قاتلة
جلست على حرف الطاولة بهدوء تتمعن في التحفة الفنية التي صنعتها يداها. إرتسمت ابتسامة مختلة على وجهها و هي تشاهد اللون الأحمر يطغو على المكان كلون نبيذها الذي يملؤ حلقها فيلسعه بخفة او لون احمر شفاهها الذي التصق بثغرها بجرأة مانحا إياها منظرا مثيرا. أخذت نفسا عميقا لتستنشق رائحة الصدأ الذي انتشر بكثافة في الغرفة فتزفره بنشوة عارمة. فتحت سحاب حقيبتها النسائية الغالية و أرسلت يدها بداخلها تبحث عن ضالتها لتسحب أخيرا علبة، أخرجت منها سيجارة ، اشعلتها، ثم ثبتتها باصبعيها بين شفتيها الثخينتين ،تمتص سمها ببطئ ثم تنفثه أمامها في دوائر. نظرت إلى ساعتها بهدوء، ثم أعادت نظرها إلى ما لم تزحزح عنه عينيها طوال مدة مكوثها هنا. تحفتها الفنية المميزة او ما كان في الواقع جثة صديقها المقرب المشوهة...
ابتسمت بخبث و هي ترى أطرافه المقطوعة من المفاصل و عينيه اللتين سكبت فيهما الحمض ليتآكلا و احشاءه التي غادرت بطنه المشقوقة طوليا لتتناثر بجانبه...
ضحكة ماكرة انطلقت منها و هي تتذكر كيف قامت بقلي أحد اصابعه ثم جعلته يأكله حتى استفرغ ما في جوفه و قيامها بطلي الغرفة بدماءه أمام عينيه إلى ان كاد أن يلفظ اخر انفاسه لتكمل طقوس تعذيبها و تنهي أمره برصاصة في منتصف رأسه ... عادت أصوات صرخاته كسمفونية جميلة في اذنيها لتنطلق ضحكة عالية مستمتعة من ثغرها...همهمت بعدها برضا و هي تسكب لنفسها كأس النبيذ السادس من الزجاجة الرابعة... لم تقلق من ان يغيب عقلها جراء بعض الجرعات من الكحول فهو قد غاب بالفعل بعد ان علمت أن من امنته على أسرارها و اعتبرته أخا لها قد طعنها في ظهرها... كانت قد ظنت أنها قد حصلت على مناعة اخيرا ضد مرض الخذلان بعد أن عانت منه كثيرا لكنها غفلت عن ان الضربة المميتة تأتي من أقرب الناس إليك...
رغم ذلك هي قاتلة! من يزعجها تهينه و من يهينها تؤذيه و من يؤذيها تنتقم منه شر انتقام... و هو قد اذاها كثيرا.. أكثر مما استحقت حقا...
اخرجها من أفكارها انفتاح الباب بعنف و اندفاع الشرطة للداخل مشهرين اسلحتهم في وجهها...ابتسمت ببرود عندما لاحظت تكميشهم لانوفهم ما إن اصطدمت بهم رائحة الدماء الصدئة و ملامح الصدمة التي ارتسمت على وجوههم عندما وقعت انظارهم على الجثة المشوهة و الغرفة...لم تمانع تكبيلهم ليديها فهي قد كانت على علم مسبق بأن "صديقها الصغير" كما كانت تسميه قد طلبهم للامساك بها بعد ان علم أنها ستنهي حياته...لكنها لم تهتم حقا إلا لإشباع رغبات الوحش الذي أيقضه ذلك الوغد داخلها..
______
خرجت من المحكمة رفقة رجلين ضخمين يمسكان ساعدها بقوة ليدخلاها بعدها سيارة الشرطة و ينطلقا بها...
ابتسمت ابتسامتها المختلة، ليصبح منظرها مخيفا أكثر بعينيها المفتوحتين على وسعهما، و هي تتجه مع الرجلين إلى مكان لم تتخيل ابدا دخوله...مستشفى الأمراض العقلية.
2020-07-24 13:50:39
8
13