1.
"ارجوك اقتل نفسك، انت لست سوى هدر للاكسجين".
كلمات قاسيه، كلمات كافيه بتحطيمك، كافيه بجعلك تتمنى الموت، كافية بجعلك تصدقك بكونك هدر للاكسجين!
لطالما قالوا بأن 'الاذى النفسي اعمق من الجرح' و لطالما كانوا محقين.
اخر ما سمعه الصغير هاري ذو السبعة عشر عاما قبل ان يغلق باب منزله خلفه بقوه، سامحا لدموعه بالانزلاق على وجنته.
هو سأم كتم دموعه، الامر اصبح بالنسبة له مزرٍ!
الساعة الحادية عشر و خمسون دقيقه مساءا، يتجه الى...لا مكان.
هو لم يطرد من منزله هو فقط خلاف بينه و بين زوجة والده.
هو سيعود ليس من اجلها فقط من اجل والده.
زوجة والدته تلك كانت تماما كزوجة والد ساندريلا، تتصرف مع هاري امام والده بطيبة قلب و كأنها تلك الام الحنون التي لم يحصل عليها هاري.
لكن عندما يخرج والده...تبداء معاناة للصغير، هي لا تضربه و لا تحرمه من اي شيء.
هي فقط تهينه و هذا تقريباً اسوء، مُراهِقٌ كهاري - و كما يُعرف عن المُراهقين- هو يبني شخصيته ُفي تلك المرحلة من عُمرِه، التنمُر اللفظي قد يؤثر على شخصِيَتِهِ مُستقبلاً!
يمشي هاري وحيدا في الطرقات الشبه فارغه، لا يصاحبه الا ضوء القمر.
دموعه تأبى التوقف لأن الامر مؤلم، ان تهان و يشتمك شخص ما بألفاظ بشعه مؤلم!
قادته قدماه للحديقة التي في اخر الشارع، هذه اول مره يدخل اليها.
انتقل مع والده و زوجة والده قبل اسبوع، كانوا مشغولين بترتيب المنزل لذا هو لم يتسنى له الوقت للتكسع و الحصول على صداقات، و ايضا هو حاليا في العطله الصيفيه لذا لا مدرسه.
رأى أرجوحتان معلقتان بشجرة ضخمه، اتجه اليها و جلس على الارجوحه اليمنى.
تأرجح للأمام و للخلف بهدوء و سكينه.
حدق بالظلام لفترة طويله، قلبه فارغ، فارغ من كل شيء.
اقشعر جسده فجأة و احس بوكزة من البرد، اصدرت الارجوحه التي على يساره صوت صرير.
القى نظرة على ساعة يده و كانت قد اصبحت الثانية عشر في منتصف الليل، نظر لجانبه و صرخ مفزوعاً.
"اللعنة يا هذا لقد افزعتني"
"اسف" تحدث ذاك الشخص بنبرةٍ باردة و يبدو انه حقا لم يعني تلك 'الاسف'.
"لا عليك، ما كان يجب ان العن" قال هاري متحدثا مع نفسه اكثر من الشخص الذي بجانبه.
"لما فتى بالسابعة عشر يخرج في هذا الوقت؟" سأل صاحب الصوت ببرود.
"ليس من شأنك اعت-..لحظه! كيف علمت اني في السابعة عشر؟" هاري.
"انا بالفعل اعلم الكثير" تحدث صاحب الصوت الذي للآن لم يتلفت له هاري.
"أأنت لص يراقب المنازل و من يسكنها؟" سأل هاري مجددا متأرجحا بخفة للامام.
"لا" نظر هاري لصاحب الصوت و لمح ابتسامته الجانبيه، هزَّ هاري رأسهُ و نظَر أمامه، هو لم يشعُر بالخوف من كون أن ذاك الغريب يعلمُ عمره، و ايضاً حقيقة أنه يتحدث لغريب بعد مُنتصف الليل.
"لا اريد ان اعلم كيف علمت، حقا لا يهمني، فقط إن فكرت بسرِقَةِ منزلنا خُذ أشياء سامانثا فقط" تحدث هاري متأرجحا بقوة هذي المره.
سمع همهمة الشخص الذي بجانبه، و اغلق عيناه لتعود تلك الاهانات الى مسمعه فجأة.
هو و حظه العاثر لم يكن فقط يتعرض للتنمر من قبل زوجة والده، بل ايضا من زملائه في مدرستها السابقه.
هم ضربوه، اهانوه، شتموه دون اي سبب، هو كان ذاك الطالب المنبوذ، لم يؤذهم ابدا لكن هم يجب عليهم الاستمتاع بتدمير احد.
هو انتقل مع 'عائلته' الى هنا بسبب تعرضه للتنمر في مدرسته السابقه، الامر زاد من معاملة زوجة والده السيئه له.
لم يرد ان يبكي مجددا، لذا اغلق عيناه بقوه و حبس انفاسه، حرك قدماه للاعلى و للخلف اسرع من ذي قبل.
عندما احس بنفسه يختنق فتح عيناه و تنفس بحده، وضع يده على قلبه و الأرجوحة بدأت بالتوقف.
احب ذاك الشعور، شعور الاختناق، احب عندما تنكمش رئتاه بحثا عن الهواء، عندما تزداد نبضات قلبه بسبب قلة الاوكسجين، و شعور الالم الغريب الذي ينتج فوق معدتك من الاختناق.
هو فقط احب ذاك الشعور و بشده.
نظر ليمينه و لم يجد ذاك الغريب ذو الصوت البارد، هذا غريب!
هذا ما ظنه هاري، هو لم يشعر به يتحرك، هو حتى لم يسمع صوت خطواته الراحله او صوت صرير الارجوحه عند نهوضه عنها.
عقد حاجبيه بإستغراب و نظر للأرجوحة التي بجانبه، القى نظر لساعته و كانت قد اصبحت الثانية عشر و عشر دقائق.
تنهد بقوه و علم انه عليه ان يعود لمنزله، هي سوف تجعل والده يعاقبه، او اسوء يمكن ان تعاقبه هي.
وقف عن الارجوحة القديمه و مشى خارجا من المنتزه الضخم متجها الى منزله.
شغل الآيبود خاصته و وضع سماعة اذنيه، هو احب موسيقى الروك جدا، احس كما لو انها تريح روحه.
غضبهُ يختفي تقريباً بعد سماعِهِ للموسيقى، دائماً ما تُفرغ طاقاتِه السلبيه.
وقف امام منزله و نظر له بقلب مكسور، هو لديه عائله و لديه منزله، لكن لما لم يشعر قط بأنه في المنزل؟
لما لم يشعر قط بأن لديه عائله؟
هز رأسه بقوه حالما شعر بقلبه يؤلمه، صعد درجات المنزل ببطء شديد، لم يرد ان يدخله.
حالما فتح الباب انقضت عليه زوجة والده بالأحضان، و وقتها علم ان والده قد اتى.
Коментарі