لي اسم كما تعلمون !
سماء السوداء
بسخرية قاسية
صراع تسبقه الصدمة
بصيص أمل
العاصفة
خذلان
خروج
عقاب
ذكريات
مسك الختام
عقاب
من المُنهك جداً
أن تكون الذاكرة حيةً
إلى الحدّ الذي تتذكر معه التفاصيلْ ،
ورائحة العطر ، وشَكل الدمعِ !
وهَيئة العابرِين عَلى أرصِفةِ الأياآم..!

___

" جُنح لَيلةٍ بارِدَةٍ هادِئةً تُغطى بِالثُلوجِ البيضاءَ ، لُؤلؤتانِ ثَلجيةٍ أو ثلاثةٍ تُدمَعُ مِن سَماءٍ رَماديةٍ مُلبدةٍ بِغُيومَ كَثيفة مُظلِمة ، عَينانٌ زُمردِيتانِ تُحدِق بِسُكون إلى كُرياتِ الثلجِ الصَغيرة خَلفَ زُجاجِ نافِذاتَه ، وَإلى هُدوءِ الشارِع الخالٍ ، ألوانُ بَهجَةٍ كَالفقاقيعُ تَنعكِسُ بِزُجاجِه ، رائحةِ قَهوةٍ ساخِنَةٍ تُداعِبَ خَلايا رَأسِه بِبُخارِها المُتصاعِد الذيّ إكتفى بِأستنشاقِه ، سُكونً تام يَجتاحُ العالم وَكأنهُ يَعيشُ في سُبات ، لِيطرُقَ البابُ دونَ سابِقِ إنذاراً بيدهُ جُرعةً مِن السَعادةِ ،

"ادخل .." قالها بهدوء وهو يرتشف من قهوته ومازال ينظر للنافذة

"سيدي .. نحن لا ..نجد الباشا الص-غير " تحدثت بِخوف وسرعة .. وهي تنظر للارض ، اما عنه عندما سمع الجملة ضغط على فنجان القهوة الذي بيده فتكسر وتحول لأشلاء ..مما ادى الى ارتجاف الخادمه ورجوعها للخلف عدة خطوات ..

"ماذا تعنين بانك لا تجدين الباشا الصغير " تكتف وهو ينظر لها بغضب شديد مع رفع حاجبة الايسر دلالة على غضبه الشديد ..

"في الوا-قع ياباشا ا-انه كان هادئ جدا اليوم. فطلب مني ان اسمح له بالجلوس في الحديق--ة "

قطع كلامها صفعِه للمكتب بِكف يده وهو يقول بِصراخ " وَ مَن انتي حتى تسمحين له ! ثم ألم اقل إِنه ممنوع عليه الخروج الى اي مكان إلا بأمر مني "

بدات الخادمه تبكي من شده الخوف "انا اسف--ة ياباشا ارجوك سامحني "

نظر لها بسخط وتحدث ببرود " حنين اين هي ؟"  ينظر للخادمه من اعلى الى اسفل ينتظر منها ان تجيب عليه بفارغ الصبر يراها  تضغط على يدها بخوف شديد وجسدها ينتفظ من شده الخوف وفقط صوت شهقاتها مسموع ..

"اجيبيني واللعنه " صرخ بها لتتحدث بسرعة

"هي ب-بغرفتها ياباشا .. وهي قلقه جدا ولا تبدو بخي-ر "

نظرة قلق احتلت على ملامح وجهه سرعان ماعاد الى البرود ،
" ماذا تعنين ؟؟هل اخذت دوائها ؟؟ "

"في الواقع ياباشا ..الدواء لم يعد ينفع مع حال-تها "  شرد للحظات وجملة " لم تعد تنفع لحالتها "  تتكرر في عقله  ارتجف قلبه  نظر الى الفراغ وهو يتذكر شكلها بالايام التي مضت كيف لم ينتبه لذبولها ! وشحوبها ! وتلك الهلات السوداء التي تحت عيناها .. تكورت يده على شكل قبظة وتحدث بصوته الجهوري

"نادي لي امجد  وزينب بسرعة " اسرعت الخادمه الى مناداتهم وهي تسمع صوت تحطيم المزهرية خلف الباب ..،

امجد :"نعم ياباشا هل اردتني " تحدث بخوف ونظره موجه للارض

نظر له ببرود ممزوج بغضب ، " ادم يرجع اليوم للمنزل ،  امهلك ساعتين اذا لم يعد ادم .. اعتبر نفسك من الاموات " 

امجد :" ل..كن  " تحدث بتلعثم وخوف ولكن قاطعه صوت نوح الحازم

"من دون لكن ، انت رئيس الحرس وهذا عملك اللعين .. الست ادفع لك المال لكي تحميه كيف يهرب منكم وانتم كالتماثيل لا تعرفون شيء  ! "

ضل نظر امجد موجه للارض يعجز عن الحديث ..

" الان اذهب واحظر ادم ، امامك ساعتان فقط  ، اذا لم تحظره .. سألحقك بكريمه "

نظر له بفزع وعيناه متسعة "امرك ياباشا "  وخرج بسرعة وهو يلتفت للنظر خلفه  مما ادى الى اصطدامه بالحكيمه زينب 
امجد :" انا اسف لم انتبه " قالها بهدوء وهو يمسك يدها يساعدها على النهوض

الحكيمه زينب :" لا بأس انه خطأي لم اكن منتبهة ، شكرا لك "

اتجه كل واحد منهم الى طريقة ..

___

كانت تقف عند النافذة كعادتها تنظر بشرود حتى لم تنتبه لدخولي ... شاهدت كيف تسحب تنفسا وتطلقه بهدوء وحزن ... وكم حسدت الهواء وقتها .. تضع يدها على خدها وتمسح دموعها التي ألمتني .. سحبت نفسا عميقا والتفت الي ببتسامتها المعهودة ..تظن انها تستطيع خداعي هي لا تعرف انني أقرأ عينيها ذات اللون الرمادي التي تشكي الكثير ..والكثير من الالم .. عيناها التي اختفت لمعتها مع مرور الزمن .. وبانت ملامحها المرهقة على وجهها  .. عيناها التي كانت تشع امل وسعادة ..اصبحت مليئة بالحزن والهموم والخذلان ! ... بدأت تذبل في السنوات الاخيرة بدت اشد ضعفا واكبر عمرا ... بدات كوردة حمراء ..مهملة ذبلت لعدم اهتمام البستاني فيها ! .. شحوب وجهها .. وعدة شعرات من راسها اصبحت بيضاء صحتها تتدهور بسبب مرضها .. تتظاهر بالقوة امام أدم كي لا يضعف .. وامامي كي لا ابعده عنها .. لكنها لا تعلم  بان رؤيتها بهذا الضعف وهي تذبل امامي .. كزهرة اخذت من بستانها ،.. الالم يقطع قلبي .. لاشلاء ... اااه منكي يا حنين .. كم اتعبتي قلبي ...

ينظر لها بوجه خالي من التعبير وهو يرى ابتسامتها المزيفة التي تلقيها نحوه !
هل وصل بهم الحال الى ان يتعاملو معا برسميه ! .. اقترب منها ووقف امامها نظر لوجهها واخذ يتفحصها بهدوء .. اما عنها فكانت تحاول ان تتجنب النظر لعيناه ..انتبه لعيناها التي غطاها غشاء شفاف من الكريستال (دموع ) سرعان ما سحبها لحظنه .. واستقر راسه بعنقها يستنشق رائحتها .. ويحاول ان يطمأنها بهذا الحظن .. لتطلق العنان لدموعها المكبوته وشهقاتها تعلو .. فلم تعد قادرة على تحمل ... كل هذه السنوات ارهقتها ... وجموده ناحيتها ارهقها .. وزاد من معاناتها ... ,

لقد كانت جميلة ، صلبة وقوية .. كانت عيناها مليئة بالفرح .. تواجه الظروف وتبتسم رغما عن كل شيء ... اما الان ..هي ليست سوى شيء هش قابل للكسر ..حتى ملامحها الجميلة ذبلت من الحزن .. لم أكن اعتقد ان الحياة ستتغلب على امرأة مثلها يوما  لكنها فعلت ! .. لا لم تفعل انها متعبة فقط وستعود كما كانت .. اخذ يقنع نفسه بهذا الكلام ..

---- نوح ----

أشعر بغرابة الوقت الذي يمضي وأنا في ظل -كتفكِ- .. في قلق الحقيقة التي تكاد تُشرق شمسها .. أشعُر بِغرابة الليل الذي يفضحهُ النهار و النجوم التي تخفت في حضن النور .. أشعر بالأَشواك التي تَرتكز في خاصِرة الورد ؛ بالشكوك التي تُحيط قلبي .. أشعر بإرتباكة الكلمة الفاصِلة .. بخوف من عاش عُمره في ظَن الكلام .. أتوه و أشعر بالدوار و أعود برغبة أن أمضي في ظل كتفكِ. أن أموت في ظل كتفكِ... لاتتركيني ..

كم كان يرغب ان ينطق بذالك الكلام .. لكن كل ما خرج منه كان .. " لا تقلقي سوف يحظروه  .." قالها ببحته الغريبة وبنبرة بارده خالية من المشاعر .. ينظر للفراغ .. بدأت الافكار تغزو عقله ..،

ابتعدت عن حظنه وهي تنظر له بصدمه .. كادت ان تتكلم لكن قاطعها طرق الباب ..ودخول الخادمه

" لقد وجده امجد ياباشا " ابتسامه بارده حلت على وجهه .. والبرود هو كل ما يشعر به حاليا.. والغضب بدأ يسيطر عليه .. بعدها عنه بهدوء واتجه للخارج يمشي بهدوء ورزانه ولمعه شر بعيناه .. اخذت تنادي عليه

"نوح لا تأذيه .. هو لم يقصد ..ارجوك .. مايزال صغير .. اتوسل اليك .." تجاهل كلماتها وتجه للمكتبه ركل الباب بقدمه بكل قوة واندفاع .. تقدم ناحية امجد وصافحه " احسنت صنعا .. والان شدد الحراسة بالخارج واياكم والتهاون مرة اخر ، هيا نفذ بسرعة لا تقف امامي كاللوح " زمجر بغضب ..ممة ادى لرتجاف الصغير وهو يتطلع لوالده الغاظب ..

"امرك ياباشا " تحدث امجد بكل طاعه وخرج ..

استدار ل ادم واخذ يقترب منه ببطئ .. ارتعب الطفل بشده ،

"اين كنت " قال كلماته بغضب مكبوت وعروقه بدأت تظهر من الغضب

" انا اس-ف بابا " اجابه بحسرة ودمعه سيالة ..مما اغضبه نظر له  ، واخذ يتحرك بالغرفة ذهابا وايابا يحاول تهدئة نفسه ، اخذ نفس عميق ، وتحدث

"اجب السؤال ادم .. اين كنت .. لماذا هربت من المنزل .. انت تعرف القوانين! لماذا خرقتها .. لقد خيبت املي بك ياولد .. "

اخذ ينظر لوالده بحزن فكلماته جرحته .. هو دائما كان يريد ان يفخر والده به .. ولكن الان ضاع كل امله فقد نطق بما كان يخشاه " انت خيبت املي " نظر لوالده بحزن وخيبة .. وتحدث بهدوء ..

" ابي هل تعلم ماهو شعور ان تكون منبوذ ..! لا اتوقع .. انا كنت اشعر بالوحده .. اراقب الناس دائما اراهم سعداء .. يسيرون مع بعض .. شاب وفتاة .، اب  يحمل طفله على كتفه ويضحك معه .. اولاد يلعبون مع بعض .. سنين وانا حبيس هنا .. امي لم تقصر معي هي تحاول جهدها وانا اقدر هذا لكن شعور الوحدة يؤلمني .. وانت .."

دمعه صغيرة نزلت من عين الطفل وهو يتكلم سرعان ما مسحها .. واكمل كلامه

" كنت دائما احاول جذب اهتمامك .. كنت اريدك ان تتحدث معي بطبيعيه .. فعلت كل شيء حتى ارضيك ..، لكنك لم تبالي ! ولم تهتم ..، كم كنت اتمنى كلمه انا فخور بك يابني ... لكنك لم تقلها .. اصبحت وحيدا .. امي تزداد مرضا .. ولا يمكنني فعل شيء .. الدفاتر اصبحت هي ملاذي واصدقائي .. لكنها لا تكفي ... فبمجرد ان اترك القلم تصمت .. ، انا افقد نفسي .. اعلم اني مختلف عنكم .. لكن هذا ليس بيدي ... توقفو عن حبسي هنا كحيوان ! .. كنت اريد ان اخرج قليلا يا ابي لاني لم اخرج سوى مرتين من سنين !..

وانت لم تكن ستسمح لي .. كنت اريد ان اصدق اني لست مشوه وجميل ومميز مثلما تقول امي ! ...وقد حدث بالفعل يا ابي .. حدث ما قالته امي

لمعة حماس ظهرت بعيناه " قبل خروجي من المنزل ارتديت قبعتي التي تخفي ملامح وجهي ،، اتخيل اني جميل وطبيعي كما تقول امي ! ..لكن هذه المره كان صدقاً ليس خيال فقد حدقت بي احد الماره ثم توقفت واظهرت اعجابها بي  .. وطلبت أخذ صوره لي _كنت سعيد جداً ولأول مره احد يطلب تصويري !!

احسست باني مميز مثلما تقول امي ولست بشع وقبيح وعجوز

لا اعلم ماذا حدث مع الصوره ولكن بعد ذَلِك الموقف اصبح الكثير يطلبون التصوير معي ويشيرون إلي وكأنهم يعرفوني !!

أُصبت بالغرور مالذي حدث اهم عميان ام انا نائم وَذَلِك حلم.؟! حتى لو كان حلم كان جميل .. اخيرا تقبلني الناس .. هذا ماكنت افكر به بعقليتي الطفولية

" نظر له نوح بغضب وصدمه ! .. ادم هل انت غبي كيف سمحت لهم بتصويرك !!
انت تعرف بان كل هذا من اجل حمايتك كيف سمحت لهم بتصويرك يا احمق .. انت لا تعرف ماذا فعلت لقد فتحت علينا ابواب الجحيم .. " اخذ يصرخ بغضب وصفعه بكل قوته على خده الصغير المجعد .. " غبي احمق تقول انك تعيش كالحيوانات .. وهل الحيوانات تعيش بهذا الترف تاكل ما تريد ويحظر لها اي شيء تريده على طبق من ذهب ..، "

" لم اقل لك اني اريد هذا ، وجودك معي كان يكفيني دعمك لي ..!  " تحدث بخفوت ويحاول اخفاء خده خوفا من الصفعة

صفعه مجددا وهو يصرخ ، " لا تقاطعني ياولد .. انت لا تعرف ماذا فعلت ياغبي .. الا يكفي ما حدث  زدت الطين بلة " تحدث بغضب واخذ يسحبه من قميصهه ويتحرك به خارجا ..

نظرت له حنين بذعر واخذ تصرخ " لاا نوح ابتعد لا تؤذيه ... ابتعد عنه .. " احتظنت ادم بين يديها وهي تصرخ ببكاء .. مما جعل نوح يغلي من الغضب ..

" ابتعدي ياحنين والا والله لن تريه مجددا " 

اخذت تبكي وتشهق وزادت تمسكها به وهي تردد " لن ابتعد ابدا ... كفــى هكذا ستقتله"

ثم أبعدت يدها لتمسح الدماء التي نزلت من فمه بسبب الصفعات وتمسح على وجنته التي أصبحت حمراء والدموع التي نزلت من عيناه .. ملاكها الصغير ، ليبعدها  ويقول بصراخ:

"أبتعدي يجب أن أعلمه الأدب"

ثم مسك يد ادم ليخرج به من القصر إلى الحديقة وتحديدا إلى القبو المظلم البارد.

فتح نوح باب القبو ودفع ادم إلى داخله وكانت حنين تركض وراءه لتمنعه لكن كان يمسك ادم بقوة.

قال بعد أن أغلق الباب و يقفل الباب بالمفتاح:

"دعيه يتعلم الأدب ولو قليلا فنحن لا نريد المزيد من العار الذي جلبه لنا في هذه العائلة ... إنه عارٌ علينا "  

قال كلماته الأخيرة بصوت عالٍ وبغضب

قال عاراً! أهو يعتبر ولده الذي من لحمه ودمه عارا عليه ؟ ففي النهاية الابناء هم زينة الحياة، كيف يقول ذلك لولده.

مرت ساعتين وادم مازال في الداخل، و نوح ذهب حتى ينام، وأما حنين كانت في الحمام تستحم خائفة من أن يمرض ادم أو يحدث له سوء ... كانت تريد البقاء معه لكن منعها نوح وكان يجرها من يدها حتى يدخلها القصر وقد كان ادم يصرخ ويقول لأمه:

"ماما .. لا تتركيني انا اخاف الظلام .."

تريد الذهاب إليه لكن ستنتظر نوح حتى ينام وتخرج إليه.

أما آدم فكان في البداية يبكي بحرقة و بشهقات عالية لكن الأن هدأ وظل يفكر بالذي فعله إن كان خطأ أم شيءٌ عادي ... هو فقط كان يريد ان يشتم بعض الهواء ويخرج ليرى العالم مرة اخرى وفعلا كان قد تغير .. اخذ يفكر:

أول مرة والده يصفعه ... و قال عنه أنه عار.

خرجت حنين من الحمام ورأت نوح نائم، توجهت نحو الباب لتفتحه و تجده مغلق بالمفتاح.

"هل تعتقدين أني أحمق لا أعرفكِ؟"

جفلت حين سمعت صوت نوح ... بحق الإله ألم يكن نائما قبل قليل؟! ... لا مجال للذهاب إلى ادم الأن.

" هو لم يقصد لماذا ضربته "اخذت حنين تبكي وتصرخ بهسترية

" اعد يانوح انه مريض وايضا يخاف الظلام اعده ..  " نظر لها بقلق مغلف بالبرود يرها ترتجف امامه يذكره بيوم ولاده ادم نفس الموقف نهض بسرعة محاولة تهدأتها لكن ..سرعان ما اغمى عليها ،.لكن عقلها بأكمله مع أدم ..

توجه نحو السرير ووضعها عليه وأستلقى بجانبها وهو يداع وجهها الذي يبدو عليه الارهاق ،

" تأتينَ في مُخيّلتي دائماً باكية، فلطالما كانت الدموع جزءاً لا يتجزأ منكِ.. حتى وأنتِ تضحكينَ معي، ترقصين معي، تكتُبينَ معي، تأكلينَ معي.. كنتُ دائماً ما أرى عينيكِ دامعتين، كنتُ دائماً ما أراها تتوسّل حبّاً ما، فرحاً ما، حُنوَّاً!
لكن هيهات.. تعرفينَ أنني ما كنتُ لأبخل لو كان في مُستطاعي أن أهبكِ شيئاً من هذا، ففاقدُ الشيء لا يُعطيه كما قالت جدّتي، لكنني وهبتكِ صدري ملجأً، وكتفي مُتّكأً ولكنكِ لم تكتفِ، رغم أنكِ كنتِ تكفينني..
بكلّ ذاك الحزن المتمكّن منكِ، وبأحاديثُكِ القصيرة، وبجسَدكِ الهزيل، كنتِ تكفينني، وما كنتُ يوماً أرجو أكثر
لكنكِ رجوتِ أكثر.. رجوتِ عطفاً أبويّاً، ودِفئاً جمّاً

وأنا ردّاتُ فعلي باردة، وكلماتي باردة، وجسدي بارد..
لكنّ مشاعري حارّة، ودموعي حارّة، وما كنتُ لأتركها مرّةً تنجرف أمامَ أحدٍ فتحرقني
هوَ كبريائي الملعون يا حنين، يسلبني أبسط حقوقي، كنت كل الوقت حريص على أن أبدو بمظهرِ القويّ، لألا تنكسري..

لكنّ قوايَ في هذهِ اللحظة تحديداً.. تخور ...إننا في مأزق .. "

نام ادم على أرضية القبو الباردة والظلام فقط كان يحل على المكان. يكره الظلام كثيرا ، يخاف منه بشدة.

ضم رجليه إلى صدره ويداه تحيطانها، محاولاً النوم.

لكن كان يسمع أصوات الرياح المخيفة وصرير الفئران التي تجعله يرتجف خوفاً.

كانت ليلة صعبة جدا على عائلة الدين اللذين لم ينامو طيل الليل .

...

" وها هو الليل ينشر اجنحته السوداء
ليغطي المدينة بينما قطرات من الكرستال اللامع تتساقط
فوق مظلات السائرين تحته
واصوات العربات تصنع ضجيجاً بالانحاء ..ممزوج مع دمعه... كانت اسوء ليلة بحياته .. لن ينساها ففي هذه الليلة ... اصبحت امتلك قلبا عجوزا كشكلي ... قليل الاماني كثير العتاب ..

-----

يصرخ الطفل اليتيم ، الملطّخ بالطين ، الواقف أمام البيت :

- نانا ، كيف يصنعنا الله من تراب وماء؟

أحاول صنع أمي منذ الصباح !

_____

اقتربت النهاية ..

© Mr Black,
книга «شُـبًيِّهّـ بًنِجّـأّمًيِّنِ بًوٌتٌـوٌنِ».
Коментарі