المقدمة
"خيـ...ـاء ليـ..ـوفيـ..."
من هو هذا
الفخ
عراك!
حفلتها الأخيرة.
أن نكون أبطالا.
شبح القديسة.
من عَلٍ
عواصف
الوجه الآخر
هالة البدر المكتمل
نشيد المحاربين
تحية
من هو هذا
المقطع الأول : الناجيان
الفصل 01: من هو هذا؟

" سنصل إلى محطتنا التالية بعد عشر دقائق .. سنصل إلى محطتنا التالية .."
الساعة تشير إلى الخامسة صباحا .. وصل قطار المسافرين إلى محطة العاصمة المحلية أبكر بخمس دقائق عن المعتاد .. استيقظ معظم الركاب من غفوتهم الهادئة على صوت المذياع وصافرة القطار ، منذرة لهم ببداية يوم روتيني جديد .. انصرف كل من الركاب إلى وجهته .. وفي خضم الزحمة الرهيبة لتي تجتاح المحطة كالمعتاد ، بين مسافر يسرع الخطى ليلحق برحلته وموظف يمتعظ من الازدحام والحركة التي تمنعه من احتساء قهوته في سكينة .. و متسول يعرقل حركة الفئات الأخرى بترجياته العشوائية ..

استطاع ذاك الرجل الطويل ذو المعطف الأسود أن يجد لقدمه موطئا في المحطة المكتظة .. تمسك بقبعته الباهتة التي تغطي نصف وجهه وضم حقيبته الصغيرة بحرص إليه .. النشالون فئة أخرى تجتاح المحطة في الصباح الباكر .
ابتعد عن السكة في عجل .. غادر المحطة بعد أن تفقد جدول الرحلات.. الشوارع على خلاف المحطة كانت هادئة .. وقف على الرصيف منتظرا مُقِلَّه ، لم يستغرق انتظاره اكثر من بضع ثوان حتى لاحت المركبة التي ينتظرها على بعد بضعة أمتار .. توقفت الشاحنة لثانية واحدة ، قدر ما يركب وانطلق السائق بأٌقصى سرعة ..

-" آسف على التأخر سيدي ، أطفأت المنبه خطأ .."
افتتح السائق "كارلوس" - الكهل شائب الشعر ذو البنية الضخمة والبشرة السمراء - الحديث ، كعادته يلقي بعذر لا فائدة ترجى منه ..
-"اعتدت على قول هذا بدل صباح الخير يا سيد كارل .. "
تلك المحادثة نفسها كانت تتكرر كثيرا ، ولكن لا أحد منهما يضايقه الأمر بكل حال ، لم يجب كارلوس واكتفى بحك مؤخرة رأسه مبتسما ..
سارت الشاحنة عبر الطريق الرئيسي الذي يقطع العاصمة في مركزها ، وعند نقطة ما غير السائق الوجهة وسلك طريقا فرعيا ، وصلت الشاحنة الرمادية الصغيرة بعد بضع دقائق إلى وجهتها .. عند شاطئ في سفح الهضبة .. ترجل الراكب من مكانه ..
-"سأترك معطفي عندك .. لم يكن علي إحضاره من الأساس فالجو حار .."
أردف مازحا، ليرد عليه كارلوس على نفس النحو..
-"صحيح يا سيدي ، فالصيف على الأبواب ... "
غادر كارلوس بشاحنته الشاطئ بنفس السرعة التي أتى بها .. بينما استقل سكوت القارب الذي كان مركونا قريبا من المكان بالفعل ، و انطلق في عرض البحر ..
**************************
رمت "جينوا" نفسها على سرير "إيفا" بتثاقل .. كانت خيبة أملها كبيرة بعد أن علمت أن الأمر الطارئ الذي استدعتها إيفا لأجله لم يكن سوى محاولة يائسة أخرى لاقناعها بحضور حفلة عيد الميلاد السخيفة ...

- "ستيأسين في النهاية ..."
- "ما رأيك بهذا ..؟"
سألت إيفا جينوا عن رأيها في أحد فساتينها متجاهلة سخريتها ..
- "سيء .."
- "وهذا؟"
- " إنني اكرهه جدا ..."

استمرت الفتاة النحيلة ذات العيون العسلية -إيفا- في عرض كل ما تستقر عليه يدها من فساتينها بكل صبر لرفيقتها المطروحة على سريرها متدلية ، جينوا ، التي يناقض مظهرها المخرب هيئة إيفا المرتبة .. جينوا هذه استمرت هي الأخرى من دون مبالاة في دحرجة عينيها الخضراوين يمنة ويسرة و التعليق على كل ما تعرضه عليها إيفا بكل وقاحة ..
-"حسنا هذا آخر واحد ، ماذا تظنين ؟"
-"هرااء ..."

طفح كيل إيفا هنا ، رمت الفستان واتجهت نحو جينوا عابسة الوجه وعلقتها من ياقة قميصها ، أو على الأقل هذا ما ظنت أنها تفعله ..
-"أنظري في عيني جيدا، أنا سأذهب ولو بالبيجامة ، وأنت ؟ أنت أيضا سوف تذهبين رغم " أ نـ ـفـ ـك ".."
قالتها وهي تظغط على أنف جينوا بسبابتها مرارا حتى انتهت من تهجئة كلمة "أنفك" حرفا حرفا ..
-"لن أي يذهب أحد إلى أي مكان .." أجابتها جينوا بنبرتها الناعسة المستفزة ، ثم تعمدت إثقال جسمها حتى أفلتتها إيفا وتركتها تعود لوضعية الجثة ..
-"لقد جاءت كايا بنفسها لدعوتنا ، حتى أنها سلمت لك دعوة ورقية صنعتها بنفسها .."
صرخت جينوا فجأة : "لم تصنعها بنفسها! كايا التي تملك أموالا أكثر من خزينة المملكة تصنع لك بطاقة يدوية؟! " قطعت كلامها وزفرت بعمق ثم استطردت قائلة بنظرة حازمة موجهة سبابتها نحو إيفا " سأضحك عليك إن صدقت هذا."
ردت إيفا وهي على وشك اقتلاع خديها : " نعم كنت أعرف ، يا إما أنك تجلسين على قلبك أو أنه غير موجود البتة، حسنا .."
استرخت ، ثم ابتسمت بخبث " سيكون هناك نافورة شكلاطة ، وآيسكريم مجاني، ثم الكعكة الكبيرة .."
جعل ذلك الوصف الأخاذ معدة جينوا تصفق..
"لا تحاولي استعطافي .. " قالت محاولة تجنب النظر في عيني إيفا ، حكت أنفها وأضافت بصوت شبه مسموع " هل قالت شيئا في الدعوة عن نوع الكعكة ؟"
ابتسمت إيفا بمزيد من المكر : "نعم ، مصنوعة من الشوكولاطة ومحشوة بالشوكولاطة ، كبيرة ومتعددة الطبقات ، يمكنها أن تطعم جميع سكان فيلدسباث .. لأسبوعين مع احتساب أربع وجبات في اليوم"
صرخت جينوا "توقفي !" ممسكة بمعدتها ، ثم هزت كتفيها وعبست "انسي الأمر ... بلغي سلامي لكعكتك تلك ... أوه نسيت، أنت لن تذهبي أيضا، هاها .."
ثم نهضت وأوشكت على المغادرة ، أردفت إيفا التي لم يتزحزح إصرارها بثقة "بالله عليك ، منذ متى ونحن نفعل هذا ثم ينتهي بك المطاف تحت سيطرتي، إنها عادة..أعدك أنك ستجدين نفسك في الحفل مساء دون أدنى شك"
خطت جينوا خطوتين للوراء ثم التفتت إلى إيفا واقتربت منها ، همست محدقة نحو عينيها مباشرة بنظرة مخيفة " أيتها الحمقاء، هذه المناسبة بالذات لاتعنيني ، أهتم أكثر ربما بيوم ميلادي الخاص أو ميلادك على سبيل المثال .. حتى ذكرى زواج والديك أهم عندي من حفل مريب في قاعة حفلات في مكان مهجور عند أطراف البلدة ، أتعرفين أنه لم يقم أحد بحجزها منذ أكثر من ثلاث سنوات .."
رفعت يديها فجأة في وجه إيفا التي تراجعت للخلف "إنه مسكون يا إيفا" ..
ثم تراجعت خطوتين للخلف، طوت ذراعيها و أكملت مستنكرة " كما أنني لا أريد أن أرى وجه أي واحد من أولئك الصعاليك.."
-"حيلك مكررة، أنا لا أؤمن بكل هذا... ثم احزري ماذا ، إن كانت ذكرى زواج والدي هذه مهمة لك فأبشرك ، مضت الرابعة عشر منذ شهر بالفعل " قالت إيفا الواثقة بنفسها أكثر من المطلوب ..

-"حقا..."
صمتت جينوا للحظة ثم واصلت " عار عليك أن تعرفي كل هذه التفاصيل، أنا لا أعرف كم عمر والدي حتى .. " أكملت تلك الكلمات وانسلت فجأة نحو باب غرفة إيفا ..
شدتها إيفا من ظفيرتها و أردفت بحماس " لقد عثرت لك على حل ، لست ملزمة بمقابلة أي أحد ، ولا أحد سيلاحظك ، لأن جينوا هذه لن تذهب، ولكن جين.. جين قلب الأسد سوف يذهب"
ترجتها جينوا أن تتركها صارخة عليها بأعلى صوتها " ومن يكون هذا؟!" ... تركتها إيفا ولم تعبأ بإجابة تساؤل جينوا ، ولكن ابتسامة المهرج على وجهها كانت أكثر من كافية، نظرت جينوا نحوها في يأس، ثم رفعت رأسها نحو السقف وحدقت فيه بنظرة منكسرة..
************************
في تلك الأمسية ، أصرت جينوا المشتتة على دخول الحمام لتفقد منظرها للمرة الألف .. ودون أن تنتبه خطت خطوتها الأولى في حمام الفتيات ، ظلت مذهولة تراقب ذلك الصراخ وقوالب الصابون المتراشقة عليها من كل اتجاه بمجرد أن فتحت الباب.. قبل أن تسرع إيفا خلفها وتدفعها بعيدا .. أغلقت الباب وركضت بها بعيدا حتى وصلتا إلى أسفل السلالم حيث لا يراهما أحد ، ثم أخرجت من حقيبتها الصغيرة مرآة ووضعتها صوب وجه جينوا وصرخت عليها بضجر " هاه، أنظري إلى نفسك مجددا، أكنت تتوقعين أن يستقبلنك بالبساط الأحمر؟ .."
رفعت جينوا نظرها نحو إيفا باستغراب، ثم حدقت في المرآة مليا .. بعد برهة ابتسمت وهي تحك ذقنها بأصابعها "أهلا بك يا جميل" .. بدأت برد التحية على نفسها في المرآة ..
-"لقد جنت.."

كان ذلك التنكر الذكوري مقنعا إلى حد ما ، شعرها ذو اللون الكستنائي الداكن وغرتها المبعثرة كانا مشدودين لأعلى و رأسها مغطى بقبعة ونظارة سوداوين، مع تلك البذلة الرمادية الأنيقة التي لا يعرف أحد من أين جاءتا بها .. بينما كانت إيفا ترتدي فستانا أزرق فضفاضا و قد جمعت شعرها البني القصير إلى الخلف بمشبك بسيط، مثل إيفا احتفالية عادية ..
جينوا: " إياك أن تسيري بجانبي"
إيفا: "اخرسي"

بمجرد أن ولجتا إلى تلك القاعة الهائلة ، اتسعت عيناهما من منظر كل تلك الستائر المطرزة و المكوية بعناية ، والموائد وأغطية الموائد والأغطية الإضافية للأغطية السابقة شديدة البياض والنظافة ،مصطفة عاليها أصناف الحلويات والمشروبات مما لا يخطر على البال .. وكراسي الجلد الفاخرة التي تملأ كل زوايا المكان، وتلك الثرية العملاقة، و ماذا أيضا ؟ تلك القاعة مقسومة إلى طابقين يطل العلوي منهما على الآخر من خلال شرفة ممتدة من الزاوية إلى الزاوية .. وهناك في زاوية أخرى دي جاي أيضا يقوم بتنسيق الموسيقى لكل أولئك المدعوين الذين على الأغلب تجاوز عددهم الستين ..
جينوا توقفت عن الانبهار بينما لازالت إيفا تنبهر ، التفتت حول نفسها بسرعة ثم اقتربت منها وأغلقت لها فمها ..

-"كايا ستتزوج؟" نطقت إيفا بذهول ..
-" بل أنا من سيتزوج .. لا أحد يرتدي بذلة هنا غيري !!"
ردت جينوا، ثم أخرجت لسانها في حنق ورمقت بنظرتها البائسة إيفا، قالت وهي تهز يديها ذهابا وإيابا في الهواء "سوف أخنقك"
-" فقط أصمتي أيتها المصيبة .. نسينا أن نحضر هدية"
-" بففت.. ماذا تظنينها ستفعل بهديتك ، تغليها في الماء وتشربها بالهناء.. على كل حال نحن هنا لنلقي التحية على تلك الكايا ثم نخرج من هنا بكل فخر ،أنت ابحثي عنها بين الفتيات" وأشارت إلى مجموعة منهن "وأنا سأسأل عنها تلك الجماعة الراقية" ثم أشارت في الاتجاه المخالف إلى شرذمة أولاد .. "اتفقنا؟"
نظرت إيفا إلى صديقتها الحازمة على غير العادة، متعجبة "كنت سأضحك ولكن... هل أنت جادة .. ستتحدثين حقا إلى هؤلاء الأشياء؟"
-"نعم" هزت جينوا رأسها وحدقت في ذلك الاتجاه للحظة ،"للأسف" وهزت رأسها ثانية "تعرفين أفضل مني أن لكايا شعبية لدى الأولاد والبنات على حد سواء، من يراها يظنها من المشاهير.."

تأففت إيفا ولكن ماذا عساها تفعل، من الممتع رؤية جينوا تحرج نفسها ... أعطتها دفعة تشجيعية على ظهرها وتمنت لها الثبات في ذاك الشيء ..افترقتا لحظتها واتجهت كل منهما إلى وجهة مختلفة..

سارت إيفا على مضض بثقة ملبية الترحيب الحار من بعض الفتيات ، كانت نيتها السؤال عن كايا وحسب ولكن انتهى بها المطاف تعوم في مواضيعٍ الله يعلم كيف دخلن فيها بهذه السرعة، أمضت بعض الوقت تجاريهن في ثرثرتهن العشوائية، بينما أخذت تراقب جينوا منتظرة عودتها دون خسائر، انتهى بها المطاف أن كشفت هويتها لمحدثاتها من غير قصد.. في الوقت ذاته كانت جينوا تتقدم بخطى مترددة نحو مجموعة من الشباب كانوا يتبادلون أطراف الحديث...
فكرت جينوا بينها و بين نفسها في التخلي عن هذا الهراء والعودة للمنزل والنوم ، ولكن إيفا كانت تعتمد عليها .. اعتراها الشعور بالذنب لمجرد التفكير في الأمر "يجب أن أفكر في استراتيجية سريعة لأتجنب المشاكل ، حسنا سوف أقول مرحبا و أدخل معهم في الموضوع مباشرة ثم أسألهم عن كايا و..." .. قاطع حبل أفكارها الاستراتيجي حركة مفاجئة من أحد ما .. فاجأها من الخلف من غير قصد ... استدارت نحوه في هلع .. ولكنها استرخت عندما لمحت وجهه الممتلئ وجثته البدينة " هه إنه نيكيتا دينفيل"..قالت في نفسها ، ذلك البرميل الأشقرالوقح الذي كان يتنمر عليها في الابتدائية ..
******************************
في تلك الأثناء، على بعد تسعة كيلومترات من الساحل الشرقي للعاصمة ، منصة النفط البحرية المهجورة، كانت تودع اجتماعا آخر ...
نهض من كان يبدو أنه رئيس تلك المجموعة من مقعده و أعلن نهاية الاجتماع على مسامع ستة وعشرين شخصا كانوا يجلسون محيطين بطاولة كبيرة ، تغطي وجوههم أقنعة متشابهة لا تظهر من ملامحهم شيئا ، جمعوا أوراقهم ومستنداتهم في عجل ، ثم شرعوا في المغادرة واحدا تلو الآخر دون أدنى احتكاك لأي فرد مع فرد آخر ... هكذا كانت الأمور تسير تبعا لقوانين "منظمة ليتو" ...
قبل أن يغادر الجميع القاعة .. استدعى الرئيس إليه أحد الأعضاء .. "غوستاف .. أريدك أن تطلع على هذا المخطط .. "
اقترب منه الرجل الذي يدعى غوستاف ، وهو على غرار بقية الأفراد كان يرتدي قناعا مظللا، أمسك الورقة الرمادية المطوية التي ناولها الآخر له ، ثم فتحها وتفقدها بعينيه لبرهة .." أهذا التخطيط يخص تلك الآلة؟ يبدو لي أكثر وضوحا.."
"صحيح .. لقد طلبت من جايك إعادة طباعة المخطط لأن الأصلي كان مهترئا .. وقد لاحظت أمرا غريبا بهذه المنطقة .." قال الرئيس ، ثم أشار بسبابته إلى الجزء الذي ذكره .. و واصل حديثه بينما استمع غوستاف باهتمام " لقد استطعت تشغيل الماكينة ، اتضح أنها لم تكن معطلة .. ولكنني لم أستطع شحن المولد في البداية .. عندما تفقدت المخطط لاحظت وجود هذا الشيء هنا .. "
عندما انتهى من شرح مشكلته، كسر غوستاف صمته بنبرة أقرب للحماس، بيد أن قد استطاع فهم المشكلة و حلها في ظرف قياسي:
-" هات المخطط .. أنظر جيدا إلى حيث أشير .. هذه القطعة ، هي التي لا تسمح للكهرباء بالمرور، ولكنك لا تستطيع إزالتها ... تحتاج إلى إعادة برمجة النظام.."
-"ما هي فائدتها بالظبط ؟ .. "
-" إنها ضرورية للتحكم في عمل الآلة .. إذا أزلتها فستفقد السيطرة على المولد، لن يكون بوسعك إيقاف الآلة و ستخرج الأمور عن السيطرة ، كل ما عليك فعله هو إعادة برمجتها للعمل مدة محددة .. "
-" هكذا إذا .."
قالها الرئيس ، وقد ظهر شيء طفيف من ملامحه بعد أن أزاح القناع للأعلى ، أخذ نفسا عميقا، ثم تناول من جيبه ظرفا وأخرج منه شريحة صغيرة الحجم .. أمسكها بأطراف أصابعه ورفعها نصب عينيه.. كان غوستاف يراقب ذلك كله بنفاد صبر ..
-"أنت تمزح .." نطق غوستاف،  وقد بدأ التوتر يظهر على وجهه و قطرات العرق قد أخذت مواقعها على جبينها بالفعل ...
-"مصيبة .." ..   رد الآخر، ولسبب ما بدا وكأنه قالها مازحا وليس قلقا مثل غوستاف..
خلع غوستاف ذلك القناع .. ثم تحدث بغضب مكتوم .." أنظر إلى عيني يا سكوت ، قل لي إن ابنتي ليست مدعوة .."
صمت -سكوت- وحدق إليه باستغراب، بعد برهة ابتسم ابتسامة صفراوية و أردف قائلا "يجدر بك أن تقلق- .."

-" سأفقد كليهما الآن !!"
قاطعه غوستاف ممسكا رأسه بكلتا يديه وقد استحالت ملامح وجهه من تعابير الغضب إلى القلق..

نظر نحوه سكوت بوجهه المتعجب البليد .. قبل أن يتفطن إلى سبب هلع غوستاف ..
-"أنا لا أقصدها هي بل أقصد الآلة .. اقلق على الآلة العزيزة، أين تظننا سنجد مثيلة لها إذا قاموا بتدميرها الآن .."

رد غوستاف وقد خف قلقه فجأة .."أليس غرضها شيئا مثل .. التمرين .. سوف تصبح خردة في نهاية المطاف، صحيح؟ "

-" أي نعم ، ولكنهم لا يعلمون عنها شيئا، لم أخبرهم بشأنها و مازلت أبحث عن عذر جيد ...، أعرف أنني سأجدها مسواة بالأرض عندما أعود" أضاف متصنعا الانزعاج، كأن صفع جبينه بكفه ..

-" أنت تبالغ ، أعلم أنك تبالغ، وثقتك هذه زائدة عن حدها .. ولست أدري لما سأتجاهل هذا ولكن، إذا حدث لها مكروه فسأعتقلك وينتهي كل شيء بالنسبة لك .."

ثم أعاد ارتداء القناع واتجه نحو المخرج دون أن يضيف شيئا ..

-" اه .. حسنا..؟" ..
وبمجرد أن غادر غوستاف، جلس سكوت واضعا ركبة فوق الأخرى و اتخذ وضعية تفكير عميق "هل كان يقصد جينوا أم الآلة ؟ "...
بعد هنيهة تنهد  وأجاب نفسه بكل ثقة " حتما الآلة ، عزيزة الجميع"
*****************************
.
.
.

© Jiwo ,
книга «شيفرة ليتوفيتشينكو | LETO. cipher».
Коментарі