Jekyll|جيكل
كيم جون ميون (سوهو)
بَطَل:
جيكل|| Jekyll
...
المملكة المُتَّحِدة- لَندَن
إنَّهُ آتٍ، كُن مُستعِد!
صوتكَ الذي يصرخ في رأسي يُخبرني أن ليلة مُرعِبة قادمة!
تحذير!
يركُض بين الشوارع ذات الإضاءة الخافتة، يركض ويركض.
لندن مدينة لا تنام، لكن الازِّقة المُظلمة في الأحياء الفقيرة تنام ليلًا؛ خوفًا من رُعب المدينة الجديد.
رَجُل أربعيني يركض ويبكي، يهرب من شيء يتبعه، ولا يدري لِمَ يتبعه، لكنه في النهاية قد دَخل دربًا مسدود، فإلتفت مُتأزِّمًا وصدرهِ مقبوض يبحث عن مُتعقبّه؛ لعلَّه لم يتقفّاه.
لكنه يرى من أول الزِّقاق ظِل رَجُل، هو الرجل الذي يتبعه، جمع الرجل كفّيه بتوسُّل ونبس مُترجيًّا.
"أبقي على حياتي أرجوك!"
لا يستطيع أن يراه، لا يدري من هو حتى، لم يُسبَق له أن رآه طيلة حياته، ولا يدري لِمَ الآن يتعقبه؛ لسحق حياته وسلبها منه، هو لا يملك مثل هذا العدو المُخيف.
"أنا ماذا فعلتُ لك؟
أنتَ من؟
أنا لا أفهم لِمَ تُلاحقني لتقتُلني!"
أضواء خافتة قادمة من الشوارع أظهرت الرَّجُل المُعتدي، إنَّهُ رَجُل مُعتدِل القامة، شاحب البَشرة، مُكتفٍ ببِنطال أسود وقميص بذات اللون، لكن القميص كُل أزراره مُتفتِّقة، ومن هُناك تظهر ربوع فِتنة لإغواء السيدات؛ إذ أن عضلات صدره وبطنه مشدودة كما لو أنه رياضي أو فنان مشهور حريص على مظهره.
إقترب الرَّجُل من الخائف رويدًا رويدًا، تبسَّم حتى بانت نواجذه المُتلألئة ورفع حاجِبًا، لم تَكُ إبتسامته لطيفة بل مُخيفة، كما أن أسفل عينه اليُسرى هُناك نُدبة عميقة وعريضة تُحيط جِفن عينه السُفلي.
لذا رُغم معالم وجهه الوسيمة؛ بدى مُرعِبًا.
أخرج من جيبه سكّينًا، ثم اقترب من الرَّجُل يقول.
"سأقتُلك بكل الأحوال، لكن لو قاومتَ كثيرًا سأحرِص أن تموتَ مُتألِّمًا جِدًّا"
......
في مُنتصَف العاصمة البريطانيّة؛ تُذيع إحدى الشاشات المُعلَّقة على قِمّة إحدى المباني الأخبار الوطنيّة.
"ضحيّة جديدة للقاتل هايد، مُجدَّدًا رَجُل أربعيني متزوِج إلا أنَّهُ هَجر أطفاله من سنتين، ما زالت تلك التفاصيل الشخصيّة للضحايا هي كل ما يربطهم معًا"
القلق يَعُم مدينة لندن، بل أن الأخبار تَجُب في كل جزء من البلاد، الخوف والرُّعب أصبح يملئ نفوس الناس من هذا القاتل، الذي يستهدف أُناس عشوائين يربطهم شيء واحد فقط؛ إنهم في يومٍ ما تخلوا عن أطفالهم بطريقة ما.
إحدى المُشاة كانت صَبيّة في مُنتصف العشرين، تجري مُكالمة بعدما توقفت لسماع الأخبار على شاشات العرض في الشارع.
"أُمي أخبرتُكِ ألا تقلقي، ليس وكأن لدي طفلًا قُمتُ بهُجرانِه!"
"رُغم ذلك تَوخّي الحذر، البلطجيّة كُثُر!"
"حسنًا أُمي، لا تقلقي علي"
أغلقت إيري الخط بعد مُكالمة هاتفيّة قصيرة مع والدتها، تعمل إيري لدى إحدى الشركات بوظيفة جيدة؛ تَدُر عليها المال ما يكفي لمُعونتِها وأُمها.
ولأن الأجر رغيد فالعمل مُجهِد، قد يتطلبها العمل أحيانًا طيلةِ الليل؛ كما الليلة مثلًا، وذلك ما يجعل أُمها قلقة، أصبح الناس لا يخرجون من بيوتهم إن أتى الليل إلا لضرورة القصوى؛ خوفًا من رُعب المدينة المُسمّى بالقاتل هايد.
يخرج الناس الذين هُم مستغنين عن حياتهم، كذلك فئة لا بأس بها من مُجرمين الشوارع، البلطجيّة والمُعتدين الذين إستغلوا الفرصة لصالحهم، ففي ظِل إنتشار الخوف والرعب بين الناس تنتشر أرزاقهم الباطلة.
كما أن إيري إمرأة غاوية، تمتلك قوامًا جذّابًا، ووجهًا حَسن، وذلك ما يزيد فُرص الإعتداء عليها من مجرمين الشوارع، لكن ما باليد حيلة بالنسبة لإيري، عليها أن تعمل لتعيش حياة كريمة.
ها هي تخرج الليلة من العمل في وقت إنتصاف الليل، لندن قد نامت بالفعل، ووحدها والمشبوهين من هم مستيقظين في مثل هذا الوقت.
وضعت إيري على جسدها مِعطفها الثقيل، أخفت معالم وجهها بوشاح، وضعت قُبَّعة على رأسها وسارت هرولة، تقطع الشوارع بسُرعتِها القصوى.
"أنتِ توقفي!"
شهقت إيري وتسمَّرت بمكانها، لا تجرؤ أن تسير أبعد ولو بخطوة واحدة، إزدرئت جوفها بصعوبة، ثم أحسَّت وسمعت صوت خطوات خاملة تقترب منها من خلفها، أغلقت عيناها بقوّة وضمَّت قبضتيها.
"إلتفتِ إليّ"
زفرت أنفاسها بصعوبة، ثم إلتفتت إليه رويدًا رويدًا، لا يُمكنها أن تراه، إنه رجل يتلحفه الظلام.
قضمت على شفتاها ثم همست بخوف.
"لا أملك أطفال قد هَجرتهم، ما زِلتُ عازِبة صدِّقني"
سمعت ضحكاته، كانت هادئه، صوته جميل، ربما لا يكون القاتل، لأن كل القتلة وحوش مُخيفة.
"ألم يصلكِ عِلم أن هُناك الكثير من الأُمَّهات العازِبات في هذا العالم؟!"
تراجعت خطوة، وارتجفت بخوف حينما شعرت بِظلِّه يُدركها.
"ما عُدتِ تعيشي في العصر الفيكتوري، الذي يدعو للفضيلة والتَّعفُف، أنتِ تعيشي في عصر الخطايا والفاحشة صغيرتي"
"لكنني لستُ إحداهن، صَدِّقني!"
سمعته يُهمهِم.
"أعلم، لم آتِ لأجلِك... لقد أتيتُ لأُلقِّن بعض الفئران درسًا"
شعرت به يقترب منها ويقترب، اقترب سريعًا، أغمضت عيناها وكادت أن تصرخ لولا أنَّهُ سبقها بالتغطية على فمها بيده، قيَّد معصميها بيده الأخرى فوق صدرها، وهمس في إذنها بينما هو يقف خلفها، صدره إلى ظهرها.
"لو نَبستِ بحرف واحد قد أقتُلك لأنَّكِ لا تستمعين إليّ، تفهمين؟"
أومأت سريعًا، وشعر بدموعها تلمس يده، نفض يده لاعنًا ثم قادها إلى قُرب الحائط.
"قِفي هُنا، وإن أردتِ أن تَبقي بقدمين لا تجرؤي أن تتحركي من هُنا"
"حسنًا"
تركها يُخبأها عند إحدى الجُدران المُعتِمة، ثم دخل الزِّقاق المجاور حيث تختبئ بعض الفئران، التي تستَغِل فُرصة إنعدام الأمن ليلًا ورُعب الناس في المدينة؛ لتسرح وتمرح على مزاجها.
قبض على إحدى العِصابات، التي تختبئ منه في هذا الزِّقاق وأوسعهم ضربًا، لأنهم لا يحترمون سيادته على المدينة، فلا يجب أن يجرؤ مُجرم أن يخرج ليلًا سِواه.
هو رُعب المدينة، ولا مكان لأحد آخر.
عاد إلى الفتاة الغريبة، لكنَّهُ لم يجدها في مكانها، لقد عَصتهُ وهربت، لكنه ليس مزعوجًا، لقد أعجبته جراءتِها.
تَبسّم ونظر في ساعته.
"اليوم السابع من فبراير عام ألفين وواحد وعشرين، الساعة الثانية عشر وتسع وخمسون دقيقة، إنه الوقت الذي وقعتُ فيه لكِ أول مرَّة"*
...........
*مُقتبسة
...............
حتى لو أنا أغلقتُ عيناي؛ ما زِلتُ أستطيع أن أسمع وساوسكَ التي لا تنتهي
في الصباح الباكِر لليوم التَّالي؛ إستيقظ الرَّجُل لكنه لم يَكُ ذات الرَّجُل من ليلةِ الأمس، بل فقط رَجُل عادي آسيوي الملامح، مُعتدل القامة، شاحب البشرة، شعره أدهم وناعم ينام على جبهته، ومعالمه مُريحة للنظر لا يتخبَّطها أيُ شَر، فقط تقبع أسفل عينه اليُسرى نُدبة صغيرة، يستطيع أن يُخفيها بسهولة لو أراد.
نظر من حوله، المنزل في حالة سيئة، من الواضح أن لندن الأمس مَرَّت بليلة مُرعبة؛ كالكثير من الليالي مؤخرًا.
يعيش جون ميون نِصف حياة، فقط يعيش فترة النهار، وسوهو الآخر الذي يعيش فيه يعيش فترة الليل.
لا يدري متى بدأ الأمر لأولِ مرة، لكنّها كانت مُذُّ زمن طويل، طويل كفايّة لينبُذ نفسه الداخلية بعدما كان راضيًا عنها، طويل كفايّة ليهجُر بلده وناسه هُناك في موطنه، ويستقر هُنا في أرضٍ غريبة عليه، لا يعرف فيها أحد؛ خوفًا من تفشّي الفضيحة.
الناس ستقول كيم جون ميون مجنون، لذا توقف عن إستخدام اسمه الكوري الذي منحته أياه بلده، واستخدم اسمًا مُستعارًا؛ سوهو؛ هكذا يعرفونه الناس هُنا، رغم أنه ليس سوهو؛ بل جون ميون.
وما لا يعرفونه عنه هو وجهه الآخر، الرَّجُل الذي يُقابله في المرآة نُسخة طِبق الأصل عنه، لكنه لا يشبهه.
ذات الوجه لشخصيَّتين.
نَهض عن فِراشه، وسار إلى دورة المياه، هُناك حيثُ طهَّر جسده من شريكه فيه، من ذنوبه، من دماءه.
إنتهى، وأحاط مَنشفة بيضاء خصره، في الحمام توجد مرآة عريضة، مسح عنها البُخار المُتكاثِف عليها.
من الطبيعي أن يرى إنعكاسه عليها، لكن الذي تعكسه المرآة ليس هو، رُبما المرآة ترى وجهه الحقيقي البَشِع؛ فَتُريه إيّاه.
نظر إلى هذا الإنعكاس الشرير منه.
"هذهِ النظرات التي ترمقني بها تَضُج بالباطِل، الباطل الذي تُخطِّط لهُ أنت"
تَبسَّمَ إنعكاسه اللئيم له بلؤم، إذ حَرَّك عُنقه للجهتين ثم عاد ليرمقه بتلك النظرات المشحونة بالباطل، كما لو أنه يملك اليَد العُليا عليه.
جون ميون اتبع مُستنكِرًا.
"هذهِ الأسرار التي أكتمها قد لطَّختها بيداك باللون الأحمر، بدماء الناس؟"
إرتفع حاجبه الأيسر وبان شِدقه حينما إبتسم.
"أنا لا أقتُل أُناس أبرياء، من أقتُلهم يستحقون الموت"
"إلى متى؟!"
تنهد جون ميون واتبع.
"إلى متى تظنني سأتستَّر عليك؟!"
ضحك إنعاكسه، عيناه داميّة، حمراء كالدَّم، مخائلة مُشبّعة بالشَّر.
"إلى أن تُقرر أن تُحتَجز بغرفة ضيقة في مُستشفى المجانين للأبد"
لكم جون ميون المرآة بغضب وصاح.
"سأنتصر عليك!"
"حقًا!"
سخِر منه إنعاكسه، لكن جون ميون أومئ وبإصرار تكلّم.
"قضيتي معك هي افعل أو مُت بالنسبةِ لي.
سآخذ جُرعة شِفاء واحدة فقط، سأجِد من ينجدَني مِنك.
فقط واحدة؛ لأنّي أحتاج نَفسي بداخلي؛ لا أنت!"
ضحك من قوله إنعكاسه حتى فرغ من سخريته، لا بأس لو تحدّاه الشخصيّة الرئيسة هُنا، لا بأس... هذا سيكون مُمتِع.
"انطلق!
أفعلها ما دامت قضيتكَ الوحيدة أن تتخلَّص مني، لكن..."
رَمقهُ إنعكاسه بسخط واتبع.
"لِمَ تدفعني خارِجك؟
أنا بالفعل بداخلك
أنتَ من وضعتني هنا
أنا الذي أُسيطر على نفسي، أنتَ لا يُمكنكَ إخراجي طالما أنا لا أُريد
انطلق بِما أنها قضيَّتك، انطلق!
لكن، لو ترددت، إرتجفت، تراجعت، أنا سأبتلعك!
لكن سوهو ليس أكيدًا من إنتصارِه، تنهد بضعف ونبس.
"أنت تقودني إلى الجنون، في داخلي أشعر وأنك مجرد حلم!"
ضحك سوهو ونبس.
"إستيقظ منه إذًا!"
....
خرج جون ميون للتوّ من عيادة الطِّب النفسي، حسب قول الطبيب فلديه إضطراب الشخصية الفُصامي، لكن لا... لا يَظُن أن هذهِ المُشكلة.
جون ميون هو الابن الثاني المُتبنّى لعائلة مشهورة في سيؤل_ كوريا، والده أُستاذ جامعيّ، ووالدته مُهندِسة مِعمارية، وأخوه طبيبه.
تربيته لم تختلف أبدًا عن التربية التي تلقّاها أخوه في السابِق، كلاهما تربّى بالعِز والدَّلال، لكن النُقطة الفارِقة أنَّهُ يومًا لم يُحِب الحياة التي تضج بالإستقامة والعِفّة... أراد أن يلهو قليلًا فقط.
ومن هنا آتى إنعكاسه الذي اسمى نفسه سوهو، لأنهما فعلًا كما شخصان يتشاركان جسدًا واحد، إحداهما مِثل الدكتور جيكيل؛ العالم اللطيف، الذي يُحب الخير، ويعيش بإستقامة، ويحمل على ظهره سمعته وسمعة عائلته النظيفة، التي لا يُمكِن أن تَمِسَّها القذارة لأي سبب.
والسيّد هايد؛ ذلك الرجل ذا النزق الطائش والطباع العنيفة، حياته صاخبة ومجنونة، تمامًا كما جيكل وهايد من تلك الرواية الشهيرة لروبوت لويس.
لطالما تعايش جيكل مع هايد بشكلٍ جيّد، كلاهما يستمتع بحياته، ولا أحد منهم يعترض حياة الآخر أبدًا.
هذا يجد ويجتهد ويحفظ اسم عائلته، وهذا يعيش على هواه، يستمتع ويلهو ويلعب بالطريقة التي يختارها؛ شرط ألا تُلحِق الأذيّة بالآخرين.
لكن... لا يُمكن لشخصيتين تعيشان في الجسد ذاته أن يعيشا على وِفاق هكذا للأبد.
فلقد إزداد غرور هايد رويدًا رويدًا، وأراد أن يكون هو الشخصيّة الرئيسة لهذا الجسد، وتلك الإرادة لا تَتِم إلا بمحو الشخصية الرئيسة؛ جيكل.
ومُذُّ سنوات بدأ الصراع بين الشخصيَّتين على الجسد، تَمرَّد هايد وتمرَّد، ولم يستطع جيكل ضبطه أبدًا حتى وصل به الحال إلى طريق مسدود بعد أول جريمة قتل إرتكبها هايد، فقرر ترك سيؤل وأن يبتعد؛ بِحُجَّة تطوير العمل في الخارج، لكنه في الحقيقة يهرب من نفسه الداخليّة، من نفسه الأمّارة بالسوء، من الأنا العُليا، من جُزء الشيطان الذي يسكنه.
وهكذا مَرَّت سنة واستحواذ سوهو على جون ميون يزداد ويزداد، فهو بات أقوى ونصيب جون ميون من جسده أصبح في التراجع، واليوم الذي يصبح فيه الشخصية الثانوية قد يكون قريبًا.
وهذا ما يخشاه... الموت في هذه الطريقة، أن يموت داخل جسده ولا يدري أحد؛ لأن جسده مِلكٌ لِسواه.
كان يسير جون ميون بشرود في الشارع، لكن استوقفه شيئًا واحدًا، تِلكَ الفتاة التي شعر بأنها مألوفة بطريقة ما.
إستوقفها.
"يا آنسة!"
تسمَّرت إيري لما سمعت هذا الصوت مُجددًا، إنه الصوت الذي تألفه، بل هو صوت لن تنساه أبدًا.
إنَّهُ النهار، هل أتى ليتقفّى أثرها لأنها بالأمس عَصته وهربت منه، لا يُمكن أن تسمح له أن يقتلها، غريزة البقاء وجدت لمثلِ هذهِ المواقف الخطيرة.
شَدت على حقيبتها وركضت بأقصى سُرعتها، جون ميون استغرب سلوكها، وشعر بأن الأمر حقًا لا يخصه بشكلٍ خاص، إنما يَخُص سوهو.
"يا آنسة! توقفي، سأتكلَّم معكِ فقط!"
"لا تتبعني، أرجوكَ أرجوك!"
لكنه لا يستمع، لا يُمكن لفرصة قد تنقذ حياته أن يصرفها هكذا، أسرع ناحيتها أكثر حتى أمسك بعضدها وجعلها تلتفت إليه، فوجدها تبكي بالفعل.
"أرجوكَ لا تؤذيني، أرجوك، أنا آسفة!"
أفلتَ يدها وتنهد يحاول تهدئتها.
"لن أؤذيكِ، فقط رجاءً دعينا نتكلَّم لبضعِ دقائق فقط!"
نظرت حولهما، هناك الكثير من الناس، لن يتمكَّن من أذيتها، أومأت له برأسها، فابتسم وقال.
"شُكرًا لكِ، دعينا نجلس في هذا المقهى"
نظرت إلى المقهى بقلق، لكنه قال.
"يوجد به أُناس كُثر صدِّقيني"
إنَّهُ النهار، لن يؤذيني... لا بأس إيري!
دخلت بعده إلى المقهى، واختارت طاولة قُرب النافذة الزُجاجيّة المُطلّة على الشّارِع، لم يعترض، بل جلس حيث تُريد وترتاح هي.
"تفضل، ما الأمر؟"
"أنتِ تعرفيني، أليسَ كذلك؟"
أشاحت إيري عنه بنظرها، فهمس.
"عندما مررتُ بكِ شعرتُ أنَّكِ مألوفة، وعندما هربتِ مني أصبحتُ أكيدًا أنَّكِ تعرفيني"
نظرت له الفتاة فاتبع.
"كيف لإحدى ضحايا هايد أن تنجو؟"
إزدرئت جوفها فاتبع.
"هو بالتأكيد سيأتي لأجلِك الليلة!"
شهقت الفتاة وملأ الخوف معالم وجهها.
"يأتي من أجلي؟"
أومئ جون ميون، ثم جلس على الطاولة أمامها بإعتدال يقول.
"بما أنه لم يقتلك"
"أهو شخص تعرفه؟ أصواتكم تكاد تكون ذاتها، لكن الطريقة التي يتكلَّم بها بَدت مُختلِفة"
"ماذا قال لك؟"
"شيئًا ك"وقعتُ في حُبِّك""
ارتفع حاجب جون ميون مُستهجنًا.
"أقال شيئًا كهذا حقًا؟"
أومأت له، وجون ميون استهلك بالتفكير دقائق، قضتها تنظر له بقلق.
"لكن أنتَ من؟"
نظر لها جون ميون واتبع.
"أنا شخص يريد التخلص منه، وإلا سينتهي بي الأمر كإحدى ضحاياه"
"وماذا ستفعل؟"
"افكر أن أعقد معكِ صفقة"
رمقته بإستهجان.
"معي أنا؟
وكيف ذلك؟"
"ألديكِ حبيب؟"
"ماذا؟"
"إن قال وقعتُ في حبك فهو يعنيها ولو بدى متسرعًا ولو وقع في لحظة، هكذا تكون الشخصيات الثانوية"
"ما الذي تقوله أنت؟"
تنهد جون ميون، وأرجع ظهره إلى مقعده يحكي بشكوى.
"أنا عالق في مكاني، لقد فقدتُ طريقي بالفعل.
لا أملك إجابة تُقنعكِ لأُعطيكِ أيّاها، لأنه يأسرني داخل الصمت... لا يمكنني أن أبوح.
إنه الشخص الآخر منّي، ذلك المخفي بداخلي، هو داخلي ومن على السطح يُسابقني ليستحوذ علي، يخنقني!"
"تُعاني من فُصام بالشخصيّة؟"
حرَّك كتفيه بجهل.
"هذا ما يقولونه الأطباء، لكنني لا أتمكَّن من التخلُّص منه مُذُّ أنهم لا يعرفون، علي أن أحاربه وحدي"
إزدرئت إيري جوفها ورمقته بقلق.
"كيف؟"
"بشيء يحبه... أنتِ"
أشارت إلى نفسها مُستنكِرة.
"أنا؟ لم تقل أنه سيأتي ليقتلني؟"
أومئ لها وقال.
"سيفعل إن رفضتِه"
إرتبكت الفتاة على آخرها وأزدادت منه خوفًا.
"وماذا أفعل؟"
"لا ترفضيه"
"وماذا سأفعل بعد ذلك؟"
"سأخبرك"
......................
آتى الليل؛ وكانت تعلم إيري أنها في موعد مُظلِم الليلة مع قاتل لندن، كالعادة؛ خرجت من عملها في الوقت ذاته التي تخرج به كل يوم، إنها العاشرة مساءً.
كانت تسير في الشوارع بريبة، ما زال الشارع يَضُج بالحياة مُذُّ أن الليل لم ينتصف بعد، فلم يَحِن وقت القاتل هايد بعد.
لكنها كانت تشعر بأن القاتل هايد سيظهر لها من العدم، لأنه ربما يٌريدها هي بالتحديد أن تكون ضحيته، فهي بالمرّة الأخيرة لم تستمع لكلامه رغم تهديده الواضح بالقتل.
لم تَكُ تتلفَّت كثيرًا، بل فقط تَسير بإستقامة وسريعًا، لكن مصيرها محتوم محتوم، فها قد شَهقت إثر شعورها بشيء يوخِز ظهرها ثم صوت تعرفه، وتخافه كثيرًا، يتسرَّب إلى سمعِها.
"لا تجرؤي أن تصرخي، قبل أن تفعلي السكين سيقطع حبلكِ الشوكي، أنا قاتل مُحترف كما تعلمين"
إمتلأت عيناها بدموع الرهبة، لكنها أومأت برأسها عدة مرات وهمست.
"سأفعل ما تشاء، لكن رجاءً لا تؤذيني!"
"فتاة جيدة، والآن امشي بطريقة عاديّة، ولا تجذبي الأنظار، تفهمين؟"
"حسنًا!"
سارت معه حتى إنتهى بها المطاف تدخل معه إلى إحدى مداخل المباني، أمسك بيدها حينما أصبحا بالداخل، وسيَّرها معه إلى حيثُ يُريد.
أدخلها إلى حُجرة فارغة، فأخذت تتلفَّت يمينًا يسارًا، لكنها لا ترى أحد بالجِوار، إنها فقط غرفة فارغة تحوي خزانة معدنية وبعض معدات التنظيف.
إلتفتت له تستفسر برهبة.
"لِمَ أتيتَ بي إلى هنا؟"
"لِنتحاسب"
إزدرئت جوفها ترمقه بخوف، فرفع حاجبه وابتسم بلؤم.
"استمع، كُن ليّن معي، أنا أخاف بسهولة"
ضحك من قولها واستنكر.
"حقًا؟!
لم أرى أحد لم يَخف مني بسهولة!"
إزدرئت جوفها حينما أصبح يقترب منها، ورفعت كفّيها تصده عنها.
"تريد أن تقتُلَني؟
قُلتَ أنَّكَ تُحِبُني!"
همهم وأومئ.
"نعم قُلت، ولهذا لن أقتُلك!"
إقترب منها أكثر ونبس.
"لذا ما رأيكِ أن تعقدي معي صفقة؟"
"وأي نوع من الصفقات تريدني أن أعقد معك؟"
"همممم..."
أخذ يقترب منها ويقترب، حتى جعلها تلتصق بالخزانة المعدنية، حاصرها بين ذراعيه إليه، وهي جمعت يديها قريبًا من صدره.
"أُخطط أن أراكِ كثيرًا، إن رأيتُك لن أقتل أحد، لو تهرَّبتِ ستكوني المسؤولة عن حياة الضحية، لا أنا"
"ما هذا الهُراء؟"
تحمحمت حينما رمقها بإستنكار فهمست.
"هل رأيتَ مُسبقًا فتاة رضيت أن تُصادِق مُجرِم؟"
رفع كتفيه ونبس.
"إن كُنتِ لا تُريدين، سأقتلكِ أنتِ أيضًا... أنا رجل عنيف كما تعلمين"
"هذا مُخيف"
تبسَّم وهي تنهدت.
"حسنًا، لنفعلها... في المُقابل أنتَ ستتوقف عن قتل الناس"
برم شفتيه وأومئ.
"حسنًا، هذهِ صفقة عادلة نوعًا ما"
.......
وهكذا مرَّت شهور... سوهو يواعد وتوقف عن القتل، إختفى فجأة، جرائمه توقفت تمامًا.
وأما جون ميون؛ فقد أصبح يعلم عن كُلِّ تحرُّكات سوهو؛ شريكه في جسده؛ أين يذهب وكيف يقضي وقته، وذلك بفضل حبيبته إيري.
فلقد تناول إتفاقهما أن تدَّعي الحُب، وأن تُخبره بكل تحركات سوهو، وأهم من ذلك؛ أن تمنعه عن قتل الناس.
وهذا ما يحدث مُذُّ شهور فعلًا...
في إحدى الصباحات؛ وقف جون ميون أمام مرآته بعدما أخذ حمامًا دافئًا، مسح البُخار المُتكاثف على المرآة وترائى له إنعكاسه الذي لا يشبهه، هايد في المرآة.
تبسَّم سوهو كما يفعل دومًا وجون ميون ردَّ له الإبتسامة بمثليتها، فلقد غدى مؤخرًا مُنتصرًا، التوقف عن القتل يُضعِفه، في المُقابل يزيد جون ميون قوّة.
لكنَّهُ لم يُكلِّمُه بل إنسحب من عِنده بصمت، وهذا ما أشعر هايد بالشكوك، فشريكه الذي يعرفه، الشخصية الرئيسة لهذا الجسد والمُسجَّلة بالوثائق لا يمر عليه بمثلِ هذا الهدوء أبدًا.
أمرًا ما يدعو للريّبة...!
..................
الليلة يجمع بين هايد وحبيبته لِقاء آخر مثل كل ليلة كما في الشهور الأخيرة.
خرجت إيري من منزلها في وقت المساء الباكر، فاليوم عُطلة، ولقد تحججت أمام والدتها أنها ستخرج للتسكُّع مع بعضِ رفيقاتِها.
وأما هايد؛ فلقد كان ينتظرها بمكانٍ قريب، في مدخلِ شارع فرعي ضيّق قد توقف لأجلها، وها هو يراها الآن تخرج من منزلها وشفتاها مُعبّأة بإبتسامتها التي تسحرُه.
سارت نحوه دون أن تراه، وما إن صارت في متناول يده؛ أمسك بعضدها واجتذبها إليه، شهقت إثر المُفاجأة، إذ فجأة هي مُحاصرة بين الحائط وذراعي رَجُل، لكنها إبتسمت؛ إذ أن هذا الرَّجُل هو حبيبها بالفعل.
خلخل أصابعه بين خُصل شعرها ورفعها بعيدًا عن وجهها، ثم إجتذبها من خصرِها بخشونة إليه؛ ليطبع على وجنتها قُبلة وتَّرتها، فهما لا يتبادلان القُبل أبدًا.
لكن هايد اليوم مُختلف، لجيكل عِقار يستخدمه لشفاءه ومحو هايد منه، وهو يَشُك أنَّه يعرف ما هو العِقار هذا؛ لا شيء بل إيري... نظرات الإنتصار التي لمعت بعين جون ميون تخبره أنه سيلوي له ذراعًا تؤلمه جدًا، وهي بالفعل كذلك، إيري ذراعه التي تؤلمه جدًا.
أقام ذقنها بأصابعه ثم طبع قُبلة خَشِنة على شفتيها، جعلتها تتمسك بكتفيه، وتكمش بأظافرها على خُصلات شعره الحمراء.
"قَبِّليني"
حرَّكت شفتاها تُبادله هذا الحُب، ليس مُرغمة؛ فهي مؤخرًا واقعة في حُبِّ مُجرِم.
لم يَكُ هايد أول تجاربها مع الحُب، لن تَعُد لحفظ العِفّة؛ لكن كل علاقاتها السابقة بائت بالفشل.
وذلك يرجِع لأن ولا رجل من الذين أحبَّتهم أحبوها كما تُريد أن تتلقى الحُب... سوى هذا المُجرِم صاحب الحُب الفريد.
هايد أحبها كما لو أنها مُنقذته، متنفسه الوحيد، المرأة الوحيدة التي تعيش على سطح الأرض، شخصه الوحيد، مصدر قوته وضعفه في ذات الوقت، إمرأته التي لن يتمكن من تقبل خسارتها، ولو حدث أن أُجبِر على ذلك قد تُقام حرب عالمية ثالثة؛ فهو صعب المَراس وعنيد، ويفعل ما يُريد.
أمسك سوهو بيدها، ثم سحبها معه إلى أسفل جِسر نهر التايمز، جلسا هناك؛ بعيدًا عن الناس، مُذُّ شهور، هذا هو مكانهما المُفضَّل.
جلس سوهو وأجلس إيري بين قدميه، أحاطها بذراعيه وساقيه، ووكز بذقنه كتفها ينظر معها إلى النهر.
"سوهو؟"
"هممم؟"
"لطالما راودني الفضول عن السبب في وجود نُدبةِ عينك"
تنهد على كتفها فأحسَّت أن الإجابة ثقيلة عليه.
"إن كنتَ تُعاني فلا تُخبرني، لا بأس"
"إنَّها من والدي البيولوجي قبل أن يُلقي بي بالميتم"
أرادت أن تلتفت له، لكنه منعها عندما شدد على خصرها، فهو لا يريد أن تواسيه، ولا أن يراها تُشفِق عليه.
"لكن لا بأس... أنا إنتقمتُ منه، قتلته بعدما تَبنَّتني عائلة كيم، ولم يكتشف أحد ذلك للآن، هذهِ تُسمى جريمة مثاليّة، لا أرتكبها إلا بحق من يخونني!"
إزدرئت إيري جوفها وحرَّكت عُنقها تبغي الإلتفات له، لكنه منعها مُجددًا.
"سوهو؟"
"هممم؟"
"لو افترضنا أنني خُنتُك؟
ماذا ستفعل بي؟"
حبست أنفاسها، وكمشت جفونها بشدّة، فلقد شدد ذراعيه حول بطنها زيادة لدرجة تؤلمها وتخنقها، وهمس في أُذنها كما لو أنها وساوس شيطان.
"لن أتردد في قتلكِ حينها... أياكِ أن تختبري جنوني!"
وضعت يداها فوق ذراعيه التي تخنقها وهمست بصعوبة.
"أنتَ تخنقني!"
خفف من قوّة ذراعيه حولها فسحبت نفسًا وزفرته بتوتر، قد يقتلها حقًا، هو لا يمزح، إزدرئت جوفها في قلق، ولم تقل شيء بعدها، لكنه همس.
"لنا نهاية حتميّة بالتأكيد لكنها ليست واضحة المعالم للآن، خلال الوقت كل الأمور ستزداد تعقيدًا"
ثم همس مجددًا في أذنها.
"تأتي النهاية عندما تتراكم الشكوك مع مُضي الوقت!"
أبعدت أُذنِها عنه في قلق، ونظرت إلى النَّهرِ تَدَّعي الثبات وفي جوفها ترتجف؛ حتى أنَّها بين يديه الآن ترتجف، وذلك ما جعله يبتسم مُتهكِّمًا.
لم يَكُ يومًا طوّاقًا للحُب؛ لكنه عندما قابله تعرض للخديعة، الأمر يؤلم ويُشعره بالعجز.
.....
لم يَعُد سوهو إلى المنزل تلك الليلة؛ بل ترك إيري تُغادر وضلَّ جالِسًا في محلِّهُما، أسفل جسر نهر التايمز.
إنَّهُ يحاول الهرب الآن، لا يُريد أن يعود، لا يُريد أن ينام؛ لأنَّهُ من هذهِ الحياة أرادَ شيئًا واحد فقط؛ إيري وحسب.
لكن جسده لن يسير على رغباته فها هو يكاد يفقد نفسه، جون ميون استيقظ في داخله ويُريد الخروج.
قاوم وقاوم وقاوم... لكنه لم ينجو، وها هو يفقد نفسه وجون ميون يظهر.
إرتمى جون ميون بجسده على إحدى الأعمدة المُسانِدة يتنفَّس بثقِل، ثم نظر من حوله، ورويدًا رويدًا أدركَ أين هو.
"لقد إخترتَ مكان بعيد عميق يَصعُب وصولي إليه، لكن حتى لو هربت أنت هو الذي يملك وجود بداخلي غير منطقي؛ يقودني إلى الجنون"
تنهد جون ميون ونظر فيما حوله، ثم تهكَّم مُبتسِمًا عندما رأى في السماء الشفق.
"إنّي أرى الآن الشفق الأزرق بعد إنتظار دام طيلة الليل... هذه بُشرى خير، كما لو أنه نَزعة ضوء تكسر عتمة، أنتَ قريبًا ستخرُج مني!"
ثم أمام المرآة مُجددًا حيث يتقابل جون ميون وإنعكاسه عليها؛ وجهًا لوجه هكذا.
"اوه يا إلهي! ما عدتُ أستطيع أن أُخفي الأمر أكثر دون أن أمضي بالمزيد"
تبسَّم هايد ونبس.
"ذات الشيء بالنِّسبةِ لي"
نفى جيكل ضاحكًا وأجاب.
"لا، أستطيع أن أرى الغضب الذي تحاول إخفاءه عني، هل كُشِفنا؟"
ضرب هايد المرآة بقبضته ونبس غاضبًا.
"لِمَ وجب أن تكون هي العِقار؟ لِمَ استخدمتها ضدي؟ استخدمتَ أحب خصوصياتي إليّ ضدي!"
أجابه جيكل وقد مسح عن وجهه السُخريّة، بل تكلَّمَ بنبرةٍ جادّة.
"لأن جُرعة واحدة ستكفي، أخبرتُكَ أنَّها قضية افعل أو مُت بالنسبةِ لي!"
تبسَّم هايد بغضب وانسابت من عينه دمعة عن قهر، لكن جيكل اتبع يتكلم بلسانٍ حاد يُقطِّع هايد من جوفه كما لو أن الكلام سكاكين.
"أنا أحبسك!
لا مكان لكَ هُنا!"
حَزَّ هايد على ضروسه ونبس.
"إنه المساء، اذهب ونَم الآن!"
نفى جيكل وأجابه.
"أنتَ لن تقدِر على الخروج مُجددًا!
هذهِ الليلة الطويلة، هذه اللحظة الخطيرة... لحظة نِزاع بيني وبينك.
ضوء القمر ينتشِر بضعف شديد فالظِلال تحتشِد عليه... هذهِ هي حالتُكَ داخلي.
تعلم! أنا لم أخبرك، لكن ذكرياتك بدأت تمتزج مع ذكرياتي، تخبرني أنها النهاية التي أحظى بشرف الإنتصار بها لا محالة.
سأجد أماكن هذه الذكريات المُبعثرة هذه الليلة، وأنا سأنفصل عنك الآن!"
إحمرَّت عينا هايد وابتسم لآخر مرة بكبرياء فيما تنتشر تكسرات وتشققات من عُنقه إلى وجهه، وآخر ما قاله هايد.
"أنا لم أستطِع قتلها، لكنها نجحت في قتلي"
"اخرج بسلام!"
عندما تُثار في داخلي كما لو أنَّك كابوس، أنا سأقطعك بلا أي تردد... أنا أحذرك.
إندمج معي بسلام أو أن لا شيء سيبقى منك!
.............
"جيكل|| Jekyll"
............
سلاااااااام
طبعًا طبعًا طبعًا الوانشوت مش قصة حب، لأنه الأغنية ما فيها أي قصة حب، بتحكي عن صراع خالص بين جيكل وهايد، الأنا والأنا العُليا.
أتمنى يكون زابط وشكرًا للبنت صاحبة الفكرة المجنونة الي اختارتها.❤
الوانشوت القادم بعد50 فوت و100كومنت.
رأيكم بِ:
جون ميون؟
سوهو؟
إيري؟
القصة بشكل عام؟ وهل نجحت بتصوير الأغنية؟ كم تعطوها من عشرة؟
ترشيحكم للوانشوت الجاي؟
دمتم سالمين❤
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤
Love❤
بَطَل:
جيكل|| Jekyll
...
المملكة المُتَّحِدة- لَندَن
إنَّهُ آتٍ، كُن مُستعِد!
صوتكَ الذي يصرخ في رأسي يُخبرني أن ليلة مُرعِبة قادمة!
تحذير!
يركُض بين الشوارع ذات الإضاءة الخافتة، يركض ويركض.
لندن مدينة لا تنام، لكن الازِّقة المُظلمة في الأحياء الفقيرة تنام ليلًا؛ خوفًا من رُعب المدينة الجديد.
رَجُل أربعيني يركض ويبكي، يهرب من شيء يتبعه، ولا يدري لِمَ يتبعه، لكنه في النهاية قد دَخل دربًا مسدود، فإلتفت مُتأزِّمًا وصدرهِ مقبوض يبحث عن مُتعقبّه؛ لعلَّه لم يتقفّاه.
لكنه يرى من أول الزِّقاق ظِل رَجُل، هو الرجل الذي يتبعه، جمع الرجل كفّيه بتوسُّل ونبس مُترجيًّا.
"أبقي على حياتي أرجوك!"
لا يستطيع أن يراه، لا يدري من هو حتى، لم يُسبَق له أن رآه طيلة حياته، ولا يدري لِمَ الآن يتعقبه؛ لسحق حياته وسلبها منه، هو لا يملك مثل هذا العدو المُخيف.
"أنا ماذا فعلتُ لك؟
أنتَ من؟
أنا لا أفهم لِمَ تُلاحقني لتقتُلني!"
أضواء خافتة قادمة من الشوارع أظهرت الرَّجُل المُعتدي، إنَّهُ رَجُل مُعتدِل القامة، شاحب البَشرة، مُكتفٍ ببِنطال أسود وقميص بذات اللون، لكن القميص كُل أزراره مُتفتِّقة، ومن هُناك تظهر ربوع فِتنة لإغواء السيدات؛ إذ أن عضلات صدره وبطنه مشدودة كما لو أنه رياضي أو فنان مشهور حريص على مظهره.
إقترب الرَّجُل من الخائف رويدًا رويدًا، تبسَّم حتى بانت نواجذه المُتلألئة ورفع حاجِبًا، لم تَكُ إبتسامته لطيفة بل مُخيفة، كما أن أسفل عينه اليُسرى هُناك نُدبة عميقة وعريضة تُحيط جِفن عينه السُفلي.
لذا رُغم معالم وجهه الوسيمة؛ بدى مُرعِبًا.
أخرج من جيبه سكّينًا، ثم اقترب من الرَّجُل يقول.
"سأقتُلك بكل الأحوال، لكن لو قاومتَ كثيرًا سأحرِص أن تموتَ مُتألِّمًا جِدًّا"
......
في مُنتصَف العاصمة البريطانيّة؛ تُذيع إحدى الشاشات المُعلَّقة على قِمّة إحدى المباني الأخبار الوطنيّة.
"ضحيّة جديدة للقاتل هايد، مُجدَّدًا رَجُل أربعيني متزوِج إلا أنَّهُ هَجر أطفاله من سنتين، ما زالت تلك التفاصيل الشخصيّة للضحايا هي كل ما يربطهم معًا"
القلق يَعُم مدينة لندن، بل أن الأخبار تَجُب في كل جزء من البلاد، الخوف والرُّعب أصبح يملئ نفوس الناس من هذا القاتل، الذي يستهدف أُناس عشوائين يربطهم شيء واحد فقط؛ إنهم في يومٍ ما تخلوا عن أطفالهم بطريقة ما.
إحدى المُشاة كانت صَبيّة في مُنتصف العشرين، تجري مُكالمة بعدما توقفت لسماع الأخبار على شاشات العرض في الشارع.
"أُمي أخبرتُكِ ألا تقلقي، ليس وكأن لدي طفلًا قُمتُ بهُجرانِه!"
"رُغم ذلك تَوخّي الحذر، البلطجيّة كُثُر!"
"حسنًا أُمي، لا تقلقي علي"
أغلقت إيري الخط بعد مُكالمة هاتفيّة قصيرة مع والدتها، تعمل إيري لدى إحدى الشركات بوظيفة جيدة؛ تَدُر عليها المال ما يكفي لمُعونتِها وأُمها.
ولأن الأجر رغيد فالعمل مُجهِد، قد يتطلبها العمل أحيانًا طيلةِ الليل؛ كما الليلة مثلًا، وذلك ما يجعل أُمها قلقة، أصبح الناس لا يخرجون من بيوتهم إن أتى الليل إلا لضرورة القصوى؛ خوفًا من رُعب المدينة المُسمّى بالقاتل هايد.
يخرج الناس الذين هُم مستغنين عن حياتهم، كذلك فئة لا بأس بها من مُجرمين الشوارع، البلطجيّة والمُعتدين الذين إستغلوا الفرصة لصالحهم، ففي ظِل إنتشار الخوف والرعب بين الناس تنتشر أرزاقهم الباطلة.
كما أن إيري إمرأة غاوية، تمتلك قوامًا جذّابًا، ووجهًا حَسن، وذلك ما يزيد فُرص الإعتداء عليها من مجرمين الشوارع، لكن ما باليد حيلة بالنسبة لإيري، عليها أن تعمل لتعيش حياة كريمة.
ها هي تخرج الليلة من العمل في وقت إنتصاف الليل، لندن قد نامت بالفعل، ووحدها والمشبوهين من هم مستيقظين في مثل هذا الوقت.
وضعت إيري على جسدها مِعطفها الثقيل، أخفت معالم وجهها بوشاح، وضعت قُبَّعة على رأسها وسارت هرولة، تقطع الشوارع بسُرعتِها القصوى.
"أنتِ توقفي!"
شهقت إيري وتسمَّرت بمكانها، لا تجرؤ أن تسير أبعد ولو بخطوة واحدة، إزدرئت جوفها بصعوبة، ثم أحسَّت وسمعت صوت خطوات خاملة تقترب منها من خلفها، أغلقت عيناها بقوّة وضمَّت قبضتيها.
"إلتفتِ إليّ"
زفرت أنفاسها بصعوبة، ثم إلتفتت إليه رويدًا رويدًا، لا يُمكنها أن تراه، إنه رجل يتلحفه الظلام.
قضمت على شفتاها ثم همست بخوف.
"لا أملك أطفال قد هَجرتهم، ما زِلتُ عازِبة صدِّقني"
سمعت ضحكاته، كانت هادئه، صوته جميل، ربما لا يكون القاتل، لأن كل القتلة وحوش مُخيفة.
"ألم يصلكِ عِلم أن هُناك الكثير من الأُمَّهات العازِبات في هذا العالم؟!"
تراجعت خطوة، وارتجفت بخوف حينما شعرت بِظلِّه يُدركها.
"ما عُدتِ تعيشي في العصر الفيكتوري، الذي يدعو للفضيلة والتَّعفُف، أنتِ تعيشي في عصر الخطايا والفاحشة صغيرتي"
"لكنني لستُ إحداهن، صَدِّقني!"
سمعته يُهمهِم.
"أعلم، لم آتِ لأجلِك... لقد أتيتُ لأُلقِّن بعض الفئران درسًا"
شعرت به يقترب منها ويقترب، اقترب سريعًا، أغمضت عيناها وكادت أن تصرخ لولا أنَّهُ سبقها بالتغطية على فمها بيده، قيَّد معصميها بيده الأخرى فوق صدرها، وهمس في إذنها بينما هو يقف خلفها، صدره إلى ظهرها.
"لو نَبستِ بحرف واحد قد أقتُلك لأنَّكِ لا تستمعين إليّ، تفهمين؟"
أومأت سريعًا، وشعر بدموعها تلمس يده، نفض يده لاعنًا ثم قادها إلى قُرب الحائط.
"قِفي هُنا، وإن أردتِ أن تَبقي بقدمين لا تجرؤي أن تتحركي من هُنا"
"حسنًا"
تركها يُخبأها عند إحدى الجُدران المُعتِمة، ثم دخل الزِّقاق المجاور حيث تختبئ بعض الفئران، التي تستَغِل فُرصة إنعدام الأمن ليلًا ورُعب الناس في المدينة؛ لتسرح وتمرح على مزاجها.
قبض على إحدى العِصابات، التي تختبئ منه في هذا الزِّقاق وأوسعهم ضربًا، لأنهم لا يحترمون سيادته على المدينة، فلا يجب أن يجرؤ مُجرم أن يخرج ليلًا سِواه.
هو رُعب المدينة، ولا مكان لأحد آخر.
عاد إلى الفتاة الغريبة، لكنَّهُ لم يجدها في مكانها، لقد عَصتهُ وهربت، لكنه ليس مزعوجًا، لقد أعجبته جراءتِها.
تَبسّم ونظر في ساعته.
"اليوم السابع من فبراير عام ألفين وواحد وعشرين، الساعة الثانية عشر وتسع وخمسون دقيقة، إنه الوقت الذي وقعتُ فيه لكِ أول مرَّة"*
...........
*مُقتبسة
...............
حتى لو أنا أغلقتُ عيناي؛ ما زِلتُ أستطيع أن أسمع وساوسكَ التي لا تنتهي
في الصباح الباكِر لليوم التَّالي؛ إستيقظ الرَّجُل لكنه لم يَكُ ذات الرَّجُل من ليلةِ الأمس، بل فقط رَجُل عادي آسيوي الملامح، مُعتدل القامة، شاحب البشرة، شعره أدهم وناعم ينام على جبهته، ومعالمه مُريحة للنظر لا يتخبَّطها أيُ شَر، فقط تقبع أسفل عينه اليُسرى نُدبة صغيرة، يستطيع أن يُخفيها بسهولة لو أراد.
نظر من حوله، المنزل في حالة سيئة، من الواضح أن لندن الأمس مَرَّت بليلة مُرعبة؛ كالكثير من الليالي مؤخرًا.
يعيش جون ميون نِصف حياة، فقط يعيش فترة النهار، وسوهو الآخر الذي يعيش فيه يعيش فترة الليل.
لا يدري متى بدأ الأمر لأولِ مرة، لكنّها كانت مُذُّ زمن طويل، طويل كفايّة لينبُذ نفسه الداخلية بعدما كان راضيًا عنها، طويل كفايّة ليهجُر بلده وناسه هُناك في موطنه، ويستقر هُنا في أرضٍ غريبة عليه، لا يعرف فيها أحد؛ خوفًا من تفشّي الفضيحة.
الناس ستقول كيم جون ميون مجنون، لذا توقف عن إستخدام اسمه الكوري الذي منحته أياه بلده، واستخدم اسمًا مُستعارًا؛ سوهو؛ هكذا يعرفونه الناس هُنا، رغم أنه ليس سوهو؛ بل جون ميون.
وما لا يعرفونه عنه هو وجهه الآخر، الرَّجُل الذي يُقابله في المرآة نُسخة طِبق الأصل عنه، لكنه لا يشبهه.
ذات الوجه لشخصيَّتين.
نَهض عن فِراشه، وسار إلى دورة المياه، هُناك حيثُ طهَّر جسده من شريكه فيه، من ذنوبه، من دماءه.
إنتهى، وأحاط مَنشفة بيضاء خصره، في الحمام توجد مرآة عريضة، مسح عنها البُخار المُتكاثِف عليها.
من الطبيعي أن يرى إنعكاسه عليها، لكن الذي تعكسه المرآة ليس هو، رُبما المرآة ترى وجهه الحقيقي البَشِع؛ فَتُريه إيّاه.
نظر إلى هذا الإنعكاس الشرير منه.
"هذهِ النظرات التي ترمقني بها تَضُج بالباطِل، الباطل الذي تُخطِّط لهُ أنت"
تَبسَّمَ إنعكاسه اللئيم له بلؤم، إذ حَرَّك عُنقه للجهتين ثم عاد ليرمقه بتلك النظرات المشحونة بالباطل، كما لو أنه يملك اليَد العُليا عليه.
جون ميون اتبع مُستنكِرًا.
"هذهِ الأسرار التي أكتمها قد لطَّختها بيداك باللون الأحمر، بدماء الناس؟"
إرتفع حاجبه الأيسر وبان شِدقه حينما إبتسم.
"أنا لا أقتُل أُناس أبرياء، من أقتُلهم يستحقون الموت"
"إلى متى؟!"
تنهد جون ميون واتبع.
"إلى متى تظنني سأتستَّر عليك؟!"
ضحك إنعاكسه، عيناه داميّة، حمراء كالدَّم، مخائلة مُشبّعة بالشَّر.
"إلى أن تُقرر أن تُحتَجز بغرفة ضيقة في مُستشفى المجانين للأبد"
لكم جون ميون المرآة بغضب وصاح.
"سأنتصر عليك!"
"حقًا!"
سخِر منه إنعاكسه، لكن جون ميون أومئ وبإصرار تكلّم.
"قضيتي معك هي افعل أو مُت بالنسبةِ لي.
سآخذ جُرعة شِفاء واحدة فقط، سأجِد من ينجدَني مِنك.
فقط واحدة؛ لأنّي أحتاج نَفسي بداخلي؛ لا أنت!"
ضحك من قوله إنعكاسه حتى فرغ من سخريته، لا بأس لو تحدّاه الشخصيّة الرئيسة هُنا، لا بأس... هذا سيكون مُمتِع.
"انطلق!
أفعلها ما دامت قضيتكَ الوحيدة أن تتخلَّص مني، لكن..."
رَمقهُ إنعكاسه بسخط واتبع.
"لِمَ تدفعني خارِجك؟
أنا بالفعل بداخلك
أنتَ من وضعتني هنا
أنا الذي أُسيطر على نفسي، أنتَ لا يُمكنكَ إخراجي طالما أنا لا أُريد
انطلق بِما أنها قضيَّتك، انطلق!
لكن، لو ترددت، إرتجفت، تراجعت، أنا سأبتلعك!
لكن سوهو ليس أكيدًا من إنتصارِه، تنهد بضعف ونبس.
"أنت تقودني إلى الجنون، في داخلي أشعر وأنك مجرد حلم!"
ضحك سوهو ونبس.
"إستيقظ منه إذًا!"
....
خرج جون ميون للتوّ من عيادة الطِّب النفسي، حسب قول الطبيب فلديه إضطراب الشخصية الفُصامي، لكن لا... لا يَظُن أن هذهِ المُشكلة.
جون ميون هو الابن الثاني المُتبنّى لعائلة مشهورة في سيؤل_ كوريا، والده أُستاذ جامعيّ، ووالدته مُهندِسة مِعمارية، وأخوه طبيبه.
تربيته لم تختلف أبدًا عن التربية التي تلقّاها أخوه في السابِق، كلاهما تربّى بالعِز والدَّلال، لكن النُقطة الفارِقة أنَّهُ يومًا لم يُحِب الحياة التي تضج بالإستقامة والعِفّة... أراد أن يلهو قليلًا فقط.
ومن هنا آتى إنعكاسه الذي اسمى نفسه سوهو، لأنهما فعلًا كما شخصان يتشاركان جسدًا واحد، إحداهما مِثل الدكتور جيكيل؛ العالم اللطيف، الذي يُحب الخير، ويعيش بإستقامة، ويحمل على ظهره سمعته وسمعة عائلته النظيفة، التي لا يُمكِن أن تَمِسَّها القذارة لأي سبب.
والسيّد هايد؛ ذلك الرجل ذا النزق الطائش والطباع العنيفة، حياته صاخبة ومجنونة، تمامًا كما جيكل وهايد من تلك الرواية الشهيرة لروبوت لويس.
لطالما تعايش جيكل مع هايد بشكلٍ جيّد، كلاهما يستمتع بحياته، ولا أحد منهم يعترض حياة الآخر أبدًا.
هذا يجد ويجتهد ويحفظ اسم عائلته، وهذا يعيش على هواه، يستمتع ويلهو ويلعب بالطريقة التي يختارها؛ شرط ألا تُلحِق الأذيّة بالآخرين.
لكن... لا يُمكن لشخصيتين تعيشان في الجسد ذاته أن يعيشا على وِفاق هكذا للأبد.
فلقد إزداد غرور هايد رويدًا رويدًا، وأراد أن يكون هو الشخصيّة الرئيسة لهذا الجسد، وتلك الإرادة لا تَتِم إلا بمحو الشخصية الرئيسة؛ جيكل.
ومُذُّ سنوات بدأ الصراع بين الشخصيَّتين على الجسد، تَمرَّد هايد وتمرَّد، ولم يستطع جيكل ضبطه أبدًا حتى وصل به الحال إلى طريق مسدود بعد أول جريمة قتل إرتكبها هايد، فقرر ترك سيؤل وأن يبتعد؛ بِحُجَّة تطوير العمل في الخارج، لكنه في الحقيقة يهرب من نفسه الداخليّة، من نفسه الأمّارة بالسوء، من الأنا العُليا، من جُزء الشيطان الذي يسكنه.
وهكذا مَرَّت سنة واستحواذ سوهو على جون ميون يزداد ويزداد، فهو بات أقوى ونصيب جون ميون من جسده أصبح في التراجع، واليوم الذي يصبح فيه الشخصية الثانوية قد يكون قريبًا.
وهذا ما يخشاه... الموت في هذه الطريقة، أن يموت داخل جسده ولا يدري أحد؛ لأن جسده مِلكٌ لِسواه.
كان يسير جون ميون بشرود في الشارع، لكن استوقفه شيئًا واحدًا، تِلكَ الفتاة التي شعر بأنها مألوفة بطريقة ما.
إستوقفها.
"يا آنسة!"
تسمَّرت إيري لما سمعت هذا الصوت مُجددًا، إنه الصوت الذي تألفه، بل هو صوت لن تنساه أبدًا.
إنَّهُ النهار، هل أتى ليتقفّى أثرها لأنها بالأمس عَصته وهربت منه، لا يُمكن أن تسمح له أن يقتلها، غريزة البقاء وجدت لمثلِ هذهِ المواقف الخطيرة.
شَدت على حقيبتها وركضت بأقصى سُرعتها، جون ميون استغرب سلوكها، وشعر بأن الأمر حقًا لا يخصه بشكلٍ خاص، إنما يَخُص سوهو.
"يا آنسة! توقفي، سأتكلَّم معكِ فقط!"
"لا تتبعني، أرجوكَ أرجوك!"
لكنه لا يستمع، لا يُمكن لفرصة قد تنقذ حياته أن يصرفها هكذا، أسرع ناحيتها أكثر حتى أمسك بعضدها وجعلها تلتفت إليه، فوجدها تبكي بالفعل.
"أرجوكَ لا تؤذيني، أرجوك، أنا آسفة!"
أفلتَ يدها وتنهد يحاول تهدئتها.
"لن أؤذيكِ، فقط رجاءً دعينا نتكلَّم لبضعِ دقائق فقط!"
نظرت حولهما، هناك الكثير من الناس، لن يتمكَّن من أذيتها، أومأت له برأسها، فابتسم وقال.
"شُكرًا لكِ، دعينا نجلس في هذا المقهى"
نظرت إلى المقهى بقلق، لكنه قال.
"يوجد به أُناس كُثر صدِّقيني"
إنَّهُ النهار، لن يؤذيني... لا بأس إيري!
دخلت بعده إلى المقهى، واختارت طاولة قُرب النافذة الزُجاجيّة المُطلّة على الشّارِع، لم يعترض، بل جلس حيث تُريد وترتاح هي.
"تفضل، ما الأمر؟"
"أنتِ تعرفيني، أليسَ كذلك؟"
أشاحت إيري عنه بنظرها، فهمس.
"عندما مررتُ بكِ شعرتُ أنَّكِ مألوفة، وعندما هربتِ مني أصبحتُ أكيدًا أنَّكِ تعرفيني"
نظرت له الفتاة فاتبع.
"كيف لإحدى ضحايا هايد أن تنجو؟"
إزدرئت جوفها فاتبع.
"هو بالتأكيد سيأتي لأجلِك الليلة!"
شهقت الفتاة وملأ الخوف معالم وجهها.
"يأتي من أجلي؟"
أومئ جون ميون، ثم جلس على الطاولة أمامها بإعتدال يقول.
"بما أنه لم يقتلك"
"أهو شخص تعرفه؟ أصواتكم تكاد تكون ذاتها، لكن الطريقة التي يتكلَّم بها بَدت مُختلِفة"
"ماذا قال لك؟"
"شيئًا ك"وقعتُ في حُبِّك""
ارتفع حاجب جون ميون مُستهجنًا.
"أقال شيئًا كهذا حقًا؟"
أومأت له، وجون ميون استهلك بالتفكير دقائق، قضتها تنظر له بقلق.
"لكن أنتَ من؟"
نظر لها جون ميون واتبع.
"أنا شخص يريد التخلص منه، وإلا سينتهي بي الأمر كإحدى ضحاياه"
"وماذا ستفعل؟"
"افكر أن أعقد معكِ صفقة"
رمقته بإستهجان.
"معي أنا؟
وكيف ذلك؟"
"ألديكِ حبيب؟"
"ماذا؟"
"إن قال وقعتُ في حبك فهو يعنيها ولو بدى متسرعًا ولو وقع في لحظة، هكذا تكون الشخصيات الثانوية"
"ما الذي تقوله أنت؟"
تنهد جون ميون، وأرجع ظهره إلى مقعده يحكي بشكوى.
"أنا عالق في مكاني، لقد فقدتُ طريقي بالفعل.
لا أملك إجابة تُقنعكِ لأُعطيكِ أيّاها، لأنه يأسرني داخل الصمت... لا يمكنني أن أبوح.
إنه الشخص الآخر منّي، ذلك المخفي بداخلي، هو داخلي ومن على السطح يُسابقني ليستحوذ علي، يخنقني!"
"تُعاني من فُصام بالشخصيّة؟"
حرَّك كتفيه بجهل.
"هذا ما يقولونه الأطباء، لكنني لا أتمكَّن من التخلُّص منه مُذُّ أنهم لا يعرفون، علي أن أحاربه وحدي"
إزدرئت إيري جوفها ورمقته بقلق.
"كيف؟"
"بشيء يحبه... أنتِ"
أشارت إلى نفسها مُستنكِرة.
"أنا؟ لم تقل أنه سيأتي ليقتلني؟"
أومئ لها وقال.
"سيفعل إن رفضتِه"
إرتبكت الفتاة على آخرها وأزدادت منه خوفًا.
"وماذا أفعل؟"
"لا ترفضيه"
"وماذا سأفعل بعد ذلك؟"
"سأخبرك"
......................
آتى الليل؛ وكانت تعلم إيري أنها في موعد مُظلِم الليلة مع قاتل لندن، كالعادة؛ خرجت من عملها في الوقت ذاته التي تخرج به كل يوم، إنها العاشرة مساءً.
كانت تسير في الشوارع بريبة، ما زال الشارع يَضُج بالحياة مُذُّ أن الليل لم ينتصف بعد، فلم يَحِن وقت القاتل هايد بعد.
لكنها كانت تشعر بأن القاتل هايد سيظهر لها من العدم، لأنه ربما يٌريدها هي بالتحديد أن تكون ضحيته، فهي بالمرّة الأخيرة لم تستمع لكلامه رغم تهديده الواضح بالقتل.
لم تَكُ تتلفَّت كثيرًا، بل فقط تَسير بإستقامة وسريعًا، لكن مصيرها محتوم محتوم، فها قد شَهقت إثر شعورها بشيء يوخِز ظهرها ثم صوت تعرفه، وتخافه كثيرًا، يتسرَّب إلى سمعِها.
"لا تجرؤي أن تصرخي، قبل أن تفعلي السكين سيقطع حبلكِ الشوكي، أنا قاتل مُحترف كما تعلمين"
إمتلأت عيناها بدموع الرهبة، لكنها أومأت برأسها عدة مرات وهمست.
"سأفعل ما تشاء، لكن رجاءً لا تؤذيني!"
"فتاة جيدة، والآن امشي بطريقة عاديّة، ولا تجذبي الأنظار، تفهمين؟"
"حسنًا!"
سارت معه حتى إنتهى بها المطاف تدخل معه إلى إحدى مداخل المباني، أمسك بيدها حينما أصبحا بالداخل، وسيَّرها معه إلى حيثُ يُريد.
أدخلها إلى حُجرة فارغة، فأخذت تتلفَّت يمينًا يسارًا، لكنها لا ترى أحد بالجِوار، إنها فقط غرفة فارغة تحوي خزانة معدنية وبعض معدات التنظيف.
إلتفتت له تستفسر برهبة.
"لِمَ أتيتَ بي إلى هنا؟"
"لِنتحاسب"
إزدرئت جوفها ترمقه بخوف، فرفع حاجبه وابتسم بلؤم.
"استمع، كُن ليّن معي، أنا أخاف بسهولة"
ضحك من قولها واستنكر.
"حقًا؟!
لم أرى أحد لم يَخف مني بسهولة!"
إزدرئت جوفها حينما أصبح يقترب منها، ورفعت كفّيها تصده عنها.
"تريد أن تقتُلَني؟
قُلتَ أنَّكَ تُحِبُني!"
همهم وأومئ.
"نعم قُلت، ولهذا لن أقتُلك!"
إقترب منها أكثر ونبس.
"لذا ما رأيكِ أن تعقدي معي صفقة؟"
"وأي نوع من الصفقات تريدني أن أعقد معك؟"
"همممم..."
أخذ يقترب منها ويقترب، حتى جعلها تلتصق بالخزانة المعدنية، حاصرها بين ذراعيه إليه، وهي جمعت يديها قريبًا من صدره.
"أُخطط أن أراكِ كثيرًا، إن رأيتُك لن أقتل أحد، لو تهرَّبتِ ستكوني المسؤولة عن حياة الضحية، لا أنا"
"ما هذا الهُراء؟"
تحمحمت حينما رمقها بإستنكار فهمست.
"هل رأيتَ مُسبقًا فتاة رضيت أن تُصادِق مُجرِم؟"
رفع كتفيه ونبس.
"إن كُنتِ لا تُريدين، سأقتلكِ أنتِ أيضًا... أنا رجل عنيف كما تعلمين"
"هذا مُخيف"
تبسَّم وهي تنهدت.
"حسنًا، لنفعلها... في المُقابل أنتَ ستتوقف عن قتل الناس"
برم شفتيه وأومئ.
"حسنًا، هذهِ صفقة عادلة نوعًا ما"
.......
وهكذا مرَّت شهور... سوهو يواعد وتوقف عن القتل، إختفى فجأة، جرائمه توقفت تمامًا.
وأما جون ميون؛ فقد أصبح يعلم عن كُلِّ تحرُّكات سوهو؛ شريكه في جسده؛ أين يذهب وكيف يقضي وقته، وذلك بفضل حبيبته إيري.
فلقد تناول إتفاقهما أن تدَّعي الحُب، وأن تُخبره بكل تحركات سوهو، وأهم من ذلك؛ أن تمنعه عن قتل الناس.
وهذا ما يحدث مُذُّ شهور فعلًا...
في إحدى الصباحات؛ وقف جون ميون أمام مرآته بعدما أخذ حمامًا دافئًا، مسح البُخار المُتكاثف على المرآة وترائى له إنعكاسه الذي لا يشبهه، هايد في المرآة.
تبسَّم سوهو كما يفعل دومًا وجون ميون ردَّ له الإبتسامة بمثليتها، فلقد غدى مؤخرًا مُنتصرًا، التوقف عن القتل يُضعِفه، في المُقابل يزيد جون ميون قوّة.
لكنَّهُ لم يُكلِّمُه بل إنسحب من عِنده بصمت، وهذا ما أشعر هايد بالشكوك، فشريكه الذي يعرفه، الشخصية الرئيسة لهذا الجسد والمُسجَّلة بالوثائق لا يمر عليه بمثلِ هذا الهدوء أبدًا.
أمرًا ما يدعو للريّبة...!
..................
الليلة يجمع بين هايد وحبيبته لِقاء آخر مثل كل ليلة كما في الشهور الأخيرة.
خرجت إيري من منزلها في وقت المساء الباكر، فاليوم عُطلة، ولقد تحججت أمام والدتها أنها ستخرج للتسكُّع مع بعضِ رفيقاتِها.
وأما هايد؛ فلقد كان ينتظرها بمكانٍ قريب، في مدخلِ شارع فرعي ضيّق قد توقف لأجلها، وها هو يراها الآن تخرج من منزلها وشفتاها مُعبّأة بإبتسامتها التي تسحرُه.
سارت نحوه دون أن تراه، وما إن صارت في متناول يده؛ أمسك بعضدها واجتذبها إليه، شهقت إثر المُفاجأة، إذ فجأة هي مُحاصرة بين الحائط وذراعي رَجُل، لكنها إبتسمت؛ إذ أن هذا الرَّجُل هو حبيبها بالفعل.
خلخل أصابعه بين خُصل شعرها ورفعها بعيدًا عن وجهها، ثم إجتذبها من خصرِها بخشونة إليه؛ ليطبع على وجنتها قُبلة وتَّرتها، فهما لا يتبادلان القُبل أبدًا.
لكن هايد اليوم مُختلف، لجيكل عِقار يستخدمه لشفاءه ومحو هايد منه، وهو يَشُك أنَّه يعرف ما هو العِقار هذا؛ لا شيء بل إيري... نظرات الإنتصار التي لمعت بعين جون ميون تخبره أنه سيلوي له ذراعًا تؤلمه جدًا، وهي بالفعل كذلك، إيري ذراعه التي تؤلمه جدًا.
أقام ذقنها بأصابعه ثم طبع قُبلة خَشِنة على شفتيها، جعلتها تتمسك بكتفيه، وتكمش بأظافرها على خُصلات شعره الحمراء.
"قَبِّليني"
حرَّكت شفتاها تُبادله هذا الحُب، ليس مُرغمة؛ فهي مؤخرًا واقعة في حُبِّ مُجرِم.
لم يَكُ هايد أول تجاربها مع الحُب، لن تَعُد لحفظ العِفّة؛ لكن كل علاقاتها السابقة بائت بالفشل.
وذلك يرجِع لأن ولا رجل من الذين أحبَّتهم أحبوها كما تُريد أن تتلقى الحُب... سوى هذا المُجرِم صاحب الحُب الفريد.
هايد أحبها كما لو أنها مُنقذته، متنفسه الوحيد، المرأة الوحيدة التي تعيش على سطح الأرض، شخصه الوحيد، مصدر قوته وضعفه في ذات الوقت، إمرأته التي لن يتمكن من تقبل خسارتها، ولو حدث أن أُجبِر على ذلك قد تُقام حرب عالمية ثالثة؛ فهو صعب المَراس وعنيد، ويفعل ما يُريد.
أمسك سوهو بيدها، ثم سحبها معه إلى أسفل جِسر نهر التايمز، جلسا هناك؛ بعيدًا عن الناس، مُذُّ شهور، هذا هو مكانهما المُفضَّل.
جلس سوهو وأجلس إيري بين قدميه، أحاطها بذراعيه وساقيه، ووكز بذقنه كتفها ينظر معها إلى النهر.
"سوهو؟"
"هممم؟"
"لطالما راودني الفضول عن السبب في وجود نُدبةِ عينك"
تنهد على كتفها فأحسَّت أن الإجابة ثقيلة عليه.
"إن كنتَ تُعاني فلا تُخبرني، لا بأس"
"إنَّها من والدي البيولوجي قبل أن يُلقي بي بالميتم"
أرادت أن تلتفت له، لكنه منعها عندما شدد على خصرها، فهو لا يريد أن تواسيه، ولا أن يراها تُشفِق عليه.
"لكن لا بأس... أنا إنتقمتُ منه، قتلته بعدما تَبنَّتني عائلة كيم، ولم يكتشف أحد ذلك للآن، هذهِ تُسمى جريمة مثاليّة، لا أرتكبها إلا بحق من يخونني!"
إزدرئت إيري جوفها وحرَّكت عُنقها تبغي الإلتفات له، لكنه منعها مُجددًا.
"سوهو؟"
"هممم؟"
"لو افترضنا أنني خُنتُك؟
ماذا ستفعل بي؟"
حبست أنفاسها، وكمشت جفونها بشدّة، فلقد شدد ذراعيه حول بطنها زيادة لدرجة تؤلمها وتخنقها، وهمس في أُذنها كما لو أنها وساوس شيطان.
"لن أتردد في قتلكِ حينها... أياكِ أن تختبري جنوني!"
وضعت يداها فوق ذراعيه التي تخنقها وهمست بصعوبة.
"أنتَ تخنقني!"
خفف من قوّة ذراعيه حولها فسحبت نفسًا وزفرته بتوتر، قد يقتلها حقًا، هو لا يمزح، إزدرئت جوفها في قلق، ولم تقل شيء بعدها، لكنه همس.
"لنا نهاية حتميّة بالتأكيد لكنها ليست واضحة المعالم للآن، خلال الوقت كل الأمور ستزداد تعقيدًا"
ثم همس مجددًا في أذنها.
"تأتي النهاية عندما تتراكم الشكوك مع مُضي الوقت!"
أبعدت أُذنِها عنه في قلق، ونظرت إلى النَّهرِ تَدَّعي الثبات وفي جوفها ترتجف؛ حتى أنَّها بين يديه الآن ترتجف، وذلك ما جعله يبتسم مُتهكِّمًا.
لم يَكُ يومًا طوّاقًا للحُب؛ لكنه عندما قابله تعرض للخديعة، الأمر يؤلم ويُشعره بالعجز.
.....
لم يَعُد سوهو إلى المنزل تلك الليلة؛ بل ترك إيري تُغادر وضلَّ جالِسًا في محلِّهُما، أسفل جسر نهر التايمز.
إنَّهُ يحاول الهرب الآن، لا يُريد أن يعود، لا يُريد أن ينام؛ لأنَّهُ من هذهِ الحياة أرادَ شيئًا واحد فقط؛ إيري وحسب.
لكن جسده لن يسير على رغباته فها هو يكاد يفقد نفسه، جون ميون استيقظ في داخله ويُريد الخروج.
قاوم وقاوم وقاوم... لكنه لم ينجو، وها هو يفقد نفسه وجون ميون يظهر.
إرتمى جون ميون بجسده على إحدى الأعمدة المُسانِدة يتنفَّس بثقِل، ثم نظر من حوله، ورويدًا رويدًا أدركَ أين هو.
"لقد إخترتَ مكان بعيد عميق يَصعُب وصولي إليه، لكن حتى لو هربت أنت هو الذي يملك وجود بداخلي غير منطقي؛ يقودني إلى الجنون"
تنهد جون ميون ونظر فيما حوله، ثم تهكَّم مُبتسِمًا عندما رأى في السماء الشفق.
"إنّي أرى الآن الشفق الأزرق بعد إنتظار دام طيلة الليل... هذه بُشرى خير، كما لو أنه نَزعة ضوء تكسر عتمة، أنتَ قريبًا ستخرُج مني!"
ثم أمام المرآة مُجددًا حيث يتقابل جون ميون وإنعكاسه عليها؛ وجهًا لوجه هكذا.
"اوه يا إلهي! ما عدتُ أستطيع أن أُخفي الأمر أكثر دون أن أمضي بالمزيد"
تبسَّم هايد ونبس.
"ذات الشيء بالنِّسبةِ لي"
نفى جيكل ضاحكًا وأجاب.
"لا، أستطيع أن أرى الغضب الذي تحاول إخفاءه عني، هل كُشِفنا؟"
ضرب هايد المرآة بقبضته ونبس غاضبًا.
"لِمَ وجب أن تكون هي العِقار؟ لِمَ استخدمتها ضدي؟ استخدمتَ أحب خصوصياتي إليّ ضدي!"
أجابه جيكل وقد مسح عن وجهه السُخريّة، بل تكلَّمَ بنبرةٍ جادّة.
"لأن جُرعة واحدة ستكفي، أخبرتُكَ أنَّها قضية افعل أو مُت بالنسبةِ لي!"
تبسَّم هايد بغضب وانسابت من عينه دمعة عن قهر، لكن جيكل اتبع يتكلم بلسانٍ حاد يُقطِّع هايد من جوفه كما لو أن الكلام سكاكين.
"أنا أحبسك!
لا مكان لكَ هُنا!"
حَزَّ هايد على ضروسه ونبس.
"إنه المساء، اذهب ونَم الآن!"
نفى جيكل وأجابه.
"أنتَ لن تقدِر على الخروج مُجددًا!
هذهِ الليلة الطويلة، هذه اللحظة الخطيرة... لحظة نِزاع بيني وبينك.
ضوء القمر ينتشِر بضعف شديد فالظِلال تحتشِد عليه... هذهِ هي حالتُكَ داخلي.
تعلم! أنا لم أخبرك، لكن ذكرياتك بدأت تمتزج مع ذكرياتي، تخبرني أنها النهاية التي أحظى بشرف الإنتصار بها لا محالة.
سأجد أماكن هذه الذكريات المُبعثرة هذه الليلة، وأنا سأنفصل عنك الآن!"
إحمرَّت عينا هايد وابتسم لآخر مرة بكبرياء فيما تنتشر تكسرات وتشققات من عُنقه إلى وجهه، وآخر ما قاله هايد.
"أنا لم أستطِع قتلها، لكنها نجحت في قتلي"
"اخرج بسلام!"
عندما تُثار في داخلي كما لو أنَّك كابوس، أنا سأقطعك بلا أي تردد... أنا أحذرك.
إندمج معي بسلام أو أن لا شيء سيبقى منك!
.............
"جيكل|| Jekyll"
............
سلاااااااام
طبعًا طبعًا طبعًا الوانشوت مش قصة حب، لأنه الأغنية ما فيها أي قصة حب، بتحكي عن صراع خالص بين جيكل وهايد، الأنا والأنا العُليا.
أتمنى يكون زابط وشكرًا للبنت صاحبة الفكرة المجنونة الي اختارتها.❤
الوانشوت القادم بعد50 فوت و100كومنت.
رأيكم بِ:
جون ميون؟
سوهو؟
إيري؟
القصة بشكل عام؟ وهل نجحت بتصوير الأغنية؟ كم تعطوها من عشرة؟
ترشيحكم للوانشوت الجاي؟
دمتم سالمين❤
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤
Love❤
Коментарі