الفُصل الثانِـي عشَر
-من وجهَة نظرْ الكاتبة-
كانا يجلسان متجاوِرين على الأرض، في سطح البنايةِ ذلك، الذي اصطحبها إليه من قبل، يمكُثان في صمتٍ محببِ، ونسمات الهواء الصيفية تعبث بخصيلات شعرِهما بخفةٍ.
"لمَ لم تُصبحي تهاتفيني مؤخرًا؟" بادر هو السؤال فاصلًا سِتار الصمت المُنسدل.
"في الحقيقَة..لا أعلم" ردّت هي "أنا حتى لا أعلم أين أنا في تلك الأيام المُنصرمة" تمتمت بنبرة تغلفها السُخرية.
عقد حاجبيه بتسَاؤل وهو يحوّل بناظريه إليها "ماذا تعنين؟" سأل، "أعني..مؤخرًا وجدتُ نفسي في اللا مكان، فأنا لم أعد أخرج مع سكار ولم أعد أقابلكَ أو حتى أحادثكَ، لم أعد أجلس بصحبةِ أختي ميلا كما هي العادة، لا أفعل أي شيء وأشعر بنفسي مشغولة بكل شيء" تحدثت معه بكل شفافية، فقد مرّت بعض الأيام التي شعرت فيها بفراغٍ.
لم تكن تعرِف كيف عليها أن تحسّن من حالتها المزاجية المُتقلبة، حتى راسلها لوي وأخبرها أن تُلاقيه في ذلك السطح.
"كان يجب عليكِ محادثتي، وأنا كنت أعرِف كيف أُخرجك من قوقعة البؤس التي كنتِ بها" ردّ -لوي- وهو ينظر إليها، في حين هي مولية نظرها للسماء.
ابتسمت هي بخفة، وهي تقوم بتوجيه نظرها إليه، ريثما ابتسم هو بوسعٍ عندما ألقت بنظرها إليه، فمُنذ أن أتوا لهذا المكان وهي لم تنظر له مطلقاً.
"لم أكن أِريد أن أُشغلكَ بمشكلاتي التافهة" ردّت عليه بهدوء، بينما يستغل هو فرصة نظرها إليه في ممارسة هوايته المفضلّة..تأمل عينيها الواسعتين.
لقد كانت صادقة فيمَ تقول..فهي لن تنتشله من عمله واهتماماته بسبب كونها مُتقلبة مزاجيًا، بالإضافة لكونها كانت تُفكر في ذلك الشخص الذي يبعث لها بالرسائل.
قام هو بعقد حاجبيه معًا "لا تقولي ذلك فنحن أصدقاءٌ" تحدّث وهو مازال ينظر نحو عيناها، بينما صمتت هي في شرودٍ لحظي متذكرة تلك الرِسالة.
'أعني..أنه قد يكون بعض الناس الذين يتظاهرون بكونهم أصدقاء مقربين للغاية، ولكنهم ليسوا كذلك، فهم يقومون بتخبئة بعض الأسرار التي إذا کُشفت..ستنهار علاقتكِ بهم..كــلوي مثلًا..'
بينما فكرت..هل هذا بالفِعل صحيح؟ هل لوي يتظاهر بكونه صديقًا مقربًا حقًا؟ وما الذي يخبئه لوي؟ ولكنها قد فكّرت في أن ذلك الشخص قد يكون يرغب فقط في إفساد علاقتهما-هي ولوي-.
"أينَ ذهب بكِ عقلكِ يا فتاة؟" خاطبها لوي مُخرجًا إياها من ساحة أفكارها، "لا شيء، أنا هنا" ابتسمت له.
صمتا مُجددًا ولكن تلكَ المرة كانا صامتين بتأمُل، فهو كان غارقًا في تأمل التفافات عيناها "ما هو لون عينيك،ِ بياتريس؟" سألها بهمسٍ، فهو قد شعر بالضجر من عدم معرفته للون عيناها حقًا، وهو لم يتمكن حتى من معرفته رغم جلوسهما الآن في ضوء النهار.
"عسليّ، عسلي مُخضّر" ردّت عليه ببسمة صغيرة تُحيك فوق شفتاها المنمقة، "الهي، هذا بديع، أنا لم أرَ لونًا كلون عيناكِ من قبل في حياتي" قال بنظرة يشوبها الدهشة.
"أعني..قد تكون عيناكِ هي أجمل عينان قد رأيتهما مُسبقًا" انسابت الكلمَات من بين شفتيه عُنوةً وهو ما زال ينظر نحو عيناها مُتأملًا إياها.
ابتسمت هي بخجلٍ وهي تُبعد عيناها عن مجرى تحديقهما، عابثًة بأطراف أكمام قميصها بخفةٍ.
"أشكركَ" همست، وهي تنظر للأسفل غير مولية ببصرها نحوه، فهي قد شعرت أنهما قد أطالا فترة تأمُلهما في عيني أحدهما الآخر، ورغم أنها تشعر بالخجل عندما ينظر أحدهم نحو عينيها، ولكنها قد أطالت النظر في عيني لوي هذه المرة لأنها قد شعرت وكأنها فقط قد غرقت..غرقَت في بحر عيناه السماويّة.
فرغم أنها دائمًا كانت تكره العيون الزرقاء، كانت تظن أن العيون يجب أن تكون بنية، عسلية، أو حتى خضراء، وكانت العيون الزرقاء تحتل المركَز الأخير في ترتيبها المزعوم، ولكنّ مجيء لوي لحياتها..قد أخلّ تمامًا بذلك الترتيب، لتتصدّر العيون الزرقاء ترتيبها بزعامةٍ.
شعرت فجأة بتسلل يده لذقنها، ليقوم برفع رأسها قليلًا حتى يكون بصره نحوها مجددًا.
توسعت عيناها بسبب فعلته المُباغتة، بينما تحرّك كفه من ذقنها حتى وجنتها بتحسس وإبهامه يتحرك على خدّها الأيمن بخفة، وشعرت هي بقشعريرة خفيفة تسير بجسدها بسبب لمسته اللطيفة.
قام بإرجاع إحدى خصلاتها البنية خلف أذنها وهو يقوم بالإقتراب منها ببطءٍ.
كان عقلها في مرحلة استيعاب لمَ هو مُقدمٌ على فعله، ورغم إدراكها للأمر فهي فقط ظلت ثابتة كما هي، ناظرةً نحو زرقاوتيه الهادئتان اللتان يرمقناها بنظرة لم تفهمها.
شعرت بأنفاسه الدافئة تلفح وجهها بخفة بسبب اقترابه الشديد، بينما ازداد معدّل توترها بسبب قصَر المسافة بينهما، ريثما انزلق بصره نحو شفتيها المتوردتان بخفة.
قام بتقريب وجهه من وجهها أكثر قاصدًا جعل المسافة بينهما معدومة، بينما شعرت هي بقلبها الذي يخفق بسرعةً وتمردٍ بداخلها.
انتشلهما صوت رنين هاتفها من اقترابهما الشديد عنوةً، لتنتفض هي بخفةٍ وهي تضع يدها على صدره مبعدة إياه قليلًا، وهي تقوم بالتقاط هاتفها لتجدها فقط رِسالة "عذرًا" همست هي.
قام بتمرير أصابعه داخل خصلات شعره للخلف وهو يسُب ويلعن تحت أنفاسه "اللعنة" همسَ.
قامت هي بفتح تلك الرسالة لتجده ذلكَ الرقم..مجددًا.
'من:رقم مجهول
أحيانًا يكون الاقْتراب عن كثبٍ غيرُ كافٍ لمعرفة أحدهم معرفةً حقيقِةً، لذا..أنصحكِ بعَدم الاقتراب للغاية.
-ل'
"لمَ لا تتركني وشأني فقط" تمتمت هي بحنقٍ، لتشد انتباهه-لوي- "ماذا؟" سألها فهو لم يسمع ما قالت.
"لا شيء، أظن أنه يجب عليّ الذهاب الآن" أخبرته وهي تنهض منفضةً ذرّات الغُبار التي التصقت ببنطالها، تتجنب النظر نحو عيناه بسبب تلك اللحظة الموتِرة التي كانت بينهما منذ قليل، وهي تحاول تجاهل ما كانا مُقبلان على فعله.
"حسنًا، سأرافقكِ للأسفل" ردّ وهو يشير لها لتسبقه في الخروج من باب السطح ثم التوجه للمصعد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-من وجهَة نظرْ بـياتـريـس-
"أشكركَ كثيرًا، لو، لقد علمت كيف عليكَ ابهاجي" أخبرت لوي بعدما نزلنا لأسفل ونحن نقف أمام المتجر.
"ابهاجكِ؟ أنتِ لم تفعلي شيء سوى الصمت، بيا! كيف استطعت إبهاجكِ إذن؟" سألني بتعجبٍ ريثما يقف أمامي واضعًا يديه في جيوبه.
"تكفيني رؤيتكَ صدقًا" صارحته هامسة وأنا أُنزل ببصري نحو الأرض عند تحدُثي، لا يسعني الإنكار أن رؤية لوي قد أخرجتني من حالتي المزاجية السيئة، ولكنني فقط لم أستطع أن أخبره بذلكَ وأنا أنظر نحو عينيه.
أمسك بذقني رافعًا رأسي حتى أنظر له بينما يبتسم "يا لكِ من لطيفة" أخبرني بينما شعرت بحرارة وجنتاي الطفيفة ريثما ينظر نحو شفتاي، متنهدةً بخفة وأنا أحَاول إخراج كل الخواطر السيئة التي تجول بعقلي في تلك التنهيدة.
فجأة شعرت بحبال أذرعه-لوي- تلتف حول خصري معانقًا إياي "شعرت أنكِ تحتاجين لعناق" همس بالقرب من أذني، شعرتُ أنه قد عانقني لأنه قد أراد إكمال ما كنّا على وشك فعله في الأعلى، ولكنه قد منع نفسه بمعانقتي، رغم أنه يبدو أنه قد أراد بشدة فعل ذلك-تقبيلي-.
قمت بلف ذراعي حول رقبته معانقة إياه بالمقابل " أشكركَ حقًا، لوي، فقد كنت أحتاج حقًا لذلك" همستُ وأنا أشعر به يشد على عناقي.
ظللنا على تلك الحالة لعدة دقائق، فقد شعرتُ بأن كلانا كان محتاجًا لذلك العناق، شعرت به يفصل العناق مبعدًا دفء جسده عن جسدي ببطءٍ، وأنا ما زلت مطوّقة رقبته بذراعاي.
قام بإمساك يداي مبعدًا إياهم عن عُنقه ثم قام بتقبيل يدي اليُمنى بخفة، لابتسم قائلة "سوف أذهب الآن، وداعًا، لو" أخبرته مبتعدة عن نقطة وقوفنا.
"وداعًا، بي" أخبرني مبتسمًا، ثم سمعت صراخه بعد ابتعادي بقليل "هاتفيني" لأصرخ بالمقابل "حسنًا".
وبمجرد ابتعادي مُحيت الابتسامة من على وجهي ليحل محلها العُبوس، وأنا أتوجه بخطواتي نحو المنزل وأنا أنوي خوض شجار مع ذلك الشخص الذي يبعث بالرسائل.
صعدت للمنزل ثم دخلت غرفتي مغلقًة الباب خلفي، قمت بقذف حقيبتي على الأريكة، وكذلك قمتُ بخلع قميصي لأبقى ببنطالي وذلك القميص القطني الذي كنتُ ارتديه تحت قميصي.
ارتميتُ على السرير ممسكةً بهاتفي وأنا أفتح صندوق الرسائل.
'إلى:رقم مجهول
فلتتركني وشأني!
لقد مللت من رسائلك التَافهة!
لا أذكر أنني قد طلبتُ منكَ أن تُرسل لي نصيحة كل يوم!'
بعثتها وأنا أشعر بالغضب يغلي بداخلي، فقد أحسست أن موضوع الرسائل تلك قد أصبح سخيفًا للغاية، بعد ما يقارب الدقيقتين أصدر هاتفي صوتًا يدل على وصول رِسالة.
'من:رقم مجهول
أترككِ! بتلكَ البساطة!
لا أظن أنني سأفعل حتى أُحقق مبتغاي..'
'إلى:رقم مجهول
مبتغاك؟ وما هو هذا الـ'مُبتغى'؟، الذي أظنّ أنه لن يتحقق مطلقًا!
انظر يا هذا..فلتبتعد عن طريقي'
أرسلتُ، أيًا كان من يعبث معي فلن أتركه يزعجني، ولن أتركه يحقق 'مبتغاه' المزعوم.
'من:رقم مجهول
لا أريد أن أُفاجئكِ ولكن ما أريده سيتحقق، بأي طريقة من الطرُق، لذا أنصحكِ ألا تُضيعي وقتكِ في الغضب، ثم أنا لي اسم وليس اسمي 'هذا''
'إلى:رقم مجهول
أيًا كان ما تُحاول فعله فهو لن يحدث، ثم هل أخبرتني باسمك ولم أنَاديك به؟ فأنتَ مُصرٌ على لعب دور اللهو الخفي، ثم أتعرف حتى من أنا حتى تبعث لي بالرسائل؟ وهل تعرفُني معرفة شخصية؟ ثم كيف تعرف لوي؟'
أرسلت له بغضبٍ، أعلم أنها مضيعة للوقت، وأنه يجب علي تجاهله فقط، ولكنني لا أستطيع، أنا فقط أريد أن أعرف من ذلك السخيف الذي يفعل ذلك.
أغلقت محادثتي معه عندما وجدت أن رسالةً قد وصلتني في مجموعة المُراسلة الخاصة بي أنا وميلا وسكار وسيلينا، التي قامت ميلا بإنشاءها منذ حوالي أربعة أو خمسة أيام وقَامت بتسميتها 'م.ب.س.س' نسبًة لأول حرفٍ من اسم كل واحدة منا.
'من:ميلا
إلى:م.ب.س.س
كيف حالكنّ يا فتيات؟'
'من:سكار
إلى: م.ب.س.س
بخير، ماذا عنكِ؟'
'إلى:م.ب.س.س
أنا جيدة أيضًا، ماذا تفعلنّ؟'
أرسلتها، لا أعلم لمَ بدأتْ ميلا بالمُحادثة، فهي تجلس بالغُرفة المجاورة، ولكن يبدو أنها تشعر بالملل. لاحظت كذلك تأخر سيلينا في الردّ، فتظهر علامة وصول الرسالة لها، ولكنها لم تقم بالرد، ولكنني قد تجاهلتُ ذلك.
خرجت من المجموعَة متوجهة نحو محادثة ذلك المجهول عندما وجدت رسالة جديدة منه.
'من:رقم مجهول
الهي! تلكَ أسئلة كثيرة! ولكني سوف أُجاوب..
مبدأيًا، ما أريده سيحدث، حتى وإن اضطررتُ اللجوء للعُنف..وأجل، أنا أعرفكِ معرفة شخصية، ولوي كذلك، أنتِ هي بياتريس روبرتس، ذات الواحد والعشرين عامًا وقد قاربتِ على إتمام الثانية والعشرين، تدرسين بكلية الآداب قسم علم النّفس في سنتكِ الأخيرة بها، لديك أُخت واحدة تُدعى ميلانيا ولكنكم تنادُونها بـميلا في السادسة والعشرين من عُمرها، تخرجّت من كلية الهندسة قسم الحواسيب والالكترونيات، ليس لديكِ أصدقاء سوى سكارليت بينسون والتي تدرس بكلية الفنون، ولـويس توملينسون..ولكنني لا أعتبره صديقًا لكِ حقًا..فهو ليس كذَلك بالفِعل..أنتِ فقط لا تدركين ما يخبئه.
أوه! كدت أنسى..بالنسبة لاسمي فهو يحتوي على حرفِ اللام، أنتِ فقط يجب عليكِ إبقاء عينيكِ مفتوحتين، والنظر عن كثبٍ..'
ما تلكَ اللعنة التي حلّت بي؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هاي👋 سوري إني منزلتش من زمان -لو حد متابع القصة يعني-، المهم الفصل عامل ايه؟ ومين ل؟ اكتبوا كومنتس قولولي فيها رأيكو لحد دلوقتي.
وبس، سي يو سون، واستنوا فصل تاني في أقرب وقت💖
كانا يجلسان متجاوِرين على الأرض، في سطح البنايةِ ذلك، الذي اصطحبها إليه من قبل، يمكُثان في صمتٍ محببِ، ونسمات الهواء الصيفية تعبث بخصيلات شعرِهما بخفةٍ.
"لمَ لم تُصبحي تهاتفيني مؤخرًا؟" بادر هو السؤال فاصلًا سِتار الصمت المُنسدل.
"في الحقيقَة..لا أعلم" ردّت هي "أنا حتى لا أعلم أين أنا في تلك الأيام المُنصرمة" تمتمت بنبرة تغلفها السُخرية.
عقد حاجبيه بتسَاؤل وهو يحوّل بناظريه إليها "ماذا تعنين؟" سأل، "أعني..مؤخرًا وجدتُ نفسي في اللا مكان، فأنا لم أعد أخرج مع سكار ولم أعد أقابلكَ أو حتى أحادثكَ، لم أعد أجلس بصحبةِ أختي ميلا كما هي العادة، لا أفعل أي شيء وأشعر بنفسي مشغولة بكل شيء" تحدثت معه بكل شفافية، فقد مرّت بعض الأيام التي شعرت فيها بفراغٍ.
لم تكن تعرِف كيف عليها أن تحسّن من حالتها المزاجية المُتقلبة، حتى راسلها لوي وأخبرها أن تُلاقيه في ذلك السطح.
"كان يجب عليكِ محادثتي، وأنا كنت أعرِف كيف أُخرجك من قوقعة البؤس التي كنتِ بها" ردّ -لوي- وهو ينظر إليها، في حين هي مولية نظرها للسماء.
ابتسمت هي بخفة، وهي تقوم بتوجيه نظرها إليه، ريثما ابتسم هو بوسعٍ عندما ألقت بنظرها إليه، فمُنذ أن أتوا لهذا المكان وهي لم تنظر له مطلقاً.
"لم أكن أِريد أن أُشغلكَ بمشكلاتي التافهة" ردّت عليه بهدوء، بينما يستغل هو فرصة نظرها إليه في ممارسة هوايته المفضلّة..تأمل عينيها الواسعتين.
لقد كانت صادقة فيمَ تقول..فهي لن تنتشله من عمله واهتماماته بسبب كونها مُتقلبة مزاجيًا، بالإضافة لكونها كانت تُفكر في ذلك الشخص الذي يبعث لها بالرسائل.
قام هو بعقد حاجبيه معًا "لا تقولي ذلك فنحن أصدقاءٌ" تحدّث وهو مازال ينظر نحو عيناها، بينما صمتت هي في شرودٍ لحظي متذكرة تلك الرِسالة.
'أعني..أنه قد يكون بعض الناس الذين يتظاهرون بكونهم أصدقاء مقربين للغاية، ولكنهم ليسوا كذلك، فهم يقومون بتخبئة بعض الأسرار التي إذا کُشفت..ستنهار علاقتكِ بهم..كــلوي مثلًا..'
بينما فكرت..هل هذا بالفِعل صحيح؟ هل لوي يتظاهر بكونه صديقًا مقربًا حقًا؟ وما الذي يخبئه لوي؟ ولكنها قد فكّرت في أن ذلك الشخص قد يكون يرغب فقط في إفساد علاقتهما-هي ولوي-.
"أينَ ذهب بكِ عقلكِ يا فتاة؟" خاطبها لوي مُخرجًا إياها من ساحة أفكارها، "لا شيء، أنا هنا" ابتسمت له.
صمتا مُجددًا ولكن تلكَ المرة كانا صامتين بتأمُل، فهو كان غارقًا في تأمل التفافات عيناها "ما هو لون عينيك،ِ بياتريس؟" سألها بهمسٍ، فهو قد شعر بالضجر من عدم معرفته للون عيناها حقًا، وهو لم يتمكن حتى من معرفته رغم جلوسهما الآن في ضوء النهار.
"عسليّ، عسلي مُخضّر" ردّت عليه ببسمة صغيرة تُحيك فوق شفتاها المنمقة، "الهي، هذا بديع، أنا لم أرَ لونًا كلون عيناكِ من قبل في حياتي" قال بنظرة يشوبها الدهشة.
"أعني..قد تكون عيناكِ هي أجمل عينان قد رأيتهما مُسبقًا" انسابت الكلمَات من بين شفتيه عُنوةً وهو ما زال ينظر نحو عيناها مُتأملًا إياها.
ابتسمت هي بخجلٍ وهي تُبعد عيناها عن مجرى تحديقهما، عابثًة بأطراف أكمام قميصها بخفةٍ.
"أشكركَ" همست، وهي تنظر للأسفل غير مولية ببصرها نحوه، فهي قد شعرت أنهما قد أطالا فترة تأمُلهما في عيني أحدهما الآخر، ورغم أنها تشعر بالخجل عندما ينظر أحدهم نحو عينيها، ولكنها قد أطالت النظر في عيني لوي هذه المرة لأنها قد شعرت وكأنها فقط قد غرقت..غرقَت في بحر عيناه السماويّة.
فرغم أنها دائمًا كانت تكره العيون الزرقاء، كانت تظن أن العيون يجب أن تكون بنية، عسلية، أو حتى خضراء، وكانت العيون الزرقاء تحتل المركَز الأخير في ترتيبها المزعوم، ولكنّ مجيء لوي لحياتها..قد أخلّ تمامًا بذلك الترتيب، لتتصدّر العيون الزرقاء ترتيبها بزعامةٍ.
شعرت فجأة بتسلل يده لذقنها، ليقوم برفع رأسها قليلًا حتى يكون بصره نحوها مجددًا.
توسعت عيناها بسبب فعلته المُباغتة، بينما تحرّك كفه من ذقنها حتى وجنتها بتحسس وإبهامه يتحرك على خدّها الأيمن بخفة، وشعرت هي بقشعريرة خفيفة تسير بجسدها بسبب لمسته اللطيفة.
قام بإرجاع إحدى خصلاتها البنية خلف أذنها وهو يقوم بالإقتراب منها ببطءٍ.
كان عقلها في مرحلة استيعاب لمَ هو مُقدمٌ على فعله، ورغم إدراكها للأمر فهي فقط ظلت ثابتة كما هي، ناظرةً نحو زرقاوتيه الهادئتان اللتان يرمقناها بنظرة لم تفهمها.
شعرت بأنفاسه الدافئة تلفح وجهها بخفة بسبب اقترابه الشديد، بينما ازداد معدّل توترها بسبب قصَر المسافة بينهما، ريثما انزلق بصره نحو شفتيها المتوردتان بخفة.
قام بتقريب وجهه من وجهها أكثر قاصدًا جعل المسافة بينهما معدومة، بينما شعرت هي بقلبها الذي يخفق بسرعةً وتمردٍ بداخلها.
انتشلهما صوت رنين هاتفها من اقترابهما الشديد عنوةً، لتنتفض هي بخفةٍ وهي تضع يدها على صدره مبعدة إياه قليلًا، وهي تقوم بالتقاط هاتفها لتجدها فقط رِسالة "عذرًا" همست هي.
قام بتمرير أصابعه داخل خصلات شعره للخلف وهو يسُب ويلعن تحت أنفاسه "اللعنة" همسَ.
قامت هي بفتح تلك الرسالة لتجده ذلكَ الرقم..مجددًا.
'من:رقم مجهول
أحيانًا يكون الاقْتراب عن كثبٍ غيرُ كافٍ لمعرفة أحدهم معرفةً حقيقِةً، لذا..أنصحكِ بعَدم الاقتراب للغاية.
-ل'
"لمَ لا تتركني وشأني فقط" تمتمت هي بحنقٍ، لتشد انتباهه-لوي- "ماذا؟" سألها فهو لم يسمع ما قالت.
"لا شيء، أظن أنه يجب عليّ الذهاب الآن" أخبرته وهي تنهض منفضةً ذرّات الغُبار التي التصقت ببنطالها، تتجنب النظر نحو عيناه بسبب تلك اللحظة الموتِرة التي كانت بينهما منذ قليل، وهي تحاول تجاهل ما كانا مُقبلان على فعله.
"حسنًا، سأرافقكِ للأسفل" ردّ وهو يشير لها لتسبقه في الخروج من باب السطح ثم التوجه للمصعد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-من وجهَة نظرْ بـياتـريـس-
"أشكركَ كثيرًا، لو، لقد علمت كيف عليكَ ابهاجي" أخبرت لوي بعدما نزلنا لأسفل ونحن نقف أمام المتجر.
"ابهاجكِ؟ أنتِ لم تفعلي شيء سوى الصمت، بيا! كيف استطعت إبهاجكِ إذن؟" سألني بتعجبٍ ريثما يقف أمامي واضعًا يديه في جيوبه.
"تكفيني رؤيتكَ صدقًا" صارحته هامسة وأنا أُنزل ببصري نحو الأرض عند تحدُثي، لا يسعني الإنكار أن رؤية لوي قد أخرجتني من حالتي المزاجية السيئة، ولكنني فقط لم أستطع أن أخبره بذلكَ وأنا أنظر نحو عينيه.
أمسك بذقني رافعًا رأسي حتى أنظر له بينما يبتسم "يا لكِ من لطيفة" أخبرني بينما شعرت بحرارة وجنتاي الطفيفة ريثما ينظر نحو شفتاي، متنهدةً بخفة وأنا أحَاول إخراج كل الخواطر السيئة التي تجول بعقلي في تلك التنهيدة.
فجأة شعرت بحبال أذرعه-لوي- تلتف حول خصري معانقًا إياي "شعرت أنكِ تحتاجين لعناق" همس بالقرب من أذني، شعرتُ أنه قد عانقني لأنه قد أراد إكمال ما كنّا على وشك فعله في الأعلى، ولكنه قد منع نفسه بمعانقتي، رغم أنه يبدو أنه قد أراد بشدة فعل ذلك-تقبيلي-.
قمت بلف ذراعي حول رقبته معانقة إياه بالمقابل " أشكركَ حقًا، لوي، فقد كنت أحتاج حقًا لذلك" همستُ وأنا أشعر به يشد على عناقي.
ظللنا على تلك الحالة لعدة دقائق، فقد شعرتُ بأن كلانا كان محتاجًا لذلك العناق، شعرت به يفصل العناق مبعدًا دفء جسده عن جسدي ببطءٍ، وأنا ما زلت مطوّقة رقبته بذراعاي.
قام بإمساك يداي مبعدًا إياهم عن عُنقه ثم قام بتقبيل يدي اليُمنى بخفة، لابتسم قائلة "سوف أذهب الآن، وداعًا، لو" أخبرته مبتعدة عن نقطة وقوفنا.
"وداعًا، بي" أخبرني مبتسمًا، ثم سمعت صراخه بعد ابتعادي بقليل "هاتفيني" لأصرخ بالمقابل "حسنًا".
وبمجرد ابتعادي مُحيت الابتسامة من على وجهي ليحل محلها العُبوس، وأنا أتوجه بخطواتي نحو المنزل وأنا أنوي خوض شجار مع ذلك الشخص الذي يبعث بالرسائل.
صعدت للمنزل ثم دخلت غرفتي مغلقًة الباب خلفي، قمت بقذف حقيبتي على الأريكة، وكذلك قمتُ بخلع قميصي لأبقى ببنطالي وذلك القميص القطني الذي كنتُ ارتديه تحت قميصي.
ارتميتُ على السرير ممسكةً بهاتفي وأنا أفتح صندوق الرسائل.
'إلى:رقم مجهول
فلتتركني وشأني!
لقد مللت من رسائلك التَافهة!
لا أذكر أنني قد طلبتُ منكَ أن تُرسل لي نصيحة كل يوم!'
بعثتها وأنا أشعر بالغضب يغلي بداخلي، فقد أحسست أن موضوع الرسائل تلك قد أصبح سخيفًا للغاية، بعد ما يقارب الدقيقتين أصدر هاتفي صوتًا يدل على وصول رِسالة.
'من:رقم مجهول
أترككِ! بتلكَ البساطة!
لا أظن أنني سأفعل حتى أُحقق مبتغاي..'
'إلى:رقم مجهول
مبتغاك؟ وما هو هذا الـ'مُبتغى'؟، الذي أظنّ أنه لن يتحقق مطلقًا!
انظر يا هذا..فلتبتعد عن طريقي'
أرسلتُ، أيًا كان من يعبث معي فلن أتركه يزعجني، ولن أتركه يحقق 'مبتغاه' المزعوم.
'من:رقم مجهول
لا أريد أن أُفاجئكِ ولكن ما أريده سيتحقق، بأي طريقة من الطرُق، لذا أنصحكِ ألا تُضيعي وقتكِ في الغضب، ثم أنا لي اسم وليس اسمي 'هذا''
'إلى:رقم مجهول
أيًا كان ما تُحاول فعله فهو لن يحدث، ثم هل أخبرتني باسمك ولم أنَاديك به؟ فأنتَ مُصرٌ على لعب دور اللهو الخفي، ثم أتعرف حتى من أنا حتى تبعث لي بالرسائل؟ وهل تعرفُني معرفة شخصية؟ ثم كيف تعرف لوي؟'
أرسلت له بغضبٍ، أعلم أنها مضيعة للوقت، وأنه يجب علي تجاهله فقط، ولكنني لا أستطيع، أنا فقط أريد أن أعرف من ذلك السخيف الذي يفعل ذلك.
أغلقت محادثتي معه عندما وجدت أن رسالةً قد وصلتني في مجموعة المُراسلة الخاصة بي أنا وميلا وسكار وسيلينا، التي قامت ميلا بإنشاءها منذ حوالي أربعة أو خمسة أيام وقَامت بتسميتها 'م.ب.س.س' نسبًة لأول حرفٍ من اسم كل واحدة منا.
'من:ميلا
إلى:م.ب.س.س
كيف حالكنّ يا فتيات؟'
'من:سكار
إلى: م.ب.س.س
بخير، ماذا عنكِ؟'
'إلى:م.ب.س.س
أنا جيدة أيضًا، ماذا تفعلنّ؟'
أرسلتها، لا أعلم لمَ بدأتْ ميلا بالمُحادثة، فهي تجلس بالغُرفة المجاورة، ولكن يبدو أنها تشعر بالملل. لاحظت كذلك تأخر سيلينا في الردّ، فتظهر علامة وصول الرسالة لها، ولكنها لم تقم بالرد، ولكنني قد تجاهلتُ ذلك.
خرجت من المجموعَة متوجهة نحو محادثة ذلك المجهول عندما وجدت رسالة جديدة منه.
'من:رقم مجهول
الهي! تلكَ أسئلة كثيرة! ولكني سوف أُجاوب..
مبدأيًا، ما أريده سيحدث، حتى وإن اضطررتُ اللجوء للعُنف..وأجل، أنا أعرفكِ معرفة شخصية، ولوي كذلك، أنتِ هي بياتريس روبرتس، ذات الواحد والعشرين عامًا وقد قاربتِ على إتمام الثانية والعشرين، تدرسين بكلية الآداب قسم علم النّفس في سنتكِ الأخيرة بها، لديك أُخت واحدة تُدعى ميلانيا ولكنكم تنادُونها بـميلا في السادسة والعشرين من عُمرها، تخرجّت من كلية الهندسة قسم الحواسيب والالكترونيات، ليس لديكِ أصدقاء سوى سكارليت بينسون والتي تدرس بكلية الفنون، ولـويس توملينسون..ولكنني لا أعتبره صديقًا لكِ حقًا..فهو ليس كذَلك بالفِعل..أنتِ فقط لا تدركين ما يخبئه.
أوه! كدت أنسى..بالنسبة لاسمي فهو يحتوي على حرفِ اللام، أنتِ فقط يجب عليكِ إبقاء عينيكِ مفتوحتين، والنظر عن كثبٍ..'
ما تلكَ اللعنة التي حلّت بي؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هاي👋 سوري إني منزلتش من زمان -لو حد متابع القصة يعني-، المهم الفصل عامل ايه؟ ومين ل؟ اكتبوا كومنتس قولولي فيها رأيكو لحد دلوقتي.
وبس، سي يو سون، واستنوا فصل تاني في أقرب وقت💖
Коментарі