الفصل الرابع
فى يوم هادء نوعاً ما بعد مرور ما يقرب من اسبوعين مرا بهدوء و ليسا بسلام ابداً بالرغم من ان هذا البرهان لم يتعرض لها او يُضايقها باى شكل من الاشكال حتى انه وافق على فض تلك الصفقة بمُنتهى الهدوء و الرزانه و هذا ما ادهشها و ادهش وائل بالاخص الذى يعرف برهان جيداً و يحفظه عن ظهر قلب هو و تصروفاته و افعالة التى قد تُبيد مدينة باكملها الا انه اثر العمل فى صمت و من بعيد . لكن حزنها و خوفها الواضح عليها هذا ليس بسبب برهان او غيرة و هذا ما يُشعر وائل بالقلق عليها و السبب هو المرض يا سادة و يا احبتى . نعم لا تندهشوا او تتعجبوا فتلك المسكينه ذهبت مع مراد اليد الحنونة الى طبيب مخ و اعصاب حتى تعرف سبب هذا الصُداع المزمن و الدوار الدائم الذى لم يتركها و شئنها خلال الفترة الماضيه اى حوالى ستة اشهر او اكثر و كانت الصاعقة انه سرطان على مخ من المرحلة الاولى و قد اثرت هذا الامر لنفسها و لمراد مُعلله انها لا تريد ان يشعر احد بالشفقه تجاهها او ينظر لها احد على انها لقمة سائغه بالاخص برهان لا تريد منه تلك النظرة الاخيرة . ذهبت الى العمل تحاول ان تدفن نفسها فيه و ان تنسى ما يهبط على راسها منذ مدة من وابل من الصدمات التى لا تنتهى ابداً و لن تنتهى و هى قد ايقنت هذا ان عامها السادس و العشرين الذى اتمته منذ ثلاثة اشهر هو اصعب عام فى حياتها .
ابعدت هذا الملف من امامها بعد ان انتهت منه و درسته جيداً ثم عقدت ذراعيها امامها على المكتب و وضعت راسعا بينهم بارهاق مثل تلميذ الثانويه العامة الذى انتهى لتوة من دراست مقرر دراسى شاق . و كان كل هذا امام وائل الذى كان يُراقب كل تصرفاتها التى اصبحت غريبة و غير طبيعيه تلك الايام و ما زاد الامر سوءًا هو حالة الخمول و التعب تلك التى يُشاهدها امامه وضع الاقلام على الطاوله ثم امسك يدها بهدوء جعلها تنتفض و تُبعد يدها عن يدة بخل او لنقول خوف ، فمنذ فعلت برهان و اصبحت تخشى الر جال قليلاً . ضغط وائل بقوة على يده حتى ابيضت مفاصلة و توعد فى عقلة بالكثير لهذا البرهان بسبب ما فعلة فى حبيبته و جعلها كالزهره الذابلة امامة .
نظف حلقه قائلاً ببحة رجوليه هادئه نوعاً ما و عينيه الزيتونيه النادرة تتفحص خلاجات وجهها المُتعب بقلق اخجلها و بالاخص هى تعرف مشاعرة تجاهها : مالك يا ايه فيكى اية ؟!
عدلت حجابها و بللت شفتيها قائلة بهدوء و هى تحاول ان تهرب من انظار التى اسودت و هو يراقب حركة شفتيها و لسانها عليها : ابداً مفيش حاجة . ثم تابعت قائله فى مُحاولة ناجه ان تجعلة يتركها وحدها و قد فهم انها تريد ابعادة و قد طاوعها : معلش ممكن تجبلى ملف ادوية الروماتزم عاوزة اتاكد من حاجة لو سمحت . هز راسه بهدوء و خرج جاعلاً تلك المسًكينة تتنفس الصعداء اخيراً و ترتاح قليلاً لكن حملت حقيبتها بسرعة و فرت من الشركة بسرعة حتى تلتقط انفاسها بهدوء بعيداً عن كل تلك الاعين التى تتفرسها و تشعر انها قد كشفت امرها و تذكرت ان بعض الادويه قد نفزت منىعندها فقررت شرائها من احد الصيدليات البعيدة عنها و عن مُحيط عملها و بيتها و تتخفى عن الانظار .
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
صعدت الى منزلها و هى تُمسك بحقيبة الدواء التى امتلئت بالكثير من الادوية الخاصة بالاورم السرطانية و الفيتمينات المقويه حتى لا تخور قواها بسبب العلاج و ضعف جسدها . دخلت الى غرفتها وضعت الدواء على السرير باهمال و خلت حجابها و بدلت ملابسها باخرى بيتيه مُريحة وتوضئت ثم شرعت فى الصلاه حتى خرت ساجدة و قد انتهى ما لديها من قوة و تباسُك و بادات فى الدعا وهى ساجدة تبكى بقوة و قهر و هى تعلم ان من جاء بالمرض و البلاء قادر على ان يذهب بهم دعت بكل شئ جاء فى بالها ابيها امها اخواتها لنفسها هى لا تريد ان تعيش رغبتاً فى الحياة بل تُريد ان تعيش رغبتًا بان تتزوج رجل يُحبُها و تُحبه و تعيش فى كنفه و تذوق العشق الذى دائماً ما تسمع عنه و تقراء عنه فى القصص و الروايات فى حلال الله و تُصبح ام يكون لها اطفال و تعيش معهم مشاعر الامومه مثل هؤلاء الذين تزورهم فى الملجئ الخاص بالايتام و تعطف عليهم و تعطيهم من فيض حنانها ، فقط هذا كل ما تريدة المسكينه لا اكثر و لا اقل . انهت صلاتها و مع اخر تسليمه قد رن هاتفها مُعلناً عن اسم والدها " بابا محمد " و كان هذا الرجل قد اخترق حواجز و حصون عقلها و مُخيلتها المنيعه و عرف انها كانت سوف تتحدث اليه لكن هو دائماً بالخير اسبق .
مسحت دموعها و نظفت حلقها فى مُحاولة يائسة منها ان تُزيل اثر البُكاء عن صوتها المُميز ثم رفعت الهاتف الى اذنها اليمنى قائلة بصوت شبه طبيعى نوعاً ما : ازيك يا بابا عامل اية ؟
جاءها صوته الهادء قائلاً : انا بخيرالحمد لله انتِ عامله اية ؟ ماله صوتك انتى معيطه ؟!
هزت راسها نافيه و كانه امامها و ترد على اسالته قائله بتوتر خفيف : انا كو. كويسه بس كنت نايمه مش اكتر .
تحدث بشك قائلاً : ماشى يا ايه انا كنت بطمن عليكى و حمزه ابن خالتك جه النهارده و جدد طلبه و طلب ايدك تانى و انا قولت هسئلك . اية رايك ؟!
حمحمت بهدوء و قد مسحت وجهها بارهاق قائله : اعتذر منه يا بابا هو عارف رائي كويس .
" ماشى يا بنتى تصبحى على خير "
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
صعد هذا الذى اشتعل راسه شيباً الى غرفته بعد ان خلد جميع من فى المنزل الى النوم وخشاهم الله بالامن و السكينه و قد عم السكون مرة اخرى و جاء المساء لليله لا يعلم عددها الا الله مُعلنه عن وجود غد جديد و يوم جديد . فتح مُحمد ضوء الغرفه و هو يعتقد ان تلك الحرباء و قد ظلمنا الحرباء فى تشبيهها بتلك المراه قد نامت و انه سوف يرتاح من فحيحها الذى يُسبب له الصُداع و الغثيان لسويعات معدودة لكن على العمس تماماً كانت تجلس على السرير تنتظرة او بالاحرى تنتظر معرفة رد ايه على تلك الزيجة التى هى سببها و قد اقنعت ابن اختها بانه اذا تزوجها و حدث لها اى شئ و ماتت دون ان تُنجب سيكون له نصف بوليصه التامين علفى حياتها و هى لها النصف و بالطبع تلك البوليصه ليست بالهينه عشرة ملايين دولار ليست بالثمن البخث حتى تنفر منه هند اى لها خمسة ملايين دولار اى مايقرب من مئة مليون جنيه مصري فعلاً ثمن ليس بالهين ابداً . نظر لها بطرف عينة و لم يتحدث ثم استلقى على السرير و اعطاها ظهره حتى ينام لكنها سئلته ماهو ردها و الاجابه كانت بالنفى و هو ما اشعل غضب هند لكن كبتت هذا الغضب فيجب عليها ان تجد حل و بهدوء و تفكير . لم تُعقب و استلقت بهدوء على السرير و اسدلت ستائر جفونها لكن جُمله ما نطق بها مُحمد قبل ان يغُط فى نوم عميق هي "بكره تندمى يا هند "
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------ " مش كنتى جيتى قعدتى معايا كام يوم انا و ماما بعيد عن البيت و وجع القلب اللى انتى فيه ده حتى تبطلى تفكير شويه انتى شكلك مش عاجبنى بقالة كام يوم ، احكيلى الدكتورقلك اية ؟ "
كانت تلك الكلمات المُعاتبه و التى تبحث عن كلمات اخرى تبعث لها الطمئنينه من عائشه الصديقة المقربة لايه و التى تُقسم ايه فى داخلها انها اختها التى لم تُنجبها امها فلم تتصل اى واحدة من اخواتها او تشعر حتى بها و تُفكر بها و حتى لم تُحاول امها ان تطمئن عليها تسال عن ابنتها التى تعيش فى الغربة وحدها و هى فتاه فى عالم و مُجتمع اخر بالرغم من انه مُجتمع اسلامى الا ان الانخراط بين الغرب قد اضفى بعد الاخلاق البعيدة كل البعد عن المُجتمع الاسلامى الشرقى العربى ، حقاً و نعم الام التى تركتها و لم تبعث لها رساله حتى تطمئن فيها عليها و بالاحرى هى لا تعرف رقم ابنتها ، حقاً و نعم الام .. حقاً ! ارجعت ايه راسها الى الوراء و هى مُستلقيه على السرير بعد ان بدلت ثيابها و تعبت من كثرة البكاء و قد اشتد الصداع اكثر من ذى قبل ، مسحت على وجهها بتعب بما ستُجيب انا عندى سرطان مرحلة اولى عل المخ بالطبع لا هى لن تتاجر بمرضها و تٌخبر الجميع .
نظفت حلقها فى مُحاولة ناجحة نوعاً ما فى ازالة اثر البكاء عن صوتها لكنة واضح على وجهها قائله : كتر خيرك يا شوشو اشكرى طنط فضيلة و اعتذريلى منها انا زى ما انتى عارفة مش برتاح غير فى البيت اعمل ايه داء بقى ، و الدكتور قالى ارهاق من الشغل مش اكتر .... "
لكن طرق خفيف و هادئ و رزين على الباب لم تسمع به من قبل جعلها تنتدهش و قد تحولت الدهشه الى القلق عندما وجدت الساعة قاربت على الثانية صباحاً قاطعها عن الحديث و جعلها تقف و قد جذبت وشاح لفته حول اكتافها و اخر حول راسها و كل هذا و عائشه تشعر بالقلق هى الاخرى من هذا الصمت و بالاخص انها سمعت صوت الباب .
تحدثت ايه بهدوء و صوت خفيض قائلة و هى تتجه الى الباب : معلش يا شوشو اعرف مين على الباب و هكلمك تانى سلام .
اغلقت الخط ثم اطلقت زفيرة بهدوء و بمنتهى الغباء فتحت الباب من دون ان تنظر الى العين السحريه و تعرف من على الباب و لم يطُل الالمر كثيراً حتى عرقت من على الباب . و لم يكن سوى ذلك الاربعينى التى اشتعلت بعد الخُصلات الصغيرة فى راسه بالشيب " برهان " يا سادة هو من يقف على الباب بمنتهى التكبر و السماجة و كانة بيت ابيه لم ينتظر منها رد او اذن بالدخول و هى على صدمتها حتى لم تفق قد دخل الى بيثتها و اخلق البا بقدمة باهمال و ازاحها باهمال من طريقة و جلس على احد كراسى غرفة المعيشه و رفع قدميه فوق الطاولة الزُجاجيه التى توسطت غرفة المعيشه و لم يكتفى بل اشعل سيجار من هؤلاء اصحاب اللون البنى الطويل الذى يدل على الثراء و الاموال بل لنقول يا اعزائى ان كل شئ فيه يصرخ بالاموال و الثراء . نظر لها من اغمص قدمها الى اعلى راسها بتقيم و كانه مثل الفهد الذى يتفحص فريسته قبل ان ينقض عليها و قد توقف عند وجهها بالاخص وهو يرى تلك الدهشه و بعيداً عنها تلك البرائه الت ى زينت وجهها و احمراره الفاتن بسبب البكاء هذا .
خرج صوته الساخر و هو ينظر الى تيبُس جسدها و نظراىها الفضوليه و المُندهشه و كانها فى السيرك تُشاهد البهلوان و هى يقفظ فوق الحبال قائلاً و قد تناغمت كلمات و حركة شفاهه مع دخان سيجارة : اممم ... منزل جميل لكن الضيافة غير جميلة هل هذا هو اكرام الضيف يا انسه ايه ؟!
عادت من تلك الصدمة الى ايه الشرسه مرة اخرى و كانها كانت تنتظر الى ان تسمع صوته حتى تتاكد انه حقيقى و ليس هلاوس من تاثير الدواء الجديد ، تمسكت بالشال بهدوء و تحدثت بنوع من القوة قائلة : الضيف ليسوا مثل اللصوص ياتون بعد منتصف الليل هكذا ! و على العموم ماذا تريد ان تشرب ؟
اعتدل فى جلسته و لاحت على طرف شفتيه ابتسامة ساخرة لاحظتها ايه و قد عقدت حاجبيها بضيق من تلك الابتسامة هى لم تقل شئ يدعو للضحك حتى يضحك ذل المُتبجح . وضع سيجارة فى القداحة التى توسطت الطاولة كنوع من الديكور ثم ضغط على ركبيته حتى وقف ثم اقترب منها حتى وقف امامها و تلاك مسافه معقولة بينهم . وضع يده خلف ظهره و زم شفتيه القانيه ثم نظر لها و قد لاحظ كم تلاشى طولها بجانبه بالرغم من انها طويلة الا ان هذا الطول يتلاشى امامه تماماً
ثم تحدث قائلاً : لقد علمت انكى الغيتى الصفقة التى بين الشركتين و تبحثين عن مقاول اخر ، و اخذتى اجازة من الجامعة ، و تنقلين عملك الى مصر .. حقك انا لا اقول شئ و ليس لى شان فى ان اتحكم بكى . ثم مسح جانب انفه بسبابته ثم نظر الى صُلب عينيها العسليه تلك التى كانت تنظر له بفضول و لولا مركزه و تلك المشاجرة التى بينهم لكان قد تزوجها الان و اكمل ما اراد ان يُكملة . نظف حلقة قائلاً بهدوء: و لكنى كنت اريد ان خبرك ان هناك مٌفاجاه كبير بانتظارك صغيرتى !!! وداعاً .
ابعدت هذا الملف من امامها بعد ان انتهت منه و درسته جيداً ثم عقدت ذراعيها امامها على المكتب و وضعت راسعا بينهم بارهاق مثل تلميذ الثانويه العامة الذى انتهى لتوة من دراست مقرر دراسى شاق . و كان كل هذا امام وائل الذى كان يُراقب كل تصرفاتها التى اصبحت غريبة و غير طبيعيه تلك الايام و ما زاد الامر سوءًا هو حالة الخمول و التعب تلك التى يُشاهدها امامه وضع الاقلام على الطاوله ثم امسك يدها بهدوء جعلها تنتفض و تُبعد يدها عن يدة بخل او لنقول خوف ، فمنذ فعلت برهان و اصبحت تخشى الر جال قليلاً . ضغط وائل بقوة على يده حتى ابيضت مفاصلة و توعد فى عقلة بالكثير لهذا البرهان بسبب ما فعلة فى حبيبته و جعلها كالزهره الذابلة امامة .
نظف حلقه قائلاً ببحة رجوليه هادئه نوعاً ما و عينيه الزيتونيه النادرة تتفحص خلاجات وجهها المُتعب بقلق اخجلها و بالاخص هى تعرف مشاعرة تجاهها : مالك يا ايه فيكى اية ؟!
عدلت حجابها و بللت شفتيها قائلة بهدوء و هى تحاول ان تهرب من انظار التى اسودت و هو يراقب حركة شفتيها و لسانها عليها : ابداً مفيش حاجة . ثم تابعت قائله فى مُحاولة ناجه ان تجعلة يتركها وحدها و قد فهم انها تريد ابعادة و قد طاوعها : معلش ممكن تجبلى ملف ادوية الروماتزم عاوزة اتاكد من حاجة لو سمحت . هز راسه بهدوء و خرج جاعلاً تلك المسًكينة تتنفس الصعداء اخيراً و ترتاح قليلاً لكن حملت حقيبتها بسرعة و فرت من الشركة بسرعة حتى تلتقط انفاسها بهدوء بعيداً عن كل تلك الاعين التى تتفرسها و تشعر انها قد كشفت امرها و تذكرت ان بعض الادويه قد نفزت منىعندها فقررت شرائها من احد الصيدليات البعيدة عنها و عن مُحيط عملها و بيتها و تتخفى عن الانظار .
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
صعدت الى منزلها و هى تُمسك بحقيبة الدواء التى امتلئت بالكثير من الادوية الخاصة بالاورم السرطانية و الفيتمينات المقويه حتى لا تخور قواها بسبب العلاج و ضعف جسدها . دخلت الى غرفتها وضعت الدواء على السرير باهمال و خلت حجابها و بدلت ملابسها باخرى بيتيه مُريحة وتوضئت ثم شرعت فى الصلاه حتى خرت ساجدة و قد انتهى ما لديها من قوة و تباسُك و بادات فى الدعا وهى ساجدة تبكى بقوة و قهر و هى تعلم ان من جاء بالمرض و البلاء قادر على ان يذهب بهم دعت بكل شئ جاء فى بالها ابيها امها اخواتها لنفسها هى لا تريد ان تعيش رغبتاً فى الحياة بل تُريد ان تعيش رغبتًا بان تتزوج رجل يُحبُها و تُحبه و تعيش فى كنفه و تذوق العشق الذى دائماً ما تسمع عنه و تقراء عنه فى القصص و الروايات فى حلال الله و تُصبح ام يكون لها اطفال و تعيش معهم مشاعر الامومه مثل هؤلاء الذين تزورهم فى الملجئ الخاص بالايتام و تعطف عليهم و تعطيهم من فيض حنانها ، فقط هذا كل ما تريدة المسكينه لا اكثر و لا اقل . انهت صلاتها و مع اخر تسليمه قد رن هاتفها مُعلناً عن اسم والدها " بابا محمد " و كان هذا الرجل قد اخترق حواجز و حصون عقلها و مُخيلتها المنيعه و عرف انها كانت سوف تتحدث اليه لكن هو دائماً بالخير اسبق .
مسحت دموعها و نظفت حلقها فى مُحاولة يائسة منها ان تُزيل اثر البُكاء عن صوتها المُميز ثم رفعت الهاتف الى اذنها اليمنى قائلة بصوت شبه طبيعى نوعاً ما : ازيك يا بابا عامل اية ؟
جاءها صوته الهادء قائلاً : انا بخيرالحمد لله انتِ عامله اية ؟ ماله صوتك انتى معيطه ؟!
هزت راسها نافيه و كانه امامها و ترد على اسالته قائله بتوتر خفيف : انا كو. كويسه بس كنت نايمه مش اكتر .
تحدث بشك قائلاً : ماشى يا ايه انا كنت بطمن عليكى و حمزه ابن خالتك جه النهارده و جدد طلبه و طلب ايدك تانى و انا قولت هسئلك . اية رايك ؟!
حمحمت بهدوء و قد مسحت وجهها بارهاق قائله : اعتذر منه يا بابا هو عارف رائي كويس .
" ماشى يا بنتى تصبحى على خير "
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
صعد هذا الذى اشتعل راسه شيباً الى غرفته بعد ان خلد جميع من فى المنزل الى النوم وخشاهم الله بالامن و السكينه و قد عم السكون مرة اخرى و جاء المساء لليله لا يعلم عددها الا الله مُعلنه عن وجود غد جديد و يوم جديد . فتح مُحمد ضوء الغرفه و هو يعتقد ان تلك الحرباء و قد ظلمنا الحرباء فى تشبيهها بتلك المراه قد نامت و انه سوف يرتاح من فحيحها الذى يُسبب له الصُداع و الغثيان لسويعات معدودة لكن على العمس تماماً كانت تجلس على السرير تنتظرة او بالاحرى تنتظر معرفة رد ايه على تلك الزيجة التى هى سببها و قد اقنعت ابن اختها بانه اذا تزوجها و حدث لها اى شئ و ماتت دون ان تُنجب سيكون له نصف بوليصه التامين علفى حياتها و هى لها النصف و بالطبع تلك البوليصه ليست بالهينه عشرة ملايين دولار ليست بالثمن البخث حتى تنفر منه هند اى لها خمسة ملايين دولار اى مايقرب من مئة مليون جنيه مصري فعلاً ثمن ليس بالهين ابداً . نظر لها بطرف عينة و لم يتحدث ثم استلقى على السرير و اعطاها ظهره حتى ينام لكنها سئلته ماهو ردها و الاجابه كانت بالنفى و هو ما اشعل غضب هند لكن كبتت هذا الغضب فيجب عليها ان تجد حل و بهدوء و تفكير . لم تُعقب و استلقت بهدوء على السرير و اسدلت ستائر جفونها لكن جُمله ما نطق بها مُحمد قبل ان يغُط فى نوم عميق هي "بكره تندمى يا هند "
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------ " مش كنتى جيتى قعدتى معايا كام يوم انا و ماما بعيد عن البيت و وجع القلب اللى انتى فيه ده حتى تبطلى تفكير شويه انتى شكلك مش عاجبنى بقالة كام يوم ، احكيلى الدكتورقلك اية ؟ "
كانت تلك الكلمات المُعاتبه و التى تبحث عن كلمات اخرى تبعث لها الطمئنينه من عائشه الصديقة المقربة لايه و التى تُقسم ايه فى داخلها انها اختها التى لم تُنجبها امها فلم تتصل اى واحدة من اخواتها او تشعر حتى بها و تُفكر بها و حتى لم تُحاول امها ان تطمئن عليها تسال عن ابنتها التى تعيش فى الغربة وحدها و هى فتاه فى عالم و مُجتمع اخر بالرغم من انه مُجتمع اسلامى الا ان الانخراط بين الغرب قد اضفى بعد الاخلاق البعيدة كل البعد عن المُجتمع الاسلامى الشرقى العربى ، حقاً و نعم الام التى تركتها و لم تبعث لها رساله حتى تطمئن فيها عليها و بالاحرى هى لا تعرف رقم ابنتها ، حقاً و نعم الام .. حقاً ! ارجعت ايه راسها الى الوراء و هى مُستلقيه على السرير بعد ان بدلت ثيابها و تعبت من كثرة البكاء و قد اشتد الصداع اكثر من ذى قبل ، مسحت على وجهها بتعب بما ستُجيب انا عندى سرطان مرحلة اولى عل المخ بالطبع لا هى لن تتاجر بمرضها و تٌخبر الجميع .
نظفت حلقها فى مُحاولة ناجحة نوعاً ما فى ازالة اثر البكاء عن صوتها لكنة واضح على وجهها قائله : كتر خيرك يا شوشو اشكرى طنط فضيلة و اعتذريلى منها انا زى ما انتى عارفة مش برتاح غير فى البيت اعمل ايه داء بقى ، و الدكتور قالى ارهاق من الشغل مش اكتر .... "
لكن طرق خفيف و هادئ و رزين على الباب لم تسمع به من قبل جعلها تنتدهش و قد تحولت الدهشه الى القلق عندما وجدت الساعة قاربت على الثانية صباحاً قاطعها عن الحديث و جعلها تقف و قد جذبت وشاح لفته حول اكتافها و اخر حول راسها و كل هذا و عائشه تشعر بالقلق هى الاخرى من هذا الصمت و بالاخص انها سمعت صوت الباب .
تحدثت ايه بهدوء و صوت خفيض قائلة و هى تتجه الى الباب : معلش يا شوشو اعرف مين على الباب و هكلمك تانى سلام .
اغلقت الخط ثم اطلقت زفيرة بهدوء و بمنتهى الغباء فتحت الباب من دون ان تنظر الى العين السحريه و تعرف من على الباب و لم يطُل الالمر كثيراً حتى عرقت من على الباب . و لم يكن سوى ذلك الاربعينى التى اشتعلت بعد الخُصلات الصغيرة فى راسه بالشيب " برهان " يا سادة هو من يقف على الباب بمنتهى التكبر و السماجة و كانة بيت ابيه لم ينتظر منها رد او اذن بالدخول و هى على صدمتها حتى لم تفق قد دخل الى بيثتها و اخلق البا بقدمة باهمال و ازاحها باهمال من طريقة و جلس على احد كراسى غرفة المعيشه و رفع قدميه فوق الطاولة الزُجاجيه التى توسطت غرفة المعيشه و لم يكتفى بل اشعل سيجار من هؤلاء اصحاب اللون البنى الطويل الذى يدل على الثراء و الاموال بل لنقول يا اعزائى ان كل شئ فيه يصرخ بالاموال و الثراء . نظر لها من اغمص قدمها الى اعلى راسها بتقيم و كانه مثل الفهد الذى يتفحص فريسته قبل ان ينقض عليها و قد توقف عند وجهها بالاخص وهو يرى تلك الدهشه و بعيداً عنها تلك البرائه الت ى زينت وجهها و احمراره الفاتن بسبب البكاء هذا .
خرج صوته الساخر و هو ينظر الى تيبُس جسدها و نظراىها الفضوليه و المُندهشه و كانها فى السيرك تُشاهد البهلوان و هى يقفظ فوق الحبال قائلاً و قد تناغمت كلمات و حركة شفاهه مع دخان سيجارة : اممم ... منزل جميل لكن الضيافة غير جميلة هل هذا هو اكرام الضيف يا انسه ايه ؟!
عادت من تلك الصدمة الى ايه الشرسه مرة اخرى و كانها كانت تنتظر الى ان تسمع صوته حتى تتاكد انه حقيقى و ليس هلاوس من تاثير الدواء الجديد ، تمسكت بالشال بهدوء و تحدثت بنوع من القوة قائلة : الضيف ليسوا مثل اللصوص ياتون بعد منتصف الليل هكذا ! و على العموم ماذا تريد ان تشرب ؟
اعتدل فى جلسته و لاحت على طرف شفتيه ابتسامة ساخرة لاحظتها ايه و قد عقدت حاجبيها بضيق من تلك الابتسامة هى لم تقل شئ يدعو للضحك حتى يضحك ذل المُتبجح . وضع سيجارة فى القداحة التى توسطت الطاولة كنوع من الديكور ثم ضغط على ركبيته حتى وقف ثم اقترب منها حتى وقف امامها و تلاك مسافه معقولة بينهم . وضع يده خلف ظهره و زم شفتيه القانيه ثم نظر لها و قد لاحظ كم تلاشى طولها بجانبه بالرغم من انها طويلة الا ان هذا الطول يتلاشى امامه تماماً
ثم تحدث قائلاً : لقد علمت انكى الغيتى الصفقة التى بين الشركتين و تبحثين عن مقاول اخر ، و اخذتى اجازة من الجامعة ، و تنقلين عملك الى مصر .. حقك انا لا اقول شئ و ليس لى شان فى ان اتحكم بكى . ثم مسح جانب انفه بسبابته ثم نظر الى صُلب عينيها العسليه تلك التى كانت تنظر له بفضول و لولا مركزه و تلك المشاجرة التى بينهم لكان قد تزوجها الان و اكمل ما اراد ان يُكملة . نظف حلقة قائلاً بهدوء: و لكنى كنت اريد ان خبرك ان هناك مٌفاجاه كبير بانتظارك صغيرتى !!! وداعاً .
Коментарі