المقدمة
"خيـ...ـاء ليـ..ـوفيـ..."
من هو هذا
الفخ
عراك!
حفلتها الأخيرة.
أن نكون أبطالا.
شبح القديسة.
من عَلٍ
عواصف
الوجه الآخر
هالة البدر المكتمل
نشيد المحاربين
تحية
عراك!
الفصل 03: عراك!

رفعت جينوا بصرها نحو ثيو الذي انتفخ واحمر وجهه غضبا وكأنه قنبلة على وشك الانفجار..

"لن أتحسن حتى أرد لك تلك اللكمة لكمتين أيها السافل " ، جاهدت نفسها بصعوبة حتى لا تنطق بتلك الفكرة على الملأ وفضلت تركها حبيسة رأسها... تقدمت نحوه بهدوء وما تزال تفعل ما بوسعها لتحافظ على تعابير جامدة لا توحي بشيء من الغضب الذي كان قابعا بداخلها، أما هو فكان على النقيض، وجهه يزداد تجعدا وعبوسا مع كل خطوة تخطوها نحوه ..

"أشعر بالسخف لأنني قلت تلك الأشياء للتو" رمت بتلك الجملة بلا مبالاة وقد وقفت أمامه مباشرة ،ثم أضافت " أنت كنت تريد سرقة نقودي منذ البداية.. أعتذر إذا عن تخييب أملك ، لا أحمل معي مالا" ، ثم سحبت بطانة جيوب سروالها إلى الخارج مثبتة بذلك صحة ما كانت تقول .. لم تنتظر لتسمع رد ثيو، قالت ما لديها ووجهت ظهرها نحوه موشكة على السير بعيدا عنه، هكذا جعلت الأمر يبدو ..

استمع ثيو إلى كل كلمة قالتها جينوا بإنصات، ثم راقبها بحذر و هي تواجهه بظهرها وتقدم ساقا على الأخرى، أوشك ثيو على إمطارها بالشتائم، ولكن تلك الكلمات الهادئة رغم كونها مزعجة ومهينة بشكل ما لم تزده غضبا، جينوا لم يظهر على ملامحها ما يدل على قلقها حيال أية عواقب .. ارتخى حاجباه واسترخت عضلات وجهه المتشنجة لا إراديا، كان هدوءا غريبا حل للحظات.. لم يسبق له أن اقتحم شجارا هادئا ، كان حائرا فقط .. "لماذا هدأت فجأة؟ ما الذي تريده تحديدا هذه المعتوهة؟"

... انحنت المعتوهة كما نعتها ثيو بين طيات أفكاره المفلطحة، ثم فجأة!! ..التفتت في الوقت ذاته و قد رفعت ساقها مسددة بها ركلة خلفية نحو عنقه مباشرة.. اتسعت أعين من كانوا يراقبون الشجار الهادئ، الذي ما لبث أن أصبح مصارعة حرة، بين غوريلا، وغوريلا أخرى أضخم بقليل ...

و مجددا .. الركلة غير المحظوظة لم تصل إلى ثيو، فقد خفض رأسه منبطحا نحو الأرضية في آخر لحظة بينما استقر حافر جينوا على جنب نيكيتا الذي كان واقفا مباشرة خلفه ... طار الولد وصفع جسده المتراخي سطح الأرضية الملساء مصدرا صوتا مضحكا مع هزة أرضية .. لكن تلك اللقطة لم تكن محط الأنظار في هذا الحين .. بل صدحت الهتافات التحريضية من أرجاء المكان .. "عراك!عراك! عراك!"

أجفلت جينوا للحظة بسبب الوزن الثقيل الذي سحبته ساقها بدلا من رأس ثيو، ولكن ذهنها لم يتشتت عن استغلال انبطاحه على الأرض فهجمت عليه بقدمها الأخرى مسددة له ركلة أمامية إلى قفاه مباشرة .. استطاع ثيو أن يجنب قفاه الركلة، ولكنه دفع ضرسا ثمنا لذلك ..

أصدرت عظام فكه فرقعة مثيرة للقشعريرة عندما اصطدمت قدم جينوا بخده، انهار فاقدا توزانه على الأرض.. لم يلبث ممدا طويلا بل أسرع وسحب نفسه بعيدا عنها وقد خانته ساقاه ولم يستطع النهوض بسرعة مروعا من هجومها المفاجئ .. أسند جسده بيد و أمسك فكه باليد الأخرى وأخذ يتحسس أضراسه، ألقى أثناء ذلك نظرة خاطفة إلى ضرسه الملقاة على الأرض وقد طبعت مواقع ارتطامها بقطرات من الدم، لم يلف وجهه باتجاه جينوا ولم يرفع رأسه حذرا من إيذاء رقبته، لكنه كان قادرا على أن يلمح بطرف عينه شيئا من ملامحها في تلك اللحظة، ملامح جعلت لحمه يخزه..

أخذت جينوا تخرج أنفاسا متشنجة بصوت مسموع، احمر وجهها وبرزت عروق جبينها ، بلل العرق شعرها فبعضه التصق بوجهها وبعضه داخل فمها.. كانت تقطب حاجبيها الكثيفين حتى أصبحا يبدوان ملتحمين بمقلتي عينيها، تعض على نواجذها بعنف مصدرة صريرا، محكمة قبضتيها حتى كادت تغرز أظافرها في راحتيهما.. ذلك، ومازال لم يأخذ صورة كاملة عن مقدار غيضها تجاهه، اكتفى من الجلوس بعد أن أصبح احساسه بالوخز والعرق البارد على عنقه يضايقه ، كان شعوره أشبه بالقشعريرة من هالة شبح مخيف يطوف فوق رأسه.

التقطت جينوا أنفاسها بسرعة، دون أن تحيد عيناها عن ثيو المظطرب الذي يتلفت في كل الاتجاهات لا يفهم شيئا مما حل به .. رفعت قبضتها في الهواء وقالت بنبرة تهديد شديدة "أنت عبثت معي.. جاء دوري لأعبث بك !" ..

صاح ثيو مصطنعا ملامح غاضبة في محاولة يائسة لتدارك الموقف "كفي عن التفوه بالهراء أيتها المسترجلة!" ثم ألقى بلكمة في الهواء هو الآخر..

تفادت جينوا لكمته وأمسكت بقميصه بعد أن أوهمته بأنها ستلكمه، قامت بهزه مثل جرة مخلل ودفعته بركبتها على معدته حتى جعلته يرسل من جوف حلقه بصقة في الهواء أوشكت مقلتاه على اللحاق بها، داست على ذراعيه وثبتت جسده تحتها حتى لا تسمح له بالترنح، ثم انهالت عليه باللكمات، شعر ثيو بكتل الغضب الثقيلة تطرق وجهه مثل مطرقة فولاذ، كلما ارتطمت به إحداها جعلته يئن كهرة محتضرة ..

خمس أو ست لكمات كانت كفيلة بارهاق جينوا حتى أصبحت تشعر بأن ضرباتها تضعف، لذا لجأت للحركة النهائية، أمسكت بقميصه من الأكتاف ورفعته نحو الأعلى بسرعة، في الوقت ذاته أرجعت رأسها للخلف كمن يسحب سهما بقوس رماية، ثم ردته إلى الأمام وصدمت دماغها بدماغ ثيو ..

.

.

"توقفي يا جينوا !" .."هذا يكفي ! ثيو فقد الوعي !!"..

تلك كانت محاولات إيفان وأوليفر المستعصية لكبح جينوا عن قتل ثيو، أمسكها أحدهما من ذراعها اليسرى و الآخر من اليمنى وسحباها بعيدا عن جسده المنهار على الأرضية، لكنها استمرت بالتخبط و المقاومة، دوختها تلك النطحة حتى أصبحت لا تفرق العدو من الصديق وشوشت سمعها، لم تتوقف عن التلوي كالثعبان إلى أن تدخلت فايوليت وأحاطت بها من خصرها صارخة عليها لتتوقف" كفى ! لقد أغمي عليه" ..

"أغمي.. عليه؟"..رغم أن ذلك بدى كاستفهام إلا أن جينوا لم تكن تتساءل، كانت تستطيع أن ترى أمامها بوضوح الفتى المطروح وقد تورم وجهه وتحول إلى كتلة كدمات، لم تنظر في عيني أي أحد .. أفلتها الثلاثة و تركوها مستغربين فيما كانت تفعله، كانت مطأطأة الرأس تلتفت من جهة لجهة أخرى باحثة عن شيء ما في الأرض، متجاهلة ما حولها، ليس عمدا، ولكن رأسها دار مئة وثمانين درجة وأصبحت كالثمالى لا تدري كيف تمشي أو تتحدث ..

أمسكها أوليفر من ذراعها وأجلسها على كرسي جلبته معها كايا التي أوشكت على البكاء، وقد عمدا إلى إبعادها عن مكان الشجار و التجمع الذي كان حوله، في محاولة لتقديم أي مساعدة لها ..

"تبحثين عن هذا؟" ، قال إيفان مقدما إلى جينوا رباط شعرها الذي كان مرميا على الأرض .. أومأت بالإيجاب ومدت يدها لتأخذه، لكن كايا خطفته من يده وتولت زمام الأمر بنفسها .. قالت بارتباك "سأرتبه لك"، ثم شرعت في جمع شعرها وإيعاده عن عينيها وبقية وجهها، لم تقل جينوا شيئا واكتفت بهز رأسها مصوبة عينيها نحو الأرض حيث لا اتصالا بصريا مع أي أحد ..

تجمع الأشخاص حول ثيو وقد بدأت عيناه تطرفان و أنفاسه تعود لطبيعتها ، كان نيكيتا جاثما بجانبه يتحسر على حاله، وبين فينة وفينة ، كان يسترق نظرة شوساء إلى جينوا خوفا من أن تفقد عقلها مجددا وتأتي لتطرحه أرضا مثل رفيقه، تقدمت منهم فايوليت وطالبتهم بالمغادرة للمرة الأخيرة، حينها صرخ أحد المتجمعين ساخرا "أمازلت ستتصلين بالشرطة؟" ثم ضحك هو وبعض من كانوا هناك أيضا ..

أمسكت رأسها بانزعاج من كل تلك الفوضى التي آلت إليها الأمور، وكل الأشخاص الحمقى المحيطين بها.. أفرغت رئتيها في نفس طويل ضجر، ثم التفتت نحو جينوا والبقية وقد ازدادت تجهما ..

نهض نيكيتا بعد أن بدأ صاحبه يستعيد وعيه وأسنده على كتفه برفقة شخص آخر، ثم سحباه نحو الخارج مسودي الوجوه .. فتح ثيو عينه المتورمة قدر ما استطاع ورمق نيكيتا باحتقار "لا يأتي من ورائك إلا المصائب." .. ارتعش نيكيتا ورمى بنظراته بعيدا عن ثيو، الذي واصل تذمره على نفس المنوال "سوف أنال منها، سأجعلها تندم.."

-"ولكن .. لكن،والدها شرطي.."

-"اخرس"

استمر ذلك الحوار المنخفض مع تصاعد في الشتائم من ثيو تجاه نيكيتا، و لعل شتم نيكيتا لم يكن كافيا له للتخلص من غضبه، لم يجد إلا الفضوليين المحيطين به أوعية مناسبة لافراغ جام سخطه عليهم.. وكم بدى له الأمر ممتعا عندما اندفعت فتاة من بين الحشد فجأة ووجدت نفسها واقفة أمامه مباشرة، وسع عينيه وصرخ في وجهها حتى جعلها تتراجع وتتعثر .. ثم أكمل سيره المتعرج ضاحكا كالمخبول وسط نظرات ساخرة متأرجحة بينه وبين الفتاة المُرتاعة ..

******************************

"رجاء دعني أمر ".."لو سمحت أريد المرور" .. "من فضلك أنا- ...عليك اللعنة !"

خلعت إيفا عنها تلك اللباقة عندما دفعها أحدهم خطأ أثناء طلبها منه بأدب أن يدعها تمر وسط الزحمة، ألقت عليه تلك اللعنة بعد أن تماسكت واستعادت توازنها، ثم التفتت ..

"اه.." ، بلعت ريقها والتزمت الصمت عندما رأت ذلك الشيء يحدق بها ، شاب ضخم وجهه مزرق و عيناه منتفختان، ولا شيء حياله قد يجعل لابتسامه بتلك الطريقة المخيفة مبررا وهو في تلك الحال ...

عندما وقعت إيفا على الأرض بعد صياحه المفاجئ، رفعت مرفقها وغطت به عينيها، ظنا منها أن ثيو يحاول جعل وجهها منبعجا كوجهه.. ولكن تعابير الصدمة تلك خفت عن ملامحها بعد أن سمعت صوت ضحكه يبتعد تدريجيا.

عندما فتحت عينيها جيدا، كانت فايوليت أول من رأتها أمامها مباشرة .. مدت لها يدها وساعدتها على النهوض ونفض ثيابها من الغبار..

"فايوليت !"، صرخت إيفا ممسكة بذراعي فايوليت وقد أوشكت مقلتاها على التدحرج بعيدا عن محجريهما هلعا.

تفاجأت فايوليت من مقدار قلق إيفا، لكنها أبعدت يديها عنها برفق وطمأنتها قائلة "لا تقلقي بشأنه لن يؤذيك .. إنه غير قادر على السير بشكل صحيح حتى، لقد تعرض للضرب المبرح منذ دقائق.." ثم تلت كلماتها الهادئة بابتسامة لطيفة محاولة تخفيف توتر إيفا .. لكن إيفا لم تكف عن الارتعاش وتحريك ذراعيها عشوائيا أثناء كلامها " لست قلقة على نفسي ...جينوا، أين هي تلك الحيوانة!"

أرخت فايوليت جفنيها وتأففت بضجر مشيحة بعينيها نحو موقع الشجار "إذا فقد علمت من سبب هذه الفوضى... أهنئك"..

قالت إيفا ضامة يدها إلى صدرها "سمعت شيئا عن فتاة شطائر لحم و... لقد وقع قلبي أراهن أنها حصلت على وجه جديد .."

حكت فايوليت مؤخرة رأسها وأجابت إيفا بشيء من السخرية "تأكدي بنفسك .."، ثم هزت رأسها مشيرة إلى جينوا ..

هناك، كانت كايا منحنية أمام جينوا تمسح الدم المتخثر تحت أنفها وفمها يمنديل نظيف، لم تيأس ولم تكف عن محاولة دفعها للحديث معها، مستمرة في الثرثرة عن كم بدت مذهلة في ذلك العراك وكيف أنها لقنت ذلك الولد المتعجرف درسا قاسيا، بصبر شديد وابتسامة تبدو حزينة جليا على ثغرها .. على خلاف جينوا التي لم تُبدِ أي انفعال واكتفت بالتظاهر بالصمم..

والوضع على ذلك الحال في سكينة، فإذا بصفعة ثلاثية الأبعاد تهبط على وجهها قبل أن ترفع رأسها أو تستوعب حتى من أي جهة انطلق صوت إيفا صارخة باسمها .. ثم إذا بها -إيفا- تمسك برأسها وترجه ذهابا وإيابا نية تفقد سلامتها من الإصابات، دون أدنى اعتبار لتعابيرها المشدوهة ..

وسط ذهول كايا ، وأوليفر و فايوليت.. لم ينتبه إيفان إلى أن إيفا صفعت جينوا إلا متأخرا فعقله كان مشغولا بالعبث بقبعتها ونظارتها المكسورة...

استغرقت جينوا في التحديق بعيني إيفا الغاضبتين وهي ما تزال ممسكة برأسها، حتى عاد دماغها إلى مكانه بعد لحظات من الاندهاش، نهضت من مكانها مبعدة يديها عن وجهها وصرخت عليها على نحو أشد غضبا "كنت أفضل حالا قبل أن تصفعيني"

لم تجب إيفا ، ازداد جبينها تقطيبا لا غير .. فصمتت جينوا وتراجعت عن انفعالها ..

"لماذا من بين كل هؤلاء الناس أنت من تتعاركين وأنت من تتعرضين للضرب و أنت من تثيرين الضجة حولك ثم تتذمرين! لقد فهمت الآن لماذا لم ترغبي في المجيء، تجعلين الأمور دائما تنتهي على هذا النحو .." ... أنهت إيفا صراخها ثم أخرجت نفسا عميقا واسترخت، وهي لم تلاحظ بعد أنها قالت شيئا لم يكن يجب أن تقوله بصوت مرتفع ..

تجمعت الدموع حول مقلتي كايا، شعرت بقلبها يخزها عندما علمت من كلام إيفا أن جينوا لم ترغب في تلبية دعوتها من البداية، وزاد الأمر سوءا عندما حدقت إليها جينوا بشيء من الندم ثم أسرعت ونظرت بعيدا متجاهلة رد فعلها .. أنزلت رأسها في إحباط ولم تقل شيئا، ولا أحد آخر قال شيئا، أمسكت فايوليت بيدها ورمقت جينوا بغضب، إيفان رفع حاجبيه في حيرة مقلبا نظراته بين فايوليت وجينوا وأحيانا أوليفر، الذي أشاح بوجهه عنهم جميعا وانتظر بصمت انقشاع هذا الاضطراب المفاجئ... أما إيفا، لم تفهم شيئا مما حدث لهم فجأة .. التفتت نحوهم جميعا واحدا واحدا و على ملامحها نظرة تساؤل وحيرة، ثم التفتت إلى جينوا لتجدها تبادل فايوليت نظراتها اللاسعة ..

-"هل قلت شيئا خطأ؟" ، تساءلت إيفا ..

-"لا" ، أجابتها جينوا دون أن تنظر إليها، ثم تركتها وسارت نحو فايوليت حتى وقفت أمامها، اقتربت منها حيث أصبح لا يفصل بين أنفيهما سوى سنتيمتران أو أقل، لم تتزحزح عينا أي منهما عن الأخرى ..

راقب إيفان ذلك باستغراب وأوشك على التدخل لمنعهما من الشجار، لكن أوليفر أوقفه وأومأ له برأسه بأن يدعهما وشأنهما ..

نطقت جينوا همسا بعد أن خسرت مباراة التحديق تلك "ما أمر هذا الصمت .. ألن تطرديني مثلما فعلت مع ثيو؟" ..

رفعت فايوليت أحد حاجبيها و أجابتها همسا هي الأخرى "ربما لأنك يجب أن تبقي هنا فترة أطول، إذا فهمت قصدي .."

فكرت جينوا متعجبة من إجابة فاي، للحظات قبل أن تجفل وتتسع عيناها ..

راقبت فايوليت رد فعل جينوا بهدوء وكأنها كانت تتوقع ذلك، "إنه اختبار، ولسبب ما أنت معنية أيضا بذلك .." ، أضافت فايوليت مزيلة غموض جملتها السابقة ..

"لسبب ما؟" ردت جينوا بسخرية، "لماذا أشعر أنكم وراء توريطي في ذلك العراك منذ قليل ؟"

أوشكت فايوليت على الضحك، ولكنها تماسكت و أكملت ببرود "أتعتقدين أن عبث الأطفال ذاك هو اختبارك .. المعلم اكتفى فقط بالقول أنه اختبار، وأنه قرر استغلال هذه المناسبة وجعل كايا تقيم الحفل هنا لنفس السبب .."

-"أسبق واختبركم؟"

-"لا، إنها المرة الأولى ، وها نحن ذا ننتظر مفاجآته.. "

-"مفاجآت؟ .. وأولئك المخلوقات .." قالت جينوا مشيرة إلى المدعوين، "هل ستضربون بسرية الوضع عرض الحائط؟"

-"اه صحيح ... قال إن وجود مدنيين جزء من الاختبار"

انتفضت جينوا لدى سماعها وصف فايوليت للمدعويين بـ"المدنيين" وصاحت في وجهها "أنت جادة؟ !"..

"هدئي من ضجيجك! وماذا تظنين أننا نفعل هنا" ثم اقتربت فايوليت منها وواصلت كلامها همسا "نحن نمضي قدما، أما أنت فعالقة مكانك... لذا، وبما أنك مصرة على مواصلة الوقوف في نفس المكان دون تقدم.. غادري مثلما تفعلين في كل مرة .."

ظغطت جينوا على أضراسها وقد أوشكت على البصق في وجه فايوليت، ولكنها تمالكت نفسها وردت بصوت منخفض "تذكري كلامي جيدا، إن كان شيرمان جادا في هذا الهراء، فسينتهي الأمر بكارثة حتما، إنه يوهمكم بأنكم ستتحكمون في الوضع ولكن مع وجود هذا العدد الهائل من الأشخاص في مكان واحد فمن يدري ماذا سيحدث.."

تراجعت فايوليت إلى الخلف وقد بدأ القلق يتسلل إليها..

"لك ما تريدين بأي حال، سوف آخذ إيفا و أرحل من هنا، لقد سئمت من ألاعيب ذلك المومياء اللعين... وأنت معنية أيضا بذلك" أنهت جينوا بذلك كلامها ثم ابتعدت عن فايوليت نحو إيفا .. حتى إذ أمسكتها من ساعدها وهمست في أذنها "ما كل هذه الثقة يا ترى.. هل أخبرك بالاختبار ونحن لا نعلم"

"إنه مجرد حدس ولكن.. من يدري..." أجابت باقتضاب وحاولت التملص منها، لكن فايوليت واصلت التمسك بها، مما دفع جينوا إلى ابعاد يدها عنها بالقوة.. ثم التفتت نحوها بانزعاج "ماذا الآن؟"

أجابت فايوليت في هدوء لم ينجح في إخفاء توترها "لن أجبرك على البقاء، ولكن تذكري أنك مسؤولة أيضا عن ما سيحدث.."

عبست جينوا في وجه فايوليت دون أن تضيف شيئا، ثم التفتت نحو إيفا وسارت باتجاهها على تلك الحال،أمسكت بيدها وحاولت سحبها بقوة...

************

.

.

.

© Jiwo ,
книга «شيفرة ليتوفيتشينكو | LETO. cipher».
حفلتها الأخيرة.
Коментарі