مفجأة
أفترشنا الأرض، بفرشة تكفينا نحن الأربعة، لم تبعد كثيراً عن القصر فقد كان يطل لنا من الجهة الخلفية وهو شامخ، أظلتنا الشجرة العملاقة التي جلسنا تحتها، كانت المسافة بيننا وبين الفتيان جيدة فهم قد أختاروا شجرةً على جانب شجرتنا تبعد عنا عدة أمتار كافية لأعطاء كل الجالسين على الجانبين نظرة شاسعة للبساط الأخضر الممتد إلى أطراف الغابة العملاقة.
أنقظت الساعة الأولى من النزهة سريعاً للغاية، لم أشعر بمثل هذه الحرية بعيداً عن النظرات المتفحصة التي كانت تراقبنا في القصر، مشينا برفقة أليس التي بدت أنها حفظت المكان عن ظهر قلب، الكثير من الزهور المنتشرة بمختلفِ الألوان على أطراف الطريق، وهناك أثارٌ لعجلاتِ عربة، كما يبدوا أنها قد سارت في هذا الطريق قبل أيام قليلة.
أنفصلنا عن بعضنا البعض، ذهبت ُ مع أليس للمشي أكثر، بينما أكتفت ليان ودرة باللعب حلول الأزهار الملونة و محاولات قطف أكبر عدد منها في مدةٍ قصيرة.
كانت أليس تثرثر في الكثير من الأمور، فلا تتعجب لو قلت أنها في ظرف دقاق قليلة تنتقل من موضوعٍ لأخر، بقيت صامت، أومئ برأسي إذا تطلب الأمر مني القيام به كي توقن أليس أني أستمعُ لها.
-أنظري..!
صرخت أليس وهي تشير إلى شيء لم تظهر ملامحه بوضوح وهو يتحرك بين العشب القصير، أهتز كياني لصرختها فقد كدت أن أسقط قبل أن أتوازن بسرعة، لا بأس لا أحد كان بالجوار،
قلتُ لها :أليس، لا يجب عليك الصراخُ بتلك الط... . بترتُ عبارتي عندما قاطعني خروج أرنبٍ متوسط الحجم من العشب وهو يخطو بهدوء، ما إن أنتبه لمن يقف خلفه حتى رفع أذناه بسرعة ثم جرى من هنا ودخل إلى الجهة الأخرى.
لا أظن أنها قد أهتمت لجملتي، فقد جرت خلفه كالأطفال وهي موقنة أنها سوف تمسكه، سرتُ ببطئ إلى أن وصلت إلى مكانها، كانت تمشطُ العشب بعينيها بسرعة، ولكنها توقفت عندما لم تجده وعادت إلى حيث كنت وقد أظهرت خيبتَ أملها لي ضحكتُ على حظها العثر هذا، بينما هي ترى الجانب الأخر من العشب وكأن هناك أملٌ بأن يظهر أخرٌ من مكانه.
أستغرقنا وقتاً لم أتوقعه لنعود من حيث أتينا، رأيتُ أن الكلَ منتشرٌ وكأنهم يبحثون عن شيئ، في غاية الأهمية، عندما لاحظت درة قدومنا، جرت إلينا بهلع ثم توقفت وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة، تفاجأتُ من تصرفها هذا، فسألتها :ماذا حدث يا درة؟، وأين لي... .
-لقد أختفت!
قالتها درة بهلعٍ شديد، أظهرته لأولِ مرةٍ لنا.
لن أستطيع أن أصف درجة الهلع التي واتتني في تلك اللحظة مسببتاً لي قشعريرة من أعلى رأسي إلى أخمص قدمي، جاعلتاً رأسي يدور ويوهم جسدي أني أسقط من علو شاهق لأستقر على العشب و لا أزال مشدوهة من هذه الكلمات التي نطقتها درة، وصدرت جملة تتردد في كياني، "هذا ما كان ينقصني إختفاءُ إحدانا ".
لقد جعلتُ من درة قلقتاً أكثر، فقد باتت ترتعش وأليس - المسكينة- تحاول تهدئتها بشتى الطرق، وتخبرها أنهم سوف يجدونها.
أستجمعتُ رباط جأشي وتجهتُ إلى درة، أعانقها بخفة حتى هدأت، قلتُ لها - وصوت القلق يأبى الزوال - : سنجدها، فقط لا تملئي رأسك بالأفكار الرتيبة!.
هزة رأسها بسرعة، وأتجهنا إلى حيث كان ألفريد، كان غارقاً في تفكيرٍ عميق،يحاول تصور شيئ ما - قد بدا جلياً على قسمات وجهه. فتح إحدى عينيه، وعندما رأني، هم بقول شيئ ولكنهُ توقف،
فقلت :"سيكون علينا البحثُ عنها في الأماكن القريبة!".
أنتفضت درة وكأنما تذكرت أمراً ما وقالت بسرعة:سوسن.. ،لقد قالت أنها سوف تذهب إلى..." .
توقفت، توجهت أعيننا إليها منتظرين أن تخبرنا بالباقي، <<الغابة>>. قالت درة وهي مترددة بشأن جملتها هذه.
نادى ألفريد صديقيه، ثم أخبرهم بالمكان الذي يتوجب عليهم البحثُ عنه، ثم أخبر أليس أن تذهب وتخبر ويلسون - العامل الذي يعملُ معهم - بأن يأتي بالعربة،
سألتُ درة بغضبٍ مكتوم : ما هذا!، كيف نذهب إلى الغابة بمفردها؟.
هزة درة رأسها بأسى وكأنها الملامة، ثم قالت تبررُ موقفها : لقد حذرتها، ..لا!، بل منعتها، ولكنها أصرت الذهاب إلى هناك، متخيلتاً أنها سوف تكتشف الكثير وما إلى ذلك. أزعجني الموقف الذي وضعتنا به ليان، لقد جعلتنا قلقين للغاية.
أستمر بحثنا إلى أن ظهر شفقُ الغروب ونحنُ مستمرون بالصياح باسم ليان، توغل الفتية إلى داخلِ الغابة، وفي كل مرةٍ ينادون باسمها يسمع صوتهم داخل الغابة، لقد تسألتُ لم لا تجيب على ندائنا، لم أستطع الدخول فقد منعونا منه، حفاظاً على سلامتنا خصوصاً و أن الليل أقترب كثيراً كاتماً معه صيحاتنا الحارة و القلقة، و مغطياً السماء بوشاحه الأسود.
عدنا إلى القصر، بعد أن أوصلنا ويلسون، وعاد أدراجه، كانت خطواتنا متعبة، وكم أحسست بالحزن و القلق مجتمعاً في كياني يأبيان الزوال، ومع ذلك حاولت ألا أظهرهما ؛كي أجعل فتيل الأمل بأن تكون ليان على خير حال و سوف يجدونها، فقدنا أنا ودرة شهيتنا، ولكن مع محاولات أليس الحارة في أن نتناول بعض الطعام قبلنا بقطعة خبز و كأس ماء، ثم أتجهنا إلى أعلى، لم يكن هناك أحدٌ في القصر باستثناء أليس و أني، أما الأخرون فلا يزالون لساعة ونصف يبحثون عنها.
بعد هذا الوقت، وفي الساعة السابعة و النصف من مساء اليوم الخامس لمكوثنا هنا، سمعنا جلبتاً أسفل منا، لعربةٍ قد أقتربت كثيراً من الباب الخلفي المؤدي للمطبخ، أزحت ُ الستائر قليلاً لألاحظ أن العربة التي يقودها ويلسون هناك، أقتربت درة من الستارة وألقت بدورها نضرة، حينها صدرت شهقة حطمت كل قيود القلق التي أجتاحتنا أنا ودرة عندما لمحنا ليان، تساعدها أليس و أني على النزول من العربة.
أسرعنا الخطى إليها، و وصلنا في أقل من خمس دقائق إليها، ما إن رأتنا حتى ترقرقت الدموع في عيناها، لم ندرك أنها قد كسرة قدمها، إلا عندما أقترب منا توماس، وقال: أنتبها إلى أختكما، فقد كسرت ساقها اليسرى وهي لا تقوى على السير. نظرتُ إليه شاكرة ثم جرينا إليها لنأخذها من يدي أليس، رمت برأسها على صدري و لا تزال تذرف دموعها، المسكينة، كم شعرتُ بشفقةٍ أتجاهها و أنا ألفها بذراعي، و أحاولُ تهدئتها، ودرة تربتُ على كتفها بخفة، وتحاول أن تفعل بالمثل.
رفعت رأسها بعد مدة ليست بالقصيرة، كان متسخاً قليلاً، ولكن قسماتُ وجهها دلت على تعبها و ألمها الذي تشعرُ به، لم أعطها وقتاً للحديث، فقد قمنا أنا ودرة بحملها إلى أعلى، ووضعناها بعد عناء كثير على سريرها.
طرق الباب، فذهبتُ لفتحه، و ما إن لاحظت ُ هوية الطارق حتى سأل بأهتمام كبير :أنسة سوسن!، هل شقيقتكِ بخير؟.
وجه نظره إلي و كان خلفه توماس و ويليام و أمرأةٌ لم أراها من قبل، تحملُ حقيبتاً كبيرة، أجبتهُ : حمداً للّه، إنها بخير سوى من كسرٍ في قدمها. أصدر تنهيدتاً صغيرة ثم ألتفت إلى المرأة وقال : هذهِ الطبيبة التي سوف تعالجها، حمداً للّه، حسبتُ أنها قد أصيبة بجرحٍ خطير. ثم أبتعد ليسمح للمرأة بالعبور، فحيتني بحترام و سألت إذا أمكنها الدخول، فقد كنت أحتل الباب بوسعه، سمحت لها بالدخول بينما ذهب الفتية كلاً إلى غرفته، وقبل ذهاب ألفريد قال محدثاً إياي قبل دخولي : من الجيد أن توماس أسرع بنتشالها من تلك الحفرة، فقد كانت شبه واعية، يجب أن تسأليها إذا كانت تتذكر ما حصل معها، فهي لم تنطق بحرفٍ واحد. ثم صمت و هو يلقى نظراته على الأرض، فقلت وكل ذرة في كياني خجلة كثيراً : أعتذر عما جرى، سوف أرى إن أمكنها تذكر شيئ، مع وثوقي أنها سوف تذكر كل شيئ، و أعتذر مجدد عن ما حدث.
قاطعني بضحكته الخفيفة، لم تكن ساخرة كما خيلت لي عندما سمعتها، رفع رأسه وقال: لا بأس، الأهم أنها هنا معكن و هي سالمة. ثم أرجع يديه خلف ظهره، و قال - وقد ألتمست قليلاً من الخجل في صوته -: كما أنكن جزئٌ من القصر الأن، أعني.. أنكن من الع... .
لم يستطع إكمال حديثه، فقد بدا متردداً كثيراً، أستدار قبل أن أستطيع سؤاله عن مغزى حديثه، ولكنه كان قد أنعطف و سلك طريقه إلى غرفته.
عندما ذهب، دخلتُ إلى الغرفة و أغلقتُ الباب خلفي، جثت الطبيبة على الأرض و قربها درة و على جانبها الأيسر حقيبتها و هي مفتوحة وقد ظهرت الأدوات الطبية منها، كانت نظرات ليان شاردة، و لا أظنها في تلك اللحظة تعي ما يحصل لها، ودرة تراقبها بقلق، فتارتاً تنظر إلي ،و تارتاً إلى قدمها التي تلف بالشاش الأبيض بعناية،
تحدثت الطبيبة موجهاً حديثها لنا : الأصابة ليست بخطيرة بضعة أسابيع و ستعود تمشي بحرية.
أومأت برأسها، أقتربتُ منها و جلستُ على حافت السرير، كانت يداها ترتجفان قليلاً.
أنهت الطبيبة عملها فستأذنت الخروج، فتبعتها إلى الباب و فتحته لها، وكان يمر بجانبه ألفريد، فأخذ الطبيبة ليوصلها، وعدت إلى الغرفة، لقد كان اليوم متعبٌ للغاية،فقد نامت درة بسرعة، أما ليان فكتفت بأن أستلقت على السرير،
فتذكرتُ أمرَ دوائها، فأحضرتهُ لها، تناولته في صمت ثم عادت لتستلقي، أقتربتُ منها، و سألتها في خفوت : عزيزتي، هل تؤلمكِ قدمك؟.
هزت رأسها نفياً، أردت أن أعلم ما حدث معها، فسبقتني القول : سوسن..، أنا أسفة.
لم تعطني فرصة للحديث حيث أكملت بسرعة، "لقد كان تهوراً مني ما فعلت".
هززتُ رأسي نفياً، فأنا أعلم أن ليان تخفي شيئاً خلف هذا الكلام،
((عندما قررتُ دخول الغابة ، لم أقصد أن أتوغل فيها إلى هذا الحد، لقد تعثرتُ بشيئ ما ثم تدحرجتُ إلى أسفلِ منحدرٍ صغير، صدمتُ رأسي - و أعتقد بصخرة - و سقطتُ في الحفرة وقد أغشي علي، أما عن ساقي فأجزم أنها قد تأثرت من الأصطدام بالأرض)). وعندما أنتهت أستقرت عيناها علي،
وقالت : لم أعي شيئاً ولكن خوفاً - لأولِ مرة - أجتاحني و رغبت ُ بشدة في البكاء ولولا سماعي لخطوات وسماع اسمي،لما أستجمعتُ شجاعتي وصرخت طالبتاً النجدة، أنا فعلاً أسفة.
مسحتُ على شعرها وقلت :الأهم أنكِ معنا.
كانت في حالة متعبة ونادمة حاولتُ أن أجعلها تنام و لكنها أكملت : لقد كان ذلك المتجعرف، و أطلقت ضحكة مبحوحة،
((أستطاع أن يمد يده و يمسكني ثم سحبني من الحفرة إلى الخارج، لم يستطع إخفاء نظرات الغضب من عينيه، - فأظن أن طبعه هكذا دائماً -، لم أستطع كبح دموعي وأنا أشكرُ الله على أني مازلتُ حية، ولكن قدمي التي تحملت الألم لساعات، لم تستطع أن تتحرك)) ، بدأ صوتها بالخفوت، إلى أن أسبلت عينيها و غطت في النوم، وكم كنتُ ممتنة أنها نامت أخيراً في سلام.
°°°
مرحبا 🌟
أسفة على تأخير تنزيل الفصل
لكن لم يكن لدي شغف للكتابة
الفصل التاسع تمت كتابة ٣صفحات ونصف
تقريباً..
كنت أنوي أن ابدأ قصة جديدة ولكن ستظل دوامة الزمن مستمرة في التنزيل.
🌟🌟
رأيكم إن أمكن...
فهو يحفزني على الكتابة و إنهائها بأسرع وقت 🍁💓
..
وداعاً
نلتقي بأذن الله في فصل قادم 💘
أنقظت الساعة الأولى من النزهة سريعاً للغاية، لم أشعر بمثل هذه الحرية بعيداً عن النظرات المتفحصة التي كانت تراقبنا في القصر، مشينا برفقة أليس التي بدت أنها حفظت المكان عن ظهر قلب، الكثير من الزهور المنتشرة بمختلفِ الألوان على أطراف الطريق، وهناك أثارٌ لعجلاتِ عربة، كما يبدوا أنها قد سارت في هذا الطريق قبل أيام قليلة.
أنفصلنا عن بعضنا البعض، ذهبت ُ مع أليس للمشي أكثر، بينما أكتفت ليان ودرة باللعب حلول الأزهار الملونة و محاولات قطف أكبر عدد منها في مدةٍ قصيرة.
كانت أليس تثرثر في الكثير من الأمور، فلا تتعجب لو قلت أنها في ظرف دقاق قليلة تنتقل من موضوعٍ لأخر، بقيت صامت، أومئ برأسي إذا تطلب الأمر مني القيام به كي توقن أليس أني أستمعُ لها.
-أنظري..!
صرخت أليس وهي تشير إلى شيء لم تظهر ملامحه بوضوح وهو يتحرك بين العشب القصير، أهتز كياني لصرختها فقد كدت أن أسقط قبل أن أتوازن بسرعة، لا بأس لا أحد كان بالجوار،
قلتُ لها :أليس، لا يجب عليك الصراخُ بتلك الط... . بترتُ عبارتي عندما قاطعني خروج أرنبٍ متوسط الحجم من العشب وهو يخطو بهدوء، ما إن أنتبه لمن يقف خلفه حتى رفع أذناه بسرعة ثم جرى من هنا ودخل إلى الجهة الأخرى.
لا أظن أنها قد أهتمت لجملتي، فقد جرت خلفه كالأطفال وهي موقنة أنها سوف تمسكه، سرتُ ببطئ إلى أن وصلت إلى مكانها، كانت تمشطُ العشب بعينيها بسرعة، ولكنها توقفت عندما لم تجده وعادت إلى حيث كنت وقد أظهرت خيبتَ أملها لي ضحكتُ على حظها العثر هذا، بينما هي ترى الجانب الأخر من العشب وكأن هناك أملٌ بأن يظهر أخرٌ من مكانه.
أستغرقنا وقتاً لم أتوقعه لنعود من حيث أتينا، رأيتُ أن الكلَ منتشرٌ وكأنهم يبحثون عن شيئ، في غاية الأهمية، عندما لاحظت درة قدومنا، جرت إلينا بهلع ثم توقفت وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة، تفاجأتُ من تصرفها هذا، فسألتها :ماذا حدث يا درة؟، وأين لي... .
-لقد أختفت!
قالتها درة بهلعٍ شديد، أظهرته لأولِ مرةٍ لنا.
لن أستطيع أن أصف درجة الهلع التي واتتني في تلك اللحظة مسببتاً لي قشعريرة من أعلى رأسي إلى أخمص قدمي، جاعلتاً رأسي يدور ويوهم جسدي أني أسقط من علو شاهق لأستقر على العشب و لا أزال مشدوهة من هذه الكلمات التي نطقتها درة، وصدرت جملة تتردد في كياني، "هذا ما كان ينقصني إختفاءُ إحدانا ".
لقد جعلتُ من درة قلقتاً أكثر، فقد باتت ترتعش وأليس - المسكينة- تحاول تهدئتها بشتى الطرق، وتخبرها أنهم سوف يجدونها.
أستجمعتُ رباط جأشي وتجهتُ إلى درة، أعانقها بخفة حتى هدأت، قلتُ لها - وصوت القلق يأبى الزوال - : سنجدها، فقط لا تملئي رأسك بالأفكار الرتيبة!.
هزة رأسها بسرعة، وأتجهنا إلى حيث كان ألفريد، كان غارقاً في تفكيرٍ عميق،يحاول تصور شيئ ما - قد بدا جلياً على قسمات وجهه. فتح إحدى عينيه، وعندما رأني، هم بقول شيئ ولكنهُ توقف،
فقلت :"سيكون علينا البحثُ عنها في الأماكن القريبة!".
أنتفضت درة وكأنما تذكرت أمراً ما وقالت بسرعة:سوسن.. ،لقد قالت أنها سوف تذهب إلى..." .
توقفت، توجهت أعيننا إليها منتظرين أن تخبرنا بالباقي، <<الغابة>>. قالت درة وهي مترددة بشأن جملتها هذه.
نادى ألفريد صديقيه، ثم أخبرهم بالمكان الذي يتوجب عليهم البحثُ عنه، ثم أخبر أليس أن تذهب وتخبر ويلسون - العامل الذي يعملُ معهم - بأن يأتي بالعربة،
سألتُ درة بغضبٍ مكتوم : ما هذا!، كيف نذهب إلى الغابة بمفردها؟.
هزة درة رأسها بأسى وكأنها الملامة، ثم قالت تبررُ موقفها : لقد حذرتها، ..لا!، بل منعتها، ولكنها أصرت الذهاب إلى هناك، متخيلتاً أنها سوف تكتشف الكثير وما إلى ذلك. أزعجني الموقف الذي وضعتنا به ليان، لقد جعلتنا قلقين للغاية.
أستمر بحثنا إلى أن ظهر شفقُ الغروب ونحنُ مستمرون بالصياح باسم ليان، توغل الفتية إلى داخلِ الغابة، وفي كل مرةٍ ينادون باسمها يسمع صوتهم داخل الغابة، لقد تسألتُ لم لا تجيب على ندائنا، لم أستطع الدخول فقد منعونا منه، حفاظاً على سلامتنا خصوصاً و أن الليل أقترب كثيراً كاتماً معه صيحاتنا الحارة و القلقة، و مغطياً السماء بوشاحه الأسود.
عدنا إلى القصر، بعد أن أوصلنا ويلسون، وعاد أدراجه، كانت خطواتنا متعبة، وكم أحسست بالحزن و القلق مجتمعاً في كياني يأبيان الزوال، ومع ذلك حاولت ألا أظهرهما ؛كي أجعل فتيل الأمل بأن تكون ليان على خير حال و سوف يجدونها، فقدنا أنا ودرة شهيتنا، ولكن مع محاولات أليس الحارة في أن نتناول بعض الطعام قبلنا بقطعة خبز و كأس ماء، ثم أتجهنا إلى أعلى، لم يكن هناك أحدٌ في القصر باستثناء أليس و أني، أما الأخرون فلا يزالون لساعة ونصف يبحثون عنها.
بعد هذا الوقت، وفي الساعة السابعة و النصف من مساء اليوم الخامس لمكوثنا هنا، سمعنا جلبتاً أسفل منا، لعربةٍ قد أقتربت كثيراً من الباب الخلفي المؤدي للمطبخ، أزحت ُ الستائر قليلاً لألاحظ أن العربة التي يقودها ويلسون هناك، أقتربت درة من الستارة وألقت بدورها نضرة، حينها صدرت شهقة حطمت كل قيود القلق التي أجتاحتنا أنا ودرة عندما لمحنا ليان، تساعدها أليس و أني على النزول من العربة.
أسرعنا الخطى إليها، و وصلنا في أقل من خمس دقائق إليها، ما إن رأتنا حتى ترقرقت الدموع في عيناها، لم ندرك أنها قد كسرة قدمها، إلا عندما أقترب منا توماس، وقال: أنتبها إلى أختكما، فقد كسرت ساقها اليسرى وهي لا تقوى على السير. نظرتُ إليه شاكرة ثم جرينا إليها لنأخذها من يدي أليس، رمت برأسها على صدري و لا تزال تذرف دموعها، المسكينة، كم شعرتُ بشفقةٍ أتجاهها و أنا ألفها بذراعي، و أحاولُ تهدئتها، ودرة تربتُ على كتفها بخفة، وتحاول أن تفعل بالمثل.
رفعت رأسها بعد مدة ليست بالقصيرة، كان متسخاً قليلاً، ولكن قسماتُ وجهها دلت على تعبها و ألمها الذي تشعرُ به، لم أعطها وقتاً للحديث، فقد قمنا أنا ودرة بحملها إلى أعلى، ووضعناها بعد عناء كثير على سريرها.
طرق الباب، فذهبتُ لفتحه، و ما إن لاحظت ُ هوية الطارق حتى سأل بأهتمام كبير :أنسة سوسن!، هل شقيقتكِ بخير؟.
وجه نظره إلي و كان خلفه توماس و ويليام و أمرأةٌ لم أراها من قبل، تحملُ حقيبتاً كبيرة، أجبتهُ : حمداً للّه، إنها بخير سوى من كسرٍ في قدمها. أصدر تنهيدتاً صغيرة ثم ألتفت إلى المرأة وقال : هذهِ الطبيبة التي سوف تعالجها، حمداً للّه، حسبتُ أنها قد أصيبة بجرحٍ خطير. ثم أبتعد ليسمح للمرأة بالعبور، فحيتني بحترام و سألت إذا أمكنها الدخول، فقد كنت أحتل الباب بوسعه، سمحت لها بالدخول بينما ذهب الفتية كلاً إلى غرفته، وقبل ذهاب ألفريد قال محدثاً إياي قبل دخولي : من الجيد أن توماس أسرع بنتشالها من تلك الحفرة، فقد كانت شبه واعية، يجب أن تسأليها إذا كانت تتذكر ما حصل معها، فهي لم تنطق بحرفٍ واحد. ثم صمت و هو يلقى نظراته على الأرض، فقلت وكل ذرة في كياني خجلة كثيراً : أعتذر عما جرى، سوف أرى إن أمكنها تذكر شيئ، مع وثوقي أنها سوف تذكر كل شيئ، و أعتذر مجدد عن ما حدث.
قاطعني بضحكته الخفيفة، لم تكن ساخرة كما خيلت لي عندما سمعتها، رفع رأسه وقال: لا بأس، الأهم أنها هنا معكن و هي سالمة. ثم أرجع يديه خلف ظهره، و قال - وقد ألتمست قليلاً من الخجل في صوته -: كما أنكن جزئٌ من القصر الأن، أعني.. أنكن من الع... .
لم يستطع إكمال حديثه، فقد بدا متردداً كثيراً، أستدار قبل أن أستطيع سؤاله عن مغزى حديثه، ولكنه كان قد أنعطف و سلك طريقه إلى غرفته.
عندما ذهب، دخلتُ إلى الغرفة و أغلقتُ الباب خلفي، جثت الطبيبة على الأرض و قربها درة و على جانبها الأيسر حقيبتها و هي مفتوحة وقد ظهرت الأدوات الطبية منها، كانت نظرات ليان شاردة، و لا أظنها في تلك اللحظة تعي ما يحصل لها، ودرة تراقبها بقلق، فتارتاً تنظر إلي ،و تارتاً إلى قدمها التي تلف بالشاش الأبيض بعناية،
تحدثت الطبيبة موجهاً حديثها لنا : الأصابة ليست بخطيرة بضعة أسابيع و ستعود تمشي بحرية.
أومأت برأسها، أقتربتُ منها و جلستُ على حافت السرير، كانت يداها ترتجفان قليلاً.
أنهت الطبيبة عملها فستأذنت الخروج، فتبعتها إلى الباب و فتحته لها، وكان يمر بجانبه ألفريد، فأخذ الطبيبة ليوصلها، وعدت إلى الغرفة، لقد كان اليوم متعبٌ للغاية،فقد نامت درة بسرعة، أما ليان فكتفت بأن أستلقت على السرير،
فتذكرتُ أمرَ دوائها، فأحضرتهُ لها، تناولته في صمت ثم عادت لتستلقي، أقتربتُ منها، و سألتها في خفوت : عزيزتي، هل تؤلمكِ قدمك؟.
هزت رأسها نفياً، أردت أن أعلم ما حدث معها، فسبقتني القول : سوسن..، أنا أسفة.
لم تعطني فرصة للحديث حيث أكملت بسرعة، "لقد كان تهوراً مني ما فعلت".
هززتُ رأسي نفياً، فأنا أعلم أن ليان تخفي شيئاً خلف هذا الكلام،
((عندما قررتُ دخول الغابة ، لم أقصد أن أتوغل فيها إلى هذا الحد، لقد تعثرتُ بشيئ ما ثم تدحرجتُ إلى أسفلِ منحدرٍ صغير، صدمتُ رأسي - و أعتقد بصخرة - و سقطتُ في الحفرة وقد أغشي علي، أما عن ساقي فأجزم أنها قد تأثرت من الأصطدام بالأرض)). وعندما أنتهت أستقرت عيناها علي،
وقالت : لم أعي شيئاً ولكن خوفاً - لأولِ مرة - أجتاحني و رغبت ُ بشدة في البكاء ولولا سماعي لخطوات وسماع اسمي،لما أستجمعتُ شجاعتي وصرخت طالبتاً النجدة، أنا فعلاً أسفة.
مسحتُ على شعرها وقلت :الأهم أنكِ معنا.
كانت في حالة متعبة ونادمة حاولتُ أن أجعلها تنام و لكنها أكملت : لقد كان ذلك المتجعرف، و أطلقت ضحكة مبحوحة،
((أستطاع أن يمد يده و يمسكني ثم سحبني من الحفرة إلى الخارج، لم يستطع إخفاء نظرات الغضب من عينيه، - فأظن أن طبعه هكذا دائماً -، لم أستطع كبح دموعي وأنا أشكرُ الله على أني مازلتُ حية، ولكن قدمي التي تحملت الألم لساعات، لم تستطع أن تتحرك)) ، بدأ صوتها بالخفوت، إلى أن أسبلت عينيها و غطت في النوم، وكم كنتُ ممتنة أنها نامت أخيراً في سلام.
°°°
مرحبا 🌟
أسفة على تأخير تنزيل الفصل
لكن لم يكن لدي شغف للكتابة
الفصل التاسع تمت كتابة ٣صفحات ونصف
تقريباً..
كنت أنوي أن ابدأ قصة جديدة ولكن ستظل دوامة الزمن مستمرة في التنزيل.
🌟🌟
رأيكم إن أمكن...
فهو يحفزني على الكتابة و إنهائها بأسرع وقت 🍁💓
..
وداعاً
نلتقي بأذن الله في فصل قادم 💘
Коментарі