها الحالي ..
اعادت نظرها الى نفسها بعد ان استوعبت امرًا للتو ..
" الهي شُكرًا لك ! " شكرت ربها بعد ان انتبهت الى ان ذراعها ليست وراء ظهرها .. اي تستطيع فتح الاصفاد بسهولة كونها امامها،
كل الذي عليها فعله الآن هو معرفة كم شخص خارجًا و ان كانوا قريبين ام لا حتى لا يكتشفونها ...
قررت المخاطرة كونها لاتسمع لاي صوت خارجًا ؛ فهي لن تستطيع القتال دون يدها !
و بهدوء تسللت يدها الثانية الى داخل شعرها مُخرجةً لدبوس شعر .. و الذي وضعت منه اثنان اضافيين فهو مفيد في الهرب من هذه الامور ؛ كسرت الطرف المتعرج منه و ابقت المسطح .. هنالك ثلاث طُرق للهرب مِن الاصفاد الحديدية .. تستطيع كسرها بمعدنٍ آخر، فصل الصفائح، او التقاط القفل.
لكن حاليًا فصل الصفائح هو افضل خيارٍ لديها .. لتدخل الطرف المسطح مابين الصفيحتين ؛ المشكلة عليها تضييق الاصفاد حول معصمها بِعدة درجات على الاقل لينجح الامر .. عليها فعل ذلك بحذر فاذا ضيقته كثيرًا قد يفشل الامر بشكلٍ مؤلم جدًا.
ضيقته حول معصمها بحذر بحوالي اربع درجات قبل ان تسحبها لفتحها اخيرًا !
" كايدن ساقبِلُك عندما اراك !"
شكرته في داخلها الف مرة تقريبًا .. ما ان حررت معصمها حتى امسكته بالم تنظر للاحمرار الواضح الذي تركه ذلك عليها .. هذا لتلاحظ بان قدميها مقيدتان بحبال ايضًا على السرير ..
" متى سينتهي هذا !؟"
همست قبل ان تنحني لفتحها بسرعة .. اتخذها الامر عدة دقائق لكونها متوترة جدًا ان يدخل احد في اي لحظة .. يدها كانت ترتعش قليلاً لارتباكها فهذا تقريبًا كان كابوسها للسنوات الماضية .. و هو يحدث الآن على ارض الواقع !! و عندما كانت صغيرة يسألونها كيف تحب الظلام ولا تخافه كبقية الاطفال بعمرها .. هذا لانها لا تخاف الوحوش، فاخطر مخلوقات بالنسبة لها هُم البشر.
ما ان حررت نفسها حتى تذكرت الخطوة الثانية بهلع .. عليها الآن معرفة اين هي بالتحديد ؛ المُشكلة بان النافذة عالية جدًا ! ..
نظرت في ارجاء الغرفة مِن جديد لتلمح كُرسي خشبي قديم .. حملته بحذر حتى لا تصدر اي صوت رغم ان قلبها ينبض بجنون ؛ فهو لم يهدء منذ ان استيقضت حتى الآن .. وضعته تحت النافذة الصغيرة لتصعد فوقه تنظر في ارجاء المكان بِسرعة محاولةً العثور على اي دليل قد يساعدها لمعرفة مكانها ..
توجهت عينها نحو السور خارجًا .. غير قابِلة على رؤية ما وراءهُ بسبب السور العالي الذي يُغطي كُل شيء خارجًا عن الرؤية.
" لابأس اذن .. "
اغمضت عينيها تُركز جيدًا على اي صوت صغير تلتقطه مسامعها .. و بالفعل سمعت صوت اشجار تتحرك و ربما .... صوت سيارة تمر !!
اذن لابد ان هنالك شارع وراء جدران المبنى ! لكن هذا لا يكفي .. تحتاجُ معلوماتٍ اكثر،
تذكرت فجأه المُخدر ! نزلت مِن على الكُرسي لتمسح فمها باصابعها وهي تشمها بعدها ..
" رائحته كغسيل الصحون لكن بشكلٍ حاد اكثر .."
تذكرت فورًا الرائحة لتبتسم وهي تُفكر جيدًا ..
" مُخدر الكيتامين !، .. اذا اخذناه على شكل سائل سيبقى في الجسد لخمسة و اربعون دقيقة. "
عادت لتصعد على الكرسي للمح المبنى الذي هي فيه ؛ مع انها لم تستطع رؤية محيطها ... لكن لمحت عدة اشجار بعيدًا.
" لحظة ... لايوجد لدينا هذا الكم من الاشجار في المدينة ، .. و مع ساعة تقريبًا مِن القيادة ... لابد انني على الحدود !! "
حاولت بصعوبة تذكر الحدود عِندما كانوا يسافرون لمُدن اخرى للسياحة ..
" اجل تذكرت ! شاهدت غابة على حدود المدينة، اذن لابد انني في مكانٍ ما قبل المدينة القادمة لانها تنتهي هناك. "
عصرت ذاكرتها تعود الى الوراء لتذكر اين شاهدت سور كبير مثل هذا .. اغمضت عينها مِن جديد تحاول تذكر اي شيء على الاطلاق ..
" صحيح !! رأيت مثله ! كان ... مشفى صغير مهجور وقد كُتب عليه تاريخ السنة القادمة لاعادة بنائه ! "
هدأت قليلاً بعد ان عرفت مكانها حتى لو كانت مخطئة .. الامر جعلها تهدء و تستجمع بعضً مِن شتات عقلها ؛ حسنًا الآن .. هي خرجت مِن عند كيث الساعة الخامسة و النصف تقريبًا، و ساعة من القيادة، لابد انها السادسة بالفعل .. اي ان كانت محضوضة سيلحظون اختفائها مِن المنزل بعد اسبوع .. هذا ان لاحظوا اساسًا !
لا فائدة من الاعتماد على احد .. يجب ان تعتمد على نفسها و تعثر على طريقة للخروج مِن هذا المكان باي ثمن ... حتى لو ماتت هي حقًا لا تمانع، هدفها هو ان لا تدع هؤلاء السفلة يقتلوها .. لم تصل لهذه المرحلة حتى تموت هذه الميتة المُخجلة بعدها.
بعد الكثير من التفكير وجدت ان المهرب الوحيد هو خلال ذلك الباب ، لذا اخذت نفسًا عميقًا محاولةً تهدئة نفسها بصعوبة و توجهت ناحيته لتسحب المقبض بهدوء .. و بالطبع كان مقفل.
هذه ليست المشكلة، فهي تستطيع فتح الباب بسهولة و دون عناء ... كل الذي عليها فعله هو ركل الباب بجانب القُفل تمامًا و مهما كان قوي سيُفتح بركلتين فقط. المشكلة الحقيقية هي ان يكون هنالك اكثر من شخصين او ثلاثة وراء هذا الباب ...
هي تستطيع القتال ... لكن لا تستطيع قتال ثلاثة رجال مسلحين ؛ كانت متأكدة مئة بالمئة انهم مسلحين فقرار الولايات المتحدة بالسماح لاي شخص بحمل سلاح يسهل الامر عليهم كثيرًا لفعل ذلك.
حتى ان لديهم قانون يسمح بحمل مُسدس في العلن او في السيارة طالما يكون غير ملقم او دون رصاص.
و كانهم مثلاً لا يستطيعون حمل رصاص معهم وقت الحاجة ليستخدموه.
" ماذا افعل !؟"
" ساعدوني !" صرخت باعلى صوتها ... هي لا تتوقع حقًا ان ياتي شخصٌ لينقذها ؛ هي فقط تتاكد ان كان هنالك احدٌ خارِجًا.
قررت المجازفة مِن جديد ، خاصةً وهي لا تستمع لاي صوتٍ و الذي يجب ان يكون علامة جيدة !
استجمعت قوتها و ركلت الباب بجانب القفل مرة واحدة ليُفتح لها فورًا ، انها خدعة جيدة حيث تعمل على جميع انواع الابواب المُقفلة.
حدقت بالممر المُظلم لدقائق بارتياب ... الامر الغريب هو بانهُ كان فارغًا تمامًا مِن اي كائن حي ؛ هذا في الواقع يجب ان يكون امرًا جيدًا لكن المكان فقط هادِئٌ جدًا ليكون طبيعيًا .. خاصةً انها عملية خطف ! مشت عدة خطواتٍ الى الامام بحذر و قلبها ينبض بجنون مستعدةً لاي شيء مفاجئ.
" اين السلالم !؟" همست مع نفسها .. فهي عادةً عندما تتوتر تبدئ بالتكلم مع نفسها لتهدئ قليلاً ..
هي في الطابق الثاني و المبنى مُرتفع جدًا لتقفز من احدى النافذات .. لهذا عليها ايجاد السلالم ان كانت تريد الخروج بشكلٍ سليم، جذبت انتباهها الابواب المعدنية على جانبها و التي تبدوا قديمة جدًا و مهترئة.
" لابد انها كانت غُرف المرضى. "
نوعًا ما و بعيدًا عن النظر لموقفها حاليًا ؛ تشعر بالشفقة تجاه الذين بقيوا هُنا .. فرغمًا عن الغُبار و الابواب المُتصدئة و النوافذ التي عليها قضبان حديدية .. تستطيع تخيل المكان سابقًا ، ولا تعتقد انه كان افضل .. فهو يبدوا كالسجن تقريبًا.
" اُفضِّل ان اصاب بالصرع كل يوم على ان اتعالج هُنا، ياله مِن مكانٍ مخيف ... اتسائل ان كانوا مؤسسيه بعقلهم السليم !"
بقيت تتحدث مع نفسها وهي تمشي في الممر الطويل ... و كانه كابوس لا ينتهي !، و اخيرًا وصلت لنهاية تنتهي بالسلالم لتنزل ببطئ خوفًا ان يكون هنالك احد واقف هناك.
لكن ... بشكلٍ غريب الممر ايضًا فارغ !، هي تشكر ربها حقًا .. لكن الامر غير طبيعي لتتقبله هكذا فقط ؛ و كانه هدوء ما قبل العاصفة. فلا احد يقوم باختطاف شخص ليتركه دون حراسة بعدها ليتجول في الارجاء ، حتى لو كانت مُقيدة الم يخَف إن قد تحمل هاتف احتياطي او شيء كهذا !؟
" من الافضل ان اغادر باسرع وقت. "
فقدت هدوئها لتجري بسرعة في الطابق السُفلي وهي تتفقد الابواب بحثًا عن مخرج من هذا الكابوس ... و اخيرًا وصلت لبابٍ كبير ، لم تلحق ان تشعر بالارتياح قليلاً قبل ان تلحض السلاسل الحديدية المُقفلة حول المقابض الحديدية للباب.
" تبًا لا استطيع كسره !، ماذا سافعل الآن ؟"
نظرت مِن حولها بسرعة لتلحض باب آخر في الممر ... قررت دخوله على امل ايجاد شيء تستطيع ان تكسر به السلاسل، وقفت امام الباب بتردد و خوف لان الغُرفة مظلمة قليلاً .. دفعته تدعي انه ليس مقفول آليًا ؛ و لاول مرة و لتفاجئها الشديد حظها استجاب لها ليُفتح الباب المعدنية بسهولة .. دفعت الباب للنهاية على امل ان يدخل بعضًا من الضوء الخافت في الممر لتلك الغُرفة المُظلمة، الغُرفة بدت كمكتبٍ فارغ فيه مكتب خشبي قديم في نهايته، وقفت تنظر للغرفة بخوف و احتيار ، المُشكلة ان الظلام يمنعها مِن رؤية الاجزاء المُتبقية من المكتب .. ريثما هي حقًا لا تريد ان تتعثر بجثة احدهم في الداخل ! بقيت هناك عند الباب بدقائق مترددة فلا احد يعلم ان لديها فوبيا الامكان المُظلمة تمامًا .. حتى مع نفسها لم تعترف انها تخاف الظلام حتى هذه اللحضة التي تواجه بها مبنى مهجور تمامًا و مظلم لتستكشف مشاعرها الحقيقية.
" يالي من جبانة هذا ليس الوقت المناسب للدراما !"
خطت اول خطوة للداخل وهي تتدخل لمنتصف الغرفة تقريبًا ..
" الظلام .. هه انه لاشيء ! الخوف للجبناء ! .. ما لايقتلك يجعلك اقوى __"
سحبت نفسًا من جديد لتتقدم اكثر ، لكنها ما ان خطت الى الامام حتى انبعثت موسيقى صاخبة في المكان لتفزعها بالكامل .. اطلقت صرخة صغيرة برعب قبل ان تضع يديها على فمها لتصمت نفسها.
انتبهت بعد ثوانٍ ان هذا الصوت المألوف للغاية ياتي مِن على المكتب الصغير الذي في الغُرفة ... توجهت نحوها بسرعة، و بفضل شاشة الهاتف التي تضيء قليلاً استطاعت تمييز هاتفها فورًا لتحمله بفرح شديد ... حمدًا لله على ان المُتصل كان منقذها المُعتاد، لتجيب بخوف على الاتصال و هي تشعر بانها بامان الآن لسبب ما.
غريب ... كيف تستطيع الاعتماد عليه و تعطيه ثقتها الكاملة مع انها لاتعرف من هو ولا نواياه الحقيقية ولا اسمه حتى !
حقًا عليها التوقف عن هذه الثقة العمياء ... لكن شيء في داخلها اخبرها انها ستبدئ بعد خروجها من هذا المكان .. و ربما غدًا ليس اليوم، فهي تحتاج مساعدته حاليًا. بعد التفكير هي دائمًا ستحتاج مساعدته عند مرحلة ما ...
انها فقط راحة كبيرة عندما تمر بِمُشكلة كبيرة و هنالك دائمًا شخص بجانبك استطاع السيطرة على الموقف، ... مساعدته اصبحت شيء تعتمد عليه دائمًا وهو امر سيء لانها لاتحب ان تكون مدينةً لاحد.
" هذا اغبى شيء سمعته في حياتي ، فما لا يقتُلك يُحطمك بدلاً من ذلك. " قال الصوت بسخرية.
" اعلم ... انا فقط احب التكلم مع نفسي كثيرًا باشياء دون معنى. "
" لاحظت. "
" الآن .. لمَ اتصلت بي ؟" تعلم بانه سؤال غبي كثيرًا لكنها فقط متوترة ولا تعرف بالضبط ماذا تقول في غرفة مُظلمة داخل مستشفى مهجور.
" اوه لاشيء، احببت ان اُسلم عليكِ فقط .."
كانت تريد قول امر آخر قبل ان ينفجر عليها ..
" آ ...آسفة انا فقط، حقًا متوترة ... و خائفة. " اعترفت بالكلمة الاخيرة لاول مرة في حياتها .. فمهما كانت فترة حياتها السابقة سيئة لم تخبر احدًا ابدًا انها خائفة.
" لا بأس اهدأي، فقط اخبريني مِن ماذا انتِ خائفة ؟ .. انه مشفى مُظلم ؛ و الظلام لا يعض و اعتقد كلانا يتفق ان الوحوش مخلوقات خيالية صحيح ؟"
" صحيح لكن ___" قاطعها مُجددًا بنبرة منخفضة ليهدئها،
" انظري للطاولة. "
فعلت ما قاله وهي تضيء بهاتفها باتجاه الطاولة لتعثر على مُسدس و سكين اسود جميل جدًا و غريب تراه لاول مرة ... حيث شكله لولبي و نهايته تبدوا حادة جدًا !
" انه جميلٌ جدًا ! اول مرة اراه، لمَ شكله غريب ؟"
" يسمى الزوبعة او الاعصار لانه لولبي، و هو هكذا حتى يُخرج احشاء عدوك عندما تطعنيه بها. "
" تجارِبُك في الحياة تُلهمني حقًا. "
قهقه قليلاً عليها ... تعترف انها لاتزال متوترة لكن امتلاك سلاح في هذه اللحضة حقًا يطمأنها اكثر،
" جيد اذن ساخرج .. هلا رجاءًا ارشدتني الى المدينة مِن جديد ؟ لا اعرف اين انا. "
اخذت المسدس و السكين مُستعدةً للخروج من هناك فورًا ... لكنها تجمدت في مكانها عندما اجابها،
" لا. "
" م ..ماذا تقصد لا !؟ ... رجاءًا لا تخبرني انك ستتخلى عني الآن. "
" ليس حقًا ؛ لكنكِ لا تستطيعين الخروج بعد."
لم تفهم كلمة قالها .. هل جديًا سيظهر انفصامه الآن !؟ وهي مختطفة ! لكن لحسن الحظ اعطاها سلاح قبل ان يبدء جنونه.
" لايهم لدي سلاح ساكسر القُفل و اخرج بنفسي. "
في داخلها علمت انه ليس غبيًا كفاية حتى لايتوقع هذا منها .. و على الاغلب اهتم بالامر.
" المُسدس فيه ثماني رصاصات فقط ؛ و جميع الابواب التي تؤدي للخارج مُقفلة آليًا، لا تستطيعين كسرها. "
بالطبع اقفلها .. وكيف سيجعلها فئر تجارب غير ذلك !؟ ، تنتهي مِن مُشكلة لتظهر لها اخرى.
" انا لا افهم لِمَ لا تدعني اخرج !؟ هل غيرت اتفاقنا ؟"
" لا لم اغير شيء، قُلت بانني ساساعِدُكِ لينتهي كُل شيء و انا حقًا اساعِدُكِ ... ستفهمين لاحقًا ما اعنيه. "
ارادت ان تعترض لكنه قاطعها قبل ان تتفوه بحرفٍ حتى،
" لقد استيقضوا ... عودي الى المكتب و اغلقي الباب ، لا تصدري اي صوت. "
" ماذ__"
استمعت لصوت خطوات تاتي ناحيتها لتدخل بسرعة الى الغُرفة المُظلمة وهي تُغلق الباب ورائها غير قادرة على التفوه بكلمة واحدة بسبب الاشخاص الذين يتكلمون وراء الباب بحثًا عنها ..
" هنالك سببين لعدم اخراجي لكِ مِن هنا هذه الليلة .. الاول ان ماريآن، قريبتكِ قد تم امساكها ايضًا ليهددوكِ لاحقًا بحياتها ... انها في الطابق الثاني عليكِ ايجادها. و مهما حدث لا تدعيهم يمسكونكِ او سيجبرونكما على تنفيذ طلباتهم كتهديد. "
لم تستطع التفوه بحرف لانهم اقتربوا اكثر ليقفوا تمامًا وراء الباب وهم يفتشون الطابق باكمله بحثًا عنها ..
" السبب الثاني اخبركِ به لاحقًا، اسدي لي خدمة و تشجعي رجاءًا فهذه المرة لن اساعدكِ مُطلقًا، حتى لو كُنتِ على حافة الموت لن اتدخل. "
لم يتكلم اي احد منهما لدقائق .. كانت تستمع لصوت انفاسه فقط حتى قال شيء اخير ليغلق الخط بعدها،
" اعلم بانكِ تستطيعين فعلها، حظ موفق."
و مع هذا ابقاها بِمُفردها في هذا الموقف الخطر ... تعترف انها لاتزال خائفة و تكرهه لهذا القرار المفاجئ، لكن جزء منها يعلم بانه مُحق .. لا تستطيع الهرب الآن او الاتصال بالشرطة ، تستطيع قتلهم ولن تتحاسب لانها مختطفة و ماريآن شاهدة على انه دفاع عن النفس ... هذه فرصتها المثالية و ربما الوحيدة او ستُكشف لاحقًا في مركز الشرطة و ماضيها باكمله لن يبقى سرًا لفترة اطول.
الاشخاص الوحيدين الذين يعلمون عن ماضيها هم كيث، كايدن، المجهول و خاطفيها. اول اثنان تثق بهم ثقة عمياء دون شك ... و المجهول اساسًا لا يُدخل نفسه بمشاكل مع الشرطة لانه هكر ، اذن يبقى خاطفيها من يستطيعان كشفها.
احبت ام لا عليها الانتهاء منهما اليوم ... ترجوا ان الرصاصات داخل السلاح تكفي لذلك، الكثير مِن الاسئلة راودتها وهي تنتظر ان يخلوا الممر لتخرج ..
اين كانوا عِندما هربت من غرفتها قبل قليل !؟ .. لم تستمع لاي صوت و الابواب للخارج مُقفلة ... خاصةً ان الخطوات كثرت داخل المشفى مِن العدم.
و الاهم .. لِمَ تركها المجهول بمفردها فجأة !؟ هل كان حقًا جاد بشان تركها تموت ولن يتدخل ؟ هل هو خائف ام هذه مُجرد احد اللاعيبه المجنونة ؟
نظرت للسكين في يدها الثانية للحضات بتردد اين تخفيه تحديدًا .. احتمال انه اذا امسكوها سياخذون المُسدس اذن يجب ان تخفي السكين للحالات الطارئة ، و بالفعل عثرت على غلافه حتى لا تجرح نفسها و وضعته في بنطالها .. الامر الجيد هو ان سترتها تخفي جيدًا مِن الوراء.
اسرعت باتجاه المكتب لتختبئ تحته حالما سمعت صوت خطوات تقترب مِن الباب لتفتحه ..
" ليست هُنا. " قال صوت الرجل فورًا دون ان يتفقد حتى.
" لا تكن جبانًا او ساقفل عليك الباب هنا ! "
تافاف الرجل ليدخل وهو ينظر بحثًا في ارجاء الغرفة عنها ... لكنه لم يستطع رؤيتها بسبب الظلام ولم يُتعب نفسه حتى في التدقيق.
" تعال انظر بنفسك ! الغُرفة فارغة تمامًا. "
اتى الشخص الثاني بغضب وهو ينظر في ارجاء المكان بتمعن ..
" حسنًا اذن .. لنستمر بالبحث او سيقتلنا الرئيس. "
" انا لا افهم كيف فتحت الصفاد و كسرت الباب !، ستسبب لنا مشاكل ... من الافضل ان نضع مسدس على رأس صديقتها حتى تعقل. "
" لنعد الى غريبة الاطوار التي فوق ... قد تكون راتها. "
خرج الاثنان مِن جديد وهما يغلقان الباب ورائهما .. لقد كان محقًا، لايجب ان يعثروا عليها باي ثمن او سيزداد الامر سوءًا.
وضعت الهاتف في جيب معطفها و انتظرت حتى تختفي الاصوات خارجًا تمامًا لتخرج بهدوء من مخبئها ، تمشي بسرعة لنهاية الممر املاً على العثور على سُلم آخر للطابق الثاني و مصدر راحتها الوحيد هو سلاحها الذي يستقر بيديها باحكام،
و بالفعل عثرت على سُلم آخر لتصعد السلالم ببطئ في حال يوجد احد في الممر ... كلما اقتربت استطاعت سماع اصواتهم تعلوا مِن احدى الغُرف و التي تعتقد ايضًا ان ماريآن في داخلها.
صعدت باسرع ما يمكنها و دخلت الى احدى الغُرف المُظلمة التي بجانبها بهدوء ، ريثما تستمع لاسئلتهم لماريآن في الغُرفة المجاورة ؛ لكن عليها اخراجهم مِن الغُرفة لتتمكن من رؤيتها دون ان يروها !
" المرة القادمة علي سؤاله ان يعطيني قنابل يدوية."
كانت تفكر بطريقة لجذب انتباههم حتى يخرجوا من هناك ... لتشعر بهاتفها يهتز في جيبها .. نظرت له بتفاجئ لتسحبه بسرعة كونه بوضوح اخبرها انه لن يتدخل نهائيًا !
ضغطت على الزِر ليتكلم فورًا ؛
" اتعلمين ... لقد غيرت رأيي، اخرجي من هناك حالاً."
" واااه، هذا كان سريعًا اكثر من المعتاد." همست له باستمتاع بعد ان استرخت قليلاً.
" انا لا امزح، حاولي الوصول الى الباب الرئيسي مِن جديد ؛ سافتحها لكِ و ساتصل بالشرطة حتى ينقذوا ماريآن. "
ابتسمت ابتسامة صغيرة ، فهو ليس الوحيد الذي غير رأيه خلال هذه الدقائق ..
" لا. "
" لا !؟" قال بنبرة متسائلة و حادة .. و كانه يتحداها لتعيد مخالفة كلامه مُجددًا ، الذي لا يعرفه هو ان هذا لا ينفع معها بعد الآن لانها اعند منه وقد اتخذت قرارها.
" اعذرني، لكن هذه المرة علي انهاء مشاكلي بنفسي .. فقد كُنتَ مُحقًا ؛ ان لم انهيها الآن ستطاردني لبقية حياتي. "
" كلاريس __" كانت نبرة صوته مُحذرة لها ، لكنها قاطعته على اي حال.
" و انا في الواقع لستُ احدى الفتياة الضعيفات و بالتاكيد لستُ حقًا بتلك البرائة التي ابدوا عليها، ... الحقيقة هي انني امتلك شخصيتين مختلفتين تمامًا عن بعضهما ولا اعترف بذلك. "
لسببٍ ما تحتاج لان تعترف بهذا له .. حتى تستمعه هي ايضًا و تواجه نفسها بالامر، و يبدوا انه فهم هذا ليصمت فقط كاشارة لان تُكمل.
" كان مِن الجميل ان يكون هنالك شخصٌ ليساعدني و يقف بجانبي لاول مرة في حياتي، ... لكن الآن علي الاهتمام بمشاكلي الخاصة كما افعل في كُل مرة ؛ ففي النهاية نحن مَن نسيطر على حياتنا و نتحكم بها .. جميعنا قادرون على تغيرها للافضل او الاسوء، لكنّنا ببساطة مُتعبون جدًا لنحاول ذلك.
الايذاء الجسدي ، كحول ، مخدرات، الحُكم على ارواحنا بالهلاك ... جميعها خيارات نجدها اسهل مِن مواجهة خيارات اهم في حياتنا. "
و كانها روحين مُنفصلين .. جزءٌ منها نطق بتلك الكلمات دون تفكير ؛ مُجبِرًا الجزء الآخر على رؤية الحقيقة التي تتجاهَلُها في داخلها كُل تلك السنوات .. فبعد كُل شيء .. عِندما تعيش في الماضي ستنسى حاظِرَك و مُستقبلك و ستخسر حياتك التي لم تعشها.
" هل حقًا هذا وقت بطولاتك ؟ ... كلاريس اكره تحطيم ثقتك المفاجئة بنفسك لكنكِ مُختَطَفة مِن قبل شخص خطير حاقِدٌ عليكِ منذ تسع سنوات و يريد الانتقام منكِ ! ، ثُم هل فكرتي بانكِ تضعين ماريآن ايضًا في خطر خاصةً ان امسكوا بكِ ! ... كوني منطقية و اخرجي مِن هناك حتى اتصل بعناصر الشُرطة. "
تعجبت كلاريس مِن نبرته معها .. في كُل مرةٍ يتَكلمُ فيها معها يبدوا هادءًا ، .. ما عدى الآن ان لم تكن تعرفه افضل لقالت انه متوتر ... و كأن امر مفاجئ لم يتوقعه حصل.
" لن اخرج ، لذا اخبرني الآن لمَ غيرت رأيك بهذه السُرعة .. ماذا يحدث ؟"
بقي صامتً ولم يجبها لعدة ثوانٍ ... حتى اطلق نفسًا عميقًا باستسلامٍ لعنادها.
" حسنًا .. لكن لاتهلعي. "
" انا استمع."
" الم يقبضوا على فرانك و قرروا جلبه الى هنا لمحاكمتِه ؟"
" اجل .. "
" لَم يتمكنوا مِن فعل ذلك ولم يخبروا احدًا لانه هرب قبل قدرتهم على الوصول لتلك المدينة الصغيرة، فالامن ضعيف جدًا كونها شبه مدينة سياحية صغيرة ولا تحتاج تلك الحراسة المشددة. كان يخطط لاخراجه اولاً ثُم يتصرفون بامركِ، ..."
اكمل كلامه بِحدة و نبرة عالية حتى تفهم جيدًا انه غاضب منها و الكلام موجه لها ..
" لان شخصًا غبيًا لم يستطع التحكم بمشاعره و ردات فعله قرر ان يُخرب الخطة باكملها عبر كشف نفسه لفرانس. " هذه كانت اول مرة يظهر لها بانه غاضب حقًا لخطوتها الغبية تِلك ..
" آسفة حقًا ؛ لكنه استمر باستفزازي بالتكلم عن كيث ولم استطع منع نفسي."
" لا داعي للاعتذار ___"
اعتقدت حقًا ان هذا هو الجزء الذي يصبح فيه لطيفًا قبل ان يكمل ..
" لان فرانس قرر ان يغير خططه، فبدل ان ينتظر فترة ليستقر الوضع و يصنع خطة لاخذك، قرر ان ينهي امركِ فورًا ولا اعتقد تحتاج عبقريًا لمعرفة الى اين هم متوجهون في هذه اللحضة. "
" ه.. هل تقصد ....."
" اجل هم قادمون الى مكان احتجازِك، لهذا اُفَضّلُ ان تَخرُجي حالاً. "
ضنَّ انها على الاغلب غيرت رايها عندما لم تُجبه لفترة ... حتى فاجئتهُ بكلماتها المجنونة،
" هذا ممتاز !" حاولت قدر الامكان ان تبقي نبرتها خافتة تمامًا حتى لا يستمع احد لها.
" مُ...مُتاز !؟" قال اقرب الى السؤال غير قادرٍ على اخفاء خوفه مِن ما تُفكر به
" اجل ! ... الآن استطيع ان انهي كلاهما معًا ولا احد سيشك حتى لانها عملية خطف ! "
" كلاريس بِقَدر ما اقدر شجاعَتَكِ لا اعتقد بانكِ ستستطيعين السيطرة على الموقف بالقدر الذي تتخيلينه. "
" لكن لِمَ !؟" تذمرت منه وهي لاتزال مُصرة على قرارها.
" اعتقد بانكِ عندما ترينه .... لا اعلم، .. ستتجمدين."
فكرت بكلماته تِلك للحظات .. ففي النهاية هو حقًا مُحق في هذا ؛ عندما ترى الرجل الذي دمر حياتها و طفولتها من دون شعور ستتجمد في مكانها و ستنسى كُل معلومة تمتلكها.
" الن تكسِرَ جِدارَ غموضِك و تاتي لمساعَدَتي لدقائق ؟"
" سنرى بشأن ذلك .. "
" الى ان ترى انا ساذهب لاتدبر اموري و اقتل مجرمين و اخطط، اراكَ لاحقًا. "
اغلقت الخط بوجهه .. لا تنكر ان هذا اغضبها جدًا ! فنبرته الهادئة تستفزها في هذا الموقف اكثر مما تبعث في داخلها شعور الاطمئنان.
اعادت وضع هاتفها في جيبها و فكرت سريعًا بخطة، نظرت مِن حولها الى الغُرفة التي هي فيها باحثةً عن شيء مفيد يستطيع مساعدتها ، فورائها ليلة حافلة ولا تريد استخدام الرصاص بعد. و بالفعل ثبتت نظرها على عصًا حديدية رفيعة نوعًا ما .. لكن ستؤدي العمل.
حملتها فورًا عن الارض و خرجت مِن الغُرفة بهدوء ... هذا لايشكل لها تحديًا فهي بالفعل تستطيع القتال، وهما يبدوان احمقان بالفعل لخوفهما من تفحص غُرف مُظلمة !!
" آخر مرة اسأل، اجيبي او الذي سيحصل بعدها لن يُعجبكِ ؛ اين الفتاة الاخرى !؟ "
" هذا التهديد كان ليكون افضل لو ان السلاح الذي تحمله فيه رصاصٌ حقًا. " قالت بنبرة هادئة و ساخرة في نفس الوقت.
" ماذا !؟"
تفقد احدهما سلاحه بصدمة و غضب، الامر الغريب هو ان السلاح كان فارغ حقًا !!
" هل تنسى دائمًا تلقيمه عند ذهابك لعملية خطف ؟ يالكم مِن اغبياء غير كفؤيين .. لو كُنت بدل زعيمِكُم لطردتُكم فورًا. "
تستطيع كلاريس معرفة بان ماريآن حقًا غير خائفة مِن الذي يحدث .. فهي اقوى مِن كلاريس بكثير ، نفسيًا و جسديًا. لهذا اعُجبت كلاريس بها دائمًا فهي مُختلفة عن اي انثى قابلتها في حياتها.
" اصمتِ يا عاهرة !" قال الثاني مشيرًا سلاحه لرأسها مع ان ماريآن لم ترمش حتى !
" اعد قولها اتحداك. " قالت بنبرة باردة و عينيها اصبحتا مظلمتين ... كادت كلاريس تُقسم بانها رأت الشيطان داخلها.
لم تنتظر لترى الذي سيحدث لاحقًا لتضرب كلاهما على رأسه بقوة .. وقعوا ارضًا نتيجةً للضربة القوية التي تلقوها
" الهي لم اقصد ان اضربهم بهذه القوة !!" نظرت اليهم بصدمة لما فعلته للتو ... هي كانت تنوي ايذاءهم لكن ليس لهذه الدرجة ! فانتقامها في النهاية ليس منهم.
" لم تضربيهم بشكلٍ مُلائم ، انظري لايزالان يتنفسان."
اعطتها كلاريس نظرة حادة قبل ان تتوجه نحوها لِفَكِ وِثاقها بمفتاح الاصفاد التي 'اخذتها ' مِن احدِ الرَجُلين.
" ماذا !؟ ... ان قُمتِ بعمل اكمليه على اتم وجه !" قالت ببساطة.
" ماريآن قتلُ شخصين على قيد الحياة لديهم عائلة ربما و اصدقاء خارج هذه الجدران، ليس عمل بل جريمة قتل. "
"
" انتِ مِن النوع الذي سيموتُ مُبكرًا ؛ لا تقولي لم انذِركِ. "
فكت وثاقها بابتسامة على جنونها لتاخذ السلاح الثاني لاحدهم ... الامر الغريب هو بان كِلا السلاحين خاليين مِن ايةِ رصاص !
" ماريآن كيف علمتِ ان السِلاحين دون رصاص !؟"
نظرت لها بتسائل ريثما تنهض تلك الاخرى عن السرير.
" لَم اعلم مئة بالمئة، لكنني افترظت انه كذلك لان مخزن السلاح غير موجود ؛ كُنت اجرِبُ حظي فقط."
تفقدت كلاريس السلاح لتجد بانها مُحقة .. انه فعلاً فارغ ! كيف لَم ينتبه لهُ احد !؟ عليها الاتفاق مع ماريآن على انهما احمقين تمامًا.
" لكن ... ماذا لو كانت هنالك رصاصة في المُقدمة بالفعل ؟ ماذا كُنتِ لِتَفعلي ؟" قالت بتسائل
" حسنًا .... الحياة تجارب."
استغربت كلاريس مِن كلامها قليلاً فيبدوا انها تغيرت خلال هذه السنوات ... فسابقًا لَم تكن تجرأ على اتخاذ قرارات مصيرية كهذه دون حسبان
انتبهت كلاريس بعد فترة على المعطف الكبير و الوشاح الذي يغطي نِصف وجهها تقريبًا ... لم تنتبه سابقًا لان الظلام دامِس في المشفى لدرجة كبيرة ولحسن حظها لديها اعّيُنٌ قوية تمكنها من الرؤية قليلاً.
" ماري لِمَ تضعين الوشاح على وجهك ؟ "
" في حال هاجمونا بشكلٍ مفاجئ بالمخدر كما حصل سابقًا، اضافةً الى انني استيقظت بِالم حنجرة خفيف ... لا اريده ان يتضاعف. "
هذا منطقي .. فهي دائمًا ما تكون حذرة بعد المرة الاولى، " انتِ مُحقة، قد يحاولون تخديرنا مرة اخرى."
ازالت وشاحها هي الاخرى و غطت بِه نصف وجهها كماريآن .. لكنه استمر بالوقوع.
" كيف تثبتينه !؟"
" آه ! دعيني افعلها. " قالت بتذمر
اقتربت مِنها كثيرًا لتقوم بتعديله لها ... قَلب كلاريس بدأ يدق بقوة فجأة كونها غير معتادة قُرب اي فرد منها لهذه الدرجة حتى لو عائلتها، فالمرة الاخيرة التي اقتربت من احدهم لهذه الدرجة كانت لتوديعهم عند باب المطار قبل اربع سنوات.
انها ردة فعل لا إرادية تطورت مع الزمن حتى تبتعد عن اي شخص يُصبح على بُعد خطوة واحدة منها هذا يحدث حتى مع كايدن ايضًا لكنها تتجاهل هذا الشعور معه فدفئُه و صِدق كلماته يتغلب على خوفها في كُل مرة .. رغم كُل ما حدث حتى الآن ، انه حقًا احدُ افضل النِعَم التي اُرسِلَت لها في حياتها.
خرجتا مِن هناك بعدها لكن عليها الاعتراف بانها تشعر بالقليل مِن التحسُن مع وجود ماريآن .. مع هذا عليها اخراجها مِن هناك فلا تستطيع المُخاطرة بحياة شخصٍ آخر معها. هذا حتى تذكرت السؤال الذي يتجول في عقلها مُنذ ان استيقظت في هذا المكان.
" ماري لِمَ كُنتِ تلاحقينني مُنذ البداية ؟"
" في الحقيقة اشتبهتُ بِتصرُفاتكِ. " لَم تتردد حتى بالاجابة فهي صريحة جدًا مُنذ الوقت الذي عرفتها به كلاريس.
" تصرفاتي !؟ .. كيفَ تقصدين ؟"
" سابقًا في المنزل كُنتِ تتكلمين بطريقة غريبة مع احدهم ، سَمِعتُكِ مِن غرفة إلياس .. كُنتِ تخبئين سلاح هناك فقد تفقدته، و بعد مجيئ عناصر الشرطة و كلام المُحقق عنكِ شككت اكثر فقط. لهذا عندما بقيتي في المشفى و قُلتِ انكِ ستتمشين عند المغيب قررت ان اتحقق الى اين ستذهبين. "
وقفت كلاريس تُحدق بماريآن بصدمة ... ليس لانها شاهدتها بل لفكرتها الغريبة.
" لحظة واحدة .. كُنتِ تعتقدين بانني شريكة هذا المُجرم حقًا !؟" شعورٌ بالحزن تسلل اليها كون ماريآن حقًا تتوقع منها امرًا كهذا !
" و ما ادراني !؟ انا اتعامل مع الحقائق فقط .. وقد صدقت ما رأيته مِن ادلة. " قالت دون اهتمامٍ حتى لكلماتها الصريحة
تابعت مشيها ريثما كلاريس مُتجمدة في مكانها .. مع انها ليست مُقربة جدًا منها لكن تشعر و كان احدًا خانها مِن جديد، فمَ الذي يراه الجميع فيها ليصدقوا بانها تتعاون مع مُجرم !! هل هي يا ترى حقًا بهذا السوء ؟
لكن ... و كالعادة لم تدع هذا يظهر او يؤثر عليها لتتابع لحاقها الى السلالم.
" فقط للعِلم .. انا قاصرة وليس مسموحٌ لي ان امتلك اسلحة، لهذا كُنت اخبئهُ بمساعدة صديقٍ لي على الهاتف. ربما المرة القادمة ستفكرين بهذه الحقيقة قبل ان تتهميني بشيء رجاءًا. "
شعرت بشيء يوقفها ولم يكن تفاجئها هذه المرة .. بل كانت يد ماريآن التي اوقفتها لتواجهها تمامًا، و نوعًا ما كانت قريبة لدرجة غير مريحة قليلاً ...
" اسمعي .. لأهمية الامر، لقد كُنت مُخطئة ؛ و انا آسِفة لاتهامِك. "
اختفى ذلك الشعور مِن داخلها و استُبدِل بالسعادة .. فهي تعلم بانها عندما تعتذر ستعني كُل حرفٍ منه، تقدر المشاعر الصادقة للكلمات اكثر مِن اي شيء آخر.
" لابأس، اتفهم الامر .. كُنت لافكر بالشيء نفسه."
" انتِ لطيفة جدًا لمصلحتك. "
اكملتا المشي حتى وصلتا الى البوابة الرئيسية المُغلقة بسلاسل حديدية، لم تستغرق ماريآن سوى عدة دقائق بفتح السلاسل عن طريق فتح احدى الحلقات التي توصل السلسلة معًا بالعصى الحديدية.
" تُخبرينني بانكِ لن تسامحيني لو انعكس الموقف !؟"
" لا لن افعل، لست مِن النوع المُسامح."
كلاريس حقًا تعلم ذلك .. فهي تعرفها اكثر مِن ما تعتقد، صحيح تتقبل صراحتها و اراءها ؛ حتى انها كانت اول الاشخاص الذين يؤمنون بقدرتها على النجاح في هذا العالم، ففي البداية و بعمر صغيرة كانت تعرف سبع لغاة مُختلفة لكن عندما خاضت اختبار اللغة الالمانية درجة واحدة ناقصة ولم يقبلوا على طلبها لدخول الجامعة هناك.
لكنها لم تستسلم ابدًا .. و بدل الاستسلام ضاعفت جهودها حيث لاتوجد كلمة مستحيل في قاموسها ! و الآن ... هي احدى اشهر المهندسات و اكثرهن نجاحًا.
لكن في بعض الاحيان تجعل كلاريس تشعر بانها لا تحاول كفاية .. و بالغباء عندما تتعارض معها على فكرة معينة، مع هذا لا تنزعج لتلك الدرجة الكبيرة ... بل بالعكس .. صحيح تجعلها تشعر بالسوء لكن في نفس الوقت تُحب افكارها و اراءها.
" البابُ لا يُفتح. "
بالطبع فهو مقفول اليًا ! ... لكن مع هذا ستحاول فتحه على الاقل، فكرت بالاتصال بذاك المجنون .. لكن ماريآن بجانبها هذه مجازفة ، فكيف ستشرح لها ان صديقها يعلم بامر اختطافهم وهو جالس بهدوء.
" دعيني اجرب. "
حاولت ركله ثلاث مرات ... لكنه لم يتزعزع حتى !، لَم يبقها لديها خيار .. عليها طلب مساعدته.
" ربما رأيت شيء قد يساعدنا في احدى الغُرف، ساعود فورًا !"
جرت قبل ان تستمع لجوابها الى احدى الغُرف في ممر آخر بعيد وقفت هناك لتخرج هاتفها وهي تبحث عن رقمه ... الغريب هو بانه لم يجبها وبقي الهاتف يرن لفترة جيدة قبل ان تغلقه لتعيد محاولة الاتصال به، هذه المرة ايضًا رن لفترة جيدة لكنه لم يجبها .. ولاول مرة على الاطلاق القلق تسلل اليها شيئًا فشيئًا وهي تُفكر بجميع الاحتمالات السيئة التي قد اصابته .. مع هذا لا تستطيع فعل شيء من مكانها الحالي ؛ عليها الخروج اولاً.
...
عادت الى ماريآن بِخطواتٍ سريعة، فلا تُنكر بانها تشعر بالامان اكثر بجانبها ؛ مشاعرها متناقضة جدًا لدرجة تحيرها حتى هي ! .. ففي لحظة لا شيء على هذه الكرة الارضية يستطيع اخافتها و في لحظة اخرى لا تستطيع البقاء ثانية واحدة دون ماريآن مِن القلق. هنالك فقط سؤال واحد مِن كُل هذه الفوضى باكملها بقي في عقلها ...
اين ماريآن بحق السماء !؟ .. هي متأكدة بانها تركتها امام هذا الباب، تجولت الممر المُظلم بعينيها لكن دون فائدة لا اثر لها !
" تبحثين عن احد ؟ "
قال صوتٌ خشِن و عميق مِن ورائها ... صوت يبدوا لشخصٍ يدخن بِثُقل .. صوت مألوفٌ جِدًا يُطاردها منذ الصِغر.
ارادت تحريك قدميها لتستدير .. او فقط يدها على الاقل لتمسك بالسلاح ، لكن دون فائدة .. عقلها توقف عن العمل كليًا تارِكًا اياها بمفردها،
" صديقَتكِ معنا. "
شعرت بِفاه المُسدس وراء رأسها تمامًا ... اغمضت عينيها تحاول تذكر سبب مجيئها الى هُنا و خطتها التي نسيتها فجأة ! ... لكن قُربهُ مِنها لا يساعدها نهائيًا على التركيز لانها ستفقد وعيها في اي لحظة مِن كُل تلك المشاعر القاتلة. لقد كان المجهولُ مُحقًا في النهاية .. هي حقًا ضعيفة ولا تستطيع مواجهة مخاوفها بنفسها.
هذا اعاد ذاكرتها له ... و لسببٍ ما لكايدن ايضًا ؛ هما دائمًا قويان جدًا .. يمتلكان ثقة عالية ولا يخيفهما شيء ... ماذا سيفكران بعد رؤية ضُعفها هذا امام رجُلٍ واحدٍ فقط !؟
كَم مثيرًا للشفقة ستبدوا ميتة في مشفى قديم مع ماريآن بعد كُل الذي حدث لها في حياتها .. و بعد كُل ما واجهته !؟
" الآن .. دون مشاكل صغيرتي، و بهدوء الى الطابق الاعلى. " قال باستمتاع لرؤية تأثيرهِ عليها و درجة خوفِها منه.
بِثانية تذكرت نصيحة كايدن سابقًا .. " اي شيء ينزِفُ دماءًا قابِلٌ للقَتِل. "
" أنت قريبٌ جِدًا. "
" ماذا ؟" قال باحتيار غير مزيلٍ لابتسامته تلك ..
استجمعت شتاتَ نفسها و بثانية واحدة انحنت لتبتعد عن مرمى السلاح ثُم اقفلت بذراعها على ذراعه، تلويها بقوة لتضربه بعد ذلك بسرعة بمرفق ذراعها الاخرى ... عنصر المفاجئة ساعدها كثيرًا على ما يبدوا لانها استطاعت سحب المُسدس من يده قبل ان يتمكن مِن استيعاب ما حدث.
" لا توجه سلاحًا قُرب رأسِ شخصٍ ابدًا. "
لاول مرة مُنذ ستة سنوات استطاعت النظر لوجهِهِ مِن جديد .. ولا تتفاجأ بانه لا يبدوا افضل باي شكلٍ مِن الاشكال !، نَفس الاعين السوداء .. نفس النظرة الشيطانية نفسُ الابتسامة المُقززة، شيء واحد فقط مُختلف .. وهو ذلك الجُرح الذي شَقَّ طريقه بالكامل مِن اسفل عينِهِ اليُسرى الى شفاهه ..
انه الجُرح الذي تسببتهُ له قبل ستة سنواتٍ عندما قررت قتله، شوهت وجهه ليموت قبيحًا .. مِثل روحِه تمامًا.
" لم تخيبي ضني .. لازلتِ تِلك الفريسة الصعبة، لكن هذه المرة اتيت مُتجهزًا. "
نظرت له بعدم فهم مُحافظةً على المسافة بينهما ؛ حِرصًا على ان لا يأخذ المُسدس من يدها كما فعلت معه.
" اجلبوها الى هُنا !"
ثوانٍ حتى ظهر الرجُلين الذين تهجمت عليهما سابقًا مع فرانس الذي يُمسك ماريآن، و بيده الاخرى يحمل سكينًا ناحية عُنقها ..
" علي القول ... حركة ذكية جدًا ان تتخلصي مِن الرصاص في جميع الأسلحة قبل ان تخرجي !، لكن مع الاسف لَم تحسبي حساب ادواتٍ اخرى. "
لَم تَكُن لكلاريس اي فكرةِ عَن ما يتكلم بالضبط ! .. فاذا هي ليست من تخلص مِن الرصاص ولا هُم .. مَن بالضبط فعل !؟
مع هذا، ... هذا ليس الامر الاهم في موقفها الحالي. السؤال الاهم هو ماذا ستفعل الآن في هذه المصيبة !؟
اذا استمعت له فهذهِ آخر ليلة ستقضيها على قيد الحياة مع ماريآن، و بالتأكيد ستكون الابشع على الاطلاق ... و ان لم تستمع ستُعرّض حياة ماريآن للخطر، ... فماذا الآن !؟ هل حقًا هذه هي نهاية الطريق ولا حل آخر !؟ هل حقًا بعد كُل محاولاتها سينتهي المطافُ بِها لِنفس القدر !؟ كيف لهذا بحق الجحيم ان يكون عادلًا ؟؟
لِمَ دائمًا عليها ان تكون الضحية وعليها ان تخسر !؟؟ و ما العادل بالضبط بشخصٍ يسيطر على حياتها بدلاً منها ... هل هذا هو القدر الذي يتذمر مِنه الجميع !؟
" كلاريس عندما اموت تستطيعين الحصول على نسختي الاصلية مِن كتاب هاري بوتر. "
لكن لحظة واحدة ... نظرت الى ماريآن لتتاكد ان كان سمعها سليم ! .. و كما توقعت اعطتها ماريآن تلك النظرة الحادة لتفهم.
" حقًا ؟ اي جُزء ؟ "
" اصمتِ !!" صرخ الرجل عليها بقوة رغم انها لم ترمش حتى.
اخذت كلاريس نفسًا عميقًا و تصنعت افضل تعبير خائف تمتلكه .. و كاضافة حاولت جعل يدها ترتجف قليلاً بشكل ملحوض لتنظر الى فرانك،
" انها كلماتها الاخيرة الا تستطيع قول وصيتها على الاقل !؟ ..... رجاءًا. "
ارتفعت زاوية فم ماريآن لِجزء مِن الثانية كمحاولة صعبة لتغطي ضحكها قبل ان تعود للنظرة الحادة.
اما فرانك فاتسعت ابتسامته اكثر فقط .. مُسبِبَةً لقشعريرة في جَسد كلاريس باكمله ؛ مِن المُفترض انها اعتادته كونها رابع مرة يلتقون في حياتها ..
لكن لا .. الامر لا يزداد سُهولةً على الاطلاق، في الواقع الامر يزدادُ سوءًا فقط، ستكون شاكرة طوال حياتها لماريآن التي قررت ان تَّتبعها و تُخطف معها .. لانها لو كانت بمفردها معهم لفقدت السيطرة تمامًا.
" لا اعتقد بانكِ ستكونين قادرة على قرآءته على اي حال، .. لكن لابأس لايام الخوالي ... "
ارادت بشدة امساك رأسه و فصله عن مكانه لتكسر جمجمته بحذائها بعدها ! لكن ... عليها التحلي بالصبر.
" لا اتذكر، ... ذلك الجُزء عندما جَرَّدَ مالفوي دمبلدور مِن عصاه السحرية و سنايب قتله و رماه مِن اعلى البُرج ؛ هل عرفتيه ؟"
" اهاا، .. لا تقلقي عرفته. "
شدت على سلاحها اكثر تُركز على هدفها بِكُل قطرة تركيز تمتلكها ... خطأ واحد، خطأ واحد فقط و سينتهيان معًا ......
" اعتقد بانها انتهت مِن وصيت___"
لَم يُكمل فرانس الذي يمسكها جُملته لانها بثانية واحدة استطاعت ان تصبح ورائه وهي تلوي ذراعه لتطعنه في خاصرته بِنفس السكين الذي كان على عنقها قبل ثوانٍ ... حدث الامر بسرعة شديدة لدرجة ان كلاريس لَم ترَ حتى كيف انقلبت الموازين !
لو لم تعرفها افضل لقالت بانها تحولت لمصاصة دماء ريث فترة بقائِها في ايطاليا.
الرجل الذي بِقرب فرانس حاول التصرف فورًا وهو يوجه سكينه نحو ماريآن لكن للمرة الثانية فشلوا بسبب الرصاصة التي استقرت في منتصف يده مُرغمةً اياه على ايقاع سكينه وهو يصرخ بألم، نظر ناحية كلاريس التي تُمسك بسلاحها مصوبةً اياه ناحية الرجل الآخر كتحذير مِن ان يقترب او سيتلقى نفس المصير.
اما ماريآن فوقفت بجانبها تمامًا لتعطيها كلاريس مُسدسها الآخر الذي عثرت عليه في المكتب المهجور، لتوجهه تلك الاخرى نحو الرجال الاربعة الواقفين بِغضبٍ شديد يحدقون بهم بتوعد ريثما اثنان مِنهم على الارض يحاولون السيطرة على نزيف دماءهم.
" مِن اين جلبتي هذا المُسدس ؟" قالت ماريآن بهدوء، غير مزيلةً لنظرها مِن على هدفها.
" عثرت عليه في طريقي عِندما كُنت ابحث عن شيء لفتح الباب و لِحُسن حظي كان فيه رصاص."
" هاه ! .. اليس فقط رائعٌ ان لا تكون الضحية و تُشغل عقلك لقلب الموازين بدل العويلِ لساعات كالارامل ؟"
" مُحِقة تمامًا. " اتفقت كلاريس معها بابتسامة صغيرة.
" طالما تسائلت عن نوع العائلة التي تربيتِ فيها، .. الآن ارى بانها جينات على ما يبدوا. "
تحول نظرها لفرانك الذي ابتسم مِن جديد و كانهم يحتسون الشاي في إحدى النُزهات و يتبادلون الاحاديث ... جديًا مهما كانت تعرِفُ بالفعل ان هنالك امر خاطئ في عقله ، دائمًا يفاجئها بمزيدٍ مِن الجنون.
مع هذا تكره بان تعترف ان لديه نقطة نوعا ما ... فماريآن فاجئتها للتو ، انها مفاجئة جميلة كونها انقذتها من موقف ينهي حياتها لكن انه فقط امر غير معهود.
" تقاتلين جيدًا ماري ... علميني لاحقًا. "
" احدهم تهجم علي في ايطاليا فوجدت ان علي تَعلم عدة امور مُستقبلًا. "
" الهي هل انتِ بخير !؟؟" قالت بهلع فورًا.
" اجل لا تقلقي، لاشيء جدي ، ... كلاريس هل تستطيعين البقاء بمفردك لثوانٍ فقط. "
" لِمَ ؟؟"
" ثوانٍ فقط .. لاحقًا اخبركِ. "
" اممم ... حسنًا، لكن اسرعي. " قالت بنوع مِن التوتر كونها ستتركها، لكن تتسائل ماذا ستفعل بالضبط.
اشارت لها بالموافقة قبل ان تجري في الممر المُظلم لمكانٍ ما .. تاركةً اياها مفردها تمامًا معهم،
نقلت نظرها بحذرهم لجميعهم وهي تتراجع اكثر في حال فاجئوها باي حركة مفاجئة ... نوعًا ما متجاهلةً النظر نحو شخصٍ واحد بالتحديد.
" كبرتِ سريعًا. "
حل الهدوء بشكلٍ موتر ريثما فرانس و الرجل الآخر قد بدءوا بمحاولة ايقاف النزيف عبر استخدام قطعة مُمزقة مِن ثيابهم.
" تبدين اجمل الآن. "
لم تستطع تجاهله اكثر مِن ذلك لتعطيه نظرة حادة تطالبه بالصمت.
" لمَ لا تخرس بحق الجحيم !؟"
رفع يديه بنوعٍ مِن الاستسلام " عُذرًا ... اقول الحقيقة فقط ___"
مرر عينيه على جسدها بطريقة جعلتها ترغب بالتقيء .. فرغم ان لا جُزء ظاهر مِن جسدها نهائيًا الا انها تشعر بانها تقف عارية تمامًا امامهم، شيئًا فشيئًا مشاعرها السلبية تطورت لترغب بالبكاء مِن كُثر ما تشعر به في هذه اللحظة.
" و جسدكِ اصبح اجمل بكثير ايضًا .. "
لم تستطع تحمل ذلك اكثر لتطلق عليه رصاصة بشكلٍ عشوائي مصيبَةً بخدشٍ بسيط كتفه.
" قُلتُ اخرس !!" صرخت بوجهه بغضب وقد بدأت تفقد السيطرة على نفسها.
" الازلتِ عذراء ؟ ...... اوه تذكرت. " قال بسخرية مُستمتعًا بالعاصفة التي صنعها.
" اخرس او سافجر دماغك لاشلاء !"
" لِمَ ؟ لا تتحملين الحقيقة ... كالجبناء تمامًا __"
كانت بصعوبة تمنع نفسها مِن وضع رصاصة في جمجمته ... ماذا تنتظر !؟، هي ببساطة و كما قال جبانة جدًا لتفعل ذلك .. فلحظة واحدة مِن الخطئ، تُكلف سنينًا مِن حياتك لتنمحي .. ولا تعتقد هذه المرة ستحتمل ذلك للمرة الثالثة.
دون شعور منها دموعها خانتها كالمعتاد .. في البداية دمعة ثُم اثنان ثُم فقدت العد بعدها،
" سؤال فقط ... كيف يَشع__"
" اخبرتك ان تخرس. "
انتبهوا لماريآن متأخرًا قبل ان تقوم بادخال رصاصة في مُنتصف معدته تمامًا !، صرخ قبل ان يقع على الارض مُمسكًا بمعدته بقوة ريثما الدماء تجري دون توقف كالنهر. الثلاثة فقدوا وعيهم نتيجة لنزيفهم دون توقف مسببين لبحيرة دماء في المكان.
اقتربت ماريآن منها كثيرًا مُمسكتا بذراعها بِقلق
" انتِ بخير ؟"
في البداية كانت ستجيبها ... لولا ان عينيها استقرت ناحية عينيها بالضبط .. حركت رأسها بعدم تصديق وهي تنظر ناحيتها بمزيج مِن الغضب و الدهشة ..
" ماذا هناك ؟"
استغلت المسافة بينهما لتقوم بسرعة بابعاد الوشاح عن فمها اضافة الى القلنصوة التي تخبئ باقي شعرها ...
نظرت للشخص الذي امامها بصدمة ريثما هذا الآخر يبتسم بدهشة هو ايضًا لفعلها ..
رمى سِلك مغير الصوت الذي يلتف حول عنقه ناحية الارض باهمال.
" كيف علمتِ ؟" قال بصوته الطبيعي اخيرًا .. فقد كان يستغل الظلام لصالحه حتى لا تُركز كثيرًا عليه.
" لَم يُخبرك احدهم بان العينان مرآة للروح ؟" قالت بسخرية تامة فلا شيء يؤثر بها بعد الآن.
" آه تبًا ... اوقعت العدسات على ما يبدوا. "
" لا تقلق اليُمنى لاتزال موجودة. "
" دعيني فقط ... "
قرب اصبعه ناحية عينه بحذر وهو يزيل الاخرى مِن عينه ليرمش عدة مرات بألم نوعًا ما.
" احترقت عيوني حرفيًا. "
اعاد عينيه الفضية باتجاهها يبحث عن ردة فعلها .. للمرة الثانية نظر اليها لا يستطيع قرآءة تعابيرها
" لا تبدين غاضبة ... "
" كُنت اشك .. لكن لم اتوقع ان افكاري السخيفة ستتحقق فعليا. "
" اوه حقًا ؟ لمَ شككتِ ؟"
" مهما كانت ماريآن ذكية ... مستحيل ستطور ردة فعل سريعة لهذه الدرجة خلال سنة واحدة، و مستحيل ان تلوي ذراع رجل لتطعنه بيده مهما كانت بنيتها قوية. "
" كان علي ان انتبه اكثر. "
حدق كليهما باحدهما الآخر لفترة ... حتى رفع كان سلاجه ناحية الجهة الاخر مِن الممر غير مزيلٍ لنظره مِن عينيها،
" الى اين ؟؟؟"
كان الرجل السليم الوحيد بينهم قد ابتعد عدة خطواتٍ بهدوء لكنه تجمد تمامًا في مكانه ما ان ناداه كايدن ...
" ا .... ان.. "
فقد قدرته على الكلام ليرفع له كايدن حاجبه بسخرية وهو يرمي له الكثير مِن الحبال على الارض
" قيدهم، اجمع الاسلحة ... و قد افكر بتركك سليمًا هذه الليلة. "
لم يحتج ان يفكر كثيرًا بالاحتمالات ليقوم بتنفيذ كلامه فورًا دون اعتراض.
اعاد كايدن انتباهه لكلاريس وهو يعطيها احدى ابتساماته الصغيرة ..
" اذن .... كُنت انت طوا__ "
لم تكمل جملتها ليرن هاتفها ... بالبداية كانت ستتجاهله لولا انها لمحت اسمه المجهول لتتجمد بدورها باعين متسعة
" ما الذي !؟؟ .... الست انت ......" نظرت له باستغراب و قد انقلبت افكارها مجددا
" انا ماذا ؟؟"
صمتت و الصوت الوحيد هو صوت هاتفها لتخرجه مِن جيبها وهي تجيب عليه فورا
" سلامةَ قلبكِ جميلتي." اجتاح صوته الهاتف بنبرته الساخرة
" مَن انت !؟"
" ماذا !؟؟" قال ببرائة و هدوء
" مِن تكون ؟ دون اللاعيب .. فقط اخبرني."
" لا تقلقي ... سنلتقي اقرب مِن ما تضنين."
اغلق الهاتف لتقوم بلعنه تحت انفاسها بغضب .. اما كايدن واقفٌ ينظر ناحيتها فقط.
" مع مَن تتكلمين ؟"
" انه المجنون الآخر الذي ساقتله عندما اعرف من يكون ...... لكن لحظة. "
انتبهت الى ان كايدن حقًا لم يكن يهتم عندما سأل .. قالها فقط حتى لا تَشُك، انه يكذب مُجددًا !!
" انت تعلم ... اليس كذلك ؟"
عندما لم يجبها تاكدت شكوكها.
" كُنت تعلم طوال الوقت عن كُل ما يحدث !!!" قالت و قد توجه غضبها ناحيته الآن.
" بالطبع اعلم. و مَن غيري برأيكِ جعله يعيد المذكرات مع الصور ؟ .. الم تتسائلي لمَ غير رأيه بين يوم و ليلة ؟؟"
الغضب تحول لهدوء ... و الهدوء تحول لخجل و امتنان ، و الامتنان الآن يتحول لعشق .. حرفيًا تستطيع تقبيله الآن.
" ح ... حقًا ؟"
اعطاها نظرة حادة تسألها ان كان يبدوا كشخصٍ يمزح معها.
" لكن .. لمَ لم تخبرني ؟؟"
" الموضوع كان قد انتهى و لم اشعر بانه مِن المهم ان تعرفي. "
" اسامِحُك بشرط. "
بالطبع هي ليست غاضبة منه ... بل مُمتنة انه ساعدها، قد يكون امرًا غبيًا لانه تلاعب بها نوعًا ما .. لكنه في النهاية من دونه كان ذاك المجنون ليستمر بتهديدها.
بقي صامةً كعلامة على انه يستمع .. ان كان امرًا بسيطًا سيفعله ، و إن لا سيتركها فهو ليس مُجبرًا ان يبرهن افعاله لاي احد او يثبت نفسه .. هذه فقط طبيعته يكره ان يلقي عليه احدٌ شروط او اوامر فهو مَن يضع الشروط عادةً.
" اخبرني مَن يكون و سانسى انك تلاعبت بي. "
ابتسم بِشَر .. ليس له اي علاقة بما فعله ذلك الاحمق، ولن يدافع عنه .. الجميع يتحملون عواقب افعالهم ..
حتى لو كان ذلك الشخص هو قريبُه، لن يكذب على نفسه و يقول بانه يهتم مثلاً.
" لدي عرضٌ افضل لكِ. "
اتى دورها لتستمع له لتصمت تمامًا ..
" عندما نخرجُ مِن هُنا سآخُذُكِ له شخصيًا .. اليس هذا افضل ؟"
" اجل .. حسنًا موافقة. "
" اذن هل نحن جيدان ؟"
" اجل. "
صافحها بسعادة كونها لم تضع شرطًا يجعله يتركها .. لا يحب عندما يفعل شيء لمصلحة الآخرين مع ان الامر يحصل نادرًا .. و يكونون غاضبين لعدم تقبلهم للامر بامتنان، لهذا توقف عن المساعدة ..
توجه نحو الثلاثة الذين قد قيدهم الرجل بخوف ..
" عملٌ جيد ... الآن، ستغادر البلد و ان رأيتك في حياتي كلها او لمحتُك مِن بعيد صدقني الامر لن ينتهي على خير ، هل هذا واضح !؟"
" ا......اجل. "
" سرني التعامل معك، الآن اغرب عن وجهي قبل ان اغير رأيي."
هرب بِسرعة وهو يجري بعيدًا ... ليبقوا بمفردهم الآن.
" الخيارُ لكِ !"
نظرت له بتعجب وهي محتارة
" م....ماذا تقصد !؟"
" بالطبع لم نُخطف معًا لنتنزه !، كُنت اسحبهم لنا حتى ننهي الموضوع .. هذه فرصتُكِ ؛ ماذا تريدين ان نفعل بهم ؟"
" اردتُ قتلهم. "
شدت على سلاحها و اقتربت مِن فرانك. رفعت سلاحها ببطئ شديد تصوب نحو رأسه ... يدها ترتعش و العرق يتصبب مِن جبينها ريثما دقات قلبها قد تسارعت بشكلٍ جنوني ..
هذا ليس فيلم .. هذا الواقع، و في الواقع عليك ان تكون مُجرد من جميع المشاعر البشرية لتأخذ حياة شخصٍ بهذه السهولة .. عليك ان تكون مستعدًا للعواقب، الكوابيس و كمية الألم و الذنب التي ستطاردك لبقية حياتك لتدفعك إما الى السِجن او الانتحار.
بقيت هكذا لعدة دقائق حتى بدأت الدموع تنزل مِن عينيها جاعلةً الرؤية مشوشة امامها ... ارتعاش يدها ازداد اكثر حتى اصبح السلاح ثقيل جدًا لتستطيع حمله. و كأن كايدن قراء افكارها امسك يدها ليُنزل السلاح الى الاسفل ثُم يسحبه مِن يدها و هو يرميه بعيدًا جدًا في الظلام.
ازداد بكائها اكثر ليسحبها اليه ريثما يُمسد على شعرها لتهدأ
" انا ... لا اريد قتلهم، لا استطيع .. جربته مرة و طاردني لبقية حياتي لا اريد تجربة الامر مرة اخرى."
" لا داعي لان تجبري نفسكِ اذن. "
استمتعت بالدفئ الذي اعطاها اياه لتهدأ قليلاً .. رغبة قوية سيطرت عليها بالبقاء معه، دون تفكير تمسكت به اكثر، تُخبئ وجهها في رقبته باحتياج. تقبل دعوتها بترحيب مانحًا اياها عدة دقائق مِن الهدوء لتستجمع نفسها قليلاً بعد الأسائة الذهنية التي تعرضت لها هذه الليلة.
ليكون صريحًا ابهرته فعلاً فِلَم يتوقع نهائيًا بانها ستكون قوية لدرجة انها ستتغلب على كابوسها عِندما ظهر لها ... خاصةً عندما وجه سلاح لرأسها مِن الخلف توقع منها ان تتجمد او ان تنهار في اي لحظة.
هي حقًا قوية بمفردها عندما يتطلب الامر، لكن مع هذا تحتاج لتستجمع قوتها من فترة لاخرى .. و لا يلومها لذلك.
بعد فترة و عندما هدأت كليًا، ابتعدت عنه عائدةً للعالم الواقعي، المشاعر ليست حلاً ... اخبرته بانها لا تريد وصول الامر للمحكمة لهذا خطط لجلبهم الى هنا. تتصرف بسخافة هكذا فبعد كُل شيء عليها ايجاد حل لموقفهم
" لا اعلم .. ربما نجلب الشُرطة ؟"
" بالطبع لا !، رشوة و يخرج بسبعة سنوات فقط."
" اذن ... ماذا نفعل ؟" قالت باحتيار
" لا تقلقي خططتُ لكل شيء. " اعطاها ابتسامة جانبية تطمأنها
" جهزت كُل شيء بيوم واحد فقط !؟ .. جديًا تحتاج مِن احد ان يسلمك حُكم دولة باقرب وقت او ما شابه. "
" بالطبع ! و كيف مثلا سآتي دون دراسة العدو ؟ .. اضافة الى خُطط بديلة في حال طرئ شيء دون حسبان __"
اكمل كلامه بنبرة مُنخفضة نوعًا ما
" كُنت اعلم اساسًا انكِ لن تستطيعي قتله ، لم اجلبكِ هنا لفعل ذلك .. بل جلبتُكِ حتى تُدركِ هذه الحقيقة كَوني رأيتُكِ مشوشة ناحية الكثير من الامور. "
آخر ما قد يريده حاليًا هو جرحها بالكلام او بصراحته الزائدة ، كون لا احد مِن عمته لقريبه يتحملون كلامه لفترة طويلة دون افتعال مُشكلة او الانزعاج منه.
رغم ذلك لَم تبدوا منزعجة منه على الاطلاق .. بل بالعكس اعتلتها ملامح الفضول و كانه قال لُغز لتحله.
" حقًا !؟ .. ما الامور الاخرى ؟"
" لحظة واحدة. "
توجه لاحدى الغُرف المُظلمة ليخرجع مع حقيبة سوداء .. فلا وقت ليضيعه بالكلام. وضعها على الارض ليفتحها ..
اخرج قفازاتٍ كبداية ليرتديها ثُم منديل متوسط الحجم ... عاد يبحث عن المسدس الذي رماه في الظلام، لَم يُطل البحث فقد وجده بسرعة ليبدء بعمله الذي اتى مِن اجله،
" اين كُنا ؟ اجل ... انا صريح جدًا و احيانًا كلامي يكون جارح دون ان اتعمد ذلك. "
راقبته يمسح كِلا المسدسين بِعناية شديدة .. ليفاجئها باخراج جميع اسلحتهم التي كانت سابقًا فارغة وهو يلقمها مِن جديد بالرصاص بعد ان مسحها جيدًا جدًا من اي بصمات.
" صدقني هذا آخر ما قد يُزعجني في الكون، لا تقلق لستُ مِن النوع الذي يأخُذ كُل شيء بشكل شخصي ... لذا تحدث دون خوف."
كانت ترغب بالسؤال عن خطته .. لكنها لا ترغب بجعله يشرح كُل شيء لها كالاطفال ريثما يعمل، سينتهي و ستتضح خطته لها.
" حسنًا اذن، ... كبداية لاحضتُ بانكِ تعذبينَ نفسكِ كثيرًا على امور كانت خارج سيطرتكِ تمامًا. "
" انت لا تفهم كليًا السبب ... " كان هنالك سر آخر لا احد يعلم به، لم تعترف به مع نفسها او مع مذكراتها لخجلها منه .. لهذا حرفته في عقلها و جعلته حدث آخر تمامًا لتنساه.
" كلار احاول فهم وجهة نظركِ .. حقًا احاول !، لكن مهما كُنتِ ترتدين ، او تفعلين في ذلك اليوم فصدقيني ليس لكِ اي ذنب في ما حدث. "
" لكن هذا ليس ما يُعذب ضميري كاي. "
" اذن ما الموضوع ؟ هنالك شيء لا اعرفه ؟"
بقيت صامتة تنظر الى قدميها بِخجل و ندم في نفس الوقت .. هي لم تعترف لنفسها فكيف ستقول له !؟ الامر يأكلها حية منذ تسع سنوات !! لهذه الدرجة تاثرت حياتها .. المُشكلة بان لاشيء كان يساعد وقتها لتتقبل الامر ؛ لا إلياس ولا زيرا ولا والدتها .... ولا احد.
" دعني انا اخبرك .. " وجهوا انظارهم نحو فرانك الذي فتح عينيه بصعوبة
" الا تموت !؟؟ " اجابه كايدن بسخرية كبيرة .. فلم يعثر على اي شخص يتحمل رصاصة و ضربة على الرأس بهذا الشكل.
كانت لتبحث عن المساعدة لو ان شخصًا كان موجودًا وقتها ... جسديًا او نفسيًا. ساعات مِن الجلوس وحيدة مع نفسها في غُرفة مُظلمة و مُقفلة لَم يساعد نهائيًا ايضًا .. الساعات تحولت لايام و الايام لاسابيع و فجاة الاسابيع بدأت تجري مِن امامها لتتحول الى اشهر ..
وصلت لمرحلة غريبة جدًا حيث تصاب بالاكتئاب ضعف ما تشعر به بعشر مرات لو خرجت للعالم الواقعي.
تجنبت المناسبات، المنتزهات، الاجازات و الرحلات، مدينة الملاهي اصبحت كابوس بعد ان كانت اجمل شيء ... النشاطات التي تتحمس لاجلها اصبحت دون معنى ولاشيء بالنسبة لها يستطيع ان يحمسها .. و هُنا الحياة اصبحت مكانً فارِغًا لها .. لكن مع كل هذا، استمرت بالخروج مِن فترة لاخرى حتى تقف في الزاوية تراقبهم لتذكير نفسها عن سبب انعزالها حتى لا تتغير و تبقى كما هي.
ثلاثة ...... في حياتها طورت ثلاث شخصيات مُختلفة تمامًا عن احدها الاخرى لدرجة انها توقفت عن معرفة مَن تكون بالضبط.
الاولى هي تلك الفتاة النشيطة و الظريفة، الخجولة لدرجة كبيرة ، الفتاة التي يحبها الجميع و التي لم تسبب اي مُشكلة لاهلها منذ ولادتها، ... الثانية هي شخصيتها الهادئة و الساخرة المُجردة من المشاعر و التي ستتهجم عليك لاقل كلمة خاطئة تقولها .. الثالثة و الاخيرة هي الجديدة التي تدمج جميعها معًا بشكلٍ غريب يحير عقلها و يحير الآخرين ان كان لديها انفصام مِن نوعٍ ما ..
" الا تريد ان تعلم ؟" قال فرانك وهو يعطيه ابتسامة متسعة ..
لم تزل كلاريس نظرها عن قدميها نهائيًا .. فهذا اكثر موقف لا تريد تجربته في حياتها،
" لا ، فقط اغلق فمك حتى لا تزلق يدي و تطلق الزناد عن طريق الخطأ مثل قبل قليل. "
نظرت له بتفاجئ للمرة المليون اليوم .. يبدوا انه فهم بان هذا يجعلها تشعر بعدم الارتياح.
" همممم حسنًا لكن دعني احزر __ "
نظر للاسلحة و الحقيبة السوداء
" ستقتلنا و تُظهر الامر كعملية ابتزاز جرت بطريقة خاطئة ليقتل احدنا الآخر. "
اعاد له كايدن الابتسامة المُستفزة ..
" ليس حقًا ؛ لا. "
" ا..... اذن ما الذي ستفعله ؟"
" اولاً انا هكر .. و لستُ سفاحًا لاقتل ثلاثة اشخاص بدم بارد، ثانيًا وضع رصاصة في جُمجُمتك رحيمٌ جدًا لشخصٍ قذر مثلك، السجن ارحم بكثير .. خططت لشيء آخر في عقلي. "
نظف جميع الاسلحة الموجودة و الاشياء التي لمسوها حتى تاكد ان جميع البصمات قد مُحيت تمامًا، قبل ان يعود ليجعل كل فردٍ منهم يمسكها لتُطبع بصماتهم اخذ جميع هواتفهم و استبدلها باخرى مِن حقيبته اضافة لوضع مذكرة في جيب فرانس ... طبعًا كلا الرجلين الآخرين كانا قد فقديا وعييهما بعد ان اصيبا بطلقٍ ناري بدقائق نتيجة لكمية الدماء التي خسِراها ... فرانك الوحيد الذي كان مستيقظا.
فتح وثاقيهما ليرمي احدهما في زاوية و الآخر ابعد منه بقليل لكن بجانبه.
" انتهت النزهة .. حان وقت نومك. "
جلب دواء ليضعه في قماشة بيضاء ثم خدر به فرانك بقوة كادت تكسر فكه تقريبًا .. لكن في النهاية فقد وعيه هو ايضًا.
" اممم اكره ازعاجك ، لكن ماذا ستفعل ؟"
" اثنان في عملية تجارة مخدرات حيث الثالث خدعهم و هرب بعد ان اطلق النار عليهم. "
" و كيف ستؤكد كلامهم عندما يستيقضون !؟"
" لا تقلقي وضعت في الهواتف هذه جميع الرسائل و جميع الحسابات المشبوهة و احدها توضح تهريب فرانك لخارج البلاد. لا احد سيصدقهم و سيحاكمون بالسجن ... اضافة الى انه ليس لديهم اي دليل على كلامهم حيث ماريآن في المنزل حاليًا و يوجد اكثر من شخصٍ ليشهد ذلك .. و انتِ هذه الليلة بقيتي في منزلي بعد ان تشاجرتي مع عائلتك. "
" ماذا عن الذي تركته يهرب ؟"
" انهم مجرمون .. لن يتدخل ثقي بي لا احد يريد سجن مؤبد. "
" و فرانك ؟"
" لن اقتله ... بل سارميه مقيد في مكانٍ مغلوق فيه ماء فقط و انتظر حتى يموت مِن الجوع بعد ان ينفذ منه الماء. "
" و ........ بعدها ؟"
" احرق جثته في مكانٍ بعيد جدًا ثم سارمي رماده في المحيط. "
ضنت انه يمزح .. لكن مع الاسف تعابيره كانت جادة جدًا اثناء الحديث ! فكرت بالفرق بين قتله و تعذيبه للموت ...
" اكره ان اقاطعك .. لكن انت ستقتله. "
" لا، هو تقنيًا سيموت من الجوع .. هنالك فرق. ثم بانني ساقفل الباب فقط ! ..... فربما الله يعثر له على طريق ان كان يريد نجاته. " قال بِشر ..
هذه المرة الاولى التي ترى الجهة الشيطانية منه ....... وقد قررت موقفها.
" اجل انت محق، سنعود بعد شهر فربما ينجو .. من يعلم !؟ " انظمت له
" الآن تفهمينني .. هذه هي الروح. "
قال بملامح راضية ريثما يحمله على ظهره لتقوم كلاريس بلحاقه .. وقد اتضح بانه يوجد بابٌ آخر مِن الخلف ليخرجوا منه ... كان هنالك سيارتان، اخذ احدهما كونهم سيفكرون بان الرجل الثالث اخذها.
" بالمناسبة لمَ لم ياخذها الرجل الذي هرب للتو ؟"
" عندما اتينا الى هُنا رأيتُ ثلاثة .. لذا لابد انه قد اخذ سيارته بالفعل. "
" فهمت. "
" كلاريس انتظريني قليلاً. "
قال بعد ان وضع فرانك في الجزء الخلفي للسيارة الكبيرة السوداء و التي لحسن حظهم مُظللة ايضًا، دون ان ينسى ربطه في حال استيقض بمعجزة كالاموات الاحياء.
" اركبي في الامام ريثما اعود. "
لم تنتظر ان يقولها مرتين كونها خائفة مِن الظلام و الغابة اكثر مِن اي شيء .. فهي مظلمة لدرجة انها تخيلت عدة اشخاص يحدقون ناحيتها من وراء الاشجار.
دخلت و اغلقت الباب املاً ان يعود سريعًا ... و بالفعل دقائق حتى رأت النيران تشتعل من الطابق الاعلى و كايدن قد ركب بجانبها ليشغل المُحرك.
" لمَ حرقت الطابق الاعلى ؟"
" لسببين .. اولاً مؤكد لا تتوقعين مني تنظيف جميع اثارنا فوق ! و ثانيًا هذا سينذر الشرطة عنهما. "
" انا ادين لك بالكثير بالفعل ... اخشى ان اموت ولن استطيع تسديد لك كُل هذا يومًا. "
شغل المُحرك بالمفتاح الذي عثر عليه من اغراضهم التي اخذها جميعها و استبدلها باخرى.
" فقط انسي هذه الليلة و ستساعديني جدًا "
بقي الهدوء سيد المكان ريثما يبتعدون عن هذا المشفى المشأوم، متوجهين نحو بلدة مانسفيلد ( Mansfield) في شمال وسط بنسلفينيا ... لتقرر كلاريس قطع الصمت.
" كايدن الى اين سنذهب ؟"
" بيت المزرعة ... انه مُسجل باسمي بعد والدي ولا احد يأتي اليه نهائيًا ... اضافة ان فيه غرفة سرية تحت الارض. "
" جيد .. "
" هل يُمكنُني سؤالكَ/سؤالكِ شيء__"
قال اثناهما بنفس الوقت ليتبادلا الابتسامة
" انتِ ابدأي اولا .. "
" لا انت ابدأ. "
" حسنًا ..... اعذري تطفلي لكن ما الامر الذي كُنتِ تندمين عليه ولم يقله فرانك ؟"
في النهاية السؤال بقي في عقله ولم يخرج مِنما اجبرها بان تجيبه ... فهي تدين له بذلك بعد هذه الليلة.
" انه حقًا امرٌ سخيف .."
" كان يعني لكِ شيئًا لدرجة انه اخذ تسع سنوات من حياتكِ ندمًا عليه ... "
كان مُحقًا .. انه امر سخيف لكن يعني الكثير لها.
" الحقيقة هي .. عِندما .... عِندما حدث الامر قبل تسع سنوات، لَم اقاوم كثيرًا ... بل في الواقع لم اقاوم على الاطلاق. لذلك الامر علق في ذهني لفترة."
لم ترى ردة فعله لان نظرها كان موجهًا نحو يدها .. رغم ذلك لم يتحدث .. ولا بكلمة ، مما دفعها نوعًا ما لتقول المزيد.
" قال بانه سيقتلني .......... و قد خُفت. "
نظرت له اخيرًا عندما اوقف السيارة فجأة على جانب الطريق ليركز نظره نحوها تماما معطيها تركيزه الكامل.
" حسنًا .... ساقول هذا مرة واحدة و اريدُكِ ان تركزي على كلامي جيدًا. "
" كُنتِ مجرد طفلة، وليس مِن المفترض ان تكونِ واعية او ان تتعاملي كالبالغين .. الاطفال هُم اطفال لانهم مخلوقات بريئة في مرحلة التطور عقليًا و جسديًا. مِن الطبيعي جدًا و لاقصى درجة ان تخافي ... جديًا لا تتوقعين من فتاة في ... الماذا الثامنة !؟؟ لا تتوقعين منها ان تطور ردة فعل !! "
ابتسمت قليلاً كونها سمعت شخصًا يقول لها ان الامر لم يكن خطأها اخيرًا ! .. صحيح انتظرت تسع سنوات لكن على الاقل اخيرًا و بعد انتظار استمعت لاحدٍ يطمأنها ان ذلك لم يكن خطأها.
" انا لا اصدق حتى انكِ جادة بشان الامر !"
كانت لاتزال تحدق بيدها وهي تبتسم ابتسامة صغيرة ليقوم فجأة برفع وجهها بانامله
" رجاءًا اخبريني بانكِ عقلتي الآن .. "
اتسعت ابتسامتها اكثر لتهز رأسها بعلامة موافقة
" جيد. "
ضنت ان صدمات هذا اليوم قد انتهت ... لكن على ما يبدوا كانت مخطئة فقد امال ليطبع قبلة على خدها، ثُم شغل السيارة و تابع طريقه بهدوء ريثما هي مُتجمدة في مكانها وقد ازداد اصرارها على سؤاله الآن ..
" كايدن انت لا تبدوا مِن النوع الذي قد يثق بسهولة ولا مِن النوع الذي قد يفعل كل هذا لفتاة شبه غريبة نوعًا ما ليكوّن معها هذه الصداقة بفترة قصيرة .... فهلا رجاءًا اخبرتني لمَ قررت هكذا فجأة ان تبدأ هذه الصداقة الغريبة بيننا ؟؟"
كيث صديقه مُنذ الطفولة ... لكنه لا يسمح له بلمسه او بمناداته باي اللقاب، فما الشيء الذي جذبه لها بهذا الشكل المفاجئ !؟؟ الآن فقط تلاحض ان وجوده معها في اسوء اوقاتها لم يكن صدفة بتاتًا ..
" في الواقع الامر مُعقد .. "
" انا استمع .. لدينا طريقٌ طويل حسب علمي. "
" سابدأ مُنذ البداية اذن ... "
هو بدوره يعرف جيدًا انها ستتركه فور ان تشعر بامرٍ خاطئ او بِشك او خوف تجاه نواياه من كل هذا .. و في هذه المرحلة عليه اخبارها الحقيقة حتى لا يبدوا كاذبًا و تزداد شكوكها حوله.
" في اول يومين تكلمنا لم اكن ازيف ذلك .. كُنت حقًا مُهتمًا بمجال عِلم النفس كما انكِ بديتِ شخصًا جيدًا كفاية فقد استمعت لمعضم احاديثكِ مع الآخرين صدفة في الحصص و استراحات الغداء و اكتشفت انكِ لستِ مزيفة كالاغلبية. لهذا لم اجد امرًا خاطئًا باتخاذك صديقة __"
" ثُم اتيتِ في يوم آخر مُتأخرة عن الحصة الاولى و مُضطربة جدًا عن المعتاد ، تتفحصين هاتفكِ باستمرار ... لهذا عرفت ان هنالك امرًا خاطئًا. "
اكملت له جملته بسخرية لكن بمزاح
" و بدل سؤالي كالاشخاص الطبيعيين .. قررت تتبُعي ؟؟"
" بالطبع لا .. فانا لا اهتم لهذه الدرجة عادة للاشخاص ولا لحياتهم الخاصة. "
اصيبت بالاحباط نوعًا ما .. لكن احبت معرفة الى اين سيؤدي هذا، فهو محق حتى الآن .. في اول يومين كان تعامله طبيعيًا جدًا معها ... لكن بعدها اصبح الشخص الوحيد الذي يهتم لها فجأة !
" بعدها في نفس اليوم .. عُدت للمنزل لاجد قريبي ؛ ابن عمي الآخر في المنزل، كان يبدوا مُستمتعًا بوقته و هو يقول بانه يهدد احدى الفتياة على الهاتف .... شككت بالموضوع ، لكن بعد فترة كُنتِ تبدين اسوء و اسوء فقط .. لهذا شككت بالامر و سحبت الهاتف من يده لاتحقق من شكوكِ. "
" رجاءًا لا تخبرني هذا المجنون يكون قريبك ... "
" انه بالفعل قريبي لكن لسنا مقربين للدرجة التي تتخيليها، فهو احمق كما قُلت ... المُهم اجبرته بطرقي الخاصة ان يسلمني المذكرات و الصور اضافة الى المفتاح __"
سمع صوت سيارات الشرطة و الاطفاء مِن مسافة بعيدة جدًا حتى كاد الصوت يختفي ... لحسن الحظ ابتعدوا كثيرًا ولا يوجد كاميرات مراقبة في هذا الطريق ليروهم مبتعدين عن المكان.
" لَم استطع منع نفسي و جلست الليلة باكملها اقراء المذكرات ... و ان لم اكن مخطئًا حسب ترقيمكِ لها ... قراءت قرابة الاربع مئة و خمسين صفحة، لا استطيع شرح الامر ....... لا اعلم فقط شعرت باننا ترابطنا روحيًا و كانني عشت حياتكِ معكِ، خاصةً اننا مررنا بالكثير من المواقف و المشاعر المشابهة و افكارنا ايضًا متشابهة اكثر مِن ما تعتقدين ... انتِ فقط تحتفظين بآرائك لنفسك و انا اظهرها للجميع دون خوف مِن التعرض للمهاجمة. "
" اذن باختصار تقول بانك اصبحت مقربًا مني لانك جربت حياتي باربع مئة و خمسين صفحة ؟ "
" تقريبًا اجل .. " ضن انها ستنفجر عليه او تستاء من كونه يفعل ذلك بعد قرآءة مذكراتها وليس لانه اخذ الوقت ليتعرف عليها ... مع هذا ضنه كان خاطئًا على ما يبدوا.
" انت محق نحن حقًا نتشابه كثيرًا. "
لم يفهم ماذا تقصد بالضبط .. اي لا يعتقد بانها قراءت مذكراته كونه لا يمتلك واحدة اساسًا !
" كيف ذلك ؟"
" انت شعرت بانك مقرب مني بعد ان قراءت مذكراتي ... دون ان اخبرك بشيء، الاسرار في المذكرات هي ما تجعلك تشعر بانك تفهمني و تحتاج لتكون بجانبي .. و انا ايضًا لدي هذه الحالة الغريبة__"
" فاقوى علاقة بالنسبة لي .. هي تلك التي تتشارك الاسرار ؛ لان هذا يمثل معنى الثِقة الحقيقية بالشخص الآخر دون ذرة تردد. "
" سعيدٌ جدًا انكِ تتقبلين الامور بهذه السهولة. لا احب ردات الفعل المبالغ بها. "
" بالفعل، لا تستطيع الحصول على ردة فعل مني بسهولة. "
الطريق كان هادءًا .. و شبه فارغ مِن السيارات الاخرى فهو مُنتصف الليل، ولا مجنون غيرهم سيقود من مدينة لاخرى في هذه الساعة.
مانسفيلد كانت على بُعد ساعة واحدة و عشرين دقيقة منهم .. لكنها مدينة اصغر مِن مقاطعة كلينتون ( clinton) التي تعيش فيها، .. اصغر بكثير.
" نامي قليلاً حتى نصل .. لقد كانت ليلة طويلة."
" مُتأكد !؟ ماذا ان حصل شيء ؟"
" لا شيء سيحدث ، و ان حدث سايقضك لا تقلقي."
" حسنًا. "
اعادت رأسها الى الوراء لتسترخي ... حالما اغمضت عينيها بدقائق وقعت بنومٍ عميق، انه محق في النهاية .. فالتعب تمكن منها.
.
.
.
...
تقلبت بِتعب الى الطرف الآخر ريثما تحتظن شيء ناعم امسكته عشوائيًا .. استعادت وعيها بعد ان تذكرت فورًا احداث الليلة الماضية، هل يا ترى كُل هذا كان حُلم !؟؟
لكن لحظة ... سريرها ليس ناعِمًا لهذه الدرجة !، فتحت عينها اخيرًا تنظر في ارجاء الغُرفة .. كانت متوسطة الحجم، كلاسيكية باللون الابيض و الاسود .. بقيت تنظر الى ما مِن حولها لفترة طويلة قبل ان تنزل مِن السرير اخيرًا، عثرت على ثياب سوداء مطوية على الكُرسي بجانب سريرها، لتاخذها متوجهة نحو باب الحمام المفتوح قليلاً في الغُرفة ..
اذا كان توقعها صحيح فلا بُد انها في منزل كايدن، كونها حسب مخططه تشاجرت مع اهلها لتبقى معه !
وقفت تحت المياه في الحمام محاولةً لازالة جميع ذكرياتها عن هذه الليلة السيئة .. إضافةً الى اسألتها عن فرانك. فلا بُد ان كايدن اعتنى بِكُل شيء و اعادهم الى كلينتون، لا داعي مِن التفكير به اكثر.
انتهت بعد فترة لتجفف جسدها باحدى المناشف البيضاء في الحماء، و ارتدت ثياب كايدن السوداء .. لَم تبدوا مُختلفة عليها باي طريقة لانها دائمًا ما ترتدي ثياب عريضة و طويلة في المنزل ! .. و بعد التفكير ثيابه مريحة حقًا.
خرجت مِن الغرفةِ اخيرًا لِصُنع الفطور، تكره التطفل على الآخرين او التجول في المنزل دون اذن .. لان الآخرين ايضًا لديهم خصوصية و هذه ستكون وقاحة منها، لهذا قررت البقاء في الصالة ان وجدتها او المطبخ.
مع هذا وجدت انه ليس مِن الضروري ان تصنع شيء لان المائدة كانت جاهزة بالفعل مع مُختلف اصناف الطعام .. بالاضافة الى مزهرية ازهار جميلة جدًا في المنتصف .. تبدوا و كانها قُطعت حديثًا.
علمت ان هنالك امرًا خاطئًا ... فلا تعتقد ان كايدن سيضع ازهارًا في منتصف المائدة .....
" استيقضتِ اذن ؟ .. صباح الخير. "
استدارت لذلك الصوت الرقيق لتجد امراءة جميلة جدًا تنظر اليها بابتسامة صغيرة دافئة .. كانت ترتدي فستانًا ازرق .. لكن كلاريس لاحضت بان هنالك امر في نظراتها تتشارك به مع كايدن، انها نفس الملاح الغامضة التي يصعب قرآءتها.
" صباح الخير ... لابد انكِ عمة كايدن صحيح ؟" قالت هي ايضًا بابتسامة لطيفة
" اجل صحيح، انا متفاجئة انه اخبركِ عني صراحةً."
اقتربت مِنها اكثر لتقطع المسافة بينهما .. لكن ليس لدرجة غير مريحة،
" بالطبع !، اخبرني الكثير عنكِ .. هو يتحدث عنكِ طوال الوقت. " هذا كان صحيحًا ففي الكثير مِن اوقاتهم كان يخبرها عن شخصيتها و الاشياء التي يحبها فيها و التي لا ..
" انا سعيدة لهذا .. فهو عادةً كتوم و متحفظ جدًا."
اقتربت مِنها لتحتظنها بشكلٍ مفاجأ كترحيب دافئ.
" اهلاً و سهلاً بكِ في منزلنا كلاريس. "
هذا كان ترحيبًا جميلاً ... شيء في عمته غريب، فيها مزيج مِن العقلانية و العاطفية معًا. متشابهان جدًا رغم ذلك ..
" شُكرًا سيدتي. " قالت بعد ان تركتها
" رجاءًا ... ناديني تونيا. "
اسمها كان جميلاً مثلها .. تبدوا حيوية جدًا، كون الساعة التي على الجدار تشير الى الثامنة صباحًا.
وعندما استيقظت كلاريس كان الفطور مُجهز بالفعل على الطاولة ..
جلستا معًا على الطاولة لتضع عِدة اشياء مِن المائدة في صحنها ..
" كلاريس هَل تُحبين عصير الجَزَر ؟"
" اجل كثيرًا. " البعض قد يتعجب من الامر .. لكنه حقًا خفيفٌ كثيرًا، حلو بشكلٍ عادل و فقط رائع.
" هذا امر رائع، رغم فوائده ليس الكثير مَن يحبه .. دعيني اسكب لكِ قليلاً. "
اخذت كأسها و سَكبت لها الكثير مِنه .. في الواقع المائدة ليست مِن النوع الكبير جدًا، بل هو مُستدير لهذا وصلت لكأسها بسهولة.
انتبهت ايضًا الى ان السُكر غير موجود على المائدة نهائيًا ... بدلاً منه هنالك اوراق في صحن تاخذ منه تونيا و تضعه في كوبها.
" عُذرًا على التطفل لكن ما هذا ؟"
اضاء وجهها فجأة لتاخذ واحدة وهي تقدمها لها
" انها ورقة نبات الستيفيا .. استخدمها بدل السُكر القاتل، لانها مفيدة اكثر. خُذي جربي واحدة !"
اخذتها مِن يدها لتضعها في فمها .. و بالفعل انها حلوة كالسكر تمامًا،
" انها حلوة جدًا !"
بدأت تونيا تشرح لها عن الاعشاب الطبية التي تهتم جدًا لزراعتها في الحديقة الخلفية ... ففي الامامية ازهار و اشجار، و في الخلف تزرع الاعشاب الطبية و جزء آخر مُخصص للفواكه و الخضراوات ..
ثُم تطور الكلام لتخبرها عن الطعام الذي يتلاعبون به كيميائيًا ليقتل خلايا الجسم البشري .. مِن السُكر للفواكه و لجميع الطعام في الاسواق ، ثُم اخبرتها عن اكتشاف السري لعلماء اكتشفوا طريقة لعلاج جميع الامراض البشرية حتى السرطان ؛ عبر امواج صوتية محددة تدخل لتعالج خلايا الجسد .. و الحديث استمر عن عدة امور علمية ..
" امي توقفي عن زرع افكارك الغريبة في عقل الفتاة."
ظهر كايدن اخيرًا بعد ساعة اخرى ليقوم بالجلوس معهم وهو يأخذ عدة امور لصحنه، لكن يبدوا بان القوانين لا تمشي عليه لانه صنع قهوة سوداء بل العصير و جلس يشربه مع الفطور.
" انها حقائق علمية، لكن الجميع يضنني مجنونة." قالت بتذمر و بيأس في نفس الوقت.
في الواقع لَم تجد كلاريس بان هذا هراء ... انها محقة في كُل ما قالته ، لكن كما تقول لا احد يصدق امور كهذه بسهولة.
" انا اتفق معها في الواقع، لديها حق في كُل ما قالته."
اكتشفت اخيرًا المختلف في تونيا .. منطقية و عاطفية لانها روحية اكثر مِن الاثنين، منظورها نادر جدًا و شخصيتها ايضًا.
" ارأيت !!؟ الفتاة منطقية اكثر منك. "
هز رأسه بعلامة نعم غير قادر على مناقشتها اكثر لانه يأكل .. مما كان مُضحكًا نوعا ما لكلاريس فردة فعله كانت فقط لطيفة جدًا
لا تنكر انها توقعت استيقاظه في منتصف الظهيرة وليس التاسعة صباحًا !! فقد قاد ساعتين ذهابًا و عودة مِن مدينة لاخرى .. اضافة الى جميع خططه و ما فعله الليلة السابقة ليتخلصوا من الاربعة.
" الست مُتعب ؟ "
" اجل جدًا ... فالاحتفال امس قتلني تقريبًا، هذه آخر مرة اقرر الذهاب لمنزل ذاك المجنون .. "
فهمت كذبته لتونيا .. لكن لم تفهم عَن مَن يتحدث.
" كيف حاله ؟ .. ربما يجب ان تستدعيه الى هُنا لطعام الغداء اليوم، فلابد انه يشعر بالملل لقضاء عطلة عيد الشُكر بمفرده. "
تذكرت كلاريس اخيرًا بعد قولها لهذه الجملة بانه عيد الشُكر .. اي لا مدرسة لتسعة ايام اذا اضفنا السبت و الاحد كعطلة.
" اوه اجل ...... سيحب ذلك. " قال كايدن بابتسامة شيطانية ريثما يخطط لامر جديد ..
و هُنا كلاريس تسائلت ان كان هذا هو نفس الشخص في عقلها.
" لمَ لا نتصل به الآن !؟"
فتح هاتفه ليدخل رقمًا ما، ثُم فتح مُكبر الصوت ليستمعوا له هُم ايضًا ... مرت الدقائق حتى اجاب اخيرًا على الهاتف.
" ماذا تريد مني مُنذ الصباح الباكر بحق الجحيم !؟؟" قال صوتٌ وقح .. لكن مألوف بطريقة ما
" اخرس، امي تسمعك. "
وجدت مناداته لها بأمي ظريف لاقصى درجة ..
مع هذا ركزت على صوته الحقيقي على الهاتف لانها اول مرة تسمعه.
" اهلاً تونيا !" قال مغيرًا لنبرته الوقحة لتصبح اكثر حيوية
" اهلاً ...... مارك."
كلاريس تجمدت في معقدها ريثما كايدن انفجر بالضحك الهستيري دون انذار .. مما دفع تونيا ان تنظر باتجاهه باعين متسعة كون هذا يحدث نادرًا،
اما كلاريس انشغلت باستيعاب المعلومات ..
" ماذا !!؟؟، .. ماذا فَعَلتَ هذه المرة !؟"
" ستعرف قريبًا."
ارادت كلاريس قول شيء ... لكن هذا سيخرب فرصة رؤيتها له، مِن الافضل ان تنتظر قدومه و سيتفاهمون ...
" على اي حال، .. امي تدعوك يا حثالة لتاتي الى هُنا على الغداء. "
" اممم .. رغم ان ضحكتك الشيطانية لَم تعجبني ؛ لكن لابأس سآتي. "
" انتظرك على احر مِن الجمر. " قال بسخرية
اغلق الخط قبل ان يتمكن من سؤاله عن ما يقصده .. ريثما يتشارك النظرات مع كلاريس و كانه يسألها عن رأيها،
" كايدن لقد نفذت مِن عندنا عدة اشياء .. هل تستطيع الذهاب لجلبها مِن السوق ؟"
" حسنًا، كلاريس تاتين معي ؟"
" اجل. "
نهضت لتنظر الى نفسها فورًا ... فهي لا تستطيع الذهاب هكذا !
" ارتدي بنطالكِ فقط، و اتركِ شعركِ مفتوحًا .. لا احد سينتبه. "
هو محق .. فالجو بارد بالفعل، نفذت ما قاله بسرعة لتخرج معه بسيارته الى اقرب متجر في المنطقة .. حيث منطقتهم منعزلة قليلاً عن الآخرين.
بقي الهدوء سيد المكان حتى اعطاها نظرة سريعة ليلمحها
" لماذا. " قالت اخيرًا بعد ان نفذت منها جميع الافكار عن سبب فعله لذلك.
" لماذا فعل ذلك !؟؟"
ابتسم بهدوء ريثما يركن السيارة بجانب المتجر التجاري ..
" لقد اهنتيه امام الجميع، .. عندما دفعتيه عن كايل امام الجميع ولم يستطع ايذائكِ لانه مُعجب بكِ نوعًا ما. "
نزل غير سامحًا لها باكمال سؤالها لتنزل هي ايضًا تمشي بجانبه،
" و ماذا يتوقع سمو الامير !؟؟ لقد كان يتنمر على كايل !"
اخذ عربة ليقف اولاً في قسم البهارات يبحث عن الاسم الذي في القائمة ..
" هذا ما رأيتهِ انتِ. "
" ماذا تقصد !؟" قالت بعد ان مدت يدها بسهولة نحو الاسم المطلوب لتضعه في العربة.
" الليلة التي تسبق ذلك اليوم، كايل تحرش باخت مارك في حفلة اقامها مارك بمنزله !! ... و قد اخبرته ثاني يوم. لهذا كان غاضبًا جدًا عندما عَلِم. "
كلامه منطقي في الواقع .. فهي لَم ترَ مارك يتنمر على اي احد سابقًا، و الدليل انه عندما تدخلت حذرها ان تبتعد عن كايل حتى لا يؤذيها.
لكن على ما يبدوا فيه شَر كافي ليقرر الانتقام منها لاحراجه امام الجميع و الوقوف بوجهه للدفاع عن عدوه.
" لسوء فهم ... اراد ادخالي للسجن !؟؟"
" لا، لَم يكن يخطط لفعل شيء جدي ابدًا ... كان يعبثُ معكِ فقط لرؤية كم تتحملين تحت الضغط، ... لم يتوقع ابدًا ان يدفعكِ لمرحلة ايذاء نفسك. "
" لهذا توقف ؟"
" اجل لهذا توقف .. "
اذن في النهاية هدفه لَم يكن ايذاءها بل رؤية الى اي مستوى قد تتحمل .. هذا لايزال لا يبرر افعاله، فاذا قطعت شريانًا بالخطأ تتسائل ما ستكون ردة فعله.
" و انت ؟"
" انا ماذا ؟"
" لا تتصرف ببرائة، مارك ليس خبير اجهزة .. انت الهكر في العائلة وليس هو."
ابتسم بعد ان كشفته مِن جديد .. عليه الاعتراف بانها تركز جيدًا على التفاصيل.
" رقمُكِ جلبه بسهولة مِن كولن الذي حصله مِن صديقتِك. و بالمناسبة لقد قرصنت جهازها لانها مَن احتضنتكِ في اول يوم و سحبت المفتاح مِن عنقك تحت طلب كولن الصديق المقرب لمارك."
" ايملي مَن سرق المفتاح !؟؟"
" اجل، المهم بعدها كما قُلت فورما علمت بالموضوع اخذت الهاتف مِنه و بدأت بمراسلتكِ بدلاً عنه ... وفعلت ذلك حتى انبهكِ فكيث ايضًا كان قلق جدًا و عندما علم باننا في نفس المدرسة اخبرني ان ابقي عين عليكِ بعد ان شرح لي ان فرانك يستهدفك و قد خرج من السحن حديثًا. "
" و ماذا عن الذي تهجم على إلياس و زيرا ؟"
" تلك الليلة كان فرانك قد اتى للمدينة ... لهذا عندما بقيتي بمفردكِ في المنزل قلقت و قررت ان ابعدكِ عن المكان، زيرا لسوء حظها شعرت بالتعب لتقرر التوجه نحو المنزل بمفردها دون اذن مِن احد __"
سحب عُلبة قهوة دون تردد مِن الرف .. لاحضت كلاريس انه يشرب الكثير مِنها ، لكن فضلت ان لا تتدخل فهذه حياته و هو يعيشها و يفعل ما يشاء لا حق لها بفرض رأيها عليه.
" فرانك رآها قرب المنزل اعتقد بانها انتِ و تهجم عليها، لسوء حظ هذا الآخر إلياس كان يلحقها عندما انتبه انها اختفت .. و حاول مساعدتها دون علمه ان فرانك جلب اكثر مِن شخص معه ... عِندما استوعب اخيرًا بانها ليس انتِ، كسروا عظامهم و غادروا على امل ان يموتوا. هذا ما رآته زيرا ... و اعتقدت بانه احد اعداء والدها.
حمدًا لله فقط انني اخذتكِ لمدينة اخرى حتى لا يجدكِ."
" واااه ، كُل هذا مِن اجلي !؟ اشعر و كانني سابكِ." قالت بتفاجأ كونها لم تتوقع انه فعل كل هذا لسلامتها مع كيث الذي حذره من البداية
ابعد نظره عن المنتجات المختلفة ليركز على عينيها تمامًا .. تعترف ان شعورًا غريبًا جرى في داخلها لتحدق ناحيته بدورها في انتظار ان يقول شيء، فهدوءه الآن يربكها قليلاً ..
" هنالك اشخاص يحبونكِ و يخافون عليكِ اكثر مِن ما تتوقعين .. عليكِ فقط النظر بالاتجاه الصحيح."
" كاي ... "
" ماذا ؟"
" كُف عن لطافتك فهذا كثيرٌ علي لاتحمله، "
تابع طريقه في المتجر وهي تلحقه بعد ان انتهوا من نصف الاغراض.
" ادلِلُكِ فقط، ضننت ان هذا امر جيد. "
" انه بالفعل امر جيد لدرجة بانني بدأت اشك ما الامر الجيد الذي فعلته بحياتي لتظهر لي، ... انا اخاف ان افرح و تاتي حافلة لدهسك من العدم. "
قهقه قليلاً على افكارها " مَن يعلم، طُرق القدر غريبة. "
.
.
.
انتهت تونيا تقريبًا مِن المائدة .. هذه المرة كانت الطاولة كبيرة في منتصف غرفة المعيشة، كايدن و كلاريس كانا يساعدانها بوضع الاطباق و الملاعق قبل ان يَدُق جرس المنزل مُعلنًا عن وصول احدهم ..
قفزت كلاريس مُصرة ان تفتح الباب بنفسها، اقتربت منه لتفتح القُفل وهي تنظر تمامًا الى مارك المسترخي .. و الذي تعثر ايضًا بحافة الباب ما ان رآها،
" اهلا ... كُنت في الانتظار سيد مجهول !" قالت بنبرة عالية و ساخرة منه،
اما هو توتر ليبدأ بالضحك وهو يفكر بشيء ما في هذا الموقف ..
" آه .... نسيت شيء في السيارة. "
سحبته مِن قميصه بقوة ليدخل غير سامحة له بالتوجه الى اي مكان،
" يستطيع ان ينتظر ريثما نتفاهم. "
اغلقت الباب ورائه و اقفلته حتى اصبحت تحاصره تمامًا دون مهرب له ..
" اذن ... امسكتُك متلبسًا. "
صمت تمامًا يترقب اي حركة منها .. فهو يعلم بانها تعرف كيف تُقاتل اضافة الى ان كايدن علمها عدة امور اضافية قبل فترة.
" استطيع ان اشرح .."
" اعرف كُل شيء بالفعل ... لا اريد كلامك." قالت بتلاعب.
" اذن ...... ماذا تريدين ؟" الموقف جعلها تريد الضحك بقوة فهي تحاصر شابًا خائفًا منها ، اضافة الى انه يسألها عن ما تريده هي ! جديًا ... ماذا قد تريد من الحياة اكثر من هذا !
" امممم .. دعني افكر. "
ابتعدت عنه قليلاً فقط ليسترخي نوعًا ما .. لكنه لايزال يراقبها بحذر،
" اركع امامي و اعتذر. " قالت بغرور و تحكم ريثما ترفع راسها الى الاعلى.
في البداية كان مصدومًا من طلبها .. لكن بعدها ابتسم ابتسامة واثقة كعادته،
" امركِ ملكتي الجميلة. "
ركع على إحدى قدميه امامها ليقوم بسحب احداها يديها بِخفة ،
" هَل يُمكن لصاحبة الجلالة الجميلة و الرائعة ان تسامحني رجاءًا ؟ اعتذر عَن كُل دمعة نزلت بسببي و على كُل الخوف ايضًا. "
شعرت بالغرور يمشي في داخلها اكثر اضافة الى شعورٍ بالرضى لجعله يركع امامها على دموعها التي نزلت بسببه.
" افففف لابأس .. اسامحك لانك توسلت."
" يالَ قلبكِ الكبير مولاتي. "
طبع قُبلة خفيفة على سطح يدها، لتحمر خدودها قليلاً ... فلا تصدق انه حقًا فعل ذلك لتسامحه !
نهض بعدها مِن على الارض .. مشت عدة خطوات باتجاه غرفة المعيشة لكنه اوقفها فجأةً ليعيد سحبها .. لكنه حافظ على المسافة.
" لحظة شيء آخر .."
اعاد سحب ذراعها لكن بِلطف حتى لا يؤذيها، ثُم تحت صدمتها مِن الذي يفعله .. ابعد اكمامها الطويلة لتظهر الندوب على ذراعها بشكلٍ واضح للغاية ..
الدماء تدفقت لوجهها و توقفت عن التنفس تقريبًا
" و هذا اعتذار آخر لتسببِ بايذاءك. "
طبع قُبلة خفيفة اخرى على الجروح في ذراعها، ازدادت دقات قلبها .. فهذا امر خاص للغاية بها و هو قد قبل جروحها للتو !!
اعاد انزال اكمام قميصها ليعطيها ابتسامة كبيرة لطيفة ..
" اصدقاء ؟"
مِن خجلها لم تستطع التفكير بما قاله حتى لتهز رأسها فقط بعلامة موافقة ثُم غادرت مُسرعة عودةً الى غرفة المعيشة ...
لكن و كأن هذا لم يكن كافيًا لقتلها .. كايدن كان يراقبهما مِن الممر وقد تعكر مزاجه لسببٍ ما ..
" يكفي دراما انتما الاثنان، هيا الى المائدة."
غادر دون حتى ان يعطيها نظرة ثانية لتتبعه مع مارك. ريثهما هم جالسون تاكدت كلاريس من شيء واحد .... مارك متلاعب مِن الدرجة الاولى ولا تستطيع الوثوق به لان لغة جسده كانت تدل على الانتصار و الغرور، اي فعل ذلك فقط ليربكها و يجعلها تسامحه.
مر باقي اليوم بشكلٍ طبيعي اذا استبعدت نظرات كايدن المزعوجة و الباردة كُلما تكلم مارك معها بودية، ثُم اتصلت بها والدتها اخيرًا يبدوا انهم انتبهوا ان هنالك شخصًا مفقود.
اخبرتها انها في منزل صديق لها، و عندما صرخت بوجهها كيف تبقى مع شاب لا تعرفه في نفس المنزل بمفردهما اخبرتها بانهم ليسوا بمفردهم ثُم اغلقت الخط بوجهها، حتى تُشعرها بنفس الغضب الذي شعرت به عندما تذكروا انه ربما قد حدث شيء لاحد كان يعيش معهم بما انها لم تعد في اليوم الثاني مثلاً ..
...
اما الآن فهم جالسين في الصالة لمشاهدة فيلم، كايدن كان يجيبها بكلمات مختصرة كُلما سألته عن امر ... حتى انه لم ينظر باتجاهها، و بعد ان انتهى الفيلم اخيرًا شغل فلمًا آخر و كانه يعذبها بشكل متعمد بتجاهله لها !
" حسنًا اعذروني لقد تعبت جدًا هذا اليوم، ليلة سعيدة. " قالت تونيا بتعب ليتمنوا لها ليلة سعيدة ثُم ذهبت الى غرفتها ..
بقي الهدوء سيد المكان لفترة و صوت الوحيد صادر من التلفاز .. كايدن ليس من النوع الذي يتقبل التجاهل بشكلٍ جيد ابدًا .. فهو دائمًا ما يحب ان يكون في مركز الاضواء حيث هو يتجاهل الاخرين وليس العكس ..
كلاريس متاكدة انه منزعج مِن تكلم مارك معها و تحديدًا مِن ما فعله صباحًا لهذا قررت ان لا تختبر صبره و تحاول ان تتركه ليهدأ قليلاً ..
مع هذا لم تستطع منع نفسها مِن الاقتراب منه لوضع رأسها على كتفه، ربما يكون امرًا غير ملائم بتاتًا رغم ذلك لا تعتقد انها تهتم لذلك ... فهو الشخص الوحيد الذي اهتم لها بِصدق و الذي ساعدها دون مقابل و ابقاها سليمة نفسيًا و جسديًا، لولاه في هذه الفترة لرمت نفسها مِن اعلى المبنى دون شك.
لهذا المسافة لا تهمها حاليًا، في الواقع اغلب الرِجال يحبون عِندما فتاة تضع رأسها على اكتافهم ... اولا لان هذا يعطيهم شعور بالسيطرة و ثانيًا لانه يُظهر مدى ثقتها به. و بالفعل كما توقعت نظرته مِن الحادة اصبحت اكثر رقة ليسترخي جسده ايضًا بعد ان كان مشدودًا.
" آسفة لاغضابك."
لم يستطع منع ابتسامته الصغير مِن الظهور .. لكن لايزال مُصرًا على ان لا ينظر لها.
" صدقيني لو كُنت غاضِبًا لجعلتُكِ ترغبين الموت في هذه اللحظة "
انه محق بشان ذلك، رأت بعينيها مخططاته بيوم واحد .. لا تريد رؤية كيف يبدوا كعدوٍ لها نهائيًا.
" آسفة لانزعاجك."
" مُجددًا لو كُنت مُنزعجًا منكِ لوجدتِ نفسكِ تبكين للصباح. "
حدقت به مِن قمة نظراتها وهي لاتزال نائمة على كتفه تنتظر ان ينظر اليها مِن جديد بِدفئ كما تعودت.
" اذن ... لمَ تتجاهلُني ؟"
" الم تخبريني ان اتوقف عن تدليلك و اعود لطبيعتي !؟"
" هذه طبيعتك ؟ "
" اها. "
" لقد غيرتُ رأيي، .. اعتني بي مِن جديد رجاءًا."
" لِمَ قد افعل ؟" قال بِكُل هدوء
لَم تعرف بِما تجيب هذا تحديدًا .. قلبها سيتكسر الى اجزاء ان قرر تركها الآن، تعلقت به بشكل غير طبيعي حتى لو لم تعترف له بذلك.
دون تفكير كثير مِنها اقتربت جدًا لِتُقبل خده .. تستطيع الشعور بِتشتته عن ما تفعله ، لكن ما ان ابتعدت عنه حتى نظر اليها اخيرًا لتبتسم له
" لانك اهم شخصٍ في حياتي، و لن احتمل خسارتك نهائيًا. "
كانت خائفة مِن ان يسخر منها او مِن ان يقول شيء جارح لها ... لكنه عكس توقعاتِها قام بسحبها اليه مِن جديد لكن هذه المرة ذراعيه ملتفة حولها مانعةً اياها مِن الهروب لاي مكان، قبل رأسها كاجابة
" سببٌ يكفي كفاية. "
" كاي هل ستبقى معي ؟"
" سافعل، .. طالما تريدين مني البقاء."
لا تعلم كَم بالضبط مَر مِن الوقت وهما هكذا .. لكنها في مرحلة ما اغمضت عينيها تاركةً ما سيحصل بعدها للايام القادمة ..
___________________________________________
مرحبا جميعا .. سيكون هنالك جزء اضافي قريبا !، شكرًا لقراءتكم 😊🌺❤
Коментарі
Упорядкувати
- За популярністю
- Спочатку нові
- По порядку
Показати всі коментарі
(1)
١٢) نهايةُ الماضي.
WwwwoooWww i really love them 😭💙
Відповісти
2018-10-01 13:03:07
2