6
في تلك الغابة المظلمة الهادئة ، لا يوجد سوى صوت الصمت يحيط بها الا من صوت الكائنات الليلية ، ليقطع ذلك الصمت صوت تكسر الاغصان و خطوات هادئة إرتيابية ، خطوات كثيرة لأكثر من شخص واحد تقطع سكون الليل ، ليتوقفوا في منتصف تلك الغابة يتقدمهم رجل و امرأة ينظرون حولهم بقلق يحيطهم مجموعة من الرجال ضخام البُنية ينظرون حولهم بإرتياب ، نظرة ثاقبة مترقبة .
" هل انت متأكد انهم وافقوا على مقابلتنا؟ "
" اجل ، لقد اكدوا لنا في رسالتهم ، انهم مستعدون لتحدث معنا "
" ربما يكونوا قد غيروا رأيهم ، و قرروا تجاهلنا "
" نحن لا نتراجع ابداً في كلمتنا ، و ها نحن هنا " اجفلوا على ذلك الصوت الذي قطع السكون حولهم ، ليلحظوا قدوم ثلاثة رجال نحوهم ، الالفا و البيتا الخاص به و فرداً آخر من الحراس الذي يثق بهم .
" نحن ممتنون لذلك ، الفا " اخبره ذلك الرجل بنظرة امتنان .
" اين الطفل؟ " تسائل الألفا ليلتفت الرجل نحو الرجال خلفه .
" احضروا جونميون "
ظهر صوت عجلات ذلك الكرسي المتحرك ليتقدم احد الرجال محركاً ذلك الكرسي ، نائم عليه طفل في الثلاثة عشر من عمره ، هزيل يبدوا عليه التعب و المرض ، غارق في النوم على هذا الكرسي مغطي بغطاء من الصوف .
" ارجوكم انقذوا ابني ، لقد اخبرنا الاطباء انه لا فائدة ، لا يمكنني تحمل فقدانه " ترجتهم والدته بعيون دامعة ، تتمنى منهم الشفقة على حال ذلك الطفل الصغير ، فلم يعد امامهم سوى سحرة قطعان الذئاب، ان ميجناموس هو القطيع الاقوى و ساحرتهم هي الاكثر قوة بين سلالة السحرة ، لم يعد امامهم اى طريق سوى طلب المساعدة من اعدائهم ، متمسكين بذالك الأمل الضعيف ان يشفقوا على طفلهم المريض .
" و نحن وافقنا على مساعدة ابنكم ، لكن لدينا شروطنا "
" موافقين على اى شئ ، فقط انقذوه ، ثم افعلوا و طلبوا ما تريدون " اخبرهم السيد كيم والد الطفل بنبرة حاول ان تبدوا ثابتة و هادئة في محاولة منه للتماسك و ابداء القوة ، ليومئ له الألفا بتفهم .
" بإمكانكم القدوم الأن إلي ارض القطيع معنا لكن انتم الاثنين و الفتى فقط ، غير مسموح بأحد غير ثلاثكم "
" لكن... " حاول الرجل الاعتراض ليوقفه الالفا .
" لم يخطوا اى بشري ارض قطيعنا ، انها لمخاطرة كبيرة بالموافقة على قدومكم ، و لا يمكنني بالسماح بقدوم المزيد ، لا تقلق فنحن لسنا وحوش مفترسة كما يدعي جنسكم "
امر الرجل رجاله بالبقاء مكانهم لينفذوا الأمر على مضض ، ليتقدم مع زوجته و ابنه وراء الألفا و رجاله ، إلى ان توقف فجأة ليتمتم بعض الكلمات بصوت هامس، لم يكد يدرك ما يحدث حتى تبخرت صورة الأشجار الكثيفة امامه و تظهر بدلاً منه منازل و اكواخ متفرقة على مرمى بصره و ساحة كبيرة يتوصتها نار مشتعلة تضيئ المكان بهدوء ، يبدوا المكان خالي من اى شخص ، يسوده الصمت .
قادهم الألفا إلي احد المنازل ليدخلوا ورائه في قلق ، ليجدوا امرأتين تنتظرهم في الداخل .
" مرحباً بكم في ارض قطيعنا ، انا زوجة الألفا ، ادعى مينچاي" اقتربت منهم احد السيدتين بإبتسامة هادئة مطمئنة ، لتحول نظرها نحو الفتى المريض بحزن " اسفة لما حدث لأبنكم ، انا ايضاً ام و اعلم ما تمرين به "
" انا ممتنة لكم كثيراً ، لقبولكم بمساعدة ابني "
" لنجلس و نتحدث حول الأمر " قاطعهم الألفا في نبرة هادئة قوية .
" كما اخبرتكم انا موافق على إنقاذ الطفل ، لكن احتاج إلي ضمان اننا لن نتأذى فيما بعد من قبلكم "
" اكد لك انني لن اسمح لأحد من الثيرون ان يقوم بأذية قطيعك ، لقد وافقت على إنقاذ ابني في المقابل من واجبي حمايتكم و عدم التعرض لكم ، انا لست من القيادات السابقة ، انا ضد فكرة قتل جنسكم بهذا الشكل الاعمى ، و حريص على تغير هذا "
" انا واثق في كلمتك سيد كيم ، لو لم يكن كذلك لما سمحت بدخولكم ارضنا ، لكنني وقفت امام مستشارين و حكماء القطيع لأجل مساعدتكم و احضاركم إلي هنا ، و هؤلاء الاشخاص لا يمكنهم القبول بمجرد كلمة قائد الثيرون فقط "
" و ما هو المطلوب؟ "
" تعويذة ربط ، سنقوم بربط حياة ابنك بأبنتي " اخبره الألفا بنبرة ثابتة لينظروا له بتشوش و تساؤل .
" ماذا تقصد؟ " تسائل السيد كيم لتجيبه هذه المرة ساحرة القطيع سيدة جيون .
" سوف يشفى ابنك تماماً ، ليس هذا فقط بل سيصبح اقوى ، اقوى من اى صياد بينكم ، مقابل ان يتم ربطه بأبنة الالفا ، تلك التعويذة ستربط حياته بحياتها "
" لكن هذا مستحيل ، ماذا ان حدث شئ لابنتكم ، سيتأذى طفلي ايضاً ، الا يوجد حل آخر " اعترضت الأم بنبرة هستيريا على ذلك الشرط الجنوني .
" لا تقلقي سيدة كيم ، لقد فكرت جيداً في الأمر ، تلك التعويذة ستظل خامدة لن تفعل الا حين يقتل احد الثيرون ابنة الالفا ، حينها ستعيدها التعويذة للحياة و تُفعل ، اى ان التعويذة ستكون باطلة مادام الثيرون محافظين على وعودهم "
ساد صمت في المكان بينما عيون السيد كيم و زوجته مشتتة بتفكير قبل ان يقرر الزوج بالتحدث بعد ان اومئت له زوجته بالقبول .
" حسناً ، يمكنكم تنفيذ التعويذة "
" بما اننا اتفقنا على الشروط ، لنبدأ بالطقوس الأن " نهض الألفا لينهض البقية ليتبعوه نحو احد غرف المنزل .
غرفة متوسطة الحجم مضيئة بشموع حمراء يتوسطها طاولتين مستطيلتين، موضوع على احد جوانب الغرفة وعاء به سائل يميل إلي السواد .
" احضري چينا " امر الألفا زوجته مينچاي لتومئ له قبل ان تترك الغرفة و تعود بعد دقائق حاملة بين يديها الفتاة الصغيرة، نائمة في ثبات بين يديها ، لا تشعر بشئ ليأخذها الألفا من بين يدي والدتها بحرص و يضعها على احدى الطاولتين .
" ابنتي تحت تأثير تعويذة سوف تجعلها نائمة حتى طلوع الشمس ، لا نريد لأحد غيرنا ان يعلم بأمر تعويذة الربط ، الا اذا قمتم بخرق المعاهدة ، حينها يجب على ابنك تحمل المسؤلية و يقوم بحماية ابنتي " اخبره الألفا بنظرة معبرة ليبادله سيد كيم بإيمائة ، تعبر عن حكمة الرجلين و حرصهم على الإلتزام بوعودهم و اتفاقهم .
" عليك وضع ابنك على الطاولة الأخرى ، لنبدأ بالطقوس " اومئ له سيد كيم ليأخذ طفله من الكرسي و يحمله على الطاولة .
" ماذا يحدث ابي ؟ " فتح الطفل عينيه بشكل جزئي ليتحدث بصعوبة و تعب .
" لا شئ صغيري ، عد للنوم كل شئ سيكون بخير لا تقلق " ربط على رأس صغيره ليغط في النوم بسرعة ، ليومئ لهم بالبدء .
امسكت الساحرة بالوعاء لتهمس ببعض الكلمات مقربة وجهها منه لتضع به بتلات من ازهار ارجوانية و تقوم بوخذ ذراع چينا و جونميون و تجعل قطرات دمائهم تسيل داخل الوعاء لتعيد همسها بتلك الكلمات من جديد ليشتعل الوعاء و يخرج منه نار لتخمد بسرعة كأنها لم تكن قبل ان تضع يديها الاثنتان داخل الوعاء لتخرجهم و تضع يداً على جبهة چينا و اليد الآخرى على جبهة جونميون لتتلطخ خبهاتهم بذلك السائل و تهمس ببعض الكلمات لتضيئ علامات غريبة على ذراع الطفلين قبل ان تختفي مجدداً كأنها لم تكن .
" ما هذا؟ " تسائلت والدة جونميون بقلق .
" الأن سوف يصبح قوة طفلكم مساوية لقوة چينا ، لن يعد كما فالسابق مريض و ضعيف بل سيصبح اقوى من اى وقتاً سبق "
اخبرتهم الساحرة لتتعالى اساريرهم و ينظروا إلى طفلهم بسعادة ، و هم يروا اختفاء تعابير التألم على وجه طفلهم و ترتاح تعابير وجهه و تختفي مظاهر المرض من وجه الطفل .
•
•
•
•
صوت صفير قوي اخذ يتعالى في اذنه إلي ان تركته طيف تلك الساحرة ، ليأخذ انفاسه بقوة مبتعداً بصدمة عنها ، مشتت الذهن لا يعلم و لا يجد اى تفسير لما رآه للتو ، فاقد القدرة على قول اى شئ من شدة الصدمة .
" الأن اصبحت تعلم ، نحن لسنا اعدائك هنا "
" ما الذي حدث معك جونميون؟ ، ما الذي فعلته بك " توجهت هيري نحوه بنظرات قلقة ليتجاهلها و ينظر نحو چيسو .
" هذا مستحيل ، لابد انكي قمتي بإدخال تلك الذكريات الوهمية إلي عقلي ، تظنين انكي بإمكانك خداعي بتلك الخدعة السخيفة "
" حسناً ، لنقل انني اخدعك و تلك الذكريات وهمية ، إذاً اشرح لي كيف شفيت من مرضك ، بعد ان كنت تحتضر ، الم يقر الاطباء انه لا فائدة و لا يوجد لديك وقت ، لابد انهم قالوا انها معجزة اليس كذلك " اخبرته بسخرية ليجيبها بالصمت عاجز عن الاجابة ، يتذكر كم كان عاجزاً و ضعيفاً حين كان طفلاً ، لا يقوى على اللعب او الحركة بسبب مرضه ، كان يدرك انه لن يعيش طويلاً ، إلي ان اتت تلك الليلة المشؤومة حين علم بمقتل والديه على يد المستذئبين ، ليجد نفسه لم يعد يشعر بالمرض بل ازداد قوة بشكل غير منطقي .
" ليس لديك إجابة لهذا ؟ ، اشرح لي إذاً كيف عادت چينا إلي الحياة ، و اضاء ذلك الوشم في نفس الوقت على ذراعيكم ؟ " سألته مجدداً ليجيبها بالصمت من جديد ، بينما في الخلف چينا تراقب ما يحدث و ما تقوله چيسو في صدمة لا تعلم ماذا يحدث من حولها ، لا تستطيع إستيعاب اى شئ ، فقط تراقب ما يحدث كأنه حلم غريب امامها .
" فقط اصمتي لا اود سماع المزيد " صرخ بها بتحذير ، لا يستطيع التفكير ، لأول مرة منذ ان اصبح صياد و انضم إلي الثيرون يشعر بذلك العجز .
" اعلم انك مشتت الذهن ، لذا سأتركك اليوم لإستيعاب الأمر ، سأعود غداً لأعلم ما قرارك ، اتمنى ان تقرر ان تفي بوعد والدك لنا ، كما وفينا وعودنا لكم "
اخبرته قبل ان تلقي نظرة اخيرة على چينا التي تنظر لها بصدمة لتشيح نظرها عنها بسرعة من كثرة الشعور بالذنب و الخجل لا تعلم كيف ستواجهها بعد الأن ، ليختفي طيفها من الغرفة و تتركهم و يبقى ذلك الصمت المخيف في الغرفة لا احد لديه الجرأة لقول اى شئ بينما يرون قائدهم على تلك الحالة من الصدمة ، لا يعلمون ماذا فعلت الساحرة به او ما جعلته يراه ليصبح هكذا ، بينما الآخر واقع في دوامة من التفكير ، لا يستطيع إستيعاب اى شئ ، كل شئ و كل ذلك الغضب و الرغبة في الثأر ، كل ما يعلمه مهدد بالتدمير في لحظة ، تلك الذكريات ، جزءاً منه يدرك انها حقيقة ، تلك الغرفة التي استيقظ فيها اليوم الذي تم قتل والديه فيه ، لقد ظن انه يحلم حين استيقظ ليجد نفسه نائم على طاولة محاط بوالديه و اشخاص غرباء ، مرضه الذي شفيَ كالسحر ، و لكن ماذا عن موت عائلته؟ ، ماذا عن ما اخبره به عمه عن قتل قطيع ميجناموس لعائلته ، لقد حاربهم عمه بنفسه حين هجموا على سيارة والدايه و قتلوهم ، هذا ما اخبره به حين استيقظ ليجد نفسه نائم في غرفته ، العم جونهو يجلس بجانب سريره ينظر له بحزن و قلق ، و يخبره عن الهجوم الذي حدث لوالديه و موت الجميع دون وجود اى ناجين غيره .
" علمت انها مكيدة ، لقد اخبرت والدك قبل ان يذهب الا يثق بهم ، لكنه كان يصر على ان يعقد معهم تلك المعاهدة ، و يذهب إليهم دون حماية ، حاولت ان الحق بهم و انقذهم لكن كان قد فات الاوان ، لكنني استطعت قتل المستذئبين الذين هجموا على سيارة والديك قبل ان يلحقوا الاذى بك "
ظللت استمع إلي ما قاله في صدمة ، لا استطيع إستيعاب ما قاله ، استيقظت من نومي لأجد عمي يخبرني ان والداى قد قتلوا على يد تلك القبيلة ، و انني الناجي الوحيد ، لم افهم حينها لما ذهبوا و عقدوا تلك المعاهدة و لما اخذوني معهم بينما كنت مريض ، كل ما شعرت به هو الحزن و الغضب العارم بينما ابحث عن عائلتي في ارجاء المنزل ، اتمنى ان يكون مجرد كابوس او هزيان من المرض .
تلك الذكريات و الألم و الغضب ، اصبحت انا و جونجكوك وحيدين ايتام ليس لدينا سوى العم جونهو يتولى رعايتنا ، و يدربنا على ان نكون صيادين لننتقم لعائلتنا التي قتلت على يد المستذئبين المتوحشين .
و الأن لم اعد اعلم اى شئ....
*******************
to be continued...
" هل انت متأكد انهم وافقوا على مقابلتنا؟ "
" اجل ، لقد اكدوا لنا في رسالتهم ، انهم مستعدون لتحدث معنا "
" ربما يكونوا قد غيروا رأيهم ، و قرروا تجاهلنا "
" نحن لا نتراجع ابداً في كلمتنا ، و ها نحن هنا " اجفلوا على ذلك الصوت الذي قطع السكون حولهم ، ليلحظوا قدوم ثلاثة رجال نحوهم ، الالفا و البيتا الخاص به و فرداً آخر من الحراس الذي يثق بهم .
" نحن ممتنون لذلك ، الفا " اخبره ذلك الرجل بنظرة امتنان .
" اين الطفل؟ " تسائل الألفا ليلتفت الرجل نحو الرجال خلفه .
" احضروا جونميون "
ظهر صوت عجلات ذلك الكرسي المتحرك ليتقدم احد الرجال محركاً ذلك الكرسي ، نائم عليه طفل في الثلاثة عشر من عمره ، هزيل يبدوا عليه التعب و المرض ، غارق في النوم على هذا الكرسي مغطي بغطاء من الصوف .
" ارجوكم انقذوا ابني ، لقد اخبرنا الاطباء انه لا فائدة ، لا يمكنني تحمل فقدانه " ترجتهم والدته بعيون دامعة ، تتمنى منهم الشفقة على حال ذلك الطفل الصغير ، فلم يعد امامهم سوى سحرة قطعان الذئاب، ان ميجناموس هو القطيع الاقوى و ساحرتهم هي الاكثر قوة بين سلالة السحرة ، لم يعد امامهم اى طريق سوى طلب المساعدة من اعدائهم ، متمسكين بذالك الأمل الضعيف ان يشفقوا على طفلهم المريض .
" و نحن وافقنا على مساعدة ابنكم ، لكن لدينا شروطنا "
" موافقين على اى شئ ، فقط انقذوه ، ثم افعلوا و طلبوا ما تريدون " اخبرهم السيد كيم والد الطفل بنبرة حاول ان تبدوا ثابتة و هادئة في محاولة منه للتماسك و ابداء القوة ، ليومئ له الألفا بتفهم .
" بإمكانكم القدوم الأن إلي ارض القطيع معنا لكن انتم الاثنين و الفتى فقط ، غير مسموح بأحد غير ثلاثكم "
" لكن... " حاول الرجل الاعتراض ليوقفه الالفا .
" لم يخطوا اى بشري ارض قطيعنا ، انها لمخاطرة كبيرة بالموافقة على قدومكم ، و لا يمكنني بالسماح بقدوم المزيد ، لا تقلق فنحن لسنا وحوش مفترسة كما يدعي جنسكم "
امر الرجل رجاله بالبقاء مكانهم لينفذوا الأمر على مضض ، ليتقدم مع زوجته و ابنه وراء الألفا و رجاله ، إلى ان توقف فجأة ليتمتم بعض الكلمات بصوت هامس، لم يكد يدرك ما يحدث حتى تبخرت صورة الأشجار الكثيفة امامه و تظهر بدلاً منه منازل و اكواخ متفرقة على مرمى بصره و ساحة كبيرة يتوصتها نار مشتعلة تضيئ المكان بهدوء ، يبدوا المكان خالي من اى شخص ، يسوده الصمت .
قادهم الألفا إلي احد المنازل ليدخلوا ورائه في قلق ، ليجدوا امرأتين تنتظرهم في الداخل .
" مرحباً بكم في ارض قطيعنا ، انا زوجة الألفا ، ادعى مينچاي" اقتربت منهم احد السيدتين بإبتسامة هادئة مطمئنة ، لتحول نظرها نحو الفتى المريض بحزن " اسفة لما حدث لأبنكم ، انا ايضاً ام و اعلم ما تمرين به "
" انا ممتنة لكم كثيراً ، لقبولكم بمساعدة ابني "
" لنجلس و نتحدث حول الأمر " قاطعهم الألفا في نبرة هادئة قوية .
" كما اخبرتكم انا موافق على إنقاذ الطفل ، لكن احتاج إلي ضمان اننا لن نتأذى فيما بعد من قبلكم "
" اكد لك انني لن اسمح لأحد من الثيرون ان يقوم بأذية قطيعك ، لقد وافقت على إنقاذ ابني في المقابل من واجبي حمايتكم و عدم التعرض لكم ، انا لست من القيادات السابقة ، انا ضد فكرة قتل جنسكم بهذا الشكل الاعمى ، و حريص على تغير هذا "
" انا واثق في كلمتك سيد كيم ، لو لم يكن كذلك لما سمحت بدخولكم ارضنا ، لكنني وقفت امام مستشارين و حكماء القطيع لأجل مساعدتكم و احضاركم إلي هنا ، و هؤلاء الاشخاص لا يمكنهم القبول بمجرد كلمة قائد الثيرون فقط "
" و ما هو المطلوب؟ "
" تعويذة ربط ، سنقوم بربط حياة ابنك بأبنتي " اخبره الألفا بنبرة ثابتة لينظروا له بتشوش و تساؤل .
" ماذا تقصد؟ " تسائل السيد كيم لتجيبه هذه المرة ساحرة القطيع سيدة جيون .
" سوف يشفى ابنك تماماً ، ليس هذا فقط بل سيصبح اقوى ، اقوى من اى صياد بينكم ، مقابل ان يتم ربطه بأبنة الالفا ، تلك التعويذة ستربط حياته بحياتها "
" لكن هذا مستحيل ، ماذا ان حدث شئ لابنتكم ، سيتأذى طفلي ايضاً ، الا يوجد حل آخر " اعترضت الأم بنبرة هستيريا على ذلك الشرط الجنوني .
" لا تقلقي سيدة كيم ، لقد فكرت جيداً في الأمر ، تلك التعويذة ستظل خامدة لن تفعل الا حين يقتل احد الثيرون ابنة الالفا ، حينها ستعيدها التعويذة للحياة و تُفعل ، اى ان التعويذة ستكون باطلة مادام الثيرون محافظين على وعودهم "
ساد صمت في المكان بينما عيون السيد كيم و زوجته مشتتة بتفكير قبل ان يقرر الزوج بالتحدث بعد ان اومئت له زوجته بالقبول .
" حسناً ، يمكنكم تنفيذ التعويذة "
" بما اننا اتفقنا على الشروط ، لنبدأ بالطقوس الأن " نهض الألفا لينهض البقية ليتبعوه نحو احد غرف المنزل .
غرفة متوسطة الحجم مضيئة بشموع حمراء يتوسطها طاولتين مستطيلتين، موضوع على احد جوانب الغرفة وعاء به سائل يميل إلي السواد .
" احضري چينا " امر الألفا زوجته مينچاي لتومئ له قبل ان تترك الغرفة و تعود بعد دقائق حاملة بين يديها الفتاة الصغيرة، نائمة في ثبات بين يديها ، لا تشعر بشئ ليأخذها الألفا من بين يدي والدتها بحرص و يضعها على احدى الطاولتين .
" ابنتي تحت تأثير تعويذة سوف تجعلها نائمة حتى طلوع الشمس ، لا نريد لأحد غيرنا ان يعلم بأمر تعويذة الربط ، الا اذا قمتم بخرق المعاهدة ، حينها يجب على ابنك تحمل المسؤلية و يقوم بحماية ابنتي " اخبره الألفا بنظرة معبرة ليبادله سيد كيم بإيمائة ، تعبر عن حكمة الرجلين و حرصهم على الإلتزام بوعودهم و اتفاقهم .
" عليك وضع ابنك على الطاولة الأخرى ، لنبدأ بالطقوس " اومئ له سيد كيم ليأخذ طفله من الكرسي و يحمله على الطاولة .
" ماذا يحدث ابي ؟ " فتح الطفل عينيه بشكل جزئي ليتحدث بصعوبة و تعب .
" لا شئ صغيري ، عد للنوم كل شئ سيكون بخير لا تقلق " ربط على رأس صغيره ليغط في النوم بسرعة ، ليومئ لهم بالبدء .
امسكت الساحرة بالوعاء لتهمس ببعض الكلمات مقربة وجهها منه لتضع به بتلات من ازهار ارجوانية و تقوم بوخذ ذراع چينا و جونميون و تجعل قطرات دمائهم تسيل داخل الوعاء لتعيد همسها بتلك الكلمات من جديد ليشتعل الوعاء و يخرج منه نار لتخمد بسرعة كأنها لم تكن قبل ان تضع يديها الاثنتان داخل الوعاء لتخرجهم و تضع يداً على جبهة چينا و اليد الآخرى على جبهة جونميون لتتلطخ خبهاتهم بذلك السائل و تهمس ببعض الكلمات لتضيئ علامات غريبة على ذراع الطفلين قبل ان تختفي مجدداً كأنها لم تكن .
" ما هذا؟ " تسائلت والدة جونميون بقلق .
" الأن سوف يصبح قوة طفلكم مساوية لقوة چينا ، لن يعد كما فالسابق مريض و ضعيف بل سيصبح اقوى من اى وقتاً سبق "
اخبرتهم الساحرة لتتعالى اساريرهم و ينظروا إلى طفلهم بسعادة ، و هم يروا اختفاء تعابير التألم على وجه طفلهم و ترتاح تعابير وجهه و تختفي مظاهر المرض من وجه الطفل .
•
•
•
•
صوت صفير قوي اخذ يتعالى في اذنه إلي ان تركته طيف تلك الساحرة ، ليأخذ انفاسه بقوة مبتعداً بصدمة عنها ، مشتت الذهن لا يعلم و لا يجد اى تفسير لما رآه للتو ، فاقد القدرة على قول اى شئ من شدة الصدمة .
" الأن اصبحت تعلم ، نحن لسنا اعدائك هنا "
" ما الذي حدث معك جونميون؟ ، ما الذي فعلته بك " توجهت هيري نحوه بنظرات قلقة ليتجاهلها و ينظر نحو چيسو .
" هذا مستحيل ، لابد انكي قمتي بإدخال تلك الذكريات الوهمية إلي عقلي ، تظنين انكي بإمكانك خداعي بتلك الخدعة السخيفة "
" حسناً ، لنقل انني اخدعك و تلك الذكريات وهمية ، إذاً اشرح لي كيف شفيت من مرضك ، بعد ان كنت تحتضر ، الم يقر الاطباء انه لا فائدة و لا يوجد لديك وقت ، لابد انهم قالوا انها معجزة اليس كذلك " اخبرته بسخرية ليجيبها بالصمت عاجز عن الاجابة ، يتذكر كم كان عاجزاً و ضعيفاً حين كان طفلاً ، لا يقوى على اللعب او الحركة بسبب مرضه ، كان يدرك انه لن يعيش طويلاً ، إلي ان اتت تلك الليلة المشؤومة حين علم بمقتل والديه على يد المستذئبين ، ليجد نفسه لم يعد يشعر بالمرض بل ازداد قوة بشكل غير منطقي .
" ليس لديك إجابة لهذا ؟ ، اشرح لي إذاً كيف عادت چينا إلي الحياة ، و اضاء ذلك الوشم في نفس الوقت على ذراعيكم ؟ " سألته مجدداً ليجيبها بالصمت من جديد ، بينما في الخلف چينا تراقب ما يحدث و ما تقوله چيسو في صدمة لا تعلم ماذا يحدث من حولها ، لا تستطيع إستيعاب اى شئ ، فقط تراقب ما يحدث كأنه حلم غريب امامها .
" فقط اصمتي لا اود سماع المزيد " صرخ بها بتحذير ، لا يستطيع التفكير ، لأول مرة منذ ان اصبح صياد و انضم إلي الثيرون يشعر بذلك العجز .
" اعلم انك مشتت الذهن ، لذا سأتركك اليوم لإستيعاب الأمر ، سأعود غداً لأعلم ما قرارك ، اتمنى ان تقرر ان تفي بوعد والدك لنا ، كما وفينا وعودنا لكم "
اخبرته قبل ان تلقي نظرة اخيرة على چينا التي تنظر لها بصدمة لتشيح نظرها عنها بسرعة من كثرة الشعور بالذنب و الخجل لا تعلم كيف ستواجهها بعد الأن ، ليختفي طيفها من الغرفة و تتركهم و يبقى ذلك الصمت المخيف في الغرفة لا احد لديه الجرأة لقول اى شئ بينما يرون قائدهم على تلك الحالة من الصدمة ، لا يعلمون ماذا فعلت الساحرة به او ما جعلته يراه ليصبح هكذا ، بينما الآخر واقع في دوامة من التفكير ، لا يستطيع إستيعاب اى شئ ، كل شئ و كل ذلك الغضب و الرغبة في الثأر ، كل ما يعلمه مهدد بالتدمير في لحظة ، تلك الذكريات ، جزءاً منه يدرك انها حقيقة ، تلك الغرفة التي استيقظ فيها اليوم الذي تم قتل والديه فيه ، لقد ظن انه يحلم حين استيقظ ليجد نفسه نائم على طاولة محاط بوالديه و اشخاص غرباء ، مرضه الذي شفيَ كالسحر ، و لكن ماذا عن موت عائلته؟ ، ماذا عن ما اخبره به عمه عن قتل قطيع ميجناموس لعائلته ، لقد حاربهم عمه بنفسه حين هجموا على سيارة والدايه و قتلوهم ، هذا ما اخبره به حين استيقظ ليجد نفسه نائم في غرفته ، العم جونهو يجلس بجانب سريره ينظر له بحزن و قلق ، و يخبره عن الهجوم الذي حدث لوالديه و موت الجميع دون وجود اى ناجين غيره .
" علمت انها مكيدة ، لقد اخبرت والدك قبل ان يذهب الا يثق بهم ، لكنه كان يصر على ان يعقد معهم تلك المعاهدة ، و يذهب إليهم دون حماية ، حاولت ان الحق بهم و انقذهم لكن كان قد فات الاوان ، لكنني استطعت قتل المستذئبين الذين هجموا على سيارة والديك قبل ان يلحقوا الاذى بك "
ظللت استمع إلي ما قاله في صدمة ، لا استطيع إستيعاب ما قاله ، استيقظت من نومي لأجد عمي يخبرني ان والداى قد قتلوا على يد تلك القبيلة ، و انني الناجي الوحيد ، لم افهم حينها لما ذهبوا و عقدوا تلك المعاهدة و لما اخذوني معهم بينما كنت مريض ، كل ما شعرت به هو الحزن و الغضب العارم بينما ابحث عن عائلتي في ارجاء المنزل ، اتمنى ان يكون مجرد كابوس او هزيان من المرض .
تلك الذكريات و الألم و الغضب ، اصبحت انا و جونجكوك وحيدين ايتام ليس لدينا سوى العم جونهو يتولى رعايتنا ، و يدربنا على ان نكون صيادين لننتقم لعائلتنا التي قتلت على يد المستذئبين المتوحشين .
و الأن لم اعد اعلم اى شئ....
*******************
to be continued...
Коментарі