المركز التجاري
حفل التخرج
دوامة الزمن
القصر ||1 ||
القصر ||2||
مساعدة
أصدقاء
مفجأة
القبو السري
حقائق غريبة
القصر ||1 ||
أسرعت نحو الغرفة الصغيرة للأتأكد أن درة على مايرام هي و ليان، أقتربت منها و جدتها تحدق في السقف و عندما تكلمت : عزيزتي درة، هل أنتي على ما يرام؟.
إلتفتت إلي بهدوء وقالت : بخير... .
-مابك لما توقفتِ؟. قلتها وأنا أحدق في وجهها الهادئ، الذي تحول إلى غاضب في دقائق قليلة، لتقول : ماذا حدث لوجهك، من تعدى عليك يا أختي؟؟.
- لا داعي لصراخ، إنني بقربك.
-لم تجيبي على سؤالي.
مددتُ يدي إلى وجهي و لمسته بخفة، وقلت : صفعني أحدهم.
و هنا صرخت درة : من صفعك، من هذا الشخص الشرير!!.
و فجأت شعرتُ بيد صغيرة تمسك يكتفي، سمعتُ ليان : أنا أعلم من صفعها يا درة.
قالت درة بلهفة : من!!، أخبريني ياليان كي أوسعه ضرباً.

قالت ليان وهي تحكم قبضتها على كتفي، : إنه ذلك الرجل الذي لم يسمح لنا بالدخول، لقد رأيت كل شيئ.
قلت موجهتاً حديثي لليان : لقد كنتي نائمة ياعزيزتي، ماذا جعلك تستيقضين؟.
-أستيقض!!، لقد رأيت وسمعت كل شيئ لا تنكري ياسوسن.
فقلت لدرة : لا تخافي على، إني على ما يرام، الأهم أنك قد شفيت.
فبتسمت لي و قالت :عدتُ بكاملِ صحتي.
ربتُ على كتفها قائلة : تحسنٌ سريع.
طرق الباب بخفة، و قبل أن أسأل شاهدتُ درة تقفز نحو الباب وتفتحهُ، حيتها أليس و دخلت وهي تحملُ صينية وضع فيها بعضُ الطعام و أبريقُ ماء.
قالت أليس :أوه، عزيزتي سوسن، هل يألمكِ و جهكِ.
فقلتُ لها : لا يا أليس، ولكن أخبري سيدكِ إذا قابلته أن يعتذر وجهاً لوجه.
فقالت أليس : لن أرفض طلبكِ، هل من شيئٍ آخر؟.
-نعم.
فلتفتت ليان ودرة إلى بحيرة، وكذلك أليس فقلت : في أيِ عامٍ نحن؟.
فبتسمتْ أليس ابتسامة عرفتُ مغزاها، وقالت : ١٩٤٥.
دهشتُ كثيراً و قلت : ألسنا في ٢٠١٨؟.
ضحكت أليس و قالت :إلى أين ذهبتِ يا سوسن، لا تسابقي الزمن.
فقلت وأنا أنظر إلى ملابسنا : صحيح، هذه الملابس قديمة، لا أظن أننا في خدعة يا أخواتي، إن هذهِ حقيقة.
صمتُ قليلاً و من ثم قلتُ لأليس : في أيِ مكانٍ نحن؟؟.
بدأت الريبة في الظهور في أليس، ولكني عالجتُ الموقف، فقلتُ :جنوب لندن، أليس كذلك.
فتغيرت نظرات أليس و أبتسمت، - لقد كانت أبتسامة مصطنعة - فقالت : صحيح، صحيح، لقد ظننتكِ قد جننتِ عندما وجهت إليكِ تلك الصفعة.
فلوحتُ بيداي و أنا أقول : لن يحدث ذلك، مطلقاً.
بعدما خرجت أليس، سألتني ليان : كيف عرفتي؟.
فقلت :أوه، عزيزتي عندما تقرئين الكثير عن لندن، فيمكنكِ أن تجزمي أين أنتي، نظراً لطبيعة المكان و أبتعادنا عن الأزدحام و الصخب فعرفي أنكِ في "جنوبِ لندن".
فسألت درة :إذاً لماذا سألتها؟.
فأجبتها : لأتأكد من حدسي فقط.
ومن ثم بدأنا بتناول الطعام، لقد كنا جائعين لدرجة أننا لم نشعر بالجوعِ إلا عندما بدأنا بتناول الطعام.
ومن ثم تجمعنا مع بعضنا، فقلت :من الغريب أن تلك الدوامة قد قذفتنا إلى هذا الزمن!.
فقالت ليان: أو لم نحن نتحدثُ لغتهم بسلاسة ألم تلاحظا؟.
فأجبتها :بلى لاحظتُ عندما تحدثتُ إلى ذلك الرجل.
فقالت درة :أو لماذا لا تكون خطة مدبرة من أحد لتخلصِ منا.
نظرنا إليها أنا وليان لبرهة قبل أن نضحك، و أقول لها بعد أن أنهينا و رأيت وجهها قد أحتقن من شدة الغضب :ومن عساه يفكِرُ في التخلصِ منا يا در... .
توقفتُ فجأة عندما فُتِحَ الباب بقوة و دخلت أليس و هي سعيدة، :أوه، سوسن عزيزتي، كيف أقولها!.
أقتربتُ منها وقلت في هدوء :مابكِ يا أليس؟.
بدأت ملامحها بالهدوءُ قليلاً، و بعد أن هدأت قالت :لقد أنتابتني
فكرة عظيمة. فصفقت بخفة ومن ثم أردفت و نحن نراقبها بلهفة قائلة : سوف يذهب الجميع من القصر و سوف يكون خال من أي أحد، و سأكون قد أنهيت كل عملي لذا، وبما أنكن هنا سوف نختلس نظراتٍ سريعة على القصر، سوف أريكن غرف القصر، سيكون الأمرُ رائعاً.
ومن ثم أنصرفت، و أقفلت الباب في هدوء و تركتنا في حيرة من أمرنا و نحنُ نترقب خروجَ الجميع من القصر.

عندما خرج الجميع من القصر، جائت أليس بعد أن تأكدت أن جميع الغرف خالية، جائت إلينا و طرقت الباب، فأجبتها : ادخلي يا أليس.
دخلت أليس وفي محياها أبتسامةٌ صغيرة، أقتربت مني و قالت وهي تهمس :سوسن، أريد معرفت أخواتك.
فبتسمت و قلت لليان و درة بالأقتراب، لقد رأيت نظرات الريبة و الحذر في أليس، فقلت موجهتاً حديثي إلى أليس :هذه ليان و هي أختي تصغرني بعامٍ واحد، أما هذه الصغيرة فهي درة و تصغرني بثلاثة أعوام.
فقالت أليس موجهتاً حديثها نحوي : و أنت يا سوسن ، كم عمركِ.
فأجبتها : عشرون عاماً.
فهتفت : أوه، إنك صغيرة، لقد ظننتك ثلاثة و عشرون أو أثنان و عشرون.
فسألتها: و أنتِ، كم عمرك يا أليس؟.
فأجابت أليس بابتسامة واسعة : ثلاثة و عشرون.

تبادلنا أطراف الحديث مع بعضنا البعض، و بعد أن أنهينا، قالت أليس : حسناً، فل نذهب.
تبعنا أليس إلى الخارج و عبرنا ممر قصير يقود إلى غرفة واسعة بلونٍ بني فاتح و قد زينتا بأثاثٍ أبيض اللون، و وسطها مدفأة أشعلت بنار تكاد تنطفئ، فأردفت أليس : هذه هي غرفة الجلوس، و هي الغرفة الأفخم في القصر.
و من ثم ذهبنا إلى عدة غرف متوسطة و متشابهة لولا لون الطلاء، بعدها صعدنا إلى أعلى في هدوء، لم أفهم لم نصعد ببطئ، أو لماذا لا نتكلم بصوتٍ مسموع، توجهنا إلى القسم الشمالي لنراه، لقد كان منظر الطبيعة رائعاً، من تلك النافذة المطلة عليها.
أنهينا القسم الشمالي فتجهنا إلى شرفة رائعة، و لكن شعرت بعطشٍ، بعد كل ذلك التجوال في القصر.
لذلك طلبت من أليس كأس ماء فقالت لي واصفتاً، ممراً قصيراً إلى أقرب إبريق ماء، :عندما تخرجين من الشرفة أتجهي يساراً و من ثم أمشي حتى تصلي إلى بابٍ لونهُ أبيض و من هناك ألتفتي إلى الأمام و أمشي بمحاذات الجدار إلى أن تصلي إلى أن تصلي إلى منضدة عليها إبريق الماء.
فقلت بستغراب: ولكن لم كل هذا، إنها معقدة.
فقالت : أتريدين كأس ماء.
لم أستطع الرد عليها فلقد جف حلقي فكتفيتُ أن أومأتُ لها برأسي ففهمتُ و من ثم أنصرفت معتمدة على عقلي في تذكرِ المسار الذي أخبرتني بهِ، ولكن حدس غريب كان يلحُ لي أن هذه المسارات المعقدة، ليست سوى خطة لإقاعي فيها، و لكن لم أبالي و أستمررتُ في أتباع ما أخبرتني أليس، لقد أحسستُ أني أدور في نفس المكان و لكن و ميض الأمل أصبح ضوءاً، فلقد رأيت الباب ذو اللون الأبيض ولكن، لم أرى أي منضدة أو أبريق، لذلك قلتُ في نفسي: لعل المنضدة في الأمام.
وواصلتُ السير و لكني لم أجد، ووصلت إلى أخر الممر حيث يوجد بابٌ بلونٍ أسود و مقبض ذهبي.
لذلك قررتُ العودة من حيث جئت، ولكن ما جعلني أقف، و أتسمر في مكاني، صوت بكاء خافت و تلاه صوت نحيبٍ مهيب، أستمر لِلحظات قبل أن يتوقف و أتنهد قليلاً، و أتحرك ببطئ، ولكن ما أثار الرعب داخلي أني سمعت مقبض الباب وهو يتحرك بخفة، و بعضُ النحيب، كنتُ قد أصدرت ظهري فلم يكن ليتعرف علي بسهولة، و بعدها أُقْفِلَ الباب و أستدار الشخص مقابل، أحتكت أسناني ببعضها البعض، فقلتُ في قرارتِ نفسي :ماهذا يا أليس، لقد قلتِ أن القصر خالٍ من أي أحد.
سمعتُ صوت الرجل مألوف قائلاً: أليس، أحضري لي كوب ماء.
كانت هذه فرصة لن تعوض، لذلك تحركةُ عائدة، و لكن صرخة من ذلك الرجل أوقفتني قائلة: توقفي!، أيتها اللصة!!!.
فقلتُ محدثتاً نفسي : لقد كشفت.
و لكن عندما أدرتُ ظهري، رأيتُ الرجل و قد تهاوى جسمهُ للخلف، و أرططم بالأرض مصدراً صوتً أشبه بوقوعِ الحجر، و صدر من شفتيه بعضُ الأنين الخافت، و حاول النهوض ولكنه لم يستطع، ومد يده، وتمتم متأوهاً: أليس، فل تسرع... .

و بعدها جحظت عيناه و أغلقها برفق و أطبق على شفتيه، أسرعتُ نحوه، وأنا أراه بتوتر فقلت : أنهض!!.. أنهض!!.
هززتهُ بعنف و لكنهُ لم يستجب، لذلك أتجهتُ إلى الشرفة لأخبر أليس و لكني أصطدمتُ بها في الطريق، وقد كانت وراءها ليان و درة، قالت ليان : مابك ياسوسن؟، و لم تأخرتي؟. لم أرد على ليان إنما نظرتُ إلى أليس و عيناي تحملان الغضب عليها و أمسكتها من معصمها و أقتدتها إلى ذلك الرجل الراقد على الأرض، وعندما رأتهُ أليس إتجهت إليه و عيناها متوترتين، فقلتُ لها :أين المنضدة التي يقبع فيها الأبريقُ يا أليس؟، و لماذا لم تخبرينا أن هناك شخصاً أخر؟. لم ترد أليس علي، إنما حاولت جاهدة إعادة سيدها إلى وعيه، و أنا أراقبها ببرود، أما ليان ودرة أقتربتا مني، وهمسة ليان :هل أذيته؟.
فنظرتُ إليها و قلت ببرود: لم ألمسهُ يا ليان، لا تخافي هو فقط متعبٌ.
ألتفتت أليس إلينا، بعينان تترقرقان بالدموع، وقالت: أرجوكن!، ساعدنني على إقاضه!.
نظرت ليان لي و همسة : ألا يفترض علينا أن نساعدها.
فهمسة درة لي أيضاً : أجل سوسن، يجب أن نساعدها.
لم أستطع الرفض، فأقبلتُ نحوها، وقلتُ لها دون أن ألمسه: يجبُ أن تدعيه يرتاح، فهو متعبٌ للغاية.
كان شبه مستيقض، أستطاع بمساعدتها أن يحرك ساقيه إلى الغرف، بينما تابعت أناو أختاي العملية، خرجت أليس و أقفلت الباب في هدوء، أقتربتُ منها و قلتُ: أليس، أظنك قد أخفيتِ شيئاً عنا.
فنظرتْ إلي، وقد كانت الدموع تخرجُ من محجريها، فقالت بعد أن مسحت دموعها بيدها : لم أكن أعرف شيئاً عن وجود السيدِ هنا، أقسم لكِ، لقد كان السيد هاردي من أخبرني عن خروج كل من في القصر. صمطت و من ثم أردفت : هناك شيئٌ، يجب أن أخبرك به، لكن...، يجب أن تسمعنه بعيداً عن هذه الغرفة.

تبعنا أليس إلى غرفة صغيرة، وجلسنا هناك، فقالت أليس :إن السيد... .
فقاطعتها : المعذرة أليس، ولكن ألا يفترض أن تخبرينا باسم سيدك؟.
فقالت بعد برهة من التحديق: السيد ديكنز، ألفريد ديكنز.
فقلتُ في سري :لقد كان أستنتاجي صحيحاً! .
و أكملت أليس :إن السيد ديكنز قد أشترى القصر من عائلة ليدل، و بعدها بشهر ، أرسلت برقية له من السيد ديكنز - والده- ليأتي بسرعة بسبب مرض والدته غير المعروف، و مكث أسبوعان و من ثم عاد إلى القصر ليرى و يوفر ما ينقصه و كنا في ذلك الوقت نعملُ أنا و أني وولسون، بعدها أشتد المرض على أمه كثيراً، فلم نراه لمدة أسبوعان آخران، و من ثم عاد ولكن بصحبة أصدقائه، السيد هاردي و السيد روبرت، في البداية لم نعرف لماذا ولكن أتضح لنا الأمر، عندما شاهدتُ سيدي وهو يبكي، لم أر رجلً يبكي إلى هذا الحد. صمطت قليلاً و من ثم أكملت: وقبل أسبوع أخبرنا ويلسون - الخادم الذي يعمل مع السيد ديكنز - أن والده قد أصيب بمرضٍ معدٍ، و لم يسمح لأحد رؤيتهم إلا الأطباء المتخصصين في ذلك، ومن ثم...
تغيرت نبرة صوتها، وقد خالطها حزن : توفيا وهما راقدين مع بعضهما البعض، كتب وصية قبل موته لبنه، بأن يرث كل ثروته العظيمة و لكن السيد ديكنز.. لم يتحمل رحيل والديه وتركه في الحياة وحده، لذلك هو يتعبُ بشكلٍ مستمر.
أستولى المكان صمتٌ مهيب بعد أن أنتهت أليس، شعرتُ بالأسى و الحزن يخالطان قلبي عندما حكت لنا معانات سيدها، وتذكرتُ والدي، ماذا حصل لهما، تسربت بعض الدموع من عيني ولكني مسحتها بسرعة، و قلت لأليس :إذا، ماذا يفسر صفعهُ لي؟.
أطرقت برأسها تفكر، ثم قالت:أظن..، لا أعلم، ولكني أجزم أنه قد فقد عقله في تلك الفترة.
سرة رعشة باردة في جسمي، عندما سمعنا صراخاً آت من غرفته، ثم توقف الصراخ، فركضنا متجهين إلى غرفته، ولكن سمعنا باب القصرِ يفتح، و من ثم عادة الصرخة ولكنها أعلى و أقوى، لاحظتُ رجلان يسرعان الخطى عبر السلالم أحدهما طويل و الأخر متوسط الطول، كانا مذعورين، فقد أجتازانا ولم يلاحظا ذلك، فقلت لأليس : الأفضل لنا، أن نعود لأسفل.

© Papillon -,
книга «دوامة الزمن».
Коментарі